الفصل الثاني

947 Words
*********** جلست في الكافيتريا عندما وجدت ما توقعت تماماً محاضرة الدكتور هيثم شومان بدأت منذ أكثر من ساعة...وأكيد كالعادة المدرج ممتلئ عن آخره..هزت رأسها ساخرة من بنات دفعتها اللاتي لا يفوتن محاضرة للدكتور شومان ...ليس حباً التزود من بحر علمه الواسع...ولكن كل واحدة يحدوها الأمل ربما استطاعت أن توقع الدكتور الشاب في حبائل الزواج منها...فلا يفوتن محاضرة له...يتم الاستعداد لها بالملابس الشيك والبرفانات الفواحة قبلها بأيام.... اقترب منها نادل الكافيتريا: ـ آنسة ريتاج...غريبة أنت مش بتتأخري عن أي محاضرة... زفرت بتعب: ـ هات لي كوباية شاي يا محمد..وبلاش رغي كتير وحياة أبوك..عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في خلقتي.. ـ تحت أمرك... شعرت بالندم بعد ذهابه...فهذا الشاب يعول أسرة وهي دائماً ما كانت تحاول مساعدته بقدر ما تستطيع...ودائماً ما يفتح لها قلبه ويشكو لها من مرارة الأيام وظلم الدنيا...ولكنها كانت في حالة لا يعتب عليها في أي تصرف..وضعت يدها على خصرها عندما اشتدت آلامها.. عندما اقترب تظاهرت بالابتسام وهو يضع كوب الشاي أمامها: ـ محمد..أرجوك تعذرني..انا متعصبة ومش قصدي أكون رخمة معاك... أحنى رأسه باحترام: ـ ولا يهمك يا آنسة...أنا تحت أمرك...أنا بس كنت عاوز أطمن عليكي... ـ أنا كويسة..شكرا على الشاي..ضيفه على النوتة .. أومأ لها وانصرف لعمله.. عضت على شفاهها تتجرع موجة آلام جديدة... تعجبت من الوجع المتزايد..وتمنى لو تذهب للحمام لتطلع على الكدمة المتسبب بكل هذا الألم...ولكن خافت أن ذهبت يفتح المدرج ويدخل الدكتور سليم وهدان ويغلق خلفه وهو أكثر دكاترة الكلية في ثقل الظل والدم... أخيراً بعد أن أنهت كوب الشاي على مهل..فتح المدرج فأسرعت بقدر ما يسمح لها ألمها المبرح...دخلت المدرج فاستقبلتها صديقاتها بتساؤل: ـ معقولة يا ريتاج....في واحدة عاقلة تفوت محاضرة هيثومة.. ردت بنبرة ساخطة: ـ ويا ترى مين رسي عليها المزاد... زفرت صديقتها الهواء بصوت شبه باكي: ـ حضرته لسة بيرسم دور الرجل الغامض بسلامته..بس على مين..منكونش دفعة الزلانطحية إما وقع في واحدة فينا...دحنا نبقى عار على الكلية ويمشوا يعايرونا في كل مكان... جائهم صوت خشن من خلفهم: ـ صباح الخير يا ريم...صباح الخير يا ريتاج... التفتت ريم ترد بابتسامة ناعمة بينما ظلت عينا ريتاج مسمرة أمامها بعد إيماءة خفيفة من رأسها: ـ صباح الخير يا حازم..سبحان الله ما أنا قدامك من الصبح..ما افتكرتش تصبح ألا دلوقت...إحم إحم.... نحن هنا ..ولا أنت داري بحالي يا اللي أنت مش واخد بالك... زغرت لها ريتاج بغضب: ـ طب يا أستاذة اكتمي..الدكتور وهدان دخل..ودا معندوش ياما ارحميني...ولا أقولك ..غني عليه هو كمان...وايه يعني متجوز وعنده عيال قدنا... ـ ريتاج...على فكرة انت رخمة قوي النهاردة... فجأة عمت قاعة المحاضرات سكووووت تام عندما وقف الدكتور خلف مكتبه ينظر لطلابه نظرة استعلاء ...قام بتجربة المايكرفون...ثم بدأ بالكلام... لاحظت ريتاج من خلال تركيزها المشوش أنه لم يبدأ محاضرته بعد...وكان يتحدث في موضوع عام...فلكزت صديقتها: ـ ريم..الراجل ده بيقول إيه؟ همست ريم: ـ بيقول أنه مسافر وأن فيه دكتور جديد هيحاضر مكانه لحد ما يرجع... وضعت ريتاج رأسها الدائخ على الديسك أمامها مهمهمة: ـ قولي له يبدأ محاضرة بلاش تهريج..هو اللي زيه هيعتقنا أبداُ... وقبل أن ترد ريم سمعت الدكتور وهدان يصدح بصوت أعلى في المايك: ـ طلابي الأعزاء اسمحوا لي أقدم لكم الدكتور ..ليث عبد الجواد...محاضركم الجديد للستة أشهر القادمة... كان صوت حفيف الورق يسمع من على بعد كيلو متر..عندما دخل الدكتور الشاب يخطو متمهلاً للقاعة ب*عره الأ**د الغزير الممشط بعناية وابتسامته الجذابة والتي خ*فت قلوب العذارى...خاصة وهو طويل عريض الأكتاف وكأنه أحد نجوم السينما..مدركاً تماماً لجاذبيته التي استمرت حتى بعد زوال الابتسامة عندما التفت لينظر للطلاب بعد مصافحة زميله وخروجه من القاعة...استمر لدقيقة يجول بنظراته في الوجوه المحدقة فيه ب**ت بانطباعات متباينة...فوجوه الذكور مستهجنة وبعضها يرفع عينه في السقف وكانهم يقولون "وكأننا لم نخلص من هيثم وهدان حتى يأتي ابن عبد الجواد ليقضي على ما تبقى من عقول البنات" ووجوه البنات محملقة بانبهار ومليون خطة وخطة ترسم في الأحداق مع الأيدي التي أخذت تصفف الشعور بدون وعي...وجه واحد فقط كان يحدق فيه بطريقة مختلفة وهي تتذكر كل حرف من وصلة الردح الصباحية لهذا الشخص الذي يتبرى الغرور من غروره...كذلك استقرت عليناه عليها بنظرات استخفاف وتوعد...لكزتها ريم في جانبها الموجوع فوجعت يدها على فمها تمنع صرخة متألمة...بينما همست صديقتها بدون أن تدرك ما بها: ـ يا لهوووووووي يا مستهووووووي....اعدليني على القبلة...مين القمرة دي..وايه جابه على الارض..كان يقول وأنا كنت آخد أول صاروخ وأطلع له. تبادلا النظرات وكان القاعة خلت إلا منهما..وعندما زادت همهمات الطلبة باستغراب..تنحنح ليجلي صوته وبدأ بالكلام: ـ أنا وحضراتكم هنكون مع بعض الفترة الجاية وأتمنى أنكم تعرفوا قانوني..قانون ليث عبد الجواد علشان ما يحصلش اصطدامات بينا...أول حاجة...مش بحب البنشات الأولى يكون فيها أي بنات...لو سمحتوا كل البنات ترجع فوراً للبنشات الأخيرة والشباب يتفضلوا قدام... همهمات مستنكرة وأخرى راضية فصاح في المايك بصوت أعلى: ـ بسرعة لو سمحتوا... وعلى فكرة أحب أقول للجميع...أنا مش بفكر في الجواز ولا عندي استعداد أكون صيدة لأي بنت لسة بمريلة المدرسة أنها تحاول تلعب عليا...ولا ترمي نفسها قدام عربيتي..ولا تقعد تسبلي رموشها طول المحاضرة...أتمنى نكون فاهمين بعض يا ...آنسة ريتاج... كانت ريتاج بدأت بالتحرك مع صديقتها للرجوع للخلف عندما توقفت مسمرة عندما صدح اسمها في المايكرفون...وحملقت به بأنفاس لاهثة تكاد تحترق من الغضب والإحراج وه تسمع لمزات زملائها وم**صة شفاه زميلاتها... التفتت باتجاهه قائلة بنبرة مشمئزة: ـ عاوزاك تعرف حاجة يا...دكتور.. حضرتك إنسان مغرور جداً ومنفوخ على الفاضي وفاكر نفسك يا ما هنا ياما هناك وأنت في الواقع ولا حاجة... عم ال**ت القاعة حتى من الأنفاس والجميع بانتظار ردف فعل الدكتور الذي ابتسم بتشفي قائلاً: ـ اتفضلي اطلعي برة ..وم***ع تدخلي أي محاضرة ليا لآخر السنة... ردت باندفاع: ـ وأنا ما يشرفنيش أني أدخل في مكان فيه واحد زيك... أشار لها بيده على الباب وعيناه متحجرتان ومتصلبتان النظرات..أمسكتها ريم من ذراعها متوسلة: ـ اعتذري يا ريتاج..هيشيلك المادة..نظرت لصديقتها ولكنها لم ترها...غشاوة بيضاء غطت على عينيها..انتفضت عندما سمعته يصرخ في المايك: ـ أنا قلت اتفضلي برة واللي مش عاجبه يتفضل معاها.. بدأت بالتحرك برأس مرفوع تأبى حتى أن يلمح منها نظرة تخاذل...و في منتصف الطريق كانت قدرتها على الاحتمال قد نفذت...فلم تشعر بساقيها تتراخيان وجسمها يتهادى ليسقط أرضاً... لم تشعر إلا كأنها تهوي على سحابة ناعمة وأصوات الصراخ باسمها تتعالى حولها... ......يتبع.....
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD