الفصل السابع
و كأن الحياة تحاول قدر اماكننا ان تجعلنا نعافر للبقاء ان نجعل ما كان كان و ما صار صار و نبدأ من جديد نبدأ و كأن شيئاً لم يكن و ما بالقلوب بالقلوب امراه ذ*حت و لكن وجدت سكينة قلبها بالذكر و القرآن الكريم و الدعاء له و لوالده ان يعود اليه صوته
- صدق الله العظيم
نطقت بها والدت حبيبة و هي تغلق مصحفها الشريف و تقبله و تضعه امامها و هي تردد باستغفار ربها لعله يريح قلبها المتألم
- ماما
نادت بها حبيبة و هي تدلف الي الغرفة بهدوء
كوثر : تعالي يا حبيبة ... ابوكي مكألش بردو ؟!
حبيبة : لا مرضيش و كمان اسطا ابراهيم برا
كوثر : حاضر يا حبيبة
خرجت امها تتعكز عليها و من ثم جلست امام ابراهيم و بجوارها ابنتها ابتسم ابراهيم بخفة و قال : عاملة اية يا خالتي
كوثر : الحمد لله يا نضري
ابراهيم : عدي شهرين يا خالتي عمي زكريا لازم يرجع الشغل عشان يقدر يقف علي رجله تاني
ادمعت كوثر حين تذكرت جلال رزانة ابراهيم في الحديث الجاد ك فلذة كبدها الراحل و قالت بدموع و صوتها مختنق بالبكاء : مش بايدنا يا حبيب خالتك مش بايدينا ضهرنا ات**ر
ابراهيم : متقوليش كدا يا خالتي انتي مش بتعتبريني زي ج ... زي شاهين
كوثر و هي تمسح دموعها : دا انت اغلي الغاليين يا حبيبي
ابراهيم : عشان خطري يا خالتي انتي بايدك تغيري البيت و كأن جلال لسة عايش
ادرك نفسه متأخراً بعد ان نزف قلب احدهم و وجد شهقاتها تعلو و تبدأ حبيبة بالبكاء و تنصرف سريعاً
ابراهيم : انا اسف يا خالتي مكنتش اقصد
كوثر : و لا يهمك يا حبيبي انت عندك حق
ابراهيم : طيب ممكن ادخل لعم زكريا
اشارت له كوثر علي الغرفة و هي تقول له : ادخل هو جوا في الاوضة
***********************************
دلف ابراهيم الي الاسطا زكريا الراكد منذ شهرين علي هذا الحال منذ ان توفي عزيزه جلال اخذ ابراهيم احد المقاعد و وضعه امام سرير زكريا و جلس اعلاه و ابتسم له
ابراهيم : اية يا اسطا زكريا متعودناش عليك كدا
نظر له زكريا نظرة خاوية لا حياة بها فكيف يعيش بعد ان سلبت حياته و انتزعت روحه وقعت دمعته الوحيدة اعلي وسادته
ربت ابراهيم علي يده بحنان لذلك الرجل : وحد الله يا عم زكريا انت راجل مؤمن
نطق زكريا بثقل بل**نه : ھ ھما ا ا ا اللي ق قت قتلوه (هما اللي قتلوه)
ابراهيم بلهفة : هما مين مين دول
************************************
خطت خطواتها بالغرفة ذهاباً و اياباً باختناق و كأن احد يلف حبل شديد حول رقبته و يشده بشدة و يسلب روحها رويداً رويداً لترمي بثقلها اعلي الفراش و تضع يدها اعلي وجهها و تبدأ بالبكاء و هي تكتم صوتها
رفعت هدي رأسها لاعلي و قالت باختناق : يارب يارب مش قادرة تعبانة اوي قويني يارب قويني
ثم قامت من مكانها و بدأت بارتداء ملابسها حتي تذهب الي صديقتها لتهون عنها قليلاً
************************************
هدي : ماما انا هروح عند حبيبة
راجية : ماشي يا حبيبتي
اغلقت الباب و بدأت بنزول الدرج و مع كل درج تتذكر حبيب العمر رحمة الله و درج بعد درج و دموعها تأخذ مكانها علي الدرج حتي اشتمت رائحته نعم هذه رائحته كانت تشتمها التفتت يميناً و يساراً كالمجنونة و تسمح دموعها و هي تستنشق الهواء حتي تصل رائحته اكثر الي **ام قلبها لتجد من يتقدم لها و يصعد الدرج
هدي بضيق بص*رها : هو انت يا شاهين
نظر لها و الي اثر الدموع الظاهر عليها و قال : انتي كنتي بتعيطي
حاولت هدي قدر الامكان التماسك و قالت بابتسامة م**ورة : لا ابدا انا كنت راحة لحبيبة
شاهين : و انا كنت جاي لابراهيم
نظرت الي ذلك القميص الذي يرتديه لتجده القميص الذي كان يرتديه شقيقه جلال و التي كانت تعشقه عليه سرحت بخيالها و عيونها علي ذلك القميص لتنزل الي مستوي شاهين الواقف يراقب تحركاتها و بعيون تساؤلات عن ماذا سوف تفعل نزلت ببطئ شديد نحو جسد شاهين تستنشق رائحته لتغمض عينها و تغيب عن عالم الواقع و تظل تستنشق رائحته التي تذكرها بحبيبها الراحل
ابتلع ريقه بصعوبة وثقل تنفسه و بقي ص*ره يعلو و يهبط لفعلتها فماذا تفعل فاقت من نوبتها و اتسعت حديقتها علي فعلتها و ابتعدت سريعاً بتوتر و خوف
هدي بتلعثم و عدم اتزان : انا اسف بس بس ريحة جلال علي القميص من فضلك متلبسوش تاني
و ركضت ركضت سريعاً خجلة من فعلتها في لاول مرة تكون فاقدة لعقلها بهذا الشكل
لينظر هو باثرها بتوتر و يصعد ركضاً حيث ابراهيم لكي ينسي ما حدث الآن و ما فعلته ارملت اخيه
***********************************
رأت ميار و في تنظف المحل هدي تسير متجهه الي منزل الاسطا زكريا لتنادي عليها
ميار : بسسس بسسس هدي بت
التفتت هدي الي مص*ر الصوت لتجدها ميار لتتجهه اليها و تصافحها
هدي بذبول : ازيك يا ميار عاملة اية
ميار : الحمدلله يا حبيبتي انتي اللي عاملة اية دلوقتي
هدي : زي مانتي شايفة تايهه مخنوقة حاسة ان هم كبير اوي علي قلبي مش بيزاح
ميار بحزن علي حالها : عارفة يا قلب اختك عارفة بس متيأسيش من رحمة ربنا و دا امر ربنا
هدي : و نعم بالله انا همشي بقي ماتيجي تقعدي معانا انا و حبيبة
ميار : اخاف القي حد فوق و ات**ف
هدي : لا محدش دلوقتي فوق يلا استأذني من المدام و تعالي
ميار : طيب استني
***********************************
كوثر : حبيبة هدي و ميار برا
حبيبة : دخليهم يا ماما مش قادرة اطلع
دلفت هدي و ميار معاً الي حيث حبيبة و جلسا معها و تحدثا في شتي امور و تذكر المواجع و البكاء و ذكريات طفولة مرحة و مضحكة
حبيبة : فاكرة بركات لما ض*بني جامد و **رلي دراعي و روحت المستشفي و اتجبست
هدي : اه ساعتها ابراهيم كله علقة محترمة دشدشه
ميار بلهفة و دون وعي : يا حبيبي و بعدين
غمزت هدي حبيبة بطرف عينها و اشارت لها في خفية علي ميار
حبيبة : و بعدين يا ستي فضلت محبوس في الاوضة اسبوع و لحد ما خفيت محدش بيكلمه حلو خالص
ميار بحنان : اللي قاساه انه حاسس انكوا بتفضلوا شاهين عنه مش كدا
حبيبة باستغراب : هو انتي بتحبيه اوي كدا
ميار بهيام : انا مليش في نفسي قد ما هو له فيا سيبته يملك كل حاجة فيا و انا مستسلمة قاسي عليا اه بس مش عايزة في الدنيا غيره
حبيبة : لو هو اتجوز واحدة تانية هتعملي اية يا ميار
ميار بابتسامة حزينة : هموت يا حبيبة هموت بجد
نظرت حبيبة و هدي الي بعضهم بحزن علي حال صديقتهم من تحبه الشخص الخاطئ تماماً
*********************************
في المساء اجتمع الجميع بمنزل الاسطا زكريا و اخبرهم ابراهيم عن قصة الثأر المنتهي و الذي فتح من جديد و ان اهل الاسطا زكريا في الصعيد لن ي**توا علي هذا كل هذا و حبيبة بذهول تام و تفكر بنفسها هل سوف يقتلون احد اخر منهم هل سوف تفقد ضلع اخر من اضلعها الاربع انتبهت فقط الي قول الاسطا دسوقي
الدسوقي : ابراهيم احنا لازم نتصرف بسرعة حتي لو هنسافر هناك
ابراهيم : متقلقش يا بابا كله هيبقي تمام ريحوا اعصابكوا انتوا بس كدا
عادت ان تحدث نفسها : و هو مش ملزوم يحمينا لو اتجوز دلوقتي مراته مش هترضي ترميه في التهلكة ابدا لازم حاجة تجبر ابراهيم يفضل معانا بس ازاي ابراهيم جدع و كل حاجة بس مش ملزوم الموضوع هيأخد وقت طويل و هيمل يارب خليك معايا و دلني علي الطريق
نظرت مرة اخري الي المتحدثين و انهم استقره انهم سوف يرسلون لاهل الاسطا زكريا و يتباحثون في الامر
***********************************
استيقظت من نومها بعد عناء طويل بالتفكير جلست اعلي الفراش و من ثم بكت بكت بشدة و هي تتذكر شقيقها الغالي لما كانت تفعل لولا انها خائفة علي اخواتها لقد بدأت الحرب و انتهي الامر و ان لم تجبر ابراهيم علي حمايتهم سوف يموت اضلاعها المتبقية واحدا تلو الاخر و تخسر دنياتها لتهاتف هدي
حبيبة : الو يا هدي
هدي : صاحية بدري كدا لية يا حبيبة
حبيبة : مكنش جايلي نوم اصلا بصي اسطا ابراهيم عندك
هدي : ايوة اول مرة تسألي عن ابراهيم في اية
حبيبة : خليه يجي ببتنا هستنا فوق السطح في موضوع مهم
ارتدت حبيبة حجابها علي ترنج من الأ**د و الابيض طويل و صعدت الي الاعلي لتجده ينتظرها و علي وجهه ملامح القلق
ابراهيم بقلق عندما رأها : حبيبة في حاجة
حبيبة : معلش يا اسطا ابراهيم قلقتك و جبتك كدا
ابراهيم : في اية يا حبيبة
وقفت حبيبة امامه و قالت و هي تنظر الي عينه بخوف يلازمها دائماً منه و كأنه وحش يريد التهامها تريد التحدث و لكن تشعر بغصة كبيرة بحلقها تتعثر بالاحرف حتي خرج منها الحديث مبعثر و هي تنظر الي هيئته الضخمة التي تبدو و كأنه احد لاعبي المصارعة
حبيبة بخوف و دموع : انا موافقة اتجوزك يا اسطا ابراهيم
انف*ج وجهه ابراهيم و كأنه كان غارقاً و اخيراً وجد القشة الذي سوف تنجيه : بجد!!!
حبيبة : بس بشرط
ابراهيم بغضب يلازمه عند غيظه من شئ : شرط اية دا
حبيبة بخوف و بكاء يزداد : تحمي اخواتي انت الوحيد اللي تقدر تحمي اخواتي محدش يقدر يقرب من بركات و شاهين و الاسطا ابراهيم الدسوقي معاهم و في ضهرهم
ابراهيم بحزن مكنون بداخله : و فاكرة انتي التمن مش كدا
اغمضت عينها بشدة لتنزل منها دمعتين ساخنتين علي وجنتها لتحرق بقلبه حين تخيل انه ان لم يكون قدير بحماية اخويها لكانت لجئت الي احد غيره و قدمت نفسها له ثمن حماية شقيقيها
ابراهيم بغضب لتلك الفكرة قبض علي كف يده و قال بحدة بطلي عياط
ثم قال و هو يمر من جوارها ليذهب حتي لا يقطعها ارباً ارباً و يقول بغضب : جهزي نفسك هكتب كتابي عليكي بكرا
ليتركها و يذهب بغضب و كأن اهل الجن جميعاً يتراقصون امام وجهه لتقع هي علي ركبتها ببكاء و هي تخربش باظافرها علي الارض كالقطة و تبكي و تعول و تتحدث ببكاء اوجع قلبها : شاهد عليا ربنا اني مهرتاح غير و انتوا ميتين
رأيكوا