تقف على بعد خطوات بسيطة عن الشركة و قد انهت دوامها اخيرا و الان هي بإنتظار الحافلة كعادة كل يوم لكن الاختلاف الوحيد هو ان نور قد سبقتها اليوم لاتمام مهمة ما خاصة بالعمل لذا فهي فى طريقها للمنزل وحيدة
تن*دت بتعب تنظر ارضا وقد عادت بتفكيرها الى تلك الليله التي رُفضت بها من حبيبها و الذي ما زالت هائمة بحبه رغم قسوته عليها و انكاره لمشاعرها التى تحملها له
خيال محدثة نفسها : عادي يا خيال انتي كنت متوقعه ايه يعني .. طبيعي يرفضك لا انتي من مستواه ولا هو حتى يعرف عنك حاجه ده حتى اسمك وانك بتشتغلي عنده ما يعرفوش ... تن*دت بحزن لتكمل .. انتي احسن حاجه تعمليها دلوقتي انك تشيلي من دماغك كل الافكار دي وتدفني حبك جوه قلبك و تشوفي شغلك اللي انتي جيتي اصلا المكان ده عشانه وان شاء الله بكره ربنا يعوضك
زفرت بتعب و استسلام لتسمع صوت محرك سيارة يقترب منها ويتوقف تماما أمامها تحركت ومازالت على وضعيتها تنظر ارضاً وقد ظنتها الحافله اكملت التقدم للامام حتى استمعت الى صوت يقول
........... : مستنية حد؟؟
رمشت عده مرات تحاول استيعاب ما استمعت اليه ..... صوته ..... مستحيل ان تخطئه و قد كانت تتسلل طوال فترة تدريبها بالشركة لمراقبته و الاستماع لنبرة صوته المميزة آمراً هذا و ذاك
و اخيرا رفعت رأسها نحو الصوت بقوة عند سماعه يقول مرة أخرى
.......... : ايه هتفضلي ماترديش عليا كده كثير وقفتك هنا ممكن تتفهم غلط
خيال بدهشة : مستر ايان !!!!!!
اتسعت عيناها دهشة لوجوده بل لتوقفه بسيارته امامها و بدء محادثة معها بل و الادهى تلك الابتسامة الودودة المرتسمة على وجهه اثناء حديثها معه
ايان : الوقت اتأخر و وجودك هنا غلط فى ساعة زي دي .. لو مش مستنيه حد تعالي اوصلك في سكتي
ابتلعت ريقها بتوتر و ظلت تنظر حولها ببلاهة تتأكد من عدم تواجد شخص اخر غيرها بالمكان .. و النتيجة .. لا احد اخر سواهما لذا فذلك العرض المغري من نصيبها هي لا غير
ابتسامة ملتوية ساخرة ارتسمت على وجهه اثر متابعته لرد فعلها و قد علم ببداية وقوعها فى شباكه
ايان : مش يلا ولا هتفضلي معطلاني كده كثير
تقدمت بتوتر لتنحنى نحو نافذة السيارة محدثة اياه بتوتر
خيال : حـ.. حضرتك مش هيـ.. هينفع اركب معاك و بعدين انا مستنية الاتوبيس هو شوية و هيجي
و من ثم استمع كلاهما الى قدوم الحافلة لتتسع ابتسامتها قائلة
خيال ببراءة : اهي جت اهي .. انا اسفه اني عطلت حضرتك ... مع السلامه
و من ثم ركضت سريعا الى الحافلة تستقلها بسعادة كبيرة و سببها تلك المحادثة القصيرة و التى لم يتعدى زمنها العشرة دقائق لتتحرك اخيرا الحافلة نحو وجهتها
و على الجهة الاخرى ظل ايان بجلسته داخل سيارته ينظر للحافلة المغادرة بدهشة و عدم تصديق
هل تم رفض عرضه للتو ... بعد تخطيطه بإرسال نور باكرا ليستفرد بها و الان تنازله و عرضه عليها الصعود لسيارته الفارهة لتوصيلها الى منزله ... ترفضه و تستقل الحافلة ... تلك الـ ....
ضرب على عجلة القيادة بغضب ليهتف
ايان : ماشي يا ست خيال لما نشوف اخرتها معاكي ايه عشان انول الرضا بس الصبر ... كله هيطلع عليكي في الاخر و يانا يانتي
فى صباح يوم جديد بشركة آل عذب
خيال بصدمة : معلش قولي تاني كده عشان انا لسة في بداية اليوم و مش مركزة ... مين ده اللى طالبني اروحله
نفخت نور بنفاذ صبر لتعيد حديثها مرة اخرى
نور : هقول تاني و للمره الاخيره مستر ايان عايزك في مكتبه فوق و معرفش ايه السبب عشان ما تصدعنيش بأسئلتك الكتير دي
ابتلعت خيال ريقها برعب لتقف و تتجه نحو نور
خيال : تفتكري عايزني بسبب اللي حصل امبارح و اني رفضت اني اركب معاه ... بس ماهو ميصحش اني اركب فى عربيته لوحدنا و يوصلني .. وبعدين انا كنت مخضوضة من الموقف كله .. ولا هو يعني خلاص هيرفدني ... يووووه هيكون عايزني ليه بس يا ربي
نور بملل : طب يا بنتي ماتوفري على نفسي كل القلق ده و اطلعي شوفي عايزك في ايه ... يمكن مثلا عايزك في شغل .. او يمكن يخليكي تمضي عقد تثبيتك في الشركه مثلا
فركت كفيها بتوتر ملحوظ لتردف بعد تفكير
خيال بخوف : تفتكري ؟؟
نور : معرفش بس احتمال ليه لا ... يلا بقى عشان ميحسش اننا اتاخرنا
خيال بقلق : يلا بينا و ربنا يستر
اما على الجهة الاخرى بمكتب ايان
لؤي: انت لسه برضو على رايك بخصوص الخطة الزفت دي ... يا ابني حرام عليك البت ذنبها ايه بس ... انها بتحبك بجد ؟؟
تأفف ايان بنفاذ صبر و تململ ليهتف بصديقه
ايان : انت ليه محسسني يعني اني هشربها حاجه اصفره و اعمل فيها حاجه مش كويسه ... يا ابني انا هتجوزها .. واحده بتحبني وانا هتجوزها و اخليها زوجه ايان عذب ... مكانة غيرها بتحلم بيها ... هتعوز ايه اكثر من كده
لؤي : هتعوز زوج بجد .. هتعوز حد بيحبها زي ما بتحبه هتعوز حياه طبيعيه .. هتعوز اطفال ... ولا انت كل ده مجاش في بالك
زفر ايان ليهتف منهيا الحوار
ايان : والله بقى محدش بياخذ كل حاجه هو عايزها .. يعني زي مانا بحاول وبحارب عشان اوصل للي انا عايزه هي كمان كان المفروض تحارب عشان توصل للي هي عايزاه ... المفروض انها تشك لما تلاقيني بعاملها كويس فجأة كده وبعرض عليها الجواز ... و الا يا صاحبي مكنوش قالوا ان القانون لا يحمي المغفلين كمان الحياه لا ترحم الساذجين
طرق على الباب قاطع حديثهم ليسمح للطارق بالدخول و تدلف هى الى الغرفة بتوتر ملحوظ تحت نظرات كلا من لؤي و ايان لينهض لؤي مغادرا
لؤي : زي ما قلت لك يا ايان ..خليك فاكر اني مش معاك في اللى انت ناوي عليه سلام
و من ثم خرج مغلقا الباب خلفه ليتجه ايان بأنظاره نحوها و ينهض ملتفا حول مكتبه و يقف امامها مراقبا لجميع ردات فعلها مبتسما داخله بسخرية على توترها الملحوظ
ليقطع هو اخيرا الصمت قائلا
ايان : مالك متشنجه كده ليه و بتقطعي فى ايدك من التوتر ... اكيد طبعا انتي بتسالي نفسك انا ليه طلبتك تجيلي هنا
اومأت بصمت مبتلعة ريقها و ما أن همت بالحديث قاطعها رادفا
ايان بلطف : اهدي الاول و خلينا نقعد عشان نعرف نتكلم و اطمني الكلام اللي انا هقوله مش هيضايقك ابدا
تحرك بها نحو اريكة موضوعة بإحدى اركان الغرفة و نادى على نور بصوت عالى لتدلف الى الغرفة بقلق سرعان ما تحول الى ذهول و هى تسمعه يحدث صديقتها بلطف غريب
ايان : تحبي اطلبلك ايه تشربيه؟؟
اشارت إلى نفسها بذهول ليوميء لها بإبتسامة اصابتها فى مقتل و جعلتها عاجزة عن الرد ليتولى هو الطلب عنها
ايان : واحد عصير الليمون والقهوه بتاعتي يا نور و ياريت بعد كده متخليش اي حد يقاطعنا
ظلت نور على ذهولها لتسمعه يردد مرة أخرى
ايان : نووور فوقي معايا كده
نور : احم حـ.. حاضر يا مستر عن اذنك
و من ثم خرجت لتترك الاخرى تحدق به بذهول تام و قد عاد هو الاخر بأنظاره الساحرة نحوها
ايان : احم انا طلبتك النهارده عشان بصراحه انا حبيت اعتذر على الموقف السخيف اللي حصل بينا يوم المطعم .. الحقيقه انا مش من طبعي ابدا ان يكون ردي على حد هو الاسلوب اللي انا اتعاملت معاكي بيه .. بس انا اتفاجئت و متوقعتش اني اسمع الكلام ده منك انتي يعني انا معرفكيش اصلا .. قصدي يعني احنا لسه مكناش نعرف بعض و اكيد ده مش مبرر ابدا يخليني ا**ر قلب احد .. خصوصا اني عارف ان الحب والمشاعر دول شيء مش بإيدينا .. فأنا حقيقي آسف على اللى حصل ساعتها
ظلت تحدق به ببلاهة و نظرات مضحكة .. تحرك رأسها للجانب و كأنها تشاهد عجيبة من عجائب الدنيا السبع .. ظلت على وضعها ذاك دقائق عدة جعلته يشك فى استماعها لحديثه و اثارت تلك الفكرة غيظه فلقد عانى لجعل اعتذاره منمقا لأقصى حد .. حرك كفه امام وجهها يحاول ان يلفت انتباهها نحوه حتى تنحنحت بجلستها و اخيرا قررت اصدار اي صوت ينبأ على وجودها معه بنفس الغرفة
خيال : حضرتك كويس مش سخن ؟؟؟ .... ثم انتبهت لسخافتها لتكمل سريعا ..... انا اسفة انا اقصد يعني .. مش عارفه ارد اقول ايه على كلام حضرتك .. اصلا مكنش في داعي تعتذر ... اقصـ... قصدي كله غلط مني انا ... الموقف من اوله لاخره كان غريب و طبيعي ان حضرتك كنت تتصرف بالطريقه دي ساعتها
اتسعت ابتسامته ليسرع بالحديث
ايان : قصدك انك قبلتي اعتذاري؟؟؟
عقدت حاجبيها بعدم فهم و كأنه يحدثها بلغة غير مفهومة قبل أن توميء بقوة مرات متكررة لينهض بحماس محدثا اياها بنبرة اختلفت تماما عن التى استخدمها بإعتذاره المزعوم
ايان : عظيم .. و عشان نوثق الصلح ده هنتعشى النهارده مع بعض .. الساعه ثمانيه كويس ؟؟ تمام هكون عند بيتك الساعه ثمانيه بالدقيقه .. و دلوقت تقدري ترجعي تشوفي شغلك ... اتفضلي
و من ثم توجه عائدا يجلس خلف مكتبه ملتقطا احدى اوراق العمل متجاهلا وجودها بالمكان تماما
اما هي فظلت بمكانها على الأريكة تحدق به امامها بذهول ترمش بعيناها عدة مرات بطريقة طفولية و كأن ما حدث من دقائق هو عبارة عن خيال نسجته بعقلها هي فقط .......
............
يتبع .......