الفصل الثاني

3831 Words
ثم حول نظراته لسميرة التي تكاد تبكي من الحرج، مردفًا بحنق فظ:" وإنتِ يا طنط سميرة, مش هتبطلي كل شويه عروسه عروسه!.. بقولك إيه اشغلي نفسك في نفسك، ودوريلك على عريس قضي معاه باقي أيامك وحلي عني.." فغرت سميرة فاهها من هول كلمات آمر.. في حين انتفضت مريم واقفة, تنهره بعصبية مستنكرة:" آمر.. إيه اللي بتقوله ده؟.. عيب كدة.." لكنه لم يبالي من غضبها, مُتابعًا بنفاذ صبر حانق:" يوووووه يا أمي.. قولتلك أنا مش عايز.. فكرك يعني لما تجبيهم هنا هرضي.. لا طبعا.." عاد بنظراته لديما ووالدتها, مُكملاً بنبرة ذلت مغزى, وقد ارتفع حاجبه:" وبعدين لولا إن الحلوة مش لاقيه, مكنتش جت وعرضت نفسها كدة.." انتفضت تغريد من مكانها بعد أن نالت من كلمات آمرر ما يكفي, هاتفة باستنكار حاد:" لاااااااااا.. كده كتير.. إنتِ جيبانا نتهزق يا سميرة.. مش ممكن.. يلا يا ديما.." ممسكة بيد ابنتها, تتحركان بخطوات سريعة ساخطة, وخلفهما سميرة, مُحاولة الاعتذار, بوجه ممتعض بضيق:" آسفة يا جماعة.." ومريم خلفها, تحاول إيقافهما, معتذرة بحرج شديد:" آسفة يا جماعة.. لحظة.." لتلتفت إليها سميرة, بعينين مشتعلتين, معنفة بحدة:" قولتلك يا مريم ابنك هيقل بيا قولتي لا.. سمعتيني الكلام.. أنا مليش دعوة بيه تاني.. كفاية الناس اللي اتهزقوا.." عقدت حاجبيها, متوسلة, قائلة برجاء:" أناآسفة اسفة يا سميرة.. إنتِ عارفاه.." لكن تلك التي فاض بها الكيل من أفعاله ول**نه, أشاحت بيدها, قائلة بحدة:" ولا عارفاه ولا مش عارفاه.. خلصنا كل مرة يعمل كدة أنا اجي على نفسي.. بس خلاص ديه آخر مرة مش هسمع كلامك تاني.. سلام.." تاركة إياها أمام باب المنزل, تلحق بتغريد وابنتها اللتين رحلتا دون انتظار, مُحاولة إيجاد طريقة للاعتذار عما حدث لهما بسببها, أما بالداخل فكانت الضحكات تضج بالمكان من أروى, عمر, ورشوان, لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم, يكادون يسقطون أرضًا, وآمر ينظر إليهم بعينين مشتعلتين, يكاد ينفض نارًا, مع صوته الهادر بحدة:" عجبتكم المسرحية أوي؟.." أروى رأسها, ترد عليه من وسط ضحكاتها:" الصراحة أيوة.." وعمر يُكمل حديثها بنفس هيئتها الضاحكة بتسلية واضحة:" جدًا.. ولسه أمك لما تيجي تكمل.." ولم يكد ينطف جملته, حتى وجدوا مريم تندفع إليهم كالبركان الثائر, تقف بوجه آمر, هادرة بعصيبة, وعلى وجهها الانزعاج الشديد:" إيه اللي إنتَ هببته ده؟.. قلة ذوق متناهية.. **ف*ني مع الناس.." زم شفتيه بقوة, مع وجهه ال**بس, يرد عليها بحنق:" أنا قولتلك مش عايز.. إنتِ اللي غاوية تضايقيني.." لتشتعل أكثر من حديثه, ويعلو صوتها مرددة بعصبية:" أضايقك!.. ليه.. بغصبك تروح معايا؟.. ده أنا بجبلك البنات لحد عندك.. وإنتَ مفيش.." متخصرًا, وقد مال بجسده قليلاً للجانب, هتف باستنكار ممتعض:" ليه شايفاني بنت هبور جمبك!.. ولا عندي ستين سنة وعجزت؟.." ملوحة بيدها بالهواء, قالت بنفاذ صبر:" أمال هتتجوز إمتى؟..عند تلاتين سنة, ولسه ولا بتفكر في الجواز.. أنا تعبت منك.. ما تقول حاجة يا رشوان.." موجهة حديثها لرشوان الذي يراقب الوضع مُحاولاً كبت ضحكاته, مع قوله الناصح بتصنع:" أمك معاها حق يا آمر.. الحق اتجوز وخلف بقى.." التفت إليه آمر عاقدًا حاجبيه, مع قوله الساخط:" إنتَ بتقول إيه؟.." تنحنح رشوان يعض شفته السفلى بقوة, مع تعديل كلماته, يوجهها لمريم:" الصخرة عنده حق يا مريم.. لسه العمر قدامه طويل.. سبيه وهو ربنا هيهديه.." فيما مالت أروى على عمر, دون أن تفارق نظراتها الحدث, ماطة شفتيها للجانب, هامسة باستهجان:" أبوك طالع مع الطالع ونازل مع النازل.. مش ثابت على رأي.." لوى عمر شفتيه, يقترب منها أكثر, هامسًا بامتعاض:" مانتِ عارفة أمك وأخوكِ.. أمك وليه جبارة.. وأخوكِ الصخرة.. أبويا يروح فين بينهم.. ده إنتوا بيتكم بيت ما يعلم بيه إلا ربنا.." مطت شفتها السفلى ببؤس, تهز رأسها موافقة, مع قولها بتنهيدة مثقلة:" فعلا عندك حق.. أنا مش عارفة هخرج من البيت ده امتى؟.. دول ناس خنيقة.." قاطع حديثهما الجانبي, صوت آمر العالي بعصبيته المعهودة:" خلصنا بقى يا أمي.. كفايه.. أنا مش هتجوز بالطريقة ديه.. لما يجيلي المزاج هبقى أتجوز غير كده لا.." ردت عليه بنفس نبرته, وإن زادت حدة مع نفاذ صبرها:" عنك ما اتجوزت.. لما أختك الصغيرة تتجوز, وإنتَ تبقى كده قاعد, وتشوف عيالها وتتحسر على نفسك, متلومش إلا نفسك.." انعقد حاجبا عمر من حديث مريم, ثم التفت لأروى, يسألها بحاجب قد ارتفع بترقب:" بت يا أروى إنتِ هتتجوزي من ورايا ولا إيه؟.." هزت رأسها بخفة, تطمأنه ببساطة:" يا عم خالتك بتقول أي كلام علشان تثبته مش اكتر.." _ بحسب.. تحرك رشوان اتجاههما, جاذبًا عمر يهمس إليه بتحفز:" ولا أعمر.. يلا بينا لحسن هتولع بين آمر و خالتك.." فيسايره عمر, موافقًا:" صح.. يلا بينا يابا.. لحسن آمر مش هيلاقي غيري يفش غله فيا.. يلا يارورو سلام بقى.." ودعتهما أروى بابتسامة رقيقة, مع قولها المرح:" سلام.. نشوفكم الجولة الجاية.." فيؤكد رشوان بضحكة:" أكيد.. ده احنا من المتابعين.. يلا تصبحي على خير.." راحلان من المنزل, تاركان تلك الزوبعة خلفهما, وأروى تعود لتتابع البقية.. وآمر يصيح بنفاذ صبر:" يوووووووه.. أنا مش هخلص بقى من الموضوع ده.. بصي يا ماما.. أنا رايح أوضتي علشان مش هتبطلي.." ودون أن يتنظر تعقيب, رحل بخطوات مسرعة تاركًا مريم خلفه تنادي عليه بعصبية غاضبة:" آمر.. إنتَ يا آمر.. تعالى هنا.." لكن لا مُجيب, لتلتفت لأروى مضيقة عينيها بافتراس, تهس من بين أسنانها بغيظ:" رايحة تقوليله.. وتكدبي عليا.." ابتلعت ريقها بصعوبة, عيناها تتحركان باضطراب حولها, قائلة بخفوت متوتر:" مين أنا!.. يا ماما مش ممكن.." لم تلتفت لحديثها, مكورة قبضتيها, تزفر باشتعال, متوعدة:" أروى.. عارفة أنا هعمل فيكِإيه ايه.. هوريكِ.. دلوقتِ على أوضتك أحسنلك.." بخطوات ساخطة, مع وجهها الباكِ بتذمر طفولي, غمغمت بحنق:" إيه ده.. مقدرتش ع ا****ر تتشطر ع البردعة.. بيت متسلط.." فيصلها صوت مريم العصبي آمرة بحدة:" بطلي برطمة ويلا.. مش عايزة اسمع صوت.." ض*بت الأرض بقدمها, بغيظ, هامسة بقهر:" حاضر.. يا رب خلصني من البيت ده على خير.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> وصل عمر ورشوان إلى منزلهما ولم يخلو حديثهما عن تكرار ما حدث بمنزل آمر, وما فعله مع العروس الجديدة.. علت ضحكات رشوان يجلس على الأريكة, قائلاً:" آمر ده حكاية.. بس **ف الناس يا عيني.." وبجواره عمر يشاركه الضحك, مُبررًُا:" مانتا عارفه يا رشوان.. ولا طنط سميرة.. يا لهوي الوليه مش هتعتب البيت تاني.." تحولت ضحكات رشوان إلى ابتسامة ملتوية, مع لمعة عينيه بطريقة غريبة, قائلاً بإعجاب:" بس سيبك.. الوليه أم العروسة كانت حلوة.. جمل ياض.." رمقه عمر بطرف عينه, مع ارتفاع شفته العليا قائلاً بتهكم:" إنتَ لحقت تلقطها.. اهدي يابا.." لم يلتفت إليه, ولم تتغير ابتسامته, مع قوله بتفكير:" اهدى ايه.. انا بقول اتصل بسميرة وأخد نمرتها.. اواسيها.." هز رأسه بطريقة ذات مغزى, مع ترديده بتهكم ساخر:" تواسيها.. ولا تتونس بيها في التليفون.. اهدى يابا إنتَ خلاص داخل ع الستين.." التفت إليه رشوان بحدة, يفرد كفه بوجهه, مكبرا بوجهه مستنكرًا:" الله أكبر في عينك يا زفت.. إنتَ هتقر عليا.. وهو أنا عارف ألاغي مزة بسببك.. عندي شحط زيك ومش عارف تظبط أبوك.. اخص عليك.." عض شفته السفلى, دون قدرة على كتم ضحكاته, مرددًا:" اظبطك!.. لااااا.." ثم أردف بمكر:" أنا عارف مين اللي هيظبطك كويس.." اتسعت عينا رشوان متسائلا بلهفة:" مين يا عموري.." _عموري!.. والنبرة متهكمة, مع إكماله لحديثه بخبث وهو ينهض من مكانه قاصدًا غرفته:" أبدا يابا.. هقول لآمر وهو يظبطك.. وإنتَ عارف تظبيطاته.." انحنى رشوان مُمسكًا بفردة حذائه يُلقيها عليه قائلاً بغيظ:" غور ياض إنتَ رخم.." تفاداها عمر بمهارة, مع قوله الضاحك بمرح:" ماجتش فيا.. يلا يابا أنا داخل انام.." اختفى بغرفته لثوانٍ, قبل أن يعود ليطل عليه, برأسه, منبهًا بمكر:" سميرة زمانها نامت من الصدمة.. متتصلش.. وبعدين الوليه بعد اللي عمله آمر فيها هي وبنتها, مش هتطيق تبص في وش أي حد من ريحته..." علت ضحكات رشوان مُجددًا, وقد تذكر الموقف, قائلاً:" بس يا واد يا عمر.. أنا كنت ملاحظ إن العروسة كانت صامته مش بتتكلم.." زم شفتيه, بتفكير, مع هزه لرأسه موافقًا:" فعلا.." ويكمل ضاحكا:" تلاقي طنط سميرة نبهت عليها متتكلمش لحسن آمر يتعصب زيادة.." انخرطا بنوبة ضحك أخرى, قبل أن يقف رشوان, من مكانه, قائلاً ببقايا ضحك:" ربنا يستر من اللي جاي.. تصبح على خير يا آخر صبري.." _تصبح على خير يابا.. >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> في اليوم التالي في كليه الفنون الجميلة, ذهب آمر مصطحبًا معه عمر بالإكراه كالعادة, فيما يتحدث الأول في الهاتف يستمع إلى الطرف الآخر بتركيز, يرد عليه بهدوء:" ايوة يا أحمد.. لأ مش هاجي دلوقتي.. شويه.. أيوة عمر معايا.. ساعة ونص بالكتير و هتلاقيني عندك.. سلام.." أما ذلك المتأفف, يقف متململاً وعلى وجهه علامات الضيق, يقول بامتعاض:" يا عم أنا ما صدقت خلصت الكلية جايبني هنا ليه؟.. وبعدين ديه فنون مش هندسة.." فيحدجه المتسلط بنظرة متوعدة, مع أمره بسطوة آمرًا:" اخرس ياض.. عايز أشوف المعرض.." ه حولت تعابير وجه عمر للبكاء, مع قوله المتذمر:" إنتَ عايز تشوفه أنا مال أهلي.." لكن كل حنقه يتطاير بالهواء, وهو يرى تلك الفتيات التي تتحرك حوله, فتلتمع عيناه ببريق, وقد حلت البلاهة على نظراته, مردفًا بحماس:" الله أكبر.. شكل فنون هتبدع اهو.. ايه اللبس ده.. يا لهوي.." أما ذلك اللاهي عنه يتطلع للوحات أمامه, يتفحصها بتدقيق خبير, يخبره بصوتٍِ عذب :" شايف اللوحات.. حلوة أوي.." لكن المستمع لا يحيد بنظراته عن الفتيات, يوافقه بنبرة متسلية:" حلوة جدا.. ده حتى الألوان ملعلعة.." عقد آمر حاجبيه باستغراب, مرددًا بتساؤل متعجب:" ألوان ايه اللي ملعلعة؟.. إنتَ بتبص على ايه؟.." محولاً أنظاره ليعرف فيما يتطلع الآخر, ليجده ينظر للفتيات حوله, فيشتعل غضبًا, هاتفًا بحدة:" إنتَ يا حيوان.." والمُوبخ عبس بوجهه, حانقًا, يرد عليه بتبرم:" إيه.. بص كل واحد يشوف اللي يعجبه.. إنتَ حابب الرسومات.. أنا بحب الطبيعة.. خلقة ربنا أحسن.." والجملة الأخيرة خرجت عابثة بابتسامة مستمتعة بشدة, جعلت آمر يجز على أسنانه, يتوعده:" هربيك يا عمر اصبر عليا.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> على الجانب الآخر وصلت رهف للكلية, ولكنها كانت لا تزال بسيارتها, تتفقد متعلقاتها, لتلمح بحقيبتها تلك اللفافة التي أعطاها إليها شادي الليلة الماضية, بابتسامة ملتوية, أخرجتها, تُشعلها, تمج منها, نافثة دُخانها ببطء متلذذة, تأخذ وقتها وكأنها تملك كل الوقت, وبعد ان انتهت منها, ألقتها من نافذة السيارة, وخرجت منها, قاصدة المعرض.. والذي ما إن بدأت التجول به حتى وجدت من ينادي عليها:" ريري.. إنتِ هنا؟.." التفتت تنظر لمن خلفها, فتتسع ابتسامتها, مرحبة:" زيكو.. إزيك.. ابتسم لها, يرد عليها بهدوء:" تمام.. أخبارك إيه.. محدش بيشوفك؟.." _ مشغولة يا زيكو.. أخبار الألوان عنك إيه؟.. وذلك هو مص*ر الألوان التي تقوم بشرائها للرسم دومًا, فيرد عليها بحماس:" فل.. فيه مجموعة جديدة وصلت.. ابقي تعالي وشوفيها.." هزت رأسها بخفة, مع قولها ببساطة مُنهية الحوار:" اوك.. أكيد.. يلا أنا هروح اتف*ج ع اللوحات.. سلام.." _ سلام يا ريري.. تركته خلفها, تتجول بالمعرض, ترى تلك اللوحات المنتشرة بالمكان, لكن طريقتها الغريبة, جذبت الأنظار إليها, فهي كعادتها المجنونة, تقف عند كل لوحه تتحرك يمينًا ويسارًا, تقف على أطراف أصابعها, تشاهدها من الأعلى, ثم تنخفض قليلاً لتراها من الأسفل, تدور حولها كي تراها من كل اتجاه.. وذلك لفت انتباه عمر الذي هتف ضاحكًا:" إيه ده؟.. مجنونة دي ولا إيه!.." التفت إليه آمر يسأله عما يتحدث:" إنتَ على مين يا عمر.." أشار بيده اتجاه رهف, قائلاً بمرح:" البنت اللي هناك شايف بتعمل ايه.." بحاجبين معقودين يتابع حركاتها, رمش بعينيه, مستغربًا, قائلاُ باستنكار:" عندك حق.. ايه الهبل ده؟.. ومالها عماله تطلع وتنزل كدة!.." قهقه عمر بتسلية, مع قوله الساخر:" شكل الجو مأثر عليها.. الحر يعمل أكتر من كدة.." مط شفتيه للجانب, يهز رأسه بعدم رضا, قائلاً بتهكم ساخر:" إنتَ اللي بتقول كدة!.." ثم عاد ينظر إليها وبعد أن تعالت ضحكاتها, وهي تواليه ظهرها, مرددًا:" الله ديه شكلها لاسعة.." غمزه عمر قائلاً بنبرة ذات مُغزى:" بس شكلها حلوة.. لإنتَ شايف شعرها.." قلب شفتيه باستنكار, قائلاً برفض:" حلوة إيه حد يعمل كدة في شعره؟.. حته زرقا وحته بينك.. يلا يا بني خلينا نمشي أنا خلصت.." لكن عمر تشبث بأرضه, يتوسله:" ما نستني شويه يمكن تيجي.." فينال نظرة مشتعلة من آمر مع قوله بحدة زاجرًا:" مين اللي تيجي؟.. يلا يا زفت مش ناقص هبل.." تهدل كتفا عمر, مع زمه لشفتيه, قائلاً بتذمر مقهور:" طيب.. تحت أمرك أنا.. كل شويه تعالى روح.. الخدام اللي أبوك جابهولك.." _ بتقول حاجة يا عمر!.. والتساؤل بترقب متحدي. دفع ذلك المسكين بابتلاع ل**نه, مرددًا ببؤس:" أبدًا.. بقول وراك طوالي.." مغمغمًا بغيظ:" صخرة ربنا يرحمني منك.." راحلان من المكان, والذي ضج بضحكات رهف الغير متزنة, لتجد صوت من خلفها يقول:" رهف.. إنتِ هنا!.." التفتت إلى الصوت, لتجده دكتور جامعي, فكبتت ضحكاتها بصعوبة, مع قولها الهامس:" دكتور كارم.. إزيك.." ابتسم كارم بوجهها الأحمر, يرى هيئتها المُعتادة, بل ويعلم جنونها على مر الأعوام التي درسها بها, قائلاً:" الحمد الله.. أخبارك إيه.. وأخبار لوحاتك.." _تمام أوي.. رغم علمه بجنونها, لكنه يعلم موهبتها, فأخبرها بجدية:" سمعتِ عن المعرض اللي هيتعمل بعد شهر؟.." هزت رأسها موافقة بقوة, مع لمعة عينيها المتحمستين, مؤكدة:" طبعًا.. وهشترك فيه.." ف*نال منه ابتسامة استحسان, مع قوله اللطيف:" وأنا منتظر أشوف لوحاتك يا مجنونه.. يلا أنا هشوف الطلبة هناك.. سلام.." مُحاولة كتم ضحكاتها, ردت إليه وداعه, تتطلع حولها بزيغ, وقد شعرت بعدم الاتزان, والذي يُنذر بكارثة, أو فضيحة ستقوم بها, تحركت بلا هدى, مرددة لنفسها مع وضعها ليدها على فاها:" يالهوي.. الحق اخلع.. شكل السيجاره مفعولها اشتغل.. ابتديت اشوف حاجات كدة.." غير قادرة على كبت ضحكاتها أكثر, هرولت من المكان, وهي تتذكر هيئة الدكتور كارم بعينيها, تراه بشارب ضخم, وطربوش أحمر قديم, هامسة بمرح:" شكل حارس بوابه زويله.." دارت بعينيها باحثة عن سيارتها, والتي وجدتها بمعاناة, تركبها, منطلقة بها إلى منزلها, دون توقف عن الضحك, تتفادى القيام بحادث بأعجوبة, حتى وصلت للمنزل, مُلقية بنفسها على الفراش دون ان تُبدل ملابسها, غارقة بثبات عميق لساعات طويلة, لم يوقظها سوى هاتفها برنينه اللحوح, ناظرة للشاشة بتشوش, لتجدها عمتها, فتجيب بصوت مبحوح من أثر النوم:" أيوه يا عمتو.. جايه امتى؟.." لكن ماجدة أخبرتها متعذرة برقة:" معلش يا ريري..مش هقدر.. ظروف جدت.. مش هينفع.." اعتدلت ببطء تجلس, وقد طار نومها, وارتسم الضيق على ملامحها, قائلة بخفوت منزعج:" يعني إيه؟.. إنتِ مش قولتِ هتيجي.. فيه ايه؟.." تنهيدة مثقلة خرجت من عمتها, ترد عليها بخفوت:" حبيبتي خالد جاي بعد يومين.. وإنتِ عارفة إنه مش بيجي كتير.. مش هقدر.." ازداد عبوس ملامحها مع تهدل كتفيها ببؤس واضح, قائلة بخفوت حزين:" كدة.. طيب.. أشوفك بعدين.. وسلميلي عليه.. سلام.." منهية الاتصال مع عمتها, تلقي الهاتف بجوارها بعدم اكتراث, رفعت يدها, تمسد شعرها, متن*دة بحزن, مرددة بأسى:" طيب.. يعني بقيت لوحدي برضو.. مش مشكله متعودة.." لكن حزنها ما لبث أن تلاشى, وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهها, مُحدثة نفسها بلهفة:" أنا أروح أشوف مسلسلي, وأشوف الواد المز اللي فيه.. اوعدنا يا رب.." ************* في منزل القاضي عاد آمر من عمله مساءً، ووجد مريم جالسة بمفردها، وما إن رأته حتى ارتسم التجهم على ملامحها، مشيحة بوجهها للجانب، مما جعله يضحك بخفوت، قبل أن يقترب منها، حتى جلس بجانبها، قائلاً بنبرة مسترضية:" هتفضلي زعلانه مني كدة يا أمي.." لم يتغير عبوسها، تحاول الابتعاد عنه قليلاً، ترد عليه باقتضاب:" بقولك إيه.. حل عني مش ناقصاك.." زفر بقوة مع تلاشي ضحكته، يهادنها بتريث:" يا ماما أنا راضي ذمتك.. عمرك شفتِ واحد بيتعمل معاه كدة.. أنا مش عايز دلوقتي .." التفتت إليه بحدة، وقد ازدادت ملامحها انفعالاً، هادرة بعصبية:" وعمرك ما هتعوز.. إنتَ حياتك كلها شغل، وهندسة ومفيش أي حاجة تانية .. أنا عايزة أفرح بيك يا آمر.." ونبرتها تحولت لمثقلة بنهاية جملتها، دفعته للضحك، يشا**ها:" طب ماتفرحي.. هو لازم يعني الجواز.. أمي أنا أصلا مفيش واحدة تقدر عليا.." ارتفعت شفتها العليا بامتعاض، توافقه بحنق يائس:" فعلا عندك حق.. بص خلاص أنا تعبت منك.. اللي عايز تعمله أعمله.. لما يجيلك الشوق وتتجوز أبقى تعالى قولي.. " ثم رفعت يديها بدعاء متضرعة:" ويارب يا آمر تقع في واحدة تعلمك الأدب .. وتطلع الجديد والقديم عليك.." ازدادت ضحكاته ناظرًا إليها بتفكه، يعاتبها بمرح:" بتدعي عليا يا مريم.. ماشي.. أمال البت أروى فين؟.." زفرت بانهاك، مشيحة بيدها بلا معنى، قائلة:" في أوضتها.." هز رأسه مبتسمًا، ينهض من جوارها، قائلاً بهدوء:" طيب.. أنا طالع أوضتي وهعدي عليها.." مصاحبا حديثه بالتحرك للدرج يصعده، مارًا على غرفتها، والتي فتح بابها بعد العديد من الطرقات، والتي لم يجد لها أي استجابه، فطل برأسه للداخل، ينظر إليها متسائلاً:" بتعملي إيه يا أروى؟.." لم تلتفت إليه تتطلع لشاشة الحاسوب أمامها بتركيز، تسأله بضيق:" عايز إيه؟.. مش فاضيه دلوقتي..امشي.." ارتفع حاجباه بدهشة، مرددًا:" مش فاضية!.. بتعملي إيه؟.." عيناها اطلقتا قلوب الحب، دون أن تبعدهما عن الشاشة، تجيبه بهيام:" بتف*ج ع المسلسل والواد المز اللي فيه.." _مسلسل ومز!.. مرددا كلماتها بتعجب، قبل أن يدرك ما تقوله، فتجهمت ملامحه، ينهرها بحدة:" ما تتلمي يا زفتة.." رفعت وجهها إليه أخيرًا ترمقه بحنق، هاتفة باستنكار:" إيه.. أنا جيت عندك.." مردفة بضيق:" بقولك إيه أنا مستنيه الحلقة من أسبوع.. سبني دلوقتي أنا ما صدقت جت.. يلا يا عم امشي.." اتسعت عيناه بذهول من حديثها، قائلاً بانشداه:" بقى بتطرديني علشان مسلسل.." مضيقا عينيه،يتوعدها بغل:" ماشي يا أروى .. هوريكِ.." أشاحت بيدها بلا اهتمام، وقد عادت لتتابع مسلسلها، مرددة:" طيب طيب.. يلا يا صخرة روح أوضتك وبعدين نتكلم.. يلا بقى هتضيعه عليا.." هز رأسه متعجبا من حالتها، يخرج من غرفتها، قاصدا غرفته، قائلاً بيأس:" البت لسعت.." أما أروى فعينيها تعلقتا ببطل المسلسل تهيم به عشقًا، تغازله بهيام:" إيه الجمال ده.. الواد مز مز الصراحة.. مش أحفاد القرموطي اللي عندنا.." مشاركة رهف رأيها، التي كانت تتابع المسلسل بنفس الوقت هامسة بوله:" إيه الحلاوة ديه.. جاتنا نيله في حظنا الهباب الحلاوة اتحطت في الأجانب واحنا مفيش في خلقتنا غير العاهات.." مطت شفتيها للجانب بق*ف، مع قولها المستنكر:" الواد يبقى شبه عوكل، وعايز بت ع الفرازة ويتشرط كمان.. بلا و**ه.. ييجوا يشوفوا الحلاوة ديه.. وفي الآخر البطله مش عاجبها.." ثم تحول حديثها لبطله المسلسل كأنها تسمعها بتوبيخ مغتاظة:" غوري الواد أحلى منك بتتفرعني على إيه!.. تعالى يا قمر وأنا هروقك.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> بعد عدة أيام في الشركة، أثناء انشغاله بالعمل، وجد سكرتيرته تدلف للمكتب، تخبره أن هناك شخص ما يود مقابلته، وحين سألها عن هويته، أخبرته أنه صديق له يدعى رامي، واسمه جعل الدهشة ترتسم على ملامح آمر، لكنه أخبرها أن تُدخله سريعًا، وما أن دلف حتى نهض آمر يستقبله بابتسامة سعيدة، يحتضنه بشوق قائلاً بابتهاج:" رامي.. إيه يا عم الغيبة الطويلة ديه.. وحشتني.." ربت رامي على ظهره، يحتضنه بدوره مبتسمًا:" وإنتَ ياصخرة.. لك شوقة يا غالي.." جلسا سويًا يتبادلان أطراف الحديث، والأخبار عما يدور بخياة كل منهما، فتعلو ضحكاتهما على بعض المواقف، حتى هتف رامي سريعًا:" بص بقى من غير رغي كتير أنا عازمك على سهرة بكرة.. علشان إنتَ واحشني.. وأصحابي كلهم هيبقوا هناك.." تلاشت ابتسامة آمر، مع تجهم ملامحه، يخبره بضيق:" رامي.. أنا مليش في سهراتك وإنتَ عارف.." ضاحكًا على تعبيراته الحانقة، رد عليه بمرح:" يا عم الصخرة.. فكها شويه.. ديه سهرة بريئة.. تعالى بس.. وأنا هظبطك.." لكنه هز رأسه رافضًا معتذرًا باقتضاب:" لا معلش اعفيني.. تعالى نروح النادي أحسن.." عقد رامي حاجبيه باستنكار، مرددًا:" نادي إيه بس.. احنا هنلعب.. بص أنا هستناك في (...).. بس أوعى متجيش يا آمر.. هزعل والله.." مط شفتيه للجانب بعدم رضا، قائلاً بلا مبالاة:" ربك يسهل.." نهض سريعًا من مكانه، يودعه مبتسمًا بسرور:" طيب اسيبك أنا وأشوفك بكرة.. سلام.." خرج من مكتبه دون تأخير، وآمر ينظر بأثره للباب الذي أغلقه خلفه، هامسًا بحنق:" طلعلي منين ده.." غافلا عن تلك المؤامرة التي تُحاك ضده بالخارج، حيث كان ينتظر رامي، عمر وما إن رآه حتى قال الأول غامزًا:" تمام ياعسل.." اتسعت عينا عمر بذهول، يسأله غير مصدقا:" وافق.. مش ممكن.." حرك رامي حاجبيه بتلاعب، يغمزه قائلاً بثقة:" طبعا ده أنا رامي.." ضحكة انطلقت منه، سعيدًا، يتوسله بمرح:" طيب.. ظبطه بقى يا رامي.. أنا معتمد عليك.. خليه يفك شويه ماشي.." بثقة كبيرة طمأنه:" متقلقش.. أنا هخليه يفك.. سلام بقى.." تركه ورحل، فيما وقف عمر متن*دا بقوة، داعيا بتضرع بائس:" يارب فك نحس الصخرة بقى علشان يفكها عليا.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> في الملهى الليلي كانت رهف مجتمعة برفاقها كالعادة، لكنها لم تتجاوب معهم بل كانت ترد باقتضاب أو ت**ت طوال الوقت، مما دفع الجميع للتعجب من حالتها الغريبة، وداليا تسألها بقلق:" مالك ياريري؟.. مضايقة ليه!.." وجهها المتجهم ازداد ضيقًا، ترد عليها بجمود:" مفيش.. عادي.. بس مخنوقة شويه.." وشادي الضاحك ببلاهة مما يشربه، مد إليها لفافة تبغ، يسألها باستخفاف:" من إيه ياريري؟.. بصي خدي ديه وهي هتروقك.." برفض هزت رأسها، رافعة يدها تصد ما يقدمه، قائلة بضيق:" مش عايزة.. أنا مليش مزاج لحاجة.." تنهيدة خرجت من داليا، ترمقها بأسى، قائلة بهدوء:" بصي اغسلي وشك وتعالي وفوقي كدة.. واحنا هنروقك.." مطت شفتيها للجانب بحركة خفيفة، تتحرك من المكان بخطوات بطيئة؛ موافقة بثقل:" اوك شباب.. أنا رايحة التواليت.." >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> في حين وصل رامي وآمر المتجهم للمكان، يتطلع إليه بعدم رضا، قائلابضيق مستنكر:" أنا مش عارف سمعت كلامك، وجيت معاك ليه يا رامي.." لكن صديقه ضحك بمرح، جاذبًا ذراعه ليتحرك معه، مرددًا:" يا عم فكك بقى شويه.. شغل شغل.. عيش حياتك.." زم شفتيه بقوة، مع قوله الحانق، ود لو عاد أدراجه:" إنتَ عارف إني مش بحب الأماكن ديه.." تنهيدة متعبة خرجت من رامي، يرجوه بصبر:" معلش تعالى على نفسك شويه.." أثناء حديثهما لمحتهما داليا، فدققت النظر به، محدثة رفاقها بدهشة:" ايه ده؟.. مش ده رامي!.. ومين اللي معاه ده.." تطلع شادي إليهما محاولا معرفة هوية الشخص الآخر لكن ذاكرته لم تسعفه؛ ولم يعرفه من الأساس، يرد عليها:" ولا اعرف استني لما ننده عليه.. رامي.. يارامي.." علا صوته باسم رامي الذي التفت إليه فابتسم ملوحًا، هاتفًا بصوتٍ عالٍ كي يسمعوه:" هاي شباب.. تعالى ياآمر.." عاد يجذب آمر المتبرم بقوة، حتى وصل إليهم، وشادي يسأله:" فينك يارامي؟.. مش باين.." _ موجود.. أما داليا فكانت تنظر لآمر المتجهم بتدقيق وقح، مع لمعة عينيها بإعجاب واضح، موجهة حديثها لرامي دون أن تبعد أنظارها عنه:" ايه يارامي.. مش هتعرفنا على الوجه الجديد اللي معاك.." لمح نظرة الإعجاب بعينيها، فضحك بيأس، يعرفها:" آمر القاضي صاحبي يادولي.." اغتر ثغرها بابتسامة ملتوية، مرحبة به بدلال زائد:" هاي آمر.." فيرد عليها المتجهم باقتضاب:" أهلا.." ثم يميل على رامي، مردفًا بنفاذ صبر:" أنا اتخنقت.." رمقه رامي بطرف عينه باستنكار، قائلا:" إيه يا آمر ده احنا لسه واصلين اصبر شويه وهنتسلى.." لتعود رهف إليهم دون أن يخف تجهم ملامحها، لتتهلل ملامح وجه رامي، هاتفًا بابتسامة متشوقة:" ايه ده رهف الكاشف هنا.. اهلا اهلا.." نظرت إليه بفتور، ترد عليه ببرود:" هاي رامي إزيك؟.." اقترب منها تاركًا آمر، يتطلع إليها بإعجاب واضح، مع غزله:" بخير يا قمر.. إنتِ ازيك.." لم يخفى عليها نبرته، وما يحاول فعله؛ فنهرته بحدة، قاطعه عليه الطريق:" اسمي رهف مش قمر يا رامي.. وبطل.." التفت إليها آمر بتعجب من نبرتها الزاجرة وملامحها الحادة، تكاد تض*ب رامي بأي شيء تطاله يدها، وداليا تجذبها، قائلة بلهفة:" ايه يا ريري مش تسلمي على الوجه الجديد.. آمر القاضي.. صاحب رامي.." بطرف عينها نظرت إليه نظرة عابرة، قائلة بفتور لا مبالي:" اها..اهلا.." لم يدري لِمَ أراد مشا**تها، أو طبيعته الفظة، فارتفع حاجبه بتهكم، قائلا بتهكم:" ومالك بتقوليها من غير نفس!.." التفتت إليه بحدة، ترمقه شزرًا مع قولها المشتعل:" وأنا أعرفك منين علشان اد*ك وش ولا نفس.. اوووف.. الجو هنا خنيق.. أنا مكنتش عايزة اجي.." لم ينخفض حاجبه، يرمقها باستخفاف، مع قوله المستفز:" وجيتِ ليه؟.." اتسعت عيناها أكثر، وقد اضطرب ص*رها بانفعال، تزجره بعصبية، وقد فاض بها الكيل، مع ما تشعر به من ضغط:" أما إنك بارد صحيح إنتَ مالك.." انتصب بوقفته، مشرفًا عليها بطوله، يجابهها بعينين مشتعلتين :" احترمي نفسك يابت إنتِ.." ظنا منه أن من أمامه ستخاف، أو تتراجع، لكنها اقتربت أكثر، تواجهه رافعة رأسها تنظر إليه بغضب:" ايه بت ديه؟.. إيه يارامي الأشكال اللي معاك.. بقيت لوكال اوي.." موجهة حديثها لرامي، مع نظرتها المزدرئة لآمر.. الذي كاد أن يطيح بها، مع قوله الحاد:" إنتِ بتقولي ايه.. إنتِ عارفة بتكلمي مين؟.." ارتفع ذقنها بإيباء، تخبره بغرور واثق:" لأ إنتَ اللي متعرفش أنا مين.. أنا رهف الكاشف.. ولما تتكلم معايا توطي صوتك.." منهية حديثها، بجذب حقيبتها من على الطاولة، مردفة بازدراء:" أنا ماشية.." تاركة خلفها آمر يجز على أسنانه بوجه محتقن، مكورًا قبضتيه، يود قتلها، مغمغمًا بغل:"بقى كدة ماشي.." وداليا تنادي على صديقتها:" يا رهف تعالي بس.." لكن لا مجيب، فعادت تلتفت لآمر، بحرج معتذرة من جنون صديقتها:" سوري يا آمر.. بس رهف مضايقة النهاردة.." ورامي الذي علم أن مخططه قد باء بالفشل قبل أن يبدأ، قال معتذرًا:" معلش يا آمر.. أنا...." لكنه لم يمهله فرصة للاعتذار، أو تكملة حديثه، متحركًا من المكان، قائلاً بانزعاج غاضب:" خلصنا يا رامي.. أنا ماشي.." _طب استنى بس.. همشي معاك.. لكنه لم يعيره انتباه، مشيحًا بيده، مكملاً طريقه دون أن يلتفت إليه؛ قائلاً بحزم:" لأ همشي لوحدي.." ليلتفت رامي للبقية هاتفًا بضيق :" رهف زودتها، دخلت في آمر شمال.." فلا ينال رد سوى من داليا التي ارتسم الحزن على وجهها، تخبره بحيرة:" هي مضايقة معرفش ليه؟.." ثم تحولت نبرتها للترقب المتلهف:" سيبك بس قولي المز ده ايه نظامه؟.." علت ضحكات رامي حد ارتداد رأسه للخلف، نافيًا بسبابته بوجهها:" لأ يا دولي.. ده ملوش فينظامنا أنا جايبه بالعافية.. ورهف قفلته زيادة.." بعدم اقتناع، نظرت أمامها للفراغ، هامسة بشرود:" أما نشوف.." أثناء خروجه من المكان متجها لسيارته، لمح رهف تقف عند سيارتها دون أن تفتح حتى بابها، منشغلة في حديثها بالهاتف، ليجد نفسه يتحرك اتجاهها، مضيقًا عينيه بغل، عازمًا، وهو يتوعدها:" استني عليا.." *************
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD