bc

براكين من عشق ٦

book_age12+
23
FOLLOW
1K
READ
serious
like
intro-logo
Blurb

لا تُشرّع لي أبوابَ المحاكم

إن قررتُ يوما من سجنك الفرار

لا تلمني أو تُعاتبني إذا ما

دروبَك هجرتُ دون سابق إنذار

لا تُنصِّب نفسك عليّ قاضِيا

حين ينأى عنك الفؤاد مع سبق الإصرار

فكما كل شيء أردته بشدة ها أنت تذهب، ها أنت تبتعد وتتركني، بكائي اليوم ليس خوفا من القادم ولكن اعذرني لأنني أبكي الماضي الذي يعيدُ نفسه في حاضري….

chap-preview
Free preview
الفصل الاول
طوبى لمن سكن الحشا وحكايتي معه مأساة كبحّار تاه عن مرساه وروح هامت في بحر الحياة يا سيدي طوبى لك فهواك مزقني غرامك **يل من الحمم تحرقني ذكراه صراع عنيف يمزقني كم من مأساة من الممكن أن تمر بنا فنقف ونواجهها بعزمٍ لأننا نعلم أن هناك من سينسينا الهموم بكلمة من شفتيه، نعلم أن هناك من سيطفئ ظمأ قلوبنا مهما كثرت المشاكل حينما نميل برأسنا على ص*ره، هناك من سيحملنا في قلبه ويحصننا من الوجع والخوف، لكن عندما يذهب كل ذلك ولا يبقى سواك هزيلا ضعيفا تتلقى ألف ض*بة فلا أحد معك ولا أحد يفتقدك حين تغيب فهل ست**د أمام أعاصير الحياة؟! مرت أيام لا تعلم لها عدد، تحاول أن تصدق ما حدث لها، تحاول أن تستوعب أنها أصبحت ماضٍ عبر الجميع من فوقه وأكمل المسير، أنها ألقيت خارج عالمهم فاستيقظت لتجد نفسها خارج فقاعة أحلامها تشاهد من كانوا لها كشرايين القلب يمدوها بالحياة، من كانوا لها النفس قد أنكروا ذكراها كأنها لم تكن، حتى هو… آه يا أنت لو تعلم أن مليون صرخة آه لن تعبر عن وجعي منك، يا من دفنتني تحت التراب وعبرت فوق لحدي إلى أحضان أخرى، يا من كنت حبيبيا حين كان هناك حب وطبيبا حين ظننت أن الجروح ستندمل، لماذا؟ لم تتوقف مذ علمت أن الجميع عبر أرض ذكراها بأمان أن تسأل نفسها، لماذا تخلوا عنها؟ لماذا تركوها وادعوا أمام الجميع أنها ماتت وانتهت؟ لماذا لفظوها خارج قلوبهم كأنها لم تكن؟ لماذا حكموا عليها بأن تصير في حياتهم شبحا أو طيفا مر ورحل وانتهوا منه للأبد؟... سقطت منها دمعة ألهبت عينها ووجهها الذي غزته الآلام من كثرة الدموع، شعرت بمنديل يوضع على وجنتها برفق وصوت يقول "وحدي الله يا صغيرتي، لم البكاء الآن؟ لقد أتيت بك إلى هنا لعل روحانية المكان وبركاته تهدئ روحك الحزينة" دارت بعينيها تشاهد هذا المكان الجميل الذي منذ أن وصلت إليه وهي تشعر بروحها تستكين فكيف لا والجميع هنا ترتسم على وجوههم ملامح الرضا، الكل يتعامل ببساطة والحب يشع من المكان، همست ببحة تلازمها منذ فترة "شكرا لك يا عمي، فعلا المكان يثير في النفس هدوءا أفتقده منذ مدة، أين سما وطاهر؟" أشار لها بإصبعه نحو سما التي تقف أمام محل فوانيس نحاسية وطاهر يضع أمامها مجموعة تتحسسها قطعة قطعة لتختار، وكلما تأفف صاحب المحل بضيق رمقه طاهر بنظرة صاعقة فابتسمت بهدوء وقالت "كل عام وأنتم جميعا بخير، رمضان مبارك" ابتسم لها الرجل الذي تشع عيناه بحنان لا مثيل له وقال "وأنت بخير يا ابنتي، لماذا لا تنتقي لك فانوسا أيضا؟" أخفضت رأسها بحرج من كرم ذلك الرجل الذي لم يجعلها تحتاج إلى أي شيء منذ أن دخلت منزله، فلقد أخبر الجميع أنها ابنة أخيه واشترى لها ملابس وهاتفا وأصبح يغدق عليها باهتمام لا حسر له، فقالت "لا داعي لذلك فأنا لست طفولية مثل سما، إنها تعشق هذه الأشياء بع**ي أنا" نظر لها بعطف ولم يفته نظرة الحزن بعينيها فقال لها "أخبريني يا ابنتي، ألا تذكرين أين وصلت بدراستك؟" غامت عيناها بذكريات أصبحت تؤلمها وقالت "لا أتذكر جيدا لكنني أظن أني كنت سأنتسب للجامعة بعد عام" هز رأسه بتفهم وقال "السيد مؤيد الجوهري الذي أعمل لديه رجل طيب جدا ويمكنه أن يتوسط لنا مع أحد معارفه ليسهل علينا أمر تسجيلك بالمدرسة وإخراج أوراق ثبوتية لك لا تقلقي، سأكلمه غدا" ابتسمت له بهدوء وفجأة انتفضت على صراخ الشباب وهم يهللون "غدا أول أيام الشهر الكريم…لقد ظهرت الرؤية كل عام وأنتم بخير" قال لها عمها صلاح يهدئها "حبيبتي لا تجزعي Yنهم فقط سعداء فغدا أول أيام الشهر الكريم، كل عام وأنت بخير" نظرت له وبداخلها شعور غريب كخلطة من الفقد والوجع اقتربت منه بخوف تتمسك به وهي ترتجف بالبكاء فانعصر قلبه عليها فكم تذكره تلك الصغيرة بابنته التي خ*فها الموت من بين يديه، رفع رأسه إلى السماء وضمها بذراعه يطمئنها وهو يدعو الله أن يخفف عنها حزن قلبها فانطلق أذان العشاء من مسجد الحسين كأنه يؤمن على دعائه لعلها ساعة إجابة....... تن*د طاهر براحة عندما استقرت سما على فانوس قبل أن يرميهما صاحب المحل بحذائه نتيجة لما يفعلان منذ أكثر من نصف ساعة فأخرج من جيبه المحفظة وهم بأن يعطيه المال لكن يده تعلقت بالهواء وهو يلمح تولين العزايزي ترتجف وهي تلتصق بوالده كأنها تخشى كل من حولها، نعم أخبرته بكل شيء حين عاد إليها بعد نصف ساعة ذلك اليوم وهي منهارة ولتخبره بالصواعق، من هي وماذا حدث لها رغم أن هناك بعض الأمور التي لم يجد لها تفسيرا ككيفية وصولها إلى مصر واعتقاد الجميع أنها ميتة وأسئلة ليس لها إجابة، أهمها لماذا لم يبحث أهلها عنها؟ فهو لم يكن ليصدق ما سمعه منها لو لم يرى صورا لها مع عائلتها التي قا**هم جميعا بنفسه يوم زفاف حورية، وصور كثيرة مع بشر العزايزي الذي أخبرته بحرقة تلبسها ثوب سخرية بالي أنه زوج المستقبل الذي تزوج أخرى وينتظر طفلا رغم أنه رآها طفلة جدا لتتحدث عن شاب بعمر بشر كزوج لها وبهذا الوجع، لكن ما أخبرته به حورية عن عادات هذه العائلة جعله يتقبل الأمر بهدوء ويتعجب للقدر الذي ألقى هذه الفتاة بطريقه فلا يفصله عن عائلتها سوى مكالمة هاتفية منه إلى منير ليخبره أنها حية وتتنفس، حاول ليلتها أن يحكم عقله ويعرض عليها أن يخبر أهلها بما حدث لتثور كأنها ما عادت حتى باقية على حياتها وتصرخ به أنه وعدها أن يكتم السر ويساعدها فهي لن تعود لعائلة ألقتها كأنها لم تكن ابنتهم أو إلى رجل لم تعني له يوما شيئا لتصير له وبحكم العائلة زوجة ثانية كأنها عادت من الموت لتموت ثانيةً، حاول معها بكل طرق الإقناع مستغلا كل ما درسه لسنوات وما لم يدرسه حتى وقعت بين يديه فاقدة لوعيها وتركته مقيدا بوعد التف حول عنقه **لاسل من نار، انتبه لصوت سما تتشاجر مع صاحب المحل وهي تحاول أن تخفض من سعر الفانوس متعللة بأنها ستشتري آخر فقال لها "سما اتركي له المال فحور تبكي، أسرعي لنرى ماذا حدث" تركت المال بغضب تسب صاحب المحل الذي سمعها فاضطر طاهر أن يتأسف له بحركة اعتذار لأنها لو سمعته يعتذر لن ينتهي الموضوع أبدا وأمسكت يده تسير بهدوء فقد أصبحت ثقيلة جدا حتى في حركتها فلم يتبقَ لها سوى شهر لتلد........ اقترب طاهر منهما وهو يسحب سما وسأل والده "لماذا تبكي حور يا أبي؟ هل هي بخير؟ ماذا حدث؟" ابتعدت تولين عن عمها صلاح وقد التهب وجهها بشدة فصار ألمه لا يطاق وقالت بخفوت "أنا بخير لكنني تأثرت قليلا بصراخ الشباب أظن أنني أصبحت أخاف من أقل شيء" رد عليها طاهر بحزم فقد أصبح يعاملها كشخص مسؤول عنها بجانب دوره كطبيب "من قال هذا الكلام؟ أنا وأنت نعلم أنك قوية جدا وأن ما حدث لك رغم بشاعته مجرد حادث كتب لك منه النجاة فاحمدي الله وهيا خذي سما واذهبا لتصليا معا وأنا وأبي سنصلي ونجتمع هنا بعد الصلاة" مرت أمام عينيها ذكرى مقتل والديها فغامت الدنيا حولها، ليقول طاهر كأنه قرأ أفكارها "هيا إلى الصلاة، فنحن جميعا نحتاج إليها، فمن لجأ إلى الله قد نجا" ض*بت كلمات طاهر قلبها فاقتربت من سما تمسك يدها وهي تقول "كل عام وأنتم جميعا بخير، رمضان مبارك" ابتسمت سما وقالت بتفكير "لماذا لا نبقى ونتناول طعام السحور هنا ثم نصلي الفجر ونرحل؟" رد عليها عمها صلاح بتشجيع "إذاً السحور على حسابي" عبس طاهر وقال "يا أبي لا تشجعها فغدا يجب أن أكون في المشفى عند الثامنة متى سأنام إذا نفذت لها هذا الجنون؟" رد عليه والده وقد وقف بين سما وتولين يأخذهما تحت ذراعيه "ومن قال أننا بحاجة لك؟ ارحل ونحن سنعود معا فقط اترك السيارة" حركت سما رأسها بسعادة وقالت "ارحل يا طاهر ونحن سنبقى، فبعد الصلاة سآخذ حور لتشتري فانوس ثم نضع الحنة على أيدينا وندور في الخان وشارع المعز ونأكل الكشري الحار حتى موعد السحور" رد عليها طاهر بغضب "ارحل يا طاهر!! هل هذا كل ما استطعت قوله؟ أين الحب أين التضحية أين الفانوس لأعيده لصاحب المحل؟" ضحكت سما بدلال وبدأت تسترضي طاهر وعمها صلاح يضحك، وقفت تولين تشاهد ما يحدث حولها وهي تفكر... لعل ما حدث لها خير….منحة إلهية من الله لتعيش حياة أخرى وسط أناس بعيدين كل البعد عن العزايزة. .. بشر من نوع آخر، أخذت أنفاسها وقد خدرت الفكرة وجعها قليلا فقالت بتساؤل "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، أليس كذلك يا عم صلاح؟" رد عليها الرجل بسعادة وهو يشعر أنها هدأت قليلا كأن بركة المكان ألقت في قلبها سلاما من نوع ما ورد عليها قائلا "فعلا يا ابنتي، وهيا إلى الصلاة ولا تنسي أن تطلبي من الله أن يوفقك فيما هو قادم" نظرت له بامتنان وسارت بجانب سما وسط الجموع وهي تستمد الأمان من الزحام كأنها أصبحت تتسول من الحياة حقها في أن تعيش بعيدا عن الوجع والجراح وعن ذكريات أصعب من أن تنساها…..مر الوقت بين مشادات طاهر وسما وضحك عمها صلاح وروعة السحور في الحسين في هذه الأجواء الروحانية الخلابة، لقد دارت مع سما وطاهر بجولة أكثر من رائعة في أماكن كانت تشاهدها في الصور فقط... لا تصدق أنها حقا هنا ...ترى طقوس كانت تشتاق لرؤيتها ...لم تمر لحظة بدون أن يدق قلبها بعنف كأنه سجين حكمت عليه ألا يرى نور الشمس مجددا ولا يبوح بسره لبشر فظل قابعا في ظلام ص*رها يصرخ بكلمة واحدة "بشر" صعدت السلم خلف طاهر الذي يحمل سما وبجانبها عمها صلاح الذي يقول بنعاس يغلبهم جميعا "أنا سعيد لأنني أشعر أن الأجواء تروقك كأنك ترينها للمرة الأولى …. انتظري لتشاهدي غدا موائد الرحمن ومدفع الإفطار و***ب الأطفال بالفوانيس في الحارة" ابتسمت بشجن وقالت "نعم أعجبتني جدا، شكرا على هذا اليوم" قاطعهما طاهر يقول "تصبح على خير يا أبي، تصبحي على خير يا حور أنا مشغول جدا حتى منتصف الشهر وعندما أرتب أموري سيكون علينا أن نتحدث سويا" هزت رأسها وأكملت صعود السلم بجانب عمها صلاح الذي قسم شقته إلى قسمين وفتح لها بابا خارجيا لتأخذ راحتها بالمكان، سمعته يودعها فردت عليه بهدوء ودخلت إلى غرفتها، كانت غرفة جميلة بسيطة لا تقارن بنمط حياتها سابقا فيها حمام ومطبخ صغير يحتوي على كل شيء، غيرت ملابسها و ارتدت منامة ساترة وفتحت التلفاز لتؤنسها أصواته قليلا ثم دخلت فراشها بإرهاق وهي تتمنى أن يأخذها النوم ولا يدعها لتتقاذفها الأفكار ..خلال لحظات سُحب وعيها لعالم الأحلام فوجدت نفسها تهرب من نيران تحاوطها بكل مكان وصراخ بشر يملأ الكون من حولها، كانت تجري وتجري لا تعرف هل تهرب من بشر أم تنجو بنفسها، كانت تشعر أن بص*رها هوة سحيقة مؤلمة ترتجف خوفا من النيران التي يأمرها بشر ويتوسلها أن تعبرها لتصل إليه، لمحت شخصا يقف بعيدا ويحمل فتاة صغيرة، فواصلت الجري حتى وصلت إليه وقالت ببكاء "ساعدني" التفت إليها فلم تتبين منه سوى عينيه ليصرخ بها بغضب "أين كنت؟" عادت تسأله بفزع "من أنت؟" فهدر بها "ألا تذكرينني؟"كانت النيران تقترب وصراخ بشر يعلو وذلك الشخص ينظر لها بغضب ويردد "ألا تذكرينني؟" انتفضت من نومها بجزع وعرقها يتصبب بشدة تحاول أن تتذكر ذلك الرجل الذي يغزو أحلامها مذ أفاقت من غيبوبتها وهي تبكي ……. حياتنا خطوات إما أن نمشيها ملوكا أو عبيدا للأهواء، إما أن نتقدم بها إلى الأمام أو تأخذنا إلى الخلف وهي أبدا لن تكون يوما أمةً لقلبها أو لأي شيء من الممكن أن ي**ر داخلها روح الأنثى الحرة، إنها امرأة من كبرياء خلقت في رحمٍ من ذهب علّمها أن تلمع عندما تحيطها النيران فكيف ستنحني؟ لم تتعلم الاستسلام يوما فالحياة إما غالب أو مغلوب والدروب إما سالكة أو مغلقة وال*قول إما نيّرة أو مظلمة والقلوب إما سليمة أو مريضة، نظرتها لكل شيء محسومة لا جدال فيها …. تن*دت فتون بتوتر وقالت لسجى التي تجلس جانبها بهدوء وجواد الصغير يغفو بين ذراعيها "لماذا أنت هادئة هكذا؟ أما زلت متأثرة بما حدث؟" داعبت سجى شعر الصغير بشرود وقالت "وسأظل متأثرة، فلا يمكنك أن تتخيلي كيف مرت عليّ تلك الدقائق بوجوده، كانت **يل من بلسم شافي يطيب قلبي لكن عقلي كان ينازع وبشدة حتى فوجئت بنفسي أطرده من الشقة وأغلق الباب في وجهه، هل يمكنك أن تحبي أحدا لدرجة الكره لأن قلبك يضيع أمامه؟" مطت فتون شفتيها وقالت "أحب أحدا لدرجة الكره! هل هذا لغز معقد؟ حسنا، سأخبرك، لم أحب أحدا أبدا لدرجة الكره، ولا كرهت إنسانا لدرجة أن يسكن دواخلي على غفلة مني فأحبه" رفعت سجى رأسها تقول "لا أظن أنك بهذه القوة، فمهما حدث أنتِ أنثى و….." قاطع حديثهما مؤمن الذي اقترب حاملا بيديه كوبين من القهوة وقال لسجى "أعطني جواد و اشربي قهوتك ستحتاجين لها فطريقنا طويل" ناولت سجى جواد لمؤمن بهدوء وقالت "سأذهب لأشتري بعض الأشياء قبل موعد الطائرة" جلس مؤمن بجانب فتون وقال لها "حسنا، لا تتأخري" نظرت لفتون وسألتها "هل تريدين القدوم معي؟" هزت فتون رأسها وقالت "سأشرب قهوتي أولا وعندما أنتهي سألحق بك" حملت سجى كوب قهوتها ورحلت، فسألت فتون مؤمن "هل تظن أن قراري بشأن السفر صحيح؟" جعد أنفه بمشا**ة وقال "طبعا صحيح أولا ستستطيعين نيل شهادة في التمريض وهذا سيغير مستقبلك المهني تماما فأنت فتاة خلقت لتعلو ولا حدود ل*قلك إذاً أطلقي العنان لروحك، ثانيا وهذا الأهم أنت معي لذلك أظن أنه أصح قرار قد أخذتِه" ابتسمت بعاطفة لحنانه وقالت "لا أعرف كيف سأتخلى عن وجودك جانبي يوما ما فأنت حقا سندي بهذا العالم" اعتدل باتجاهها ونظر لها بتمعن وقال "فتون، لست مضطرةً لأن تبتعدي عني، فأنا تجاهك قد أصبحت واضحا جدا، ولست مستعدا للابتعاد عنك مطلقا ولم أكن مستعدا أبدا، ربما في الماضي كنت خائفا أن يكون ما بداخلي مجرد تعود لأنك دائما في حياتي لكن صدقيني لقد تأكدت أن الموضوع أكبر من هذا بكثير، فأنا أحبك" ابتسمت بعاطفة هادئة نابعة من عقلها، نعم، هناك عواطف يكون ال*قل هو المتحكم بها وهذا كان اختيارها أن تغلق باب قلبها وتعيش بعقلها فقط فهي أضعف من أن تن**ر ومن أن تكون سجى أخرى، ورغم ذلك استقبلت هذه الكلمة كأنها وجدت كل ما تحتاجه، كأن الحياة تهدي لها سندا وحماية على طبق من ذهب، تأملت ملامحه الوسيمة بابتسامة سعيدة وعيون لامعة كأنها طالت النجوم فهي تحب مؤمن حقا، من الممكن أن يكون حبا عقلانيا لكن ربما مع الأيام يستطيع فتح باب قلبها فمؤمن يستحق وهي ستحاول، تريد منه أن يمنحها الأمان فقط وبعدها ستمنحه كل شيء، فقالت بتوتر "مؤمن هل تتحدث بصدق؟ هل تحبني وستظل معي؟" ابتسم براحة فهو دائما كان يتوجس من رد فعلها لكن ابتسامتها الجميلة جعلت قلبه لا يتوقف عن النبض في حضرة بهائها الناعم وقال لها ويده تعيد خصلة من شعرها لخلف أذنها "نعم يا فتون أتحدث بصدق ظللت لسنوات أتأكد من صدقه، لذلك اطمئني فعندما أقول أحبك تخرج من شفتي صادقة لأبعد حد" كانا يطيران على سحابة وردية غافلين عن الوحش الذي أطلق سراح جنونه................ يقف بعيدا لا يعلم لماذا أتى وهو من أقسم أن يبعد نفسه وعقله عن تلك الع**دة التي تورط معها في مأساة وليس حب، فكيف يحب أكثر إنسانة تكرهه بالوجود؟ كره غير مبرر وليس له أسباب كأنه يريد فقط أن يعذب قلبه وهو كالأ**ق سلم قلبه سبية لهذا العذاب، سلم قلبه لإنسانة تبحث عن قلبها داخل ص*ر إنسان آخر، رفع عينيه يتأملها بملابسها الخالية من أي لمحة أ***ة وملامحها الطفولية وسأل نفسه ما الذي جعله ينجذب لكتلة الوقاحة الكامنة أمامه؟ لقد احتلت به ما لم يحتله بشر وسيطرت على قواه فجاء كالمسير يودعها قبل أن ترحل لكن دون أن يقترب، شاهد مؤمن يقترب منها هي وسجى حاملا أكواب القهوة فاشتعلت مراجل الغيرة بداخله، فزوجته تكرهه ولا تريد أن تراه وتجلس وتتسامر مع غيره، يا الله لو كانت بين يديه لعلمها الأدب، ظل يشاهد رحيل سجى بغضب ومن بعدها توالت الانفعالات جنون…وغضب حفز شياطينه التي حضرت لتحرق كل العالم فهناك آخر يغازل زوجته أمامه، متيقن هو أن تلك النظرات والهمسات ليست سوى همسات عاشق، وجاءت القشة التي ق**ت ظهر البعير حينما لمس مؤمن شعرها فلم يشعر بنفسه سوى وهو يعبر إليهما ضاربا الأرض بقدميه لينزعها من أمام مؤمن بشدة وتملك لاكما إياه في أنفه بعنف فلم يستطع مؤمن أن يأتي برد فعل سريع فالألم لا يطاق و جواد انتفض صارخا بين يديه............... جذبها وراءه غير مهتم بصراخها حتى أمن المطار لم يأخذها من بين يديه فبمجرد أن رفع بطاقة تعريفه فُتح أمامه باب المطار على مصراعيه ليأخذها حيث يريد، اقترب من سيارته وألقاها بداخلها ودار ليأخذ مكانه خلف عجلة القيادة بسرعة رهيبة وانطلق بها، حاولت أن تفتح الباب لكنها لم تستطع فصرخت به "أيها المجنون لقد اختطف*ني وض*بت مؤمن، سأرفع ضدك دعوة قضائية تجعلك تختفي وراء الشمس أنزلني حالا" رد عليها ببرود "لا أحد يختطف زوجته ثم ذلك الوقح يستحق ما حدث له" صرخت به بقهر "ماذا فعل لك؟ هو لم يقترب منك حتى، أوقف هذه السيارة اللعينة " لم يلتفت لها وهو يقول " اقترب منك وأنت تخصينني فأخذ جزاءه وانتهينا، الأمر بسيط" التفتت له تض*به بيديها بشدة قائلة "ا****ة عليك، ماذا تريد مني؟ دعني أذهب" لم يحاول أن يوقفها عما تفعل كان يريد أن تصل ض*باتها إلى قلبه لعله يهدأ ويستكين قليلا ولكنه رد عليها يحاول أن يتحكم في نبرته لتصبح قاسية أكثر "تحكمي في ل**نك لكي لا أقصه لك واعلمي أن ما تفعلينه الآن ستعاقبين عليه لذلك نصيحة مني اهدئي أفضل لك، فأنا أتحكم في غضبي بأعجوبة" هذا ما كانت تخاف منه قسوة الرجال، تحكمهم وتجبرهم، حاوطها شبح الخوف من كل اتجاه وقالت له بهدوء "ماذا تريد مني يا جاسم؟ لماذا تفعل كل هذا؟ أعدني أرجوك أنا لم أؤذِكَ يوما وإذا فعلت فقد كان انتقاما مني لمشاجراتنا فأنت من كنت تضطرني لذلك، أعدني ومن الأفضل ألا تلتقي دروبنا ثانية" كان هنا دوره ليصرخ بغضب "ا**تي حالا بل اخرسي نهائيا أفضل لك ولي لأن ل**نك هذا سيكون قصه على يدي، لا تريدين أن تتلاقى دروبنا مرة أخرى! حسنا، هذا إن رأيتِ الطريق أو نور الشمس بعد اليوم، أنت من أوصلت ما بيننا لهذا فتحملي ما جلبتِه لنفسك" ذُهلت وبدأت تشعر بدوار يلفها ودقات قلبها تتسارع بفزع موقنة أنها وقعت في قبضة رجل، حدث لها ما حاربت سنوات لتمنع حدوثه، استجمعت كل شجاعتها وقفزت باتجاهه تدير عجلة القيادة بشكل جانبي، فصرخ برعب "ماذا تفعلين سنموت أيتها المجنونة؟" صرخت به وقد احتد جنونها "الموت أرحم لي من أن أكون سبيتك" لمح سيارة قادمة باتجاههما بسرعة كبيرة حاول أن يتحكم في عجلة القيادة لكنه لم يستطع فلم يكن أمامه سوى أن يدفعها بقوة للخلف فضُرب رأسها بباب السيارة بشدة ولم تشعر إلا بخيط دم دافئ يسيل على جبهتها وهي تفقد الوعي............ الحياة ليست شيئا ثابتا بل هي التغير بحد ذاته، اليوم حزن غدا فرح، اليوم ألم غدا راحة واليوم يأس غدا ستتفتح بوابات الأمل على مصراعيها، لم يكن ليصدق أنه سيتحول لإنسان يائس وحيد مريض مهدد وعندما تضيق به الدنيا بأكملها يصبح خادمه طريقه الوحيد للتفاهم مع الحياة التي تلاعبت به بأغرب وأسوأ الأشكال... لقد ذهل حين أدرك أن السعادة ليست مرتبطة بالمال فهناك أناس المال في حياتهم مجرد عامل مساعد إن وجد، اليوم علم أنه أضاع من عمره سنوات وهو مجرد تابع لم يعرف معنى الحياة رغم أنه كان يتبع والده إلا أن ذلك لم يترك له مساحته الخاصة ليكون شخصا مستقلا فكريا وماديا، وبعد كل ما حدث يشعر أنه أخطأ في حق نفسه كثيرا فلم يفكر من قبل في تكوين حياة خاصة له، لا أصدقاء ولا معارف وحتى من شعر نحوها بحب جارف، لماذا لم يتقرب منها؟ أين كان عقله وهو يخطط لجريمة مثل هذه؟ الحمد لله أنه لم يظلمها ويظلم نفسه بفعل هذا الجنون رغم عشقها الباقي بأعماقه، فقد صارت أجمل أحلامه التي لن تتحقق ولن يطولها أبدا، دخل من باب الشقة أمام سيد الذي يحمل عدة أكياس شفافة ويقول "رغم أنني أشعر بالتخمة من الطعام الذي صنعته فرحة إلا أن رائحة هذا الفطير تشعرني بالجوع مجددا" رد عليه عادل ببساطة أصبحت عنوان علاقتهما "فلتأكل إذاً ...لكن ساعدني فقط لأنام فهذا اليوم كان طويلا" توتر سيد وقال "يبدو أن الأطفال قد أزعجوك بصخبهم طوال النهار، كنت فقط أريدك أن ترى عائلتي وتخرج من هذا المنزل الذي تحبس نفسك بداخله كأنه سجن كما أن غدا يوم مبارك فمن الرائع أننا حصلنا على سحور كهذا" رد عليه عادل مبررا "لا بالع** عائلتك لطيفة لقد أمضيت وقتا رائعا اليوم، لكن كما تعلم دوائي أحيانا يصيبني بالدوار والنعاس" نظر له سيد بتفهم وقال "دعني أساعدك، وليعينني الله على الانتظار للسحور لنأكل سويا فطير أم عليّ فأنا متأكد أنك ستدمنه" ساعد سيد عادل في تغيير ملابسه ثم أدخله الفراش وجلس يتسامر معه حتى يغفو كما هي عادتهما منذ مدة فقد لاحظ أن عادل يكره الوحدة وبشدة فقال له "أخبرني بماذا تريدنا أن نتحدث اليوم" ابتسم عادل بإرهاق وقال له بتفكير "بصراحة أريد أن أعرف كيف تعرفت على زوجتك" ابتسم سيد بفخر ذكوري وقال "إنها جارتي منذ زمن وأنا صديق أخيها عليّ ونعمل معا، والدتها في منزلة والدتي فقد تيتمت منذ أن كان عمري عشرة سنوات، وترعرعت في الحي بين بيوته وأناسه، وعندما بلغت الثانية عشرة كان عليّ أن أعمل لأستطيع أن أتكفل بنفسي وأعيش بعيدا عن والدي الذي لا يتذكرني أبدا إلا عندما يحتاج مني أن أعمل عند أحد رفقاء السوء الذين يعرفهم لأسدّ ديونه التي تراكمت عليه من لعب القمار، لذلك بحثتُ عن عمل كثيرا لكنني لم أجد لصغر سني وقلة خبرتي ولسوء سمعة والدي، وفي يوم ما عرض عليَّ أخوها العمل معه على سيارة النقل خاصته فوافقت ونشأت في بيتهم كفرد منهم حتى بلغت الثالثة والعشرين و……...نظر سيد لعادل فوجده يغط في نومه فانسحب بهدوء يفكر أن عليه أن يكلم فرحة ليخبرها أنه حزين لأنه لم يستطع الانفراد بها ولا للحظة طوال اليوم …….

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

أنين الغرام

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.8K
bc

معشوقتي

read
1K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.6K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook