_تلك الساحرة تعبث بعالمنا, و لا يمكننا أن ندعها تفعل ذلك.. أريدك أن تتخلص منها..
ارتفع حاجب الكاهن يرمق من أمامه باستهجان مرتاب,
فأكمل الغريب بهدوء بارد:" أيها الكاهن.. نحن نعلم كل شيء.. أنتم من ستوقفوها بلعنتكم.."
و من ثم لمعت عينا الغريب بشدة مريبة, و هو يرفع يده, لتنطلق شعلة سوداء, و يرى من خلالها الكاهن شخص ما يُعاني..
اتسعت عينا الكاهن و هو يميز ذلك الشخص, إنها الحكيمة..
فغر الكاهن شفتيه بذهول, و الغريب يُخبره بحزم:" لن تتحرر روح حكيمتك إلا حين تتخلص من تلك الفتاة إيزابيل.."
تحرك الغريب ببطء, أمامه, و هو يعقب مُضيفًا:" نفذ ا****ة على إيزابيل بأسرع وقت, و ستعبر الروح بأمان.."
بلحظة اختفى الغريب كالسراب, تاركًا الكاهن خلفه ينظر حوله بارتياع..
فيعود الكاهن من شروده, و هو ينظر أمامه للشاب يأمره أن ينهض, فينفذ الشاب الأمر, باسطًا كفه للكاهن,
الذي بدوره رسم بعض الخطوط على كف الشاب, فيرتسم الألم على وجه الشاب بوضوح,
ثم يُناوله الكاهن زجاجة صغيرة, يشربها الشاب دون تردد,
و الكاهن يقول بحزم:" انطلق.. ستدلك الجرعة للطريق, فقط المس ذراع تلك الساحرة تتخلص من ألمك, و لتبدأ معاناتها.."
هز الشاب رأسه موافقًا, ينطلق سريعًا يفتح الباب ليخرج, فيغطي ضوء الصباح الباهت الكوخ,
و الكاهن ينظر بأثره بنظرات غامضة, متمتمًا:" الليلة ستتحرر روح حكيمتنا.."
**************
ذلك الشجار المندلع بين إيزابيل و بين جوي دومًا يكاد يجعلها تُصاب بالجنون, و ماي تستفزها أكثر بمشاعرها المُضطربة المتقلبة, فتارة تغضب, و تارةً أخرى تنتابها نوبة بكاء كطفلة صغيرة,
و هي لا تستطيع التحمل, و هناك دين الذي رحل منذ يومين كي يذهب لوالدته..
كورت إيزابيل قبضتيها بقوة تخدش أظافرها باطن كفها, و هي تتذكر تلك المرأة, نيكول..
تلك المتعجرفة الحقيرة نيكول, من كانت السبب سابقًا في هجر دين لها و جعلها تُعاني برحيله..
زفرت إيزابيل بقوة تهز رأسها تزيد من سرعة ركضها بالغابة, تنفض تلك الأفكار التي تهاجم عقلها,
معترفة ان رحيل دين يُقلقها, بل و ذلك يُخيفها أن تعرف تجعله نيكول يبتعد عنها,
لكن دين وعدها بأنه لن يفعل ذلك مُجددًا,
توقفت إيزابيل قليلاً تلهث من بإجهاد, و هي ترفع وجهها للأعلى ترى السماء فوقها تمتلئ بالسُحب, فينقبض ص*رها بقلق,
خرجت إيزابيل من الغابة للطريق, تود الذهاب للسوق كي تشتري بعض الأعشاب التي نفذت وبرحيل دين كان عليها هي جلبها..
و لكنها قبل أن تصل لأطراف البلدة, وجدت أحدهم يركض بقوة اتجاهها, و دون أن تستطيع تجنبه, اصطدم بها شاب بقوة جعلتها تتأوه, مُحاولة التوازن, و هو يُمسك مع**ها بقوة,
ينظر الشاب لعيني إيزابيل بطريقة مريبة, قبل أن يقول معتذرًا بخفوت:" أعتذر.. لم أقصد.."
أفلت مع** إيزابيل من قبضته, و هو يبتسم بوجهها بلطف, و هو يهز كتفه بخفة, مُضيفًا:" لم أستطع التوقف بالوقت المناسب.."
عقدت إيزابيل حاجبيها بتوجس, تهز رأسها دون تعبير, قائلة باقتضاب:" لا بأس.. لم يحدث شيء.."
ثم تركته شاعرة بطاقة منفرة جعلتها تود الركض من المكان,
تقبض بيدها على مع**ها بتلقائية, متمتمة بكلمات مُبهمة ساخطة,
أما الشاب فوقف ينظر بأثرها مراقبًا إياها بعينين مظلمتين, حتى اختفت عن أنظاره، هامسًا:" لتبدأ معانتكِ أيتها الساحرة.."
********************
_لتبدأ معانتكِ أيتها الساحرة..
جلست إيزابيل على الفراش تنظر حولها بتشوش, مع اضطراب حركة ص*رها,
قبل أن ترفع يدها تضغطها على موضع قلبها بارتياع, مع اتساع عينيها و هي ترى تلك النيران المشتعلة أمامها,
بخطوات متعثرة نهضت إيزابيل من الفراش,
تُخمد النيران سريعًا ف*نطفئ, مُخلفة بعض الدُخان..
ثم عادت ترفع يدها لعنقها تتلمسه بخوف..
كانت تحلُم.. أجل كان حُلم..
و لكنها لا تتذكر منه شيئًا..
نظرت إيزابيل للمرآه أمامها تتفحص نفسها بنظرات مرتبكة, و لكنها لم تجد أي أثر لجرح, أو حتى خدش..
و لكن هُناك شيء ما يؤلمها, و لكنها لا تعرف موضعه, و من ثم تلك الحكة الغريبة التي تُصيبها بمع**ها منذ يومين..
نظرت إيزابيل لمع**ها و هي تحكه بأظافرها, مُخلفة آثار حمراء طفيفة..
ألقت جسدها على الفراش بإنهاك, زافرة بقوة, لاعنة تلك الظلال التي تتلاعب بعقلها..
بالتأكيد ليس هناك غيرها.. تبًا لهم و لما يفعلونه..
و لكن عيناها لمعتا بإصرار عنيد..
لن تتوقف عن تجميع الكتاب مهما فعلوا, هي ستقوم بإكمال ما بدأته والدتها بأي شكل,
و لن يُرهبها بعض الظلال اللعينة؛ لمجموعة من الأوغاد الراحلين..
متى سيعود دين؟..
لقد أطال غيابه..
أي غياب إيزابيل؟..
و هو لم يُكمل الأسبوع حتى, و لكنه يبدو لها كالدهر بعيدًا عنه..
تن*دت إيزابيل بحرارة قبل أن تلقي بنفسها للخلف, تنظر للسقيفة قليلاُ, و من ثم تُغمض عينيها,
هامسة بوهن:" دين.."
_هنا..
فتحت إيزابيل عينيها سريعًا تنتفض من نومتها, تلتفت إلى دين بذهول, قبل أن تصرخ صرخة قصيرة, راكضة إليه,
هاتفة بسعادة:" أنت هنا.."
ابتسم دين يضم إيزابيل إليه مغمض العينين, يستنشق رائحتها و كأنها ا**ير الحياة بالنسبة إليه..
هامسًا بمرح:" يبدو أنكِ قد اشتقت إليَّ كثيرًا.."
هزت إيزابيل رأسها دون أن تبتعد عنه, دافنة وجهها بص*ره تتنعم بذلك الدفء الذي افتقدته,
تهمهم بكلمات غير مفهومة دفعت دين للضحك, و هي تشدد من قبضتها على قميصه,
فيردف دين بمشا**ة مشككًا:" هل ذلك استقبال بعد غياب؟.. أم هناك ما قمتِ بفعله!.."
ابتعدت إيزابيل عن دين تنظر إليه بعبوس حانق, و من ثم دفعت كتفه,
قائلة بعتاب:" أنت حقًا سخيف.."
تدير ظهرها إليه, تتحرك بعيدًا عنه, و لكن دين أسرع بلف ذراعيه حول خصرها يقربها إليه, ذقنه يستريح على كتفها,
هامسًا بأذنها مسترضيًا:" كنت أمزح حبيبتي.. و أنا اشتقت إليكِ كثيرًا.."
تململت إيزابيل بنزق, و لكنها استكانت مع شعورها ببرودة مفاجئة اجتاحت جسدها, فشعر دين بارتجافها,
يسألها بقلق:" ماذا هناك؟.."
تن*دت إيزابيل بصوت مسموع, يدها تتمسك بيد دين المستريحة على بطنها,
هامسة:" لا شيء.. أنا متعبة.."
تجمدت ملامح دين قليلاً, و هو يسألها بسخط:" كوابيس.."
هزت إيزابيل رأسها إيجابًا, تجيبه بنفس نبرتها:" و لكني لا أتذكر أي منها.. جيد أنك عدت.."
فك دين ذراعيه عنها, يديرها لتواجهه, يتفحصها بعينين قاتمتين,
فتسرع إيزابيل قائلة تطمأنه:" ليس هناك أي جروح.."
هز دين رأسه دون حديث, و هي تجذب يده خلفها, حتى وصلا للفراش, تجلس عليه, ناظرة إليه برجاء,
قائلة بنبرة منهكة:" لننم قليلاً.. أنا مُتعبة.."
تسطح دين على الفراش, و هي أسرعت تندس بين ذراعيه, رأسها يستريح على ص*ره, يدها تتشبث بقميصه, مغلقة عينيها, تتن*د بارتياح,
و كلما تعمقت إيزابيل بنومها تشبثت يدها أكثر؛ و كأنها تستمد منه الأمان,
و لكن ذلك لم يدم و هي تنتفض مفزوعة على صيحة دين, ف*نظر إليه لتجده ساقطًا أرضًا, و ذراعه مشتعل, يضغط عليه بيده الأخرى كي يطفئه..
فغرت إيزابيل شفتيها بذهول, هامسة بهلع:" دين.."
نهض دين بتثاقل, مُشرفًا عليها من علو, و هي تنظر إليه بحاجبين معقودين, على مشارف البكاء, لا تفهم ما يحدث..
و لكن دين كتم أنفاسه للحظات, قبل أن يزفر,
قائلاً بجمود:" لا بأس.. مجرد حادث.."
هزت إيزابيل رأسها بلا وعي, تسأله بتشوش ملتاع:" ما الذي حدث؟.. أنا لا أتذكر.."
جلس دين بجوارها على طرف الفراش, مطرقًا برأسه,
يُجيبها بضيق:" كنتِ تهذين أثناء نومكِ.. و حاولت إيقاظكِ, و لكنكِ لم تستجيبي, و بعدها هاجمتني بكرة نارية.."
تراجعت إيزابيل للخلف برعب, واضعة يديها على فمها,
تسأله باختناق:" هل تأذيت؟.."
هز دين رأسه نفيًا, و تلك النظرة المُشفقة تعلو ملامحه,
ف*نهمر دموع إيزابيل بلا شعور, معتذرة بحرقة:" آسفة دين.. أنا......"
قاطعها دين و هو يجذب يدها يقربها إليه, يحتضنها بقوة,
قائلاً برفق:" لا بأس.. يبدو أنهم يتلاعبون بعقلكِ.."
عضت إيزابيل على شفتها السفلى بقوة خانقة تلك الشهقة التي كادت أن تخرج منها,
تندس بين ذراعي دين بخوف, فيقبل جبينها برقة, و لكنه يشعر بتلك الحرارة المنبعثة منها, فيعقد حاجبيه,
متسائلاً بتوجس:" حرارتكِ مرتفعة.."
فتهمس إليه إيزابيل بوهن:" يبدو أنني لم أعد أستطيع السيطرة على قواي.."
جز دين على أسنانه بقوة يكتم ذلك الغضب الذي يتصاعد بداخله, قبل أن يقول بخفوت مداريًا سخطه:" سنجد حلا.."
هزت إيزابيل رأسها موافقة, و لكن هناك شيء ما يُخيفها و بشدة..
***************
ذلك التجاهل الذي يعتمده إينزو اتجاه هنري يثير حنق الأخير و بشدة,
رُغم أنه لم يتحدث معه منذ تلك المواجهة الأخيرة مع الجدة, و نعته باللقيط, و تلك كلمة ليست بجديدة عليه, فهو يقولها كثيرًا له,
لكن هذه المرة يبدو الفتى مُختلفًا, ذلك الغضب المتأجج بعينيه الخضراوين, و كأن هناك غابات مشتعلة بهما..
ربما ذلك أفضل من مشا**ته له, لكن ما يثير ريبته ذلك الهدوء, فشخصية إينزو منطلقة فضولية, مثيرة للمشاكل..
ما الذي قالته له الجدة كي يهدأ هكذا!..
بل ما الذي يخطط له هو و العجوز؟..
يعرف أن كاثرين ماكرة.. هي داهية مُحنكة, لا تقوم بخطوة إلا إذا كانت محسوبة..
لا تتفاعل كثيرًا مع العائلة هذه الفترة, بل و لأول مرة تتجاهل ذلك الاجتماع الشهري لتفقد الأحوال..
هل يُمكن أن يكون احتجاز جينيفر بعالم الظلال يؤثر عليها؟..
العجوز قد تجاوزت السبعين, و لكن ذلك لا يبدو و كأنه يشكل عائقًا, إلا هذه الأيام..
هو قلق كثيرًا, و هناك ما يُحاك بالظلام, و لكنه لا يعرفه, و ذلك الفتى إينزو قد يكون على علم ببعض الأشياء,
لكنه لا يُفصح عما بداخله..
أجفل على صوت مارك الممتعض:" هنري أنا أحدثك.."
نظر إليه يرمش بعينيه, يتنحنح قائلاً:" عذرًا مارك.. لقد شردت قليلاً.. ماذا كنت تقول؟.."
زفر مارك بقوة, و هو يقول عابسًا:" أريدك أن تقوم بعمل معسكر تدريبي للشباب.."
عقد حاجبيه باهتمام, و حديثه يبدو غامضًا, فالمعسكر بهذه الفترة من السنة لا يُقام بسبب تلك الثلوج المنتشرة بالأرجاء, و خطر التخييم بالغابة..
فسأله بحيرة:" بهذا الوقت مارك!.."
هز مارك رأسه إيجابًا, و عيناه تزدادان قتامة, قائلاً بغضب:" بل بهذا الوقت تحديدًا.. علينا أن نستعد لما هو قادم.."
هذا الحديث يزيد من ترقبه, إذًا فهناك ما يحدث, اعتدل بجلسته, يراقب تعابير وجهه,
يسأله مباشرةً:" ماذا هناك مارك؟.. أنا أشعر بشيء غريب.."
**ت قليلاً, قبل أن يُكمل بتردد خافت, و كأنه يخشى أن يسمعه أحدهم:" هل ما سمعته عن هروب دين مع فتاة عائلة تيرنر صحيح؟.."
اتسعت عينا مارك و لمع الغضب بهما, يزجره بخشونة:" توقف هنري ما الذي تقوله؟.. هل أصبحت تتسمع للأقاويل كالنساء؟.."
ابتلع هنري ريقه بحرج مطأطأ الرأس,
و مارك يزفر بقوة ساخطًا, الوضع يزداد سوءً, و يبدو أن محاولاتهم لإخفاء الأمر لا تكفي..
كيف تسرب الأمر, و من يعرف أيضًا؟..
رمش بعينيه, قائلاً بخشونة مقتضبة:" لم يحدث ذلك.. لقد تحدثت معه منذ أيام و كان برفقة والدته.. تعرف نيكول لن تسمح بذلك.."
ابتسامة ساخرة اعتلت ثغر هنري و هو يتذكر تلك المجنونة قريبته, بأفعالها المتهورة الغير متزنة, و ابنها الوحيد دين, و الذي على النقيض منها؛ رُغم أفعاله الصبيانية مع داني وجيفري..
تحولت ابتسامته لأخرى شاردة, و هو يتذكر تلك الأيام بالمخيم, فلمحها مارك,
الذي قال بتهكم:" ماذا هناك هنري؟.. يبدو أنك حقًا هرمت, و تبدو مشاعرك جلية للأعين.."
عبس بوجهه يشيح بنظراته, قائلاً بامتعاض:" ليس صحيحًا.. فقط أفكر بمكان مناسب للتخييم.."
لكنه لم يمنع فضوله و هو يسأل مارك:" ألن تُخبرني بالسبب!.."
تن*د الأخير بقوة, و ذلك الضيق ينتشر بداخله,
يجيبه:" أريد إبعاد الشباب قليلاً, خاصة جيفري.."
جيفري.. يبدو هذه الفترة حقًا غريب الأطوار, لا يتعامل مع أحد, بل يعتزل الجميع بعد ما حدث و اكتشفه,
تلك النظرات المعاتبة, و التي يرميها للجميع شاعرًا بالخيانة و الخداع, وازداد بسقوط جينيفر بعالم الظلال,
لا يتقبل الوضع كما داني, و الذي هو الآخر يبدو على حافة بركان قد ينفجر بأي لحظة, و ذلك السخط واضحًا عليه,
مُحملاً إياه مسئولية ترك إيزابيل و كرهها له, و كأنه كان يعلم أن الفتاة تمتلك قوى, و تركها متعمدًا..
في الواقع هو حقًا لم يكن يرتاح لإيزابيل منذ صغرها, تلك الفضولية المتلصصة, و ازداد بغضه لها بعد أن انع**ت تعويذة جينيفر عليها,
و لا يزال عاجزًا عن إيجاد طريقة لإعادتها..
زفر مارك بقوة, ثم عاد يقول لهنري:" قم بجمع الشباب و عمل المعسكر.. و اجعل التدريبات مُضاعفة هنري.."
هز الأخير رأسه موافقًا, و كل منهم يشرد بأفكاره..
***************
حاولت إيزابيل كثيرًا هي و دين معرفة ما يحدث لها, و لكن لا شيء, مجرد كوابيس و لا آثار جانبية سوى تلك النيران التي تنبعث منها,
و لكن منذ ثلاثة أيام و هي مُصابة بالغثيان و تشعر بالوهن الشديد,
و اليوم صباحًا هي بحالِ سيئة, تكاد لا تستطيع التحرك, و ذلك الرشح يُضايقها كثيرًا..
هبطت إيزابيل بخطوات متثاقلة إلى المطبخ, عل كوب من الشراب الساخن يهدأ ذلك البرد الذي أصابها على حين غِرة,
فوجدت ماي أمامها تتفحصها بعينين قلقتين, تسألها برقة:" هل أنتِ بخير إيزي؟.."
ابتلعت إيزابيل ريقها بصعوبة و هي تشعر بكتل مسننة تسده, تهمس إلى ماي بقدر ما تستطيع شاعرة بطاقتها ضعيفة للغاية:" لا أشعر بأنني على ما يرام.. أنا مريضة.."
تفرك عينها اليمنى بظاهر كفها, و هي تشعر بالتشوش بالرؤية,
و ماي تميل بعنقها قليلاً, ترمق إيزابيل بوجه منكمش التعابير,
قائلة بإشفاق:" تبدين بحالةٍ سيئة.. ماذا أصابكِ؟.."
سعلت إيزابيل و هي تتحرك ببطء, تبحث عن بعض الأعشاب, و هي تجيبها بضعف:" لا أعرف ما يحدث لي.. لم أنم الليلة الماضية.."
توقفت إيزابيل قليلاً شاعرة بالغثيان, فتزم شفتيها, مردفة:" سأتقيأ مجددًا.."
لكنها حاولت أخذ أنفاسًا عميقة تهدأ بها معدتها الثائرة, ماي تجذبها برفق لتجلس على الكرسي, و هي تقول برقة:" اجلسي قليلاً ايزي, و سأعد لكِ مشروب دافئ.."
لم تجادل إيزابيل فجلست بتهالك, و قد تجعد أنفها بنفور, و هي تسأل باشمئزاز حانق:" هل تناول جوي الأ**ق نقانق اللحم على الإفطار مجددًا؟.. يا إلهي هذا مق*ف حقًا ويزيد غثياني.. سأقتله.."
عبست ماي بضيق من شتمها لجوي, و لكنها وضعت الماء الساخن بالكوب المُعد بالأعشاب المهدئة, تحمله متجهة لشقيقتها, تناولها إياه, فترمقه الأخيرة بأسى..
و لكن اتسعت عينا ماي بقوة, و قد تبلورت تلك الفكرة بعقلها, تترجمها بهتاف:" إيزي.. أظن أنني أعلم ما الذي يحدث معكِ.. أنتِ حامل.."
هزت إيزابيل رأسها تنفض الدوار, و هي تسألها بتشوش:" ماذا تقولين ماي!.."
_من الحامل؟..
و تلك كانت جملة دين المتسائل، و هو يدلف للمطبخ يستمع لهتاف ماي, و التي سارعت بأجابته بسعادة:" إيزي.."
نظر دين إلى ماي ببلاهة، و كأنه يُطالع كائن فضائي, قبل أن يقول متسائلا بغباء:" ماذا؟.. هل تمزحين؟.."
أما ماي تلك التي تتقافز فرحًا بتخمينها, تكاد تصرخ من فرط حماسها, رائع شقيقتها إيزابيل ستنجب طفلاً,
و هي تُحب الأطفال و سيكون المنزل مُفعمًا بالحيوية, و كأن المكان ينتقص جنونًا..
**************