فراسة زوجة قصة قصيرة ساخرة اجتماعية ضمن مجموعة قصصية بعنوان كان ياما كان بقلم د.زينب حلبي
فراسة زوجة
استيقظ سعيد من النوم على صوت الهاتف المحمول فرد وهو مقطب الجبين قائلا:من معى؟
أجابه على الطرف الآخر أنا أستاذة هالة يا افندم من إستعلامات البنك الأهلى
فقال بتعجب: أهلا وسهلا أى خدمة
فقالت: نود أن نخبر حضرتك أن زوجتك السيدة علياء عبد القادر قد سحبت من حسابكم المشترك مبلغ مليون جنيه اليوم
فرد متعجبا: ماذا ؟ كيف ؟ متى؟ لماذا؟
الحقيقة يا أفندم هى من حقها تسحب الرصيد وهذا تم اليوم الساعة التاسعة صباحا.
ثم تم إنهاء المكالمة.
بقى سعيد فى فراشه دقائق يحاول أن يستوعب ما سمعه ويفكر ماذا حدث ؟
دخل حجرة الأولاد فوجدهم لم يزالوا نائمين ولم يذهبوا إلى المدرسة فتعجب حاول ايقاظهم ثم إرتدى ملابسه فى عجلة ليذهب إلى عمله ولم يلتفت إلى أن الطاولة كانت خالية من الإفطار على خلاف العادة اليومية التى جرت على أن تترك له علياء الإفطار قبل أن تتجه إلى عملها وكانت هى مدرسة أحياء فى مدرسة ثانوية .
إتجه سعيد إلى عمله وهو شارد ويحاول أن يفهم ما يحدث وحاول الإتصال بزوجته طول اليوم ولكن هاتفها خارج نطاق الخدمة.
كانت علياء قد إستيقظت مبكرا وكلمت زميلتها أمل لتقوم بعمل إجازة عارض لها ،ثم إتجهت إلى البنك وسحبت منه الأموال التى كانت فى حسابهما ثم إتجهت إلى بنك آخر وفتحت حساب توفير بإسمها.
وبعد إنهاء الإجراءات التى إستغرقت ثلاثة ساعات إتجهت إلى منزل والدها لتقابل أخيها عماد .
سألها رشاد بقلق: ماذا حدث يا عليا ليس من عادتك أن تأتى بدون ميعاد
فأجابته: أبدا أحتاج مشورة قانونية
فرد عليها وهو يبتسم : خير تحت أمرك طبعا .
قالت: أنا قمت بعمل توكيل لزوجى منذ زواجنا لإدارة العمارة السكنية التى ورثتها عن والدتى وهو من يتصرف فى إيرادها الشهرى ويدخل الأموال فى مصاريف المنزل كيف ألغى هذا التوكيل؟
فرد رشاد مازحا:
هل اختلفتما مع بعض ؟
قالت : حقى أم لا ؟ أريد كل أموالى فى يدى. أشم رائحة خيانة و*در فى الطريق.
فقال لها: تذهبى إلى الشهر ال*قارى وتلغى التوكيل وإن أردتى تستطيعين إصدار توكيل آخر بإسم من تريدين.
فقالت علياء: إذا فلتأتى معى وسأعمل توكيل لك لإدارة العمارة.
فرد عليها سريع: أنا لا إبحثى عن غيرى لا أريد أن يغضب منى سعيد
فقالت إذا سأعمل توكيل لأحمد إبن عمى وبالفعل إتصلت به وطلبت منه أن يوافق على عمل توكيل بإسمه وكان أحمد محامى فوافق مباشرة وأخبرها أنه لا مانع.
فى نفس اليوم ذهبت للشهر ال*قارى وأنهت الموضوع وغيرت التوكيل من زوجها لإبن عمها.
الساعة الرابعة عصرا عادت علياء إلى منزلها فوجدت المنزل قذر وغير مرتب وأولادها الثلاثة جائعون .
فصنعت لهم سندويتشات جبن وقالت لهم لا وقت للطبيخ اليوم أنا متعبة ودخلت لتنام.
فى المساء كان زوجها قد عاد من عمله فطلب منها تحضير الغداء فقالت له انها متعبة اليوم ولم تطبخ ويستطيع أن يطلب طعام دلبفرى من الخارج.
فطلب طعام لهم جميعا ودفع مبلغ ثلثمائة جنية قيمة وجبة عشاء واحدة وهو متأفف.
بعد تناول العشاء سألها : لماذا سحبتى اموال الوديعة المشتركة فى البنك؟
فقالت له: أليست أموالى؟ صحيح هو حساب مشترك لكنك تصرف كل دخلك على أولادك وفى المنزل وكل المدخرات من مرتبى ومن حر مالى.
أجابها: بلى ولكن هل يوجد فرق بيننا؟
فقالت بعصبية:
نعم يوجد فرق . شرع الله أن الزوج مكلف بكافة مصاريف الأسرة ألا تعلم ذلك؟
فقال : أعلم ولكن ماذا دهاكِ اليوم .
فقالت: أم أنك لا تعلم إلا أن الشرع حلل لك الزواج بمثنى وثلاث ورباع؟
فأجابها سعيد وقد تغير لونه: هل غضبتى من مناقشتى بالأمس مع أخوتى وأولاد عمى ؟ إنه موضوع عام نحن كنا نتحدث عموما .
فقالت : أعلم ولكننى قررت تطبيق شرع الله .
_هكذا فجأة؟
_نعم هل يضايقك هذا ؟
_أبدا كما تريدين.
لم يكن يعلم حتى ذلك الوقت ما أن زوجته ألغت التوكيل
فى اليوم التالى فوجىء بخطاب من الشهر ال*قارى يخبره بإلغاء التوكيل فجن جنونه وصاح هل جنت هذه المرأة؟
ف*جع المنزل وكاد أن يصطدم بسيارته وهو يقود بمنتهى العصبية
ولكن ربنا سلم.
دخل الشقة وصاح عاليا أين أنت؟
فلم يرد عليه أحد .
فجلس يشعل سيجارة وينتظر عودتها من العمل.
بعد مرور ساعة عادت.
فصاح ما الذى يحدث من وراء ظهرى؟
قالت: بخصوص ماذا؟
قال العمارة كيف تلغين التوكيل دون إخبارى؟
فردت عليه : ألم يخبرك الشهر ال*قارى ؟
قال :بلى فقالت: ما المشكلة المهم أنك عرفت.
لماذا يا عاليا ؟ ماذا يدور فى عقلك صارحينى؟
فقالت أبدا أؤمن نفسى فقط.
فقال لها : ألا تأمنينى؟
إذا سأتزوج فعلا وإفعلى ما تشائين.
ثم تركها وخرج وإتجه إلى منزل والده وهناك حكى لوالديه كل ماحدث.
فقال له أبيه : هل كنت تنوى الزواج عليها بعد ما فعلت من أجلك يا سعيد؟
_نعم كنتُ أفكر يا أبى.
_لماذايا بنى ؟
زوجتك محترمة وجميلة وتراعى الله فيك وفى أولادك .
_لم أكن أقصد أن أخبرها كنا فى حديث فى أحد الأمسيات مع أولاد عمى وإخوتى منذ أيام وكنت أدافع بحرارة عن حق الزواج فى الزواج الثانى دون إخبار زوجته ويبدو أنها تأثرت بما قلت وفهمت نيتى من الحديث.
إذا أنت من أوقعت نفسك فى هذه المشاكل.
فى اليوم التالى طلب سعيد من والده أن ياظتى معه لزيارة صديق والده الأستاذ عبد السلام ليخطب إبنته.
فحاول والده ووالدته إثنائه عن عزمه ولكنه أصر على ما يريد وفى النهاية ذهبا معه لخطبة إيمان إبنة الأستاذ عبد السلام.
طبعا أهل الفتاة سألوه لماذا ستتزوج ولد*ك ثلاثة أبناء وزوجتك معلمة مشهورة ولا ينقصها شىء كما يبدو للجميع.
فلم يتحرج أن يكذب وأخبرهم أنها نكدية وهو ليس سعيد معها وأنه متفق معها على كل شىء.
وصل الخبر بسرعة البرق لزوجته وعندما عاد إلى منزله فى المساء كانت النيران تتطاير من عيون علياء وقالت له :لقد فعلتها إذا أتتحدانى؟
فقال لها أنتِ من بدأتى والبادى أظلم.
فقالت له ولكنها ليست النهاية.
فى خلال دقائق كانت قد حزمت أمتعتها وجهزت حقيبتين كبيرتين ملأتهما بملابسها وأدواتها كلها ثم أغلقتها ثم طلبت سيارة خاصة لتأتى وتُقِلَّها إلى منزل والدها.
تركت أولا دها الثلاثة له وتركت المنزل قذر والملابس متسخة ولا ولا طعام بالمبرد وخرجت إلى غير عودة.
نظر سعيد حولة فشعر بالضياع .
المنزل يحتاج إلى طاقة كبيرة جدا لتنظيفه ، وهو جائع والأولاد كذلك فجلس على كرسى الأنتريه قليلا لا يدرى ما يفعل وشعر أن حياته إنقلبت رأسا على عقب. إتصل بوالديه ليأتوا إليه حالا.
فقلقا جدا وأتوا مسرعين ظنا منهم أن كارثة قد حدثت.
عند دخولهم المنزل : فوجئوا بالمشهد وقالوا هل تركتك؟
قال :نعم هى تظن أننى سأموت بدونها.
فقالت أمه : لا تغضب منى أنت السبب فى كل هذا .
أمى أنتِ معى أم معها؟
قالت: كنت تعيش مطمئن رائق البال وهى لم تقصر معك كيف تغدر بها وتنتظر منها أن ت**ت ولا ترد لك الصاع صاعين.
ثم بدل والديه ملا بسهما وهما بتنظيف الشقة وطهى بعض الأطعمة له وللأولاد وقالوا له لن تنرك منزلنا ونبقى هنا تعالى أنت وأولادك إلى منزلنا وعيشوا معنا حتى تحل المشكلة.
بقى فى منزل والديه أسبوع ولم تحاول علياء خلالها السؤال عن حاله أو عن الأولاد وكانت هذه هى نصيحة كل من حولها لكى يشعر بالفرق ويعرف أى نعمة تلك التى فرط فيها وأنه باع الأمان والإستقرار بمغامرة ليست محسوبة العواقب.
وكان سعيد فى منهى الضيق ولا يدرى كيف سيستمر هكذا خاصة وأن صحة والدته لا تساعدها على الإعتناء بالأولاد كما أن علياء رفعت عليه قضية خُلع و**بتها .
وما إن سمعت خطيبته بكل ما حدث سارعت بفسخ الخطبة خوفا من الإرتباط برجل مستغل غدر بزوجته فور مطالبتها بحقوقها المادية وعندما تأكدت أنها ستتورط فى تربية أبناء زوجها وهى فى مقتبل حياتها لا تريد أن تبدأها بالمشقة والعناء وهكذا نال سعيد جزاء غدره.
تمت
بقلم د. زينب كمال حلبى