منذ ذلك اليوم و تغيرت دورثي تماما فاصبحت اهدأ و ارسى و كأنها نضجت فجأة و لم تتحدث عن كونها تلك الكاهنة و لكن لم تخلو ايامها من الكوابيس و السير اثناء النوم ، فقط نستطيع القول بانها اصبحت نادرة الحدوث و لكنها تعود لتكون اﻻبشع على اﻻطلاق إن حدثت فحتى و ان حاول والديها ايقاظها لا يفلحا بذلك و تظل هي داخل حلمها او سيرها أثناء النوم حتى تستيقظ لحالها .
وجدت نفسها محاطه بأُناس غريبه يصفعونها و يضربونها بشده و هي جاثيه امامهم على ركبتيها تحاول المناص منهم و لكن دون جدوي حتى صاح ذلك الكاهن حليق الرأس الذي يبدو عليه الهيبه هاتفا : انطقي و قولي من هو ؟
ردت ببكاء و هي حقا لا تعلم عم يتحدث : لا اعلم .
نطق احد الكهنه بجواره بتوقير : ايها الكاهن اﻻعظم ، اظن انها عادت للمراوغه من جديد و لن تخبرنا .
رد الكاهن اﻻعظم بحده و شراسة : ستظل بمحبسها و تُحرم من الطعام حتى تخبرنا من فعل تلك الفعلة حتى تكون عبرة لامثالها ممن يدننثن حرمة المعبد و لم يحترمن نذورهن .
عادوا لضربها ضربا مبرحا و هي تحاول بكل نفس ذاقتها الموت الخلاص منهم حتى انتفضت صارخه من نومها و والديها بجوارها فارتمت باحضان امها و قالت باكيه : لقد ابرحوني ضربا .
سألتها هانده بحزن : من يا بنيتي ؟
ردت بانهيار : كهنة المعبد ، لا تجعليهم يضربونني مجددا .
ربتت هانده على ظهرها باكية بصمت و قالت : لا تقلقي يا صغيرتي ، انتِ هنا اﻵن معنا انا و والدك .
نظرت لهما بعد ان ضيقت حدقتيها و قالت بصوت حزين : لولا موت أمي لما ارسلني ابي للمعبد و لما حدث لي كل هذا !
نظرت هانده على إثر حديثها لزوجها بحزن و ترقرقت عينها بالعبرات فسألها ايدي : ماذا تقصدين دورثي ؟
نظرت له تقص عليه ما علمته عن نفسها من خلال احلامها فقالت موضحه : لقد توفت امي و انا بالثالثة من عمري و كانت مجرد امرأه عادية بائعة خضار و ابي كان بالجيش تحت إمرة القائد سيتي مرنبتاح اﻻبن الوحيد للفرعون رعمسيس و الملكه سات رع .
اومأ لها والدها و استمر يستمع لها و هي تقص عليه ما تظن انه قصة حياتها : كان ابي عسكريا و عندما ماتت امي و انا بسن الثالثة وهبني للمعبد حتى يتفرغ لخدمة الجيش و ظللت انا هناك اخدم الكهنه حتى اصبحت امرأة ناضجة بسن الرابعة عشر و هنا كان لا بد لي من اﻻختيار بين أن اترك المعبد أو أن القي نذوري و اتعهد بنفسي لخدمة رع اﻻله ، فاختارت ما اعرفه و هو خدمة المعبد و الكهنه و يا ليتني ما فعلت !
ابتسم لها ايدي بهدوء و سألها : الم تكن تلك رغبتك ؟
اومأت معقبه باطناب : نعم كانت رغبتي ، و لكنني لم اكن اعلم شيئا و لم يكن لدي عائلة حتى اعود لها فقد قُتل والدي باحد المعارك التي قادها برفقة ولي عهد الفرعون فاخترت العيش ككهانة لباقي عمري و القيت نذوري و لكن بنفس ذلك الوقت عاد سيتي منتصرا فقلدة والده مراسم الحكم و هو لا زال على قيد الحياة و جاء للمعبد لمراسم تتويجه و هناك تقابلنا لاول مره و بدأت حياتي تتغير و لم اكن اعلم انها ستنتهي لهذا الحال .
صمتا والديها و تركاها تخرج كل ما بجوفها فاكلملت : و كأنه شعاع سار بجسدي لمجرد أن نظر لي من بين مئات الكاهنات ، فقط لمحني انا و رمقني بتلك النظرة التي زلزلت كياني .
تعجبا بداخلهما من حديثها الذي يتنافى مع عمرها الحالي فهي لم تتم العاشرة بعد و تتحدث كأمرأة بالغة وقعت بالعشق ، و لكن نظراتهما لها لم تجعلها تكُف عن استكمال حديثها فاستطردت : و منذ ذلك اليوم و بدأنا نتقابل بالسر و لكنني حقا لا اعلم كيف اتيت لهنا ! انا فقط اريد العوده لدياري و موطني .
اقترب منها ايدي و رد عليها بهدوء و روية : اعتبرى نفسك بموطنك دورثي اﻻ أن تعودي ، حاولي اﻻختلاط بالناس و المجتمع الذي تعيشين فيه حتى يأتي وقت العودة ، فقط كفي بنيتي عن ايلامي بهذا الشكل و ناديني بأبي .
ابتسمت ببكاء و مسحت على وجهه برقة هاتفه بحب : انت اطيب و احن رجل عرفته بحياتي و لن اكف عن مناداتك بأبي ما حييت .
ضحكت هانده بسخريه و قالت بمزاح : و ماذا عني ؟ الن تدعونني بامي ؟
اومأت باقتضاب و قالت : نعم أمي .
لم تستطع هانده فهم حالتها و لم لا تشعر ناحيتها بعاطفة اﻻمومه كما تفعل مع والدها و لكنها آثرتها داخل نفسها و منت حالها أن ابنتها قريبا ستكبر و تنسى كل تلك اﻻمور و لن يحدث معها ذلك اﻻمر مجددا .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~