المقدمة
قلبان التقيا على الحب ثم فرقتهما الأقدار، حتى ظنا أن اجتماعهما استحال كإستحالة طلوع الشمس من مغربها، و غروبها من مشرقها، تلك العلامة التى تنبؤنا بقيام الساعة، نعم... فهو ينتظر لقائها فقط فى الجنة.
ماذا إذن لو قُدِّر لهما اللقاء بعدما اتخذ كل منهما سبيله فى الحياة، يهيمان فيها بجسد خاوى من الروح، بخطى مهزوزة، و كيان هش قابل للإنهيار، فقد تعانق قلبيهما، و بقى حطام جسديهما يهذى و يهوى بهذه الحياة.
*****************
اقتباس
بعد ثلاث ساعات من السفر، وصلت السيارة إلى المطار و انتظر معهما سفيان فى قاعة الإنتظار و عيناه لا تحيدان عن مليكة قلبه، يود لو تقضى تلك السويعات القليلة بين أحضانه لعلها تروى عطش اشتياقه لها، فقد وشمت اسمها على قلبه كالوشم المستديم، فلا مكان فيه لمخلوق سواها...
حين وصل إلى مسمعه صوت المذيع الداخلى يخبر بقرب إقلاع الطائرة المتجهة إلى برلين و على الركاب التوجه إلى الطائرة، انقبض قلبه، و تجهمت ملامحه، و أحس بإنسحاب الهواء من رئتيه بالتزامن مع شعوره بانسحاب روحه، و كأن هذا الصوت انتزع منه روحه عنوة، و كأنها ستأخذ قلبه النابض بإسمها معها فيبقى هو بلا قلب، بلا روح، بل بلا حياة..
فى تلك اللحظة إنسابت عبراتها على وجنتيها و هى تطالعه بحزن بالغ و حسرة قاتلة، تجمد جسدها، فقدميها أبت أن تطيعها، و عينيها ترفضان التزحزح عنه، و كامل جسدها لا يريد تركه، و لكن يد أبيها امتدت لتقبض على ذراعها و تجذبها بإتجاه الطائرة، فسارت معه باستسلام و قلب من**ر مهزوم، و عيناها و كل وجدانها متعلق به، و كأنها تركت معه قطعة غالية منها...نعم لقد تركت معه قلبها الذى بحبه ينبض و بعشقه يحيى...
*************
اقتباس تانى
يا سنين واخدانى و كمان واخداه
من بعده بعانى أكبر معاناة
حكاياته معايا أنا منستهاش
و الشوق جوايا ناره مبتهداش
ما إن اخترقت أذنيه كلمات تلك الأغنية حتى توقف بغتة عن ثرثرته مع سائق التا**ى فى أحوال التعليم فى مصر، و زاغ بعينيه بشرود و قد تحولت ملامحه للأسى، الأمر الذى لفت انتباه السائق و أثار فضوله فقال له بمزاح:
ــ ايه يا أستاذ؟!..هو تامر حسني جيه على الجرح و لا إيه؟!
أجابه بنبرة ممزوجة بالوجع:
ــ دا جيه على الجرح أوى و فتحه كمان.
هز السائق رأسه بتعاطف قائلا:
ــ معليش...مسير الحى يتلاقى..
لوى شفتيه لجانب فمه بابتسامة ساخرة يشوبها الوجع قائلا:
ــ مش لو كان حى!!
بدت على السائق علامات الحزن و الشفقة عندما فهم معنى كلامه ثم قال:
ــ لا إله إلا الله...وجعتلى قلبى و الله يا أستاذ..ربنا يرحم موتانا جميعا.
تن*د سفيان بوجع قائلا بصوت متحشرج:
ــ يا رب...ربنا يرحمك يا ملك.
فى تلك الأثناء رن هاتفه برقم أبيه فأجابه على الفور و رد عليه أبوه قائلا:
ــ انت فين يا سفيان..
ــ انا عندى حصة برايفت فى حى غرب يا حاج و راكب التا**ى أهو و رايح.
ــ طيب اتصل بولى أمر الطالب و اعتذر منه و ارجع على البيت حالا..
قطب جبينه باستغراب و سأله بقلق:
ــ خير يا حاج في حاجة؟!
ــ عمك اسماعيل راجع من ألمانيا و كلها ساعة و يوصل و لازم نكون فى استقباله.
اتسعت ابتسامته بسعادة قائلا:
ــ بجد يا بابا...أخيراً.
ــ أهو يابنى...لما آن الأوان.
ــ فرحتنى و الله يا بابا...حاضر مسافة السكة و هتلاقينى عندك..سلام.
اغلق الخط ثم نظر للسائق قائلاً بسعادة:
ــ و الله ياسطى انت فيك حاجة لله.
ــ مش قولتلك مسير الحى يتلاقى..بس حضرتك قايل إنه الله يرحمها يعنى..
ــ ما هو دا ياسطى من ريحة المرحومة..
ــ اااه..طيب ألف و ارجع يعنى..
ــ اه يا ريت ياسطى الله يكرمك..
***********
ملحوظة هامة:
الرواية هيغلب عليها الطابع الدرامى الحزين.
فى النهاية
أتمنى الرواية تنال إعجابكم و بتمنى انكم متبخلوش عليا برأيكم
قراءة ممتعة...
مع تحياتى/ دعاء فؤاد