.
.
.
شعرت أن الزمن قد توقف
كل شيء كان يسير بِبُطء، هذا الشاب كان يتحدث لكني لا اسمع شيئاً.
هل انا على قيد الحياة حتّى..؟
انفجرت الشاحنة مجدداً ليصرخ الحشد ويركض مبتعداً ويحتضني الشاب مجدداً ليحميني.
"لقد احترق!! لا تقتربوا من الشاحنة!! "
"فليتصل احدكم بالإسعاف!! "
"السائق قد مات!! "
"لا تقتربوا، ستنفجر مجدداً!!"
هذا لا يصدق، هل تلك الرسالة حقاً تنبأت بما سيحدُث؟ لكن لماذا لم تخبرني أن السائق سيموت؟
تحدث الشاب قائلاً:
"هل انتِ بخير؟ يجب أن نبتعد عن هُنا! "
اومأت له ببطء ليساعدني على الوقوف وقد كنت اترنح في سيري ليساندتي ونركض بعيداً.
دخلنا للمتجر ذاته لتركض جاكلين نحوي فوراً قائلة:
"هل انتِ بخير؟ "
اومأت لها وبالواقع لم أكن بِخير إطلاقاً!
سمعت ماركو يحادث الشاب الذي كان على حافة الموت قائلاً:
"مهلاً هاري! هل انتَ بخير؟ لقد تلقيت ض*بة من العامود"
اومأ من كان اسمه هاري ناظراً نحوي:
"لكنّي املك بعض الاسئلة"
وانا لا املك اجابات!!
وقفتُ قائلة:
"شكراً لكم، يجب أن اذهب الآن!!"اخذت اركض مبتعدة قبل أن يمسكوا بي.
ركضت كثيراً وكثيراً حتّى وصلت لمنزلي، رميت بحقيبة ظهري ارضاً ثم دلفت للداخل واتصلت على هذا الرقم لكنه كان...غير موجود بالخدمة؟
شعرت بالبرودة في جسدي، لتصلني رسالة من الرقم قائلة:
"لماذا تتصلي؟ "
أي نوع من المزحات هي تلك؟ وهل هي مزحة حتّى؟
ارسلتُ رسالة:
"من انتَ؟ كيف تنبأت بالمستقبل؟ "
لكن لا رد، لكني لم استسلم وارسلت مجدداً:
"من انت بحق الجحيم؟!! ولماذا تركت السائق يموت؟!! "
لا رد لذا ارسلت:
"إن كنتَ لن تجيبني لن استمع لأوامرك مجدداً!!"
"حينها سأقتلهم! "
"مَن هم؟ "
"اصدقائكِ، سأقتل كل من تحبينه، لأنكِ تركتِ ابرياء للموت! "
"هل تهددني؟ إن كان بمقدورك قتلهم هذا يعني أنه بمقدورك انقاذ الأبرياء!! "
"سأقتلكِ إن انحرفتِ عن طريقي، فمن سيترك ارواحاً للموت يستحق الموت! "
"لماذا انا تحديداً؟"
هذا مريب..لم يخبرني بشيء عن قدرته في إنقاذ الأبرياء أيعني هذا أنه عاجز؟ لكنه غير عاجز عن القتل؟
اجابني:
"مستقبلكِ مشرق بالنسبةِ ليّ"كانت تلك اجابة مختصرة ومبهمة لأبعد حد.
شخص يتنبأ بموعد وفاة الآخرين؟ ويطلب مني تحديداً إنقاذهم؟
اطلقت تنهيدة ورميت بالهاتف فوق مكتبي، معدتي تتذمر جوعاً، لقد تركت طعامي هُناك، ا****ة عليكَ A !
حل المساء وذهبت للقيام بمهمتي المُعتادة، محاولة الدخول لهذا الموقع.
وصلتني رسالة لأفتح وارى A قد ارسل:
"هذا سيجلب المصائب لكِ"
"هل تراقبني؟ "
"انا اعرفكِ"
"كيف؟ "لم يجيب، ا****ة عليه، مجهول لعين يتلاعب بي؛ اسلوبه سيجعلني أرمي بِهاتفي في الحائط ليتحطم وليقتل من يرغب في قتلِه، ليس وكأني أملك شخصاً أخاف موته فَـوالداي قد تم قتلهما وأنا لا املك إخوة.
اغلقت الحاسوب حين استسلمتُ لليوم، ا****ة على هذا اللغز الذي لا يملك حلاً؛ لطالما حللتُ ألغازاً وفككتُ شيفرات عبر هذا الحاسوب، عن هذا الموقع الذي اثار الإهتمام مؤخراً وبالرغم من هذا حين بلغتُ تلك النقطة الأمور تعقدت، اشعر أني وصلتُ لحائط مسدود.
ارتميتُ في سريري في الغرفة، اشعلتُ التلفاز وأخذت اتناول قطعة من البيتزا التي اشتريتها ليلة امس، لم يعد لها طعم وباتت باردة بل مثلجة؛ اشعر أني متسولة.
وقفتُ عند قناة الأخبار عن رجل يقول:
"شهدت مدينة نيويورك اليوم حادثة قتل جديدة، لكن كالمعتاد لم يتبقى أي دليل، هناك قاتل متسلسل في المدينة والشرطة تؤكد على هذا، لذا بالرجاء توخوا الحذر واتصلوا بالشرطة فور الإشتباه في أي شيء! "
لماذا نيويورك مليئة بالأوغاد مؤخراً؟ ماذا تفعل الشرطة؟ هذا الشهر الثالث ولم يتم القبض او التوصل لأي شيء البتّة!!
أشرقت الشمس بينما عبرتُ بوابة المدرسة، كنت لازال انظر ارضاً، اكره شمس الصباح واكره تبادل النظرات مع الغرباء واكثر ما اكرهه الصخب.
شعرتُ بِأحدهم يمسك بكتفي لأستدير نحو تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر التي نسيتُ اسمها لأقول:
"اوه مرحباً..."**تت حين لم اتذكر اسمها لتعانقني قائلة:
"انا سعيدة انكِ على مايرام، لقد قلقتُ كثيراً!"
تحدث الشاب الاسود الذي اتذكر أن اسمه كان مارلو:
"من الجيد رؤيتكِ، هاري لم يصل بعد"
ابتسمتُ قائلة:
"من الجيد رؤيتك ايضاً، مارلو! "
"انهُ ماركو! "صححتُ الفتاة بينما تفصل العناق وتبتعد عني وفوراً تذكرت اسمها لتضيق عينيها وتسأل:
"ما هو اسمي؟ "
"جاكلين! "اجبت فوراً لتقهقه قائلة:
"حسناً فيونا، انتِ لستِ في ورطة! "
قهقهتُ في احراج:
"انا سيئة مع الاسماء! "
"انتِ"سمعتُ هذا الصوت لأستدير وأرى هاري الذي كان يحمل حقيبته في كتف واحد ويحدق بي في ريبة قائلاً:
"هل انتِ...بخير؟ "
قالت جاكلين:
"تدعى فيونا! "
اومأتُ بخفة مجيبة:
"اجل، بخير..ماذا عنكَ، هل رأسكَ بِخير؟ "
"تؤلم قليلاً"اجاب بهدوء لتبتسم جاكلين في غيظ:
"انت ص**ح للغاية، من المفترض أن تقول أنك بخير"
تحدثتُ:
"اود شُكركَ والأعتِ-"
"لنتحدث بعيداً"قاطعني.
عقدتُ حاجباي؛ لماذا هو يتصرف بِريبة؟ هل يعرف شيئاً؟ او ربما هو يشتبه في أمري كوني تمكنتُ من التنبؤ بما حدث، لكن هذا ليس مريباً، أي شخص كان يمكنه أن يرى حركة الشاحنة الغير طبيعيّة وسيره البطيء امامها.
سار بعيداً لأنظر لجاكي وماركو:
"اسبقوني انتم! "
"مهلاً!"قال ماركو لأتجاهله واسرع خلف هاري.
استدار هاري بمجرد أن ابتعدنا عنهما وحدق في عيني قائلاً:
"مَن انتِ؟"
"ماذا تقصد بِـسؤالك؟ ماذا تظنني؟ "
"أظن انكِ تملكين سراً، ما حدث امس لم يكُن صدفة"
"في الواقع من المفترض أن تشكرني، لكن بدلاً من هذا أن تسأل اسئلة مريبة، انا لا املك جواباً لسؤالك على كل حال، لكن العفو من دواعي سروري أن أنقذ حياتكَ"
اومأ هو في خفة:
"انا اراقبكِ على كل حال، فـترككِ لحقيبة الطعام قبل دخول الشاحنة الشارع حتى وقبل عبوري الشارع لتتمكني من الإمساك بِذراعي ليست صدفة أو ذكاءاً منكِ في التنبؤ بما سيحدث؛ إن كنتِ انتِ ذكية فـانا عبقري"
"هل تتفاخر؟ "
ربت على كتفي بينما تعابيره متخشبة ونبرته جافة:
"لا تتدخلي في ما لا يعنيكِ، فيونا الذكية"
تركني وذهب لأشعر بِبعض السخط، بدا الأمر أقرب لتهديد، لا اتدخل في ما لا يعنيني؟ انا فقط انقذتهُ من الموت وهل من المفترض أن اراقبه يموت في سكون فحسب؟ أي نوع من المعاتيه الحمقى هو؟
أطلقتُ تنهيدة عميقة وذهبتُ للمحاضرة، لماذا من بين جميع الأشخاص أخبرني هذا المجهول بِـإنقاذ هذا الو*د؟
كان الأستاذ يتحدث اليوم ايضاً عن السفر عبر الزمن، يالسعادتي حقاً.
"هل سبق لكم أن سمعتم عن العوالم الموازية؟ العالم الموازية في الغالب تنتج عبر السفر عبر الزمن وتلك مجرد نظرية ليست مثبتة، لكن النظرية تتوافق مع تغيرات السفر عبر الزمن والسؤال هنا، هل الزمن مكان أم وقت؟ "
اجابه طالب:
"وقت"
اجابه واحد آخر:
"مكان؟ ربما؟ "
ابتسم الأستاذ:
"في الواقع الزمن عبارة عن وقت، لكن الوقت قد يكون قابل للانتقال عبره وكأنه مكان مادي ومحسوس، ويمكن للكثير من الأشياء أن تنتج عبر هذا"
رسم الأستاذ خط في اللوحة قائلاً:
"لنفترض أن هذا هو الزمان المادي والذي يعني الزمن الذي يمكن السفر عبره، الآن"توقف عن رسم الخط ثم عاد لمنتصفه وقال:
"إن عدت بالزمن لتلك النقطة وغيرت بضعة أشياء، هل سيستمر الزمن بالتمدد في خط واحد مستقيم كما كان؟ "
"بالتأكيد لا"همستُ.
اكمل الاستاذ:
"هذا خاطئ بالتأكيد، حين تغيير الزمن عند تلك النقطة يمتد الزمن لعدة خطوط أخرى وتلك الخطوط هي العوالم الموازية، يقول البعض أن العوالم الموازية موجودة وفي كل عالم هناك شيء واحد فقط مختلف عن العالم الذي نعيش بهِ، لكني أصدق أن العوالم الموجودة هي العوالم التي صنعها السفر عبر الزمن فحسب، او كيف صنعت تلك العوالم دون أدنى تدخل منا؟ وكيف سيؤثر عليها التلاعب بالزمن إن كانت موجودة مسبقاً؟"
شعرت بعيناي تلمع، أنا في المكان الصحيح، املك فكرة..املك نظرية قد تكون صحيحة وقد تكون فاشلة.
انتهى الدرس وهرعت سريعاً لمكتب الأستاذ طرقتُ الباب ليسمح لي بالدخول لأجد هاري بالداخل بالفعل، وسألني الاستاذ:
"ماذا تريدين؟ "
"هناك شيء يشغل عقلي عن العوالم الموازية"
اشار لي بالجلوس لأجلس في ارتباك في الكرسي امام مكتبه قرب كرسي هاري ويقول:
"تحدثِ!"
إزدردتُ ريقي وتحدثتُ:
"ماذا..ماذا إن كنا لا نسافر عبر الزمن، وإن لم يكن هناك زمن مادي من الأساس بل أن العوالم الموازية موجودة بالفعل لكننا نسافر عبر العوالم بدلاً من السفر عبر الزمن نفسه"
"عبر العوالم؟ "قالها هاري ثم استرسل:
"هذا يعني أنه حين نسافر من عالم الى عالم آخر، هل سيكون هناك نسختين منا في عالم واحد وسنختفي تماماً من العالم الآخر؟ "
ابتسم الاستاذ وقال:
"هذا مرجح، لا يمكننا التأكد من شيء في موقفنا الحالي على كل حال"
اومأت في فهم:
"سأذهب إذاً، يبدو أني قاطعتكم"
كدت أقف ليقول الاستاذ فوراً:
"لا لا! في الواقع نحن نريدكِ؟ "
هل قال نحن؟
فتح الباب ودخلت جاكلين برفقة ماركو ولوح كلاهما لي مع ابتسامة لإبادلهم التحية والابتسامة.
سألت جاكلين:
"لماذا طلبتنا يا استاذ؟ "
وقف الأستاذ واجاب:
"لست انا من طلبتكم، بل رجال الشرطة! هم يريدون مساعدة بعض الأذكياء في تحقيقهم عن القاتل المتسلسل مؤخراً، وقد اخترتكم انتم، قد لا تكونوا الأذكى لكنكم الأكثر تفاعلاً واهتماماً واجتهاداً عن الآخرين"
التحقيق في أمر القاتل المتسلسل؟
*******