اللقاء الأول
الفصل الثاني
هكذا ابتدأت بتفسير تصرفها مضيفة( لقد تمزق جزء من قماشة الثوب الجانبية وهذه القماشة لا تتوفر الا بالطلب من مكان محدد يحتاج الى ثلاثة ايام ليصلني ،وهذا الثوب هو الثوب الرئيسي بالعرض برأيك كيف يمكن ان اصلح هذه الفوضى ) واشارت بحنق متالم للثوب وعيناها تراقبان نظرة الاهتمام التي رمقها فيها زين وعاد بعدها لينظر للثوب متقدما ببطء وعيناه تكتشفان كل خبايا الت**يم بسرعة محترف قبل ان ترتيم ابتسامة جذلى على شفتيه اخافت شمس وهو ينظر اليها قائلا بمشا**ة شيطانية كانت تراها للمرة الاولى على ملامحه ( هل تثقين بي ، يعني ساقوم بتعديل بسيط اعتقد انك لن تخسري شيء ان سلمتني ت**يمك ما رايك ) تنحنحت شمس باستغراب مجيبة ( كيف يعني انا لم ، ) وانقطعت كلماتها مع حركة زين باتجاهها ليلتقد المقص من يدها وسوار الدبابيس من مع**ها وعينه تغمزها بايحاء وصوته يتفق مع حركة راسه المشيرة لستائر الركن وهو يقول ( اسدلي الستائر قليلا وحاولي ان تتنفسي بعمق فكثرت التوتر تؤذي الم**م وثقي اني ساعالج الموقف ربما نسيت ولكني تلميذ والدك ووعدت باسم ان اساعد لذا لا تخشي شيئا )
والتفت بالفعل على التمثال وابتدأ العمل بتركيز غير ابه بنظرة شمس المصدومة رغم امتمثالها له باسدالها الستائر ، اخذت عيناها يتابعان ما يقوم به وللحظات تمثل والدها امامها ، تلك المتعة المرتسمة على ملامحه ،ذلك الشغف المتقد في نظراته ، وابتسامته المبتهجة التي تنير ملامح وجهه الوسيم ، حركاته الواثقة وتعامله بمهارة مع القماش وبكل ثقة واريحية وسرعة غريبة جعلتها تحبس انفاسها هي ترى ما يفعله من اعجوبة بكل بساطة امامها ، مرت ساعة وكانها دقائق وعيناها لا تنفكان تراقبان ما يفعله زين وقلبها سارح بوالدها وبه وبذكرياتها وهي تراهم سويا يعملان بكل استمتاع التفت اليها بعدما انتهى واشار الى الثوب قائلا ( حسنا ما رايك الان اعتقد ان هذا يفي بالغرض ) بحثت شمس عن صوتها في طيات انفاسها واجابت بجفاف من نسي استخدام صوته ( اعتقد هذا ولكن ماللذي ستريده بالمقابل هل ستطالب بوضع اسمك على الت**يم و ،) وقطعت كلماتها مع تنهيدته الخائبة وحركة راسه الرافضة وراته وهو يتقدم باتجاهها ممسكا يدها ليعطيها المقص والسوار قائلا بلهجة ساخرة
نار متمازجة مع احمرار قماش الثوب. (حقا ، هل تتكلمين هكذا دوما ، هل كل شيء لد*ك بمقدار ، لقد اخبرتك انها مساعدة عادية ، احتفظي بت**يمك لنفسك فاخر ما اريده ان اعود لتصاميم النساء ولولا وعدي لباسم واحترامي لوالدك لما فعلت شيئا الان ، عن اذنك ) وغادر المكان قبل ان تتمكن من التحدث والدفاع عن نفسها لتوصل فكرتها التي عبرت عنها بشكل خاطئ كلية فعادت للتن*د بعصبية وروحها تان مما يحدث لها من سوء اقدار بالذات معه وعادت عيناها للتمثال وهي تتمتم ( والان لماذا دائما تجعلني اخلط كل اوراقي واتعامل بحماقة ) وعادت لتنفخ انفاسها بالم وعيناها تراقبان موظفاتها المتمتمات بسكون خائف منها فقالت اول ما خطر على ذهنها (لنكمل العمل ، وانت سيبال يمكنك البقاء ولكن حاذري فليس كل مرة ستجدي من يساعدك ) واقفلت الموضوع لتعود لعملها ولكن عيناها وقعتا على صورتها امام ت**يمه المذهل اللذي عدله ليظهر لون شعرها البني المحمر وعيناها الخضراوتان العميقتان كشعلة
بعد مضي بعض الوقت وانتهاء شمس من غالي العمل في ركنها ليبدو قريبا من حلمها سمعت صوتا طفوليا جميلا يقول ( مرحبا ، هل يمكني الدخول ) التفتت لترى باسم بملامحه السمراء الجميلة وعيناه المغطيتان بنظارة طفوليه وشعره الاسود المبعثر على جبهته ببراءة زادته جمالا فقالت وقلبها يقفز فرحا ( اجل بالطبع يا صغيري) ، وانحنت باتجاهه لتصافحه مقبلة يده بحب ومضيفة ( يجب ان اشكرك كثيييرا جدا لمساعدتك لنا ) ابتسم باسم بخجل وهو يجيبها ( انت جميلة جدا يا مدام ، بالامس لم تجيبي علي فاخبرت والدي انه احزنك ، انا سعيد انني ساعدتكم ، هل يمكن ان ارى الاثواب فانا احب الت**يم لان بابا وماما كانا م**مان ولكني فاشل بالرسم ،) ابتسمت شمس بحب وقالت بجدية مصتنعة محاولة اشعاره باهميته وكانه شخص كبير ( اجل انه لشرف لنا ان ترى اثوابنا ) واخذت تشير على الاثواب بالتتالي شارحة له كل ثوب باسمه وصوت حماسه وتعليقاته الفرحة تزيد من سعادتها حتى قبلها بقوة بعدما انتهت قائلا ( انا احبك مدام ابي اخبرني انك عرف*ني وانا صغير هل هذا صحيح )
احتضنته شمس رافعة اياه ليجلس على طرف احدى طاولات العرض مجيبة ( اجل رايتك وانت صغير ، كنت طفلا جميلا جدا وحسدت والدك عليك ، وانا احبك ايضا يا صغيري و،اجل يجب ان تعلم انه لا يوجد شخص فاشل في شيء فالرسم يمكنك ان تتعلمه يا قلبي بكل سهولة ) صفق باسم بسعادة برئية مجيبا ( حقا هل يمكنك تعليمي ،بابا يرفض ان يعلمني ويقول انه لا يجب ان افكر فقط في الت**يم وان افعل ما احب وليس ما يفعله هو ، ولكني حقا احبه وا يد ان ارسم مثله ) بعثرت شمس شعر باسم ببراءة مجيبة ( هذا سهل ما رايك ان تريني رسمك ) ونظرت حولها حتى وجدت ورقة وقلما فاعطتهما له وراقبته وهو يخط خطوطا رقيقة خجولة وسريعة قائلا ( هذا ولد صغير مثلي ، ولكن انظري كيف يبدو ،انا لا استطيع رسم اقدامه ، ويداه كانها غير مستوية ،هكذا يقول ابي ) ضحكت شمس على صوته الخائب وامسكت الورقة ناظرة بتمعن قبل ان تجيب ويدها تمسك القلم لتدخل بعض التعديلات ( بل على الع** انت فنان جميل جدا انظر انت فقط تنظر من زاوية جانبية لذا تبدو اليد والقدم قصيرتان عن الاخريتان ، يعني لو اضفنا هذه الخطوط ، وهذه الاشجار والاوراق ، وهذه الكرة لراينا طفل يركض خلف الكرة اليس كذلك ) ارتفع صوت باسم بانبهار ويداه تمسكان الرسمة مجيبا ( ياللهي ، كم اصبح جميلا ، اجل انا ماهر بالرسم اليس كذلك اشكرك مدام علميني ايضا)، احتضنته شمس بحنان مجيبة بتشجيع (اجل بالطبع انت ماهر ساعلمك ايضا ما تريد ، ما رايك ان تلون الرسمة الان لتبدو اكثر جمالا )
حرك باسم راسه بالموافقة بحماس واجاب ( اجل بالطبع ساريها لابي ، هاهو جاء ،ابي انظر ما رسمت ، لقد ساعدتني مدام ،) و**ت ملتفتا على شمس بتساءل عن اسمها فاجابته برقة وعيناها تحاولان الهرب من زين الواقف امامها ( انا ادعى شمس ، نادني شمس فقط او صديقتي ان اردت ما رايك ) تفاجأت شمس بقبلة باسم على خدها وبقفزه على الارض مستعينا بها ليقترب من زين الواقف بهدوء ويريه الرسمة قائلا ( انظر ما اجملها ، ساذهب لتلوينها ثم ساعود لاريها لك ) وتكلم مع شمس وانطلق راكضا للخارج وصوت والده يتبعه قائلا (احذر ، لا تركض كثيرا ) قبل ان يلتفت اليها مضيفا بامتنان سمعته للمرة الاولى بصوته (اشكرك حقا على مساعدتك واعتذر لانه اضاع وقتك ، انه يريد ان يصبح مثلنا انا ووالدته ولكني اراه متفوقا في امور اخرى حتى اصبحت احلم بجعله طبيبا ) اجابت شمس بسرعة (على الع** لا تعتذر انه طفل رائع ويمكنك ان تنمي موهبته بالاضافة الى تفوقه ثم فلتعتبر هذا جزء من رد جميلك بالامس واضاعتك لوقتك معنا و )ياللهي شمس كان يجب ان ت**تي احسنتي ، ارايت نظراته المستنكرة ،لماذا تفشلين كحمقاء وتسمحين له بارباكك وسمعته وهو يجيب بسخرية المتها ( حقا كان يجب ان اتذكر انك لا تقومين بشيء الا بان يكون مقابلا لامر اخر اليس كذلك ، اخبرتك ان ما فعلته لا احتاج عليه مقابل ، هل حقا لهذه الدرجة تختلفين عن والدك ، ربما من الافضل ان ابتعد لانه كلما تقابلنا انتهى لقاءنا بكلمات واكتشافات مخيبة ،
عن اذنك واشكرك على ابني ساحاول ان اجعله يبتعد عن طريقك حتى لا تشعري انك مدينة لي بشيء ) انتفضت شمس قائلة بسرعة (كلا لم اعني ذلك انت تفسر ،) وقطعت كلماتها لانها اصبحت تخاطب الهواء مكان وجوده بعدما غادر المكان فاغمضت عيناها بيأس ،هذا كثير ،حقا كثير ، هل يتعمد اساءت فهمها واشعارها بدناءتها ، لماذا ظهر الان امامها وهي في امس الحاجة لتركيزها ، رفعت عيناها للسماء ودموعها تتجمع محاربة جفونها ومتن*دة بتنهيدة طويلة قائلة (ياللهي ابي اين انت ) وعاد وجيب قلبها يرتفع وخوفها من الفشل يحاصرها ، الفشل اللذي سيوقعها ضحية اناس كثيرين شامتين بها ، اولهم عمها الساعي لتحطيمها حتى تبقى تحت جناحه ، بالتاكيد ان فشلت سيتخذها حجة ليزوجها من ابن اخيه لتتكرر ماساة زواجها للمرة الثانية ، فهل هذا قدرها وهل يجب ان ترضى به للمرة الثانية ، عادت اعصابها للارتجاف وشعورها بخيبة امل زين بها وكان والدها هو من خاب امله فدوما ما ارتبطت صورة زين بوالدها لانه كان حسب قوله ابنه اللذي تمنى انجابه ،وتذكرت في تلك اللحظات قول عمها لها (هل حقا تعتقدين انك خلقت كم**مة ،
فلتنسي هذا الجنون ولتركزي معي فابني منحك اروع جائزة باختياره واحدة مثلك كزوجته فاثبتي انك اهل لهذا ) وهذا كان دوما مشكلتها في حياتها ، مسابقتها امام الجميع لتحاول اثبات ذاتها ، كابنة لابيها لم تجلب له سوى الحزن ، كزوجة لزوج لم يرى فيها سوى دمية حمقاء يتباهى بخضوعها له وبخيانته لها وكارملة تحاول ان تعوض عمها فقدان ابنه وفشلها في المحافظة على جنينها بعد وفاة زوجها مما حملها الذنب مضاعفا رغم ان ابنه هو المذنب الاكبر ، حاولت بكل طاقتها ان ترضي الجميه حتى خسرت نفسها وفقدت احترامها لكل مواهبها ، ولولا كلمات عمها الاخيرة التي سمعتها مصادفة عن خطته بتزويجها وعن مشاعره نحوها لبقيت في دوامة ذنب لا علاقة لها به ، كلماته جعلتها تنتفض وتحاول العودة لاكتشاف مواهبها وبث الحياة بشركتها ، شركة والدها التي ورثتها ولكن حتى هذه لا يد كاملة لها بها فلقد كتبها والدها مناصفة باسمها مع عمها مخافة ان تضيعها لذا اوصى عمها عليها ولم يعلم ان من اوصاه على الحفاظ عليها هو سبب فشلها وضياعها وانها هي من سينقذها ، اجل ستنقذها رغم انف الجميع و*دا ستثبت هذا ،
عندما تفوز بمنحة المعرض وتحصل على عقد الت**يم لقسم النساء لعام كامل ، هذا حلمها وهذا ما ستطبقه بالتاكيد وسيكون بوابة نجاحاتها المتتالية التي تنوي خوضها وستستمد قوتها من والدها ،حتى زين سياتي يوم ويغير نظرته باتجاهها وسيندم على كلماته معها ، تنفست بعمق وقلبها يستمد عزيمتها من ايمانها بذاتها وبمهارتها رغم كل ما يحيطها من ظروف .
جاء افتتاح المعرض اخيرا ، وقفت شمس بشموخ بثوبها الازرق السماوي المنسدل بفخامة على تفاصيل جسدها المغري الانحاءات كعارضة ازياء متفاخرة وشعرها المرفوع باناقة تظهر جمال ملامح وجهها واتساع عينيها ، راقبت بسعادة الاقبال الجماهيري على ركنها والانجذاب الكبير للفكرة التي طرحتها كعنوان لحملتها ، المرأة الناجحة ، في نظرها فان مفهوم المعرض المتمثل بالعائلة السعيدة يجب ان يكون خلفه امرأة ناجحة تتمكن من اتمام هذه العائلة ، ابتدأت الطلبات بالتوافد عليها واعجبت غالب الوفود بعصرية ت**يماتها واثارتها الكامنة ،
عادت السعادة لتغمرها وتحركت في اتجاه بقية المحلات والشركات لترى مدى تميزها ، وقع نظرها على زين وباسم الواقف بجانبه والازدحام حول ركنه وهذا المتوقع برايها فمن ينافس زين دوزان بالتصاميم سوى فاشل وهي تحمد الله انه انتهج ت**يم الاطفال ليبتعد عن مجالها ، ارادت الابتعاد قبل ان ياخذ حذره منها ولكنها تاخرت فباسم راها وركض باتجاهها بسعادة قائلا بحماس (صديقتي اهلا بك واخيرا جئت لزيارتي ، تعالي لاريك مكاننا ) وامسك بيدها يجرها مما جذب انظار زين اليها فحاولت التماسك والاستجابة لباسم وكان الامر عادي واتجهت لزين مادة يدها بالمصافحة وقائلة بصوت واثق (مبارك سيد زين لا استغرب تفوقك فكنت دوما مثال للعبقرية ) صافحها زين بحذر واشار الى ركنه قائلا (يسعدني كلامك تفضلي وانظري لاشرح لك فكرة تصاميمي ان اردت ) وابتدأ يشرح لها وباسم يتقافز بسعادة وكم اندمجت بكلامه المشابه لفكرتها حيث بنى فكرة معرضه على الطفل النشيط بعلامة لادخال الحياة والسرور على العائلة السعيد وكرمز لنجاح المرأة باحتواء صغيرها ، عندما انتهى زين من الكلام وقع نظره على شمس السارحة والتي لم تنتبه اليه فابتسم برقة وعيناه ترسم تعبير غريب انتبهت له شمس فاعادت نظرته بتساءل ليبتسم لها مجيبا ( لاول مرة ارى ملامح والدك من خلالك وانت تستمعين الى شرحي ، في الكثير من المرات اشعر اني اظلمك بفكرتي عنك ولكن دائما تجعليني اظن الاسوء بك ، لا ادري لما الان تحديدا اشعر بروح والدك سعيدة حولك واشعر بالحماس لرؤية ركنك وفكرتك ) لا يمكن ،
حاولت شمس ان تتذكر كيف تتنفس وكلمات زين تصيب قلبها في مقتل ، هل يمدحها حقا ، هل يقارنها بوالدها ، ياللهي لماذا تشعر بالحرارة تغمرها وبان الجو اصبح خانقا ، بالتاكيد فهمت كلامه خطا ، هل يعقل ان يراها لمرة على حقيقتها بعيدا عن كل شيء ؟
شمس ، اخرجي من عالم الخيال هيا ، لقد مر يومان كاملان على كلماته ولازلت تبتسمي كالحمقاء كلما تذكريتها ، هل انت مجنونة ، كلمات اشعرتك بالنجاح رغم غشرات العقود التي بين يد*ك كدليل على تفوقك ولكن ، ياللهي ان تص*ر هذه الكلمات منه هو ، من خليفة والدها ، علت تنهيدتها السعيدة ، هذه بالتاكيد رسالة فرحتك يا والدي لي اليس كذلك ، انت راض عني ، ياللهي شمس حاولي التماسك وامسحي ضحكتك السخيفة ، عبارات رددتها شمس لانعكاس صورتها على المراة ، اهذه حقا ملامحي ، وهذه شفتاي المبنسمتان ، وعيناي الحالمتان ، و ، اوف شمس انت مجنونة ، نفضت شمس راسها محاولة التركيز مع الزبون اللذي كان امامها ، ( انها فكرة عبقرية سيدتي ، ت**يماتك الجريئة ما هي الا انعكاس لتحد*ك ذاتك ) سمعت شمس هذه الكلمات من ل**ن زبونها ولكن تفكيرها سافر الى عبارات اخرى سمعتها ، هل هو مجنون بالتاكيد تصاميمي مذهلة لان زين قال هذا ( انت حقا تتحدين ذاتك بهذه التصاميم وترتقين القمة بفكرتك ، هل تدركين الاثارة المختبئة في جنبات وتفاصيل اثوابك ، اعتقد انك تمسين اعمق نقاط ضعف وقوة المراة ، فانت تمسين ثقتها ،) كيف يستطيع ان يلخص كل شيء تريده بحروف وكلمات ، كيف يفهم كل رسائلها من نظراته السريعة لاثوابها ، احقا قال هذا لها ، لقد فهمها **احر يزيل اللثام عن اسرار مهنته ، ركزي شمس وابتسمي للزبون سيظنك مجنونة الان وانت تضحكين له بغباء ، انهت شمس اللقاء سريعا مع عقد موقع جديد ، ان بقي الامر هكذا فبالتاكيد ستضمن النجاح في جائزة المعرض ، اليوم ستمر اللجنة ويجب ان تبهرها بكلماتها وشرحها لفكرتها ، دقيقة واحدة واي شرح اشمل مما قاله زين لها ، ستستخدم عبارته بكلماتها واسلوبها فلطالما كانت سيئة بالتعبير عن ذاتها ،
مر النهار سريعا وشمس تحاول البقاء على ارض واقعها وسعادتها تزين ثغرها ، رغم انها لم تره في اليوم التالي الا بمرور سريع وتحية بسيطة منه لها الا ان تاثير وجوده في اليوم السابق في ركنها وكلماته التعقيبية لها بعد شرحها فكرتها لاتزال كتميمة حظ تزين مكانها بعبيرها ، ياللهي شمس تنفسي الان بعمق هاهي اللجنة تتجه لك ، اليس غريبا ان زين معهم ايضا ، يبدو انه تم اختيار شركته البارحة في تقيم تصاميم الاطفال لذا يصاحبهم ، حسنا لا تتوتري فانت ناجحة ، ثقي شمس بنفسك فانت تستحقين فرصة اخرى ، اجل والدك سيفخر بك وهذا مؤكد ، رسمت ابتسامتها الواثقة واستقبلت الرجال بحفاوة رقيقة ، تجاهلت الجميع الا شعورها بذاتها ونظرات زين تذكرها بوالدها وهدفها ، ابتدأت شرح نفسها قبل تصاميمها وقلبها يتحدث بل**نها ( تصاميمي هي صورتي عن كل امراة ، كل ام ، كل فتاة ، وكل زوجة ، فكلنا نبحث عن النجاح ، ونرى انعكاساتنا في مراتنا ، نرى امزجتنا في الوان ثيابنا ، فالاحمر رمز التحدي ، والاصفر يشير للحكمة ، اما الابيض فعنوان الهدوء ، والاسود بركان الاغراء ، ومن هنا مزجت تصاميمي بالواني ، فالمراة الناجحة عنوان اي عائلة سعيدة ، فهي كفتاة عنوان لوالدها وامها وعائلتها ، وكام اشارة لابنائها وزوجها ومنزلها ، وكامراة دليل على عملها ونجاحها وموظفيها اللذين بمثابة عائلتها الثانية ، وكزوجة ترغب ان يفخر فيها زوجها امام عائلته واصدقائه ، اجل المراة الناجحة مميزة حتى بتحديها نفسها واثباتها لذاتها ونجاحها ، يجب ان تكون جريئة ،
واثقة ،ناجحة ،مثيرة ،تعلم هدفها وتسعى له ،قد تخفق ، قد تتعثر ،. قد تحيد عن الصواب ولكنها تعود ، دوما تعود بصباح مشرق ،وثوب اخاذ ، وجمال يسانده ثقتها ،وروح تشعل النار بالاجواء ،. من هنا **مت اثوابي فكلنا **يدات جميلات ،.كلنا متميزات ، وكلنا نرى انفسنا من خلال اعين من يراقبونا لنزداد ثقة بنجاحنا ، كرجال ستدعمونا ولكنكم لستم سبب تفوقنا بل تكملون تفردنا ،. كلنا يد واحدة ندعم بعضنا وكلنا عائلة سعيدة ننسج حلمنا ،كلنا نثبت ان نجاحنا كمجتمع هو من نجاحنا كافراد ، والمراة الناجحة هي ركيزة هذا التقدم وداعمة هذا التمازج بعاطفتها الحمقاء وحماسها الملتهب وتفكيرها الشاعري وحدسها الفطري ، اجل فعيوبنا اهم ميزاتنا ولاننا هكذا فانا واثقة من كمالنا رغم كل نقائصنا ) كانت كلماتها ميثاق عبرت به عن ذاتها لتستفيق على تصفيق من حولها ، اجل الجميع ينظر اليها بفخر ، حتى زين مازال يبتسم لها ،
يبدو انها ابتدأت اخيرا بالتصالح مع ذاتها والنجاح ،. انتهت تلك اللحظات سريعا،. واعلن في نهاية الامر عن نجاحها ،. حصيلة تعبها وجدته ،. تلك الفرحة التي شعرت بها لا تساوي اي فرحة بالكون ، واخيرا عرفت طريقها ، نظرت حولها والجميع يصفق لها ،. تلك النظرات والتبريكات لن تنساها ابدا ،. توجهت شمس الى ركنها لتحاول استدراك نفسها ، حقا طعم نجاحها كشهد في شفتيها ، ارادت ان تشارك احد فرحتها ،. نظرت الى هاتفها ولم تعلم لما اتصلت على عمها ،. رفيق عملها في السنوات الاخيرة ، سمعت صوته المرحب فقالت باندفاع ( عمي لن تصدق ،. لقد نجحت ، لقد اخذت المنحة كما وعدتك ،. ارايت انني قادرة على انجاح الشركة ، هذا دون ذكر العقود التي وقعتها والطلبيات التي انهالت على الشركة ،. صدقا تمنيت تن تشاركني هذه الفرحة .) ، قابل كلماتها **ت وانفاس تعلو و ،. انفجار ،. صوت هادر حطم كل امالها وخرق طبلة اذنها من قوته وعمها يقول ( هل جننت شمس ، لقد ظننت انك تلهين قليلا وانك ستعودين لعقلك ولاعمالك المتراكمة هنا ،
عن اي عقود تتكلمين وكل هذه الارباح التي تخبريني اياها لا تساوي ارباح صفقة واحدة من صفقاتنا ، الان عودي لعقلك وتنازلي عن المنحة او لتعيني م**مين اخرين ويكفيك لهوا ، هيا لا اريد تكرار هذا الامر و ، ) صوت حازم قوي بارد خرج من جوفها لتقطع حكم الاعدام اللذي يتلوه على مسامعها وهي تقول ( كلا عمي ، لن اعود ، ولن اسمع كلامك ،. ظننتك ستفرح لنجاحي ولكني نسيت من انت ، اتعلم ما ظنتته لهوا هو حياتي وانجازاتي ، ساتركك لملاينك وصفقاتك وسابقى هنا و، ) قاطعها صراخ عمها بغضب اكبر قائلا (هل جننت لتواجهيني هكذا ، اين هو ولاءك لزوجك ولعائلتك ،اهذه نهاية معروفنا ، لاتنسي انني املك تقريبا نصف الشركة وساوقف اي شيء ستقومين به و ،.) عادت شمس لتقاطعه بقوة اكبر استغربتها من نفسها وهي التي اعتادت الخضوع دوما ولكن نجاحها امدها بعزيمة جعلتها تتحداه مجيبة ( اياك ان تهددتي عمي اولا فانت تملك 40 بالمائة من الشركة وانا املك 50 بالمائة والعشرة الاخرى التي كانت موزعة على حملة الاسهم نسيت ان اخبرك اني قمت بسراءها من وراءك لذا اصبحت املك 60 بالمائة اي لا تستطيع سوى ان تحدث ضجة وتاخر قراراتي ولكنها في اخر الامر ستنفذ ومع ذلك لا انصحك ان تقوم بشيء فابنك اللذي لازلت تتغنى به وتفخر بوجوده امام الجميع يمكنني انا الاخرى ان احطم صورته واثبت للكل اي و*د كان واي محتال وسكير وخائن وانت تعلم اني استطيع ذلك فلا تجبرني على تشويه صوركم خاصة انك تعلم اني اقدر لذا فلتتركني لشركتي ولاتركك لشركاتك وهذا افضل حل الان )
ذلك ال**ت اللذي تلا كلماتها جعل قلبها يرتجف خوفا بشكل خارج عن ارادتها فهي تعلم اي عائلة وقعت بين اعضاءها ، فان كان هناك شيء تعلمته عنهم فهو انها عائلة تحرق الكل لتصل الى نجاحها ومبتغاها ومع ذلك فلقد ملت الخنوع والخضوع لها ، تلك اللحظات التي سبقت اجابت عمها جعلت نفسها تصل الى الحضيض وشعورها بوحدتها وعجزها يتزايد وسمعت عمها يقول بصوت هادئ اخافها اكثر (حسنا شمس كما تريدين فلتستمري بلهوك قليلا ولكني واثق انك في اخر المطاف ستأتيني قريبا لتعودي الى كنفي لانك لن تنجحي بعيدا عني ) وبعدها ،. صوت نهاية المكالمة ، وضعت هاتفها على الطاولة بيد مرتجفة ودموعها السعيدة تتحول لمرارة قتلت روحها ، لماذا كتب عليها كل هذا ، لم تحتمل اصوات الضجة من حولها ونظرت لترى الحياة لا تزال تجتاح المعرض مذكرة اياها بنجاح فقدت طعمه للتو ، ارادت كالحمقاء ان تحتفل فكان الحزن من نصيبها ولكن ،
كلا ستحتفل ، ولن تسمح لاحد ان يؤثر عليها ،. التفتت الى موظفاتها اللاتي لم يفهمن شيئا من مكالمتها الايطالية اللغة وقالت لهم بعزم حازم ( ساخرج لثلاث ساعات فتدبرو الامر بدوني ) وتوجهت من فورها الى حيث تقع الحجرات الخاصة بنزلاء المعرض في الفندق المخصص فبدلت ثيابها ببنطال اسود جميل ومريح وقميص ابيض باكمام نصفية وفتحة سباعية ورفعت شعرها بربطة احادية تاركة بعض الخصلات تزين وجهها وبحذاءها الرياضي توجهت لخارج الفندق قاطعة الشارع لتصل الى الساحل المجاور للفندق حيث اخذت تمشي بسرعة لتفرغ غضبها وتوترها ، كانت تمشي بلاهدف موزعة نظراتها على رواد الساحل ، حاولت ان تخفف وحدتها بتلك الاصوات الصاخبة من حولها لعشاق اسبانين او اطفال او باعة متجولين ، وقع نظرها على مهرجان مقام للال**ب والسيرك ممتلئ بالاشخاص فلم تقاوم نفسها وتوجهت اليه ، قادتها قدماها الحائرتان الى طاولة يقام فيها مسابقة لاكثر شخص يتناول اطباق من الكيك حيث اصطف رجل وامراة ضخمين امامها وتجمهر الناس حولهم والمعلن يطالب بمتسابق ثالث ،. رفعت اكتافها وابتسامة فرحة ترسم طريقها على وجهها وهي تتقدم للسباق ،. انظار الدهشة التي رمقوها بها لجسدها المنحوت بتفاصيله وكلمات المعلن المؤكدة عليها رغبتها في الاشتراك بصوت مذهول وهو يشرح لها طبيعة المسابقة زادتاها عزيمة لتشترك وتفوز بتحدي غريب لنفسها وكانها تشارك الناس احتفالها فهي تعلم تماما طبيعة هذه المسابقات التي خاضتها سابقا بمراهقتها ،. ارتفعت الصافرة وابتدأت بالاكل بشكل تدريجي مركزة جل اهتمامها على طبقها دون ان تنظر لغيرها ،. كانت تعلم ان سر النجاح في هذه المسابقات هي بتدرج اتساع المعدة وتناول الطعام بهدوء دون استعجال او نظر لغيرها مخافة ان يسبقوها فعامل الوقت هو الاخير انما الجلد والصبر في تناول الطعام هو الهدف حتى لا تصاب بالغثيان سريعا ،