لا داعي للتحدث عن بطولاتك إذا كنت بطلًا من ورق، ولا تتحدث عن انسانيتك إذا فقدت كيف تعيش إنسانًا، فقط عش حياتك كما هي بألوانها لاتضف عليها لونًا يُبهتها، أو لونًا يُغمقها، عش بدون قلق وكأن اليوم هو آخر أيام حياتك....
وحياتها توقفت في اليوم الذي قرر فيه زوجها الانسلاخ عنهم ففي بعض الأحيان لا يكون بمقدورك التحدث مع أحد عما يزعجك أو يجول بخاطرك، لأنه وببساطة لن يفهمك إلا نفسك، ولن يشعر بك إلا من مروا بمثل ظروفك، لذلك عدم التحدث لا يريح أحد، والبوح لا يرحم ألسنة الغير من التحدث عنك، لذلك ال**ت غير سلاح يجب أن تلتزم به..
في منزل ميرا..
كانت ميرا مستقلية على الأريكة تفكر في كل ماحدث معها، حزينة على تصرفات مراد وتجاهله في الفترة الأخيرة، لا يسأل إلا لمعرفة أخبار ابنه، أهذا كل ما يربطه بها، ابنهما، وما كان بينهما، استطاع أن ينساه بكل تلك السهولة!! حسنا أيها المراد، ستعرف من ميرا، ستعرف اني لا أتخلى عن روح أحببتها قبل قلب، روح ساندتني في كل أحزاني قبل أفراحي..
كانت زينة تتأمل ميرا وعلامات الاندهاش شقت طريقها على ملامحها،
زينه لنفسها: ميرا اتجننت ولا ايه؟!؟ أنا لازم أكلم هاشم يتصرف، انا كدا هروح العباسية بدري أوي..
وكأن هاشم قد خرج من تفكيرها ليتجسد أمامها،
هاشم: زينه، إنت ي بت !! قم بض*بها على جبهتها
زينه بشهقة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، انت جيت هنا ازاي!!
هاشم باستغراب: انت شوفت عفريت وانا معرفش، مالك ي بت!!
زينه بابتسامة: مفيش ي اتشايه انا كنت لسه هتصل بك تيجي، لقيتك قدامي
هاشم محتضنا إياها: قلب اتشايه من جوا، خير ي حبيتي!!
زينه بحزن: ميرا ي هاشم، من وقت اللي حصل وهي على الحال دا، تبقى بتعيط وفجأة تضحك جامد، انا خايفة ي هاشم، خايفة عليها وعلى ابنها، خايفة تفضل كدا ومنقدرش نعمل حاجة نساعدها. .
هاشم بهدوء: متقلقيش أنا هتكلم مع مراد، وهقنعه، بس عايزك انت ونسمه تعملوا اللي هقول لكم عليه دا
ليقطع حديثهم جرس الباب،
زينه بتنهيدة: هشوف مين واجي نكمل!؟!
زينه بصوت عالي: حاضر
قامت زينه بفتح الباب لتفاجأ بنسمه واقفة أمامها،
زينه باستغراب: استغفر الله العظيم، ايه ي آل الراوي كلكم بتيجوا على السيرة ولا ايه!!!
نسمه بضحك: لا والله سوما اللي جبتني..
زينه بضحك: طيب ادخلي، هاشم جوا وعايزنا سويا
بعد فترة قصيرة كانت زينه ونسمه بجوار هاشم يتحدثون ويخططون لأمر ما، وابتسامة خبيثة رسمت على محياهم..
هاشم بضحك: فهمتوا هتعملوا ايه؟؟!!!
اكتفت زينه ونسمه بإيماءة بمعني نعم، في حين قال هاشم لهم
هاشم: انا هروح اتكلم مع ميرا شوية، وانت ي زينه الطلبات موجودة في المطبخ.
زينه بحب
هاشم: طيب يلا شوفوا هتعملوا ايه وانا كمان
بعد فترة كان هاشم يجلس بجوار ميرا، محاولة مواستها أو استفزازها، حتى تستيقظ من هذا الحزن
هاشم موجها حديثه ل ميرا: هتفضلي كدا لحد امتى؟! أنت لازم ترجعي لحياتك، الفترة دي محتاجه تهتمي بنفسك اكتر، شغلك اللي أهملتيه الفترة اللي فاتت دي، مراد هتتخلي عنه بسهولة كدا!! ندا اللي أهملتي سؤالك عنها!! زينه ونسمه مش مشتاقة تتكلمي معاهم وتضحكوا زي الأول!! طيب انا?? ردي عليا ي ميرا!! بقولك ردي؟؟ قال كلمته الأخيرة بعصبية،
نظرت ميرا إليه، أغرورقت عيناها بالدموع، وارتفعت صوت شهقاتها
هاشم محتضنا إياها: عيطي براحتك دلوقت، بس اعرفي أن دا آخر دموع هتنزل، زمن الدموع هينتهي دلوقت، وحياتك هترجع تاني أفضل من الأول، بس انت لازم تخرجي من حزنك دا.
ميرا ببكاء: مراد هيسيبني ي هاشم، انت عارف أنا عملت كدا ليه!! ساعدني ي هاشم، انا مقدرش أعيش من غيره.
هاشم بهدوء ومربتا على كتفها: إنت اللي هترجعي مراد تاني، انت اللي هتعرفيه انه ملوش غيرك وانت ملكيش غيره، فهماني!!
ميرا وهي تجفف دموعها: معاك حق ي هاشم، ميرا مش ضعيفه غير بوجود مراد، قوتي وضعفي، وأنا مش هسمح له أنه يبعدني عنه..
هاشم بضحك: هي دي الع**طة ميرا اللي أعرفها.
ميرا بعد انا وكزته في يده: ع**طه!!
هاشم بضحك: أقصد أختي الحبيبة ميرا، هسيبك بقى واروح ورايا شغل كتييييير
ميرا: تمام.
.............................
في الفيلا الجديدة لعائلة الراوي...
كان يجلس علي بجوار حسن يتناولان القهوة ب**ت مريب، حتى قطع حسن هذا ال**ت.
حسن بهدوء: مالك ي علي بقالك فترة مش تمام، ودايما زعلان، ومش بتتكلم مع حد؟؟
علي بحزن: زعلان من كل اللي حصل، حياتنا كلها ادمرت، بنتي مش قادر أخدها في حضني، رافضة وجودي ووجود أخوتها في حياتنا.
حسن بحزن لحال أخيه: طيب ليه متتكلمش معاها، ليه متفضلش انت وولادك جنبها، وهي هتحب بوجودكم.
علي: إنت عارف كنت بتمنى يبقى عندي بنت اد ايه، كان نفسي يبقى في حد حنين في العائلة، تأخد حنية والدة هاشم، وتأخد قلبك، بنتي مش عارفة شعوري بيبقى عامل ازاي وهي قدامي وأنا مش قادر اسألها مالك، بتعاملنا غرب عنها، حتى لما روحت لها بعد اللي حصل هي عاملتني كضيف غريب له واجب وهيمشي، المعاملة دي صدقني بدمرني من جوا.
حسن مربتا على كتفه: متقلقش بنتك هترجع لحضنك، وهتتجمعوا تاني، أكيد بتتعذب اكتر منك، بس شوف الموضوع من نظرة تانيه، هي فقدت أهلها اللي ربوها، يعني تعد يتيمة، وفجأة يظهر لها أب وإخوات، أكيد مش هتتقبل دا بسهولة، سيب الموضوع دا عليا وانا هتصرف.
قال كلمته تلك ثم انصرف، وهو عاقد العزم لتنفيذ خططته، لكن هل سينجح أم لا!؟!؟
........................
الحياة رحلة قصيرة، لاداعي لأن يتغلب حزنك، فأنت ستعيشها مرة واحدة، لذلك اصنع فرحتك بنفسك، لا تنتظر سعادتك من أحد ولكن اذهب إلى حيث عنوان السعادة أو الألم لن تدري بعد مادمت لم تعاني وعلى ذكر المعاناة هناك نوع آخر منها في أحد المستشفيات الخاصة....
دكتور جاسر، محتاجين حضرتك في غرفة 509، كانت تلك الكلمات التي تفوهت بها الممرضة بعد أن أذن لها بالدخول
جاسر بهدوء: تمام، اتغضلي حضرتك، وأنا جاي وراكي
تركته الممرضة بهدوء مثلما أتت بهدوء، عاد جاسر إلى وضعه الطبيعي، والحزن مستوطن عيونه، رن هاتفه، ألقى نظرة سريعة قبل أن
جاسر بهدوء: ست الكل، أخبار صحتك ي أمي.
الأم وهي تدعي "زهرة": أنا بخير ي حبيبي، أهم حاجة انت أخبارك ايه!!!
جاسر بهدوء: انا تمام طول م انتم بخير، متنسيش معاد الأدوية بتاعتك، وسلمي لي على اللمضة الصغيرة لحد م آجي ان شاء الله.
الأم بهدوء: إنت راجع قريب!!!
جاسر: ايون، انا هسيب المستشفى هنا، أسبوعين بس هظبط فيهم أموري، وان شاء الله اللي فيه الخير يقدمه ربنا.
الأم بحنان: ماشي ي حبيبي، ترجع لنا بالسلامة، مش عايز أي حاجة ابعتها لك آخر الأسبوع
جاسر: تسلمي ي أمي، في رعاية الله ي حبيبتي
الأم: مع السلامة ي حبيبي.
أغلق جاسر الهاتف، توجه إلى خارج المكتب، ذاهبا إلى تلك الغرفة، عاقدا العزم على العودة سريعا، حتى يتمكن من تحقيق ما يرغب.
.......................
في فيلا الراوي...
وخصوصًا في غرفة فهمي، كان يتأمل صورة قديمة تجمعه بزوجته الراحلة مع طفلهما هاشم، كم تمنى أن تعود تلك الذكريات ليعيشها كما هي دون وجود طمع في امتلاك كل شيء، ولكن بعد كل ماحدث لايستطيع أن يرفع نظرة لأحد ف هاهو قد انتهى ماضية، وسيولد من جديد بفتح صفحة جديدة مع الله حتى تُغفر ذنوبه، قطع شروده صوت رنين الهاتف، ألقی نظرة سريعة ثم فَتح الاتصال.
فهمي: أخبارك ي.....
قطعُ حديثه بتلك العبارة"لو حابب تصلح غلطك، وترجع ولادك لحضنك تاني، قابلني في المطعم اللي كنا بنتقابل فيه زمان" بعدها سمع صوت انتهاء المكالمة.
احتار فهمي أيذهب أم لا؟؟ ولكنه عقد العزم لمعرفة ما سيحدث، فكل مايريده هو مسامحتهم وفتح صفحة جديدة عنوانها الحب لا الطمع.
................
في شركة ميرا..
كان مراد يراجع أحد ال*قود قبل توقيعها، حينما أتت إليه رسالة"مستنيك في المطعم اللي قدام الشركة متتأخرش، يإما هطلع لك"
قرأ مراد الرسالة أكثر من مرة، وعلامات الاندهاش حطت على وجهه، فهذا رقم غير مسجل، أيعقل أن تكون ميرا! لا فالكلام بصيغة المذكر، قرر الذهاب حتى يرتاح من تلك الوساوس.
بعد مرور بعض الوقت ذهب مراد إلى المطعم، جال بنظره حتى وجد شخصًا غريب ولكنه مألوف يعتقد أنه رآه من قبل، ولكن أين لا يتذكر، جلس مراد بعد أن ألقى التحية،
مراد بهدوء: ممكن أعرف مين حضرتك!! انا حاسس إني شوفتك قبل كدا، بس فين مش فاكر!!
"انا حمزه" قالها حمزه بابتسامة، طبعا مش فاكرني لأننا تاني مرة نتقابل، أول مرة في فيلا الراوي،
مراد بتذكر: صح الكلام، بس ليه مطلعتش نتكلم في المكتب فوق، بدل المطعم
حمزة بهدوء: لأن فوق مكان شغل، مش عايز الموظفين يشوفوا مديرهم وهو بيض*ب، ولا ايه رأيك!
مراد ضاحكا: في دي عندك حق، البرستيج يضيع
حمزة بهدوء: نتكلم جد، انا جاي لك بخصوص ميرا، ومش....
قاطعه مراد بهدوء: الموضوع دا يخصنا انا وهي محدش له حق يتدخل في الموضوع.
حمزة بهدوء: انا عارف كلامك كويس وعارف انك هتقول كدا، بس انا هقول لك حاجة بسيطة وبعدها انت تحكم، وبالفعل قص عليه حمزة كل ماحدث بينه وبين نسمه وتدخل ميرا لإنقاذ تلك العلاقة.
كان مراد يشعر بالفخر مما يسمعه، حبيبته فعلت كل هذا؟؟ متى كبرت تلك الصغيرة!! وأصبحت تخطط لكل هذا، نشرت الفرحة وأعطت لحياتهم طعما، وحياتها أصبحت كالصبار.
حمزة بهدوء: ودا كل اللي ميرا عملته، وطبعا لازم اساعدها.
مراد ببرود: خلصت، مكنش لازم تحكي عن انجازتها، لأن انا اللي هقرر مش أي حد تاني.
حمزة بعد تداركه الأمر بفطنته قرر إلقاء القنبلة: لأ انا مش بحكي إنجازتها علشان انت ترجع لها، أنا بقول كدا كتمهيد اني بطلب منك تعجل من الطلاق لأني قررت اتجوز ميرا، وطبعا مسموح لك تزور ابنك في أي وقت.
وكأن كلمات حمزة كانت كالقنبلة، تحولت ملامح مراد من البرود إلى الحزن، الغضب، العصبية، من هذا الأبله؟؟ كيف يطلب منه أن يطلقها!! هل يستطيع أن يتخلى عن حبيبته!! لا لقد أخطأت أيها الحمزة.
حمزة بابتسامة: طالما بتحبها كدا متضيعهاش من ايدك لأن وقت الندم بيبقى صعب، سلام ي مراد
قال كلمته الأخيرة بعد أن وضع يده على كتف مراد، ثم ذهب إلى وجهته، أما مراد مازال جالس بمكانه لايعرف ماذا يفعل، ولكن قريبـــــــــــا سيكون وقت الفعل.
......................
في منزل سهام ومراد....
كانت سهام تتابع إحدي المجلات، ولكن عقلها مشغول في حل تلك المشكلات، رن الهاتف، وجدت رقم غير مُسجل لديها، وبعد محاولة واثنتين وثلاث قررت الإجابة.
سهام: الو!!
المجهول بعصبية: ايه ي سهام لازم ساعة علشان تردي
سهام بتساؤل: مين معايا!؟!
المجهول: أنا ..... ي سهام، مش فاكرة ولا ايه؟
سهام بخجل: أسفه والله بس الرقم مش مُسجل عندي علشان كدا مردتش، المهم ايه الأخبار.
المجهول: متقلقيش انا كلمت فهمي، وهقا**ه قريب جدا، ولو هو ندمان زي م انت قولتي يبقى لازم يساعدنا، لأن هو اللي هيفيدنا كتيييير
سهام بشرود: هو هيمسك فـي الفرصــة، صدقنـي، دايمًا مش بيحـب يـطلع خسران، بس هو اللي هيختار بـقى.
المجهول: تمام وانا هـكلمك تاني علشان اقول لك اللي حــصل، ســلام
سهام بشرود: ســـــــــــلام.
بعد أن أغلقت الهاتف، سهام لنفسها: نـهايتك قربت ي ممدوح بيـه، ودا هدوء م قبل العاصفة، صدقني أنـا هندمـك على كـــــل حــاجة عملتها بس كــله بـأوانه.
.....................
في الـكافتيريا الـخاصـة بشـركـة ميـرا....
كـــان يراقبها من بعيد، حـركات وجـهها، ابتسامتها، ضحـكتها، انفعـالـها في الهاتف، كـم يعشق تلكـ الفتـــاة، فـهي حـبيبتــه، وسـتكون زوجـته الـمستقبيلة قـريبـــــــــــــــًا، لـمحته من بـعيد ولـكن تـجاهلته تـــمامًا، وَجــد كيف أدارت وجـهها، لـــذلـك قـرر أن يــذهب لـمحادثتها.
مـحمـد بهـدوء: أخبــــــارك يـــــ هنـــد؟؟
هنــــد بهــدوء مسلطـة نظــرها علــی نقطـة خلفـه: تمام الحمد لله، انت ايه اخبــــارك؟
مـحمـد بهـــدوء: بقيــــــت كويــــس لمــا شوفتـــك
هنـــد بحــزن متجاهلــه النظــر فـي عينيــه: لـو سمحــت أنــا لازم أمشــي.
تتجـــــــوزيـنــــــــــــــــــــــــــــي يـــ هنـــــد؟؟ قالهــــا محمــد بحـــب.
هنــد بألــم: للأســــف مـش موافقــة يــ أستــاذ محمــــد.
محمــــد بحــــــــزن: ليــــــــه؟؟؟
هنــــــد والـدمـوع قـد أخــذت مجـــراهـا: لأنـك عمـرك مـا هـتفهم. ثـم تركتــــه ورحلــــــت، رحلـــــــت ومعهــا مفتــــــــاح سعـــادتــه، رحلــــت وتحــطم قلبـــــــه برفضهـــــــا، وتحطـم كبريــاء متبقــي بســـبب رفضهـــــا، فهــي تحبــه ولكنهــــا تخشــی قــربه، فـقربـــه عــذاب، وبعـــده جحيــــــم، لكـن الـی متـي ست**ـد؟؟ وهــل سيتغـلب الكبريـــاء أم أن قلبهـــا سيعـلـــن عصيـانه؟؟
#أسماء_رمضان
#يُتبع