الفصل الخامس
كانت حافظة تجلس أمامهم تفرك يديها بخوف بعد أن طلبها حفيظ للحديث معها في أمر هام.. و لا تعرف ما هو الأمر الهام الذي بينها و بينهم و ذلك الرجل يراقبها بعين فهد.. يراقب فريسته بتفحص و تحين للفرصة لينقض على عنقها ليسلب منها الحياة هكذا هى سيسلبونها الأمان الذي تملكه بعملها هنا لدي السيد حفيظ فلو ذهبت لمكان آخر لن تجد المعاملة الطيبة و الحسنة التي تجدها هنا لدي السيد حفيظ الذي كان يقول بقسوة الأن ربما لأول مرة معها " لقد كنت تعلمين أنها ستذهب أليس كذلك، دوماً كنتِ صندوق أسرارها، لم لم تأتي و تنبهيني لم ستفعل، أرايت نتيجة فعلتكِ لقد وضعت رأسي في الوحل، و الناس تلوك سيرتها بالسوء، لولا السيد داري قبلها و لم يهتم بذهابها لقتلتها لفعلتها، سأتركها فقط لأنه سيتمم زواجه بها هذا إذا فعلت ما سنخبرك به ، و لكن تبق عقبة واحدة، يجب أن نتمم هذا الزواج قبل أن يعرف أحد أنها ذهب قبل أن نعقد قرانهم و يعلمون أنها ذهبت هاربة .. سنخبر العائلة أن داري لم يشأ يخبر أحد من أجل عمه صالح حتى لا يغضبه "
استلم داري الحديث عن حفيظ و قال بصوت تشوبه رائحة التهديد و التحذير" و هنا يأتي دورك أنت، و تكفيرا عن فعلتك و ترك مهيرة تذهب دون علمنا ستفعلين ما سنخبرك به، و هذا الحديث لن يخرج خارج حدود هذه الغرفة و إلا ستعلمين ما سيحدث أنت و عائلتك لو سمعت فقط من يتحدث عن زوجتي بالسوء، سأعلم أنه أنت من فعل"
ردت حافظة بهلع " و ما لي و الحديث عن سيدتي مهيرة سيدي لي سنوات معها بعد والدتي و لم يشتكي السيد حفيظ من خروج سر من أسرار بيته لأحد عن طريق أي من عائلتي فكيف أفعل هذا الأن و بسيدتي مهيرة "
قال حفيظ بحزم " حسنا اليوم سنعقد قران مهيرة و داري و أنت ستقومين بمساعدتنا لنتمم ذلك "
سألته حافظة بلهفة من وجد قشة ليتعلق بها من الغرق إذا كان مساعدتها ستجعلها تحتفظ بوظيفتها فلا بأس بذلك فهى تعلم أن حفيظ لن يؤذي ابنة أخيه الميت .. " ماذا تريدني أن أفعل سيد حفيظ ، سأفعل أي شيء لمساعدتك بالطبع "
نظر حفيظ لداري بتفهم فاستلم الأخير الحديث قائلاً بأمر " ستخرجين بدلاً من مهيرة لتوقعي على العقد فوجود العروس ضروري كما أظنك تعلمين "
كانت حافظة كمن فقد النطق لم تتخيل في أسوء كوبيسها أن يطلب منها شيء كهذا كأن تأخذ مكان عروس في عقد قرانها ، سألها حفيظ بعصبية عندما طال صمتها " ماذا قلت حافظة "
قالت حافظة بصدمة و استسلام " سأفعل ما تأمرني به سيد حفيظ بالطبع من أجل سيدتي مهيرة حتى لا يمسها سوء "
خرجت زفرة حارة من ص*ر داري و قال بحدة " حسنا اليوم مساء بعد العاشرة حتى لا ينتبه أحد لمجئ المأذون هنا فيلعمون ما حدث"
أومأت حافظة برأسها بتوتر و نهضت قائلة " شيء أخر سيدي "
قال حفيظ بحزم " لا أذهبي الأن و لا تذهبي لمكان حتى أخبرك "
خرجت و تركتهم و الصدمة مازالت على محياها ، سأل داري حفيظ باهتمام " هل تظن أنها ستخبر أحد "
أجاب حفيظ بثقة " لا تخف ، لن تفعل "
قال داري بجدية " حسنا سأذهب الأن و نلتقي في المساء "
ذهب داري أيضاً فجلس حفيظ يفكر بحزن في تلك الحمقاء و ما فعلته بذهابها من تعقيد ..
******************
نظرت إليه رتيل بتفحص ، كان يجلس بشرود منذ عاد من منزل السيد حفيظ ، و مالك يحاول لفت انتباهه بحديثه عن أل**به و لكنه كان يبتسم بفتور فقط و يعود لشروده سألته رتيل باهتمام " داري ، ماذا حدث لدي السيد حفيظ "
نظر إليها بهدوء و أجاب بضيق " لا شيء ، سنعقد القران اليوم "
اتسعت عيناها دهشة اليوم و مهيرة ليست هنا " كيف و مهيرة ليست هنا " سألت بحيرة
تن*د داري بضيق و أجاب بحدة " لقد تدبرنا الأمر "
ظلت تنظر إليه بصمت متفحص حتى زادت من توتره فقال بغضب " رتيل أنا أرا الشياطين أمامي لذلك إذا أردت أن تقولي شيء قوليه فقط " نظر مالك لوالده بتوتر لصوته الغاضب مما جعل والده تلين ملامحه و يبتسم في وجهه برفق .. ليعود للعب مرة أخرى بلامبالاة تاركا الحديث يعود بين كلاهم ..
رفعت رتيل حاجبها باستفزاز و ردت بمكر " ما بك يا ابن العم هل سيطرت المهرة على عقلك حتى ضاق ص*رك بما دونها "
رمقها بحدة و قال ببرود " ليس من شأنك ما في ص*ري فقط فكري بما في ص*رك أنت تجاه ... " قاطعته رتيل بمرارة غاضبة " لم تتعمد تذكيري بما حدث كلما كنت غاضب من شيء هل أنت سادي تبحث عن من تنتقم منه وقت غضبك فلا تجد غير المقعدة ابنة عمك الضعيفة التي تعلم جيداً أنها لن تستطيع أن تدافع عن نفسها أمامك "
رمقها ببرود " ألا تبالغين في اتهامك لي و وصف نفسك بما ليس بك " قال بسخرية
تمالكت رتيل أعصابها و قالت بلامبالاة " ربما ، و لكن أعترف أنك تستحق كل ما اتهمك به أنا لا أتجنى عليك "
أومأ داري برأسه قائلاً بملل " ربما معك حق أنت أيضاً "
صمت كلاهما بتفكير عندما سأل مالك والده " بابا متى سأرى أمي "
نظر لرتيل بضيق فقالت برفق لمالك " مالك عزيزي تعال لهنا عند الخالة رتيل "
تقدم مالك من مقعدها ليوقف أمامها قائلاً " نعم خالتي "
أمسكت بيده الصغيرة البيضاء و رفعتها لفمها تقبلها قائلة بجدية " ألا تحب أن تأتي معي لعند جدك صالح لبعض الوقت هناك ستجد مازن و عمر و حسام لتلعب معهم ما رأيك "
سأل مالك بخيبة " هل هذا يعني أني لن أرى والدتي قريبا "
نظرت لداري بمرح و قالت بسخرية " ذكي مثل والده و لا تستطيع أن تثنيه عن شيء أو تلهيه عن ما يريد "
ابتسم داري بسخرية و قال لمالك " تعالي مالك سأخبرك بشيء "
ترك مالك جانب رتيل و عاد لوالده الذي حمله و أجلسه على ساقيه قائلاً " متى تريد أن تراها ، سنسافر لها معا "
قال مالك بخيبة " ألا تستطيع هى أن تأتي هنا "
أجاب داري باهتمام " لا أعرف ، سنهاتفها و نسألها و لكن ليس الأن بعد عدة أيام فلدي شيء مهم أفعله أولاً "
قالت رتيل ساخرة " نعم سيحضر أمك الثالثة "
رمقها داري بحدة ، فضحكت رتيل قائلة " ألا أقول الحقيقة "
مط شفتيه ببرود و قال لمالك " هيا أذهب لهنية لتعد لك الطعام لحين أتحدث مع خالتك رتيل قليلاً "
هبط مالك من على ساقي والده و تركهم بصمت .. قالت رتيل بجدية " ماذا ستفعل حقاً "
أجاب داري بجدية " سأتصرف لا تقلقي ، اليوم سيحل كل شيء "
تعجبت رتيل من أمره لا تعرف لم يربط نفسه بهذه الزيجة المعقدة فليتزوج أي واحدة كثيرات هنا من يتمنونه خاصةً أنه وسيم و قوي و ثري كثيرا و عائلتنا من أكبر العائلات هنا و لذلك سيجد أكثر من واحدة لتقبل به ..
قالت رتيل بهدوء " حسنا سأنتظر مجيئك لتطمئنني "
نهض قائلاً " حسنا سأذهب لغرفتي قليلاً حتى تعدون الطعام"
قالت رتيل بمكر " ستذهب لتفكر بها وحدك في غرفتك الخالية و ربما استمعت لالحان ناعمة متخيلا أنها معك و ربما ترقصان كالجميلة و الوحش فأنا اتخيلكما هكذا "
أمسك داري بأحد وسادات الأريكة و قذفها بها قبل أن يخرج على صوت ضحكاتها الرنانة دون أن يجيب ..
******************
كانت مهيرة تشعر بالقلق منذ جاءت هنا و استقرت مع والدة ملك و رغم أنها تعاملها بشكل جيد إلا أنها تظل داخلها قلقة ربما لشعورها بالذنب تجاه عمها و الموقف الذي وضعته به بهروبها ، ربما افتعل ذلك الرجل فضيحة له بسببها ، و رغم هذا يعد أفضل من الزواج به . لقد طلبت من بسام أن يحضر أوراقها لتبدأ في أكمال دراستها لعل هذا يشغلها عن التفكير فيما سيحدث عندما تتقابل مع عمها ، مؤكد أن يسامحها أبدا لفعلتها ، سمعت طرق على الباب فنهضت مسرعة لتفتح الباب لتجد مديحة مرتدية ملابسها و تبدوا على وشك الخروج من المنزل .. قالت مديحة باسمة " سأذهب للنادي هل تأتين معي بدلا من الجلوس وحيدة"
ابتسمت مهيرة ممتنة قائلة " لا خالتي سأدرس قليلا و أعد الطعام لحين تأتين"
قالت مديحة بهدوء " حسنا هاتفي معك إذا أردت شيء هاتفيني"
أومأت مهيرة باسمة و خرجت خلف مديحة لتغلق الباب خلفها زيادة في الأمان .. بعد ذهابها جلست مهيرة شاردة تفكر فيما ستقوله لعمها حقا وقت تواجهه...
*****************
لم تصدق حافظة ما فعلته ، هل حقا اخفت وجهها و خرجت على أنها العروس.. ماذا سيحدث بعد ذلك، هل ستقبل مهيرة ذلك أم ستفتضح الأمر و هل ستزج في السجن لو فعلت و أخبرتهم أنها لم تكن هنا، سمعت صوت حفيظ الذي جاء لغرفة مهيرة التي كانت تنتظر بها. قائلا بحزم " يمكنك العودة للمنزل حافظة سيوصلك السيد حسين عم داري في طريقه.. فمن تواجد في العقد لم يكن غير داري و عمه حسين و عبد الملك صديق و جار السيد حفيظ كشهود على العقد.. ليتم الأمر بهدوء دون تعقيدات لثقة المأذون في السيد حفيظ لذلك لم يطلب منها كشف وجهها ليقارنه بما تحتويه صورتها و هل تشبها.. نهضت حافظة و سألت حفيظ بخوف " و هل هذا يعد زواج حقيقي سيد حفيظ، ألا يعد تزوير و باطل"
نظر إليها بجمود يعرف ذلك جيدا و كان هذا شرطه ليتم الأمر أن لا يقرب داري مهيرة إلا إذا وافقت و تأتي لتخبره بنفسها قبل أي شيء، لقد وافق على هذا العقد ليستطيع داري أن يتعرف عليها و يتفاهمان قال حفيظ بهدوء" لا تقلقي حافظة أنا لن أفعل ما يغضب الله أنا أعرف كل ما فعلته جيدا تأكدي أنه لصالح ابنة أخي"
قالت حافظة بحزن " أعلم سيد حفيظ و لكن مهيرة..."
قاطعها حفيظ بحزم " ستوافق عندما تعلم أني أخترت لها الشخص المناسب"
قالت بتوتر " حسنا سيدي كما تريد، تصبح على خير "
قبل أن تخرج قال بتحذير" حافظة لا تنس ما قلته لك، لا كلمة تخرج من فمك "
أجاب بصدق" بالطبع سيدي أعلم ذلك"
تركته و خرجت و عاد هو لداري المنتظر ليجري هذا الحديث الهام معه...
*****************
سألته فور عودته " تعال أجلس هنا و أخبرني بكل ما دار هناك من حديث "
قال داري بسخرية " الساعة تخطت الواحدة رتيل و مازالت جالسة على مقعدك ألم تتعبي "
أجابت بضيق " تعبت و لكن ليس أكثر من أحتراقي لمعرفة ما حدث معك بالطبع "
ابتسم داري بتعب و توجه إليها ليحملها من على مقعدها و يتجه لغرفتها قائلاً " حسنا أيتها اللجوج سأخبرك بكل شيء بالتأكيد "
وضعها على الفراش و وضع عدة وسادات خلف رأسها و جلس بجانبها على الفراش سائلا " ماذا تريدين أن تعرفي "
قالت رتيل بحماسة " هل عقدتم القران "
أجابها بهدوء " نعم و كان عمي حسين و العم عبد الملك صديق السيد حفيظ شهودا "
سألت بقلق " و مهيرة "
فرك وجهه بتعب و قال " تصرفنا في التوقيع "
سألت بتعجب " و الرؤية و سؤالها من الشهود "
أجاب داري بضيق " لقد كانت منتقبة و لم يحتاج المأذون كشف وجهها لثقته في السيد حفيظ "
قالت رتيل بحزن " مسكينة مهيرة ، ستكون صدمة كبيرة لها "
رمقها داري بحنق " الست ابن عمك "
قالت رتيل ساخرة باغاظة " و زوجي ، لذلك أقول أنها مسكينة "
نهض من جوارها قائلاً ببرود " يمكن أن أخفف من حزنها و أطلقك"
ضحكت رتيل " حسنا أفعلها ربما رضيت عنك "
سألها بمكر " تفضلين الزواج بعثمان و تنتظرين معه "
أمسكت وسادة من خلف رأسها و ضربته بها قائلة " أصمت أيها الوحش ، من أخبرك أني سأتزوج ثانياً "
قال داري بخبث " تقصدين ثالثاً "
عادت رتيل لضربه بعنف قائلة بحقد " ستظل متوحش ، لن تحبك مهيرة أبدا هيا أخرج من غرفتي "
قال داري بتثاؤب " حسنا تصبحين على خير يا صغيرة "
أجابته ساخرة " الصغيرة زوجتك الجديدة أيها الأ**ق "
رمقها داري ببرود قائلاً " تحتاجين التأديب ربما فعلت كرمى لحذيفة "
ارتسم الحزن على ملامحها و احنت رأسها قائلة بصوت باكي " أسفة لوضعك في هذا الموقف معي "
لانت ملامحه و رمقها بحنان قائلاً برفق " هذا الوضع لا يعيبني أو ينتقص من شخصي رتيل ، أنا أعلم أنك تشعرين بالذنب بسببي لأنك تخفين عني أشياء تظنين أنها ستحزنني أو تثير غضبي و لكنها لا تفعل لا تقلقي "
رفعت رتيل رأسها تنظر إليه بتوتر قائلة " ماذا تعني "
ابتسم داري و عاد ليقبل رأسها قائلاً " لا شيء صغيرتي ، هيا نامي تصبحين على خير "
تركها و خرج و أغلق الباب خلفه بهدوء و لكنه لم يخفف من قلقها هل معني حديثه أنه يعرف شيء عن ... يا إلهي هل الثرثارة هنية أخبرته بشيء عنها .. لا لا ، لا تظن ذلك أعتدلت في فراشها و أغمضت عيناها تستدعي النوم ربما يأتي زائرا في أحلامها ...
****************
مرت أيام و لا شيء تغير من روتينهم اليومي يخرج داري للرياضة صباحاً ثم العودة للمنزل و الفطور و الخروج ثانياً لمراعاة أرضه و باقي أعماله و العودة للغداء و الذهاب ثانياً حتى موعد العشاء .. كان قد أكد على الرجل الذي كلف بمراقبة مهيرة أن يوظف رجل أو أكثر معه لا يريد أن تبتعد عن عينه للحظة ، عندما علم أن بسام قد جاء ذهب لرؤيته على الفور ليعلم ما الذي أتى به ، كان يعلم جيداً أنه أتي بسبب دراسة مهيرة .. لذلك على الفور ذهب ليعلم ماذا سيفعل بالضبط مع والده ليثنيه عن إتمام زواجهم ، و كأنه يستطيع ذلك الأن فكر بسخرية و هو في طريقه لمنزل حفيظ .. طرق الباب بحزم منتظرا حافظة لتفتح له ، نظرت إليه بتوتر و أفسحت له الطريق قائلة " سأبلغ السيد عن مجيئك " تركته و ذهبت لتخبره
دلفت حافظة للغرفة تقول بقلق من مواجهة هذان الإثنان و خوفاً من انكشاف فعلتها " سيد حفيظ السيد داري في الخارج يريد رؤيتك"
أشار لها حفيظ بالأنصراف قائلاً بخشونة" أدخليه حافظة كيف تتركينه على الباب "
هرعت حافظة للخارج فنهض بسام قائلاً بضيق" أنا لن أجلس مع هذا الرجل، سأذهب لغرفتي "
خرج بسام ليقف أمامه داري الذي سمع عبارته يبتسم بسخرية و هو يتسأل ببرود
" هل جئت لتعيد زوجتي سيد بسام "
رد بسام بصوت لازع " لا، و لن تكون زوجتك سيد داري فلتنس ذلك و تبحث لك عن زوجة أخرى فابنة عمي لا تناسبك، أنا سأزوجها بمن أرضاه لها "
رفع حاجبه بمكر" حقا ستفعل "
قال حفيظ محذرا " بسام إياك و فعل شيء دون إرادتي فستكون العواقب وخيمة "
التفت بسام لوالده بضيق" أنا لم أقل هذا أبي، أنت أيضاً سيكون كل شيء بعلمك فقط أنا أفهم السيد داري أنه يضيع وقته فلن توافق ابنة عمي على تلك الزيجة و لو كان الرجل الوحيد "
رد داري ساخرا " ربما وافقت و رحبت فلا تجزم بذلك "
رد بسام غاضبا" مستحيل أن توافق أنا أعلم جيدا صالحها لذلك أخبرك أن لا تنتظر تحقيق المستحيل "
رد داري باستمتاع" كم أعشق التحديات و تحقيق المستحيل هذا شيء يجعلني أشعر بالحياة، فهذه الفترة أشعر بالملل حقا لا بأس ببعض الإثارة " اقترب من بسام هامسا حتى لا يسمعه حفيظ
" كم سأستمتع و أنا أريها لابنة عمك كم أنا زوج محب أعدك لن تأتي إليك متذمرة مني أبدا "
عقد بسام حاجبيه بغضب كم هو وقح هذا الرجل، أنه كما يظن به بالفعل خطرا على ابنة عمه يأخذ الأمر تحدي و عناد كما قالت ملك ، ضم قبضته بقوة و لكمه في وجهه غاضبا و هو يهمس بغيظ " هذا لتتأدب و أنت تتحدث عن ابنة عمي التي لن ترى ظفر أصبعها الصغير "
أتت اللكمة في وجنته فأحدثت كدمة زرقاء، قال حفيظ غاضبا
" بسام هل جننت "
رد داري ساخرا بمكر " ربما يشعر بالغيرة سيد حفيظ، ربما يريد أن يتزوجها الأن ، هل تريد" وجه تسأؤله لبسام بمكر ، فأجاب بسام ببرود
"هل تظن أني لن أستطيع حمايتها إلا إذا تزوجتها، لا أنت واهم سيد داري، ابنة عمي في حمايتي بحكم صلة القربى ففي عروقنا نفس الدماء لا أحتاج لورقة لتعطيني هذا الحق عليها "
رد داري ببرود" أما أنا فهذه الورقة التي ترفضها هى نفسها من ستعطيني هذا الحق أيضاً"
رد بسام بغلظة" أحلم بذلك "
رد داري بمكر" أنا أحقق أحلامي دوماً "
رد بسام ببرود" سنرى ذلك "
تركه و خرج من الغرفة فقال حفيظ بضيق" لم كل هذا "
أجاب داري بهدوء و ملامح جامدة " أردت التأكد من شيء"
رمقه حفيظ بشك، فارتخت ملامح داري الجامدة قائلاً بغموض
" لا تخف، لقد أخبرتك سأتصرف ، أترك كل شيء علي"
لم يجب حفيظ بشيء فأضاف داري " أعطيه ما جاء من أجله فلم نعد بحاجة إليهم"
تمتم حفيظ بتوتر" بالفعل لم نعد بحاجة إليهم "
ارتسمت بسمة صياد على شفتي داري كمن وقع في فخه صيد ثمين، ربما هو كذلك بالنسبة له... سأله حفيظ بجدية " ألا تمانع حقا في ابتعاد مهيرة كل هذا الوقت "
قال داري بصدق " لا تخف سيد حفيظ لقد أخبرتك أني سأنتظر مهيرة تكمل دراستها و أيضاً لن أفعل شيء دون موافقتها لا تخف"
شعر حفيظ بالراحة فهو يعلم أن داري سيكون عند حسن ظنه و لن يخاف كلمته أبدا و لكن هل سيتحمل هذان العامان دون أن يراها حقاً ، كيف سيتقرب منها لتوافق على زواجهم إذن .. حسنا سيترك ذلك لحينه ..
****************
بعد عام
كانت رتيل تنظر إليه بتعجب من صمته منذ عاد من سفرته القصيرة مع مالك لرؤية والدته .. سألته باهتمام " ما بك داري تبدوا مضطربا هذه الفترة , منذ عدت من سفرتك ، هل والدة مالك بخير "
قال داري بغضب مكتوم " بخير "
سألته بجدية " هل تحدثتما عن الطلاق "
أومأ برأسه صامتا ، سألته بشك " و ماذا حدث "
رد داري غاضبا " لم تقبل .. تقول أنها لا تحتاج الطلاق فهى لن تتزوج و تعيش حياتها بشكل طبيعي ، فلم تفعل و توافق "
عقدت رتيل حاجبيها بغضب قائلة بحدة " تلك الحقيرة ، تعلم أنك لن تتخذ أي إجراء من أجل مالك و تعيش على نقودك "
رد داري بحدة " رتيل لا تتفوهي عنها بسوء فيستمع لك مالك مفهوم و لا شأن لك بما أفعل "
اشاحت بيدها قائلة بحدة " أذهب إلي الجحيم ، لا أعرف لم تزوجت إنجليزية و أنت تعرف أخلاقهم "
قبض داري على يده بقوة و تنفس بعمق يمتص غضبه قبل أن يقول " لا شأن لك بخياري مثلما ليس لي شأن بخيارك للحقير حذيفة "
تلفتت حولها تبحث عن شيء لتقع عيناها على مزهرية صغيرة على الطاولة المذهبة في جانب الغرفة فدفعت مقعدها المدولب تجاهها و قبل أن تمسك بها كان داري ممسكا بالمقعد يمنع تقدمها ، التفتت إليه و ضربته على يده بغضب و عصبية صارخة " تبا لك ، لم تزوجتك أنت أيها البغيض "
ضحك داري بقوة و شد مقعدها لتعود لمكان جلوسهم قائلاً باعتذار " حسنا أنا أسف رتيل ، أنت من يستفزني بعض الأحيان "
صمتت تتنفس بقوة و ترمقه بغضب عندما قال بضيق " سأذهب غداً لرؤية مهيرة "
صمتت رتيل و عيناها تتفحص تعابير وجهه ، هل هذا ما يضايقه ، هل علم عنها شيء يا تري .. سألته بهدوء " داري ، لم تركتها بعيدة كل هذه الأشهر ، لم لم تطلب من السيد حفيظ أن يعيدها لهنا و تظل لديه حتى تستطيع أن تراها و تتقرب منها على الأقل "
تن*د داري بحرارة " من أجلها هى ، لا أظن أني كنت سأتركها بعيدة عن بيتي لو كانت موجودة بالجوار "
"للمرة الأخيرة داري سأسألك ، هل تحبها "؟؟ سألته رتيل بقوة
صمت لبعض الوقت قبل أن يقول بصدق " أظن أني أستطيع أن أحبها عندما تكون هنا معي "
قالت رتيل بحنق مغتاظة " هذا ليس جواب يا سيد ، هل تحبها نعم أم لا "
قال بغيظ " أخبرتك سأحبها عندما تأتي هنا "
ضحكت رتيل ساخرة " حقاً ، و إن لم تفعل ، هل ستطلقها و تبحث عن أخري أم ستتركها جانبا و تأتي لنا بالرابعة "
رد داري ببرود " أحياناً أكرهك ، لا أحد يستطيع أن يحادثني بهذه الطريقة و لا أن يخالف لي أمر مثلك "
لوت رتيل شفتيها ساخرة و أجابت " و هى أيضاً و قبل أن تأتي لبيتك ، ماذا ستفعل عندما تأتي يا ترى "
أجاب ببرود " لا شأن لك بما سيحدث ، و الأن أخبريني ستذهبين معي لرؤية الطبيب المختص عن حالتك صحيح "
ارتسم الحزن على وجهها و أجابت " و لم لا داري ، أريد أن أشفى حتى لا أظل عبئ عليك طوال العمر ، لتستطيع أن تعيش حياتك و يكون لك بيت مستقر أنت و مالك "
أمسك بوجنتها يشد عليها قائلاً بغضب مصطنع " و هل شكوت لك أيتها الحمقاء ، من قال أنك سبب في عدم استقرار حياتي مع مالك نحن بخير و حتى لو لم تكوني هنا ، كان سيكون وضعنا هو هو "
لمعت عيناها بالدموع فانحني ليضمها بين ذراعيه قائلاً بحنان " أعرف أنك متخوفة من عودة حذيفة أن يأتي ليجدك زوجتي و يظن بك الظنون أليس كذلك "
دفنت وجهها في ص*ره قائلة ببكاء " لا أظن أنه سيقبل بي على أي حال داري و قد أصبحت مقعدة أيضاً ربما لا أشفى أبدا "
أبعدها عنه ليقول بحزم و ثقة " ستشفين و ستعودين للسير من جديد و ستكونين بخير و سنرسل للو*د ليعود و إن لم يقبل بك على حالك هذا فهو لا يستحقك من الأساس أنا من سأزوجك بنفسي لرجل أثق أنه يحبك "
ابتسمت بحزن و راحته تزيل دموعها بحنان من على وجنتها " ستتزوجني أنت عندها "
ضحك داري و قال بغرور مصطنع " و هل هناك من هو أفضل مني ، مال و وسيم و قوي "
كان يشير لجيبه و وجهه و يحرك ذراعيه مستعرضا عضلاته البارزة مما جعلها تنفجر ضاحكة و هى تقول بمرح " أ**ق مغرور "
حملها من على المقعد قائلاً بغضب مصطنع " عقابا لك ستظلين في غرفك حبيسة الفراش دون عشاء "
ضربته رتيل على كتفه و تصرخ مازحة " أتركني أيها الوحش ، سأخبر أبي أنك تقوم بتعذيبي "
رد بسخرية " أخبريه ليزوجك عثمان على الفور "
وضعها على الفراش و قال " استريحي قليلاً لحين موعد العشاء و أنا سأذهب للسيد حفيظ قليلاً و أعود "
قالت رتيل باسمة " حسنا لا تتأخر "
قبل رأسها و أنصرف فابتسمت بحزن و هى تدعو الله أن تشفى حتى لا تظل عبئ عليه أو تعطي لوالدها الفرصة لتكرار فعلته و التحكم بحياتها مجدداً ...
****************