رَّحيلُ الْجَدَّات

1149 Words
    وَفِي اَلْمَرْسَّمِ جَلَسَتَا تَتَبادَلانِ أَطْرافُ الحَديثِ ،جَدَّةُ رُونَا وَجَدَّةُ رُوفَانِ الصَّغيرُ ،تَارَةً يَسودُ السَّلامُ الجَوَّ ،وَتارات يَطْفُو فَوْقَ كَلِماتِهِنَّ التَّنافُسِ وتَرْبِضُ الْأَنانيَّةِ .وَمِن مَكانِها فِي الخَارِجِ تَتَدَخَّلُ مَارِيَا لِتَحْكُمَ بَيْنَهُمَا ،وَهِيَ المَشْغولَةُ بِالْحِسّاباتِ وبإصِّدارِ لائِحَةِ الِاحْتِيَاجَاتِ لِلْمَزْرَعَةِ وَلِلْبَيْتِ . أَمْ رُوفَانَ نَسِّيَّتْ كُلَّ مَا حَوْلَها وَبَقِيَتْ تَدُورُ فِي فَلَكِ صِبًّاها وَطُفولَتِها وَكَيْفَ ؟تَعَرَّفَتْ عَلَى زَوْجِها مِما أَثَارَ حَفيظَةَ جَدَّة رُونًا. لَقَدْ كَانَتْ جِدًّا " واثِقَةٌ مِنْ نَفْسِهَا و بِشَخْصيَّتِها وَبِحُسْنِها . . . -عِنْدَمَا رَآنِي لَمْ يَنْتَظِرْ جَاءَ الَّى مَقَرِّ عَائِلَتِي فِي المُخَيَّمِ وَطَلَبِ الِارْتِباطِ بِي وَأَقْنَعَ وَالِدَتِي وَعائِلَتِي لَقَدْ جَعَلَنِي مَلِكَة" فِي بَيْتِهِ وَعَلَى عَرْشِ قَلْبِهِ. كَانَ لِي الوَطَنُ اَلَّذِي أَرَدْتُهُ وَكَانَ الحِضْنُ اَلَّذِي اسْتَوْعَبَنِي وَحَفَّزَنِي عَلَى صِناعَةِ اللَّوْحاتِ . لَقَدْ لَوَّنَ لِي أَيّامِي بِأَلْوانٍ زاهيَةٍ وَحَوّلَ عُمْري مِنْ الأَبْيَضِ والْأَسْوَدِ الَّى الطَّيْفِ بِكُلِّ تَدَرُّجَاتٍ أَلْوانُهُ ،وَانْعَكَسَتْ عاطِفَتُهُ النَّبيلَةُ عَلَى نَفْسِي فَكَانَتْ لَوْحَاتِي كُلُّها جَميلَةً وَتَحْمِلُ مَواضيعَ شَتَّى عَنْ الإنسانِ وَعَنْ العَدالَةِ وَعَنْ الحُبِّ والْجَمالِ والإبْداعِ . . وَتَرُّدُّ جَدَّةُ رُونًا قَائِلَةً: يَا عَزِيزَتِي أَمَّا أَنَا لَقَدْ هَجَرَنِي زَوْجِي الأَوَّلِ وَتَرْكَ فِي بَطْنِي والِدَةَ رُونَا وَتَعَرَّفْتُّ عَلَى جَارِنَا اَلْأَرْمَلَ وَكَانَ عِنْدَهُ وَلَدَيْنِ وأنْجَبَتْ ابْنَتِي وَبَعْدَهَا وَلَدَيْنِ أَيْضًا " وَعِنْدَمَا نَزَلَتْ ابْنَتِي إلَى الجامِعَة عَادَتْ حَامِلًا " ! فَطَردَها عَمُّهَا ،وَرَاحَتْ تَتَنَقَّلُ مِنْ رَفيقَةِ  إلَى أخْرَى .َكُنْتُ أتَّوَاصَلُ مَعَهَا خِفيَّةً وأَزوِدُها بِالْمَالِ مِنْ وَراءِ زَوْجِي خَوْفًا " مِنْهُ . . وَمَاتَ وَتَرْكُونِي أَوْلادُهُ وَأَوْلَادِي والْيَوْمَ بَعْدَ وَفاةِ ابْنَتِي أحِّبُّ أَنْ أَعوَضَ عَلَى رُونَا .وَكَمْ أَحْتاجُ أَنْ تَعِيشَ فِي كَنَفيِ كَيْ أَرْعَاهَا وَأَمِدَها بِأُمومَتِي اَلَّتِي لَمْ تَنْعَمْ بِهَا والِدَتُها . . تَتَدَخَّلُ مَارِيَا قَائِلَةً لَقَدْ أَحْبَبْتُهَا كَمَا رُوفَانَ وَاعْتَبَرْتُها ابْنَتِي لَا بَلْ هِيَ حَقيقَةُ ابْنَةُ رُوفَان يَعْنِي ابْنَتِي فَلَا تَحْرِمِيننَا مِنْهَا وَلْتَزُرُك بَيْنَ الحِينِ والْآخَر.  ابْقي مَعَنَا تَسَعُكَ قُلوبَنا طَالَمَا بَقاؤُكَ فِيه مَصْلَحَةٌ لِلصِّبِيَةِ الجَميلَةِ رُونَا . . . وَتَقُولُ جدَّةُ رُوفَانِ نَعَمْ نَتَسَلَّى وَنَقْضي أَوْقَاتًا " بَيْنَ البَسَاتِينِ وَفِي الطَّبيعَةِ وَسَوْفَ تسْعَدينَ مَعَنَا . أَشْهُرٌ قَليلَةٌ وَسَيَذْهَبُ رُوفَانِ وَتَذْهَبُ رُونَا الَّى الثّانَويَّةِ لِيكْمَلَا دِراسَتَهُمَا وَلَمْ نَرَهُمَا اَلَا فِي الِإجَازَاتِ . . لَا أَسْتَطيعُ وَلَكِنْ أَعِدَّكُمْ أَنَّ اتِّرَدِّدَ عَلَى المَزْرَعَةِ كَثِيرًا " اَلْغاليَةِ تَعْنِي لِي وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ حَفيدَتِي هِيَ بِمَثَابَةِ شَخْصَيْنِ ابْنَتِي اَلَّتِي تَرْكَتُنِي بَاكِرًا " وَحَفيدَتِي اَلَّتِي لَمْ تَقْبَلْ الِانْتِقالِ مَعِي . . وَهِيَ مُحِقَّةٌ بِذَلِكَ فَأَنْتُمْ تَعامُلونها مُعامَلَةً حَسَنَةً وَتَعْتَبِرُونَهَا ابْنَتُكُمْ وَهِيَ فِي الحَقيقَةِ ابْنَتُكُمْ . وَفِي هَذَا الوَقْتِ كَانَ رُوفَانِ وَروفانِ الصَّغيرُ وَرُونَا مَعَ السَّايِسِ يَقُومُونَ بِنُزْهَةٍ فِي اَلْجُلولِ عَلَى ظَهْرِ الأَحْصِنَةِ الثَّلاثِ . . وَعِنْدَ المَساءِ جَلَسَ الجَميعُ يُشَاهِدُونَ فَلَمَّا " رَائِعًا " كوميدْيا " وَتَعَالَتْ اَلْضّحْكاتُ وَتَشاركوا التَّعْليقاتِ . . . نَادَتْ مَارِيَا عَلَى مُديرَةِ المَنْزِلِ وَطَلَبَتْ مِنْهَا مُرافَقَةً أَمْ رُوفَانِ وَجدَّة رُونَا إلى المُلْحَقِ وَمُساعَدَتِهُما حَتَّى يَنامَا، وَطَلَبَتْ مِنْهَا أَنْ تَسْهَرَ وَتَنامَ بِقُرْبِهِمَا فَاَلْاثْنَتانِ بِحَاجَةٍ لِلِاهْتِمَامِ وَلِلرِّعَايَةِ إنّهُمَا يَعِيشَانَ العَجْزَ وَاَلْخَرَفَ وَضَعْفَ الحَرَكَةِ واللَّهُ المُسْتَعَانُ. رُونَا وَروفانْ في غَرْفَتِيْهِمَا . جَلَسَ رُوفَانْ وَماريا يَتَشَاوَرَانِ باُمورِ المَزْرَعَةِ وَبِمَصيرِ وَلَدَيهما وَبِكَيْفيَّةِ اقِّناعِ جدَّةَ رُونَا عَلَى ابْقَاءها فِي كَنَفِ عائِلَةِ والِدِها وَهِيَ اَلَّتِّي حُرَمَتْ مِنْ والِدَتِها فَلَيْسَ مُنْصِفًا " أَنْ تَحْرِّمَها أَيْضًا " مِنْ والِدِها . وَأَطْفِئَتْ الأَنْوارُ ،وَنَامَ الجَميعُ وَحَلَّتْ السَّكينَةُ عَلَى المَنْزِلِ وَاَلْمَزْرَعَةِ . . . وَفِي حُلْمِها رَأَتْ رُونَا والِدَتها وَكَأَنَّهَا طائِرٌ أَبْيَضٌ وَأَوْحَتْ لَهَا بِأَنْ تَهْتَمَّ بِعِلْمِها وَبِأَنْ تَكونَ سَعيدَةً . نَهَضَّتْ بَاكِرًا " نَشيطَةً حَضَّرَتْ الفُطُورَ. وَأَيْقَظَتْ الجَميعَ وَأَخْبَرَتُهُمْ بِقَرَارِهَا عِنْدَمَا تُنْهي شَهادَتَها الثّانَويَّةَ سَوْفَ تَنْتَقِلُ لِلْعَيْشِ مَعَ جَدَّتِها لِأُمِّها. وَتَنْتَسِبُ إلَى الجامِعَةِ بِالْقُرْبِ مِنْ مَنْزِلِ جَدَّتِها فِي ضَوَاحِي المَدينَةِ . حَزِنَ رُوفَان الكَبيرِ وَبَكَى رُوفَان الصَّغيرُ، إلَاّ أنّهُمَا تَمَنّيًا لَهَا حَياةً تُشْبِهُها وَتَّعاهدا عَلَى اللِّقاءِ دَائِمًا " فِي الِاجَازَاتِ مَهْما كَانَتْ الظُّروفُ . . وَقَالَتْ رُونَا :أَمَامنَا سَنَتَيْنِ سَوْفَ نَنْعَمُ بِهِمَا كَعائِلَةٍ سَعيدَةٍ وَلِنَنْسَ الفِراقَ إلى حِينه وَلِنَتْرُكَ الحُزْن  كَفَانَا مِنْهُ . حَضِنَها رُوفَان وَقَبَّلَها ،أمْسَكَتْ بيَد أَخِيهَا وَنَزَلَا مَعًا " إلَى المَدينَةِ كَيْ يُقابِلَا الإدارَةَ هُنَاكَ وَيُحَدِّدَا الصُّفُوف  اَلَّتِّي تُنّاسِبُهُمَا وَتُنَاسِبُ دَرَجاتِهِمَا . . سَبَقَا ، رُوفَان الوالِدُ إلى السَّيّارَةَ ،وَبِانْتِظارِ جدَّة رُونَا أَيْضًا " لَقَدْ طَالَ غِيَابُهَا عَنْ مَنْزِلِها وَدَّعَتْ مَارِيَا وَأُمَّ رُوفَانِ وَمُديرَة المَنْزِلِ وَغادَرَتْ مَعَ رُوفَانِ الَّى المَدينَةِ . وَاَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بَعْدَ ذَهابِهِمْ أَمْ رُوفَان  لَقَدْ ارْتَحْنَا يَا مَارِيَا مِنْ جدَّة رُونَا إنَّها ثرْثارَةٌ وَثَقيلَةٌ. ابْتَسَمَتْ مَارِيَا وَهَزَّتْ رَأْسَها موافَقَةُ على كَلامِ حَماتِها . . . وَبَدَأَتْ مَسيرَةُ تَرْتيبِ أُمورِ المَزْرَعَةِ وَتَوزيعُ العَمَل عَلَى المُزَارِعِينَ وَتَأْمينِ احْتياجاتِ الأَرْضِ والْحَيَواناتِ وَبِالِاضَافَةِ  إلَى تَحْضيرِ طَعامٍ لِلْعَائِلَةِ ،وَتَرْتيبِ المَنْزِلِ ،وَرِعايَةِ الجَدَّةِ اَلَّتِي عَادَتْ كَأَنَّهَا طِفْلَةٌ صَغيرَةٌ لَا تُتْرَكُ وَحْدَهَا . فَكَانَتْ مَارِيَا تَأْخُذْها مَعَهَا بِكُلِّ زِيَارَاتِهَا وَفِي كُلِّ أعْمالِها كَانَتْ تَخافُ اَنْ تَتْرُكَهَا حَتَّى لَا تَذْهَبَ إلَى مَكانٍ وَتَضيعَ وَلَا تَعْرِفُ الرُّجوعَ ،فَهِيَ أحْيَانَاً تَنْسَى حَتَّى اسْمَها . . مَشاكِلٌ وَحُلولٌ والْوُقوفُ عَلَى تَأْمينِ كافَّةِ مُتَطَلَّباتِ العُمّالِ، وَحَتَّى تَنْظيم البِضاعَةِ وَاَلْمَحْصولِ وإرِّسالهُ  إلَى الأَسْواقِ ،وَمُحاسَبَةِ التُّجّارِ.  كُلُّ هَذَا مِنْ مَهامِّ مَارِيَا وَلَا تَتَذَمَّرُ .َأَمَّا الوالِدُ لَقَدْ حَصْرَ مُهِمّتَهُ حاليّاً  فِي تَأْمينِ مَدْرَسَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ل "روْفانِ وُرُونَا " وَتَأْمينِ سَكَنٍ لَهُما بِالْقُرْبِ مِنْ المَدْرَسَةِ وَكافَّةِ احْتياجاتِهِمَا فَمُسْتَقْبَلَهُمَا أهْمٌ مِنْ أَيِّ عَمَلٍ بِالِإضَافَةِ إلى مُتابَعَةِ عَمَلِهِ عَبْرَ النِّتْ . هوَ تاجِرٌ وَمَعْرُوفٌ كَانَ يُفاصِلُ فِي الأَسْعارِ وَيُسَاعِدُ فِي تَأْمينِ سُوقٍ لِلْبُضَاعَةِ لِيُخَفِّفَ عَنْ مَارِيَا بَعْضَ الجُهْدِ والتَّعَبِ . الصَّيْفُ عُطْلَة وأوْقاتُهُ جَميلَة وَلَكِنْ اقْتَرَبَ عَلَى نِهايَتِهِ وَاتَّفَقَتْ العائِلَة عَلَى بَقاءِ الوَلَدَيْنِ فِي المَدينَةِ وَمَعَهُمَا الوالِدُ وَأَنْ تَبْقَى مَارِيَا وحَماتُها فِي المَزْرَعَةِ وَعَلَى أَنْ تَجْتَمِعَ العائِلَة كُلّ أُسْبوعٍ فِي المَزْرَعَةِ لِلتَّدَاوُلِ فِي أُمورِها المُشْتَرَكَةِ . . وَفِي كُلِّ أُسْبوعٍ كَانَتْ تُجَهَّزُ لَهُمْ الأَطْعِمَةَ وَكَانَتْ تَغْسِلُ لَهُمْ الألْبسَة وَتُّحَضِّرُ لَهُمْ احْتياجاتِهِمْ وَهِيَ سَعيدَةٌ لَقَدْ وَصَلَتْ الَّى كِفايَة جَعَلَتْ مِنْهَا امْرَأَةً راضيَةً بِسَعَادَةٍ وَلَدَيْهَا وَزَوْجِها وحَماتِها وَحَياتِها وَمُحيطِها . مَارِيَا اَلَّتِي لَا تُظْهَرُ مَشاعِرَها اَلْمُخَبَّأَة وَراءَ نَظَراتِ عَيْنَيهَا وَفِي أعِّماقِ وِجْدانِها كَانَتْ تُتَرْجِمُها  إيجَابِيَّةٌ وَمُساعَدَة وَعَطاءوَتَضْحيَة. هِيَ مِرْآةٌ لِوالِدَةِ رُوفَانِ عِنْدَمَا كَانَتْ فِي أوْجِ شَّبابِها ،وَهِيَ ظِّل لِزَوْجٍ شَارَكَتْهُ الأَعْمالُ والْعُمْرَ عَلَى السَّوَاءِ وَحَتَّى بُنوَّة رُونَا . . . وفَخُورَةٌ بِأَنَّهَا والِدَةُ رُوفَان وَبِأَنَّ لِابْنِها أُخْتٌ أَرْسَلَهَا اللَّهُ إليه حَتَّى لَا يَبْقَ وَحِيدًاً مِثْلُ أَبِيهِ . بِالرُّغْمِ مِنْ حُبِّها الكَبيرِ لِزَوْجِهَا وَلِعائِلَتِهِ كَانَتْ تُرَدَّدُ دَائِمًا " أُريدُ لِابْني أَنْ يَكونَ أَبَا " لِأَطْفالٍ عِدَّةٍ وَأَيْضًا " أُريدُ لِرونا اَنْ تَكونَ أَمَّاً لَأَطْفالٍ] عِدَّة وَأنْ أَعيشَ مَعَ رُوفَان وَأرَى أوْلادَهُمَا كَمَا عَاشَتْ والِدَةُ رُوفَانِ حَتَّى رَأَتْ رُونَا وَروفانِ . . الشِّتاءُ مُخيفٌ فِي الرِّيفِ لَا يُشْبِهُ الصَّيْفَ البَرْدُ قارِسٌ والْجَدَّةُ تَخافُ البَرْقَ وَاَلْصَواعِقَ كَمَا الطِّفْلَةُ اَلَّتِي لَمْ تَرَ بِحَياتِها المَطَرَ وَلَمْ تَسْمَعْ الرَّعْدَ . نَامَتْ مَارِيَا بِقُرْبِهَا فِي لَيْلَةِ عاصِفَةٍ شَديدَةِ الأَمْطَارِ وَقاسيَةِ الصَّقيعِ . لَمْ تَتَحَمَّلْ الجَدَّةُ غَضَبَ الطَّبيعَةِ وَرَحَلَتْ رَغْمَ تَقْديماتِ مَارِيَا لِكُلِّ طَلَباتِها وَرَغْمَ اهْتِمامِها وَحُسْنِ رِعايَتِها وَلَكِنْ جَاءَ وَقْتُ الرَّحيلِ مَاتَتْ غَريبَةً وَعَاشَتْ غَريبَةً وَبَكّاها الِابْنُ والْأَوْلادُ والْكَنَةُ وَكُلُّ مِنْ عَرَفِهَا. مَاتَتْ الشَّرْقيَّةُ بَعيدَةً عَنْ عائِلَتِها الأولَى، مَاتَتْ فِي حُضْنِ كُنْتِها اَلَّتِّي كَانَتْ تَعْتَبِرُهَا مَثَلَها وَقُدْوَتَها . . وَكأنَها لَمْ تَعِشْ وَكَأَنَّهَا لَمْ تَحْزَنْ مَاتَتْ والِابْتِسامَةُ تَعْلو وَجْهَها اَلْشاحِب ،َفَارَقَتْ أمّ رُوفَان الدُّنْيَا تَارِكَةً ابْنَها وَعائِلَتَهُ وَحَزَنَهُمْ الشَّديدَ عَلَى رَحيلِها . . وَفِي العَزاءِ بَكَى ابْنُها بِحُرْقَةٍ لَقَدْ كَانَتْ لَهُ المُعَلِّمَةُ وَاَلْمُرَبّيَةُ والْموَجَّهَةُ وَاَلْحِضْنُ وَاَلْسَنَدُ وَكُلُّ شَىءٍ هِيَ الاَمُ الحَنونُ العَطوفُ الرَّؤُوفُ . وخفّفَتْ عَنْهُ مَارِيَا وَعن رُوفَان الصَّغيرُ و رُونَا .  وَلَكِنْ لَا بُدَّ لِلْحَيَاةِ اَنْ تَسْتَمِرُّ بِأَحْيائِها وَلَا بُدَّ مِنْ الذِّكْرَياتِ أَنْ تَتَوَاجَدَ مِنْ حِينِ الَّى آخَرُ فِي جَلَساتِنا وَفِي أُمْسياتِنا. وَكَانَ لِوالِدَةِ رُوفَانِ الحُضورُ الكَبيرُ فِي اجْتِماعِ العائِلَةِ مَاذَا كَانَتْ تُحِبُّ وَمَاذَا كَانَتْ تَفْعَلُ وَمَاذَا تَقولُ لَوْ كَانَتْ مَعَنَا وَهَكَذَا هوَ الوَفاءُ وَهَذَا مَا يُسَمَّى الوَلَدُ الصّالِح ُاَلَّذِي يَذْكُرُ وَالِدَيْه وَيَطْلُبُ لَهُما الرَّحْمَةَ بِاسْتِمْرارٍ . . .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD