أثناء خروجه من المكان متجها لسيارته، لمح رهف تقف عند سيارتها دون أن تفتح حتى بابها، منشغلة في حديثها بالهاتف،
ليجد نفسه يتحرك اتجاهها، مضيقًا عينيه بغل، عازمًا، وهو يتوعدها:" استني عليا.."
ما إن وصل إليها يقف خلفها وهي تواليه ظهرها، منتويًا أن يعلمها درسًا لن تنساه أبدًا، لكنه توقف حين سمع صوتها الباكِ بحرقة تشتكي:" يا عمتو ماجدة أنا تعبانه.. بابا دايما سايبني.."
**تت للحظات شاهقة بتقطع، يدها الحرة ترتفع تمسح دموعها، مع قولها:" أيوة مروحة.. بليز تعالي.. أنا قاعدة لوحدي وخايفة.. لأ دادة ثريا موجودة.. بس أنا عايزاكِ إنتِ.. اوك.. خلاص اوك هاجي.. باي.."
مغلقة الاتصال بعد أن وعدت عمتها بالسفر إليها، لتلتفت تود فتح سيارتها؛ فتجد آمر واقفًا خلفها
لتلتفت رهف لفتح سيارتها وتتفاجئ بآمر خلفها،وما إن رأته حتى اشتعلت عيناها مجددًا، تصيح بوجهه بعصبية:" إنتَ بتعمل إيه هنا؟.. "
لم تجد منه رد وقد أسرته عينيها الباكيتين شاردًا فيهما بطريقة جعلتها ترتد برأسها للخلف بريبة؛ تزجره بغضب:" إنتَ يا اسمك إيه .. إنتَ متنح ليه.. ابعد خليني امشي.."
دون مجادلة تنحى جانبًا، يراها تفتح باب السيارة بحركة عنيفة تتخبط بها، قبل أن تدلف إليها مغلقة الباب بقوة منطلقة بسرعة،
جعلته يرمش بعينيه ساهمًا مع قوله المذهول:" إيه ده.. أنا حصلي ايه!.. ده أنا كنت هربيها واديها على دماغها.. فيه عيون بالجمال ده.. لا هي خضرا ولا زرقا.. لا وكمان وهي بتعيط كام نفسي أخدها في حضني.."
مع نهاية جملته عقد حاجبيه باستنكار موبخًا نفسه من تفكيره:" إيه اللي حصلي.. مالك يا آمر ديه بت صايعة.. إنتَ بتقول ايه.."
زافرًا بضيق، وقد تراجع عائدا لسيارته يود العودة للمنزل ولا زال مستمرًا بتقريع نفسه على القدوم لهذا المكان..
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بعد يومين كانت رهف بسيارتها متجهة لعمتها تاركة المنزل، كي يتم تسليمه لتجديده وعمل بعض التصليحات به، لتجد هاتفها يتصاعد رنينه واسم داليا على شاشته، والتي ما إن ردت عليها حتى بدأت بتوبيخها بقوة عما فعلته مع آمر، والتي لم تتذكره رهف تسألها عن هويته، فتخبرها بأنه ذلك الشاب الذي أتى مع رامي، ف*نقلب ملامحها بازعاج، ونبرة داليا تتغير لوالهة وهي تذكر محاسنه وصفاته،
ثم تعود لتوبيخها بحنق:" آمر القاضي الواد المز اللي كان
مع رامي.. اللي إنتِ غسلتيه من كام يوم.."
قلبت عينيها بضجر، مع مطها لشفتيها تعود للنظر للطريق، قائلة بامتعاض:" ايه غسلته ده.. اتكلمي كويس.. هو انسان رخم متطفل.. سيبك منه.."
وحديثها لم يعجب تلك الهائمة به، مرددة بحنق:" رخم؟.. اسكتي بس.. وبعدين ده رامي بيقول إنه ملهوش في النظام ده كله..
وجابه معاه بالعافيه.. إنتِ قفلتيه.. بس اللي عرفته انه مقفل ومفيش بنت قدرت توقعه.."
ساردة عليها كم من المعلومات التي جمعتها عنه، ولم تكترث أو تهتم الأخيرة له، تزفر متأففة، مقاذعة اسهابها:" بقولك ايه سيبك منه.. انا زهقانه.. كنت ناوية اعمل بارتي في الفيلا بس مش هينفع دلوقتي.."
بانتباه استمعت لها داليا تسألها مستغربة:" ليه يعني مانتِ متعودة تعملي حفلات في الفيلا إيه اللي اتغير؟.."
متن*دة بثقل، وقد غامت عيناها بحزن؛ اخبرتها بخفوت:" مفيش انا في الطريق مسافرة، لعمتو والفيلا هيتغير د*كورها.."
وذلك دفع التعجب لصديقتها، تسألها:" مسافرة ليه طيب.."
محركة رأسها للجانبين، ضاغطة بوق السيارة، كي تنبه من أمامها، أجابتها ببساطة:" عادي يا دولي خالد وصل من السفر وعمتو مش هينفع تيجي، وانا مش عايزة ابقى لوحدي، والفيلا هتتكركب.."
همهمة متفهمة خرجت منها، مع تساؤلها:" هتقعدي هناك قد ايه.."
_ مش عارفة لما يخلصوا الفيلا..
ثم أضافت بحماس:" فرصة اخلص لوحاتي في هدوء وكمان
افكر في حفلة مع ماجدة هانم نحتفل بيها لما الفيلا تخلص.."
عابسة، متفادية تلك السيارة المسرعة والتي كادت تصطدم بها، أنهت الاتصال مع داليا ، والتي بدأت في التفكير منذ الآن بالحفل، ملتمعة برأسها فكرة دعوة رامي وصديقه آمر، ونبرتها جعلت رهف تزفر بحنق، قائلة بضجر:" إنتِ خنيقة.. ايه اللي عاجبك فيه.. اعملي اللي تعمليه.. سلام.."
مغلقة الاتصال، مع تركيزها بالطريق تزيد من سرعة سيارتها نسبيًا دون أن تتجاوز الحد المسموح، فرغم جنونها إلا أنها غير متهورة بالقيادة
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
أما بالشركة جلس رشوان مع آمر يتحدث متحمسًا عن عملهما بمنزل الكاشف، يشجعه على أن يُبدع في عمله بهذا المكان، في حين كان الأخير حانقًا غير راضيا عن استلامهما ذلك العمل بسبب الضغط الذي يتعرضون له هذه الفترة وتكدس الأعمال الأخرى، متعجبًا من قبول رشوان لذلك،
فيبرر رشوان بهدوء:" أصله مسافر، وبكدة الفيلا تكون فاضية ونشتغل براحتنا.."
ثم يمكل راجيًا:" آمر إنتَ عارف أنا معتمد عليك، ده برضو رأفت الكاشف.."
زافرًا بضيق هز رأسه موافقًا يسأله:" طيب هعدي واشوفها.. هيسلمونا المفتاح امتى.."
اتسعت ابتسامة رشوان، يجيبه:" بعد بكرة بنته.. تكون سافرت والفيلا فضيت.. آمر فيلا رأفت الكاشف هتكون بداية شغل كويس لينا مع ناس كتير مهمة.."
ظهر الاستنكار على ملامحه وهو يعاتبه بانزعاج:" ليه هو
احنا قليلين في السوق ياعمي.. احنا معروفين وزي الساعة.."
فيهادنه سريعًا مع تصحيحه لقوله، قبل أن يعاند مغيرًا رأيه:" مش كدة ياصخرة.. أنا قصدي إننا هنتعرف على ناس
تانية وشغل جامد.. بص أنا هسيبك ولما يبعتوا المفتاح هخلي عمر يديهولك ونشتغل فيها علي طول.. وورينا ابدعاتك يابشمهندس.."
هز رأسه بخفة غير مباليا، ورشوان يتحرك من مكتبه يتركه ليكمل عمله..
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
قرب وصول رهف لمنزل ماجدة، كانت الأخيرة تتحدث بالهاتف مع ش*يقها، والذي كان سعيدا للغاية بذهاب رهف إليها، معربًا عن قلقه ببقائها بمفردها، لكن مع ماجدة سيكون مطمئنا، فيخبره بلطف أنها كانت ستذهب إليها لكن عودة خالد منعتها، فيعود لشكرها، لكن نبرتها يشوبها الضيق مع قولها:" على فكرة يارأفت
رهف مضايقة برضو إنتَ مش مهتم بيها وسايبها كدة.."
ارتسم الحزن على وجهه وقد **ا الهم ملامحه، يخبرها بثقل:" إنتِ عارفة ياماجدة الشغل.. وهي كانت دايما بتسافر معايا ومبسوطة.. بعد كدة رفضت السفر وعايزة تقعد وأنا مقدرش اسيب الشغل من غير متابعة.."
متفهمة ش*يقها تن*دت بقلة حيلة مع مواساته:" ماشي يارأفت بس حاول تفضيلها وقت أكتر من كدة.. وبالنسبة للفيلا والد*كور.."
وهو يعرف ش*يقته وتسلطها بهذه الأمور وان بدأت بهذا الموضوع لن ينتهي، فحاول انهاء المكالمة متعجلا:" متقلقيش أنا مديها لرشوان وعارف شغله هيظبطها.. سلام دلوقتي واكلمك بعدين.."
بعدم رضا مطت شفتيها مع قولها بفتور:" سلام يارأفت.."
وما إن أنهت الاتصال حتى سمعت هتاف قد أتى من الأسفل مع مشا**ة تعرفها جيدا..
فما إن وصلت حتى علا صوتها هاتفة بسعادة مشاغبة:" يا أهل البيت لقد وصلت.."
_ الظاهر ان الدوشة وصلت..
والصوت أتى من خلفها هادئ بتسلية واضحة جعلها تلتفت
بعينين متسعتين، مع ابتسامة مبتهجة، تنقض عليه لتحتضنه:" خالد.. وحشتني.."
احتضنها بدوره ضاحكًا بقوة، قائلا برقة:" وإنتِ كمان ياريري.." ابعدها عنه يتأملها مع قوله:" ايه الحلاوة ديه احلويتي عن الاول.."
لكنه عاد يعبس بوجهها رافعا حاجبه مردفًا بترقب:" أنا شامم ريحة الوان.."
ابتسامتها المشرقة شملت وجهها، حتى أظهرت أسنانها، مؤكدة:" اكيد.. ده فيه كمان معرض هيتعمل وأنا كمان هرسم.."
رفرة حانقة خرجت منه مع قوله متصنع الضيق:" اه يعني البيت هيبوظ.. والهدوم.."
ارتفع حاجبه يقترب منها خطوة محذرًا:" بس حسك عينك تيجي عند اوضتي والحيطان.. انا بقولك اهو من اولها.."
ضحكة رائقة منطلقة خرجت منها تحاول الحديث بمكر دون قدرة على التوقف عن الضحك:" موعدكش يادك.. وبعدين حد قالك تعمل الحيطان باللون الأبيض وانت عارف.."
أتت من خلفها ماجدة متن*دة بيأس:" ايوة عارفين جنانك وهوسك باللون الأبيض اللي لما تشوفيه لازم ترسمي وتلوني عليه.."
رقت ملامح رهف، مسرعة لعمتها تحتضنها بحب:" اكيد ياعمتو.."
أما خالد فتطلع إليها شاردا مع قوله بتفكير:" أعتقد إنك لازم تتعالجي من العادة ديه يا رهف.." اعتدلت بوقفتها تاركة عمتها، تواجهه باستنكار:" ايه يادكتور هتمارس عليا الطب النفسي بتاعك ولا ايه؟.. مش لاقي عيانين ومجانين هتشتغل عليا.."
تجهمت ملامح خالد مع قوله الحانق:" المرضى النفسيين مش مجانين.. يا رهف دول بيكونوا تعبانين ومحتاجين بس حد يسمعهم.."
مستخفة بحديثه ضحكت بمرح، قائلة بتهكم ساخر:" ايوة ايوة الدكاترة النفسيين دايما بيقولوا كدة.."
ثم أردفت بخبث:" بس سمعت برضو إن الدكاترة النفسيين هما نفسهم مرضى ومجانين.."
زفر خالد بقوة وهم ليترك المكان، مع قوله المنزعج:" مش هتكلم معاكِ في الموضوع ده لأنك مش هتفهمي.."
حين لاحظت ضيقه أسرعت تسترضيه مبتسمة باعتذار:" الله إنتَ هتزعل ولا إيه .. مقصدش إنتَ عارف ياخالد أنا.."
لكن ماجدة قاطعت حديثهما، ملطفة الأجواء، قائلة بنعومة:" هو عارف ياريري.. يلا اطلعي على اوضتك ارتاحي وبعدين نتكلم.."
هزت رأسها موافقة مع نظرتها المترجية لخالد قائلة:" أشوفكم بعدين.."
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بدأ آمر العمل في فيلا الكاشف وتغيير د*كور بعض الأماكن بها واستمر العمل بها عشرة أيام حتى الآن، منتقلا إلى الطابق العلوي يتفحص غرفه، فيجد حوائطه بحالة مزرية جعلته يتجهم بغضب تلقائي، قائلا بحنق:" ايه الق*ف ده فيه حد يعمل كدة!.. حد يرسم ع الحيطة بالمنظر ده.. ده ولا عيل عنده خمس سنين.."
وكالعادة ضحك عمر الذي يكون معه كظله، مرددا بمرح:" فعلا ده لون الحيطة مش باين من الالوان.. أنا سمعت إن بنت صاحب الفيلا بتحب الرسم.."
لكن ذلك لم يشفع لها مثقال ذرة، بل دفعه للقول متوعدًا:" والله لو عندي كنت علمتها الأدب، وخليتها تتعلم الالتزام.."
عاد يجول بنظراته المكان بعدم رضا، قبل أن يتن*د مردفًا:" يلا خلينا نشوف العمال.."
والذي كان دورهم في التقريع حيث تكاسلهم في العمل، فموعد التسليم اقترب ولم ينتهوا، وعمر يقلب عينيه بملل، يهادنه:" معلش يا آمر هانت.. وبعدين ما هما بيشتغلوا اهو.. إنتَ اللي عايز الشغل زي الساعة.."
وحديثه جعله يستشيط غضبًا يصيح بوجهه حد ارتداد رأسه للخلف بارتياع:" امال إيه.. عايزني أنام في الخط وأخد
في الشغل سنه.. أنا بديهم فلوس وبراضيهم علشان يشتغلوا بذمة.."
ملتمسا الصبر ابتسم بوجهه ابتسامة صفراء، يسترضيه:"
عندك حق.. بس بالراحة مش كدة.."
مهمهما لنفسه بيأس:" صخرة العمال هتطفش منه ده بيشغلنا زي العبيد تحت إيده.."
متفحصا هيئته سأله بحاجب مرتفع:" مالك سكتت مرة واحدة.."
لم يمهله فرصة الرد، مكملا باقتضاب:" يلا بينا.."
مهما بالرحيل موجها حديثه للعنال بجدية حازمًا:" أعتقد كدة الفيلا خلاص يومين تلاتة بالكتير وهنسلمها ومش عايز تأخير.."
فيتولى الرد رئيس العمال:" أمرك يابشمهندس.."
وما إن رحل من المكان حتى تنفس العمال الصعداء وأحدهم يقول بامتعاض:" صدق اللي سماه صخرة.."
فينال توبيخ حاد من رئيسه:" خليك في شغلك.. البشمهندس بيشوف شغله ودقيق في مواعيده وانت بتاخد فلوس عليه.. يلا كمل علشان نخلص.."
زم العامل شفتيه بعدم رضا مغمغمًا:" حاضر.."
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
في الحديقة الخلفية لمنزل ماجدة الكاشف كانت رهف ترسم
إحدى لوحاتها وكعادتها قد تلون وجهها وملابسها بالألوان، وأثناء
ذلك سمعت مشادة بين ماجدة وخالد وأصواتهما تتعالى،حيث أن خالد يود الزواج من إحداهن معه بالخارج وماجدة ترفضها بقوة مما جعله يعترض عما تفعله يعاندها بإصراره على الزواج منها..
_مستحيل أسمحلك يا خالد مش هتتجوزها..
فيهتف بحدة:" تسمحيلي ايه؟.. أنا بقولك بحبها وهتجوزها.."
يزداد انفعالها مع علو صوتها، تكاد تنفجر غضبا:" تبقى اتجننت شكلي كدة اتساهلت معاك.. رضيت بسفرك وبعدك عني وبعد كده عايز تتجوز ديه.."
نبرتها المهينة لحبيبته جعله يقول بغضب:" ومالها ديه.. بنت كويسة ومحترمة.."
_وأنا مش موافقة.. إنت بتعمل كدة ليه.. نسيت كلامنا..
وصراخها يعلو بجنون، دفعه للزمجرة بقوة:" مليش دعوة أنا بحبسالي وهتجوزها وده قرار نهائي.."
اتسعت عينا ماجدة مرتده للخلف وكأنه لكمها تهمس بذهول:" يعني انت جاي تبلغني وبس.. مجرد تحصيل حاصل.."
وصلت رهف إليهما تتطلع لمنظرهما الغاضب، تسألهما بقلق:" فيه ايه مالكم.. صوتكم عالي.."
أشاح خالد بوجهه ضائقًا، يرد عليها باقتضاب:" مفيش يارهف.."
لكنها لم تصدق الأمر تشير إليهما بيدها بتتابع مرددة:" مفيش..
مفيش إزاي ياخالد وعمتو متعصبة كدة ليه!.."
تحشرجت نبرة ماجدة وقد دمعت عيناها قائلة:" مفيش يارهف.."
لم تدع الأمر يمر تلح عليهما حتى أخبرها خالد أنه يريد الزواج من سالي والتي ما إن سمعت باسمها حتى هللت قافزة بسعادة، تحتضنه بقوة، تبارك له، مثنية عليه اختياره،
مما دفع ماجدة للتعجب تسألها بدهشة:" إنتِ مش زعلانة.. وبتباركيله.."
انتقلت دهشتها لرهف التي عقدت جاحبيها بحيرة مرددة:"
أزعل لأنه هيتجوز.. لا طبعا خالد ده أخويا ولازم افرحله.."
ثم أشرقت ملامحها مضيفة بسعادة بالغة:" ثم دي سالي بتاعتنا
اللي معاه في ايطاليا.. ياهوووووو.. كنت حاسة.. وقعت ومحدش سمى عليك يادكتور.. "
رقت نظراته وقد ظهر العشق بعينيه يوافقها:" ايوة هي.. اتفقنا وهنتجوز.."
انفعلت ماجدة مجددا مع هتافها الحاد زاجرة:" إنتوا بتقولوا ايه..أنا مش مواقفة.. ديه بنت منعرفش بتعمل ايه هناك.."
وكع حديثها الجارح استنكرت رهف مدافعة عنها بشدة، حيث أنها تعرفها جيدا ووالدتها التي ترافقها دوما، محاولة تغيير رأي عمتها التي تصر على موقفها بتعنت شديد، وخالد يصر على موقفه يخبرها بحزم أنه سيتزوجها تاركا المكان، فيشتعل الموقف أكثر، وماجدة تصرخ بأثره:" خالد تعالى هنا.."
لكنه يخرج سريعا ورهف خلفه تخاول تهدئته، تواسيه برقة، مع قولها:" متقلقش يادكتور عمتو هتوافق بس خليك على موقفك.."
ثم تضيف غامزة:" بس عرفت تنقي.."
دافعة الابتسامة لوجهه مجددا مع قوله العاشق بإصرار:" بحبها اوي.. ومش هسبها ابدا.."
فتضحك على هيئته مع قولها بجدية:" وهي مش هتسيبك.. وأنا هحاول أقنع عمتو.. بس ليا الحلاوة.."
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
أما تلك البائسة كانت كعادتها بالنادي تجلس مع رشوان وعمر، تشتكي حالها، موجهة حديثها لرشوان بيأس:" ايه ياعم الحاج أنا زهقت.."
مط رشوان شفتيه بخفة، يسألها ببساطة:" طب وأنا اعملك إيه يا أروى؟.. أمك كدة.."
بوجه باكِ متململة بمكانها هتفت متذمرة:" حرام والله ده.. هي والصخرة كرهوني في حياتي.. أنا عايزة أخرج بقى من البيت ده.."
ضاحكا بقوة على حديثها، قال بمرح:" ده إنتِ خلاص على أخرك يارورو.."
زافرة بشفتين مزمومتين، ارتفع حاجبها بتفكير، مقترحة:" أنا بفكر اقتلهم وارتاح.. ما هو مش هفضل هي آمر يعصبها تتعصب عليا.."
هز رأسه يأسا مع قوله بقلة حيلة:" أمك كدة يا أروى .. طول عمرها قوية.."
منضما للحديث عمر، يوافقه الرأى:" خالتي.. ديه ست جبارة.. أبوكِ خلع منها ومات بدري وارتاح.."
مطت شفتيها بامتعاض موافقة:" عندك حق أبويا ده كان عسل.. مش زي امي ولا الصخرة.."
ابتسامة رقيقة ارتسمت على ثغر رشوان متذكرًا رفيقه الراحل داعيا له بالرحمة، قبل أن يقول بتعجب ضاحك:" سبحان الله.. إنتِ واخدة طباع أبوكِ.. وآمر واخد طباع مريم.."
حديثه لم يخفف عنها ما تشعر به؛ فهتفت بتبرم:" بس كدة مشكلتي مش هتتحل.. الصخرة منشف دماغه.. وأمي استحالة تجوزني قبل الصخرة.. وأنا خلاص على أخري.."
محولة نظراتها لعمر، مكملة بحدة مغتاظة:" ما تقول حاجة يا عمر.."
تنهيدة مثقلة بقلة حيلة خرجت منه، مع قوله اليائس:" اعمل ايه.. أخوكِ صخرة ده أنا حاولت احركه شوية.. حودت عليه رامي منفعش.. أنا تعبت.. بقولك ايه ما تيجي نهرب ونخلع.."
ضحكة ساخوة انطلقت من رشوان، ناظرًا إليه باستخفاف، قائلا:" تقدر تعملها يا آخر صبري.. ده انت بتخاف من خالتك أكتر مني.."
أشاح بيده بغباء قائلا بنزق:" يارشوان انت هتجيب نفسك لخالتي.. انت راجل سكرة إنما مريم.. وليه جبارة مايقدر عليها إلا ربنا.."
فتهتف الأخرى بنفاذ صبر وقد ضاقت بها الحيل:" طب والحل؟.."
لمعت عينا رشوان بغموض، مع قوله المريب:" سبوني أفكر في الموضوع ده وهشوف.."
بعدم اقتناع نظرت إليه بطرف عينها، ثم وضعت كفها على وجنتها متن*دة بثقل:" طيب.."
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
عادت رهف إلى المنزل، لمتابعة بعض الرسومات الخاصة
بها بعد أن اقنعت ماجدة بزواج خالد من سالي، وسافر الأخير
إلى ايطاليا لمتابعة عمله؛ لم تجد بالمنزل أحدا؛ فدلفت لتأخذ حماما سريعا، وحين خرجت وجدت هاتفها يعلو رنينه، فأسرعت تجيبه مبتسمة:" أيوة يا عمتو وصلت.."
ثم تبدلت نبرتها للضيق مكملة:" بس محدش موجود.. وفيه كركبه كتير في الفيلا.."
فتعلل عمتها بهدوء:" مانتِ عارفة ياحبيبتي ان الفيلا
بتتظبط.. وزمانهم خلصوها وهتتسلم.."
بلا اهتمام غمغمت موافقة، مع قولها:" أنا عامة هتصل بدادة ثريا تجي.."
ابتسمت ماجدة برقة؛ قائلة بدفء:" أوك يا رهف أنا هقفل دلوقتي.. خلي بالك من نفسك.."
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
وبالخارج كان آمر وعمر يتابعان ما تم عمله بالمنزل حتى يتم تسليمه فورا بعد انتهائه، وعمر يتن*د بارتياح بعد أن تخلص من ضغط ابن خالته الذي يصيبه بالتوتر قائلا:" ماشي يا آمر.. احنا كدة يعتبر خلصنا.."
فيوافقه بجدية وعيناه تجولا بالمكان بتدقيق حتى لا يتأكد من إتقان العمل:" طيب ياعمر.. أنا هشوف آخر تشطيبات ونروح.. امال فين شنطتي؟.."
_في الاوضة اللي هناك.. أنا حطتها فيها علشان متضعش..
مشيرا بيده لإحدى غرف الطابق العلوي، فتتبع آمر مسار يده وقد تحرك اتجاهها، قائلا:" ماشي.. هجيبها واحصلك.."
بتبرم نبهه عمر :" طيب.. متتأخرش.. أنا هموت من الجوع.. وأمك عازماني.."
واللفظ جعله يرمقه بعدم رضا، مع لكزه بكتفه، مستنكرًا:" ايه أمك ديه؟.. ما تقول خالتي وتخلص.."
زافرا بتأفف،قالبا عينيه، ردد بنفاذ صبر:" خلاص ياعم.. خالتي عازماني.. لخص بقى.."
رمقه بطرف عينه بوجه مقلوب، مواصلا تحوكه، قائلا:" طيب اتنيل استناني تحت.."
_ ماشي من غير ماتزوق..
تاركا آمر يدلف للغرفة، فيتفاجئ بفتاه تواليه ظهرها وتجفف شعرها، ترتدي فستان أزرق اللون بلا أكمام، عاري الذراعين قصير إلى حد ما.. تدندن بانسجام..
اتسعت عيناه بذهول يتلفت حوله، ثم يعود بأنظاره إليها متسائلاً :" الله.. مين ديه.. وبتعمل ايه هنا.."
حين شعرت بباب غرفتها يُفتح التفتت سريعا لتجد آمر يحدق بها، فتصاب بالدهشة بدورها، متسائلة:" إيه ده.. انت مين؟.."
**تت قليلا تدقق النظر بملامحه فتتسع عيناها بإدراك، هادرة بعصبية:" انت.. انت بتعمل ايه هنا؟.."
رمش بعينيه مجفلا على صوتها العالي؛ يجيبها بتعلثم:" أنا.. أنا كنت جاي علشان..."
لكنها قاطعته وقد ازدادت ملامح وجهها حده، مرددة:" علشان ايه.. إنت ازاي تسمح لنفسك إنك تدخل اوضتي.. أصلا انت
بتعمل ايه هنا.. إنت اكيد حرامي وجاي تسرق.. أنا هتصل بالبوليس.."
نبرتها الهجومية جعلته يعقد حاجبيه، قائلا بضيق مستنكر:" حرامي ايه.. أنا بشتغل هنا.."
ثم يرتفع حاجبه يتفحصها باستخفاف، مكملا بترقب:" وثانيه واحدة إنتِ اللي بتعملي ايه هنا.."
منفعلة من تواجده الذي يصيبها بالجنون، هتفت:" ده بيتي.. وبسخرية مشططه بعينيها وقد مالت بجسدها للجانب قليلا، قائلة بتهكم:" بتشتغل هنا ايه.. بواب.. انت اخرك كدة.."
اتسعت عيناه المشتعلتين غضبا يزجرها بعصبية:" احترمي
نفسك يابت إنتِ.. بواب في عينك.."
_ بت في عينك.. يلا اطلع برا احسنلك.. أنا هنده للحارس يرميك برا..
أما آمر فقد احتقن وجهه غضبا، يتجه إليها، بخطوات ساخطة، يتوعدها:" تصدقي إن ل**نك طويل وأنا هقصهولك.. إنتِ فاكرة نفسك مين علشان تكلميني كدة؟.."
لم تهتم لغضبه أو اقترابه منه، متابعة بتحدي:" ولا تقدر تعمل
حاجة.. يالا برا احسنلك.. يا حرامي.."
وصل إليها يواجهها، مرددًا باستهانة مع تفحصه لها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها:" حرامي.. والله إنتِ اللي شكلك
حراميه.. وجاي تقشطي البيت.. ولا جاية تلفي على صاحب الفيلا.."
حديثه الوقح جعل عيناها تتسعان بذهول غاضب، رافعة يدها تهم بصفعه، هادرة:" انت انسان مش متربي.. وأنا هوريك.."
قبل أن يصل كفها لوججه، أمسك مع**ها بقوة ضاغطا عليه، يعتصره، يجز على أسنانه، قائلا بتوعد:" قسما بالله ا**رلك ايدك.. إنتِ اتهبلتِ.."
حاولت جذب يدها من قبضته القوية، هاتفة:" سيب ايدي يا غبي.. ابعد.."
لكنه زاد من ضغطه عليها قائلا بإصرار:" مش هسيبها
قبل ما تعتذري .. عن اللي قولتيه دلوقتي وقبل كدة.."
يأمرها بحدة :" يلا.."
لكنها لم تكترث، تحاول التملص أكثر، مع قولها:" أنا اعتذرلك انت.. مش ممكن.. وسيب ايدي.."
_ اعتذري احسنلك.. وإلا إنتِ مش عارفة ممكن أعمل فيكِ ايه دلوقتي.."
_ ولا تقدر تعمل حاجة...
جذبها إليه أكثر ويده تقبض على ذراعها، يقربها إليه ناظرا لعينيها بعينين مشتعلتين غضبا،
هادرًا بشراسة أرعبتها:" لا أقدر اعمل كتير.. اعتذري حالا.. وإلا قسما بالله اد*كِ على دماغك.."
*************