الفصل الثالث
مد يده مصافحا بعد أن أبلغته حافظة أن داري أتى لمقابلته كما أتفق معه، قال حفيظ مرحباً " أهلا بك بني كيف حالك و حال الصغير"
أجاب داري باسما " بخير سيد حفيظ"
"تفضل بالجلوس" قالها حفيظ و هو يشير لداري على المقعد الوثير في غرفة الجلوس .. جلس داري و قال بجدية " أردت الحديث معك في شيء هام سيد حفيظ أتمنى أن يتسع ص*رك لم جئت من أجله"
قال حفيظ باهتمام" تفضل بني، بالطبع "
أخذ داري نفس عميق قبل أن يقول بجدية" سيد حفيظ، عندما سافرت منذ سنوات لم أكن أنوي العودة هنا لذلك قررت الزواج حتى لا أظل وحيدا في الخارج و أنت تعرف ما يمكن أن يتعرض له المرء من فتن هناك، لذلك قررت الزواج و لكن أنا أعترف أني أرتكبت خطأ جسيم عندما تزوجت أنجليزية و ليست عربية فحياتهم ليست مثلنا و لا عاداتهم كعاداتنا و لكنه أمر الله حاولت التأقلم مع خياري و رزقت بمالك، منذ سنوات قررت العودة لهنا و لكن زوجتي لم تريد العيش هنا معي لذلك أنفصلنا فأخذت مالك و عدت، بالطبع عاد معي بموافقتها تعلم القوانين هناك كان يمكنها أن تمنعي من أخذ مالك و لكنها لم تفعل و الحمد لله خاصة أنه كان صغير ذلك الوقت اتفقنا على الطلاق و لكن لم أطلقها بشكل رسمي كوني أردت العودة سريعاً و الأجراءت للطلاق هناك تأخذ أشهر و ربما سنوات لذلك عدت و تركتها فقط "
لم يكن حفيظ يعرف لم داري يحادثه في شيء خاص كهذا و لكنه ظل صامتا و أنصت للحديث عندما قال داري مضيفا" عند عودتي وجدت مشكلة رتيل ابنة عمي مع حذيفة فلم اشأ التخلي عنها و طلبتها من عمي صالح و تزوجتها بالفعل، تعرف حالة رتيل و وضعها الصحي فأنت تعرف عمي صالح ماذا فعل معها لم يكن الأمر خافيا على أحد في البلدة "
أومأ حفيظ بصمت و هو مازال محتارا لم يريد داري أن يوصله له عاد داري يقول بحزم " و الأن تريد أن تعرف لم أخبرك بكل هذا.. سيد حفيظ أنا أريد ابنة أخيك مهيرة زوجة لي "
كانت ملامح حفيظ جامدة و هو ينصت إليه حتى طلبه الأخير لم يحرك به ساكنا أو تطرف عينه، عاد داري للحديث و ملامح الرجل لا توحي بشيء" أعلم أنك تقول أني ربما جننت كوني أتقدم للزواج من ابنة أخيك و لدي زوجتين لا أستطيع أن أخبرك شيء عن علاقتي بهم و لم فكرت بالزواج ، كل ما أريد أن أخبرك به أني أعدك أني أظلمها معي و أني لست طامعا في مالها و لا في نسب عائلتها أو يهمني ما يقوله الجميع في حقها و أنها تركت من قبل، أنا رجل عقلي أكبر من ذلك الهراء "
عقد حفيظ حاجبيه بضيق و سأله بحدة " و من الذي يتحدث في حق ابنة أخي بكلمة من يفعل أقطع له لسانه "
قال داري بجدية" لا تهتم من الأمر سيد حفيظ، الحديث سيتوقف عندما يجدون أنها تزوجت رجل محترم يصونها "
قال حفيظ بضيق" أسف سيد داري أنا لا أستطيع أن أزواج ابنة أخى لرجل متزوج من قبل و أيضاً مرتين، لوافقت على زواجها من تميم ابن أخي منصور فلديه زوجة واحدة "
قال داري بهدوء" و لكن ما تناهي لي أنه لم يكن يريد الزواج بها بل أجبره شقيقك سيد حفيظ و لكني أطلبها بملئ أرادتي و قبل المجئ إليك أعلمت عائلتي أني سأتزوج و أخذت موافقة أعمامي و خاصة عمي صالح والد رتيل، و قد أخذت موافقتها هى أيضاً، سيد حفيظ مهيرة لن تعاني معي أعدك بذلك و لك أن تضع الشروط التي تناسبك و لن أراجعك بها و كل ما أريدك أن تتأكد منه أنها الزوجة الوحيدة التي اخترتها بملئ إرادتي لذلك لن أكون سببا في معاناتها و تعاستها أبدا "
صمت حفيظ مفكرا و الغضب يقيد ص*ره نارا فهو يعلم أن هناك بالفعل من يتحدث عن ابنة أخيه من عائلته و دمه، تبا لك منصور و لعينك الفارغة التي تضعها على ميراث مهيرة.. قال حفيظ بهدوء
" أعطني يومين سيد داري و سأجيبك، هذا قرار مصيري و لا أستطيع البت فيه في التو و اللحظة خاصة أنك لست خالي ليعزز هذا من موقفك"
نهض داري و مد يده يصافحه قائلا بحزم " و أنا سأنتظر سيد حفيظ أراك بعد يومين"
تركه و خرج فجلس حفيظ مفكرا في حديثه ليعيده في عقله مرات و مرات فهو يعلم بالفعل ظروف زيجته من رتيل ابنة صالح و زوجته الأخرى يقول أنه منفصل عنها هذا يعني أنه متزوج من رتيل فقط كما تميم لو قبل و لكن أليس هذا ظلم لمهيرة أن تكون ضرة لأحدهم، و إذا كانت موافقة كما قال فما المانع فهو بالفعل لا يحتاج مالها و طامعا به أو يبحث عن نسب يرفعه فما المانع و كل من يتقدم لمهيرة به عيب أسوء من الذي قبله.. حسنا معه يومين للتفكير جيدا في الأمر و سؤال مهيرة أيضاً..
*****************
كانت مستلقية على ساقي حافظة في غرفتها و هى تتثاءب بقوة قائلة " من الذي جاء ليرى عمي حفيظ اليوم "
أجابت حافظة بجدية " أنه السيد داري ابن عم لمياء صديقتك ، لا أعرف لم أتى و لكنه لم يمكث كثيرا معه "
حافظة كانت تكبر مهيرة بعدة أعوام أتت لتعمل بدلاً من والدتها التي كانت تقوم على الاعتناء بمهيرة منذ كانت صغيرة بعد وفاة والدها و انتقالها لبيت حفيظ لوالدتها قد توفيت عند ولادتها و لم يشأ والدها الزواج بأخرى حتى سن العاشرة عندما مرض و ساءت حالته الصحية فأوصى حفيظ على مهيرة ، منذ كانت في المرحلة الإعدادية و هى تعلم أنها ستتزوج من بسام ابن عمها حفيظ و لكنها كانت في داخلها رافضة للأمر و لم تكن مرتاحة لذلك دوماً ما كانت تنظر لبسام كأخ لها و ليس زوجا في يوم ما و لكنها لم تستطع أن تخبر أحدا بهذا غير والدة حافظة قبل أن تتعب هى أيضاً و تظل في منزلها ، و لكن بمجئ حافظة أصبح لها صديقة تثرثر معها و تفرغ لها مكنونات ص*رها و كم حمدت الله عندما جاء بسام من عدة سنوات ليخبر والده أنه أحب زميلة له في المدينة و يريد الزواج بها ، وقتها كادت تصرخ فرحا وسعادة و لكن رفض عمها جعلها تشعر بالقلق من بسام خشية أن يلتزم بأمره و لكنه و لله الحمد ظل على تصميمه و حتى لا يسوء الوضع مع عمها و بسام أخبرت عمها أنها موافقة على زواج بسام و أنها لا تريد الزواج به أيضاً فلا داعي يخسر الجميع ، كان عمها غير مصدق لحديثها فهى كانت تبدوا واعية و ناضجة رغم سنها الصغير ، لذلك وافق عمها على مضض و تم زواجهم بسرعة كأن بسام يخشى عودة والده عن موافقته ، كانت تشعر بالقلق منذ جاء عمها منصور لطلبها لتميم و رفض عمها كانت تسمع حديثهم الحاد من غرفتها و لكنها شعرت بالراحة كون عمها رفض ، فهى لا تريد أن تتزوج أو ترتبط بأحد هذه الفترة حتى تنهي دراستها الجامعية .. قالت لحافظة " ألا تعرفين شيء عن أمر العم منصور بعد ما حدث بينه و بين عمي حفيظ "
ردت حافظة بارتباك " لا أعرف شيء ، و كيف أعرف و هو لم يأتي مرة أخرى منذ ذلك اليوم"
لم تشأ أن تخبرها أن عمها يتحدث بالسوء عنها بين عائلته بعد رفض والده و لكنه لم يعلم أن الحديث تخطى العائلة أيضاً ..نهضت مهيرة لتنظر في عينيها قائلة بشك " و لم ارتبك صوتك هل تعرفين شيء و تكذبين حافظة "
قالت حافظة بحزم مستنكر " لا بالطبع و لم أفعل ، أنا سأذهب حتى لا أتأخر في العودة لمنزلي تصبحين على خير " قرنت قولها بالفعل و هى تنهض و تترك مهيرة تشعر بالقلق من انسحابها المرتبك..
******************
دلف داري في وقت متأخر للمنزل بعد حديثه مع حفيظ ، فهو كان لديه شيء هام يفعله قبل العودة للمنزل ، وجد رتيل على مقعدها تنتظره في الردهة ربما لتعلم ماذا حدث معه ، كان تساؤلها مرتسم على وجهها دون أن تنطقه ، سألها بتعجب " لم مازالت مستيقظة للأن "
مطت شفتيها ببرود " لماذا برأيك "
أجاب بسخرية " الثرثرة عن ما فعلت صحيح "
سألته بنفاذ صبر " ماذا فعلت "
رفع حاجبه و سألهابسخرية " هل أنت قلقة من عدم موافقتهم أم من موافقتهم ، هل تخشين من زوجتى الجديدة عندما تأتي تأخذ كل أهتمامي فلا يبق لك شيء "
أجابت ببرود " الإثنان لا يهماني أيها الأ**ق فلا أنت و لا أهتمامك يهماني أيضاً "
أقترب منها داري بغضب و مد يده يمسك بعظام كتفها بين أصابعه لتصرخ رتيل بألم و صوته الجامد يقول " الأ**ق هو أنت بفعلتك الغ*ية مع حذيفة و جعلت والدك يفعل ما فعل من جرائم كان يمكن أن يزج خلف القضبان بسببك لولا تدارك أعمامك الأمر ، الأ**ق هنا هو أنت لخطأك مرة أخرى و هدمت المعبد على رأسك بمحاولة هروبك ، الأ**ق هنا هو أنت لظنك أني غ*ي لا أفهم لم تريدين مني أن أتزوج قبل عودته ، الأ**ق هنا هو أنت لأنتظارك له بعد تركك بهذه الطريقة و السفر و لم يكلف نفسه حتى عناء السؤال عن ما حدث معك و هل نجوت من الأساس ، الأ**ق هنا هو ..... "
قاطعته رتيل باكية بانهيار و هى تشيح بيدها بعنف كأنها تريد أبعاد حديثه هذا عن الدخول لعقلها " كفي أيها الو*د المتوحش ، أنا أعلم كل ذلك و لا أريد من حقير مثلك يذكرني بأفعالي ، تريد مني أن أشكرك لموقفك معي "
ضغط على عظام كتفها لتتألم ثانية و هو يجيب ببرود " حقير يا ابنة عمي ، حقير بعد ما فعلته معك ، حقير كوني أردت المساعدة فقط لأنجدك من زيجة كتلك التي يمكن أن تكون لو تركتك لعثمان أو من على شاكلته "
دفعت بيده بعصبية و أرادت ضربه بغضب و هى تبكي صارخة " ليتني مت حينها و لم أخرج من تلك السيارة "
زفر داري بحرارة و يأس قبل أن يقول بضيق شاعرا بالذنب " حسنا كفي عن البكاء ، ماذا حدث ليدور هذا الحديث بيننا "
قالت رتيل بغضب " لأنك و*د حقير تظل تذكرني بما حدث كلما أردت مضايقتي و كلما أغضبك شيء تنفث غضبك بي أنا "
أنحنى أمامها و حملها من على مقعدها المدولب ليتجه لغرفتها قائلاً بضيق " حسنا و أنت لا تقصري في سبي و توبيخي أيتها الغ*ية "
وضعها على الفراش و قال باهتمام " تريدين شيء أفعله أم أوقظ لك هنية تساعدك "
أجابت رتيل بلامبالاة و هى تزيل دمعتها " لا أريد شيء فقط أخبرني ماذا فعلت عند حفيظ عن مهيرة "
جلس داري على طرف الفراش و قائلاً بحزن " لا أظن أنه سيوافق "
سألته باهتمام " هل أخبرته عن وضع زواجنا "
هز رأسه نافيا " بالطبع لا ، و لكني أخبرته عن وضعي مع جانيت ففي كلا الأحوال نحن سنتطلق و العائلة تعرف عن ذلك "
قالت رتيل بحزن " لم لا تخبره عنا أيضاً داري ربما وافق عليك "
قال بحدة نافيا " بالطبع لا ، أنت زوجتي أمام الجميع رتيل لا أريد أن يصل لعمي صالح شيء عن علاقتنا فربما تصرف تصرفا عنيف كما فعل من قبل ، لا نريد المزيد من المشاكل "
قالت رتيل بحزن " أخبره و أجعله لا يتحدث "
رد بحزم " لا ، لن أجازف بأي طريقة ثم نحن لا نعرف لمتى سنستمر هكذا "
تن*دت رتيل و سألته " متى سيعطيك رده "
قال داري بهدوء " بعد يومين "
صمتت رتيل فنهض داري متثاءب " سأذهب للنوم تريدين شيء "
هزت رأسها نافية " لا ، تصبح على خير "
قبل رأسها قائلاً " أسف لغضبي معك "
أجابته بلامبالاة " لا بأس أيها المتوحش تعودت على ذلك "
زمجر غاضبا " سأذهب للنوم حتى لا أعتصر عنقك بدلاً من كتفك هذه المرة لأرتاح من طول لسانك "
ضحكت رتيل بخفة و خرج هو مغلقا الباب خلفه ، استلقت على الفراش بتعب و هى تتن*د بحرارة و عقلها يعود لذلك اليوم منذ سنوات طويلة يوم كانت مدلهة حمقاء تنقاد خلف مشاعرها
، أخرجت هاتفها من تحت الوسادة لتضئ شاشته على صورة لمالك الصغير ، ابتسمت رتيل بحنان يا له من طفل جميل يشبه أمه للأسف ، ليته كان يشبه داري فهو أيضاً وسيم للغاية ، تفحصت الصور على الهاتف و عقلها يتسأل هل سيصدق حقاً ، لا أحد يعلم أنها بالفعل على أتصال به و لكنه لا يعرف ما حدث معها منذ ذلك الوقت لم تريد أن تخبره عن زواجها حتى لا تفقد كل أمل بعودته ، يكفي أنه يعلم أن عليه خوض حرب مع والدها حين يعود .. وقفت عند صورة فتغرافية ملتقطة بكاميرا الهاتف فظهرت مائلة فالرجل الواقف في منصف الصورة مكتفا يديه و يبتسم للكاميرا كان كأنه ينظر إليها مباشرةً ، مدت أصبع الإبهام لتمر على وجهه بحنين قبل أن تغلق الهاتف و دموعها تعاود الهطول ، سمعت طرق على الباب فمسمحت دموعها و قالت بهدوء " تعالي خالتي هنية أنا مازالت مستيقظة "
دلفت المرأة الكبيرة برداءها الأ**د و حجابها المماثل منذ وفاة زوجها و هى لم تبدل ذلك اللون الكالح حزنا عليه ، قالت هنية بهدوء " تريدين مساعدة للأستلقاء و تبديل ملابسك بشيء أكثر راحة "
قالت رتيل باسمة " تعالي خالتي تحتاجين للثرثرة عن ما حدث مع داري أليس كذلك ، لا تكذبي أيتها العجوز "
جلست المرأة بجانبها على الفراش متسائلة " ألست غاضبة من زواجه "
لوت رتيل شفتيها بسخرية " أنت من تسألين "
قالت هنية بحزن " لم لا تتركين ما في رأسك فقط و تعيشين حياتك بسلام مع السيد داري فأنا أعلم أنه لن يظلمك "
تأفأفت رتيل بضيق ، فهذا الحديث دار أكثر من مرة حتى سأمت "خالتي لكم من المرات سنتحدث في هذا أنا لا أحب داري و هو لا يحبني فكيف تريدين مني أن أفكر في فرض نفسي على حياته أكثر من ذلك ألا يكفي مساعدته لي و هو يعلم وضعي و حذيفة أي رجل في موضعه لم يكن سيقبل هذا الدور على كرامته "
قالت هنية بمكر " هل تظنين أنه سيظل على معاملته هذه لو علم أن زوجته تهاتف رجل غريب من خلف ظهره و ترسل له خطابات أيضاً "
عقدت رتيل حاجبيها و قالت بغضب " و كأننا زوجان حقيقيان و أنا أقوم بخيانته ..سأخبرك و للمرة الأخيرة أيتها العجوز لا شأن لك بما أفعله أم تبتزيني بهذا لمساعدتك لي هل تريدين مالا لتصمتي كم تريدين "
قالت هنية بحنق " أنت غ*ية و أنا فقط أنصحك فذلك الو*د لم يهتم بك و تركك في السيارة مصابة و سافر في اليوم التالي دون أن يتسأل لثانية ماذا حدث لك "
أجابتها رتيل بصوت مرتجف " لأني من أخبرته أن يرحل لو ظل لقتله أبي و لم أكن لأجازف ببقائه و أنا كنت بخير "
نظرت إليها هنية بسخرية " حقاً بخير "
قالت رتيل بضيق " هيا أخرجي أريد النوم "
نهضت هنية قائلة بلامبالاة " على راحتك و لكن حين يعود في يده أنجليزية من هناك لا تلومي غير نفسك فأنت ستكملين الثلاثين قريبا و لا زوج أو طفل لد*ك "
قالت رتيل بحنق " أنا في الخامسة و العشرون فقط "
أجابت هنية بمكر " بل في السادسة و العشرون "
زمجرت رتيل و هى تدفعها لتبتعد عن الفراش " حسنا في الخمسون لا شأن لك "
تحركت هنية للباب قائلة " لا تطلبي مني أرسال تلك الرسائل لك بعد الأن فلن أفعل و أخون السيد داري مرة أخرى "
أغلقت الباب بهدوء فعادت رتيل للبكاء بيأس متمتمة " متى ستعود حذيفة لقد طال انتظارك "
**********
في اليوم التالي كان حفيظ يجلس مع شقيقه في غرفة الجلوس بعد أن أرسل خلفه من يحضره ، أتى منصور و جاء بتميم معه ، ما أن جلسن حتى هدر به حفيظ " هل تتحدث عن ابنة أخيك من خلف ظهري منصور ، هل تلوك سيرتها بين العائلة ألا شرف و نخوة لد*ك لتتحدث عنها "
توتر تميم من غضب عمه فهو يعرف أن والده قد تخطى حدوده في الحديث عن مهيرة و لذلك حتى يجبر عمه على قبول زيجتهم ليضع يده على ميراثها ، و رغم أن والده لم يقولها صريحة و لكنه علم من حديثه أن أرض العائلة ستذهب للغريب بزواجها و أنه لا يجب أن تتزوج أحد من خارج العائلة و خاصة بعد رفض بسام الزواج منها وجد والده حجة في ذلك الأن و أخذ يتحدث عن مجيء بسام للمنزل دون زوجته و البقاء معهم ، قال منصور بحدة " أنا لا أتحدث بالكذب أليس هذا ما يحدث ، ألا يأتي هنا و يظل في نفس المنزل دون زوجته ، لقد كبرت مهيرة و لم تعد طفلة كيف تسمح بهذا يا رجل الأخلاق ، هل تظن أن أحدا سيقبل بها بعد علمه برفض أبنك لها و أنه يظل يأتي للمنزل "
رفع حفيظ يده في وجه منصور محذرا " أقسم بالله إن سمعتك تتحدث عنها مرة أخرى بينك و بين نفسك ستكون نهاية علاقتنا و لن تعد أخي بعد الأن "
قال منصور بغضب " على ما تتشرط لزواجها ، لا أحد من العائلات الكبيرة هنا يأتي لطلبها بسبب فعلة ولدك ، هم يظنون أنهم كانوا على علاقة و هو لم يقبل بها و فضل عليها فتاة المدينة بعد أن غرر بها "
نهض حفيظ بعنف و قد تظهر وجهه من الغضب و أمسك بتلابيه قائلاً بتهديد " علاقة ماذا أيها الحقير لقد كانت فتاة صغيرة وقت تزوج بسام .. أقسم لولا أنك في منزلي لدفنتك في أرضك هنا أيها الجبان كل هذا الحقد تحمله ضدي لرفضي تميم و عدم أعطائك الفرصة للاستيلاء على ميراثها "
قال تميم بتوتر " أرجوك عمي حفيظ أبي لم يقصد شيء ألا تعرفه عندما يغضب لا يعرف ما يقول "
قال منصور بغضب " بل أعرف جيداً ما أقوله و هو أن بسبب فعلة بسام لن تتزوج مهيرة من رجل محترم ، فلم لا تزوجها لولدي و هو أولى بدمه و عرضه من الغريب و هو سيصونها فهى ابنة عمه "
قال حفيظ بمرارة " ابنة عمه ، دمه و عرضه الذي تلوثهما عمدا لمصالحك ، حسنا منصور أرح نفسك من عبيء التفكير في مستقبل ابنة أخي فهى ستتزوج قريبا رجلاً محترما و أنا قبلت به و أعلم و أثق أنه سيصونها و يحافظ عليها و ليس طامع في مالها و لا نسبها "
سأله منصور بحدة و تن*د تميم بارتياح لتخلصه من هذا العبيء " من ذلك المحترم و متى جاء يطلبها أنت لم تخبرنا عنه ، ألسنا عائلتها و لنا حق المعرفة بما يحدث معها و ما قررته بشأن حياتها "
قال حفيظ بقسوة " لا ، لستم عائلتها من يخوض في عرض ابنة أخيه من أجل حفنة طين لا يعد من العائلة ، منذ اليوم لا أحد له شأن بمهيرة أنها أمانة أخي لي و أنا المسؤول عنها و الأن يمكنك الذهاب ، و أنت تميم أرتاح أنا لم أكن أوافق عليك و لو كنت الرجل الوحيد الذي يطلبها أفضل أن تظل بجانبي على أن تكون من ضمن عائلتكم و أنا أعرف أن والدتك تكره ابنة شقيقي من أجل ابنة شقيقتها فلا تكن تظن أني سأوافق لتذهب لبيتكم لتعاني "
سأله منصور بغضب " و من هو ذلك المحترم الذي يتزوجها له "
قال حفيظ بصوت جامد " داري طاهر صفوان "
قال منصور بصدمة " ابن عائلة الدالي "
أجاب حفيظ ببرود " نعم هو "
قال تميم بتوتر " و لكنه متزوج من رتيل ابنة عمه صالح و أيضاً لديه طفل من أخرى ، عمه لن يصمت تعرف جنونه "
قال حفيظ بحزم " هذا شأني و ابنة أخي .. الله معكم "
نهض منصور غاضبا و هو يقول " لا تظن أن عائلته ستسمح له بالزواج على ابنتهم "
رد حفيظ ببرود " ليس هذا من شأنكم "
خرج منصور بغضب و خلفه تميم الذي يعلم أن الأوضاع ستتأزم بالتأكيد في الفترة المقبلة ...
****************
كانت في غرفتها شاحبة و تنظر لحافظة بصدمة من ذلك الحديث الذي تناهى لسمعهم و كل ما دار بين عميها في غرفة الجلوس قالت بصوت مرتعش " هل ما سمعته صحيح ، أنت سمعت الحديث أخبريني بالله عليك هل ما سمعته صحيح ، هل سيزوجنى عمي لرجل متزوج "
قبل أن تجيبها حافظة طرق عمها الباب بحدة قائلاً بحزم " مهيرة أخرى لغرفة الجلوس أريد الحديث معك "
كانت بالطبع تعرف فيما سيحادثها ، شعرت بالقلق ماذا ستجيبه عندما يسألها خاصةً أنها سمعت حديث عمها منصور أيضاً و تعرف لم عمها حفيظ أتخذ هذا القرار ، هل هذا يعني أن ذلك الرجل أول أمس كان هنا من أجلها ، من أين يعرفها أين رأها ،، قالت بصوت مرتعش " حسنا عمي أتية خلفك "
نظرت لحافظة بعيون لامعة بالدموع قبل أن تقول بصوت مخنوق
" لا تعودي لمنزلك أريد الحديث معك في أمر هام فور رؤية عمي "
خرجت و تركت حافظة تفكر بقلق فيما ستفعله بعد ما سمعته ..
دلفت مهيرة لغرفة الجلوس لتجد عمها جالسا على المقعد بقبضة مضمومة بغضب ، و الجمود ي**وا ملامحه .. نظر إليها حفيظ و أشار إليها لتجلس قال بجدية " أجلسي مهيرة أريد أن أتحدث معك قليلاً "
أومأت برأسها و جلست سائلة بخفوت و قلبها يخفق بعنف " تفضل عمي ماذا هناك "
ابتسم حفيظ رغم غضبه و قال بجدية " لقد طلب الزواج منك رجل محترم و أنا قبلت به ، أنه قريب صديقتك لمياء و ابن عمها الكبير طاهر ، سيأتي في الغد لنقرأ الفاتحة أنا أراه رجلاً جيداً و سيحافظ عليك و سيحميك كما كنت أفعل أنا دوماً "
سألته بارتباك " و دراستي عمي هل نسيتها "
قال حفيظ بجدية " لا تقلقي على دراستك سنتحدث في الأمر غداً لا تقلقي فقد أردت أن أخذ رأيك هل أنت موافقة فأنت لم تعودي صغيرة مهيرة و من بعمرك تزوجن و لديهم أطفال "
لن يسمح حفيظ لمنصور أن يشوه سمعتها لمأربه الخاصة و لو كان أخر شيء يفعله في حياته تزويجها رجل أخر بعيد عن العائلة و مطامعهم سيفعل و إن لم يكن داري ف*جل غيره و لو بحث عنه بنفسه ، و لكن داعي و قد جاء داري و طلبها ، قالت مهيرة بتوتر " عمي إذا كنت تسألني رائي فأنا ... " ترددت قليلاً قبل أن تضيف " أفضل أن أنتظر حتى أنهي دراستي الجامعية "
قال حفيظ بحزم " أخبرتك ستنهي جامعتك مهيرة أعدك بذلك إذا كان هذا سبب عدم قبولك فقد أنتهى سبب اعتراضك ، و الأن أعدي نفسك للغد فسوف يأتي داري ليقرأ فاتحتك ، أذهبي للنوم يا ابنتي "
نهضت مهيرة كالمغيبة لا تصدق أنها لم تنطق غير عدة كلمات لترفض و لكن كأنها كانت تعطي موافقتها .. عادت لغرفتها و سألت حافظة الجالسة تنتظرها على الفراش " من هو داري ذلك "
نظرت إليها حافظة بشفقة فهى تبدوا صغيرة و ضائعة بعد كل ما سمعته من عمها خلف الأبواب المغلقة و هم يظنون أن الحديث لا يصلها ، أمسكت حافظة بيدها و أجلستها على الفراش قائلة " أجلسي عزيزتي ، لم أنت قلقة هكذا ، لا تقلقي ربما غداً تحدثت مع عمك ثانياً و أخبرته أنك لا توافقين ، كنت أعلم أنه لن يستمع لكلمة الأن فهو غاضب "
قالت مهيرة ببكاء غاضبة " سألتك من هو هذا الرجل تعرفينه "
أومأت برأسها موافقة و قالت " أنه زوج رتيل ابنة عمه و عم لمياء صديقتك "
قالت مهيرة بانهيار " إذن ما سمعته صحيح هو متزوج ، لماذا ، لماذا يفعل بي عمي حفيظ ذلك "
ضمتها حافظة برفق و هى تكاد تبكي على حالها " خائف عليك حبيبتي تعلمين ماذا يقولون عنك بسبب ترك بسام لك "
قالت مهيرة غاضبة و دموعها تهطل بغزارة " و ما ذنبي أنا في ذلك و هو فعل منذ سنوات طويلة لم يتحدثون الأن "
قالت حافظة بضيق و هى تربت على ظهرها تطيب خاطرها " بسبب عمك منصور فهو كان يريدك لتميم و عمك حفيظ رفض ذلك و لذلك يتحدث بالهراء يظن أنه بهذا يلوي ذراع عمك حفيظ ليوافق على ولده ، لا يعرف أنه عنيد و لا أحد يستطيع زحزحته عن رأيه "
سألت مهيرة باكية " و هذا الرجل ، لم أنا و هو كما تقولين متزوج "
تن*دت حافظة بحزن " حسنا سأخبرك ما أعرفه عنه "
لم تصدق مهيرة حجم هذه الورطة التي هى فيها الأن دون ذنب لها .. فغدا كما قال عمها حفيظ سيقرأ الفاتحة مع ذلك الرجل فماذا ستفعل و كيف ستنمنع تلك الزيجة و تقنع عمها بعدم الموافقة عليها ..
✨✨✨✨✨✨✨✨✨
حسا************※**************※**********