الفصل الثالث.
نظرت له اختنقت من حالة الضجر التي أصبحت عليها منه وأنا أحدث نفسي قائلة: اظن أن كان جميع الضباط كابن خالي حسن فيمكن أن تزداد معدل الجرائم في مصر بنسبة 100٪ مادام هم علي نفس هذه الشاكلة.
استجمع حسن شجاعته مجمعاً كلماته الضالة وقال: "سحر أنا أحب......."
صمت قليلا ثم عاد يقول :"أنا بحبكِ وعايز اتجوزكِ."
نظرت له أقول في نفسي لقد جاء الغيث لقد تحدث حسن وقال شيء كنت أظن انني سأموت قعيدة بهذا المقعد عن أن يتحدث حسن ويقول ما في داخله .
قولت حينها له :"حسن من وأحنا صغيرين أنا بعتبركَ أخ وصديق وبس."
حسن رفع وجهه لم يقول شيء نهض يجلس معهم. نهضت لحجرتي وقفت أمام مرآتها الكبيرة اقلد حسن في كل ما فعله ضاحكة بشدة حتي أدمعت عيني من شدة الضحك بعدها بكثير جاءت إلي أمي لتعلم ماذا حدث مع يقيني بأن حسن أخبرها بكل شيء فهو يعتبرها بمثابة امه وهي أيضاً لا تري أفضل منه لي إلا أني في حقيقة الأمر لا أراه هكذا مطلقاً .
جلست علي الفراش ترتل علي مسامعي اناشيد المدح والثناء علي حسن كيف فقدت جوهرة غالية ،عن شجاعته حين ، رجاحة عقله ،اتزانه ، نضجه ، ثقتها به وما شابه ذلك بكثير .
وأنا أصدق خلفها في كل حديثها اقول:" بجد وأنا اللي ظلمته دا انا شريرة جامد موت ."
وما أن خرجت أمي فاقدة الامل في نهائياً فشرعت أقول أقسم انني لن اطلت الحديث معه قليلاً أظنه كان سيدمع لا بل ربما سيبكي بانتحاب حقاً لا ينقصه شيء لكنه لا يعني لي شيء.
نهضت في الصباح إلي المعرض أنهي ما تبقي من اللوحات هناك استعداداً لافتتاحه وطبعت الدعوات بالأشكال والطريقة التي اخترتها مع نور أنهي العاملون بالمكان كل شيء يلزمه من الاضاءة ، أعمال الد*كور ، النظافة حتي يكون معد لوضع اللوحات الفنية التي انهيتها أنا ونور تماماً .
شرعت حينها نور تستعد إلي خطبتها من أحمد بعد أن ذهب لمقابلة والديها والحديث معهما في شأن نور أن والدها لم يجبرها علي شيء فإنه وضع الأمر بين دفتي قرارها وافقت نور وتم تحديد موعد الخطبة ذلك قبل المعرض بعدة أسابيع شرعت في أن اساعدها في كل شيء فهي رفيقة دربي الوحيدة .
انهيت كل شيء معها ذلك قبل موعد الخطبة بوقت كافي اشترت هي الذهب الذي اختارته مع أحمد ووالدتها تزغرد من خلفها فرحة بها وبهذا اليوم .
شرعت والدتها تعد كل شيء لذلك اليوم كنت معها أهم شيء كنت سعيدة به هو سعادة نور الذي أحبت أحمد وهو أيضاً رغم أنني لا أطيق أحمد أو رؤيته إلا أنني أجبرت علي تحمله هو الآخر لا جل نور انطلقت أصوات الأغاني والفرحة من شرفات منزل نور لك أن تتخيل الافراح في الأحياء الشعبية .
نساء الحي بأكمله في منزل نور والزغاريد كمجاملات اجتماعية لنور ووالدتها التي تدور عليه بالمياه الغازية وهم ينتظرون أحمد وعائلته للقدوم يصطفون النساء والرجال بالمنزل من كل حدب وصوب يتوافدون لرؤية نور وهي ترتدي فستان وردي اللون نقشت عليه ورود بارزة تغلفه طبقة أخري من الاسفل لتع** النقوش التي عليه .
بل هو من الأعلى جزء يظهر جسدها من أسفل الثوب وسحر بجوارها وما أن توقفت السيارة التي بها عائلة أحمد حتي انبرت جميع النساء في صوت واحد تزغرد صعد أحمد وعائلته التي يبدو في هيئتهم لا يختلفون كثيراً عن مستوي عائلة نور.
قدمت لهم الحلوى والمياه الغازية ثم قدمت والدة نور تحمل علبة الذهب ذات اللون الاحمر الداكن علي صنيه مزخرفة وضعت عليها الكثير من قطع الحلوى حول علبة الذهب فأخذها أحمد وأخرج منها خاتم الزفاف ليضعه بيد نور التي تنحني بنظرها إلي الأسفل في خجل واضعة هي الأخرى خاتم الزفاف في يده .
ووضع القلادة حول جيدها وانبرت النساء في الزغاريد تتنافسن معا في ذلك فما أمهر النساء في البكاء الزغاريد والحديث أخذت سحر تتراقص من بينهن حتي انتهت الخطبة ذهب الجميع إلي منازلهم سعدا بنور وأحمد .
أخذت استعد مع نور للمعرض الذي نشرع في افتتاحه قريبًا. نظمت كلاهما كل شيء معا ونور سماعة الأذن لا تغادر اذنها فحديثها مع أحمد لا ينقطع نهائياً لا أنكر مساعدات أحمد لنا في أنه في جمع لنا عدد كبير من الصحفيين والمصورون بحكم عمله بهذا المجال بالإضافة للكثير من الدعوات لأساتذة الجامعات لحضور أول معرض لنا.
جلست سحر تكمل الأشياء الأخيرة في لوحاتها فدق الباب فخرجت سحر من حجرتها كذلك والدتها تفتح الباب وجدت أمامها مجموعة من الرجال الذين يرتدون جلاليب بلدي فضفاضة وعمامة رأس أما النساء فيرتدون ملابس تخفي كل شيء فيهن....
أخذت سحر تجوب فيهم بنظرها هي ووالدتها فقطعت والدتها ذلك. رحبت بهم ودعتهم للدخول وسحر لا تفهم شيء مما يحدث فجلست ونظر الجميع لها يتعجبون من ملابسها الضيقة القصيرة وشعرها قدمت لهم والدتها بعض الاشياء لضيافتهم .
نظرت المرأة لسحر وكأنها لا تصدق ما تراه من ملابسها، نظراتها المتعجبة منهم، اقتحامهم للمنزل بهذا الشكل فقطعت تلك المرأة هذا وقالت:" ودي بقي سحر بتنا."
نظرت سحر تحرك رأسها موافقة علي حديثها فأنها بسطت يدها سحر لكي تسلم عليها لكنها احتضنتها وضمتها بشدة أن سحر لم تعتاد مثل هذه الأشياء فنظرت لها تلك المرأة تقول لها: " انتِ بت اخوي أحمد ."
فقالت والدة سحر موجهة الحديث لسحر :" ايوة دي أخت بابا ياسحر."
ابتسمت سحر وهي تعلم كم تكن لها تلك المرأة من مشاعر أنها تدعي صفية وحضر معها اخوتها الاثنين محمد ومحمود أخوة والدي رحبت بهم أمي إلا أنهم لم يأتون إلا للتأكد علي سلامتنا لا أكثر فما أعلمه أنهم لا يحبون أمي بل يرونها سبب انفصال والدي عن اخوته بل عائلته بأكملها إلا أنني كنت لا اتذكرهم جيداً فهذه ثاني مرة أراهم فيها اذكر أنني ذهبت مع والدي ذات مرة إليهم حين توفي جدي لا أكثر أما عن ملامحهم شعوري تجاههم بشي لا يوجد اننا أقارب فقط بالأسماء والأملاك حتي هم لم يحاولون التقرب إلينا نهائياً ان هذه الزيارات لتأكيد القرابة لا أكثر وأنهم قاموا بدعوتنا علي عرس ابن عمي محمد الذي سوف يتزوج من ابنته عمه عما قريب فلم يحدد موعد الزواج بعد انصروا عائدين للصعيد.
أظن أن هناك شيء آخر من قدومهم إلينا لا أعرفه ربما بسبب أملاك والدي التي هي بالصعيد وخوفهم أن نتصرف بهذه الارض دون اللجوء إليهم بحكم أنها أملاكنا فانهم وجهوا لنا أمر مباشر بعدم التصرف في الأرض دون اللجوء إليهم .
انصرفوا عنا لم أتحدث مع والدتي في شيء فهم لا يعنون لي شيء وبالبديهي لن أترك حياة القاهرة لكي اقطن بالصعيد بجوار أرض والدي أخذت أخبر أمي بأمر المعرض وأنه سوف يتم افتتاحه عما قريب أهم شيء هو أن تكون بجواري كي تكتمل سعادتي لكنها دائما ما تقلب الأمور لصالح حسن فنظرت لي قائلة :" بعتِ دعوات لخالك وحسن؟"
سحر بنبرة حادة:" آه."
الأهم أن المعرض يوم الخامس والعشرين من أبريل المقبل علينا الاستعداد جيدا لذلك اليوم أخبرت نور أن تستعد هي الأخرى أنهيت كل شيء ليوم الاحتفال لم يبقي سوي بعض الدعوات أردت أن أعطيها إلي هؤلاء الذين آمنوا بفشلي منذ أن درست في كلية الفنون الجميلة أرسلتها لهم لكي يرون كما أنا فشلت في أن تحقق كل شيء وكم هم لا يعرفون شيء فإنني اعتدت إلا اترك حقي وأن بعد مئة عام سأسعي في أخذه فقط انتظر عدالة القدر.
مضت الأيام سريعاً لكن هذا المتصل مجهول الهوية مازالت كل يوم أنفاسه المتصارعة للخروج منه تطاردني حين أجيب هاتفي فيجيبني بصمته المعتاد فاشتعل غضباً من هذا الصمت واغلق الهاتف المحمول في وجه أنفاسه..
جاء ذلك اليوم الموعود يوم خمسة وعشرين أبريل أقبلت الوفود من كل حدب وصوب علينا أنا ونور ، أحمد بفريق تصويره الذين يغطون المعرض ، اسرتي ، الأساتذة الجامعيين والكثيرين بيعت الكثير من اللوحات الفنية التي قمنا برسمها لم أكن أتوقع هذا النجاح فوضعت حينها خط منخفض لنجاح أول معرض لي عما حقق هو من نجاح التقطت لنا الكثير من الصور الفوتوغرافيه بالمعرض أنا ونور وبعض اللوحات الفنية والكثيرين مما توافدوا للشراء سعدت بهذا النجاح المدوي فأنا لا أحب الإنصاف من الأشياء فإما كل شئ وأما لا شئ فالإنصاف لا تشبهني ولا تشبعني تشعرني أن هناك شئ به خطأ أو خلل.
أثناء ذلك المعرض جاء حسن إلي مرة أخري بعد أن كان مضي الكثير علي ما حدث إلا أنه لم يشعر بالفتور قط لكني رفضته للمرة الثانية أظنه اعتاد الرفض من قبلِ إلا أنه لا يتجنب ذلك ذهبنا بعد انتهاء المعرض نحتفل في أحدي الفنادق أنا، أمي ، حسن ، نور وأحمد الذي فرض علي جبراً أن احتمله لاجل صديقتي العزيزة.
مضي الوقت خرجنا لمنازلنا وقد أصر حسن إلا يتركني أقود السيارة فوجدت والدتي تسقط أرضاً صرخت مما حدث كانت نور بجواري حملتها معها إلي السيارة ذاهبين لاقرب مشفي كي اطمئن عليها طوال الطريق أحاول أن أيقظها أعيدها للوعي أخذت ابحث عن شئ فلم أجد في حقيبتي سوي زجاجة العطر الفرنسي الذي استخدمه وضعته قرب أنفها لم تستفيق شعرت بذعر مفزع فنظرت إلي حسن اصرخ بوجهه :" يلا بسرعة."
تقبل ذلك مني مراعاة للظروف الذي أنا فيه وبالفعل وصلنا لاقرب مشفي خاص حملت أمي للداخل أنا معها لا أعرف ماذا أفعل ؟تركتها حينها علمت كل شئ عن مرضها من الطبيب فحسن كان يعلم كل شئ عن مرضها فنظرت له أقول:" ازاي ماتقوليش كدا دي أمي ؟"
لم يجيب حسن بشئ تحاشياً أن نتشاجر .
جلست انتظر ونور بجواري تربت على ظهري وتضمني إليها اما أحمد يقف بجوار حسن ينتظر أن يري ماذا سيحدث؟ خرج الطبيب يخبرنا أنها بحاجة لعملية جراحية الآن واستئصال الجزء المصاب في المخ هنا نظرت للطبيب وأنا أقول: " طيب أجري هذه العملية باسرع وقت ممكن وأنا للمسئولة الاهم سلامة وحياة أمي ."
الطبيب:" العملية في غاية الخطورة تحتاج الكثير من الوقت ولا يمكن أجراها إلا بعد ماتفوق المريضة ."
سحر:" عاملة ايه ؟"
الطبيب:" فاقدة الوعي ؟"
جلست سحر خارج الحجرة تنتظرها ونور بجوارها فنظرت لها تقول:" نور روحي انت وأحمد الوقت اتأخر اوي."
نور:" مافيش مشكلة أنا أستاذنت من ماما وكمان أمان عشان معايا أحمد."
سحر:" مافيش داعي لكل دا أنا مش همشي من هنا ."
استسلمت نور ذاهبة مع أحمد ونظر لها حسن يقول:"وأنتِ مش هتروحي تغيري هدومكِ علي الأقل."
سحر:" لا مش همشي غير وماما معايا."
حسن : " خائف عليك ِ ."
سحر: " هحاول بس مش هنسي انكَ خبيت مرض أمي عني. "
حسن :" هي أصرت أنكِ متعرفيش ."
سحر:" أزاي معرفش وليه ."
حسن:" دي رغبتها يا سحر.."
جلس بجوارها حسن ثم نهض يحضر قهوة لهما عاد بقهوة فهو يعلم عشق سحر للقهوة محاول أن يخرجها من حالة البكاء والهذيان التي دخلت فيها أخذ يقول لها:" القهوة مميزة عارفة ليه ؟"
نظرت له لم تقل شئ فالصمت كان عنوانها فشهقات هذيان البكاء تذبح صوتها تؤلم عينيها فنظر لها يقول :" مش هتشربِ قهوتكِ المميزة يا سحر؟"
حينها لم تكن سحر بل بقايا حطام سحر فالهذيان من شدة البكاء أفقدها طاقتها بل كبريائها في لحظات مضت عليها كان معها كل شئ لم يمضي عليها الكثير حينما كانت تقف بالمعرض والجميع بحوذتها كيف انقلب الوضع إلي هذا أنها عبثية الحياة تارة نملك كل شئ أخري لا نملك منها شئ والفارق بينهما بضع لحظات فقط.
نظرت له تقول :" مش عايزة قهوة عايزة ماما ."
قتلته سحر دون أن تعي فهو يدعي الثبات ظاهرياً كي لا يزيدها عليها لكنه بداخله انهيار علي والدتها فهو يعتبرها بمثابة والدته أخبر أبيه بما حدث فجاء للمشفي أخذ يحتضن سحر يحاول أن يقلل من فزعها وفزعه إلا أنها علي ص*ر خالها استمرت تهذي بالبكاء والارتجاف لم تكن ضعيفة إلي هذا الحد لكن حينما تأتي الضربة فيما من نستمد منهم القوة ننهار...
نظر حسن إليها فقد ظن بها الظنون في القوة من سيرها،بطولات الملاكمة التي تمارسها ، خطواتها الثابتة التي يشعر بها أن الأرض تهتز من أسفلها كيف أصبحت جسد يهذي بهذا الشكل أم أننا ضعفاء أمام من نحب حين نشعر بأنهم كادوا يفارقونا نتحول من أبطال حروب إلي قتلي حروب واسري في اقتفاء أثرهم لكن لا يذهبون قد نرجوهم بكل شئ إلا يذهبون إلا يتركونا نهذي جنون بفقدانهم إلا أنهم حين يقررون الرحيل لن يوقفهم شئ ولا حتي حبنا لهم .
مضت الليلة الأولي بهذا الشكل المؤلم علي سحر فجاءتها نور في الصباح الباكر قد اشترت لها بعض الأطعمة لكنها رفضت أن تتناول شئ منها جلست بجوارها تخفف عنها إلا أن والدتها لم تستعيد وعيها بعد أن الخوف مزق قلبها وحسن ينظر إليها لا يعلم ماذا يفعل أنه يريد أن يقترب منها يضمها إليه لعله يستطيع أن ينقل كل هذا الحزن من ص*رها إلي ص*ره لكنها