الفصل الأول الجزء الثاني

1234 Words
أما بالمنزل فكان التحضير لتلك المقابلة على قدم وساق، مريم تريد أن تزوجه، وتتآمر مع رفيقتها المعتادة، لكنها بنفس الوقت متوجسة مما قد يفعله آمر إن علم بالأمر، منبهة على صديقتها في الهاتف، متوجسة، فتطمأنها مريم مؤكدة:" أيوة يا سميرة.. لأ ياحبيبتي على ميعادنا الساعة تسعة.." وصلها صوت سميرة القلق مرتابة:" مريم.. بلاش ابنك يحرجني مع الناس.." فتبتسم الأخيرة مطمئنه:" لا متقلقيش.. هيجي.. أصلا أنا مقلتلوش.. هحطه أمام الأمر الواقع.." تنهيدة يائسة خرجت منها، قائلة باستسلام:" طيب.. لما نشوف.. خلاص هنيجي ع الساعة تسعة.. سلام.." ردت تحية صديقتها بهدوء، لكن ما إن أغلقت الهاتف، حتى تبدلت ملامحها للقلق، متمتمة بتضرع:" ربنا يستر يا آمر ومتقلبش الدنيا.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> في المساء بعد انتهاء العمل ومحاولاته لتأخير نفسه بقدر ما يستطيع لم يجد مفر من العودة للمنزل، فترك مكتبه قاصدًا سيارته، والتي ما إن جلس بمقعد القيادة، حتى وجد بابها يُفتح، وعمر يجلس بجواره فسأله بدهشة:"إنتَ بتعمل إيه هنا؟.. رايح فين!.." فيجيبه بابتسامته الواسعة ببلاهة مُغيظة:" جاي معاك يابرنس.. ديه ليله عسل.." اشتعلت عيناه غضبًا، يكاد ينقض عليه ليدق عنقه، يأمره بحدة:" انزل يازفت احسنلك وابعد عني.." لكنه ما كاد ينهي كلماته حتى وجد الباب الخلفي للسيارة يُفتح ورشوان يدلف قائلا بضحكة متسلية:" يلا يا آمر.. على بيتكم يا حبيبي.." اتسعت عيناه بذهول،فاغرًا فاهه بانشداه،مرددًا:" حتى إنتَ يا عمي! .." علت ضحكته المستمتعة، مع تأكيده:" أكيد ياحبيبي.. ده أنا قبله.. لو عايز تنزل عمر نزله.. بس أنا مكمل معاك.." زم شفتيه بقوة، مغمضًا عينيه وقد بدأ يفقد أعصابه، يأمرهما بنفاذ صبر:" انزلوا إنتوا الاتنين.." _مش نازلين.. والجملة انطلقت من كلاهما بصوت واحد، دفعت آمر لض*ب مقود السيارة بعنف، مع صراخه الحاد:" انزلوا يلا.. وإلا مش مسئول ع اللي هعمله.. كفايه عليا اللي في البيت.." بتخاذل حانق وتوجسًا من رد فعله، هبط رشوان بكتفين متهدلين، آمرًا ابنه بنزق:" خلاص.. هننزل.. يلا ياض يا عمر.." تبعه عمر تاركًا السيارة، والتي لم ينتظر آمر حتى إغلاق بابها وانطلق سريعًا بعصبية، مخلفًا الغبار خلفه.. بشفاه متدلية كالأطفال، دون أن تترك عيناه السيارة المبتعدة، قال بتبرم:" هااااا.. يابا هنعمل إيه .. أنا عايز اتفرج.." اتسعت ابتسامة رشوان يدفعه بكتفه بقوة، هاتفًا:" وراه يا آخر صبري.. يلا ع العربية نحصله.." ف*نتقل ضحكته لابنه، مُسرعًا:" يلا بينا..علشان نلحق الملحمة من أولها.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> في المساء ذهبت رهف إلى الملهى الليلي المعتاد لمقا**ه أصدقائها.. فهذا ما تفعله دوما، تنام طوال النهار.. وفي المساء ترتدي ملابسها وتنطلق للسهر.. بحثت عنهم بعينيها في المكان حتى وجدتهم، وداليا تلوح بيدها منادية:" ريري.. تعالي.." اقبلت عليهم مبتسة، مرحبة:" هاي شباب.." وجه شادي الضاحك والذي يبدو منتشيًا بشيء ما، دعاها للانضمام إليهم، هاتفًا بحماس:" هاي ريري.. تعالي.. ده أنا جايب صنف النهاردة إنما إيه.. بصي هتحسي إنك فوق السحاب.." ويؤيده لؤي بضحكة متسلية:" يعني هتلعلعي ياريري.." لكنها لم تكد بمزاج رائق لتجاريهم، قائلة بلا مبالاة:" لا.. مش عايزة.. أنا أصلا مش مطولة.. همشي بعد شويه.." عقدت داليا حاجبيها باستغراب من حال صديقتها، تسألها مترقبة:" ليه يا رهف؟ .. فيه حاجة.." تنهيدة مسموعة خرجت منها، تجيبها بتذمر:" لا.. بابي مسافر.. وبعدين أنا عايزة أبقى فايقة بدري بكرة.." ارتفع حاجب شادي متهكمًا:" وليه بقى! .. من امته الالتزام ده.." لوت شفتيها بحنق، ترمقه بطرف عينها مع قولها الساخط:" مش كدة ياغبي.. رايحة كليه فنون بكرة.. فيه معرض للوحات هناك.. وهشوفه.." ارتسم الإدراك على وجوههم، من فولها، وداليا تهز وأسها ضاحكة:" علشان كدة.. رهف لو سمعت عن معرض لوحات في الصين هتروحه.." رقت ملامحها مع تلك الابتسامة الناعمة التي ارتسمت على ثغرها، مؤكدة بعشق:" طبعا.. الرسم ده حياتي.. مقدرش استغنى عنه.." ثم تحولت نبرتها لآمرة بجدية، موجهة حديثها لشادي:" شادي أنا عايزاك تشتركلي في معرض (...) للوحات.." _إيه ناويه تعرضي لوح هناك؟ .. والتساؤل بترقب، لمعت له عينيها بحماس، مؤكدة:" طبعا.. ده أنا كنت مستنياه من مدة.." وعادت تنبهه بتشديد:" اوعى تنسى .. سامع.." هز رأسه مؤكدًا قائلا:" حاضر.. هشتركلك.." استعدت للرحيل ملوحة بيدها، تودعهم:" اوك.. اسيبكم أنا.." لكنها ما كادت تخطو خطوتين حتى التفتت عائدة إليهم قائلة بخفوت:"شادي بقولك إيه.. هات واحدة من اللي جايبهم أبقى أجربها بعد المعرض بكرة.." انطلقت ضحكاتهم المتسلية، مع تساؤل داليا الماكر:" بعد المعرض ولا قبله! .." شاركتهم الضحك، تجيبها بغمزة متلاعبة:" متدقيش.. قبله بعده مفيش فرق.." مدت يدها تأخد لفافة التبغ المحشوة من يد شادي الذي أخرجها إليها، واضعة إياها بحقيبتها الصغيرة، مغادرة:" يلا سلام شباب.. See you.." فيرد عليهم الجميع بأصوات متفاوتة:" See you too.. " >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> حين وصل آمر للمنزل ويدلف فتحت له مريم الباب بابتسامة متوترة، وقد ظهر الذنب بعينيها، تتوسله دون حديث، تتحرك للداخل، وهو خلفها، ليجد بالمنزل سميرة.. وسيدة أخرى وشابه.. وأروى تجلس في ترقب.. نقل نظراته الحانقة بينهن، ثم همهم بتحية مقتضبة:" السلام عليكم.." ردتها عليه مريم مبتسمة:" وعليكم السلام.. تعالى ياآمر.. سلم.." بشفاه مقلوبة، مع نبرته الممتعضة، وهو لازال واقفًا على مضض:" أهلا طنط سميرة.. اخبارك.. " اتسعت ابتسامة سميرة بسخافة أقرب للغباء، ترحب به بحفاوة:" الحمد الله ياحبيبي.. إنتَ أخبارك إيه؟.." ومريم تتولى تعريفه على الضيوف مبتسمة بلطف:" آمر.. دول مدام تغريد وبنتها ديما.." لم تتغير ملامحه الجامدة ونظراته يسلطها عليهما، مرددًا بابتسامة صفراء:" أهلاً.." لترد تغريد بنبرة مرحبة:" أهلا بيك يا حبيبي.." ولتزيد من سخطه، رفعت مريم إليه وجهها السعيد، تأمره بلطف:" اقعد يا آمر.. واقف ليه.." فتحرك إلى أبعد كرسي بالمكان، مُلقيًا بجسده عليه بلا اكتراث، وأروى تنظر إليه بطرف عينها كاتمة ضحكة تحارب للخروج، وهي تراه على وشك الانفجار، مغمغمة بهمس:" وتبدأ المعركة.." لكن صوت رنين باب المنزل قطع تلك الجلسة اللطيفة، فأسرعت لفتح الباب لتجد رشوان وعمر.. الذي مال عليها هامسا بعينين متلهفتين بتشويق:" هاااا.. ابتدى.." هزت رأسها نفيًا مع ضحكتها الخافتة، هامسة إليه بدورها:" لأ.. لسه.. تعالوا.." تحركا خلفها، ورشوان يتمتم بابتسامة واسعة:" ليله فل.." فتؤكد أروى بضحكة:" ايوة.. وآمر شكله مش طايق نفسه.." ما إن دلف ثلاثتهم للمكان حتى انعقد حاجبا مريم باستغراب تتطلع اليهما بحيرة، متسائلة:" عمر.. رشوان.. إنتوا بتعملوا إيه هنا؟ .." نظر إليهما آمر بغل جازًا على أسنانه يرد عليها من بينهما بغيظ:" جايين يقضوا السهرة.." زمت مريم شفتيها بعدم رضا زافرة بخفوت، قائلة على مضض:" اتفضلوا.." لتبدأ مريم في الحديث مجددا، وتشاركها تغريد وسميرة.. موجهة الخديث إلى آمر الذي كان يكتفي بابتسامة صفراء زافرًا بضيق محدثًا نفسه بحنق، ونفاذ صبر محاولا ضبط انفعالاته:" اللهم طولك ياروح.. شكلنا مش هنخلص.." أما في الجانب الآخر جلس ثلاثتهم متجاورين ورشوان يلوي شفتيه بتعوج، هامسا بتبرم وهو يميل على أروى وعمر:" إيه ده؟ .. مفيش أي مناورات.." لكن أروى التي لم تحد بنظراتها عنهم، أكدت بثقة مع لمعة عينيها المتسلية بوضوح:" اصبر التقيل جاي.." ولم تكد تنهي حديثها، حتى تسائلت تغريد بابتسامة موجهة حديثها للبركان الجالس، وكان خطأ مميت وقعت به:" وإنتَ ياآمر.. عامل إيه في شغلك..احكيلي عنه.." لينطلق ل**نه دون رقابة بفظاظة:" حضرتك بتفهمي في الهندسة!.." رمشت تغريد بعينيها متفاجئة من رده، قائلة بحرج:" لأ.. بس.." لكنه لم يدعها تكمل وقد نفذ صبره، فهتف بحدة:" لما مش بتفهمي.. هقولك ايه.." ثم علت نبرته الحادة هادرًا:" متخلصونا بقى من الليله ديه.." ابتلعت مريم ريقها شاعرة بالحرج الشديد تنظر اليه تنهره بعينين متسعتين :" آمر.. فيه إيه!.." أما سميرة التي جف حلقها ابتسمت باهتزاز، محاولة تدارك الموقف، قائلة بتبرير:" شكله تعبان شويه من الشغل.." أما البقية المترقبين للملحمة، همس عمر بضحكة:" ايوة ابتدى.." وآمر يهتف بنفاذ صبر حانقًا:" بقولكم إيه.. من غير رغي كتير.. أنا شفت العروسه.. وهي شاف*ني.. إيه رأيك ياحلوة.. أعجب .. ولا اقوم أتمشى شويه قدامك.." موجها حديثه لديما التي لم تتفوه كلمة منذ البدايه فقط ناظرة إليه بفاه مفغر وعينين متسعتين بذهول، كحال والدتها المصدومة.. ليزيد وهو ينهض من كرسيه، مكملاً بتهكم ساخر، وقد وصل لأعلى درجات الوقاحة:" إيه.. ساكته يعني!.. أحسن برضو مش بحب الرغي.. وعلى فكرة إنتِ معجبتنيش.. بلاش الشغل ده.." ثم حول نظراته لسميرة التي تكاد تبكي من الحرج، مردفًا بحنق فظ:" وإنتِ ياطنط سميرة مش هتبطلي كل شويه عروسه عروسه!.. بقولك إيه اشغلي نفسك في نفسك، ودوريلك على عريس قضي معاه باقي أيامك وحلي عني.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD