2

1982 Words
اصوات الاطفال المتداخله بالمرح والصراخ والبكاء كانت جزء بسيط من باقي هذه الضجه المتواجده بالشارع فهنا علي اليمين نجد سيده عجوز بدينه ترتدي عباءه سوداء بسيطه تقف تحت احد الشرف وهي تهتف بعلو صوتها باستمرار دون انقطاع : بت يارحاب ، يارحااااااب انتي يازفته يارحااااااب ثواني حتي نجد فتاه بالثامنه من عمرها تنظر من هذه الشرفه بشعرها الاشعث ترتدي قميص يصل لركبتها بحماله رفيعه ويبدو علي وجهها النعاس تعلقت بسور الشرفه وادلت برأسها لتنظر للاسفل نظرا لصغر قامتها وهي تهتف : ايه يا تيته !! السيده العجوز : خشي يابنت الكل* ناديلي امك والبسي لتبردي هبطت الفتاه من علي سور الشرفه وهي تتأفف وتلوح بيدها في الهواء بضيق وتردف بعلو صوتها : اومال مصحياني لييييه يا ستي ، ايه القرف ده السيده العجوز : اخلص يازفته ثواني حتي خرجت سيده بمنتصف الثلاثين بعباءه منزليه محاوله وضع وشاح علي راسها بلهفه وعجله لتنظر من الشرفه للاسفل وتردف : ايوه يا حماتي ! السيده العجوز : بقولك يا هناء ، لما عبده ييجي قوليله امك مستنياك في البيت القديم هناء : حاضر ، طب م تتطلعي شويه السيده العجوز : لا معلش ياحبيبتي رجلي مش حملاني ، افوت عليكم بعدين بس اوعي تنسي هناء : حاضر والله عنيا السيده العجوز : يلا العواف هناء : الله يعافيكي ياخالتي رحلت السيده العجوز لتدلف هناء لمنزلها يينما كان بجوارهم في هذا الوقت سيدة بدينه للغايه بعقدها الخامس تجلس علي منصه امام احد البيوت تنظر للماره بالشارع بتفحص ودقه الي ان صاحت بعلو صوتها وهي تلوح بيدها لشخص ما : واد يارمضااااان انت يالا وقف احد الشباب والذي كان بمقدمة الثلاثين يرتدي ملابس بيتيه ويحمل بيده كيس صغير اسود تحرك تجاهها وهو يردف باقتضاب وابتسامه صفراء : ازيك يا خالتي بثينه بثينه بلهجتها الطبيعيه : اثيك انت ياحبيبي واثي امك رمضان علي مضض : حلوه بثينه : طب ايدك معايا يابني والنبي بث وثلني لاول الشارع رمضان بصدمه : ايد مين ياخالتي!!! انتي عاوزه ترولي بثينه رافعه حاجبها الايسر وتهتف بتهكم : ترولي ليه يابن ناديه الهبله مكنوش كام كيلو ثياده يعني رمضان : كام ايه يختيييي!! قولي كام طن كام شكاره مش كااام كيلو ... شوفي حد غيري ياخالتي بثينه انا لسه شباب وعاوز اتجوز بثينه وهي تنحني بغيظ و بصعوبه لتلتقط من قدمها نعلها ليلوح رمضان بيده في الهواء غير مبالي ويتركها ويغادر وهي تهتف باسمه ولا زالت : خد يالا واااد يارمضان ماشي يا وثخ والله لانا قايله لامك لتكتمل الآيه بسياره صغيره بعض الشئ معلق بها مكبر صوت يص*ر منه بعض الاغاني المزعجه مختلطه بصوت رجولي يردف بعلو صوته وهو يطيل بالكلمات : اي حدييييد قديييييم بلاستييك قدييييم للبيييييع بهذه اللحظه باحدي هذه البيوت التي تتوسط هذه المنطقه بيت ابطال رواياتنا انتفضت هذه الفتاه من علي الفراش وهي تلقي بالغطاء عنها بالارض وعلي وجهها الغضب وآثارالنوم وتردف بعلو صوتها وتضرب بكفيها علي وجهها : يلللللهوووي علياااا وعلي سنيييني السوووده عاوزه اتخمد ياناااااس التقطت رباط شعرها لتلفه حول شعرها تلملمه ثم جذبت احد الاوشحه الخاصه بها ، وضعته علي راسها ثم اتجهت ناحيه النافذه المتواجده بغرفتها والتي تطل علي الشارع لتدفعها للخارج بعنف وهي تهتف بغضب : انت ياعم يابتاع البلاستيك ، عاوزين نتخمد احنا لسه ع الصبح اجابها الرجل بغلظه وعنجهيه : إيه يا ابله بنشوف اكل عيشنا الفتاه بصراخ وهي تلوح بيدها من الغيظ : يا عم شوووفووو بعيييد قاطعهم صوت سيده قادم من ذات المنزل ولكن من الطابق العلوي وهي تردف : يا ودااااد ؛ عمك بيقولك خشي جوه وملكيش دعوه بحد ؤاتطلعي شقتكو وداد بضيق: يامرات عمي يعني مش شايفه !! زوجة عمها : خشي جوه ملناش دعوه يلا دلفت وداد هذه الفتاه المراهقه بعمر السابعه عشر تزيح الحجاب عن رأسها بضيق لتجد من تكتم ضحكاتها امامها فتقابلها بنظرات غيظ وهي تردف : انا اللي استاهل ضرب الجزم اننا نزلت ابات معاكي النهارده ياست فيروز فيروز وهي ترفع كتفيها ببراءه وتردف : الله انا مالي انتي اللي قولتي لعمي كمال انك هتباتي مع جدو بتجبيها فيا انا ليه بقا !! وداد : ياشيخه بلا قرف دا الدور التالت ارحم يعني قبل م تيته تموت حبكت قووووي اننا نبني ف المنطقه دي اقول ايه بس عليها فيروز بهدوء : قولي ربنا يرحمها ويرحم امواتنا ياوداد عيب وداد وهي ترتدي نعلها من ثم حجابها : ياشيخه بلا عيب بلا بتاع بقي انا طالعه انام عند امي خليكو انتو هنا زي م تكونو قاعدين ف الشارع مش ف بيت وانتي ياختي ياللي رجعتي البيت زي اللي آكله سد الحنك ؛ واتخمدتي علي طول انتهت وداد من لف حجابها ووضع الشال علي جسدها ليحميها من بروده الجو لتخرج من الغرفه مغادره الشقه ومن خلفها فيروز هاقده جبينها باستفهام ؛ وتحاول ان تهدأ من روعها ليقاطعهم صوت عجوز كبير بالعمر يتحرك ببطئ بالصاله وهو يستند علي عكازه و يخاطبهم : رايحه فين ياست البنات ، مش هتفطري الاول معانا وداد بغييظ : افطر ايه ياجدو ، هو انا عرفت انام لما افطر طول الليل شويه الصايعين بتوع الكلاب والحشيش والصبح خالتي رحاب والنيله اللي اسمها بثينه قاعده تبص عاللي رايح واللي جاي م تترزع تقعد ف بيتها الجد بلطف : طب اهدي ياجميل انت بس وتعالي ناكل وكملي نوم براحتك دلوقتي الشارع يفضي ويبقي هادي وداد : مييين !!! انام هنا تاني ، علي جثتي دا زعيق امي الصبح ارحم منهم انا هطلع فوق غادرت وداد الشقه لتصعد الدرج للطابق الثالث حيث تواجد شقتها بينما كانت فيروز تتابعها الي ان اختفت من اماها وصعدت لتبتسم علي هذه الطفله التي تغضب من ابسط الاشياء اغلقت الباب لتلتف وتنظر لجدها بحب وهو يتقدم علي عكازه ليجلس علي احد الارائك فسارعت تجاهه تعينه علي الجلوس لتقبل وجنته وتردف : متزعلش منها دي ع**طه وانت عارف بتعشق النوم زي عنيها الجد : مش زعلان يابنتي وجودك معايا ف الدنيا دي عمره م يزعلني منكم جلست فيروز بجواره واردفت: ربنا يطولنا بعمرك يا جدو ولا يحرمنا منك الجد : ويحفظك ياحبيبتي فيروز : طب يلا نفطر بقا علشان تقولي نفسك ف ايه ع الغدا واعملهولك قبل م اروح الشغل الجد : والله ياحبيبتي اي حاجه هتمشي امورنا بس هو مش بزيداكي الشغل المتأخر ده دانتي ف كلية تمريض قد الدنيا وكلها 3 سنين وتتخرجي فيروز: معلش بقي ياجدو م انت عارف انا مش بحب قعده البيت واهو بكتسب خبره عند الدكتور ده من الشغل وكده الجد : طب ياست الستات ابقي اطلعي اقعدي مع اعمامك شويه علشان عمك محمود مضايق من شغلك ده وتأخيرك وكل يوم يرجع من شغله يسمعني نفس الموال بتاع كل يوم احنا مقصرناش معاها ف حاجه ، هي بتعاند ولا بتعمل كده ليه وانا صحتي علي قدي ياحبيبتي مقدرش ارد عليهم تن*دت فيروز بحزن ليطبطب الجد علي ظهرها بيده التي بانت علامات الزمن بتجاعيدها وتجاعيد وجهه ولحيته البيضاء وشعره الذي تساقط ليردف لها : هما خايفين عليكي ، من بعد موت ابوكي وامك وانتي ملكيش غيرهم هما سندك يا حبيبتي اومئت فيروز لتتنفس بعمق وتزفر ببطئ ثم نظرت لجدها بابتسامه هادئه واردفت : حاضر ياجدي اللي حضرتك تشوفه ، هقوم اجيب الفطار.. ******** علي صعيد اخر بمكان اخر غرفه ذات نافذه زجاجيه شفافه كبيره تطل علي حديقه رائعه الجمال خلابه تسلب العقول بداخل هذه الغرفه تركد هذه السيده العجوز والتي بلغت من العمر 98عاما علي هذا الفراش الوثيير تنظر بشرود وضياع لنقطه ما في الفراغ وبأحضانها ذلك الاطار الذي لم يفارقها يوما بداخله صوره لهذا الشاب اليافع الجمال بشعره الاسود الداكن وعيونه السوداء برموشه الكثيفه تشبه عيون الخيل تضمهالص*رها لتستمد منها الدفئ والامان علي امل لقياه حولها كل مستلزمات والادوات الطبيه التي عاشت عليها منذ اعوام وتلك المحاليل التي كانت تغذي جسدها طوال تلك السنوات عند رفضها للاطعمه نعم فهي تركد هكذا منذ اعوام جسد بلا روح علي الرغم من ان جميع اعضاء جسدها تعمل وبصحه ممتازه ولاكن حركه بسيطه و لا حياه اشبه بالجثه التي تمكث مكانها دون حراك ان اقتربنا نجد عيونها لازال يضخ بالدماء كانها ابنة امس فتاه شابه عشرينيه بريعان شبابها لم يجير عليها الزمن ولم تتعدي عليها السنوات ولكن انها الحقيقه هذه العجوز علي هذه الحاله منذ اعوام كثيره تتغذي علي العقاقير والمحاليل التي تسري بدمائها ن خلال هذه الاسلاك الا بعض الوجبات الضعيفه جدا بينما تجول حولها فتاتان بمقتبل عمرهما يبدو من ملابسهم انهما يعملون بمهنه التمريض منهم من تحضر ابره طبيه والاخري تجلس امام السيده تمسك بيدها طبق به بعض الطعام واليد الاخري تمسك بملعقه ترفعها الي فم هذه السيده تحاول اطعامها وهي تنظر لها بتنهيده وضيق فهذه اصعب مهام يومها علي هذه الحاله قراربة الساعتين تحاول اطعامها لكن دون جدوي هم فقط ملعقتان بالتمام والكمال نهضت الممرضه لتردف لرفيقتها : انا تعبت ياسناء بقالي سنتين من يوم م جيت هنا والست دي علي نفس الحاله سناء بسخريه : سنتين !! دا انتي غلبانه ، الست دي ياحبيبتي بقالها فوق ال 25 سنه علي الحاله دي وسمعت كمان انها كانت ف مستشفي تانيه قبل كده بس اختها الصغيره جابتها هنا وبتشقر عليها كل فتره ؛ علشان مبقتش تقدر ترعاها اقعدي ساكته يامال والنبي انتي م تعرفي حاجه الممرضه امال : ايه تاني ، هي صحيح ايه اللي حصلها! سناء : والله اللي سمعته ناس قالت ان ابنها قتل جوزها ولبسها هي التهمه و رماها كده علشان الميراث الفلوس وناس تانيه قالت انها قتلت جوزها لما حرقت بيتهم وفي اللي قال انها حادثه ومات وهي مصدومه من وقتها اما بقي اااايييه حييلك حييلك .. قاطعتها آمال من كم هذه الاخداث والمواضيع التي اخذت ترتلهم خلف بعضهم لتكمل آمال : خلاص ياسناء انا غلطانه ؛ دانتي مقلتيش حاجه مقنعه ياشيخه كملي شغلك وادعيلها وخلاص خرجت سناء من الغرفهوهي تتمايل بخصرها وتلوك العلكه بينما نظرت آمال بشفقه للسيده العجوز **** الساعه الثالثه عصرا تقف فيروز بالمطبخ تدندن بعض النغمات من اغانيها المفضله التي تسمعها بواسطه السماعه السلكيه الموضوعه بأذنيها ومتصله بالهاتف الجوال الموضوع بجيب سترتها ويداها مشغولتان بتقليب الطعام والطهي علي الموقد تركت ما بيدها ولازالت تدندن لتتجه نحو علب خشبيه معلقه علي الحائط بالاعلي لتقف علي اطراف اصابعها تقفز للاعلي لتنال مرادها وتلتقط ما تريده كررت الحركه مرات متتاليه الي ان سقط الهاتف ارضا لتشهق فيروز بخوف وحزن وقد قاربت علي البكاء جثت علي ركبتيها لتخلع عنها السماعات تضعها بجوارها واخذت تلملم اجزاء الموبايل المتناثره حولها وعلي وجهها علامات الحزن وهي تردف : ياربي .. هجيب فلوس منين بس علشان يتصلح مرتبي ع القد اكملت تجميع الهاتف وتركيبه الي ان شعرت بنسائم هواء شديده من حولها واخذت اضاءه المطبخ غير منتظمها تاره تضئ وتاره تظلم بالاضافه الي صوت اصطدام النافذه بالحائط نهضت فيروز بغير فهم لما يجري لتنظر حولها باستفهام فتستشعر نسمات الهواء البارده التي تداعب وجنتيها ، الي ان النار قاربت علي الانطفاء كما شعرت بوجود احد ما بالقرب منها نظرت بترقب وهي تهمس ب: بسم الله الرحمن الرحيم يارب مم..مين هنا ؟؟ شعرت بأنفاس تلفح عنقها وشخص ما يهمس بفحيح الافاعي بالقرب من اذنها ويتمتم بكلمات غير مفهومه التفت بسرعه ولاكن لاوجود احد شعرت بذات الشعور مره اخري انفاس تلفح عنقها من الخلف ويهمس باذنها بكلمات ونبره تجعل القشعريره تسري بالجسد تيبست مكانها واخذت تفرك انامل يدها ببعض وجسدها يرجف من الخوف وهي تدعو وتناجي ربها بالامان والحمايه الي ان هتفت بتلعثم وخوف ونبره اشبه بالبكاء: مم.مممين !! جاءها هذا الصوت مره اخري وهو يردف بصوت مبحوح مقارب علي فحيح الافاعي : مجيتيش ... ف.. المعاد.. ليه ؟ فيروز بتلبك: مم..ممعاد ايه !! ومممين ااانت !! الصوت بهمس بطئ وكأنه يحوم من حولها : عاااابد وعدتيني هتساعديني ، استنيك واتاخرتي عليا فيروز وهي تتلفت حولها علها تجده حيث سماع صوته وه يحوم حلها : اااااا هو حضضررتك ممش ..كنت حح...ححلم !! عابد : حلم ازاي !! انتي شفتيني وعرفتيني ولا هتخلي بوعدك !! فيروز بنبره باكيه : لا لا لا والله مممش هخلي ووولا حاااجه ، ه..هاججي لحضرتك حاضر بس ممكن تمشي دلوقتي حححضرتك لو فضلت انا هصووت من الخوف بالطريقه دي عابد : متتأخريش فيروز : حححاضر هدأت نسمات الهواء وانتظنت الاضاءه وهدأ جو المكان لتشهق فيروز بخوف حين استمعت لصوت غريب نظرت حولها لتجده صوت نعيق الغراب صادر من هذا المخلوق الاشبه بالغراب ولكنه ليس بغراب يختلف عنه ببضع اشياء يقف علي نافذه المطبخ ولكن بشع المنظر اسود داكن اللون يدقق النظر بها وعيونه حمراء اللون داميه التقطت من جوارها مكنسه خشبيه لتشهرها بالقرب من الغراب ولكنه لم يتزحزح من مكانه فقط ينظر لها بصمت وعيونه تشتد احمرارا حاولت عده مرات ترهيبه كي يبتعد الي ان فاجئها بطيرانه مره واحده وابتعد عن المنزل لتشهق حينها فيروز بفزع وتخطو للخلف بعيدا عن النافذه وهي تنظر لاثره بعيون متسعه خائفه واضعه يدها علي ص*رها من شده الخوف .. يتبع.........
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD