الفصل الأول
وكانت هى بداية اللقاء....
نزع عنه النظارة الطبية بعدما أنهى تدقيق بعض الأوراق..لتدلف بعدها سكرتيرته وهى تحمل بذلته الخاصة بـ حفل اليوم قائلة بـ إبتسامة روتينية
-مستر عز..البدلة بتاع حضرتك وصلت..حضرتك هتجهز هنا ولا أبعتها لحضرتك ع القصر!
-نظر لها بـ هدوء تنم عن رزانته:لأ سبيها هنا
تحركت بـ خطى واثقة ثم وضعتها بـ مكانها المُخصص وقبل أن تدلف إلى الخارج تشدقت بـ عملية
-تأمرني بـ حاجة تانية يا فندم!!
-بعتي العربية للهانم زي ما قولتلك؟
-أماءت بـ رأسها وقالت:أيوة يا فندم من زمان
هز رأسه بـ رضا ثم أشار بـ يده كي ترحل..أغلقت هى الباب فـ نهض هو من مكانه ودلك رقبته فـ قد ألمته من كثرة العمل..نزع عنه سترته ودلف إلى المرحاض حتى يغتسل...
بعد خمسة عشر دقيقة خرج ونظر إلى ساعة الحائط وقال بـ إبتسامة مُتهكمة
-ربع ساعة بس..والست هانم بتقولي ساعة مش كفاية..ع**طة البت دي
ثم ضحك وقال بـ سخرية
-والله جاتلك اللي تخليك تكلم نفسك يا عز الدين بيه
وبدأ في إرتداء ثيابه من إحدى الماركات الشهيرة..وضع عطره وأنهى طلته الجذابة بـ وضع تلك الحلقة الفضية التي تُزين يُمناه وقد نُقش عليها أحرف اسمها بـ حرفية..أمسك هاتفه وإتصل بها وهو يتأمل هيئته في المرآه..ثوان وأتاه صوتها الناعس
-صباح الخير يا عز
-إبتسم بـ مزاح وقال:صباح الخير!!..حضرتك الساعة إتنين الضهر..صباح إيه بقى؟
-ردت عليه بـ تأفف:يا عز أبوس إيدك إرحمني هو كل ما تتصل بيا هتسمعني الكلمتين دول..أنا يا سيدي واحدة لسه متخرجة وعاوزة أستمتع بـ شبابي اللي راح فـ كلية الهم والغم دي
-قهقه عز بـ إستمتاع وقال:خلاص يا حبي مش قصدي ياستي عشان تسمعيني المرشح دا..ثم إني بصحى من الفجر عشان شغلي وأنتي بتفضلي نايمة منا لازم أحس بـ القهر
-تشدقت هى بـ تشفي:أحسن..حد قالك تدخل سلك السياسة يا سيادة الوزير
-هتف هو بـ حزن مصطنع:هى بقت كدا!!..
ضحكت هى بـ إستمتاع لترتسم إبتسامة عفوية على وجهه ليُكمل حديثه بعدها بـ جدية أجادها
-عمومًا إعملي حسابك يا ست البنات أنتي هتيجي لوحدك عشان مخلصتش شغل ومش هعرف أجيلك..يعني هخرج من الوزارة ع الفيلا ع طول
-أتاه صوتها الحانق:لأ أحنا متفقناش ع كدا..مليش دعوة يا عز أنت قولا هتيجي تاخدني..
-هدأها بـ صوته الرخيم:حبيبتي..أنا أسف بس مينفعش أجيلك وأسيب الشغل..صدقيني مش هينفع
-ردت هى بـ عنفوان:عنك ما جيت..إيه رأيك بقى مش جاية الحفلة وأعلى ما فـ خيلك إركبه!
-ضحك بـإستفزاز ليقول بعدها بـ ثقة:هتيجي يا حبيبتي هتيجي..هتلاقي عربية مستنياكي قدام بيتك هياخدك..يلا سلام...
ثم أغلق الهاتف وهو يبتسم على معشوقته..طفلة يعلم أنه يعشق طفلة فلا أحد غيرها إستطاع إختراق فؤاده سواها..عشقها مُنذ سنوات ليأتي بعدها ويُ**م على خطبتها قبل أن يُصبح وزيرًا للبترول..تفاجئ بـ تص**حها بـ عشقها له مُنذ الولهة الأولى..مُنذ أن إلتقاها في كليتها دار العلوم ليشعر بعدها أنه إمتلك العالم بـ أكمله....
***************************************
وعلى الجانب الأخر قذفت هى الهاتف بـ حنق..ثم عقدت يدها أمام ص*رها وقالت بـ غضب
-كدا يا عز!!..بتخون ثقتي فيك!!..بعد ما يعشمني إنه هيجي يغدر بيا..وعشان مين!..شغله الحقير فـ الوزارة..ماشي يا عز
-بتوووول..أنتي يا زفتة قومي بقى ق*فتيني يا بنت بطني..
-وأكملت بتول بـ صوت خفيض:قومي يا فاشلة..مفيش وراكي غير النوم لحد ما تعفني
وضعت يدها في خصرها الدقيق وقالت بـ مزاح
-إسطوانة كل يوم يا ست أم بتول
ثم نهضت بـ رشاقة تتناسب مع جسدها النحيف..نظرت في المرآه تتأمل بشرتها الخمرية وعيناها الخضراوتان وكأنهما غابات من الزيتون..شفاها الممتلئة بـ لونها الأحمر الطبيعي خُصلاتها السوداء كـ سواد الليل يتداخل معه خُصيلات بُنية داكنة..لتقول هى بـ تكبر مازح
-والله الجمال دا خسارة فيك يا عز
سمعت صوت والدتها يصدح بـ غضب لترد هى مُسرعة
-أيوة يا ست بدرية جيالك
ثم ركضت خارج غُرفتها لتُقابل والدتها الخارجة من المطبخ وهى تتبرم بـ القول وصوتها العالي يصدح فـ المكان
-خليكي كدا أكل ومرعة وقلة صنعة
-إقتربت بتول تحضتنها ثم قالت بعدما قبّلت وجنتيها:جرى إيه يا ام إسلام..حنني قلبك عليا دا شوية..دا أنا زي بنتك ولا إيه النظام!
-أزاحت يدها عنها وقالت بـ سخط:لأ جيباكي من قدام باب جامع
-وكزتها بتول بـ مزاح وقالت:لأ وأنتي الصادقة من قدام معبد اليهود
وفي تلك الأثناء خرج أخيها الأكبر والذي يُشبه ش*يقتها في لون بشرتها والذي روثاه عن أبيهما وعيناه السمراوتان بـ جسد نحيف وهو يقول بـ مزاح
-والله محصلتيش يهود..شكلك كدا بيقول من الماجوس
-هتفت بـ عصبية:شايفة يا ماما!!..شايفة إبنك بيقول عليا من الماجوس
-تحركت والدتها من أمامها وقالت:ياختي أوعي ..دا ظلمهم لما شبهكم بيكي
صدحت ضحكات ش*يقها..لتصرخ هى بـ حنق..ثوان و وجدت أباها يدلف إلى المنزل لتركض ترتمي في أحضانه قائلة بـ نبرة حزن أجادتها
-شوفت يا بابا..شوفت مراتك وأبنك بيغلطوا فيا وفيك
-فغر إسلام و والدته فاهيهما وقالا في ذات الوقت:غلطنا فيه!!
-نظرت لوالدها بـ براءة مصطنعة وقالت:أه يا بابا..قالوا عليا إني من اليهود وإنك ماجوسي
نظر والدها إليهما بـ صدمة مصطنعة فهو يعلم إبنته تمام العلم..ليقول بـ ذهول مصطنع
-أنا ماجوسي؟
-هرولت إليه بدرية وقالت بـ دفاع:أبدًا والله..بنتك دي نصابة
ثم وكزتها بـ حدة..لتصرخ بتول وهى تتأوه ثم إرتمت مرة أخرى في أحضانه
-شوفت يا بابا!!..يرضيك كدا يا حج إسماعيل؟..أهي بتض*بني أهيه
-لأ كله إلا كدا..بدرية
هتف الأخيرة لتنظر له بدرية بـ توجس..أما بتول فـ قد ظهرت إبتسامة لئيمة على وجهها ليردف بعدها إسماعيل وهو يقول
-قولتيلي إنك قولتلها إنها من اليهود
حدقت به بدرية بـ سكون فلم تستطع الحديث..ليُكمل بعدها بـ مرح
-يهود إيه بس حرام عليكي..دا أنتي ظلمتيهم
إختفت إبتسامتها تزامنًا مع صدوح ضحكات الجميع..لتض*ب قدميها بـ عنف الأرضية وركضت إلى غُرفتها وقبل أن تغلها قالت بـ غضب طفولي
-أنا هسيبلكم البيت دا وأرحل
ثم أغلقت الباب وبدأت في إرتداء ملابسها من أجل الحفل....
***************************************
ض*ب على طاولة مكتبه بـ عنف حتى إهتز ما عليه..ثم هدر بـ.غضب
-يعني إيه يا محمد!!..حط راسي فـ الأرض زي النعام وأسكت!
-ض*ب صديقه كف على أخر وهو يقول:يا بني أنا قولت كدا؟..أنا بقولك ن*دى عشان نعرف نتصرف صح
-ليُصيح بـ حدة:وأنا لسه هفكر..بقولك أخويا مُختفي من سنتين ومحدش يعرف عنه حاجة..
قال الأخيرة بـ تهدج..ليربت محمد على يد صديقه قائلاً بـ تأثر
-إن شاء الله هيرجع
**ت قليلاً ثم أكمل محمد حديثه بـ تريث
-يا عدي الراجل دا مش سهل و عنده حصانة..أنا عارف اللي بقوله صعب عليك لكن أي غلط مش هتروح أنت لوحدك ورا الشمس...دا أنت وأخوك وأبوك وأمك..فـ ن*دى و نركز عشان نعرف نوقعه
-حك عدي رأسه بـ عنف وقال بـ قهر:مش قادر يا محمد..أنا بشوف أمي وهى بتموت من حسرتها عليه..أخويا ومش قادر أوصله..وأبويا زي ما يكون عايش ميت..إبنه راح منه فـ ثانية..متخيل أنا عايش إزاي!..
-أماء محمد بـ رأسه وقال بـ رزانة:عارف والله عارف..بس أنت عارف أخوك ظابط مخابرات شاطر..ومحدش قدر يوقعه قبل كدا..فـ كون إنه مختفي كدا أكيد دا من تخطيطه..مش دا اللي يوقعه كدا
-تحدث عدي بـ عصبية:ودا اللي مجنني..ليه مرجعش لحد دلوقتي؟..ليه قاعد تحت رحمته؟
-أنت متأكد أصلاً أنه هو اللي حابسه!!..يعني..يكون..آآآ...
نظرة نارية من عدي ألجمته قبل أن يقول بـ قتامة
-متكملش يا محمد..بلاش تكملها عشان منخسرش بعض
-تنحنح محمد وقال بـ حرج:مش قصدي..أنا قصدي هو بسهولة يقدر يهرب منه..ليه بقى مرجعش!!
-أغمض عدي عيناه وهتف بـ يأس:معرفش..بس كل اللي أعرفه إن الكلب دا ليه يد في إختفاء أخويا..ومش هسكت إلا لما أعرف هو حصله إيه...
***************************************
وضعت اللمسات الأخيرة من مساحيق التجميل الخفيفة..ألقت نظرة راضية على هيئتها فـ إبتسمت بـ سعادة وقالت بـ مكر نساء
-دا أنا هجنن أمك يا عز عشان تحرم تخل بوعودك معايا...
حيث كانت ترتدي ثوب من خامة الحرير ينسدل على جسدها بـ نعومة سلسة..ذو لون أروجواني يُلائم بشرتها..من أعلى بـ حمالة واحدة عريضة على كتفها الأيسر والأخر عاري..ضيق من الص*ر إلى الخصر ثم ينسدل بـ إتساع طفيف يحده من الخلف ذ*ل يفترش الأرضية..عدلت خُصلاتها القصيرة التي تنتهي عند نهاية نحرها..وضعت الشال من نفس الخامة على ظهرها ومنكبيها ألقت نظرة أخيرة..لتلقي بـ قُبلة في الهواء وقالت بـ غنج
-يا سلام عليا و ع حلاوتي..تهوسي يا بت يا بتول...
ثم خرجت لتقول والدتها ما أن رأتها
-بسم الله ما شاء الله قمر يا روح قلب أمك
دارت حول نفسها ثم قالت بـ تلهف
-بجد حلو يا ماما؟
-إقتربت بدرية منها وإحتضنتها وقالت:طبعًا يا قلبي..دا أنتي تقولي للقمر قوم وأنا اقعد مكانك
أتاهم من الخلف صوت والدها يهتف بـ عبوس
-مش شايفاه عريان أوي يا بتول!!
جذبت بتول الشال الخاص بـ الثوب ثم وضعته عليها ليُخفي ما ظهر من جسدها وقالت بـ مرح
-طب وكدا!!
-مط والدها شفتيه وقال:ماشي..بس متقلعيش الشال
-إقتربت تُقبل وجنة ابيها وقالت بـ ثقة:متخافش يا حج..هفضل قافشة فيه لحد ما أرجع
-ضحك والدها ثم قال:طيب ما ام نص لسان..عز مش جاي!
-لوت شدقها بـ ضيق وقالت:لأ يا بابا..البيه عنده شغل هيطلع منه ع الحفلة
-قطب ما بين حاجبيه وتساءل:طب وهتروحي إزاي!!
-تكرم عليا وبعتلي عربية بـ سواق..شوفت يا بابا بـ سواق
-ربت على وجنتها وقال:معلش يا حبيبتي هو برضو وراه مصالح وأشغال..مينفعش يقولهم لأ
-هتفت بـ حنق:أنت كمان بدافع عنه يا بابا!!!!
-قاطعتها والدتها وهى تقول بـ نزق:يلا يا بت عشان متتأخريش على خطيبك..وبعدين الراجل عنده شغل زي ما أبوكي قال..فـ متعتبيش عليه
-جذبت حقيبتها بـ عنف وقالت بـ تبرم:حد قاله يبقى وزير..أووووف
ثم خرجت وصفقت الباب خلفها..طوال نزولها الدرج ظلت تُهمهم بـ سخط وتسب عز الدين..وصلت إلى مدخل البناية القاطنة بها فـ هى من أسرة ميسورة الحال أبيها يعمل دكتور بـ كلية الفنون و والدتها ربة منزل..تقطن في حي أغلب قاطنيه متوسطي الدخل...
تحركت بـ خطى وئيدة وهى ترى السيارة..ويقف أمامها عز الدين..وعند تلك النقطة تسمرت في مكانها وأخذت ترف بـ عينيها عدة مرات بـ دهشة حقيقية..لمح هو تلك الدهشة..ليقترب منها وعلى وجهه إبتسامة جذابة..لتقول وهى تراه يقترب
-دا هو اللي خسارة فيا مش أنا
وعلى الرغم من أن عز الدين لا يمتلك وسامة مُهلكة..إلا أنه يمتلك شخصية جذابة بـ هدوئها ورزانتها..طلة باهرة بـ تلك البشرة السمراء كـ أغلب المصريين ولكنه بـ جسد رياضي وقامة طويلة وبشدة..فاقت من شرودها عليه وهو يجذب كفها ويُلثمه بـ طريقة راقية إقشعر بدنها لها..ثم همس في أُذنها
-مكنش ينفع أسيب القمر دا يجي لوحده
-إبتسمت بـ عذوبة ثم قالت بـ عشق:هو أنا قولتلك إني بحبك؟
-إبتسم إبتسامة جذابة وقال:لأ
-إرتفعت علها تصل إلى قامته الطويلة:طب أنا بحبك
أغمض عيناه يستمتع بـ لحن تلك الكلمة التي تُلحنها شفتيها..ثم قال هو بـ همس عذب
-وأنا بعشقك يا بتول قلبي
ثم قبّل وجنتها بـ رقة..لتتورد وجنتيها..فـ قالت بـ خجل
-عز..إحنا..فـ الشـ..ارع..والناس بتتفرج
-أمسك يدها وجذبها معه ثم قال بـ ضحك:وأنا عاوزهم يتف*جوا عشان يشهدوا على عش*ي ليكي
أخفضت رأسها وهى تبتسم بـ عشق لذلك الكائن الخرافي الذي يسير بـ هيبة و وقار بجانبها..فتح لها باب السيارة..لتدلف ثم دلف هو..تبعه حرسه وتحرك ذلك الموكب الذي شاهده الناس..منهم من يُشاهد بـ سخط..ومنهم من يُشاهد بـ حسد وأخرون بـ غيرة واضحة...
****************************************
وصلت السيارات إلى منزل عز الدين..ترجلا من السيارة ودلفا إلى المنزل المُحاط بـ عدة رجال شرطة وأخرون من شركات الحراسة..إستقبله العديد بـ حبور..ظل عز الدين فترة يُرحب بـ الجميع..وهى واقفة على إحدى الطاولات تنتظره..ليأتيها بعد قليل..فـ قالت هى بـ ضيق
-هو أنت مش بتشوف الناس دي كل يوم؟
-إبتسم بـ إرهاق وقال:بيزنس بقى يا قلبي..معلش
-زفرت بـ حنق وقالت:منا مش عارفة أقعد معاك شوية
جذب يدها يُقبلها كما إعتاد أن يفعل ثم قال بـ هدوء
-معلش يا بتول..إستحملي شوية بس
-إبتسمت هى الأخرى وقالت:عشان خاطرك أنت بس
-تسلميلي يا حبيبتي
قالها ثم وضع يده على وجنتها
-عز الدين باشا!!
إستدار عز الدين ليجد أحدم يتحدث إليه..إبتسم بـ مجاملة
-أيمن باشا..أخبارك إيه!!
-تمام يا عز باشا
وتقدمت منهم سيدة فـ وضع أيمن يده على كتفها وقال بـ إبتسامة
-حرمي
-أهلاً يا فندم
-أحنى ايمن رأسه وقال:مش تعرفنا يا عز باشا
جذب عز الدين بتول..ثم حاوط خصرها وقال وهو ينظر إلى خضراوتيها بـ عمق
-دي حبيبتي وخطيبتي..بتول
-إبتسمت بـ خجل وقالت:تشرفت بيكو
-ردت زوجة أيمن بـ مجاملة:الشرف لينا
ثم بدأو يتجاذبون أطراف الحديث وعز الدين لم يتخلى عن قيد خصرها..تقدم منهم أحد حرسه وهمس في أُذنه بـ عدة كلمات..ليومئ هو بـ رأسه..ثم نظر إلى بتول وهمس في أُذنها
-حبيبتي أنا مضطر أروح المكتب عندي شغل شوية
-أماءت بـ تفهم وقالت:خلاص يا حبيبي روح أنا هستناك
-جذب يدها يُقبلها ثم قال بـ أسف:أنا أسف يا حبي
-ولا يهمك يا حبيبي
ثم رحل عنها..وبقيت هى مع أيمن و زوجته..تحدثوا في عدة مواضيع ولكنها شعرت بـ ملل..فـ إعتذرت هى بـ طريقة راقية ثم إبتعدت..خرجت إلى الحديقة..فـ قد شعرت بـ إختناق..نزعت عن قدميها حذائها ذو الكعب العالي..وبدأت تتحرك بـ خفة..شردت قليلاً وهى تسير حتى وصلت إلى الحديقة الخلفية..إصطدمت بـ شجرةً ما..لتقول بـ تألم
-اااااه..مين اللي حط الشجرة دي هنا!!
ثم أخذت تتلفت حولها لتجد نفسها في مكان مجهول..تشدقت بـ توجس
-أنا رحت فين!!
وبدأت تتلفت مرة أخرى ولكن بـ منزل كـ منزل عز الدين فـ من الأكيد أن تضيع بـ ذلك المنزل..زفرت بـ ضيق وقالت بـ سخط
-أوووف..يعني خلصت البيوت فـ مصر عشان ميعجكبش إلا بيت قد كفر محمد أبو سويلم دا!
ثم أخذت تتجول علها تحد مخرج من هنا..لتفلت نظرها تلك الغُرفة الصغيرة..دققت النظر بها ولكنها لم تجد أحد يقف أمامها..تقدمت منها وأخذت تُنادي بـ صوتٍ عال ولكن لم يجب أحد..وضعت يدها على المقبض لتجده يُفتح بـ يسر..وجدتها غُرفة رثة بها العديد من الأثاث القديم..والأخشاب المت**رة..كادت أن تدلف إلى الخارج..ولكنها وجدت أسفل شُعاع القمر..جسد يتدلى من قيود تُقيد يداه إلى أعلى..شهقت بـ جزع..وتقدمت منه..لتجده شاب ويبدو أن فاقد الوعى...
تقدمت منه أكثر ثم أخذت تربت على وجنته وقد تملك الرعب منها..لتقول بـ صوت مهزوز
-آآ..أنـ..ت..أنت..!!
ولكنه لم يرد..فـ أكملت ما تفعله..لتجده يفيق رويدًا..زفرت بـ إرتياح وخوف في آن واحد..لتهتف بـ صوت متوجس
-أنت..أنت..مين؟؟
رفع رأسه لتتقابل بنيته مع خضراوتيها..ثم همس بـ خفوت
-يونس!!!
أتساءل أكنت أسيرًا للقيود أم أسيرًا لعيناكِ!!
حاولت تنظيم أنفاسها وهى تسأله مرة أخرى
-يونس!!!..دا أسمك!!
-ليرد هو بـ تهكم:لأ اسم سندوتش...طبعًا اسمي
نظرت له بـ ضيق وتأفف..في ظل هذه الظروف ويمزح..تحدث معها بـ جدية
-تعرفي تفكيني!!!
-عقد ما بين حاجبيها ثم همست بـ بلاهة:أفكك!!..إزاي يعني؟
هز رأسه بـ يأس..ثم رفعها ليُحدق في دبابيس شعرها..حدثها بـ غموض
-هاتي دبوس من شعرك
-هااااه
-رد عليها بـ حدة:مش وقت هااااه..هاتي زفت من شعرك قبل ما حد يجي
نزعت أحدهم ليسترسل شعرها القصير بـ تموجاته الرائعة حول وجهها..ثم أعطته إياه..وفي أقل من ثوان كانت قد فُكت قيوده...
*************************************
-كدا إتفقنا يا سيادة الوزير
قالها أحدهم قبل أن يُصافحه عز الدين بـ برود..ثم قال
-إتفقنا يا سيادة ال*قيد
دقائق وإنفض ذلك الإجتماع المُغلق الذي دام لمدة ساعة..خرج عز الدين سريعًا وهو يتنفس بـ قوة والآن حان موعد رؤيتها..
إقترب منه أحد رجاله بعد أن أشار له ثم سأله بـ جدية
-فين بتول هانم؟
-توجس الحارس وهو يرد:هى..خرجت..تتمشى فـ الجنينة..وبعدين آآآ...
-ضيق عيناه ثم هدر به بـ عنف:وبعدين إيه؟؟..إنطق
تنحنح الحارس ليُنظف حنجرته ثم هتف بـ خوف
-وبعدين..ملاقينهاش
-جذبه عز الدين من تلابيبه بـ شراسة ثم هتف بـ من بين أسنانه:إزاي يعني مش لاقينها؟..غابت عن عنيكو فين يا أغ*ية!!!
ثم دفعه بـ حدة وتحرك بضع خطوات تبعه الحارس بـ خوف وهو يضع نظراته أرضًا..إلتفت عز الدين على حين غرة وهدر بـ غضب وصل إلى عنان السماء
-فورًا تجمع كل الحرس يدوروا عليها..ومحدش يرجع غير لما يلاقيها..ماذا وإلا كل واحد يتشاهد ع روحه...بسرعة
هدر بـ الأخيرة بـ قوة وغضب..إنتفض لها جسد الحارس ليومئ بعدها عدة مرات بـ طاعة ثم إنطلق يركض لتنفيذ ما أمر به سيده..تحرك عز الدين بـ عنف وهو يهتف بـ توجس
-يعني تغيبي عن عيني ساعة أرجع ملاقيكيش...
************************************
إقترب منها ليُعطيها دوائها كـ عادته مُنذ سنتان..تحديدًا مُنذ إختفاء فلذة كبدها..وضع قرص الدواء في فاها ثم أعطاها الماء..ليسمعها تُهمهم بـ حرقة وقهر على إبنها
-أنت فين يا يونس؟..رحت فين يا ضي عيني!!
-جلس بـ جانبها وهو يمسح على كفها ثم قال بـ أسى:هيرجع يا أم يونس..هيرجع
-نظرت له بـ ضياع وقالت:بقالك سنتين بتقول كدا..لا هو بيرجع ولا أنت بتبطل الكلمة دي
-وضع يده على ص*ره وقال:قلبي بيقولي أنه عايش و هيرجع..
بكت..كما تفعل بكت وتبكي وستبكي فـ فُقدان الإبن و والداه على قيد العذاب..يعُد أقوى الآلام..يُشعراه بـ أنهما يكبُرا عمرهما وينق** ظهرهما...
مسح رفعت عبراتها وقال بـ صوت خرج مهزوز من قلب أب ملكوم
-صدقيني يا أم يونس هيرجع..يونس عايش وهيرجعلنا وهيفرح قلبنا..هو..هو بيخدم بلده وعشان خاطرها بيغيب وهيرجع
-هتفت هى بـ أسى:وهو عمره ما غاب عليا كدا..عمره ما عملها وسابنا كدا
-هتف بـ إصرار:هيرجع ولو بعد عشر سنين مش سنتين..ويلا نامي عشان ترتاحي...
قالها ثم نهض من أمامها كي لا تنزل عبراته ويظهر ضعفه أمامها..دلف إلى الخارج وأغلق باب الغرفة في نفس الوقت ولج إبنه الأصغر عدي إلى المنزل...
شاهد عدي خروج والده من غرفتهم فـ سأله بـ حزن
-أخدت الدوا
-هز رأسه بـ تعب وقال:أه..ونامت..
دلف إلى غرفة الصالون تبعه والده الذي سأله بـ خفوت
-تحب أحضرلك الغدا!!
-إبتسم عدي وقال بـ مزاح:إيه يا سيادة ال*قيد!!..هو أنت هتقوم بدور الحاجة صفوة ولا إيه!!..دا أنت بقيت شبهها
إبتسم والده نصف إبتسامة..ليُكمل عدي حديثه بـ وجع
-لو يونس كان هنا مكنش عتقك..
-تشدق رفعت بـ تألم:هو فين!!..راح فين وسابنا
-هرجعه يا بابا..هرجعه حتى لو هرمي نفسي فـ النار
-هز أبيه رأسه بـ نفي وهتف بـ توسل:لا يا بني..متبقاش أنت وهو لا أنا هستحمل ولا أمك المسكينة هتستحمل..مش كفاية عليها واحدة وزي ما أنت شايف..متبقاش أنت كمان علينا
تقدم عدي من أبيه وجثى على رُكبتيه وهتف بـ إصرار
-متخافش عليا يا حج..أنا هرجع وأرجعه..أنا عارف هو فين بس مش قادر أتحرك
-وضع رفعت يده على رأسه إبنه وقال:أخوك سابنا أمانة فـ رقبتك لما يرجع..متخلش بوعدك معاه وتمشي وتسبينا..حسبي الله ونعم الوكيل محدش عارف وساخة الراجل دا غير اللي عايش جوة النار
تن*د تنهيدة حارة ثم أكمل
-مش هيرحمك ولا هيرحم أخوك ولا هيرحم أي حد له علاقة بـ يونس...بلاش تروح وتخذل أخوك..هو بطل وهيرجع وأنا متأكد إن ربنا مش هي**ر قلبي عليه...
*************************************
وفقت أمامه وهى ترتجف من نظراته لها..لم يخفَ عليه إرتعاشة جسدها ولا خوفها منه..إلا إنه إبتسم بـ تهكم وحدق بها بـ بنيته ثم هتف بـ نبرة جافة
-أنتي إزاي وصلتي لهنا!!
أخفضت نظراتها ولم ترد..فـ أكمل حديثه وهو يتفحصها ويتفحص ثيابها
-باين من هدوم وشكلك إن سيادة الوزير عامل حفلة
-تجاهلت لكنته الساخرة..وقالت بـ تساؤل:أنت إيه اللي وصلك هنا وبتعمل إيه!!
فتح فاه كي يرد ولكنه سمع وقع أقدام تقترب..بحث بـ عيناه في الأرضية حتى وجد إحدى الزجاجات ليقوم بـ **رها...
إنتفضت هى بـ ذعر مما فعله..و تحولت نظراتها إلى الهلع..أمسك هو يدها وجذبها بـ قوة إليه وقد تحولت عيناه إلى ظلام وقتامة شرسة...
في الخارج إستمع الحرس وعز الدين إلى صوت تحطم زجاج في داخل تلك الغُرفة..إتسعت عيناه بـ صدمة ثم هتف بـ جزع
-بتوووول!!!
وإندفع بـ سرعة تبعه الحرس..ليدفع الباب بـ قدمه وقد إتسعت عيناه بـ دهشة حقيقية وهو يراها بين يديه ويضع على رقبتها تلك الشظية الحادة..إبتلع ريقه بـ صعوبة ثم هتف بـ محاولة في الهدوء
-سيبها وهنتفاهم..هى ملهاش دعوة بـ أي حاجة
-إبتسم يونس بـ سخرية وقال:عز الدين باشا بنفسه يقول نتفاهم!!..ياراجل دول مكانوش سنتين حابسني هنا...
أغمض عز الدين عيناه..بينما بتول قد نزلت عبراتها على وجنتيها خوف و فزع..بينما أكمل يونس بـ نبرة تهديدية
-قولهم ينزلو سلاحهم!!..يلااا..وإلا هقتلها
قال الأخيرة وهو يضغط على عُنقها بتلك الشظية مُتسببة في جرحه..لتنطلق صرخة ألم منها وهى تهتف بـ عز الدين بـ توسل
-عز الدين؟
-صرخ بـ رجاله وقال:نزلوا سلاحكم بسرعة..
وإمتثل الجميع لما أمرهم به..مال يونس يهمس في أُذنها بـ مكر
-مكنتش أعرف إنه بيحبك كدا
أغمضت عيناها ونزلت عبراتها..وعز الدين يُراقبها وعيناه تُطلقان الشرر..فـ أكمل يونس حديثه
-إحدفوا المسدسات عندي..يلا يلا بسرعة
نظروا لسيدهم ليومئ لهم..فـ فعلوا ما طلبه بـ **ت..إبتسم يونس بـ رضا ثم قال بـ غموض
-إمسكها بسرعة
ثم دفعها ليلتقطها عز الدين في أحضانه..وفي ثوان هجم يونس على أفراد حراسته يض*بهم بـ قسوة وكأنه ينتقم منهم..كانت هى تُتابع ما يحدث بـ رهبة وخوف..وتُشدد من إحتضانها له..نظر لها يونس ثوان كانت كفيلة بـ تشتيت تركيزه..ليأتي أحدهم ويلكمه في وجهه..نهض يونس ومسح خيط الدماء ثم إقترب من الرجل وبحركة سريعة قام بـ **ر عنقه...
في تلك الأثناء أبعد عز الدين بتول عنه وقال وهو يبتعد عنها في إتجاه يونس
-خليكي هنا متتحركيش
وإقترب من يونس وكاد أن يلكمه إلا أن الأخير إستدار وعيناه ترمقانه بـ قتامه ولا يعلم عز الدين في ثوان كان يونس يوجهه له اللكمات..إبتعد عنه ثم أخذ سلاحٍ ما على الأرضية الخرسانية..و وجهه إلى عز الدين..فـ صرخت بتول بـ جزع..لم يهتم هو لها ثم قال بـ فحيح أفاعي
-أنا مش هقتلك لأن الموت أرحملك مني..بس ميمنعش إني أسيبلك تذكار
ثم أطلق رصاصتان إحداهما في كتفه والأخرى في جانبه الأيسر..ثم ض*ب رأسه بـ م***ة السلاح ليفقد بعدها عز الدين وعيه..رفع نظراته الغاضبة لها..ثم إتجه ناحيها فـ إنكمشت على نفسها بـ خوف...
جذبها من يدها ثم وجهه السلاح ناحية رأسها وهتف من بين أسنانه
-هتمشي معايا دلوقتي ومسمعش صوتك
كادت أن تصرخ ولكنه كمم فاها ثم أكمل بـ تحذير
-قولت صوتك مسمعهوش..يلااا
صرخ بـ الأخيرة ليركض وهو يجذبها..وكل من قا**ه في طريقه للخروج كان يقتله بـ برود قاتل..لتُغمض هي عيناها من مشهد الدماء..خرج من المنزل ثم توجه إلى إحدى السيارات..وقام بـ **ر النافذة الزجاجية وأدخلها..ثم دلف هو وقام بـ تشغيل السيارة كما تعود أن يفعل..وإنطلق بها...