الفصل الأول || PART 1
____
#رعد
في أحد السجون الكبرى الذي يقع في روما عا**ة إيطاليا والذي يشتهر بأخطر المجرمون في العالم وليس في إيطاليا وحدها.
يحيطه آلاف الرجال الفتاكين الذين يحرسون أنحاء السجن وكافة السجناء الجاهزين كي يفتكون بهم مما يجعل الحرس يخافون بعض الشيء فهم لا يتعاملون مع سجناء طبيعين بل مع بعضٍ من المجرمون الذين أعتادوا على القتل والت***ب بجميع أنواعه.
يرن جرس الإنذار معلنا عن وقت غداء السجناء فيبدأون الحرس برمي الطعام المقزز لهم وطبعا لم يأكل إلا القليل من شدة الجوع ولكن الأغلبية أمتنعوا عن الأكل ولم يكترثون الحرس لهم وعادوا ليقفون أمام زنزانة كل واحد من السجناء ليحرسون على عدم هروبهم.
بينما في أحد الزنزانات الأنفرادية والتي أعدت لمعاقبة السجين أو لإدخال الأخطر من بين السجناء لأنه ليس له قضبان بل فقط جدار صلب من الحديد وبه باب صغير له قفل كبير يدخل منه الحراس لرمي الطعام كعادتهم.
يدخل الحارس ويرمي صينية الطعام بإتجاه محدد يصل لقدمي ذلك السجين الذي لا يظهر منه شيء بسبب الظلام الدامس الذي تتميّز به الزنزانة.
أبتلع الحارس ريقه وكاد يخرج ولكنه توقف كما توقفت الدماء في شراينه حين سمع صوت خشن وقاسي يقول ببرود:"تقدم".
أبتلع ريقه وساقيه ترتعشان بقوة ألتفت ليتقدم منه بخوف لا يليق بضخامة جسده وعضلاته المفتولة ولكن من قال أن الشجاعة تكمن في الجسد الرياضي أو العضلات المفتولة.
تنفس بأضطراب وهو يراه يقف ليتعدى طوله قليلا إذ أصبح يصل لكتفه تقريبا.
لعن بسره قامة هذا السجين ودعى أن يخرج سالما نظر له السجين ببرود وقال بخشونة وهو يضع يديه في جيوب بنطاله:"إجلب لي هاتف الآن".
نظر له بصدمة وقد أتسعت عيناه وهو يحاول رؤية وجه السجين الذي يحجبه الظلام لكنه لم يستطيع لذلك قال بتوتر:"لكن هذا ممنوع".
حبس أنفاسه وهو يشعر بقبضة كبقضة الوحوش تضع على كتفه ليشعر وكأن حجر ثقيل قد وضع على منكبه.
أبتلع ريقه وهو يحاول النظر له ولم يستطيع لذلك سلط عليه ضوء الكشاف الذي في يده ليتفاجئ بأبتسامة مخيفة تستقبله.
أرتجفت يده فسقط منه الكشاف لينطفئ الضوء ويبقى وحيد مع ذلك الوحش وفي الظلام الدامس.
أبتلع ريقه للمرة التي لايعرف عددها وأخذ يلعن نفسه وهو يستمع لصوته المخيف الحاد يقول:"فلتجلبه أيها العاهر فهمت؟".
أومأ لا إراديا وذهب ثم عاد مسرعا وبيده يمسك هاتفه ليمده للسجين بيد مرتعشة.
فأخذه الآخر وأومأ قائلا بصوت مرعب:"أخرج".
خرج مسرعا وهو يتنفس بإضطراب ولكنه توقف قائلا بتوتر:"سيدي سأعود بعد نصف ساعة لأخذ الهاتف".
لم يستمع لرد مما جعله يخرج بهدوء وخوف شديد وهو يقف أمام الزنزانة والعرق متراكم في جبينه وجسده يرتعش كمن رأى جني مخيف للتو أو أسوء.
فتح الهاتف وضغط على عدة أرقام ثم أتصل على الرقم ليأخذ سيجارة من العلبة كانت على السرير المهترئ الذي في الزنزانة المظلمة.
أشعلها ببرود لتُظهر نار السيجارة وجهه المخيف والقاسي وأصبحت السيجارة هي الشيء الوحيد المنير في هذا المكان المظلم.
بعد دقيقة تقريبا أو أكثر رد الطرف الآخر قائلا بصوتٍ خشن:"من؟".
قال ببرود وهو ينفث دخان السيجارة من فمه:"أجلب لي محامي أيها العاهر قل له أن يقابلني بعد ثلاثة أيام في السجن".
أبتلع الطرف الآخر ريقه بصوت مسموع وقال:"ولكن سيدي المحكمة لم تص*ر أي أمر ببدأ في محاكمتكِ كما أنه ليس من البعيد أن تص*ر أمر بإعدامكِ سيدي لأنك سيدي...قاتل مأجور".
أبتسم بجانبية أبتسامة مخيفة تدل على غضبه وقال:"هل تعلم بأنك ابن داعرة، المحكمة مهما بلغت عدالتها لا تستطيع أعدامي".
قال الطرف الآخر بتساؤل:"كيف ذلك؟".
لم يجيبه وقال ببرود:"فلتجلب محامي بعد ثلاث أيام لأن المكان ليس ممتعًا كما ظننته".
قال الطرف الآخر:"ولماذا بعد ثلاث أيام؟".
زمجر بغضب لي**ت الطرف الآخر بخوف فقال له بغضب:"نفذ ما أقوله لك ب**ت يا ابن الع***ة".
أجابه الطرف الآخر قائلا برعب:"حسنا سيدي بعد ثلاث أيام سأجلب أنجح محامي في البلد".
قطع الخط ورمى الهاتف على الحائط ليت**ر إلى أشلاء فدخل الحارس بسبب صوت الت**ير ونظر للهاتف بصدمة ثم حوّل نظره لينظر إلى السجين الذي أغمض عيناه ببرود وهو يدخن بأبتسامة مخيفة توحي على عدم أهتمامه بكل ما يحصل حوله.
خرج وهو في حيرةٍ من نفسه وخوف شديد ويدعو بسره ولأول مرة بأن يحوّل إلى سجن آخر غير هذا الذي به هذا الوحش المتوحش.
#توليب
أما في مكان آخر غير هذا السجن في مكان هادئ يتميّز بالطبيعة الخلابة تقف فتاة ذات شعر بني وعينان خضراء ساحرة في الشرفة تراقب شروق الشمس بأبتسامة جميلة وفجأة صدح صوت مرح يقطع سكون المكان قائلا:"صباح الجمال".
ألتفتت تنظر بأبتسامة لأخيها الذي ينظر لشروق الشمس بدوره بكل حماس ومرح لتقول بحنان:"أستيقظت مبكرا اليوم".
قال أخيها اليافع بمرح كعادته:"نعم لأنني نمت البارحة بسرعة".
أومأت قائلة بحنو:"هل أحضر لك الفطار؟".
قال بأبتسامة:"نعم سأجهز نفسي للذهاب إلى المدرسة جريا على الأقدام لأنني أشعر بال**ل إذا صعدت في سيارتكِ".
ضحكت بعفوية ضحكة ساحرة وجميلة وقالت بلطف:"حسنا فلتذهب لتتجهز للذهاب إلى المدرسة حبيبي".
أومأ وذهب بحماس لغرفته أبتسمت بحنان تراقب أخيها الذي يغزو الحماس دوما قلبه شخص عفوي ولطيف وطيّب للغاية يذكرها بوالدتهما الراحلة.
أتجهت للمطبخ لتحضر الفطار لأخيها ليذهب للمدرسة سريعا.
خرج شقيقها من غرفته بعدما أغتسل وأرتدَ ثياب المدرسة الموحدّة ألا وهي قميص أبيض وبنطال أزرق غامق دخل للمطبخ وقفز بمرح ليجلس على السفرة المستديرة التي تقع في وسط المطبخ.
وضعت الفطور على السفرة وبعدما أنتهت جلست مقابل شقيقها.
أنتهى من تناول الطعام وهو يحدثها عن مواضيع متعددة ويطرح عليها أسئلة أيضا وهي تجيبه بمرح وحنان شديد.
ترتشف من كوب قهوتها وهي ترى شقيقها يجري بحماس ليذهب إلى المدرسة التي تبتعد عن المنزل قليلا.
تن*دت وهي تعاود دخول المنزل تغطي كتفيها بغطاء ثقيل شتوي.
دخلت للشرفة التي تقع في وسط المنزل وجلست على الأرجوحة التي على شكل كرسي.
جلست بهدوء تراقب السماء الصافية لوقت طويل حتى شعرت بساعة يدها تهتز وتطلق رنة لطيفة.
نظرت للساعة لتجدها تشير إلى السابعة والنصف صباحا تن*دت واقفة لتدخل المنزل مجددا وتتجه إلى غرفتها لتبدل ثيابها المنزلية إلى أخرى عملية كلاسكية.
أرتدت بنطال كلاسيكي كحلي وقميص كلاسيكي أيضا باللون الأحمر الداكن.
وضعت ملمع شفاه أحمر ومكثف رموش ثم فردت شعرها البني وحملت حقيبتها السوداء وذهبت متجهة للخارج وكعبها الأحمر ينقر بالأرض.
خرجت من المنزل وذهبت لتفتح باب المرأب وتصعد لسيارتها السوداء البسيطة.
أدارت المحرك لتقود بهدوء وهي تفكر شاردة بما ستفعله اليوم من عمل.
هي تُوليب مجد الدين فتاة في منتصف العشرينات قد توفيا والديها وهي في عمر الخامسة عشر وكان أخيها أحمد حينها في عمر الثانية عشر فعاشت بعد موت والديها مع عمتها التي كانت تتطمع في ورثها من أبيها ولكن لم تتجرأ وتطالب به منها أو أن تهددها بطردها من المنزل إن لم تعطيه لها لأن تُوليب أقوى مما يتخيّله أي أحد فبعد موت والديها لم يعد يهمها سوى أخيها أحمد وتربيته وجعله يتخرج من مجال الذي يريده.
أكملت دراستها الثانوية والجامعية من عرق جبينها فلكي تحصل على مصروف المدرسة والجامعة عملت كنادلة في مطعم فاخر وكعاملة نظافة في مستشفى شهيرة أيضًا ولم تصرف قرش من ورثها من والدها لأنها تدخره من أجل أحمد.
والغريب أنها كانت تعمل بدون توقف حتى أنها لم تشعر بالتعب مطلقا كل ما كانت تشعر به هو الفارغ وذلك من شدة تأثرها بموت والديها وهذا شيء طبيعي بالنسبة لطفلة لم تتعدَ الخامسة عشر وهي تشهد على موت عائلتها.
وبعد أن أنهت دراستها الثانوية دخلت كلية القانون لتصبح بعدها محامية ناجحة نسيبًا لأنها تتوكل بقضايا عادية وراتبها الشهري لا بأس به على الأقل يكفيها لتأمين حياة كريمة لأخيها الذي ضحت بالكثير من أجله وستقوم بأي شيء لأجله.
بعد نصف ساعة تقريبا وصلت لمكان عملها وهو مكتبة شهيرة للمحاميّن.
دخلت بهدوء ورزانة وكانت تلقي التحية على كل من مرّ بجانبها وبأبتسامة جميلة كعادتها.
دخلت لمكتبها وأغلقت الباب خلفها لتجلس خلف مكتبها تطالع الأوراق التي على مكتبها بهدوء و**ت فهي تمقت الصخب والصوت العالي بشدة وتميل في أغلب الأوقات للهدوء وال**ت.
______