الساعه الرابعه عصرا
تقف فيروز امام المراه تعدل من حجابها البسيط ثم تغلق الجاكيت الاسود الذي يصل لركبتها ليحميها من برد الشتاء القارس
التقطت حقيبتها الصغيره
ثم خرجت من الغرفه متجهه لعملها وعلي وجهها ارق الشديد
خرجت لتجد جدها يضع كرسيا ويعدل زواياه ثم جلس عليه واسفل قدميه سجادة صلاه
لينتبه لها فيردف :
خلي بالك من نفسك يا قمر انت لحد يعا**ك
فيروز بابتسامه :
قمر ايه بس يجدو ، امر بالستر
انا همشي دلوقتي ونص ساعه لما يقرب معاد غداك هتصل علي وداد تنزل تجهزهولك
الجد :
متتعبيش نفسك يا حبيبتي انا هصلي العصر ومنين م اجوع هحط لنفسي
حاولي انتي بس ترجعي بدري مش عاوزين اعمامك يبهدلونا ويقولو كلام ملوش لازمه
فيروز بسأم :
حاضر ياجدو هحاول
الجد :
ربنا يحفظك يا حبيبتي ؛ يلا يابنتي علشان متتأخريش
فيروز :
مع السلامه
غادرت فيروز المنزل لتخرج من البوابه الرئيسيه للبيت
لتستمع كالعاده للمضايقات الهزليه من شباب هذه المنطه
والكلمات الب**ئه التي تخدش حياء اي فتاه
لكنها كالعادي تتغاضي ولا تبالي ولاكنها مهما حاولت تبقي هذه الكلمات محفوره داخلها **كاكين تقطع بجسدها
تحركت لتنتبه لهذا البيت المهجور ابتلعت ريقها بوجل وقلق وهي تناظره بخوف لتتسع عيونها حين لمحت نفس الغراب يقف امام الباب الداخلي للمنزل
وتتذكر ما حدث بليلتها بعد ان ايقنت ان هذا لم يكن بحلم بل انه واقع حقيقه تلمس
flash back
عابد باستفهام ! :
هو مش انتي اللي هترجعيهالي
فيروز باستغراب:
هي مين !!
عابد بشرود وعيون مليئه بالحب :
روحي
نفت فيروز برأسها بعدم فهم
ليتركها ويولي ظهره لها ويتحرك للامام عاقدا جبينه
باستفهام ويردف :
غريبه ، اللي اعرفه اني مش هظهر غير للشخص اللي هيردهالي وانتي شايفاني فالبتالي لازم انتي اللي هتردهالي
فيروز وهي تبتلع ريقها وتتحرك خطوتان تجاهه وتردف بغضب دفين :
انا مش فاهمه ، تردلك ايه !!
وانت تستني ليه حد يرجعلك حاجتك!!
التف لها بغضب لتزعر فجأه وتتقهقر للخلف وعادت عيونه قاتمه مره اخري
واردف بصوت غليظ مره اخري يشوبه بحزن و بغضب دفين كشخص مقيد بقيود كثيره :
علشان حرموووني منها و مقدرش اتحرك بره البيت ده.
لهثت فيروز من شده الخوف وهي تنظر له وهو يدفع ما امامه علي الطاوله ارضا
التف ليجدها علي حالتها
فيلهث
الي ان زفر بضيق ويردف :
متخافيش
فيروز بهمس ساخر :
هه ممخااافش !!
لتردف بتوتر:
يعني انت متقدرش تخرج من المكان ده خالص ؟
عابد يتحرك ليجلس علي الاريكه فتنظر له ميسون بامتعاض بينما هو يردف :
انا اتحبست هنا من وقت طويل
مبقتش عارف من امتي
كأني مستني روحي ترجعلي علشان اتحرر وارتاح
فيروز :
روحك !! انت بتستعبطني ، انت عفريت يا استاذ عابد لا والأعبط اننا واقفه اكلم عفريت
نظر لها عابد وعادت عيناه قاتمه وغاضبه
لترفع فيروز يدها باستسلام واردفت بهلع :
اسفه والمصحف الشريف اسفه
تن*د بعمق لينظر للارض
فهمست فيروز بخفوت وهي تحاول مداراه فمها :
بتتن*د كمان !! مصيبه ايه دي ياربي
نظر لها عابد باستفهام وعيون بريئه :
بتقولي حاجه !!
نفت فيروز رأسها بتلبك
ليلوي عابد فمه بضيق ويردف :
هو انتي اسمك ايه !!
فيروز بتوتر وتلبك وعيناها تجول المكان :
اسس..سسمي اااا
فورتوونااا
قضمت فيرووز شفتيها وهي تسب وتلعن بداخلها :
فورتونا !!
الله يخربيت الروايات اللي كلت دماغك يا فيروز
دي متخلش علي عيل صغير
يارب يصدقني يارب
عقد عابد جبينه باستفهام واردف بسخريه :
فورتونا !! ليه التتار احتلو البلد تاني
فيروز بامتعاض :
كركركركركر عفريت ظريف
عابد بضيق :
قولتلك مش عفريت
فيروز بزفر:
داخله بيت مهجور من سنين طويله والكل بيخاف ييجي ناحيته
وواقفه جواه وشايفه شخص قدامي بكلمه ويكلمني والمكان حواليا كأنه بيت جديد
يبقي انت ايه ، هتجنني !!
الا هو انت عندك كام سنه ؟؟
عابد بلا مبالاه وهو يفكر بشرود :
مواليد سنة 2
رفعت فيروز حاجبيها بزهول وعدم فهم لتردف بتلعثم :
ييعع..يعني ايه مممعللش مش فاهمه !!
عابد بزفر وهو يشرح :
يعني اتولدت سنه 1902
فيروز بسرعه :
احييييه
عابد بعدم فهم :
نعم !!
ابتلعت فيروز ريقها واردفت بتلعثم :
لا متاخدش ف بال حضرتك بببسس اااانن..نت تعرف عندك ككككام سنة دلووقتتي !
عابد بتلقائيه :
35سنه
فيروز بضحك هيستيري :
خمسسسهو اييييهههههههههههههه
بلمح البصر كان عابد امام وجه فيروز بعيون غاضبه حاده
لتصمت وتنظر له بهلع وعيون متسعه من الفزع وتبتلع ريقها
ليردف عابد بضيق :
محدش قالك ان الضحك بدون سبب قلة ربااااااايه
انهي جملته بصوت عالي لتنكمش ملامح فيروز خوفا
فيكمل عابد ببرود :
واضح ان اهلك قصرو ف تربيتك آنسه فورتونا
فيروز بتلعثم :
اا..اصصل حضرتك عننددك كده 118 سسسنه
back
فاقت فيروز من ذكرياتها حين انتبهت للغراب يحوم حولها
لتزعر وتلوح بيدها كي يبتعد عنها
لم تجد حلا سوي المغادره ركضا
لتغادر من امام المنزل المهجور مسرعه الي مقر عملها
*********
رحلت فيروز من المنطقه بينما هناك من تتسلل من درج المنزل تراقب وتجول عيناها الي ما حولها خشيه من ان يراها احد
تعدل من حجابها محاوله تغطية وجهها
*(بتفكرني باللمبي )*
تهبط الدرج علي اطراف اصابع قدمها
محاوله عدم اصدار اي صوت
وصلت لبوابة المنزل لتطل برأسها للخارج تنظر من خلف البوابه لما بالخارج يمينا ويسارا لتعلم من الماره بالشارع
ومن الجالس من السيدات كالعاده
ما ان اطمئنت لعد وجود شخص تعلمه او تحاوره
لتخرج من المنزل مشيا اشبه بالركض
ما ان تقدمت خطوتان بعيدا عن المنزل
الي ان استمعت لمن يهتف باسمها ويردف :
اثيك يابت يا وداد
ضربت وداد علي وجنتها بخوف وهي تخبئ وجهها بالحجاب و تضغط علي اسنانها بغيظ
وتهمس بداخلها
" الله يخربيتك امي هتسمع "
هتفت السيده مره اخري حين لم تجد استجابه لسؤالها :
بت ياوداااد مش ثمعاني
لتلتف لمص*ر الصوت وهي تزفر بضيق الا وهي ذات السيده بمنتصف العقد الخامس
تجلس امام منزلها علي عده درجات صغيره امام بوابة منزلها الرئيسيه
لتردف وداد بغيظ :
اييييه يا ستي م توطي صوتك احنا ف الشارع
ابتسمت باقتضاب لتكمل :
ازيك انتي يا خالتي بثينه وازي هبه وعيالها
بثينه :
حلوين ياعثليه عقبال منشوف عيالك
وداد بتوتر وهي تنظر لاعلي لمكان شرفة منزلها بالطابق الثالث :
اه اه ان شاء الله عنئذنك بقا
بثينه بفضول :
اومال رايحه فين كده !!
وداد بغيظ :
وانتي مالك ياخالتي يوووه
لوحت وداد بيدها بلا مبالاه لتتركها مغادره فتنظر لها السيده بزهول وتردف بصوت عالي نسبيا :
شوف البت وقلة ادبها ، ماشي ياودااااد والله لاكون قايله لابوكي
هي العيال بقو ناقثين ربايه كده ليه !! ومحدش عاوث يقولي هو رايح فين ليه !!
ركضت وداد ما ان وصلت لمفترق طريق لتعبر به بسرعه وهي تسب وتلعن بداخلها تلك السيده الجالسه طوال الاربع وعشرون ساعه امام منزلها
وتدعو ربها الا يكون قد راها احد من اهلها
تنفست بعمق لتهدأمن ضربات قلبها التي كادت ان تخرج من ص*رها خوفا
نظرت حولها بتمعن
لتتقدم خطوتان وتدلف الي احد البيوت المتواجده بهذا الشارع
**************
علي صعيد اخر
لازالت هذه الجميله البالغه من العمر 98 عاما تجلس بمكانها تنظر لما بالخارج من النافذه الزجاجيه التي بعرض الحائط
ولازالت تحتضن هذه الصوره التي مر عليها الزمن كما مر علي هذه العجوز
ولكنها لم تذبل ولم تفقد الامل قط
ولو لثانيه واحده
تجلس امامها سيده بعقدها السادس
يتقاربان بالملامح والعيون الحزينه
وما هي الا شقيقتها الصغري
مدت يدها لتربت علي يد شقيقتها التي تحتضن الصوره
وتردف بابتسامه وهي تشير للطفله الصغيره التي تمسك بيدها التي تكاد تكون نسخه ثالثه منهم تبتسم ببراءة وركضت تحتضن السيدة العجوز لاكن لا حركه.
ابعدت السيده حفيدتها تعطيها احد الحلوى تضعها علي الفراش واقتربت من العجوز قائلة:
شوفتي حفيدتي كبرت وهتبقي جميله، مش عاوزه تكلميها طيب او تحضنيها، طيب بصيلها حتي دي بتضحكلك، بتفكرني بيكي دايما نفس افعالك.
ظلت تتحدث علها تتلقي إجابه ولاكن كأنهم غير موجودين بالمره.
ظلت تتحدث معها طوال النهار دون نتيجه حتي غابت الشمس واسدل الليل ستاره لتنهض السيده تحمل حفيدتها النائمه قائلة بابتسامه للعجوز:لازم امشي هجيلك تاني أنا وميلا، سلام .
لتنظر العجوز نحو الباب نظره عابره وعادت تنظر من النافذه
**********
بممكان اخر راقي بعض الشئ
من المظهر الخارجي من يرها لاول مره دون الالتفات لما هو معلق من يافته
يجزم انها عياده كبيره ل طبيب اطفال
من كثرة صور الاطفال المتواجده والمعلقه علي الحائط
ومن هذه الال**ب الصغيره المتواجده باحد زوايا المكان
وعلي الجانب الاخر موضوع مكتب به بعض المستندات والاوراق وجهاز هاتف وحاسوب
وتجلس خلفه هذه الجميله العاشقه للاطفال
"فيروز "
ولكن ان تأملنا وجهها ، لا توجد هذه البساطه والابتسامه المتواجده طوال الوقت
بل يبدو من ملامحها الحزن والارهاق وكثره التفكير المصاحبه بأرق
تنظر لما بيدها من اوراق ولكن دون انتباه
انتفضت حين انتبهت لوقوف هذا الرجل امامها يهتف باسمها
ويقارب عمره من الستون عاما
ولكن لم يبدو علي وجهه وجسده تي علامات الشيب ومبر السن
كأنه شاب بعمر الثلاثون عاما
نهضت واقفه بتوتر
واردفت ببلاهه وعدم وعي :
ايووه يا دكتور ياسين
دكتور ياسين :
فيروز بقالي 10 دقايق طالبك لما لقيتك اتاخرتي خرجت والاقيكي سرحانه بالشكل ده !!
فيروز :
بعتذر يادكتور والله انا بس سرحت غصب عني
ياسين :
لو تعبانه تقدري تستأذني وتخرجي
لاكن الناس تدخل تشوفك بالشكل ده اعمل ايه
فيروز :
لا لا انا تمام حضرتك مش هعتذر ولا حاجه
انا بس سرحت شويه
ياسين :
طيب بعد اذنك خلي مدام حنين تعملي قهوه
وهاتيلي كشوفات النهارده والحجوزات علي جوه
فيروز :
امر حضرتك
اومئ ياسين ليدلف لغرفه الكشف الخاصه به
لتزفر فيروز بتعب
واخذت تلملم بعض الاوراق المتواجده امامها بالمكتب
وهي تهمس باختناق :
يارب يارب يطلع كل ده كابوس وطول
انا لسه صغيره ع الجنان لو دي اعراض جنون
بس... بس عابد ده صعبان عليا
ازاي حد يكون محبوس كل الفتره دي
وليه .. لا ومش فاكر غير اسمه عال والله
الله يخربييييتك يافيروووز اتجننتي بتكلمي نفسك !!
اسرعت فيروز بلم الاوراق لتتحرك متجه لغرفه الكشف الخاصه بدكتور ياسين
طرقت الباب لتستمع لاذن الدخول
دلفت للغرفه لتغلق الباب من خلفها متجهه للطبيب
مدت يدها بالاوراق
ليلتقطها الطبيب بلطف وهو ينظر لحاسوبه دون الانتباه لها
لتتلامس انامله بأنامل فيروز دون قصد
فتسقط الاوراق علي المكتب
عنوة كمن جذبها احد
من ثم فتحت النافذه بقوتها لتدلف نسمات الهواء الشديده المختلطه ببعض الاتربه
صرخت فيروز حين وجدت بالغرفه فجأه هذا المخلوق الاشبه بالغراب
بعد ان اجزمت انه مرسل من عابد
حين راته يسكن عند المنزل المهجور
لتزعر فيروز بخوف
مما رأته وصرخت حين تفاجأت بهذا الغراب امامها يحوم داخل الغرفه
لينهض ياسين عاقدا جبينه لما يحدث ملوحا بيده في الهواء
ثوان حتي خرج الغراب من الغرفه وهدأت الاتربه والرياح
ليسرع ياسين باغلاق النافذه باحكام
التف لينظر لفيروز التي تنظر بهلع لاثر النافذه
لوح ياسين بيده امام اعين فيروز لتستفيق وتبتلع ريقها وتنظر لياسين بتوتر
اردف ياسين بضحك بسيط :
خلاص مشي
ايه حصل لكل ده ؛ مالك
فيروز بتلعثم :
دددده دددااا
ياسين محاولا تهدأتها :
يابنتي في ايه !!
نفت فيروز براسها
ليتحرك ياسين لكرسيه يجلس عليه وهو يردف بهدوء :
انتي اعصابك تعبانه يافيروز النهارده ، تقدري معلش ترجعي بيتك ترتاحي الشغل مش كتير النهارده وانا هقدر اشيله
فيروز :
دكتور ياسين انا
قاطعها ياسين ليردف :
فيرووز لو سمحتي بلاش تضغطي علي نفسك بالشكل ده
انتي لسه مخلصتيش كليتك
وانا مش عاوز الشغل يلهيكي عن الدراسه
وبالشكل المرهق اللي شايفه قدامي دلوقتي
لا هتقدري تكملي لا دراسة ولا شغل
كادت فيروز ان تقاطعه
الا انه رفع يده بوجهها وهو يردف بتحذير :
اللي قلته يتسمع
هتنزلي دلوقتي هتلاقي عم ممدوح السواق بالعربيه تحت
هيوصلك
سااامعه!!!
اومئت فيروز بارهاق
لتخرج من الغرفه مغادره العياده
بينما ينظر ياسين لأثرها بقلق ووجل
-
-
-
بعد مرور نصف ساعه
وصلت فيروز بالسياره امام بيتها
لتهبط منها متلهفه وفزعه حين استمعت لصوت صراخ خارج من منزلها.
**********
متستعجلوش كل حاجه هتوووضح ♥