* الحلقة الرابعة * الوحوش المستئذبة *

3707 Words
بقسم الشرطة و بمحبس أمير كان عمر غاضباً لأقصى درجة يدور بالمكان و هو يزفر بضيقة والغضب الذي يملأ داخله ، حاول امير ان يهدئ منه صادم يده بقضبان المحبس وهو يقول له " لا يمكنها الرجوع الآن هي من تركت ، هي من عليها دفع ثمن أخطائها " بمنزلها جلست ريحان لتتذكر صوت عمر المرتفع وحالته الغاضبة مستغربه وضع الضيف الجديد الذي ازعج عمر الرجل الهادئ لهذه الدرجة نزلت أسفل غطائها تاركة الامر دون الانشغال به فهي تعلم جيداً ان كل انسان لديه ما يشغله بهذه الحياة ، فلا يوجد انسان خالي من الهموم تختلف تعابير الوجوه ولكنها لا تُعبر معظم الوقت عن ما بداخل الشخص وده حقيقي بدليل انه اكثر شخص مرح وصاحب فاكهة بالعائلة يكون هو اكثر شخص قد غلبته الاقدار والهموم تراه من الخارج تعتقد انه امتلك الدنيا بابتسامته و اصوات قهقهات ضحكاته ولكنه بالأصل يحاول الهروب من واقعه الحزين، فليس كل الامور كما يراها الانسان من الخارج ، فهناك من يتقوقع داخل حزنه وهناك من يهرب منه بالضحك والمرح الزائد . مرت الليلة بما تحمله من عواصف و غضب وعلامات استفهام عند البعض كما مرت بصعوبة على سيرين زوجة عمر التي نامت ليلتها وهي محتضنة ابنتها و دموع الندم تتساقط من عينيها لم تكن دموع ضعف فهي قوية الشخصية عندما تقرر فعل شيء تُصر عليه حتى تنجح به و من الواضح أنها قد قررت خوض حربها ل**ب قلبه من جديد.. اما هوليا فكان أمرها مختلف كثيراً عن البقية فهي تسعى لتحقيق أحلامها بالشهرة ، وشاءت الأقدار ان تعطيها ما تريد فكانت بهذه الليلة تنزل من سيارتها الفخمة وهي تتحدث مع شخص بالهاتف قائلة " لقد انتهينا من التحضيرات الأولية و*دا سنكمل لقد أرهقنا كثيرا اليوم " اغلقت الهاتف وبدأت بصعود الدرج لدخول منزل أبيها كانت الخادمة بانتظارها بجانب الباب استدارت هوليا قليلا لتأخذ الخادمة من على اكتافها الجاكيت لتدخل وهي تقول " سأذهب لغرفتي كي ارتاح لا اريد لاحد ان يزعجني لقد ارهقت الليلة أكثر من اللازم " بدأت تصعد الدرج متجهة لغرفتها بالأعلى وهي تنظر نحو غرفة طفلتها لي لي بالطابق الاول توقفت هوليا منتصف الدرج وهي تستدير كي تنظر للخادمة قائلة " منذ متى وهي تبكي بهذا الشكل " ردت عليها الخادمة قائلة " لا اتذكر فكما تعلمين هي كثيرة البكاء" هزت هوليا رأسها بضيق واكملت صعود الدرج وهي تقول لنفسها " لا طاقة لدي كي اتحمل عبأها الان سنرى بالصباح ما بها صغيرتنا المتمردة" وضحكت وهي تدخل غرفتها قائلة " لقد صدقت امي، انها عنيدة مثلي " بهذا الوقت رن هاتف هوليا لتنظر له و هي تفتحه سريعا قائلة " كنت افكر بكِ، اقول لنفسي انكِ محقة فابنتي تشبهني قليلا" و**تت لتضحك ردت عليها امها صافية وهي تسمعها بصعوبة لوجودها بمكان مزدحم مليء بالأصوات الصاخبة قائلة " انا لا اسمعك جيدا، اتصلت لأخبرك انني لن اعود الليلة سأبقى مع الأصدقاء للصباح" كان التواصل بينهم صعب كلاهما يسمع الاخر بشكل متقطع و ضعيف ، اغلقت صافية المكالمة وارسلت لهوليا رسالة بنفس المحتوى انها لن تعود للمنزل بهذا اليوم ليس الأمر بجديد على هوليا التي اعتادت على هذا منذ صغرها ، وأن كان زائداً من جهة والدها اصلان بيه الذي كان من النادر تواجده بالمنزل ابدلت هوليا ملابسها وهي بقمة سعادتها فلقد بدأ حلمها الكبير ان يتحقق و اقترب موعد افتتاحها معرضها الكبير للفنون الذي يعتبر من أكبر المعارض التي أقيمت بهذا العام وبالطبع حدث هذا بمساعدة ابيها ونفوذه ومعارفه. لم تلبث هوليا كثيرا بفراشها حتى نامت سابحه بالأحلام فهي حقاً متعبة ، فكان التجهيز لمعرض بهذا الحجم عملا ليس بسهل فهي على مدار أشهر تقضي وقتها كله بالتجهيزات لأجله بالصباح عاد عمر من عمله ليقف أمام باب منزله متردداً بالدخول ، ظل ينظر للباب وهو يتذكر ماضيهم و صراخها عليه وعدم تحملها الحياة تحت ظل مخاطر عمله وتنقلها معه من مدينة لأخرى من أجل عمله أغمض عينيه وهو يستمع لصوتها بأذنه وهي تقول له " انتهى كل شيء ، انتهى لقد، انتهى حبي لك، انتهى تعلقي بك، لا اريد العيش معك من بعد الان" تحرك عمر بحزن وابتعد عن منزله ليخرج مفتاح منزل أمينة من جيب الجاكيت ، رن الجرس أولاً منتظرا قليلاً و ثم فتح و دخل المنزل وهو يغلق الباب خلفه كان يبحث بعينه عن ريحان متوقعا وجودها ولكنها غير موجودة نظر بالساعة ثم نظر لأمينة وهي نائمة بفراشها وتحرك نحو الأريكة الجانبية او يمكننا ان نقول عليها فراش صغير فهي كانت اريكة تفتح على هيئة فراش وتغلق لتعود اريكة، ولكن بعد ان توقفت عن الاغلاق أصبحت مفتوحة دوماً على هيئة فراش صغير جانب فراش امينة تستخدمه ريحان بالسابق وحسن بالحاضر و الان عمر .يعنى فيكم تقولوا جامعة دول عربية. نام عمر على الأريكة ليرتاح من عبء السهر طوال الليل بعمله لم يمر وقت كبير حتى فتحت ريحان باب المنزل ودخلت لتعطي أمينة الدواء قبل خروجها لتتفاجأ بوجوده نائماً على الاريكة بغير العادة تحركت بهدوء لتعطي أمينة دوائها دون إحداث صوت ، وكتبت ملاحظة صغيرة بجانب فراشها محتواها انها اعطتها الدواء قبل خروجها وأنها لن تتأخر بعودتها خرجت ريحان وذهبت برحلتها الشبه يومية للبحث عن عمل مرت ساعات قليلة ليستيقظ عمر من نومه على صوت قوي، رفع ظهره قليلا ليرى ماذا حدث؟ ليجد صديقه أمير أمامه يبتسم له قائلا " انا لست جيدا بهذا العمل فكيف تريد مني ان اكون حذراً " انحنى لينزل اسفل الطاولة استقام عمر وجلس على الاريكة وهو يحرك يده على وجهه قائلا " ظننت ان الحرب قامت ما هذا ياصديق، ما هذه الأصوات " رد عليه أمير وهو اسفل الطاولة يجمع **ر الأطباق والمعالق التي سقطت منه قائلا " يكفيك نوماً عليك مساعدتي " ضحك عمر و وقف وهو يقول " تمام ضع ما بيدك بالمطبخ وانا سأكمل " وأكمل حديثة بصوت عالي وهو بطريقه للحمام قائلا " انا غير مسؤول عن أواني المطبخ سأحضر الطعام فقط وانت تكمل الباقي " وقف أمير بالمطبخ ممسكاً بيده القطع المتبقية من الاطباق و هو ينظر لها قائلا " وكأنكم تنتظرون سقوطكم حتى ت**روا بهذا الشكل ما هذا كان عليكم ان ترأفوا بحالتي ماذا سأبرر لها عند عودتها " وضع حسن ما بيده بسلة المهملات بعد أن تحدث له شاكياً حالته و حرك رأسه نحو حوض الغسيل ليتفاجأ بهول الأمر وكأن الاواني كلها خرجت فجأة لنزهة... جاء عمر للمطبخ لينصدم هو أيضا بالوضع نظر لحسن قائلا" ماذا حدث هنا كيف فعلت هذا " ابتسم حسن وهو يقول" لا أعرف من أين أتوا وانا ايضا تفاجأت بهم " وبعد انتهاء الفطور وتعاون أمير و عمر بترتيب المطبخ جلسا سوياً يتحدثون عن الوضع الجديد لعمر وعودة زوجته وابنته الصغيرة حاول أمير إقناع عمر كثيراً بإعادة التجربة ولكنه كان رافضاً غاضباً بشدة طُرق باب المنزل تحرك عمر لفتحه متوقعاً انها ريحان قد عادت باكرا كما كتبت ولكنها كانت آسيا جاءت لتطمئن على الوسط وتتحرى عما حدث بالأمس نظرت لعمر بعيون ضاحكة ودلع ليُفتح فجأة الباب المقابل وتظهر زوجة عمر امامه وقفت بمكانها وهي تنظر لزوجها ب**ت ، استدارت آسيا لتنظر خلفها لتنصدم بجمال سيرين و وقوفها بكل ثقة فكما قلت لكم تتميز سيرين بشخصية قوية تلاحظ هذا بمجرد النظر لها ولكن ليست هذه المفاجأة الوحيدة التي صُدمت بها آسيا، بل المفاجأة الاكبر عندما خرجت الصغيرة زهرة وهي سعيدة تسرع اتجاه ابيها تحتضنه من ارجله وهي تقول " بـابـا" كان المشهد صامتاً لا أحد يتحدث العيون فقط هي من تراقب وتتحدث انحنى عمر وحمل ابنته لحضنه وقبلها بحب تحدثت آسيا بعد **ت طال قليلا قائلة " لم اكن اعلم انك متزوج ولد*ك ابنة " نظر عمر مرة اخرى نحو زوجته ثم نظر لأسيا قائلا " لم تأتي فرصة لهذا ، فإن سألتي سابقاً لأخبرتكِ " صدمت اسيا بحقيقة زوجة عمر لدرجة انها تحركت لتعود لمنزلها دون رد عليه او حتى الاستئذان منهم فقط تحركت وذهبت مسرعة ب**ت تحدثت زهرة لأبيها قائلة " لماذا لم تأتي لنا " قبلها عمر من خدها وبدأ يتحرك نحو منزله وهو يقول" ها أنا قد جئت " اقترب أكثر لتتحرك سيرين خطوات للخلف كي يدخل هو ثم عادت وأغلقت الباب خلفه وبعد دقائق أُغلق باب أمينة بواسطة أمير بهدوء و هو يقول لنفسه " وهذه اصبحت على رؤوسنا علينا الحذر اكثر " ودخل ليجلس بجانب امه بهذا الوقت بدأ الجو يتغير فجأة لتتساقط الأمطار وتهب الرياح العاصفة كان أمير ينظر من نافذة المطبخ للخارج يترقب وصول ريحان وهو يقول " اتمنى ان لا تتأخر بهذا الجو " ، ولكنه لم يكمل حديثه مع نفسه حتى وجدها تأتي من بعيد وهي تقترب من البنايات المجاورة كي تحتمي بها من شدة الرياح عبرت الشارع واقتربت أكثر من البناية مسرعة بالدخول ليسرع حسن ويفتح لها باب المنزل قائلا " ادخلي بسرعة ، أدخلي " دخلت ريحان بالفعل منزل امينة وبدأت تأخذ انفسها وهي تقول" لقد تغير حاله فجأة " ليرد عليها حسن بتلقائية قائلا " ألم تتفقدي حالة الطقس على هاتفك قبل خروجك " نظرت له ريحان باستغراب فهو شخص لا يحمل هاتفا اصلا أكمل حديثه ليقول لها وهو يتحرك كي يعود للغرفة " لماذا تقفين هناك، هيا تعالي، احكي لي كيف مرت مقابلة العمل اليوم " ولكنها ظلت بمكانها واقفة تنظر لملابسها المبللة وهي تقول " ما زال هناك وقت على موعد ادوية السيدة امينة ، سأصعد انا كي ابدل ملابسي وارتاح قليلا ثم اعود على الموعد لأعطيها دوائها" نظر لها تكلم بتلقائية وجرأة صادمة لشخص كريحان الخجولة قائلا " تمام ، ولكن لا تتأخري بدلي ملابسك وارتاحي هنا معنا، فلقد سئمت الجلوس بمفردي " تحركت ريحان بهدوء وهي تهز رأسها بخجل قائلة " سأصعد انا الان عليّ تبديل ملابسي بسرعة قبل ان ابرد " وبالفعل خرجت مسرعة من المنزل وأغلقت الباب خلفها و ظلت قليلا خلفه دون ان تتحرك فكلامه وجرأته بطلبه وجودها معه كانت قد اسعدوها و أدهش*ها. تحركت لتصعد سريعاً الدرج وتدخل منزلها وهي سعيدة بدلت ملابسها الواسعة وهي شاردة رفعت حجابها من على رأسها وهي تحرك شعرها التي كانت دائما تخبئه داخل ملابسها قائلة لنفسها " الشكر لله لم يتبلل كله فقط اعلى رأسي " وأتت بمنشفة صغيرة وبدأت تجفف رأسها وهي تتذكر والدها وهو يجفف لها شعرها. ارتسم على وجهها ابتسامته مختلطة فخوف حسن عليها وهو يفتح لها كي تدخل المنزل ذكرها بخوف ابيها عليها بالسابق وهو يحتضنها كي لا تتبلل من المطر مسرعاً بالطريق وهو يقول لها علينا ان نحافظ على هذا الشعر الجميل كي يتبلل، بالأصل ريحان طفلة مدللة كثيراً من جهة ابيها بل من جهة عائلة ابيها كلها كان والدها يخاف عليها من الأمطار و تقلب أحوال الطقس فهي ضعيفة البنية ، تمرض سريعاً من البرد وخاصة عندما يتبلل شعرها فهنا تكمن المشكلة فهو كثيف و طويل يصعب تجفيفه بسهولة لهذا فهي تمرض كثيرا بسببه. جلست على فراشها و هي لازالت شاردت تتذكر عيون حسن الضاحكة و كيف كان ينظر لها ويطلب منها ألا تتركه بمفرده كثيرا كان من المفترض نزولها ولكنها تحركت و صعدت على فراشها و تمددت عليه وهي تقول لنفسها " كيف سأنزل الآن لا يمكنني ان أنظر له " . فلقد خجل قلبها الصافي الجميل البريء من مواجهة عيون حسن بعد هذا الكلام. حضرت سيرين لعمر الطعام الخاص و المحبب لهم و هو ارز بخلطة ، بجانبه أجنحة مشوية بالصوص أجنحة ، فكانت هذه الاكلة من أحب الأكلات لقلب عمر وخاصة ان حضرتها سيرين بيدها اعترض عمر أن يتناول الطعام وخاصة هذا الطعام ، لاعتقاده بأن تناوله له دليل على صلحهم و مسامحته لها ، اقتربت طفلته زهرة منه وسحبته من يده و هي تحايله على تناول الطعام معها خضع عمر لطلب ابنته الحبيبة ، على الأغلب يكون الأب قريب من ابنته أكثر من ولده يحن عليها ويحتضنها بع** الولد فهو يكون الأقرب للام ، ليست قاعدة ولكنه الأكثر شيوعاً . جاء موعد دواء السيدة امينة و لازالت ريحان مترددة بالنزول لخجلها منه فكيف لها ان تواجه عيونه الضاحكة التي اصبح قلبها لا يستطيع مجابهتها. و رغم ترددها إلا انها مجبرة على النزول حقاً لأجل الدواء بالأخص أنه يُأخذ بهيئة حقن تحت الجلد مرة كل اسبوع و تعلمته هي خصيصاً بواسطة الطبيب الخاص من اجل ان تعطيه للسيدة أمينة . تحركت ريحان لتخرج من باب منزلها وهي تحاول ان تمحو البسمة التي رُسمت على وجهها بمجرد شعورها أنها ستراه و قفت لتبتلع ريقها و هي تحاول تهدئة دقات قلبها التي تسارعت لاقتراب موعد اللقاء ، اخذت بعدها نفساً عميقاً واخرجته بهدوء وهي تقول لنفسها " سأفعلها سأذهب سريعا اعطيها الدواء واستأذن لأصعد دون كلام " وأكملت سيرها وهي تبتسم مرة أخرى فأصبحت تبتسم كلما تذكرته وهو يقول لها ان لا تتأخر عليه. لم تصل ريحان لباب منزل امينة حتى وجدت حسن امامها يفتح لها الباب وهو يقول " كنت ذاهباً اليكِ لماذا تأخرتِ، حان موعد الدواء ولم تأتي " دخلت ريحان المنزل وهي خافضة نظرها بخجل، تهمس بصوت كاد إلا يسمع " لقد جئت " وتحركت سريعاً متوجهة نحو ادوية امينة كي تبدأ بتجهيزها للحقن. اغلق حسن الباب ودخل خلفها وهو ينظر لها قائلا " هل نمتِ ؟ يعني اقول هذا لأنكِ تأخرتِ بنزولكِ " هزت ريحان رأسها بخجل شديد وهي ترد عليه " نعم نمت قليلا " ضحك حسن وقال لها " وهل يحتاج الإفصاح عن النوم كل هذا الخجل " ارتبكت اكثر حتى كادت ان تُسقط الدواء من يدها، اقترب منها وهو يكمل " ما بكِ " تحركت مبتعدة عنه مقتربة من أمينة لتبدأ بإعطائها دوائها ، لاحظ حسن ارتباكها فتراجع للخلف حتى أنه جلس على الاريكة وتركها على راحتها . انتهت ريحان من حقن الدواء لأمينة وتحركت بسرعة كي تخرج من الغرفة دون كلام ، تحدث بسرعة ليسألها " هل تناولت طعامك ؟ " وقف ريحان وردت عليه دون النظر له قائلة " لا اشتهي الان " ليسرع حسن مرة اخرى بالكلام قائلا " لقد انتظرتكِ لنتناوله سوياً، ولكن كوني على راحتك لن اضغط عليكِ " اكملت ريحان سيرها نحو باب المنزل للخروج ولكنها بداخلها تريد البقاء، فهي بحيرة من امرها قلبها يريد ان يجلس معه ولكنها تخجل وتهرب منه دون ارادة منها. توقفت ريحان قبل فتح الباب و نظرت اتجاه المطبخ وهي تتذكر كلامه وأنه كان ينتظرها كي يتناول الطعام ، و بحركة ريحان و غيرت اتجاهها نحو المطبخ لتحضير الطعام مر وقت قليل على تحضير ريحان للمائدة و جلوسهم سوياً ليتناولون طعامهم وهم يتبادلون أطراف الحديث ، فلقد نجح حسن بطريقته المعتادة بإزالة هذا الارتباك والخجل عنها روت له ما حدث عندما ذهبت لشركة الإنشاء وأنهم لم ينظروا حتى بالملف فهم ليسوا بحاجة للموظفين . رد عليها بضيق قائلا " لم اكن اعلم ان البحث عن العمل بهذه الصعوبة ، ولكن علينا ان نغير خطتنا و نركز على بعض الشركات الصغيرة التي تتلقى دعما من الحكومة والشركات الكبيرة التابعة للدولة ، فهم مجبرين على تعيين الشباب كل فترة كي يستمر الدعم لهم " ردت ريحان عليه بحيرة من أمرها لتقول " ومن اين لنا أن نعرف هذه الشركات " رد بتلقائية قائلاً " الامر بسيط فقط احتاج الى حاسوب ، هل لد*كِ ؟ " أجابته " نعم لدي سأصعد لأجلبه ولكن عليّ اولا ان اجمع الاطباق من على المائدة و أرتب المطبخ " تحركا سوياً وهم يساعدا بعضهم البعض كي ينهوا الامر سريعاً اقترح حسن عليها ان تجلب الحاسوب اولا وبعدها يُكملا جمع اطباق الطعام و هذا ما حدث لتصعد سريعاً تاركة خلفها الباب مفتوحاً، عادت بعدها لتجده قد انهى تجميع الطاولة ووضعها جانباً وضعت الحاسوب على الطاولة الجانبية وهي تقول له " سأنهي امر المطبخ واحضر القهوة وأتي " بهذا الوقت طرق الباب، تحرك حسن ليفتحه إذ بها آسيا قد أتت بوجهها حزين قائلة " اريد ان اتحدث لريحان " فتح لها الباب وهو يقول " هي بالداخل تفضلي " واشار لها اتجاه المطبخ دخلت ببطء وحزن و **ت نحو المطبخ، استغرب حسن من حالتها ولكنه تركهم بمفردهم وعاد مرة اخرى لغرفة أمة التي كانت نائمة بعمق على آثر مفعول الحقن. جلس على الطاولة الجانبية وبدأ بفتح الحاسوب لاستخدامه ، بالمطبخ أخبرت آسيا ريحان أنها رأت سيدة ببيت عمر واتضح أنه متزوج ولديه ابنة. تفاجأت ريحان وهي تقول " غريبة ولما لم يخبرنا بأمر كهذا يعني من الغريب ان لا يتحدث عن ابنته أمامنا" . لترد اسيا بنفس حزنها " لقد خدعنا كان يُكذب علينا " لم يعجبها ما تقول تحدثت لتوضح لها انه ليس مجبرا ان يحكي لهم عن حياته الشخصية ، وإن قرر ان لا يتحدث ويخبرنا بهذا فهو حر، لا يحق لنا ان نراجعه او نحزن منه فبالأخير هذه حياته وهو حر بها. امسكت ريحان القهوة وبدأت تخرج من المطبخ وهي تقول لها "اهدئي من يراكِ يقول انه وعدكِ بشيء واخلى به " خرجت خلفها وهي ترد عليها قائلة " انتِ لا تفهميني، لقد انصدمت كثيراً كنت اظن أنه " و**تت آسيا مجرد وصولها لغرفة أمينة اقتربت ريحان ووضعت القهوة بجانب حسن الذي كان مندمجاً بالحاسوب وكأنه شخص محترف بهذا الأمر دون أن ينتبه لنظرات آسيا الغريبة له فهي برغم حزنها الشديد الا انها لاحظت كتابته السريعة على الحاسوب وايضا ادخاله لأسماء الشركات بمحرك البحث بطلاقة عالية ، بجانب حفظه لعناوين البريد الالكتروني الخاصة بالمواقع التابعة للدولة. ليس هذا وحسب بل ظلت تراقب حديثه مع ريحان وهو يقول لها " هذه الشركة تناسب مجال تخصصكِ انظري إليها " و بدون انتباه أيضا امسك القلم والورقة وبدأ يكتب لها بخط المميز اسماء وعناوين الشركات. استغربت ريحان هي ايضا منه فكان خطه وطريقة كتابته و نظراته وتعامله مع الحاسوب شيء يشبه الخيال. تحدثت آسيا وهي تنظر له باندهاش قائلة " حتى انا لم استخدمه بهذه الطلاقة من يراك يقول انك شخص متخصص بهذا المجال" ثم نظرت لملابسه وشكله بازدراء ثم عادت لتنظر لأيديه التي لازالت على الحاسوب قائلة " للحظة كنت سأظن انك رجل أعمال ذو شأن كبير، ما هذه الوضعية والكتابة السريعة و حفظ العناوين و كأنك معتاد عليها " واقتربت برأسها قليلا لتنظر لخط يده على الورقة قائلة " اما الخط فلا اعتقد انه موهبة طبيعية اكيد تعلمت كل هذا بمكان ما" نظرت لها ريحان بقوة كي ت**تها ، رغم انها تؤيد مت قالته آسيا فلقد نسي أمير نفسة و شخصيته الجديدة تحت مسمى حسن الذي لم يكمل تعليمه كما أخبرهم بالسابق. ارتبكت ريحان وهي بمنتصفهم لا تعرف ماذا تفعل ، تحركت آسيا لتخرج من الغرفة بل من المنزل دون ان تنتظر إجابة من حسن قائلة " سأذهب لأرى امي كي لا تقلق عليّ" وبعد ان ذهبت آسيا، نظرت ريحان نحو حسن قائلة " حقاً انت ماهر بهذا المجال، هل تعلمت بمفردك ام ان " و**تت لينظر أمير نحو امه أمينه شارداً وهو يتذكر تشجيعها له أنه عليه ان يتعلم جيدا وبمهارة، و عليه ان لا يعتمد على الاموال والمناصب لأنها غير دائمة، فكانت دوماً تخبره ان شهادته وثقافته ومهارته هي التي ستجعل منه رجلا قويا يقف أمام تقلبات الزمان ، و كانت تقول له لا أنه يستطيع احد ان يهزم رجال العلم بالمال ، ولكن يمكننا بسهولة هزيمة رجال الثروات بالعلم ، فلا فائدة للمال دون علم وحكمة ، ولكن هناك فائدة كبيرة للعلم دون المال حتى انه طريقك لفتح الطرق و**ب الاموال " ظل شارداً هو ينظر لأمة. أخذ نفساً عميقاً و عاد ليتحدث مع ريحان بقلب صادق قائلا " كما قلت لكِ سابقاً ليس كل الامور كما نراها من الخارج، وعلينا تحمل اعباء كثيرة فُرضت علينا رغما عنا، اعلم حتى انتِ تستغربين وضعي وهناك علامات استفهام كثيره تدور بعقلكِ ، ولكنكِ بقلبكِ الكبير لم تستجوبيني بالع** اهتممتِ بي ورحبت بي دون سؤال، ولكن اقسم لكِ انني لستُ سيئاً انا فقط فرض عليّ ان اعيش حياة صعبة مليئة بالمؤامرات والخداع، وثقت بأشخاص ما كان علي ان أثق بهم ، ولكنِّ كنتُ اعمى البصيرة حينها ، تآمروا عليّ وخسفوا بي حتى وصل بي الحال لما هو امامك الان " امتلأت أعينه بالدموع فهو لأول مرة يفصح لها بما ضاق ص*ره به ، بل لأول مرة يتحدث بشفافية عن وضعه امام احد غريب. ولكن دعونا لا نقول غريب فأصبحت ريحان شخص ذو قيمة عالية عند أمير خلال فترة قصيرة من تعارفهم فلم يتعدى بضعة شهور على اول لقاء بينهم ولكن من يراهم يعتقد انهم يعرفون بعض منذ سنوات. لدرجة أنه كان يشعر بالمسؤولية اتجاه ريحان و يخاف عليها و يهتم بها وكأنهُ والدها او أخوها الاكبر. حاول أمير ان يكون صادق أمام صدقها و براءتها متحدثاً معها ليشرح لها بشكل غير واضح انه تعرض لمؤامرات وانه ظُلم وانه يعيش تحت وطء هذا العبء لا يستطيع ان يشرح لاحد همه حين اجبرته الحياة أن يظل صامتاً اتجاه من ظلمه. تأثرت ريحان كثيراً بكلامة حتى ان عيونها دمعت على حالته فهو يتحدث بصوت مختنق وجهه محتقن بالظلم والحزن يحاول أن يمنع دموعه بصعوبة كي لا تتساقط منه ، تأثرت ريحان بحالته حين لمست صدق كلامه و كبر همه. و على غير المتوقع وجد حسن ريحان تفتح له قلبها وتتحدث معه لأول مرة عن ما بداخله قائلة " لكل انسان نقطة ضعف ، او ما يقال عنها نقطة سوداء لا يريد تذكرها، يهرب منها محاولة منه العيش بعيداً عنها بسلام، ولكنه لا يستطيع ترك احزانه خلفه والاستمرار بحياته سالماً دون **ر " بدأت دموع ريحان تتساقط امام حسن ولأول مرة وهي تقول " أردت بشدة الهروب من الماضي، أردت ان اكمل حياتي كإنسانة طبيعية، نعم اشعر بأوقات انني انجح بهذا ولكن ولكن " اختنقت ريحان ببكائها حتى اصبحت تستطع تكملة حديثها. تدخل حسن ليهدئها بعيونه الممتلئة بالدموع على حالتها لا اعرف هل امتلأت عيونه بتلك الدموع على حالتها فقط ام على حالتهم هما الاثنين كان يقول لها" هدئي من نفسك لا تتحدثي لنكمل حديثنا مرة اخرى " لم يرد سماع همها فهو يعلم مدى جرحها وظلمها. عادت ريحان لتتحدث مرة اخرى وكأنها ارادت ان تُخرج ما في قلبها لترتاح من عبئها قائلة له " اخاف كثيراً من حلول الليلاخاف من الوحدة تجتمع امامي مخاوفي من الماضي وقتها فقط اعلم انني لا استطيع الشفاء من هذا الالم" بهذه اللحظة **تت ريحان ليزداد بكائها وارتجاف جسدها ، اقترب حسن منها بحذر ليعطيها كأس الماء وهو يترجاها ان لا تكمل، ولكنها على غير عادتها نظرت لعيونه وهي تبكي قائلة " اظل ابكي طيلة الليل انادي على ابي كي يأتي ويخلصني من هذا الهم دون أن يأتي " وضعت رأسها على ذراعها المستندة على الطاولة قائلة " لم يأتي بأي ليلة كي ينقذني تركني وحيدة لماذا تركني لماذا تركني وحيدة" بدأت ريحان تصدم أرجلها بالأرض وهي تبكي أكثر حزنا على أبيها ، مع الأسف انهارت تماماً امام أمير الذي لم يتخيل ان يراها قط بهذه الحالة كان يقف خلفها بل فوق رأسها المستندة على الطاولة وهو لا يعرف ما عليه فعله فكان يخاف ان يقترب منها أكثر فتزداد هي سوءاً، و اي سوء اكثر مما هي فيه ، فلقد نجح الحيوان الدنيء الذي كان يتوارى بصورة إنسان ان يُظلم نور دنياها لقد نجح بتحطيم وردة جميلة كل حلمها ان يكون لها مستقبل مشرق لتحقيق حلم أبيها و أمام حزنها وقف صامتاً بمكانه يشد بقوة على قبضة يده وهو يكز على اسنانه بقوة من شدة الغضب، محدث نفسه وهو ينظر لها بعيون تتساقط منها الدموع قائلا " سأحاسبه اقسم لكِ انه ايضا سيحاسب على فعلته لن ارحم من فعل بكِ هذا سأجعله يبكي ندماً على ما أحدثهُ بكِ " ما زالت تبكي بصوت مرتفع ، كانت اصوات آآآهاتها ومناداتها لأبيها تهز جدران المنزل، تدب بأرجلها لترج الأرض رجاً من حزنها وظلمها بل لترج قلوب تنظر لها بحزن وأسى . لم يصدق امير ما يراه أمامه جلس على المقعد المجاور لها وعيونه تبكي على ظلمها وحالتها التي تتقطع لها القلوب. اعتقد ان ريحان لم تتخيل انها ستنهار بهذا الشكل كانت تعتقد كما قالت انها قوية تستطيع ان تتحدث بشكل غير واضح عن همها بقوة ولكن مع الأسف وكما قالت ايضا هناك أشياء لا يمكنك مجابهتها وخاصة في مثل هذه القضية التي تتمزق لها القلوب البشرية.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD