الفصل الثاني

1232 Words
في غرفة الفندق المضاءة بالشموع الحمراء و البالونات الحمراء..وقف ياغيز يدخن سيجارة و هو ينظر عبر النافذة..شعر بيدين التفتا حول جسده و برأس مال على ظهره..تن*د بعمق و وضع يده على يديها..انها سيفدا..الفتاة الهادئة و الصادقة و الطبيعية..تلك الموظفة التي تعمل في بنك و التي تعرف عليها في تلك الفترة السوداء التي عانى فيها الأمرين جراء ترك هزان له..معاملة بنكية كانت السبب في لقاءهما..كأن القدر كان يريد انتشاله من السواد الذي لف حياته بإظهار فتاة يجد في قلبها الحب الصادق و في نقاءها البياض الملائكي..كانت العلاقة في بدايتها علاقة صداقة جميلة ثم تحولت إلى مشاعر أخرى..حب قوي من طرف سيفدا و رغبة في الإستقرار و بحث عن حب ينسيه تلك الإستغلالية التي تلاعبت بمشاعره و سخرت منها لكي تصل إلى هدف محدد كان واضحا منذ البداية..لكن حبه الكبير لها منعه من رؤية ذلك..التفت إلى زوجته و عانقها بقوة..يريد لها أن تحتل كل زاوية في ذلك القلب المحطم ..يريدها أن تتسلل إلى أعماقه و تحتل كل جارحة فيه لكي تنقذه من ذلك السواد و الألم..نظر إلى زوجته الجميلة و لم يقل شيئا..قبل جبينها و هم بتقبيل شفتيها..لكنه رأى هزان تتجسد أمامه..تراجع إلى الخلف و أخذ يحملق فيها..قالت بقلق" ياغيز..حبي..ماذا حدث؟" هز رأسه بعنف و أجاب" لا أشعر أنني بخير..أنا آسف..سأخرج قليلا من الغرفة لكي أستنشق بعض الهواء.. حياتي..أتمنى أن تعذريني..لا تنتظريني..لا بد أنك متعبة..نامي..ليلة سعيدة" و قبل خدها و خرج مسرعا من الغرفة..انهارت سيفدا جالسة على حافة السرير و وضعت رأسها بين يديها..في شقة جيداء..جلست هزان أمام التلفاز لكنها لم تكن تستوعب شيئا مما يعرض..جيداء ذهبت لمناوبتها الليلية في المستشفى و بقيت هي لوحدها..سمعت طرقات عنيفة تكاد ت**ر الباب..فتحت لتجد ياغيز يقف أمامها..أحاط عنقها بيده و الصقها إلى الحائط و هو يقول بعصبية" لماذا عدتي؟ ها؟ لماذا أتيتي؟ ماذا تريدين مني؟ هل بقي شيء آخر تريدين أخذه مني؟ الم يكفك ما فعلته معي؟ الست أنت من تخلى عني و طلقني؟ الست أنت من استغلتني و تزوجتني لكي تصل إلى الشهرة؟ الست أنت من سخرت من حبي و حطمت قلبي؟ ماذا تريدين أكثر؟ أجيبي..قولي" تكلمت هزان بصعوبة" ياغيز..اتركني..أنت تخنقني" أبعد يده عنها و قال" ليتني أستطيع قتلك و التخلص منك..ليتك تختفين من حياتي إلى الأبد..أكرهك هزان شامكران..أكرهك" حملقت فيه هزان و قالت بصوت مرتعش" أنا آسفة" صاح بها" اخرسي..اصمتي..لا تعتذري..لن أغفر لك ما فعلته..أبدا..لقد وصلت لما تريدين..هل تحتاجين شيئا آخر؟ أجيبي"..تقدم نحوها و أخذت تتراجع..واصل أسئلته الثائرة لها" قولي..هل تحتاجين مساعدة أخرى مني؟ هل هناك ملحن أو كاتب أغاني تريدين مني تعريفك عليه؟ أو ربما تريدين مني أن أساعدك لكي توقعي ضحية جديدة في شباكك..أليس كذلك؟ ألذلك أتيتي؟ ها؟ أجيبي.. هل هناك غ*ي آخر تريدين استغلاله لكي تزيدي من شهرتك؟ أو ربما ليس واحدا فقط..لم تعودي تكتفين برجل واحد..أليس كذلك؟ رجل واحد لا يكفيكي" شعرت هزان بما يشابه طعنة السكين تخترق قلبها جراء احتقاره لها..استجمعت كل كبرياءها و غرورها و رفعت يدها لكي تصفعه لكنه أمسك يدها بيده بعنف حتى كاد يسحق أصابعها ثم لوى يدها خلف ظهرها و جذبها نحوه بقوة..تكلم من بين أسنانه و هو يحاول أن يتناسى ضغط ن*ديها على ص*ره أو رائحتها التي داعبت أنفه" اياك..اياكي أن تفعلي ذلك..أنت من تستحق الصفع..لكنني لن أفعل ما لم يسبق لي أن فعلته في حياتي..لن أمد يدي عليك..حتى غضبي كثير عليك..ما أريده منك فقط هو أن تختفي من حياتي..و الا تظهري أمامي أبدا..و إلا سأجعلك تندمين على اليوم الذي ولدت فيه..و كما صنعتك و جعلت منك نجمة صف أول..أستطيع أن أسحب البساط من تحت قدميك و أعيدك إلى نقطة الصفر..هل فهمت؟" غالبت هزان دموعها و ألمها و قالت" لم آتي لكي أزعجك أو أضايقك أو أنغص عليك حياتك..بل أتيت لكي.." وضع اصبعه على شفتيها و قال" لا..لا تقولي شيئا..لا تخبريني بسبب مجيئك..ذلك لا يعنيني..أنا الآن رجل متزوج..و أحب زوجتي..لذلك لا تظهري أمامي..من الأفضل ألا أرى وجهك مرة أخرى" تركها و ابتعد و هم بالخروج لكنها استوقفته بسؤالها" إذا كنت تحب زوجتك..فلماذا تركتها إذا في ليلة الزفاف و أتيت إلي؟ أجب..هيا..كن صادقا كما عرفتك و أجب بصراحة" رمقها بنظرة باردة و قال بنبرة استهزاء" صادق ..كما عرفتني..و هل قدرت يوما ذلك الصدق؟ هل عاملتني بالمثل؟ هل كنت صادقة معي؟ لا..أبدا..لذلك لا تتوقعي مني أن أكون صادقا معك..اسمعي..لقد أتيت إلى هنا لكي أضع لك حدا يستحسن ألا تتجاوزيه أبدا..من الأفضل ألا تفعلي لكي لا أضطر أن أريك وجهي الذي لم تريه في السابق" و خرج صافقا الباب بقوة..ارتجت أرجاء المنزل بخروجه المدوي فيما بقيت هزان تمرر أصابعها على عنقها حيث بقيت آثار أصابعه..سالت دموعها بشدة على خديها و صارت تشهق بقوة..تمنت أن .تنجح الدموع في إخماد تلك النار التي تلتهم قلبها..لكن..دون جدوى..حملت هزان زجاجة نبيذ و كأس وضعتهما أمامها على الطاولة ..سكبت و احاست كأسها دفعة واحدة..تريد أن تنسى..أن تنسى ذنبها و خذلانها به..أن تنسى استغلالها لمشاعره و لحبه بأبشع طريقة..أن تنسى نظرة الإحتقار التي رأتها في عينيه..أن تنسى كلمة أكرهك التي قالها لها..أن تنسى أنه أصبح رجلا متزوجا و أنه سيكون الآن بجانب زوجته..يقبلها..يلامسها..يحبها..يطارحها الغرام..كما كان يفعل معها عندما كانا متزوجين..مررت هزان يديها على عنقها..تشعر أنها تكاد تختنق لمجرد التفكير في ذلك..جلست على الارضية و مالت برأسها على الأريكة و أغمضت عينيها..وجدت أنه لا مهرب من واقعها المؤلم إلا بالعودة إلى ذلك الماضي الذي لم تعرف قيمته إلا متأخرا جدا..مازالت تذكر ذلك اليوم الذي رأته فيه للمرة الأولى..صدفة سعيدة جمعتها به..لم تكن يومها مستعدة لخسارة تلك الفرصة الذهبية التي من شأنها أن تنتشلها من بؤس حياتها و الفقر المدقع الذي كانت تعيش فيه..دون أهل..دون نقود..دون مستقبل..طفولة تعيسة في ملجأ للأيتام..ثم شباب متسكع هنا و هناك..لعل الهبة الوحيدة التي كانت تمتلكها هي ذلك الصوت الرقيق الذي تمتلكه..يومها..ذهبت إلى المشفى لأخذ مفاتيح المنزل من صديقتها جيداء التي كانت تشاركها السكنى..دخلت مسرعة إلى غرفة المعاينة دون أن تطرق الباب حتى..كانت ترتدي سروال جينز ممزق و قميصا أخضرا و حذاء رياضيا أبيضا..تحمل حقيبتها الصغيرة على ظهرها و ترتدي نظاراتها الطبية..قالت" جيداء..أعطني المفاتيح..لقد نسيتها كالعادة" رمقتها جيداء بنظرة غاضبة و قالت" هزان..أنا أفحص مريضا..ألا تستطيعين الإنتظار؟" هزت رأسها بالنفي و أجابت" يجب أن آخذ حافظة نقودي..أعطني المفاتيح..لقد تأخرت على عملي" أطل من وراءها شاب وسيم ذو عينين بلوريتين و قال" دكتورة ..طمئنيني..هل أمي بخير؟" التفتت هزان لتجد نفسها وجها لوجه مع صانع النجوم..المنتج و الملحن الشهير..ياغيز إيجمان..كانت يومها فتاة طموحة..تريد أن تصل إلى القمة بأية طريقة كانت..تريد أن تتخلص من العمل في محل للحلويات..تريد للجميع أن يسمعوا صوتها و أن تسلط الاضواء عليها..أجابت جيداء" لا تخف سيد ياغيز..لقد انخفض ضغطها فجأة..هذا كل ما في الأمر" قال" الحمد لله..شكرا لك دكتورة" نظرت إليه هزان و قالت" أنا صديقتها..اسمي هزان" صافحها و هو يقول" تشرفنا..أنا ياغيز إيجمان" ابتسمت و قالت" أعرفك..و هل يعقل ألا أعرفك؟ أنا من أشد المعجبين بك" قال" هذا من دواعي سروري..هل تدرسين الموسيقى؟" تن*دت و أجابت" أتمنى..ياليت..يقولون أن صوتي جميل..لكن ظروفي تعا**ني..أعمل حاليا في محل للحلويات"..
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD