كان عا** يجلس بجانب اخيه محاولا افاقته بزجاجة عطر صغيرة فى حجرتهم التى تتكون من سريرين و خزنة ملابس كبيرة مكتبه للكتب الدراسيه، و مكتبين للطفلين
اردف عا** ببكاء
"فوق يا حسام انا مش ناقص قلق و خوف عليك"
مرت عدت ثوانى حتى افاق الصغير، بدأ يستعيد وعيه تدريجيا و تذكر ما حدث، و عندما نظر الى اخيه اجهشوا الاثنين بالبكاء
فاحتضنه عا** محاولا تهدأته
فى ذات الوقت كان
يصعد وحيد السلم و هو يلهث من شدة التعب
ثم رن الجرس بشكل مستمر
فى تلك الاثناء كانت نسرين نائمة على الفراش باسترخاء تصب نظرها على اللاشئ و تفكر فيما يحدث معاها حينها افزعها صوت الجرس المستمر
فقامت مسرعة و ارتدت عباءة بأكمام طويلة
هتفت بصوت عالي
"في ايه ياللى على الباب، متصربع على ايه هى الدنيا هتطير يا خويا، دة ايه دة"
حين فتحت كادت ان تنفعل و لكنها وجدت وحيد امامها
هتفت بارتباك
"وحيد حبيبى ازيك يا خويا اي....
قبل ان تكمل حديثها، نزل بصفعة قويه على وجهها، من شدتها ارتطمت بالارض
دخل و اغلق باب الشقة بعنف و نظر اليها بشر ثم
امسكها من تلابيب عبائتها، اخذ يصفعها بقلم تلو الاخر
و يجذبها بشده من شعرها و صدمها بتحد الجدران
صرخ فى وجهها
"خليتى سومعتنا على كل ل**ن يا فاجره يا بنت الك*ب
خليتى الل يسوا والى ميسواش يتكلم علينا، اقتلك دلوقتى ولا اعمل فيكي ايه
كان الدماء يسيل من مقدمة رأسها و جوانب شفتيها، و عيناها الاثنين بيهما كدمات حمراء
اردفت ببكاء و هى تتألم
"ابوس ايدك يا وحيد اسمعنى،فهمنى بس ايه اللى حصل"
دفعها بقوة فارتطمت بالارض و شرع ان يركلها بقدمه في بطنها و ظهرها
"افهمك ايييييه، انطقى، افهمك ايه يا بنت **،
سيرتك بقت على كل ل**ن البلد، البلد مبقاش عندها سيره غيرك انتى و ال** اللى ماشيه معاه،ملقتيش الا دة، سبتى رجالة الدنيا كلها
و مسكتى في جوز اختك
اصبح وجه نسرين ملطخا بالدماء من شدة الض*ب تكلمت بضعف
"جبت الكلام دة منين بس،اكيد اللى قالك كدة حد عايز يوقع بينا، ابوس رجلك يا خويا ترحمنى و تسمعنى، انت تصدق اعمل كدة برضه، ابوس ايدك ارحمنى انا هموت في ايدك
كل هذا و وحيد مستمر في ركلها و جذب شعرها
و هى تصرخ مستغيثة بأحدهم
"الخقونى يا نااااس، الحقونى يا عالم اااااااه، وحيد هيموتنى يا ناس الحقوني
خرج عا** على صوت صرختها، تفاجئ بوجود خاله كاد ان يبعده عنها و لكن تراجع و تسمر مكانه ناظرا اليها ببرود
نادت عليه نسرين باستغاثة
"الحقنى يا عا** الحقنى يا حبيبى، خالك هيقتلنى"
هتف وحيد بغضب
" ياريتك تموتي، اهو هنخلص منك و من عارك، كل الناس عايزة توقع بينا،ليه يا ختى احنا مين عشان البلد كلها تحطنا فى دماغها، كفاية كدب بقى يا شيخة، مش كفاية مصونتيش شرف جوزك اللى مات لوثتى سومعتنا يا واطية
هتفت نسرين بصراخ
"كدابين، انا معملتش حاجع معملتش حاجة"
اتاها صوت عا** و هو يقول ببرود
"انتى اللى كدابه، عمى سالم لسه ماشي من عندنا يا خالي، جيت انا واخويا لاقيته كان مع امى فى اوضة النوم و هى......
توقف وحيد عن الض*ب و اخذ يتنفس بصعوبه
"كانت ايه يا عا**، اتكلم
تردد قليلا ثم قال
"كانت بقميص النوم و هوو هو كان عريان"
نظر وحيد اليها باشمئزاز
"حتى ابنك شهد عليكى، يا ترى هو كمان عايز يوقع بينا، اسمعى مش عايزة اعرفك تانى ولا عايزك تقربي من اى حد فى اخواتى، انتى واحد نجسة و ميشرفناش تبقى مننا
بصق عليها و فتح الباب و انصرف
اما هى نظرت الى ولدها فى بحسرة و غل
ابتسم عا** بسخريه و تذكر حين كانت تض*بهم بعنف ولا تهتم بصراخهم، ثم دخل الى اخيه و اغلق الباب خلفه بقوة
اخذت تزحف ببطئ حتى وصلت الى المرحاض، تسندت عليه و فتحت المياه لتغسل نفسها من الدماء، و من ثم انتهت، كان جسدها ملئ بالكدمات و الجروح
و عيونها متورمة و زرقاء
دخلت الى حجرتها و هى تبكى ب**ت من شدة الالم
جلس بجانب اخيه و هو صامت
كان حسام متمدد على الفراش، فاعتدل فى جلسته
"هي ماما كانت بتصرخ ليه يا عا**، انا كنت خايف من صوتها"
تن*د عا** فى ارهاق
"مفيش خالك وحيد كان هنا، و **رها من الض*ب"
شهق حسام بطفوليه
"ليه عمل كدة، دى كانت بتصرخ جامد"
ابتسم بسخريه
"اكيد سمع نفس الق*ف اللى سمعناه عنها
دمعت عيني حسام
"شفت كلام الناس في الشارع على ماما طلع صح ازاى"
عقد عا** حاجبيه ثم قال بخشونه و صرامه
"بس متعيطش، الراجل مبيعيطش انت فاهم، و اى حد هيقول نص كلمه علينا ه**رله سنانه قبل ما يفكر ينطق
نظر حسام الى الارض و الدموع تتساقط من عينيه
انا مش عايز اطلع الشارع ولا اروح مدرسة تانى
رد عا** بشجاعة و هى يرفع رأس اخيه و ينظر داخل عينيه الصغيره
لاااا هتروح، و هتتعلم و ترفع راس ابوك، احنا من النهاردة هنعتبرها ماتت هى كمان
حسام ببكاء وطفولية
"يعنى مش هقولها يا ماما تاني"
نظر عا** للفراغ و قال بحقد و كره
"هى متستاهلش تسمعها مننا، ولا تستاهل نبقى ولادها، هى من النهاردة اسمها نسرين، دة لو نطقنا اسمها النجس دة من اصله
حسام بنظرة بريئه
بس انا بحب ماما يا عاصم
رمقه عا** بانفعال و عيون حمراء من الغضب
بتحب فيها ايه، انها جابتلنا العار، اسمع يا حسام انت مبقتش صغير و فاهم كل حاجه دلوقتى، الست دى متنفعش تكون امنا، هى ست وحشه و خانت ابونا و هو ميت، هي بتكرهنا، و مبتخفش علينا ،و احنا كمان لازم نكرهها و اوعى اسمعك بتقولها يا ماما تانى انت فاهم ،
مس حسام دموعه بطفولية
فاهم، طب احنا يعنى مش هنكلمها تاني ابدت
عقد عا** حاجبيه مردفا بحدية
لا و اياك اشوفك بتتعامل معاها، وقتها مش هكلمك تانى
ارتشف حسام اثر بكاؤه
لا يا عا** كلمنى، انا بحبك و مش هعمل حاجه تزعلك ابدا و حاضر انا مش هكلمها، بس هو احنا هنعيش فين هى طردتنا، و مين هيصرف علينا
هتف عا** بتحدى
هى متقدرش تعمل كدة، اهل ابونا مش هيسكتوا ، و البيت دة لينا فيه اكتر منها، و احنا هنشوف طريقنا نتعلم و نشتغل عشان نصرف على نفسنا، لحد ما نكبر و نسيبلها البلد كلها و نمشي
رد حسام بتساؤل
طب هنشتغل ايه، هو حد هيرضى يشغلنا
عا** بإصرار
اى حاجه يا حسام، المهم منحتجلهاش ولا نعتبرها موجودة، عايزك من هنا لبكرة تقرر عايز تشتغل في اى مكان
اومأ برأسه فى ان**ار
"حاضر"
قبل راس اخيه ثم شرع كل منهم فى مذاكرة دروسه
منزل صغير يتكون من طابق واحد
يطرق سالم الباب
فتفتح له بثينه و التى تغيرت تعبيرات وجهها الى الضيق
"اهلا بأخويا اللى مبيسألش"
هتف سالم بحب صادق
"ازيك يا بسبوسة عاملة ايه"
اشاحت بنظرها في ملل ثم نظرت له مرة اخرى
"لا يا شيخ و انت بتسأل على اختك اوى"
برر سالم فعله قائلا
"والله مشغول في المحل، و زينب اول ما قالتلى جتلك على طول، و بعدين ايه بقى هنفضل نتكلم على الباب كدة"
اشارت له بثينه بالدخول و هى تقول
"مشغول في المحل برضه ولا في الكارثة السودا اللى انت عاملها"
ارتبك سالم اثر سماع جملتها و قال
"كارثة ايه كفالله الشر"
ضيقت بثينه عينيها باستنكار
"انت هتستعبط يا سالم، بقى مش لاقي غير نسرين و تمشي معاها"
توتر و شرع فى التوتر فقال متلجلجا
"جبتى الكلام دة منين"
حاولت بثينه استدراجه بالكلام فقالت
"يعنى كلامها صح اهو
ثم هو كل اللى همك جبته منين، و مش همك المصيبة اللى انت فيها"
اردف في يأس
"غصب عنى يا بثينه، حبيتها معرفش ازاى"
بثينه بانفعال و غضب
"حبيت مين الله يخربيتك، مش لاقي غير اخت مراتك و تحبها دون عن الستات كلهم، انت اتجننت فى عقلك، و زينب!! هى مش دى حبيبة قلبك اللى فضلت تجري وراها عشان تتجوزها
هتف سالم بتودد
"زينب مبقتش زي الاول، دة بتعايرنى ان معرفتش اخلف غير عيل واحد، بتغلط في رجولتى"
تلومه زينب بصوت مرتفع
"اهااا فتقوم بقى اما تحب تثبتلها انك راجل، تروح ماشي مع اختها، و من امتى و انت بتحب نسرين يا سالم، دة انتوا مكنتوش بتطيقوا بعض"
سالم بدفاع عن نفسه
"معرفش يا بثينه اهو اللي حصل، و مبقتش عارف استغنى عنها"
هتفت بثينه برفق و هى تربت على كتفه
"طب و ربنا، ايه مش فى حسباتك، انت كدة في حالة زنى محارم عارف يعنى ايه"
رد سالم بحزن و يأس
"حاولت ابعد عنها معرفتش، انا عارف ان ربنا غضبان عليا، بس اعمل ايه، مش بايدى ياختى"
بثينة بحزم
"يبقى طلق اختها و اتجوزها"
شخص بعينيه فى صدمه
"اطلق زينب، ازاى و محمد ابني، دة نفسيته هتتعب"
ابتسمت باستهزاء
"و انت جاى دلوقتى تفتكر ابنك، عموما الاولى انك تخاف ربنا مش تخاف على ابنك، محمد امه هتربيه و ربنا هيتولاه، الدور و الباقي على ذنبك و سومعتك اللة بقت علة السنة الخلق، دة اسماعيل اخو ياسر يجى يقولى هنا دة اخوكى بيعمل كذا و كذا، و اقوله مستحيل سالم يعمل كدة، يقولى دة البلد كلها بتتكلم و يحلف"
ابتسم سالم باستنكار من قولها
"مبقاش غير اسماعيل اللي يتكلم، دة كل يوم مع واحده شكل، انا هقوم امشي و ادعيلى الاقي حل"
ثم تركها و ذهب الي حيث يريد
صباح يوم جديد، ذهب الاطفال الي مدارسهم حتى انقضاء اليوم، و كالعادة استمعوا الي بعض الكلام السام من زمائلهم في الصف، و لكنهم قرروا الا يهتموا لهم
نزل عا** الي مستوى اخيه
"هاه يا بطل فكرت عايز تشتغل فين"
نظر له حسام ببراءة و حرك رأسه ب لا
عا** بتفكير
"ممممممم، طيب ليه بقى، مش اتفقنا نعتمد على نفسنا"
اومأ حسام برأسه
"عشان مش بعرف اعمل حاجة، و مش عارف ادور فين"
عا** بفرحة
"ايه رأيك تشتغل مع عمك محمود فى ورشة النجارة بتاعته، مش انت بتحب الرسم و الالوان"
حرك رأسه بالايجاب سريعا
"اها، اوى اوى يا عا**، بس ايه دخل الرسم فى النجارة"
شرح لو عا** بهدوء
"ما هو اما تكون حابب تعمل سرير بشكل معين هترسمه و تلونه صح؟
حسام
"ايوة"
استطرد عا** كلامه
"انت بقى فى النجارة هتنفذ اللى رسمته"
حسام بمرح
"يعنى اى حاجه هرسمها هعرف اعملها"
ضحك عا** على براءة اخيه
"ايوة يا سيدي، و عمى محمود كويس، هكون متطمن عليك و انت هناك"
حسام
"طب و انت هتشتغل فين"
تن*د عا** بحيرة
"لسه مش عارف، بس يعنى هشوف اى ورشة عربيات، المهم دلوقتى، عايزك تطلع على ورشة عمك محمود و تقوله"
نفذ كلام اخيه و انصرف متجها الي مقصده، اثناء سيره فى الطرقات كان يستمع الى الهمس و اللمز بين اهل القريه، و هناك من كان يرمقه باشمئزاز و يبصق عندما يمر من امامه، فكان يفهم انهم يتحدثون عنه، دمعت عينيه ولكنه قرر التماسك حتى وصل الى الورشة
عندما رآه محمود ابتسم بتلقائيه
"ازيك يا حسام، عامل ايه يا حبيبى تعالى ادخل واقف برة ليه"
اقترب حسام فى استحياء و هو ناظرا للارض
احضر له محمود مقعدين و اجلسه عليه ثم جلس هو فى الجهه المقا**ه له
ملس محمود على رأسه
"عامل ايه يا حبيبى، و ليه جاي بلبس المدرسة كدة"
نظر له حسام بان**ار
"انا كنت جاي يا عمو عشان اقولك ان عايز اشتغل معاك فى الورشه"
تعجب محمود من طلب هذا الصغير
"تشتغل ليه يا حبيبى، هى ماما مخلياك محتاج حاجه"
تشتت نظرات حسام فلم يعلم ماذا يقول
"لا بس اصل اصل، انا يعنى عايز اعتمد على نفسي زى ما عا** قالي"
سأله محمود محاولا استدراجه
"هي ماما زعلتك ولا حاجه يا حسام، قولى متخفش"
حرك رأسه سريعا بالنفي
"لا لا لا لا، انا انا بس عايز اشتغل و اصرف على نفسي"
مد محمود شفتيه للامام في حيرة
"بس يا بنى انت لسه صغير و عضمك طري، هتشتغل ايه بس معايا"
هتف حسام مسرعا
"اى حاجه يا عمو، قولي بس اعمل ايه و انا هتعلم اى حاجة بسرعة"
**ت محمود قليلا كأنه يفكر
"طيب يا حسام، هجربك معايا شهر و هد*ك ٥٠٠ جنيه، و او بقيت جدع و اتعلمت بسرعة، هزودك فى الفلوس"
انف*جت اساريره و قال فب تفاؤل
هطلع جدع معاك يا عمو و اللى انت هتقولهولة هنفذه"
ابتسم محمود علي نقاء روحه
"طيب مدرستك و دروسك بقى يا اسطا حسام هتعمل فيهم ايه"
حسام بتردد
"هروح المدرسة و مش هروح الدروس"
قاطعه محمود بصرامه
"لااا الا دراستك، انت هتروح دروسك عادى و تجيلى الورشه بعدها، اياك تقصر في مذاكرتك
ابتسم الصغير و قال
"حاضر يا عمو محمود، انا كدة هبدأ شغل من امتى"
محمود
"اولا من النهاردة اسمى الاسطا محمود، عمو دى تقولهالى بعد الشغل، اما هتبدا امتى، روح غير هدومك و تعلالى عشان اعرفك العدة بتاعة الورشة"
نظر احدهم اليه فى سخرية
"و انت بقى هتعرف تنزل تحت العربيات و تصلح المواتير"
شعر عا** بالضيق فقال
"و معرفش ليه، كل بيجي بالعلام ولا هو انت نزلت من بطن امك مكانيكى جاهز"
انفعل الاخر
"متجيبش سيرة امي ياض يا بن**، انت ناسي امك تبقى مين يلا" ثم..