ماذا تفعل بكل هذه الهدايا .. انه يبالغ كل مرة بالخير .. في كل مرة يشعرها بالذنب .. كرمه الفائض وعطاءه الكبير .. نظرت نحو الحقيبة المفتوحة أمامها على السرير للمرة الألف ربما .. فبعد أن غادر نبيل وديمة نحو موعدهما وهي قررت ان تفتح الحقيبة لترى ماذا ارسل لها جرير وهي صامتة .. الحقيبة كانت ممتلئة .. العديد من العطور .. بعض الألبسة ووشاح من الصوف ذو لون خوخي مميز وكأن امريكا خلت من الألبسة والعطورات ..
لم يقف الحد عند هنا بل امتلئت الحقيبة بأنواع كثيرة من الحلويات العربية التي يصعب العثور عليها في امريكا ..ولاسيما حلويات السكر المفضلة لديها .. كيس كبير من ملبس اللوز ومبلس القضامة السكرية .. امسكته بين يديها وكـانها حصلت على كنز .. فهذا بالفعل ما تفضله ولكن كيف علم ما تفضله وارسله كل هذه المسافة مع صديقه .. وضعت الكيس مرة اخرى جالسة على السرير قرب الحقيبة لتمسك بهاتفها تفتح اسمه .. ت**ت .. تفكر .. ماذا قد ترسل له .. شكرا لك .. ام تطلبه ان لا يكلف نفسه كل مرة .. ربما تكتب انا ممتنة لك ؟
تكتب وتحذف .. لتعود وتكتب من جديد ..
جرير وماذا تفعل بجرير وكرم اخلاق جرير .. عطف جرير وحنانه .
اطلقت زفرة ضائعة لتقرر الاتصال به اتصال مرئي فيتحول لرنين بسرعة لتعود لتنتبه للساعة وفارق التوقيت بينهما لتشرع باغلاق الاتصال ليفاجئها بالرد فورا .. ( اسفة لم انتبه لفرق التوقيت لد*ك )
ابتسم لها بسماحة (لا بأس لم انم بعد )
اجابته فورا ( لماذا ؟)
تن*د بصوت مسموع وهو يعدل من جلسته لتكتشف انه بالسرير فعليا ويعدل من وضع الوسائد خلفه .. ولكنه عاري الصدر
نعم تحادث جرير في منتصف الليل وهو في سريره وعاري الص*ر ايضا .
لعنت نفسها مليون مرة لينتشلها صوته من لعناتها ( اقرأ )
حاولت ان تجلب صوتها من بعيد متسائلة ( ماذا ؟)
رد وهو يضع يده خلف راسه يسنده ( الماضي بيننا )
( لمن هذه الرواية وعن ماذا تحكي )
ابتسم بسعادة لتفاعلها معه ( إيمان تيناوي .. رواية شغوفة وجميلة ... عندما يكون ماضيك عقبة بينك وبين من تحب .. عندما تحملك الايام لظلم اكثر شخص احببته ولكنك لم تكن تعرف لتقرر معاقبة نفسك بالبعد ... لقد اسرني اسلوبها .. رغم انني لا اميل للروايات الحزينة ولكن حزنها يحمل حب كبير وتضحية اكبر .. بالفعل الحب هو تضحية )
وكأنه يحكي عنه وعنها .. هل بالفعل يصف الرواية ام يحاول ان يصف وضعهما الغريب والوصول لشيء ما .. هل ترد .. ام تحاول تغيير الموضوع .. هل تبرر ام ت**ت .. هل تطلب العفو .. العفو ولكن لماذا .. لماذا دائما يشعرها انها ترتكب خطأ في حقه رغم انها لا تفعل ..
زفرت بقلة حيلة قائلة ( بالمناسبة شكرا على الهدايا )
اغمض عينيه بخيبة مجيبا ( لا يوجد بيننا شكر نيسان )
ابتسمت تحاول تخفي توترها ( كيف علمت انني احب حلوى السكر )
غمز لها بشقاوة ( سر المهنة )
لم تجبه ليعاود الكلام ( اين نبيل وزوجته )
اجابته وهي تعدل تعيد خصلة من شعرها الاشقر خلف اذنيها ( ذهبا لموعدهما .. اعتقد سيعودان قريبا )
اومأ بتفهم لتقول ( الوقت تأخر سأتركك لتنام )
هز رأسه بايجاب ليغلق الخط معها راميا هاتفه باهمال قربه عيناه تراقب السقف ( لا ادري لمتى سيبقى الماضي بيننا يا نيسان )
..................................................................................................
( كان كلامه واضح نبيل .. كل طبيب نقوم بزيارته يقول لنا نفس النتيجة ) هز رأسه دون كلام والإحباط يعلو ملامحه ...
لقد تعشم خير بهذا الطبيب بعد ان امتدحته نيسان كثيرا ... وقالت انه افضل طبيب في كليتها ولكن النتيجة واحدة .. ماذا يفعل .. كل باب طبيب يطرقه يستمع لنفس الكلمات .. نفس النتيجة .. نظر باتجاه ديمة المتأبطة ذراعه ب**ت .. غمازتها الوحيدة واضحة له .. تزم شفتيها كعادتها عندما تفكر .. وشعرها العسلي متناثر حولها .. لماذا قد يظلمها معه .. لماذا يجعلها تخوض مثل هذه التجربة وهي باستطاعتها ان تتجنبها اساسا .. هل الحب يجبرنا ان نغرق من نحب معنا .. هل الحب اناني فعلا .. هل يمكنه ان يستمر بانانيته ويسحبها معه نحو حافة الجرف .. ام يبعدها بيديه ويخسرها نهائيا ..
هزته مرة اخرى .. لينظر لها دون كلام لتقول ( حبيبي لا ت**ت هكذا .. لقد قال الطبيب انه يوجد حل )
ابتسم بشكل ساخر ( حل ولكنه غير تقليدي ابدا )
اعترضت طريقه ليقف ينظر لها بعيون خاطئة .. حزينة .. متألمة .. لتزفر بغضب وحزن على حاله ( لا يهم الطريقة طالما سنصل للنتيجة التي نرغب )
لم يجبها .. ولن يفعل .. هو يعلم كم هي عاطفية ولكنه هو .. الامر كله متعلق به هو .. مشاعره .. رغبته .. خوفه وحبه .. كلهم في كف وتلك الطريقة في كف اخرى ..
رن هاتفه ليخرجه من المواجهة معها ليرد دون ان يرد على ما قالته .. بضع كلمات بالانكليزية ليغلق الخط قائلا ( السيد سميث ينتظرني .. سوف اوصلك للمنزل واذهب له )
اومات دون كلام فهي تعلم انه ضائع ولن تشارعه في وسط الطريق في موضوع مصيري يخص حياتهما .. لتمشي معه حتى وصلا للبيت فيتركها ويبتعد وافكاره ما زالت تخوض حربا طاحنة داخل عقله .
...........................................................................................
فتحت نيسان لها الباب لترى علامات الحزن مرسومة عليها لتبادرها بالكلام ( النتيجة نفسها )
أومأت ديمة لها وهي تتجه نحو الاريكة تجلس بحزن كبير لتكمل نيسان ( ولماذا هذا الحزن .. يجب ان تفرح لان الطريقة موجودة )
تن*دت ديمة لتجيب ( لست انا من يعترض على الطريقة بل نبيل )
هزت نيسان راسها في تفهم ( اتفهم موقفه .. دعيه ديمة سوف يقتنع صدقيني .. نبيل يحبك ولن يتخلى عنك ابدا )
اغمضت عينيها في تعب وكلمات نيسان تخترقها .. ماذا لو كان الحب لا يكفي .. هل يمكن لنبيل ان يتخلى عنها .. هل يمكن ان يرفض الحل ..
( ما رايك ان اعرفك على شغف )
استطاعت ان تسرق انتباها وتبعد افكارها عنها ( شغف صديقتك العربية )
أومأت نيسان بالايجاب لتوافق ديمة فورا .. فكل ما تحتاجه الآن هو طريقة للخروج من جالة الاكتئاب التي قد تقع بها ..
وبالفعل هذا ما كان لم تمض ساعة حتى كانت الصالة تضج باصوات الفتيات .. بين ضحك وتعارف .. احبت ديمة شغف بطريقة غريبة وكذلك بادلتها شغف هذا الشعور لتقول ( بالمناسبة ديمة هناك سؤال يخطر في بالي كثيرا )
وضعت ديمة كوب الشوكولا الساخن امامها مجيبة ( وما هو ؟)
اجابتها شغف ونيسان التي تراقب الحديث ب**ت ( انتم الكتاب تكتبون الكثير من القصص وتتناولون مشكلات المجتمع .. تضعون حلول ونهايات تكون اغلبها سعيدة .. لكن هل تستطيعون حل مشكلاتكم الحياتية بطريقة مثلى كما الروايات ؟)
مرت لمحة حزن في عينيها ونبيل يتكون امام نظراتها لتجيب ( نعم نحل المشكلات ونكتب عنها ولكن في كثير من الاحيان هذه المشكلات نخترع احداثها لتناسب حلولنا .. اما في الواقع لايمكننا التحكم بابعاد المشكلة او ردة فعل البشر .. وربما بالتغيرات الطارئة التي تحدث .. ليس كل الكتاب حياتهم مثالية )
امسكت شغف الوسادة تحتضنها ةهي تزن كلمات ديمة لتسأل ( وماذا عن الحب الجارف الذي نقرأ عنه )
هذه المرة ابتسمت ديمة ابتسامة حقيقة ( موجود طبعا )
اعترضت شغف بقوة وصوت عال ( لا يا حضرة الكاتبة ... هل ستعامليننا كالقراء اريد اجابة حقيقية )
ضحكت ديمة لتشاركها نيسان الضحكات لتجيب ( انا لا اكذب هو موجود فعلا .. ثم الحياة من غير حب تكون من غير طعم ابدا )
شاركت نيسان صديقتها الاعتراض ( ولكن تصرفات الابطال بمعظم الروايات يكون مبالغ بها .. انظري مثلا اين نجد ذلك الرجل الذي يغار من ثوب لان حبيبته ترتديه )
قاطعتها شغف لتكمل ( او يغار لان اخيها يحتضنها )
تابعت نيسان ( او رجل يستيقظ على حب وينام على حب )
علت ضحكة شغف على كلمات نيسان ( او رجل يراك اجمل من نساء الارض ولا يريد غيرك لو مر قرن )
شاركتهما ديمة هذه المرة الضحكات لتحسم الجدال بقولها ( حسنا لن اقول ان كل الرجال هكذا ولكن هذه حالات موجودة بالفعل .. ربما هو اسلوب الكاتبة في وصف موقف يمكن ان يمر بحياتنا بشكل عادي ومبسط ولكنه في الحقيقة يكون تعبير عن الحب فتاتي الكاتبة لتوصفه بطريقتها مع بعض المشاعر فتعتقدي ان هذا امر خيالي .. ولكن صدقيني معظم تلك المشاهد والاحداث هي حقيقة .. ولكن )
لتشير بسبباتها نحو شغف ( ولكن يجب ان تقعي في الحب اولا )
( هنا حيث تربط الفرس ) اجابتها شغف باحباط لتعلو الدهشة على وجه ديمة ( لم تقع بالحب من قبل )
وقفت ديمة على ركبتيها فوق الاريكة مجيبة بفخر ( بالطبع لا .. فانالا اقع ابدا )
عادت الضحكات لتنتشر بينهن لتكمل ( ثم اين اجد رجل جيد لاقع اسيرة شباكه )
تدخلت نيسان هذه المرة ( اتفق )
انتقلت نظرات ديمة لنيسان بدهشة لتجيب نيسان على سؤال ديمة الذي لم تنطق به ابدا ( لقد تغير واقعنا ديمة .. انظر لابسط الامور مثلا .. الرجل هذه الايام يبحث عن الفتاة العاقلة ابنة العائلة المحترمة وهذا لا باس به .. ولكنه يريدها بلا تجارب ... بريئة .. لم يسبق لها ان احبت .. حتى يصل بطلباته بانه يريد فتاة حمقاء .. لا تعرف شيء من امور الزواج .. كما يصفها اغلب الرجال قطة مغمضة .. )
لتكمل شغف عن نيسان بيأس ( وعندما يتزوجها يتذمر لانها لا تفهم متطلباته .. او انها لا تعرف شيء )
اطلقت ضحكة متهكمة ( الرجال غريبي الاطوار حقا )
شاركتها ديمة الضحك لتشرب من كاسها الذي برد بسبب نقاشهم ( بصراحة اتفق مع اخر جملة )
...............................................................................
( السيد نسيم يرغب برؤيتك )
قالتها الموظفة وهي تاخذ الملف من يد جرير الذي اوما بهدوء ( دعيه يدخل واطلب لنا قهوة )
احنت راسها قليلا ( كما تريد )
لتغادر المكان ويحتل مكانها نسيم الذي علا صوته منذ ان وضع قدمه داخل المكتب (كيف الحال يا صديق )
ابتسم جرير له ليغادر مكتبه وهو يمد يده لصديقه يرشده للاريكة الجانبية في المكتب ( أنا بخير .. وانت يا مرشح الشعب كيف حالك )
علت ضحكة نسيم المشاغبة ( لقد انتشر الخبر بشكل سريع )
هز جرير راسه وهو يجلس بقرب صديقه ( الصحف واخبار الانترنيت كلها تتحدث عن المرشح الشاب الذي ورث حب السياسة من عمه المستقيل لاسباب مجهولة )
توقف عن الحديث عند دخول السكرتيرة مرة اخرى وهي تحمل قهوة لهمها وما أن غادرت قال نسيم ( ربما هذا شيء جيد )
أومأ جرير وهو يرتشف قهوته ( ولكنك لم تأت الي لتتحدث عن اخبارك العالمية )
ارتفعت ضحكة نسيم ليحمل فنجان قهوته يرتشف منها ( في بعض الاحيان اخاف من ذكائك )
نظر جرير له بطرف عينيه وفنجانه قرب فمه ( هيا قل ما تريد )