الفصل الرابع :
- " فرحة "
وهذا كل ما وعت عليه قبل أن تسقط بحضن زهرة فاقدة لوعيها فكل ما مرت به أكبر من تحملها فهي مازالت صغيرة علي كل هذا تري بعينها فستانها الأبيض الجميل ملون بالدماء الحمراء و صوت الاغاني يتحول إلي صراخ و عويل النسوان من حولها و تري زوجها أمامها ينازع لا كيف لها أن تتحمل كل هذا كيف لها أن تنظر إلي ما يدور اين بيتها هي ولما جاءت إلي هنا فهي لم تري كل هذا من قبل كانت تحيي داخل بيت أبيها بسلام تام ترسم و تلون الاحلام حتي أفاقت الان علي واقع مرير جعلها سلمت لتفقد وعيها لعلي تلك الأحلام الخبيثة الملونه بالدماء ترحل لتأتي بأحلامها الوردية بدلا عنها
...........................
دب عصي الحاج محمود و هو يقف ينظر إلي ابنه و احفادة بغضب شديد وبنبرة غاضبة و حازمة قال :
- " أنا عاوز اللي عمل العملة دي جدامي يا صالح، حتي لو مين كان . عاوزه جدامي في اسرع وجت تشج الارض و تحيبلي ولد الكلاب ده " .
قالها الحاج محمود بغضب ، حين أخبره حفيده بتلك الحادثة فثار بغضب شديد جعلة يريد أن يحرق الاخضر واليابس من حوله ، من ذلك المعتوه الذي قام بها ، هل واحداً من الرفاعية ، أم هو من المعارضين في عائلة نصار ، ومن سيكون ، من ذلك الذي يريد لأجيجُ النَّارِ أن يشتعل من جديد ،من و المقصود بها يقسم أنها سيعرفة و يجعلة يطلب الرحمه و وقتها ستكون بعيده كل البعد عنه و أمامه وقف ابنه البكر مضطرباً وبشده فقال بنبرة قلقة :
- "أمرك يا كبير ، بس نيران..... " .
هو يخاف علي صغيرته لم يعارض أبيه علي موافقته بقبول تلك الزيجة لأنه يعلم معدن ابن
عبد الرحيم الأنصاري و لكن خوفه الأن لا يحتمل فصغيرته ما زالت لا تعي الكثير و الكثير بتلك الحياة و يخاف ضياعها يخاف عليها من أن يدخلها أحدهم في ذلك الأمر و هي بعيدة كل البعد لا حول لها و لا قوه و هنا انصت إلي كلمات والده حين هتف بنبرة مطمئنة :
- " مالها نيران يا صالح ، نيران في بيت چوزها عمره ما هيفرط فيها يا ولدي ، أنت مدي بنتك لراچل و لا كل الرچال ، روح يا ولدي و معك أخوك و ولادك ، و خليكم مع عمران يدكم بيده لحد ما يجوم منها بدر ، عاوزكم يد واحدة . "
كلمات أبيه جعلت قلبه يهدئ قليلا فهو مازال خائف أن يكون ظلمها و وافق علي إدخالها في ذلك الأمر ولكن ما بيده أن يفعل فهو كان أمر أبيه و أمر ابية مطاع نظر صالح لأبيه بتقدير شديد ثم تقدم بسنوات عمرة المهيبة و انحني يقبل يده بحب ثم هتف بمحبه صادقة :
- "ربنا يخليك لينا يا كبير ويطول لنا في عمرك " .
هنا نظر محمود إلي اولادة و أحفاده من أمامه و هتف بدعاء و توسل :
- "و يخليكم يا والدي أنت و أخوك و وأولادكم " .
... ..... ... .......... ..... ...... ..........
ولجت إلي الداخل ببطء شديد بعد أن طمئنت قلبها علي نيران تلك العروس البائسة التي تحولت ليلة زفافها إلي ليلة سوداء تعيسة علي الجميع ، وجدت زوجها يجلس علي الفراش يضع رأسه بين يديه ، هي تعلم مدي حزنه و خوفه الشديد علي أخيه تقدمت إليه وجلست بجانبه ثم وضعت رأسها علي كتفه و همست باسمه بحنان :
- " عمران " .
أنتبه لها فاعتدل بجلسته ثم هتف بقلق :
"زهرة ، في إيه إنتِ كويسة و بدر و نيران كويسين و بدر الصغير ؟ " .
سألها بقلق عليها وعلي تلك الفتاة الصغيرة التي أصبحت زوجة أخيه و علي صغيرة ، هي تعلم عن اضطراب عمران الدائم عند غياب الكبير يشعر وكأنه وحيد مكبل بكثير من الأعباء و عليه فوق كل هذا أن يرعي عائلة بأكملها ويتحكم في غضب الرجال فكم هي حزينة عليه... نظرت له بحب ثم قالت بنبرة حزينة :
- " متخافش يا عمران هي كويسة سبتها نايمة و خليت أم السعد معها و أنا و بدر الصغير كويسين ، چيت أكملت على الكبير و عليك " .
أغمض عمران عينه بتعب ثم همس بحزن وهو يشرد بحال أخيه :
" بدر كويس الدكتور طمن ه... بس لحد ميته فرحه هيتجلب حزن ... طول عمره شايل هم الكل يا زهرة لا عمره كَل ولا مَل ميته هيرتاح من ده " .
- " عمران " .
نادته برقتها المعهودة لينظر لها ويري تلك العبرات المتساقطة من عينيها فعقد حاجبه بغضب وهتف :
- " ليه البكا دلوجت، ليه بتبكي يا غالية معرفاش أن دموعك دي غالي قوي قوي يا زهرة " .
و بأحضانه اصبحت هي تتمسك بطرف جلبابه و من بين شهقاتها الباكية لا تستطيع أن تصف ما شعرت به حين استمعت صوت الأعيرة النارية و رأت أمامها هلع الجميع عند هذا الحد وقفت تنظر للجميع تبحث عنه هو فقد كان يحمل ولدها و يقف علي مرمى عينيها توقفت أنفسها في تلك اللحظة لقد ظنت للوهلة الأولى أنه هو أغمضت عينيها لا تريد أن تتذكر تلك اللحظات وأخذت شهقاتها ترتفع و همست :
- " كنت هموت وجت ما سمعت ض*ب النار يا عمران خفت عليك أنت والولِد والله كُنت هموت و حسيت بروحي بتنسحب مني " .
ربت علي ظهرها بحنان ثم اقترب و قبل رأسها بحنان و هتف بسرعة :
- " بعد الشر عنك يا غالية أنا بخير و بدر الصغير و الكبير هيبقي بخير ... ربك هيبعد كل الشر ده بس يا زهرة عاوزك تاخدي بالك من نفسك و من اللي في باطنك ومن إخواتى و خاصة نيران عاوزك تخلي بالك منيها لحد ما يفوج بدر " .
مسحت وجهها بيدها و هي تتذكر نيران بفستانها المطلي بالدماء و بكائها ثم فقدانها للوعي :
- " و الله في عيوني ، و كأنها أختي .. وحزينة علي اللي هي شافته لسه صغيرة علي كل ده " .
- " نحمد ربنا إنها عدت علي جد كده "
قالها عمران و هو يقف أمامها ثم يسير ليخرج من الغرفة وهو يهتف مرة أخرى مكملا :
- " أنا هنام الليلة مع الكبير وإنتِ خليكى مع نيران " .
ولكنه وقف مكانه ينظر لزوجته ثم سألها بترقب :
- " وينها نجاة و مُهرة " .
نظرت إليه باضطراب ثم قالت :
- " مُهرة تعبت من البكا ونامت.. ونجاة كنها نايمة هي التانية " .
ضيق عينه بعدم اقتناع ثم خرج من الغرفة ف*نفست وهي تضع يدها علي ص*رها ثم هتفت :
" الله يسوجك يا خيتي جبل ما حد يوعالك "
.. ... ..... ... ..... .... .... .... ... .....
كان يجلس في الشونة الخاصة به يتابع عمله بسخط وغضب عارم يصب علي كل من حوله من عمال حين دلف غفيرة الخاص ليهتف بخوف :
" أفندم جنابك "
نظر له بانزعاج ثم هتف بصوت غاضب :
" عملت اللي جولتلك عليه "
ازدرد ريقه ثم هتف بسرعة :
" كل حاجه تمت زي ما جنابك أمرت "
أعتدل بجلسته ثم أشار له بالخروج ، فستدار الغفير فوجدها تقف خلفة، فلاحظ شاهين وجودها وتلك النظرات التي ترمقه بها فقال لغفير بسرعة :
" روح يا عوض وخد الباب وراك "
سرع الغفير يلبى الأمر، نظر هو لها كم اشتاق ملقاتها منذُ أن أصبحت زوجته لم يبتعد عنها كل ذلك الوقت لو ترك لنفسه العنان يقسم أنه سيأخذها من يدها إلي مكان بعيد عن كل شيء هنا ليبقي وهو وهي فقط ، عله يستطيع أن يروض غرورها وي**ر رأسها العنيد و يعلمها أبجدية عشقه من جديد ولكن هيهات هو يعرف تلك النظرات جديدًا ويعلم سر تواجدها هنا وبمهارة أستطاع قمع مشاعره واسدال الجمود وسألها :
" إيه جابك إهنه يا نجاة "
تقدّمت بخطوات ثقيلة وهي تنظر له ثم ، وقفت أمامه مباشرًا وهي تنظر في عينيه بترقب ثم هتفت بترجي وهي تسحب يده لتضعها علي بطنها وقالت :
" وحياة اللي عم تسترجاه من ربك بقالك سبع سنين تحلف وطمن جلبي إنه مش إنت اللي عملت كده فى أخوي "
انتفض من مجلسه بسرعة وهو ينظر إلي موضع يده ثم نظر إليها متفاجئاً واتسعت عينه من شدة الصدمة ودقات قلبه تقرع كطبول الحرب داخل ص*ره هل ما وصله صحيح هل هي تحمل طفل هل سينال حصاد صبر كل تلك السنوات من تعب وضغط وضعف ومشقه هل ستصبح وأخيرًا أم لأولادة وسيصبح هو أب لأطفالها و يحملون دمائه وعند هذا الحد هتف مضطرباً :
" إنتِ .. إنتِ حامل يا نجاة "
بكت وبكت وأخذ دمع عينيها الكَحِلة يسيل ، علي أمل عاشته وحلماً نسجته و دعاء ناچت به كثيراً حتي تحقق ولكن لماذا أصبحت فرحتها كالعلقم ؟ هل حُرمت هي الفرحة؟ لماذا لا تطلق لنفسها العنان وتلقي بنفسها نحو ص*ره؟ ولماذا وجوده الآن لا ينشر الدفئ بجسدها المُثلج؟ هل لأنه فعل ما تخافه؟ هل دم أخيها أصبح حصن منيع بينهم ؟ وعند هذا الحد سألته ولم تفكر في فرحته ولا صدمته ولا رأت عينيها نظراته ، هي تريد... تريد فقط قسم.. قسم يريحها قسم يعيد ثباتها فأعادت ما قالت مرة أخرى بترجي :
"احلف بحياة ابنك اللي في بطني إن مش إنت طمن جلبي إن ريحة دم أخوي مش معلجه في يدك "
نظر لعينيها ولقد تبدلت تلك النظرة من نظرات فرح و ترقب لنظرات وجع وشقاء، كز علي أسنانه بنفاذ صبر ، ثم سحب يده بغضب شديد ، و سار مبتعداً عنها هل جاءت إلي هنا لتدمي قلبه هل جاءت بكل شموخ تجلب بيدها فرحة لأماله يحيا لأجلها و بيدها الأخرى جلبت نار تكوي ذلك القلب و تُنهيه ويقسم أنها قد فعلت فهتف بجمود :
- ولو حلفت هتصدجيني
تعرف تلك النظرة جيدًا حين يتصنع الثبات و بداخلة حمم بركان ولكن هي تريد الراحة لقلبها المعذب وروحها المنشقة تريد الراحة منه وإليه
" محدش عارض جواز بدر من نيران إلا أنت... .. محدش عارض الصُلح غيرك أنت "
قالتها بغضب وهي تشهق باكية فبتر عبارتها وهو يقول بهدوء مزعوم وهو ينظر لها غير عابئ باحتجاج قلبه :
" چيالي عشان عاوزه مني حلفان .. يا نچاة، لاه يا بنت عمي أنا محلفش وهجولك روحي جولي لخوكِ شاهين اللي عاملها روحي يا نچاة. "
" لاء "
وبلمح البصر كانت أمامه تضع يدها علي فمه وتصرخ ببكاء رمت كل ما كان وكأنّها لا تعرفه وكأنّها كانت تنتظر لتأخذ دور ذلك الجلاد :
" لا يا شاهين.. جول مش أنا جول إنك عمرك متعملها قول إن أخوتي ميهنوش علي جلبك قول يا ولد عمي .. حرام تشج قلبِ بينكم حرام ."
نظر إلي عينيها الباكية وقلبه يضخ تحت يدها معلناً الحرب عليه وعليها و عقله مشتت ولكن هو لا طاقة له لجدال يعرف نتيجته مسبقًا ، ابتعد عنها وقال :
" جولتها ولا مجولتهاش أنا عارف إن النتيجة عندك واحدة يا نجاة، روحي يا نجاة عودي دارك ثم قال ساخرًا، دار الكبير "
مسحت دمع عينها ولقد أشتعل داخلهم الغضب وتقدمت إليه لتقف أمامه وتنظر في عينه وتقول بحدة و ثقة وكأنّها لم تبكي وكأنّها ليست هي :
" هعاود يا ولد عمي.. بس والله يا شاهين اليوم اللي هتجرب فيه من حد من إخواتي لحزنك علي ولدك اللي في بطني ومن جبله هيكون أنا عشان تعرف الحزن كِيف بيكون ..."
ولم تستطيع أن تكمل حديثها فصفعها بيده لتسقط علي الأرض خلفها وهي تضع يدها علي وجهها، شاهين رفع يده عليها هل شاهين فعلها كيف طاوعه قلبه كيف يفعلها ومع من هي ...ظلت مصدومه وهو يرقبها ومازالت عيناه تشع غضباً حين هتف بصوت جهوري :
"عوض أنت يا زفت "
دلف الغفير مسرعًا وهو ينظر له ثم لتلك الجالسة خلفه وهو يقول :
"أفندم نعم جنابك "
" روح وصل ستك نجاة وعاود "
قالها وهو يسير خارجاً من مكتبه بسرعة غاضب ولم ينظر لا يري أمامه صوتها يتردد علي مسامعه صورتها وهي تجلس علي الأرض وتضع يدها علي وجنتها دمعاتها كل ذلك تجمع أمام عينيه وهو يصل إلي تلك الشجرة العجوز التي شهدت عل كل ما كان وبحركة غير إرادية كور يده ليض*ب يده بها بغضب شديد غير متجاهلاً لتلك الآلام التي يشعر بها وهو يهتف بغضب وألم في آن واحد.... لا يوجد وجع أقوي من **ر الرجال :
" كنك ضيعتي فرحتي وخيبتي سنين عمري والبتر كان بيدك لجلبى يا بنت عمي آه من جسوة جلبك يا نجاة أه من جسوة جلبك يا بنت جلبى"
.....................................
ولم تستطيع أن تكمل حديثها فصفعها بيده لتسقط علي الأرض خلفها وهي تضع يدها علي وجهها، شاهين رفع يده عليها هل شاهين فعلها كيف طاوعه قلبه كيف يفعلها ومع من هي ...ظلت مصدومه وهو يرقبها ومازالت عيناه تشع غضباً حين هتف بصوت جهوري :
"عوض أنت يا زفت "
دلف الغفير مسرعًا وهو ينظر له ثم لتلك الجالسة خلفه وهو يقول :
"أفندم نعم جنابك "
" روح وصل ستك نجاة وعاود "
قالها وهو يسير خارجاً من مكتبه بسرعة غاضب ولم ينظر لا يري أمامه صوتها يتردد علي مسامعه صورتها وهي تجلس علي الأرض وتضع يدها علي وجنتها دمعاتها كل ذلك تجمع أمام عينيه وهو يصل إلي تلك الشجرة العجوز التي شهدت عل كل ما كان وبحركة غير إرادية كور يده ليض*ب يده بها بغضب شديد غير متجاهلاً لتلك الآلام التي يشعر بها وهو يهتف بغضب وألم في آن واحد.... لا يوجد وجع أقوي من **ر الرجال :
" كنك ضيعتي فرحتي وخيبتي سنين عمري والبتر كان بيدك لجلبى يا بنت عمي آه من جسوة جلبك يا نجاة أه من جسوة جلبك يا بنت جلبى"
.....................................