الفصل الثالث و الثلاثين

2943 Words
[ فدوى الإتربي ] وكيف الخلاص بعدما حصلت على الإبن والإبنة والأم دفعة واحدة فكلما إحتدت علي المعيشة بهذا السجن البارد أتتني من كنت ألقبها بالحياء تبتسم بوجهي وتذكرني بالشجرتين اللاتين يزرعان الان بالجنة بإنتظاري بعدما ربيت يتيمين. تعدني بتحسن الأحوال جزاء صبري على حدة زوجي الدائمة وهجره القاسي . الإبنة عادت لها إبتسامتها لما أصبحت لها عائلة كانت تصبوا إليها فكم من مرة سألتني أن يكون لها أخاً أو أخت ولم أستطع تأمينهما لها. الولدين اللذين كانا لا يطيقا رؤيتي, الان توَّجاني بتاج الأمومة إسماً وصفةً. يكفيني ما حصلت عليه ولكل شيء ثمن وذاك الثمن هنيئا له بالجسد الذي خلى من القلب . ألم يكن في مقدوره التأسف ببيت شعر من أبياته البالية التى فقدت كل معنى أم وجد المساومة أسهل الطرق ولمِ يعبأ بالتوسل والرجاء ليهدهد مشاعري الجريحة وأنا الأسيرة ببيته وله مطلق الحرية بتحديد مصيري بعدما بعت حريتي لما قبلت عودته إلى حياتي . إتهام جائر لطخني وجرت محاكمتي واليوم نطق بالحكم خادمة وجارية رغم الوعد والمقابل فستان أحمر وقرط من الألماس. إنتهى وإنتهى القلب من تفريغ كل أحساس شعر به يوماً تجاهه ثم قال آمراً: - من هنا ورايح تنامي في أوضتك . وبينما أخلع ثمن ليلتي معه من أذنيَّ قلت : - متهيألي الجواري ما يناموش مع إسيادهم في أوضه واحده . ثم خلعت القرط وناولته إياه فوضعه جانباً وقال متبرماً : - ربنا يهد*كي . وتدثر ثم أولاني ظهره غير عابئ بأي شيء . فيمَ غضبه أليس هذا وضعنا المشين الان أم يحسب نفسه حبيب بعدما إتهم وحكم وأعدم ظلماً. لا أصدق كم كان قريباً مني, حتى إنني بحت له بكل ما عانيته مع منير حتى الحميمي منه, في الواقع لم يكن هناك حميمية على الإطلاق, يدخل خلسه مثل السارقين ثملاً في جنح الليل, يترنح حتى السرير ثم يتهالك عليه, لحظات وتبدأ يده في البحث عن شيء ينهشه حتى يجدني . الحميمية لم تدم إلا بضعة أشهر ببداية الزواج ثم عاد لنزعته الب****ة, يتحسسني بقوة مفرطة قد تسلخ لحمي عن عظامي, لم يرى عيناي الدامعة أو سمع توسلاتي بالتوقف عن بذائاته وعبثه بمحتوياتي بغير إشتهاء, يخور بوجهي سمومه المتعددة لتشكل سحابة سوداء من الويسكي والسيجار الكوبي تمنعني من التنفس وقبل النهاية أترك عالم البلطجية والراقصات الشبقات اللاتي يحسبني منهن وأغيب عن الوعي, وبالصباح يتأكد حدسي بأن ما حدث أمس لم يكن كابوساً مفزع لما أرى جسدي مملوء بالكدمات البنفسجية. لست غ*ية بالكامل لأقص على زوجي الثاني ما جناه الأول بهذه السهولة فقد كان يعلم بمفرده جزئاً من الحقيقة وإحتفظ بالسر ليأرقه وحيداً كما كان يعلم أن ما فعله بهذه الليلة قد يقتلني ولكن لم يبالي إلا بنفسه, فكل الرجال منير ولكن بغطاءات وخلفيات مختلفة. كان جلال ملكاً بحق لم تجود به أزمان أنقذني من متاهتي بلا مقابل وإبتهجت الحياة لما إمتلكت قوتي وأصبحت على بعد خطوات من الحرية لما إقترب موعد صدور حكم الطلاق من المحكمة بكل سهولة كما بشرني المحامي ولكن إستخفيت بقدرات منير. بالماضي البعيد عدت من يوم عمل مرهق إلى شقتي بمصر الجديدة, فتحت الباب وجدت الإضائة تغمر البيت ومنير جالس بالردهة مبتسم لي ويقول: - مب**ك العيادة .. بس جلال ما ينفعش بلطجي . لم أغلق الباب فقدت كنت حينها إمرأة مطلقة بحضرة رجلاً أجنبي عني تحت سقفاً واحد وقلت : - يعني بلطجي فعلاً .. انت دخلت شقتي إزاى ؟ قال بتهكم : - شقتك !!! ثم قام وتوجهه إلي وأردف .. الشهر خلص .. ياللا على فيلتك. حدجته بغرابة ممزوجة بالخوف إنما إدعيت ع** ذلك بينما أقول : - إنت متعرفش إنى رافعه دعوى طلاق لعدم التكافأ وه**بها يا بلطجى . - وتعيشي معايا من غير جواز وماله أهم حاجه تكوني معايا . صحت به : - مش هرجعلك لا بجواز ولا من غير ..أطلع بره قبل ما اتصل بالبوليس . - ما سيبتليش حل تاني. تقدم مني والشرر يتقد بعيناه, وأمسكني من رسغي وقادني لخارج الشقة بين صرخاتي وإستغاثاتي بالجيران إلا أنهم راقبوا ما حدث بهدوء ولم يجرأ أحد علي التدخل لصالحي أو ضد البلطجي . أكمل سحلي من شقتي وحتى سيارته وألقى بي داخلها وصاح بالسائق بالإنطلاق لفيلا المنصورية. حاولتُ التحرر بكل طريقة حتى حدثتني شياطيني بالقفز من السيارة إنما لم أستطع الإمتثال فقد ردعني منير بالقوة. لما وصلنا للفيلا ألقاني داخل بهو القصر و تركني أنعي حالي وجلس يلتقط أنفاسه بينما يراقبني طارباً لكل ما ص*ر مني من سباب ودعوات بموته ولما إنتهت أنفاسي ولم أعد أقوى على الكلام إنتشى لضعفي وقال : - هبعت اجيب المحامي بتاعك بكره تتنازلي عن القضية وإلا يمشي فيها وي**بها وبرضه مش هتسيبي بيتي . بكيت بشدة لضعفي أمام بلطجى الكباريهات وقلت متضرعة : - الله يخرب بيتك ويخرب بيت اليوم اللى شوفتك فيه. حتى هذه النظرة لم تغفر له, ينظر لي بتوق وشوق كان توقف عنه بعدما تزوجني وملك ماضيَّ ومستقلبي ليتاجر بهما مع باقي تجاراته الرابحة بلا **اد أبد الدهر . نادى على إحداهن فأتت مسرعة, وطلب منها إصطحاب الدكتورة لغرفتها لتستريح من رحلتها الأخيرة فتقدمت مني الخادمة لتعينني على النهوض إلا إنني قمت بمفردي رغم تلك المحنة المهلكة وتوجهت إليه أبشره بالقادم : - خسرتني للأبد . - أنا ما بخسرش أبداً .. إطلعي ريحي شويه عشان وحشتيني . أجبته بتحدي : - نجوم السما أقربلك . - إطلعي بالذوق .. عشان يبقى شكلك شيك ادام الخدامين يا دكتوره. قالها بتوعد بعدما إنتظمت أنفاسه برئته المتفسخة العجوز .. يحدجني بتحدي ضبع قذر يرقب ضحية إنتهى منها الخوف لينال ما تبقى من الغنيمة الضعيفة إلا أن الضحية صعدت درجات قصرها بما تبقى لها من قوة وإن كانت لا تعرف الي أين قد ينتهي بها المطاف أو بمن تستنجد .. قاطعت الخادمة أفكاري للهرب من الجحيم لما أخبرتني أن الحمام قد أعد وحينها صرخت بها وطردتها من الغرفة فلن يحدث ما يأمله مهما مارس من ترهيب. خرجت الخادمة ليحل محلها منير جلس أمامي على طرف السرير وقال : - انتِ مراتي .. واحد غيري كان رد فعله بقى اوحش من كده ..أنت دخلتي جلال بيتك وقبلتي فلوسه .. بس عارف اخلاقك .. وعارف إنك كنتي محتاجه قشايه تتعلقي بيها توقف عن الكلام وبكل جسارة إقترب مني ليقبلني فإبتعدت عنه وحينها أردف : - بكره تعقلي ولو ما عقلتيش اد*كي عرفتي انا أقدر اعمل إيه . وتركني أخيراً لحالي وخرج من الغرفة. ظللت حبيسة بغرفتي لأيام عديدة أرفضه وأرفض طعامه وشرابه ولم أقبل غير الخلاص النهائي عنه. يأتي ويذهب, يسأل ويُرفَض, يهدي وينقم على ذوقي الأخير بالرجال الفقراء الذين لا يستطيعون دفع ثمن هداياه. لم أبالي بقول أو فعل بدر منه وإنتظرت سقوط السماء على رأسه ورأسي بالقريب لينتهي الكابوس. تجدد الكابوس لما صعد إلي بعد أيام عديدة أخرى لا أعلم عددها جراء ما أصابني من وهن سببه الجوع والعطش. يصيح بي : - جلال اللي جابلك المحامي ودفع أتعابه .. واتعابه كانت إيه يا بنت الاصول ؟! قلة الطعام والنوم أعاقا عن رأسي إستيعاب صياحه وتلويحه بورقة لم أستطع إستبيان فحواها ثم أردف : - الطلاق تم زي ما كنتوا عايزين .. أمسكني من ذراعي بقوة مفرطة كادت أن تقطلعه من منبته ثم قال : - هتبقي عشيقتي يا فدوى بعد ما كنتي مراتي وجلال عمره ما هيطولك طول ما أنا عايش على وش الدنيا . وإكتملت أشبع الكوابيس على الأطلاق لما أمر الخادمة بالخروج في التو وبدأ بخلع ملابسه وتمزيق ما علي من ملابس ليجعلني عشيقته . كان دائماً يتشكى من برودتي عندما كنت زوجته ولكن بذلك اليوم يبدوا إنني نلت رضائه أخيراً لما أصبحت عش*يته بالأيام الباقية لي بسجن الجحيم حتى أنقذتني من يده الشرطة فهو لم يفعل شيء غير مضاجعتي بهمجيته وإشباعي ض*باً وسباب جزاء خيانتي له مع جلال ولمزيداً من الحماقة سألته لمَ لم يفعل ما يفعله سائر الرجال لما يعلموا عن خيانة زوجاتهن ويقتلني من فوره فأخبرني أن الموت الراحة وما سوف يمارس علي هو الشيء الوحيد الذي قد يشفي غليله من أول خيانة نالها من إمرأة. خيانة صورتها له بأب*ع صورها ولو كانت ملفقة, فقد تغزلت بمعشوقي أمام زوجي لما قلت له بشجون كم كنت طفلة غرة واهمة مع رجلاً مثله ولم أمسي إمرأة إلى لجلال, لم يكن الزوج رجلاً يوماً خاصة بعدما تذوقت طعم الحياة مع عشيق يتقن فنون الحب أجمع مع كافة أدواته اللاهبة لجسد تجمد من أسفل أيادي البلطجي, عليه أن لا ينخدع بقامة العشيق المتوسطة أمام قامته الفارعة فقد عوضت بنواحي أخرى فاجأتني بحق. يا لها من كلمات أشعلت غضب الزوج فصب الغضب على الخائنة وصفعني على وجهي صفعة جمدت الدماء بوجهي والزمن من حولي, خفوت كل الأصوات, صراخه بي, عصافير الحديقة, نباح كلابه ثم سقطت أرضاً فأشبعني بركلاته. أفقت بالمشفى على أكثر المشاهد حرجاً في حياتي فقد كان بإنتظار إفاقتي الضابط الذي نقلني ع***ة منهوشة من بيت طليقي بعدما دثرني بملائه السرير كمثل العاهرات للمشفى وإمعاناً للفضائح كان الضابط المكلف بإنقاذي صديقاً مقرب لجلال ومما لا شك فيه نقل له حالتي المذرية إن ذاك. أتى جلال وخالتي باليوم التالي, سألت الثانية عن ما فعله بي طليقي أما جلال تحلى بالصبر وال**ت لأنه يعلم مسبقاً ما ألم بي ولم يبدوا يوماً معرفة للوضع المخجل حتى بيوم دخلت لتنظيف غرفة مكتبه التى أعددتها له بشقة والدتي, لملمت الأوراق المتراكمة والمسودات العديدة ونسقتهم ثم أدخلتهم لدرج المكتب الأيسر لكن لم يتسع لكامل الأوراق ففتحت الدرج الأخر وجدته مكدس بالأوراق أيضا, تفحصت الهام لأعيده والغير هام لتنحيته وجدت أوراق لا تخص الدراسة, أغلبها قرارات قضائية تحمل طابع وخاتم النسر. أخرجتها وتفحصتها بتأني حتى وجدت بينهم تقرير الشرطة المفصل عن حالتي التي وجدوني عليها ولذلك لم أخشى البوح بكل ما قاسيته لحبيبي لأنه يعلم مسبقاً ومنح غفرانه حتى قبل سؤال . عند عودة منير للظهور بحياتي متمنياً تفريقي عن حبيبي, رأيت بعيون جلال الشكوك وحينها بحت له بكل صعيب مرر عليها ليعلم يقيناً بإنني لن أذهب عنه أبداً مهما قست علينا الأيام فقد كان دائماً يضع قلبه العمِر بالمقارنة مع قلب البلطجي الخرب ولا يعلم أن المقارنة معدومة بينهما. أستحق قسوة حبيبي, فلم يكن بحسباني أبدًا إنني أستحق هذه القسوة وأكثر فكلما كبرت الجميلة إزدادت حُسناً ومرض بنفس الوقت, العلل جائت أكبر من قدرة إحتمال جسدها الصغير, تستيقظ قبل الجميع رغماً عنها ترتعش ولا تستطيع حتى النهوض عن سريرها لجلب حقنها وحينها تصرخ بأبيها ليأتيها, أسارع لها قبله ولكن لا تقبل مساعدتي وتظل تصرخ بإسم أبيها حتى يأتي مهرولاً ومعه حقنها يحقنها ويظل معها حتى تهدأ. جلال الوحيد المسموح له بالولوج لحياتها المرضية لأنه من صاحبها منذ ظهور المرض وتخجل الصغيرة مما أصابها, تراه كما يراه الجميع و**ة, عيباً خطير بها . تمارس الصغيرة السباحة بإحتراف منذ السادسة من عمرها ولما أصابها المرض لم تخبر مدربها خشية إقصائها من الفريق والذي حدث بأي حال بعد أكثر من سنة. عادت من مدرستها تبكي وعزلت نفسها بغرفتها, لم تسمح بدخول أحد إليها حتى أتى أبيها وإستطاع الدخول لها وعلم شكواها. باليوم التالي ذهب برفقتها للمدرسة وطالب بالنص القانوني الذي يعفي إبنته من السباحة لأنها مريضة سكري وبالطبع لم يجد فألزم المدرسة بأعادة الصغيرة لفريق السباحة أو سوف يتم ملاحقة المدرسة بدعوى قضائية وحينها فقط رضخوا. جلال لم يحبذ يوماً رياضة غير المشي للفتاة ولكن من أجل الصغيرة ت**ر كل القواعد. الصغيرة تكبر وتبتعد شيئاً فشيء عن أمها برغم إنها قريبة من الجميع ولا أعرف لماذا, أفعل كل ما في وسعي لإسعادها ولا تأتي سعادة من ناحيتي, قليلاً ما تحدثني الصغيرة وأصبحت علاقتنا أوامر من الإبنة لأمها بينما زاد تعلقها بأبيها بشكل كبير وبادلها أبيها هذا التعلق, هى من تنتظره عودته يومياً وتسأله عن يومه وعن طلابه المشاغ*ين, تدلك له منكبيه عندما يشعر بالتعب, تسمعه النوادر التي تحدث لها بالمدرسة, تدعي الإنصات لدرسه الأسبوعي بتعاليم الإسلام لترضيه فقط بعدما أختارت الرسم دوناً عن التربية الدينية. لم تدعي كثيراً وحاولت التملص مراراً من الدرس, وحينها إضطر جلال أن يأتي لها بمحفظة قرآن بالمنزل حتى لا تتمكن من التملص . تشاركت الدرس مع الصغيرة وتبعت خطانا هناوة وحينها علمت كم كنا جاهلين بعيدين عن كل راحة وهى على بعد خطوة, الراحة بذكر الله وحمده على نعمه المتعددة لتدوم كما تكون مشيئته ونهاية إلتزمت بالحجاب وذلك أسعد جلال وحماتي للغاية . بكيتُ وهناوة بأكثر من درس ولم تفهم الصغيرة فيمَ بكائنا فكيف لملاك أن يعلم عن دروب الخطائين. الملاك يزداد إضطراب يوماً بعد يوم ومالت للعزلة أكثر, وفجأة رفضت أن تخلع ملابسها أمام والدتها أو جدتها, على رسخيها أثار لجروح لا تندمل أبداً وتتجدد بإستمرار , لم ألحظ وحيدة فقد لاحظت جدتها أيضا ولما واجهتها أخبرتني بأنها إنزلقت بالمدرسة. لم ينطلي علي الكذب الغير متقن وإقتحمت علي الصغيرة غرفتها بينما كانت تحدث إحدى صديقاتها على هاتفها النقال . لما رأتني حدجتني بغضب وقالت : - ما بتخبطيش على الباب ليه قبل ما تدخلي ؟! - اقفلِي الموبايل عايزاكي. أولتني ظهرها وعادت للتحدث لصديقتها وهنا فاض الحيل, سحبت الهاتف من يد الصغيرة وأخبرت الطرف التاني أن من الأفضل العودة للمذاكرة فزاد ذلك من غضب الصغيرة وصاحت : - عايزه مني إيه ؟ أمسكت رسخ الصغيرة ورفعت عنه أكمامه وقلت : - إيه اللي على دراعك ؟ سحبت رسغها من يدي نتراً وقالت : - قوتلك قبل كده .. وقعت . - كل يوم بتقعي يا هنا ؟ أجابتني بتهكم : - مش كل يوم طبعا .. يوم أه ويوم لاء على حسب المود الزفت اللي عايشين فيه .. لو خلصتي إستجواب حضري الغدا عشان جعانه . هذه لغة فتاة بالثانية عشر من عمرها, هذا ما إكتسبته من التعامل اليومي مع ضباط البيت أبيها وأخيها الأكبر والأوسط الذي إنتسب بدوره لكلية الشرطية . خرجت من غرفة الصغيرة تحاصرني الشكوك أكثر فأكثر وعلي البحث عن دليل لما ينتاب الصغيرة من تبدل مقلق بأحوالها . زوجي قد يستطيع حل اللغز لأنه الأقرب للصغيرة فسارعت لغرفتي لسؤاله. وجدت زوجي لازال يبدل ملابسه عقب عودته من العمل فأغلقت الباب من خلفي وقلت : - جلال عايزاك . حدجني متسائلاً متعجباً : - إنت بتكلمي بجد يا فيفي ؟ قلت متمللة : - بعينك .. إنسى يا جلال .. المهم هنا تعبانه ومحتاجه تروح لدكتور نفسى . أكمل إرتداء ملابسه بينما يقول متهكماً : - والله ما حد عايز دكتور نفسي غيرك .. هنا كويسه إشغلي انت نفسك بحاجه غيرها تهدي أعصابك الفايره على طول . لم أبالي بتلميحاته السافرة وإقتربت منه أقول : - هنا بتقطع فى جسمها يا جلال انا شفت الجروح بنفسي. - انا شفتها برضه وقالت لي وقعت فى المدرسه . - لاء .. انا لاحظت ان الجروح مش بيتخف ودايما اماكنها بتختلف وبشوف على ايديها جروح جديدة بعد كل مرة بنتخانق فيها سوا . جلس غير مبالياً وقال بهدوء : - والكلام ده معناه ايه ؟ - مش عارفه يمكن عايزه تلفت الإنتباه ليها .. عايزه حاجه .. محتاجه حاجه .. عشان كده عايزانا ننتبه ليها . إجتذبه أخيراً ما يحدث وأشعره بالقلق حيال الصغيرة فقام على الفور يقول : - انا هروح اتكلم معاها أجلسته وقلت : - اقعد يا جلال هتنكر انت مش عارف بنتك .. انا من رأيي نبطل خناق اليومين دول وانا هروح لدكتوره صاحبتي واشرحلها لها حالتها. قال بحدة : - وهو انا اللي بتخانق انتِي اللي بتعزِي النكد .. وبتعملِي عمايل ما تلقش للي فى وضعنا. وضعنا!!!! أى وضع يقصد مسرحية الفريسة والصياد التى نمثلها من يومين لثلاث أسبوعياً كأننا عروسين بشهر العسل لأن المنزل فرغ من الأولاد وكلاهما بكليته, لم أشغل خاطري الان بهذه المسرحيات البائسة وسارعت لإستشارة صديقة لي لديها خبرة طويلة بالطب النفسي. لما قصصت عليها شكوكي أيدت رأيي من شأن عرض الصغيرة على طبيب نفسي للفصل النهائي, وحينها عدت لزوجي لأقص عليه ما حدث فجائت إجابته : - انا بنتى مش مجنونة عشان تروح لدكتورة مجانين ممكن تكون حساسة شويه مش اكتر .. نعمل اللى يريحها و خلاص .. بصى خديها واشتريلها كل اللى هى عايزاه و هى تتلهي وانا عن نفسى مش عايز منك اى حاجه .. عشان هنا . - الكلام ده ما ينفعش احنا كده بنديها مسكن مش بنعالجها لازم تروح لدكتور - انا قولت لا .. النقاش اتقفل فى الموضوع ده. - إفرض مرة جرحت وريد من غير تدرى ونزفت لحد ما تموت هترتاح ؟! - بنتك دمها غالي و حراسها من حوليها غير أمي . - يعني معتمد على عفاريت في حماية بنتك ؟! - لا ياختي معتمد على ربنا. - وربنا خلق خلق الطب و الدوا . - دوا بنتك في عقلها .. هنا فاضية يا فدوى إشغليها وكل الستات لجامهم ودانهم عشان كده بنتك عايشة مع العفاريت زي ما بتقولي عشان بيكلموها .. إشغليها ,كلميها في إللي يهمها كفاية مذاكرة وطحن في دماغ البنت . - يعني مانذاكرش و نحكي ؟! - كل حاجة بال*قل يا فدوى وساعات كمان من غير عقل خالص وبالعاطفة .. الفترة اللي عاشتها هنا مع بوسي كانت أهدى فترة في حياة هنا عشان كانت شغلاها . أجبته هازئة : - أه نسيب المذاكرة و أعملها الطبيخ و التطريز عشان في الأخر تجوز واحد زيك يدوّر على اللي عندها عقل و يجوزها عليها . - ومين قالك إنك عندك عقل من أساسه يا فدوى .. انا إجوزتك تخليص ذنوب ربنا يتوب علينا جميعاً . إصطحبت الصغيرة للتسوق كما أشار زوجي الطريف وإبتعت لها كل ما وقعت عليه أعينها وبدى عليها الهدوء قليلاً, تستذكر بإجتهاد وتقبلت إلى حداً ما صغير مُحفظتها وحققت أمال أبيها وحفظت جزء من القرآن مجوداً وتقوم بحفظ أخر لتنال مكآفأة أخرى من أبيها وكانت رحلة تسوق جديدة. لو كان فقط المراهق بالأربعون يكف عن إزعاجي لدام علينا الهدوء, ضاق بي أكثر مما ضقت به ولما إنتهى هذه المرة من المسرحية قال بحدة : - انت إيه اللى جرالك ما عندكيش إحساس .. ما عندكيش دم .. واحدة غيرك تعيش عمرها كله تكفر عن عماليها السودة. إعتدلت من نومتي لأرتدي ما خلعته من ملابس إرضاءً لعميلي الأوحد ونظرت له بإستخفاف جلي وقلت : - ما انا بكفر .. مش كفايه خدامة وجارية ومربية محتاج إيه تاني ؟ - محتاج بنى أدمه . - اومال انا إيه ؟ - انتِ حتى الح*****ت أرقى منِك .. على الأقل بيحسوا. طفح الكيل ولن ي**تني الهدوء هذه المرة عن الإهانة وحينها قمت عن السرير وصحت به : - يا ريتنى حيوانه عشان عشان اكون لأي كلب إلا انت . قام عن السرير بدوره وتوجه إلي بعصبية وقال : - وما روحتيش للكلب إللي زيك ليه ؟! لم أبالي بسؤاله الذي سأله لآلاف المرات وأجبته مراراً وتحركت من أمامه قبل أن يتمادى فى أهانتي أكثر من ذلك. خرجت للصالة تبعني وأوقفني بممر الغرف وأردف : - ما تردى عليَّ .. ليه ؟ صحت به : - عشان شيء بنيناه سوا ومش هقدر أتخلى عنه في نص الطريق حتى لو شيء ده مش*ه ومق*ف وممكن يقضي عليَّ في سبيل سعادتك. - سعادتي ؟! انا سعادتي راحت من يوم ما عرفتك .. غلطة عمري اللي بدفع تمنها لحد دلوقتي وفعلاً اللي رابطنا شيء مش*ه ما يستحقش .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD