صافح ياغيز بعضا من معارفه هنا و هناك و عينه لا تبتعد عن جهة الحمامات..ينتظر خروج هزان..و فور رؤيته لها ابتسم بطريقة ساحرة..مشت هي على مهل الى أن صارت تقف بجانبه..نظر اليها و قال" لقد حان موعد القاء كلمتي..كوني بالقرب مني..سأقدمك للجميع" هم بالابتعاد عنها لكن هزان أمسكته من ذراعه و تمتمت بصوت خافت" لا داعي لذلك..اذا قدمتني أمام معارفك و أصدقاءك و الحاضرين جميعا ستضطرني للحضور معك في كل مناسبة اجتماعية كهذه..و أنا أكره ذلك..لو سمحت..لا داعي لتقديمي بصفة مزيفة لن تستغرق الكثير حتى تنتهي" قرب ياغيز فمه من أذنها و همس"لو تتوقفين عن معاندتي و مناقشة أوامري لازداد جمالك جمالا في عيوني..لكنك تصرين على لعب دور العنزة العنيدة..سأفعل ما أراه صائبا..و لن أستمع لاعتراضك..آن لك أن تعرفيني جيدا" و قبل أن يبتعد طبع قبلة خفيفة على خدها على مرأى من الجميع..صعد الى المنصة و قال بصوت عالي" مرحبا بالجميع..أهلا و سهلا بكم في حفل الذكرى الأربعين لتأسيس مصنع و شركة ايجمان للأثاث..هذا الصرح العريق الذي أسسه جدي و من بعده والدي و الذي استلمته أنا و ان شاء الله سأسلمه لأبنائي من بعدي..أود أن أشكركم جميعا على حضوركم لمشاركتي هذه المناسبة السعيدة..أتمنى لكم حفلا ممتعا و وقتا رائقا..و قبل أن أختتم هذه الكلمة..أردت أن أقدم لكم شخصا يعني لي الكثير..شخصا يمنحني القوة للاستمرار و المواصلة..شخصا دخل حياتي مصادفة و قلبها رأسا على عقب..أقدم لكم خطيبتي..هزان" ثم مد يده نحو هزان التي كانت تقف بالقرب منه..ترددت كثيرا قبل أن تضع يدها في يده و تصعد بجانبه على المنصة تحت تصفيق الحضور..لف ياغيز خصرها بذراعه و قربها منه كثيرا اما هي فكانت مجبرة على الابتسام مجاملة له و للحاضرين..أضاف ياغيز قائلا" و الآن اسمحوا لي بأن أفتتح فقرة الرقص مع حبيبتي هزان ..و أتمنى أن تشاركونا" رمقته هزان بنظرة حادة لكنه لم يعطها فرصة للاعتراض بل سحبها من خصرها خلفه الى حلبة الرقص و احتوى جسدها بين ذراعيه..غمغمت بعصبية" هذا كثير..من قال لك بأنني أريد أن أرقص معك؟ ثم أنا لا أجيد الرقص..لم يسبق لي أن.." قاطعها هو بأن وضع اصبعه على شفتيها و همس بصوت أجش"اتركي نفسك لي..و كفي عن الحديث" ..رفعت هزان عيونها نحو عيونه البلورية التي كانت تع** سعادته بانتصاراته المتواصلة عليها و جعلها تخضع لسلطته رغم محاولاتها المتعددة بأن تتمرد و ترفض..لم تعد تشعر بخطوات ساقيها و لا بجسمها كله..كانت كاللعبة بين يديه..يحركها كيفما شاء..يجعلها تتمايل معه على وقع الموسيقى الكلاسيكية التي عزفتها الفرقة المشهورة الموجودة في القاعة..حتى خوفها من أن تدوس على قدمه ذهب و تلاشى مع غرقها في عيونه و نسيانها للمكان و للزمان..بدا لها و كأنهما الوحيدان الموجودان هناك..في قاعة الفندق..و الأضواء مسلطة عليهما..يتواصلان عبر النظرات و خفقات القلب و الأنفاس المرتبكة و المرتعشة..يأخذ العقل وقتا مستقطعا و يسمح للحواس و للجوارح بأن تسيطر على الموقف..يختفي الأشخاص و المنطق و المفروض و الضروري..ليحل محله الانسجام و التكامل و المشاعر الجياشة..يجد ياغيز نفسه مستسلما لها و لتأثيرها القوي عليه و لمشاعره السريعة التي تقوده نحوها دون يقين..يسعد بقربها..يستمتع بعنادها و بتعنّتها..يتأملها برغبة في عدم ابعاد عيونه عنها..تأسره ابتسامتها الخجولة التي ترتسم على شفاهها المثيرة كلما التقت نظراتهما..يداه تحيط بخصرها و تشدها نحوه حتى يشعر بضغط ن*ديها على ص*ره..يسمع صوت دقات قلبه التي تعلو و تعلو لتعانق دقات قلبها المضطربة..يشعر بأنفاسها المكتومة و التي تحاول عبثا اخفاء ارتباكها و ارتعاش جسدها بين احضانه..قرب رأسه من رأسها و أراح جبينه على جبينها و واصلا رقصهما معا في كون خاص بهما لا يوجد فيه سواهما..
انتبها لنفسيهما بعد لحظات و هما يسمعان صوت التصفيق بعد أن انتهت المعزوفة و عاد الجميع الى طاولاتهم..في مكانها..كانت بيلين تقف جامدة تتابع بعيون دامعة كلمات و حركات و رقص ياغيز مع هزان..هذه الفتاة التي ظهرت فجأة و أخذته منها..لقد قدمها على أنها خطيبته أمام العلن و لم يبعد عيونه عنها ولو للحظة واحدة..طأطأت رأسها و مسحت دموعها و هي تسمع صوتا يقول" أرأيت؟ هذا الذي فضّلته عليّ و رفضتني من أجله..هاهو اليوم يقدم خطيبته أمام عينيك و كأنك غير موجودة" التفتت بيلين لتجد جواد شاكر يقف أمامها( مراد يلدريم) ..انه ملك النقل البحري و الموانئ و البواخر في اسطنبول..لطالما لاحقها و ركض خلفها معبرا لها عن حبه لكنها كانت ترفضه دائما بسبب حبها الأعمى لياغيز..و هذا ما جعله يكره ياغيز و يحقد عليه و يغار منه..قالت بيلين" جواد..كف عن هذا الهراء و عن التدخل في حياتي..أعلم جيدا مكانتي عند ياغيز..لن تنجح لا هذه الفتاة و لا غيرها في انتزاعها مني..و أنت..اذهب و جد لنفسك تسلية أخرى غيري" و همت بالابتعاد عنه لكنه جذبها من يدها و هو يقول" هل أنت عمياء؟ ألم تري كيف كان ينظر اليها؟ أكاد أجزم بأنه لا يرى غيرها هذه الليلة..لماذا تصرين على اهانة نفسك و اذلالها..أعلم بأنكما عشتما علاقة طويلة..لكن هذا لا يعني بأن تغمضي عينيك عن الحقيقة" انتشلت بيلين يدها منه و ردت بعصبية" لا أريد أن أرى لأنني أحبه..أعشقه..و أتنفسه..و أعلم جيدا بأنه حتى و ان ابتعد عني الآن فإنه سيعود الي عاجلا أم آجلا..لأنه لن يجد امرأة تحبه مثلي أنا..و الآن..عن اذنك" و تحركت مبتعدة عنه فيما تابعها هو بعيون عاشقة و يائسة ثم رفع كأس الويسكي الى فمه و احتساه دفعة واحدة و هو يتمتم بصوت غاضب" ا****ة عليك ياغيز ايجمان" ..تجول ياغيز و هزان بين الطاولات يعرفها على رجال أعمال و أصدقاء للعائلة و هو يحاول جاهدا بألا يسمح لها بالابتعاد عنه و لو لثانية واحدة..و بينما هما يتحدثان مع الضيوف..اقترب منهما جواد و ربت على كتف ياغيز و هو يقول" خطبة مباركة يا دون جوان مدينة اسطنبول..لم يعد أحدنا يعلم عم يجب أن يحسدك أكثر..عن نجاحاتك المتواصلة في العمل..أم عن الامبراطورية التي تملكها..أم عن الحسناوات اللواتي يركضن خلفك و يعشقنك" رمقه ياغيز بنظرة باردة قبل أن يمد له يده مجاملة و يرد" أولا..شكرا لك على التهنئة و العقبى لك ان شاء الله..ثانيا..لا داعي لأن تحسدني فأنت أيضا واحد من أنجح رجال الأعمال في مدينة اسطنبول و نجاحاتك متواصلة ماشاء الله..أتمنى لك من كل قلبي أن تحصل على كل ما تتمناه يا جواد" تن*د جواد بحرقة و هو ينظر الى بيلين ثم قال" ليتني أحصل على ما أتمناه..لكن ذلك مستحيل ما دمت أنت موجود" فهمت هزان من حالته و من كلامه و نظراته بأنه يعني بيلين..أما ياغيز فتجاهل تلميحاته و استأذن في الانصراف و هو يسحب هزان معه..ابتسمت هزان بسخرية و قالت" مسكين..يبدو أنك تقف عائقا في طريقه..هو يعشقها و هي تعشقك..طبعا لن أتوقع منك بأن تسمح له بالاقتراب مما هو ملك لك..حتى و ان انتهت صلوحيتها بالنسبة اليك..فلا شك بأن غرورك و عنجهيتك لا يسمحان لك بذلك" حدجها ياغيز بنظرة غاضبة و ضغط بأصابعه على ذراعها العارية و هو يتمتم بغضب" هزان..لماذا تصرين على استفزازي في كل مرة تكون الأمور بيننا على ما يرام؟ هل يروق لك اغضابي؟ هل تعجبك عصبيتي؟ ها..أجيبي" انتزعت هزان ذراعها من يده و ردت بصوت خافت" لا..لا تروق لي عصبيتك و يخيفني غضبك..لكنني أقول الحقيقة التي لم تتعود على سماعها من المحيطين بك لأنهم يخافونك و يخشونك..أعلم جيدا بأنك.." لم تستطع هزان أن تنهي كلامها لأن صوت صراخ بيلين القادم من الطرف المقابل قد علا و ملأ المكان..كانت تصيح و هي تحاول انتزاع يدها من جواد" اتركني يا هذا..ألا تفهم؟ لن أرقص معك..توقف عن ازعاجي" اندفع ياغيز نحوها و حاول أن يحل الأمر بهدوء لكن جواد كان قد ثمل و لم يعد يعي ما يفعله..وضع ياغيز يده على كتفه و قال" جواد..اهدأ لو سمحت..لا داعي لافتعال مشكلة" لكن جواد أبعد يده عنه بعصبية و دفعه بقوة حتى كاد يقع أرضا و هو يصيح" ابتعد عني..لا تلمسني..أنت بالذات لا تقترب مني و الا قتلتك..أنت سبب مصائبي..أنا أكرهك ياغيز ايجمان" ..كان رد ياغيز عليه قويا جدا..كان قد اتكأ بجسمه على الطاولة التي خلفه لكي لا يقع ثم اندفع نحو جواد و لكمه بقوة على وجهه حتى سقط أرضا..جرى جان نحوه و حمله ليخرجه خارجا قبل أن يفقد ياغيز صوابه و يقضي عليه..نظر ياغيز الى بيلين التي كانت تبكي و ترتعد خوفا و سألها" هل أنت بخير؟" لم تدخر هي الفرصة لكي تقترب منه و تعانقه تحت انظار هزان التي كانت تتابع ما يجري بيقين تام بأن ما قالته له منذ لحظات كان صائبا و حقيقيا..انسحبت الى الشرفة و هي ترى بيلين تعانق ياغيز و هو يربت على ظهرها محاولا تهدأتها..اتكأت على الحاجز الحديدي بيديها و هربت بنظراتها بعيدا..كانت تحاول جاهدة ألا تتأثر به و ألا تسمح له بملامسة قلبها المغلق في وجه الحب و الذي لا مكان فيه سوى للانتقام و الكره..لكنها و رغم كل شيء..كانت قد بدأت تحس بشيء تجاهه..ضعف غريب يلم بها كلما اقترب منها أو لامسها..تعجز عن السيطرة على دقات قلبها المجنونة كلما أسمعها كلماته الغريبة أو نظر اليها بعيونه الساحرة..و الآن..و عندما عانقته بيلين..شعرت بوخزة في قلبها و بانزعاج لم تفهم له سببا..و هاهي تهرب الى هنا لكي تكون لوحدها و تحاول أن تفرض كلام عقلها على قلبها و على كل حواسها..سمعت وقع خطوات تقترب منها..التفتت فإذا هي وجها لوجه مع الضابط باريش الذي مد نحوها علبة السجائر و هو يقول" سيجارة؟" رمقته هزان بنظرة غريبة و أخذت سيجارة من العلبة فأشعلها لها و هو يسأل من جديد" هل أنت بخير؟ هل كل شيء على ما يرام؟" ردت هزان و هي تنفث دخان السيجارة في الهواء" نعم..بخير..شكرا لك" اتكأ هو الآخر على الحاجز بجانبها و قال" هل ازعجتك رؤية خطيبك يدافع عن عشيقته؟ هل هذا ما دفعك للهروب و الانزواء هنا؟" هزت برأسها بالنفي و أجابت" لا..أردت فقط البقاء لوحدي لبعض الوقت..هذه الحفلات و المناسبات الاجتماعية تضايقني و تخنقني" ..في الخارج..أوصى ياغيز جان بأن يوصل بيلين الى منزلها قبل أن يعود للداخل و يبحث عن هزان..و ما ان خطى داخل القاعة حتى سمع صوت العم محمود يقول" مساء الخير بني..كيف حالك؟ شكرا لأنك وجهت لي الدعوة لحضور الحفل..هذه المناسبة تعني لي الكثير" عانق ياغيز العم محمودا و هو يجيب" أهلا بك عمي..و كيف لا أدعوك و أنت أحد مؤسسي هذه الشركة و هذا المصنع و من الذين حافظوا على تواجدهما و استمراريتهما..أنت تنتمي الى هذه العائلة أيها الرجل الطيب" ربت الرجل على كتف ياغيز بحنان و قال و هو يعطيه علبة صغيرة" ما دمت تعتبرني فردا من هذه العائلة فأرجو أن تقبل مني هذه الهدية المتواضعة..أردت أن أعطيك شيئا يعني لي و لك الكثير" أخذ ياغيز العلبة و رد" شكرا لك عماه..لم يكن هناك داعي..أنت تعلم جيدا بأنني أحبك كثيرا و لا أستطيع أن أرفض هديتك..سلمت يداك" ابتسم الرجل و قال" و الآن اسمح لي بأن أنصرف..لقد تأخر الوقت و السهر يضرني..ليلة طيبة بني" رافقه ياغيز الى الباب و ودعه ثم وقف على جنب و فتح العلبة و ما ان فعل حتى تجهم وجهه و لمعت عيونه بدموع لا يسمح بانهمارها..أعطى العلبة لجان ثم توجه مباشرة الى المقصف و أخذ كأسا من النبيذ احتساها دفعة واحدة ثم أتبعها بأخرى و أخرى تليها..رأته هزان التي عادت لتوها من الشرفة..كانت تظن بأنه يشرب هكذا بسبب ما حصل مع بيلين و جواد..اقتربت منه و قالت" أريد أن أعود الى القصر" دفع بالكأس الأخير الى جوفه ثم وقف و رد" و أنا أيضا..لقد انصرف أغلب الضيوف و انتهت الحفلة..لكنني لا أستطيع أن أقود السيارة الآن..لننتظر قليلا حتى يعود جان" سألت" و أين هو؟" اجاب" أرسلته لكي يوصل بيلين الى المنزل..لن يتأخر" تأففت هزان بضيق و قالت بعصبية" لن أنتظره..سآخذ سيارة أجرة و أعود الى المنزل" و همت بالابتعاد لكن ياغيز أجبرها على البقاء مكانها بأن جذبها من يدها بعنف و هو يتكلم من بين أسنانه" اذا قلت انتظري فيجب أن تنتظري..لا تدفعيني الى الجنون" ثم نظر ناحية الباب بعيون مثقلة و اضاف" ها قد عاد جان..هيا لنذهب" انتشلت هزان يدها منه و سبقته الى الخارج..وضع ياغيز يده على كتف جان و مشى بتثاقل نحو السيارة..و بعد دقائق وصلوا الى القصر..ترجلت هزان مسرعة و ذهبت الى غرفتها..ألقت الحقيبة على السرير و خلعت حذاءها و قبل أن تفتح سحاب فستانها و تزيحه عن جسمها سمعت صوت طرقات على الباب..ثم سمعت صوتا جعل كل جسمها يختلج فجأة..انه هو..هنا..على بابها..كان يهمس بصوت ضعيف" هزان..افتحي لو سمحت..أريد أن أتحدث اليك..أنا أحتاجك كثيرا" بقيت هزان واقفة في مكانها لا تسمع سوى صوته الضعيف و صوت دقات قلبها المجنونة و الذي يكاد يغادر ص*رها..كانت تعي جيدا بأنه ثمل و بأنه غير واعي لما يفعله أو لما يقوله..كانت تخاف منه على نفسها..و تخاف من نفسها على نفسها..تخشى من ضعفها أمامه و أمام لمساته و نظراته..تخشى أن ترمي عرض الحائط كل تحذيرات عقلها و أن تستسلم له..ترددت كثيرا قبل أن تقترب من الباب و تقول" ياغيز..ليس هذا الوقت المناسب للحديث..أنت لست في حال يسمح لي باستقبالك في غرفتي..لو سمحت..اذهب من هنا" شعرت به يرمي بثقله على الباب لكي لا يقع أرضا و سمعته يقول" هزان..لا تخافي مني..أقسم بأنني لن أؤذيك..أريد فقط أن أتحدث معك..و أن أراك..هذا فقط كفيل بأن يريحني..أرجوك هزان..افتحي" ..بيد مرتعشة ادارت هزان المفتاح في كوة الباب و فتحته..تحرك ياغيز بخطى ثقيلة نحوها و دخل..أغلقت هزان الباب و اقتربت منه و هي تقول" لم أكن أظن بأن ما حصل مع بيلين سيؤثر عليك الى هذه الدرجة..ان كنت تحبها من كل قلبك فلماذا .." قاطعها هو بأن سحبها بين ذراعيه و ضغط على جسدها بقوة و هو يغمغم" أنا لا أحبها..لا علاقة لبيلين بما أنا فيه..أنت لا تعرفين شيئا..لا بيلين و لا غيرها قادر على فعل ما تفعلينه أنت بي..تشدينني نحوك كالمغناطيس..وجودك يشعرني بالارتياح..هزان..لا تبعديني عنك..تعالي معي" و جذبها من يدها نحو السرير..أبعدت هزان يدها عنه بسرعة و تراجعت الى الخلف و هي تقول" لا..اياك أن تفعل هذا..لقد أقسمت بألا تؤذيني" جلس ياغيز على حافة السرير و نظر نحو هزان بعيون مثقلة و مد يده اليها و رد" لا تخافي..لن أؤذيك..تعالي الى جانبي..خذي بيدي و اقتربي مني" وضعت هزان يدها في يده فأجلسها بجانبه و دفن وجهه في عنقها..تسارعت أنفاس هزان و ارتعد جسمها و هي تشعر بأنفاسه الدافئة تلامس بشرتها..أمسك ياغيز بيدها و ضغط عليها بين أنامله و همس" هزان..أعلم بأنك تكرهينني و تحقدين علي ..لكن أرجوك لا تفعلي..فليكرهني كل الكون الا أنت..أحتاج لعطفك و حنانك و حبك..أحتاج لتلك البراءة التي وجدتها فيك في الوقت الذي أفتقدها في نفسي..أحتاج الى وجودك بجانبي..لأنني رغم كل هؤلاء الموجودين حولي..أشعر بأنني وحيد..وحيد جدا" همت هزان بأن تتكلم لكنه وضع اصبعه على شفتيها و تن*د بعمق قبل أن يضيف" لا تقولي شيئا..أعلم بأنني أطلب الكثير منك..لكن..هل لي بأن أنام هنا..معك..لن أفعل شيئا..و لن ألمسك..أعدك بذلك..أريد فقط أن أضع رأسي على ص*رك و أنام..هل أستطيع ذلك؟ هل تسمحين لي؟" نظرت هزان اليه..الى عيونه التي يكاد يغلقها التعب و الثمالة..الى نظراته المن**رة و المهزومة..الى حالة الضعف و الان**ار التي هو عليها..همهمت بكلمة " نعم" بصوت خافت و ساعدته على الاستلقاء على السرير ثم استلقت بجانبه فوضع يدا على خصرها و رأسا على ص*رها و تمتم" شكرا لك هزان" و ما هي الا لحظات حتى غط في نوم عميق..