___
صعد لسيارته وأغلق الباب وأدار المحرك ليقود بسرعة وهو يضع الهاتف على أذنه ينتظر ردا من الطرف الآخر بفارغ الصبر.
وبعد مدة ليست بطويلة فتح الخط وأجاب الطرف الآخر قائلا بسخرية:"نعم ماذا هناك ديفيد؟".
حك رأسه قائلا بتشتت:"أحتاج محامي للسيد فهو يريد مقابلته بأسرع وقت في السجن".
سمع صوت الطرف الآخر يقول بدهشة واضحة على صوته:"المحكمة أص*رت تاريخ المحاكمة بهذه السرعة يا للعجب".
قال بحنق:"لا لم تص*ر أي شيء بعد ولكنه طالب بمحامي".
همهم الطرف الآخر قائلا بحنق بدوره:"لما قد يريد محاميا؟".
قال ديفيد بتأفف:"لا أعلم جوردن هو يريده ولا أعلم حقا إنه شخصية غامضة ومعقدة وباردة".
قال آخر كلمة بغيظ ليجيبه جوردن قائلا:"حسنا لا يهم المهم هل يريد محامي معيّن أم فقط من أختياري أنا العاثر؟".
قال ديفيد بتفكير:"لا يريد محامي معيّن ولكن من الأفضل أن تجلب محامي عربي ناجح يمكنه فهم هذا الشخص المعقد لأننا نحن الأجنبيون لم نستطيع فهمه لعلّ أحد من بلده يمكنه فهمه والتعامل معه بالطريقة الصحيحة".
قال جوردن متن*دًا:"حسنا سأبحث عن محامي عربي ناجح يمكننا تهديده لعله يستطيع كما قلت أنت التعامل مع كتلة البرود تلك".
تن*د ديفيد قائلا بعدم أهتمام:"حسنا أتفقنا إلى اللقاء".
أغلق الخط بعدما وافق صديقه جوردن على توكيل محامي عربي لسيدهم الذي لم تص*ر المحكمة بعد أي قرار عنه.
#تالين
تتن*د ناظرة للفطار الذي أمامها بملل ونفور شديد ألتفتت تنظر لشقيقتها التي تنظر إليها رافعة حاجبها بمعنى"ماذا تنتظرين؟".
تن*دت مرة أخرى قائلة برجاء:"أرجوكِ تالا تعلمين بأنني لا أحب البرتقال ولا التوست كيف لي أن أأكلهم الأثنان ثم ما هذا...؟" أكملت وهي تنظر للبعض من البيض الذي في الطبق بنفور:"بيض تضعين بيض في طبقي تعلمين بأنني أمقته تالا".
قالت آخر كلمة برجاء لتتن*د تالين قائلة بإصرار:"فلتتناولين طعامكِ كادي وب**ت هيا".
قالت آخر كلمة بنفاد صبر مما جعل شقيقتها تزفر قائلة بحنق:"لن أأكل يعني لن أأكل وهذا آخر شيء".
أخذت حقيبتها المدرسية وحملتها على كتفها وخرجت من المطبخ ثم من المنزل متجاهلة نداء شقيقتها بأن تعود.
ركضت تالين لتلحق بأختها التي وضعت سماعات في أذنيها وبدأت تجري لتذهب لمدرستها.
توقفت عن الركض وهي تستند على ركبتيها بتعب وص*رها يعلو ويهبط.
وقفت بأعتدال وأخذت تمسح عرق جبينها قائلة بحزن:"لقد ذهبت بدون أن تأكل شيء ماذا سأفعل هل أتبعها إلى مدرستها؟".
تن*دت وعادت للمنزل لتعد طعام جديد تحبه أختها الصغيرة العنيدة ثم تضعه في علبة الطعام الكبيرة وترتدي سترة على قميصها الداخلي وتخرج من المنزل ذاهبة لمدرسة شقيقتها.
#كادي
بينما على الجانب الآخر وصلت كادي لمدرستها وهي تلهث من سرعة جريها ذهبت لفصلها ودخلته لتلقي نظرة على المدرس الذي وجدته ينظر لها بغضب.
نظرت للأرض وهي تلعن وتسب في سرها وفجأة أستمعت لصوت المدرس يقول بصوت عالي:"لمَ تأخرتِ كادي؟".
رفعت بصرها له ثم أخفضته سريعا لتقول بصوت منخفض:"أعتذر أستاذ".
قال مجددا بصوت عالي:"أنا لم أطلب منكِ الأعتذار أنا سألتكِ لما تأخرتِ فلتجاوبين على سؤالي بدون تهرب أو أعتذار".
دمعت عيناها ثم قالت بصوت مختنق لأنها ولثاني مرة تتعرض لهذا الحدث ومع المدرس نفسه والأسوء أنه مدرس الرياضيات المادة المفضلة لديها:"لقد كنت نائمة".
قال بحدة:"ولمَ لم تستيقظين مبكرا؟".
قالت بخفوت:" كنت متعبة قليلا لذلك نمت مبكرا".
نظر لها لمدة قصيرة ب**ت بينما هي تحبس أنفاسها خوفا من نزول دموعها.
زفر الأستاذ قائلا بجدية:"تعلمين بأن هذه ثاني مرة تتأخرين".
لم تجيبه وبدأت دموعها بالهطول فقال المدرس ببرود:"أدخلي هيا ولا تعيديها مرة أخرى لقد مررت لكِ الأمر للمرة الثانية لأنكِ تلميذة مجتهدة".
أومأت بفرحة ومسحت دموعها لتتحرك إلى المدرج وتجلس بهدوء وكل هذا تحت أنظار الطلاب ومن بينهم أحمد المبتسم براحة لأنها لم تطرد من الحصة ودخلت بعد عتاب طفيف من أستاذ الرياضيات الأ**ق كما يناديه بالعادة.
#تالين
أما على الجانب الآخر تقف تالين أمام بوابة المدرسة وبجانبها يجلس حارس بوابة المدرسة المسّن وينظر لها بأستغراب من وقفتها المتوترة.
كانت تقضم أظافرها وهي تنظر لفصل كادي لا تريد إزعاجها أو التسبب لها بالطرد لأنها أتت متأخرة فطبعا سيعاقبها المدرس أو يطردها من الحصة لذلك قررت أن تنتظرها لوقت الإستراحة والتي تبدأ من التاسعة صباحا للحادية عشر صباحا.
وبعد إنتظار طويل خرجوا الطلاب بعد أن دق الجرس المعروف في المدرسة.
فبدأوا بالإنتشار والذهاب للمقهى وللساحة الواسعة والتي أعدت للعب بكرة السلة.
كانت تنظر لها وهي تجري برفقة صديقاتها وتضحك وتلعب بمرح.
أقتربت منهن وهي تنادي عليها لتلتفت كادي وتنظر لشقيقتها ببرود وتتجه لها قائلة:"لماذا أتيتِ؟".
قالت تالين بغيظ:"بسببكِ يا قردة لم يطاوعني قلبي لجعلكِ تأكلين نفسكِ من الجوع لذلك أتيت وجلبت لكِ طعام تحبينه".
أبتسمت كادي بسخرية وقالت:"لا تقلقين المدرسة تملك مقهى للطلاب ويمكنني طلب الطعام منهم".
زفرت قائلة بضيق وهي تمد لها علبة الطعام الكبيرة:"خذي علبة الطعام قبل أن أغضب منكِ ثم هذا المقهى به طعام الغداء فقط ولايوجد به طعام يُأكل للفطار وإلا لكنت جعلتكِ تأكلين من عنده ولم أكن لأتبعكِ وأنتظركِ لساعتين حتى تخرجين من فصلكِ هيا لاتعاندي كادي".
زفرت كادي أنفاسها بضيق وأخذت علبة الطعام جالسة على الحجرة الكبيرة التي في حديقة المدرسة الواسعة وشرعت بتناول الطعام فمهما غضبت ومهما فعلت ومهما حصل يبقى الأكل الشيء الوحيد الذي لن تهجره أبدا فما هو ذنب ماعدتها بكل ما يحصل حولها.
همهمت وهي تأكل البطاطس المفضلة لديها وتشرب عصير المانجا.
نظرت لها تالين بأبتسامة صغيرة وجلست بقربها وهي تنظر حولها لتجد الفتيان يلعبون كرة السلة وبرفقتهم أحمد.
وفجأة قفزت صورة تُوليب في مخيلتها تلك الفتاة التي تعتبر جارتها لم تحدثها سوى مرات قليلة بحكم صداقة فارس وكادي وأيضا لأنها جارتها.
هي تعرف فقط شقيقها الصغير أحمد وتعتبره بمقام كادي فهو فتى لطيف وطيّب ومحبوب مقارنة بالفتيان الآخرون.
أعتدلت لتقف من على الحجرة الكبيرة وتتوجه لأحمد الذي ينظر لكادي وهي تأكل بأبتسامة لطيفة وبريئة.
وقفت أمامه قائلا وهي تحتضنه بلطف:"صباح الخير مودي".
أنكمشت ملامح وجهه وقال بعبوس وهو يبادلها الأحتضان:"صباح الجمال تالا".
قبلت خده قائلة بأبتسامة:"لمَ تعبس هكذا.. اسم مودي مناسب معك أكثر من اسم أحمد".
زم شفتيه قائلا بضيق:"لا تستخفين باسمي تالا ثم لا تناديني بهذا الاسم...مودي ناديه فقط لصديقتك أنا شاب ولست فتاة".
ضحكت قائلة وهي تقرص خده بلطف:"ما أجملك أيها الشاب اللطيف".
زفر بعنف وقال بطفولية:"هيا قولي ماذا تريدين تالا".
ضحكت مرة أخرى ثم قالت بأبتسامة:"لا شيء فقط كنت أريدأن ألقي عليك التحية يا جميل".
أبتسم قائلا بحنق:"حسنا شكرا لكِ وأنا بادلتكِ التحية هل يمكنكِ الذهاب الآن؟".
شهقت قائلة بصدمة مصطنعة:"هل تطردني يا فتى؟".
أومأ كابتا ضحكته على تعابير وجهها المنكمشة فقالت بشهقة أخرى:"ألزم حدودك يا فتى وإلا سأقطع لك ل**نك هذا".
قالتها وهي تشد شفتيه ليقول الآخر بإنزعاج:"تالا فلتتركيني".
ضحكت وأبتعدت عنه وقالت بلطف:"كيف حال شقيقتك؟".
قال بأبتسامة صغيرة:"بخير".
همهمت له وقالت بأبتسامة رقيقة:"حسنا قل لها بأن تالين تسلم عليك".
أومأ قائلا وهو يعود ليلعب كرة السلة:"حسنا تالا".
لعبت بخصلات شعره كالطفل مبتسمة بحنو بينما أنكمشت ملامح الآخر بإنزعاج كالأطفال تماما.
تجلس إلى مكتبها وتطالع الأوراق التي تمسك بها في تركيزٍ شديد بينما تسند رأسها على المقعد، زفرت في تعبٍ ودلكت جبينها مغمضةً عينيها.