توماس و دوڤا يشبهان بعضهما كثيراً ليس في الملامح فقط فمن يراهم يظن أنهم شقيقين . . . . . و لكنهم يتشابهون أيضاً من داخلهم النقي الذي لم تعكره و تلوثه الحروب يرفضون الواقع الظالم المهزوم حتماً رغم إعلان انتصاره المؤقت فلا بد لنهاية هذه الحروب كي تنعم القلوب النقية في حياة سلمية آمنه . . . . .
توماس : " ما رأيك أن نذهب لنفس المكان الذي التقينا فيه لأول مرة . . . . . فهو بجوار البحيرة التي تحبينها . . . . . "
دوڤا : " نعم إنه مكاني المفضل . . . . . فهو يجمع بين الماء و الهواء و الأشجار و الطيور . . . . . . "
توماس ينظر لها بإعجاب . . . . .
توماس : " انتي نقية من داخلك يا دوڤا . . . . . "
دوڤا : " كيف عرفت أن بداخلي نقية و نحن لم نتقابل إلا وقت قليل . . . . . "
توماس : " لقد قرأت كثيراً في علم النفس و أعرف جيداً أن أحلل شخصية الإنسان . . . . . من تحب الطبيعة مثلك . . . . . الوان الطبيعة هوائها و ماؤها . . . . . . لا بد أن تكون نقية من الداخل . . . . . فالأنقياء فقط هم من يحبون الغابة بكل معالمها و ألوانها . . . . . انا مثلك احب كل تلك الأشياء و اتعجب أن اجد انسان يشبهني . . . . . . "
دوڤا : " لقد أخذنا الكلام إلى أن وصلنا أنها هناك . . . . . البحيرة . . . . . . " توماس : " تعالي دوڤا نجلس هنا . . . . . "
دوڤا و هي تجلس تعثرت قدمها و كادت أن تقع . . . . . فيمسكها توماس ليساعدها على الجلوس . . . . .
دوڤا : " أشكرك توماس فقد أنقذتني للمرة الثانية . . . . . "
توماس : " يفضل أن لا تعدي . . . . . مرة أولى . . . . . مرة ثانية . . . . . فأظن أنه سوف تأتي مرات كثيرة بيننا . . . . . "
دوفا و هي تنظر إلى توماس و تبتسم . . . . .
دوڤا : " توماس أريد أن أعرف اشياء كثيرة عنك . . . . .
توماس : " تفضلي . . . . قولي ما تحبين أن تعرفيه .. "
دوڤا : " من أنت ؟ . . . . . عائلتك . . . . . هل لد*ك أشقاء .. ماذا تتمني ان تكون في المستقبل .. "
توماس : " إسمي توماس فيليب . . . . . أعيش مع أبي في منزلنا وسط مدينة برلين . . . . . ماتت أمي منذ أن كنت صغيراً في التاسعة من عمري و قد كان هذا أول و أصعب موقف يمر في حياتي . . . . . . شعرت أن الحياة توقفت قبل أن تبدأ فقد كانت امي اهم شخص بالنسبة لي و أيضاً بالنسبة لأبي فقد عشقها هو حقاً . . . . . وظيفة أبي تحتم عليه أن يقضي وقتاً طويلاً خارج المنزل كان هذا الوقت ملكنا انا و أمي فقد كانت أمي و شقيقتي و صديقتي . . . . . . بل كانت كل شيء . . . . . . اتذكر لها تلك الكلمات التي جعلتني كيف اكون انسانا ً رافض للعنف و الحرب . . . . . . كانت جميلة الملامح جميلة القلب كانت تساعد جيراننا إذا احتاجوا إليها . . . . . الناس يبدأ يومهم عندما تشرق الشمس و انا كان يومي يبدأ عندما أرى وجه أمي وهي توقظني في الصباح . . . . . كنا عائلة صغيرة جميلة وسعيدة أمي كانت مص*ر سعادتها . . . . . إلى أن أصيبت بمرض حكم عليها أن تلازم فراشها إلى أن توفت و تركتني انا و أبي و أخي تركت
كل مكان بالبيت لا يملئه سواها . . . . . "
دوڤا : " هل لد*ك أخ . . . . . "
توماس : " كان لدي أخ يكبرني ب خمس سنوات . . . . . و لكنه توفى في الحرب ، و تركني انا و والدي . . . . . لذلك أكرة الحرب . . . . . "
دوڤا : " أسفة لم أريد أن ازعجك بسؤالي . . . . . "
توماس : " لا بأس أنها حياتي و يجب أن أعيشها . . . . . كما هي وحيدا ً اغلب الوقت في المنزل اقضي وقتي ما بين عملي بالجريدة و أصدقائي ( ألبرت ) و ( آرثر ) . . . . . و أحياناً أكون هنا في الغابة . . . . .
تنظر له دوڤا بتعاطف . . . .
دوفا : " و لكن كيف تقضي وقتك وحيداً في البيت اليس تعيش مع والدك . . . . ؟ . . . . "
توماس و هو يريد أن يخفي على دوڤا وظيفة والده . . . . .
توماس : " نعم اعيش مع والدي . . . . . و لكن بحكم طبيعة وظيفة والدي فإنه لا يتواجد في البيت إلا قليلاً . . . . . هل هناك سؤال آخر . . . . ؟ . . . . . "
دوڤا : " لا . . . . . لا يوجد . . . . . كنت فقط أريد معرفة الإنسان الذي أتحدث معه .. "
توماس : " الدور عليّ الآن في السؤال . . . . . انا أيضاً اريد معرفة كل شيء عنك دوڤا . . . . . "
تضحك دوڤا . . . . .
دوڤا : " انا . . . . . لا شيء فتاة عادية جدا أحب أسرتي . . . . . أمي و أبي و أختي أماليا و أخي الصغير مارك . . . . . حياتي ابسط مما يكون استيقظ أتناول فطوري أقرأ قليلاً . . . . . أحب الطبيعة كما تعلم كل ما فيها الشجر و ألوانه قبل أن تحرق أوراقه نيران الحرب . . . . . الطيور بأنواعها أعشق سماع صوتها دون أن يزعجها أحد . . . . . لون البحيرات . . . . . كنت اتمنى لو لم يتقدم الإنسان في العلم و الإختراعات لكي لا يخترع لنا الأسلحة و القنابل لتدمير الأرض و ما عليها الله خلقنا لنعيش في سلام . . . . . فلماذا يكره البعض هذا . . . . . الغابة هنا عزلتي التي أحبها أجدها المكان الوحيد الذي لم تدخل يد البشر فيه لتدمره . . . . . ليتنا كبشر نترك كل شيء كما خلقه الله . . . . . أحب أن أجد كل من حولي سعيد . . . . . أكره الفراق . . . . . لو استطعت أن أجمع كل الأحبة ليكونوا سوياً لفعلت . . . . . هذه انا ليس أكثر .. "
توماس : " الم يقل لكي أحد قبل ذلك أنكي فتاة جميلة . . . . . "
تضحك دوڤا بخجل . . . . . و تتحدث بكل ثقة . . . . .
دوفا : " جميعهم يقولون هذا لي . . . . . . "
يضحك الاثنان سوياً . . . . .
توماس : " نادراً ما نجد انسان مثلك دوڤا في هذا الزمن . . . . . "
دوڤا : " الناس الجميلة كثيرون و الحياة و ظروفها تخبئهم . . . . . تجد الجمال في عيون الأطفال البريئة التي تحبك لمجرد أن تبتسم في وجهها . . . . . تحبك لو أعطيت لهم قطعة حلوى . . . . . "
توماس : " يولد الإنسان جميل مسالم بالفطرة . . . . . و لكن ظروف الحياة تغيره و تبدل تلك الأشياء الجميلة إلى أشياء لا نحبها . . . . . . و القليل من الناس الذي ما يزال يحتفظ بتلك الطفولة البريئة الجميلة بداخله و لا تغيره الحياة . . . . . مثلك انتي دوڤا . . . . . . "
دوڤا : " حيث انك تعمل في الكتابة والصحافة . . . . . يمكنني أن اطلب منك شيء . . . . . "
توماس : " بكل سرور . . . . . أطلبي دوڤا . . . . . . "
دوڤا : " أريد أن أعمل شيء يفيد غيري في تلك الظروف الصعبة . . . . . الحرب دمرت أسر كثيرة . . . . . لا أعلم ماذا افعل لهم لكي أساعدهم . . . . . أمتلك وقتا في يومي يسمح لي بهذا . . . . . "
توماس : " الم اقل لكي انكي جميلة و طيبة حقاً . . . . . "
دوفا و هي تضحك . . . . .
دوڤا : " نعم قلت هذا توماس منذ قليلة . . . . . هل تستطيع مساعدتي لكي أقوم بهذا ؟ . . . . . "
توماس : " نعم استطيع . . . . . اتركي لي وقت أبحث لكي على شيء يناسبك دوڤا . . . . . "
دوفا و قد شعرت أن الوقت مر بهما . . . . .
دوڤا : " اتركك الآن يا توماس . . . . . . يجب عليّ العودة للمنزل الآن . . . . . . "
توماس : " أجل دوڤا . . . . . . هيا و لكن اوعديني أن هذه المقابلة سوف تتكرر . . . . . . "
دوڤا : " حسناً توماس . . . . . . "