فتحت اعينها باتساع فوجدت نفسها بمكان واسع و اﻻعمدة العالية تحيطه من جميع الجهات و الشمس تنتصفه و ذلك العرش الذهبي مثبت بأعلى حافة بالمكان و الفرعون ذاته جالسا بزية الذهبي المرصح بالاحجار الكريمة و التاج يعلو رأسه واثقا من نفسه فخورا بانجازاته فاقتربت منه و انحنت باحترام هاتفه : مولاي .
ترك عرشه و انحني يرفع جسدها و نظر لها بحب خالص و مشاعر فياضه و ابتسم بسعاده هاتفا : و اخيرا .
نظرت له بحيره و عدم فهم فأومأ بتفهم لحالتها و سحبها ليجلسها بين احضانه و على فخذة و لكنها خجلت عندما وجدت اناس معهم مشغولون بافعال غريبه و امامهم مومياء يقومون بتحنيطها ، يفرغون احشاءها و يضعونها بأواني خزفيه و يلفون ذلك الجسد بالشاش اﻻبيض المصنوع من الكتان .
ابتلعت ريقها بتباطئ عندما وجدت التشابه الغريب بين تلك المومياء و بينها و علمت شكلها فقط عندما رأت انعكاس لصورتها على تاجه اللامع فوق رأسه فسألته بخوف : انا لا افهم شيئا ، ارجوك اخبرني ماذا يحدث و اين انا ؟
ربت على كتفها و هدئها برقة و قال : لا تخافي حبيبتي بنترشيت ، لقد انتظرتك آﻻف الاعوام و اﻻن انتِ امامي حقيقة و ليس حلما و لا رؤى من صنع السحره .
حركت رأسها بتوتر و سألته : انا مشوشه و اشعر بانني لا انتمي لهذا العالم........
رد مقاطعا و معقبا : بعد ، لا تنتمي لهذا العالم بعد و هذا صحيح نسبيا .
نظرت له بتدقيق محاولة منها فهم ما يدور فاكمل توضيحه : عندما ينتهي هؤلاء من تحنيط جثتك حبيبتي سأنقل روحك كاملة لجسد تلك الفتاة التي تسكنين جسدها في الوقت الحالي .
توترت اكثر من حديثه و سألته بذعر : تحنيط جثتي ؟ ماذا تقول مولاي اناااا .
ابتسم و عاد لهدوءه و اوضح هامسا : لا تخافي عشيقتي و اصبري و ستفهمين كل شيئ .
انزلها من على قدمه و تحرك بها لتلك الساحره ذات الشعر الاشعث و الجالسة ارضا امامها ما يشبه البلورة السحريه و تنظر خلالها و كانها تشاهد شيئا ما فهتف سيتي موضحا : عندما علمت ما حدث لكِ اثناء غيابى بالحرب اخبرت اكفأ ق**دي بالعوده للتحفظ على جسدك حتى انتهي من الحرب و اعود و بمساعدة تلك الساحره ابقت جسدك على حالته تلك حتى عدت .
اشار للمومياء و هو يتحدث فنظرت لها و كأنها تستمع للغة غريبة لا تفهمها و لكنها انصتت له اكثر و هو يطنب : معروف ان التحنيط فقط للفراعين و العائله الحاكمه و لكنني **رت تلك القاعده كما **رت كل قواعدي قبلا فقط لاجلكِ انتِ بنترشيت و ستعودين لحضني و سنربي ابننا سويا بعيدا عن اعين الناس و الكهنة و العالم اجمع ، فقط اصبري حتى تنتهي المراسم و ستفهمين كل شيئ .
سحبت شهيقا بعمق و اخرجته بتمهل و ابتلعت ل**بها بوجل عندما رأت اشخاص داخل تلك البلورة يقيدون فتاة اخرى تشبهها فتوترت و تلعثمت و هتفت بتسائل : ما هذا مولاي ؟ كيف نرى هؤلاء بتلك الكرة الزجاجيه ؟
ابتسم لها بسعاده و اجلسها ارضا بجوار الساحره و جلس هو اﻻخر و اخذ يشرح لها اﻻمر بسلاسة : هذة انتِ بالعالم اﻻخر حبيبتي ، عندما سخيُت بنفسك اسودت الدنيا بعيناي و عدت الى هنا لاجدكِ قد فارقت الحياة ففقدت معكِ الرغبة بالعيش حتى جائني اقرب ق**دي و اخبرني بان هناك حل و طريقة لاعادتك للحياة و لانني لم اكن من دماء ملكية لم اكن اعلم بها و لكن كما ترين ها قد افلحت .
زادت حيرتها فتن*دت و سالته : من هؤلاء ؟
اشارت للكرة الزجاجيه فاجاب : هؤلاء السبب بوجودك هنا و اﻵن ، معي و بحضني .
لم تفهم فبكت و قالت : انا لا افهم شيئا ، ان كنت تحبني حقا فاخبرني ماذا يحدث بتوضيح اكثر .
حضنها و ربت على كتفها و اطنب مفسرا : بعد ان فقدتكِ اخبرتني تلك الساحره بان لكل منا قرين بالعالم اﻻخر و جعلتني ارى قرينتك و انتِ لا تزالين رضيعة ، رأيتك بعين احد اقارب الطفلة و العجيب انكِ ابتسمتِ لى و كأنك تعرفينني يا عشيقتي ، و حاولت منذ ذلك اليوم ان ازوركِ مرارا و تكرارا و لكن حضوري لم يكن قويا اﻻ باحلامك ، حتى تلك اللحظه .
نظرت له باهتمام و ترقب فاستطرد موضحا : يبدو انهم يحاولون معرفة ما بها تلك الفتاة التي تسكنين جسدها لذا لقد لجئوا للسحر و ها انتِ هنا معي بفضلهم .
ابتلعت و قالت بتعجب : اتعني ان جسدي لا زال هناك معهم ؟
اومأ ببسمه فرحة و استمع لها تكمل سؤالها : و انني هنا اﻵن بروحي فقط ؟
اومأ لها مجددا فاكملت اسئلتها : و ما كنت اراه هي زيارات منك مولاي و ليست احلام ؟
اكد لها بنفس اﻻيماءة الخفيفة الصامتة فاكملت : و كيف سنعيش سويا و انا جثة بهذا العالم و مجرد فتاة صغيرة بالعالم اﻵخر ؟
رد مقبلا اياها و موضحا : لقد انتظرتك لآلاف الاعوام و سأنتظر لبضع اعوام بعد حتى تكملين عامك العشرين ، نفس العام الذي فقدتك به حتى نجتمع سويا من جديد .
سألته بتخوف : كيف ؟
رد بحب : لا تستعجلي اﻻمور حتى لا يدور رأسك الجميل هذا و ينشغل عقلك ، فقط اعلمي انه بدءا من هذا اليوم ستكن زياراتي لكِ اقل و على فترات متباعدة فقط للضرورة حتى لا استنفذ كل طاقتي بها و احفظها لاستدعاءك هنا من جديد حبيبتي و عشيقتي الجميله .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ظل الجميع ينظرون امامهم بترقب حتى تحرك المعالج و بدأ بفك الحبال عن جسدها و اجلسها باعتدال على المقعد بعد ان اضطر لانهاء الجلسه من بعد فشله بالتواصل مع من يحتل جسدها فنظر بعمق عينيها ليتأكد بانها من عادت و ليست تلك الروح القويه ، و لكنه تعجب بعد ان رأي تغير بلون حدقتيها من اﻻخضر للعسلي فصفق بيده خفيفا و قال : دورثي اتسمعينني يا صغيره ؟
ردت اﻻولى بصوت هادئ : نعم اسمعك .
سألها بتخوف : هل تعلمين اين انتِ ؟
اجابته بتلقائيه : بمنزل عمتي مارسيل .
ابتسم بفرحة و سألها : و من انتِ بالتحديد ؟
ردت فورا : انا دروثي لويز ايدي ، و من انتِ ؟
اجابها بفرحه : تشرفت بمعرفتك دورثي ، انا دان وايت المعالج الروحاني .
ابتسمت له و اعقبت : تشرفت بمعرفتك استاذ وايت .
اعتدل بجسده و نظر لوالدتها التي تريد تفسيرا لما رأته و عاصرته فسحبها بعيدا عن الجميع و بدأ بشرح حالة ابنتها لها من وجهه نظره فقال : ابنتك ممسوسه من روح قوية و لكنني استطعت ان اخرجها منها بنجاح و...
قاطعته بعدم تصديق : اتسمي ما حدث بالداخل نجاح ؟ لقد كاد جسد ابنتي أن ينقسم لاثنين من قوة تقوسة و كادت ايضا أن تزهق روحك من قوة دفعها لك انت و رجالك .
صمت و اطرق رأسه لاسفل فقالت بقوة و صرامه : لا تحدثني بهراء و اﻻن اخبرني الحقيقة كامله و اللعنه .
ابتلع و بلل شفتيه و تحدث موضحا : كما قلت لك انها روح عاتية و قوية لم يسبق ان رايت مثلها و على ما يبدو انها لن تترك جسد ابنتك بسهولة و اخاف من أن اقول إن فعلت و تركتها فستموت دورثي لا محال فإما أن تقبلي بوجودها داخل جسدها و إما .
صمت لتفهم هي ما يعنيه فصرت على اسنانها و زمت شفتيها معا و اضطرت أن تصمت عندما اقتربت دورثي و معها عمتها التي قالت بمرح : اظن اننا جميعا بحاجة لمشروب بارد فالاجواء حاره و الشمس ساطعة بشكل كبير .
وافقت هانده بمضض و اومات برأسها فنظرت مارسيل لابنة اخيها و قالت بمداعبة : ما رأيك دورثي بمساعدتي لتحضير عصير الليمون الحامض مع بعض قطع الثلج ! اظن انه سيكون مشروب ممتع اليس كذلك ؟
ابتسمت دورثي بتصنع و هتفت : نعم عمتي معكِ حق ، هيا بنا .
نظرت هانده في إثرها و سألت المعالج بحيره : هي اﻻن تتصرف و كأنها طبيعيه و ذلك غريب ، فما تفسيرك ؟
رد موضحا : بعد جلسة الطرد تضعف اﻻرواح الساكنة باﻻجساد و تاخذ فترة استراحه و يبدو أن هذا ما حدث لابنتك .
تن*دت بحزن و تحركت للجلوس على الاريكه بانتظار اخت زوجها و ابنتها و اللتان وقفتا بالمطبخ لتحضير المشروب فنظرت دورثي للاناء المثلج و قالت بامتنان : اشكرك عمتي .
ابتسمت لها اﻻخرى و داعبت شعرها بيدها و ردت : لا شكر على واجب دورثي .
اتسعت بسمة دورثي و رددت تشكرها : اشكرك حقا فقد ساعدتني كثيرا منذ أن ولدت و حتى تلك اللحظه التي علمت اخيرا فيها من انا .
نظرت لها مارسيل بحيره فلمعت عينها و هي تسمعها تقول : و لولا بصيرتك لما رآني الفرعون يوم مولدي ، و لولا تحضيرك لتلك الجلسة لما اجتمعت به و اصبحت اقوى و اعلم من ذي قبل لذا اشكرك حقا سيدة مارسيل على مساعدتي .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~