bc

براكين من عشق ١٠

book_age12+
13
FOLLOW
1K
READ
serious
like
intro-logo
Blurb

هل تدركين حديث قلبي

حين تنظر لك عيناي بشوق

هل ترهفين السمع في حضرتي

وهل تشعرين بهول ال**ت

هل تمسكين لجام الذكريات

إذا ما ض*بت قلوبنا كالسوط

ألا يؤلمك وجعي

حين تكويني بنيران البعد

ألا يضنيك أنيني

حين أتلظى بحمم الوجد

فيا روحي رفقا بروحٍ

ذاقت حنظل الجوى والنوى

ومازالت بحبك على العهد

chap-preview
Free preview
الفصل الاول
بعد نصف ساعه كانت تولين تجلس أمام غرفة عادل بعد أن رفضت إلحاح سارة أن يذهبن لمقصف المشفى لتتناول أي شيء فقد أصابها الهزل بطريقة موجعة للقلب، فأرسلت سارة ملاك لتحضر لها طعاما لتأكله وجلست بجانبها تغلق قبضتها على يدها الباردة وهي تقول "سما وطاهر سيكونان عندك بعد انتهاء دوامه، وسلطان أراد مني أن أخبرك أنه بمثابة أخيك إذا احتجت إلى أي شيء" تن*دت تولين بحرقة وقالت "حقا لا أعلم ماذا أقول، العم صلاح لا يتركني أقضي ليلة واحدة هنا بمفردي، بل يسهر أمام الغرفة للصباح الباكر ثم يطمئن عليّ ويرحل، طاهر ومؤيد لا يتوقفان عن الاهتمام بي وبعادل حتى وهما ليسا هنا، حتى سيد يكاد لا يفارق المشفى إلا للضرورة القصوى، هذا كثير جدا ….. أكثر مما تمنيت" ردت عليها سارة باهتمام "حور لا داعي لهذا الكلام، أنت تعلمين أن الجميع يهتم بك وبعادل كثيرا، أم أنك ما زلت ترين نفسك غريبة عنا؟" هزت تولين رأسها بنفي قوي وقالت "أبدا، كيف تقولين هذا؟ أنا فقط أشعر بالحرج والامتنان تجاه الجميع، فحين أجلس مع نفسي أراقب عادل طوال الليل تطرق عقلي أفكار لا نهاية لها، أحلم دائما كما لو أنني خرجت من الغرفة ولم أجد الحراسة فتبدؤون في الاختفاء واحدا تلو الآخر وأنا أصرخ وأنادي عليكم جميعا ولكن لا مجيب، ثم تبدأ أنوار المشفى بالخفوت حتى أكاد لا أرى أمامي سوى بصعوبة شديدة وعندها ألمح رجلا ملثما يقف بنهاية الممر وينظر لي بطريقة غريبة تجعلني ألتفت لأركض هربا منه ولكن صوت أقدامه التي تركض خلفي ت** آذاني وترعبني حتى أقوم من نومي فَزِعَة" ضمتها سارة وهي تقول "مجرد كابوس سببه التوتر النفسي الذي تعيشينه حاليا، لكن في الحقيقة كلنا حولك ونحتاج وجودك دائما، وهذا سبب وجودي اليوم" لم تشعر سارة أن حور انتبهت لما قالته فأكملت حديثها قائلة "حور أنا آسفة جدا لما سأقوله ولكن أنا وملاك نحتاج إلى حضورك إلى اجتماع مهم مع عميل جديد بعد ساعات" نظرت لها تولين بضياع وقالت "لن أستطيع ترك عادل بمفرده، يمكن لكنزي أن تأخذ مكاني" توترت ملامح سارة وقالت "للأسف كنزي لن تستطيع الحضور لذلك عليك أن تكوني معنا، أنا أعلم صعوبة هذا الطلب لكن هذا العميل لا يعوض، اسمه وحده دفعني دفعا للقدوم إليك، وعلى كل حال لن أضغط عليك إذا لم تستطيعي الحضور" ردت عليها تولين ووجهها الأحمر من أثر البكاء يتغضن بحزن "يمكننا تأجيل الاجتماع لوقت آخر حتى تستطيع كنزي الحضور" كان توتر سارة قد بلغ أقصاه فقالت باندفاع "للأسف مؤيد قد منع كنزي من الخروج فصفوان الشافعي تعرض لمحاولة اغتيال ويبدو أن الأمر تطور لدرجة جعلت مؤيد يفرض عليها الإقامة الجبرية، أنا حتى لا أعلم أين هي، عمر من أبلغني بالأمر واختفى هو الآخر" شهقت تولين بفزع وشعرت أن قلبها يغوص في بؤسه أكثر وأكثر، فرفعت يدها تكتم صرخة حادة كانت على أعتاب شفتيها لكنها انحنت تبكي بقوة، فسحبتها سارة للأعلى وضمتها بشدة وربتت على ظهرها وهي تقول "لا عليك يا صديقتي، كنزي بخير ومؤيد يحميها، اهدئي ولا تفكري بشيء حتى أمر العميل هذا لا تفكري به، سأعتذر له، أنا آسفة لم يكن عليّ إخبارك بما حدث، أظن أنني أصبحت في الآونة الأخيرة عمليةً خاليةً من المشاعر، عندما تأكدت أننا سنتعاقد مع شركة معروفة لم أفكر سوى بالعمال لدينا فأغلبهم شباب على وشك الزواج والبقية يحملون على عاتقهم مسؤوليات ثقيلة وللحظة ظننتُ أن عليّ المحاولة معك لأجلهم، حقا أنا آسفة ….سامحيني" وضعت تولين رأسها على كتف سارة وضمت ذراعها المصاب لص*رها وقد هاجمها الوجع بشدة وقالت "أنت صاحبة أطيب قلب في هذه الدنيا، لا أظن أنك عملية وخالية من المشاعر ولكنك أصبحت تفكرين في الجميع عدا نفسك المجروحة، أنا سأحضر هذا الاجتماع فنحن الأربعة أضلع هذا المكتب وكما قلت هناك الكثير من الأرواح تعتمد علينا لتجني قوت يومها، لم يكن عادل أو كنزي ليرضيا يوما بقطع الأرزاق ولأجلهما سأكون على قدر المسؤولية ولن أتخاذل أبدا" سقطت دمعة يتيمة من عين سارة فتلاشت داخل حجاب تولين وكأنها لم تكن وهي تقول بصوت ثابت "هذه هي فتاتي، صغيرة خلقت للمهام الصعبة، حسنا سأخبر مؤيد بموعد خروجك من المشفى ليتدبر الأمر فمازال أمر صاحب المطعم يقلقه" أغمضت تولين عينيها وقد هاجمتها ذكرى تلك النظرات التي لا تفهمها ليقاطع هذا الشجن وصول ملاك التي كانت تشاهد صديقتيها من بعيد وتتن*د بعمق وهي تفكر أنهن لم يجدن راحتهن بعد …. هجرك ليس ككل هجر، إنه أصعب من هجر النور لحدقتي، وأصعب من هجر الأنفاس لص*ري وأصعب من لحظة وقوفي أمامك وأن أحاول رسم وجه المسيطر رغم خضوع قلبي الكامل لشذا عطرك……. يجلس بجوارها في السيارة وعقله بأكمله معها، يعد أنفاسها التي تغادر ص*رها ويلتقط أنفاسه بقهر حين تلتقط أنفاسها، يراقب رجفة يديها ولا يقتله سوى الدموع الجامدة بعينها، مرت الثلاث سنوات عليه كلحظة وهو من ظن في السابق أنه لا أطول من الليالي والأيام لكنها مرت كقطار سريع تشعر بمروره لكنك من هول سرعته تكاد تجزم أنه لم يكن موجودا، والآن حانت اللحظة التي يخشاها، اللحظة التي أرقت منامه لمجرد التفكير بها، وردته تطالب بالرحيل، بأن يفك أسرها لتبتعد وترحل ..…..وتتركه، زاد من سرعة السيارة بطريقة جنونية وقد أعمته أفكاره التي تذ*حه بسكين ثَلِم فأتاه صوتها الخائف تقول "حيان، هل تريد أن تقتلنا؟" التفت لها بغضب كأنه يتأكد أنها مازالت بجانبه ثم عادت عيناه للطريق مجددا وقال "آسف لقد شردت قليلا، هل أنت بخير؟" أشاحت بوجهها للجهة الأخرى تنظر من نافذة السيارة ولم ترد عليه، نظر لها بجمود وجنون كأنه أصبح ثلجا ونارا وقال "ورد هانم، أنا أتحدث معك ولا أظن أنه من الاحترام أن تتجاهليني، لا تزيدي جنوني بعنادك ولا تفكري أن أياً مما تفعلينه سيغير قراري ببقائك، لقد أصبح مكانك هنا" ض*ب ص*ره بقوة وأكمل قائلا "بجانبي أنا وبجانب أبنائك، فلتمحي أي تفكير آخر من عقلك أو تعاملي معه كأنه محض أوهام وسترحل إما باللين أو الشدة" التفتت له وقد بلغ غضبها أقصاه وصرخت به "لقد خدعتني، أنا أكرهك، لقد ظللت لسنوات أحلم باليوم الذي سأنال به حريتي وفي المقابل كنتَ تخطط لسنوات لتسلبني إياها، أكل هذا انتقام؟ ألم يهدأ غضبك بعد؟ ألم تكتفِ بما فعلته بي؟ لقد ربطتني بأحبال كثيرة وكبلتني بطفلين، أنت ظالم لأبعد حد" لم يستطع متابعة القيادة فأوقف السيارة رغم أنهما في طريق نائي قليلا وضم قبضتيه يحاول كبح جماح غضبه وبكل ما أوتي من قوة ض*ب بهما رأسه فانكمشت ورد على نفسها تضم بطنها وتنظر له بخوف، لكنه كرر هذه الحركة أكثر من مرة ثم التفت إليها وقد توحشت عيناه وهو يقول "أنا ظالم ومخادع وأكثر مما تتخيلين فيما يخصك، لن أنكر أنني سأفعل من أجل بقائك أي شيء حتى لو سجنتك في غرفة لا يدخلها سواي، انا لست متمدنا لدرجة أن أكون رجلا نبيلا وأفتح أمامك باب الرحيل، أنا ابن شوارع يأخذ حقه من الحياة غصبا واقتدارا، وأنت حقي أنا" أدارت رأسها تجابهه وهي تقول "أنا لست ملك أحد ولا تظن أنني ضعيفة لن أستطيع الهروب من سجنك، أنا فقط أفكر أنك والد طفلي ولا أريد أن تكون بيننا مشاكل" حرك رأسه بطريقة جعلتها تتوجس وقرب أذنه منها واضعا سبابته خلفها وهو يقول "أسمعيني إلى أين أخذتك أفكارك يا وردتي وكيف صور لك عقلك أنك ستتخلصين مني" أخذت أنفاسها بحذر شديد ثم أغمضت عينيها تقول بشجاعة لا تملكها "سأرفع ضدك قضية خلع أو طلاق للضرر وسأ**بها وأطالب بحضانة أبنائي" نظر لها صارخا بعنف "ماذااااااا؟" وكأن روحا انتحارية تلبستها في هذه اللحظة فقالت برأس مرفوعة "كما سمعت، وليكن بعلمك لقد درست مع المحامي الخاص بي كافة جوانب القضية وأكد لي أنني سأ**بها بدون أي مجهود لذلك هذه آخر مرة سأعرض عليك بها أن يحل الموضوع بيننا بشكل ودي" أمسكها من ذراعها بقوة حتى شعرت أنه سيسحقه بقبضته وصرخ بها "متى ستكفين عن العناد وتتوقفين عن الهروب وتقدرين نعمة وجودي في حياتك؟ لماذا تبخسين قدري كأنني ما حملتك في عيوني، كأنني ما جعلتك سيدة قلبي ونسيت لأجلك الماضي؟" ردت عليه بعنف مماثل جعله يرتجف خوفا عليها "لن أتوقف أبدا، هل تعلم لماذا؟؟؟؟؟؟ لأنني لن أقبل بدور المغلوبة على أمرها مجددا، لن أكون مسيّرةً في حياتي بعد الآن أو تابعة لك أو لغيرك" أظلمت عيون حيان كأنه ما عاد يحتمل أن يظل عاشقا تحت التهديد، ما عاد يحتمل أن يكون معها في خطر دائم فقال من بين أسنانه بفحيح "للأسف سيدة ورد، أنت لست فقط تابعا لي …….لا، فأنت بكل ما فيك حتى أفكارك المتمردة جزء مني، لذلك أغلقي هذا الموضوع ولا تفتحيه مرة أخرى وإلا لن أكون مسؤولا عن رد فعلي" حاولت تخليص ذراعها من قبضته وهي تقول بعناد "سترى يا حيان ماذا سأفعل، ومن الغد استعد لتواجهني في أروقة المحاكم" شعر حيان أنها تتحدث بجدية وأن الأمر ليس مجرد تهديد بل إنها واثقة من كل كلمة تقولها، هل من الممكن أن تكون على تواصل مع محامي بدون علمه؟ هل من الممكن أن تكون قد وجدت طريقها للبعد وهذا ما يجعلها تجابهه بهذه القوة؟ تلبسته روح إجرام وحشية وقبض على فكها بقسوة يسألها "هل تتواصلين مع رجل بدون علمي؟ أقسم أنني سأقتله، من هو؟ أخبريني" دفعته ورد للخلف وهي تشعر بالتعب، حقا أصبحت تجهل ما الذي تسعى إليه، أصبحت تخشى من كل يوم يمر بقربه فهي بجواره تتحول لخاضعة استساغت الانقياد له، وأكثر ما تخشاه هو الفراق رغم أنها تسعى إليه بكل جهدها ولا تعرف هل تعانده أم تعاند نفسها، حيان كبئر عميق حين تنظرين له من الأعلى لا ترين سوى ظلاما دامسا ولكن حين تسقطين به تكتشفين أن قاع هذا البئر مليء بالدفء والأمان والحب لكن في النهاية لتنعمي بكل هذا عليك أن تظلي سجينة البئر وهي قد ملت السجون والخضوع وهو لا يتفهم هذا أبدا، ردت عليه بهدوء كأنها لا تقبل هذا الاتهام "حيان، هل جننت؟ أي رجل هذا الذي سأتواصل معه؟ هل تشك بي؟" صرخ بها "ورد، توقفي عن التلاعب بالكلمات، من هو محاميك؟ لا تجعليني أبحث عنه بنفسي وإلا صدقيني ما سأفعله لن يعجبك إطلاقا" ضمت شفتيها في إشارة منها أنها ستلتزم ال**ت فابتعد عنها وأمسك عجلة القيادة وأدارها بالسرعة القصوى عائدا إلى المزرعة، فقالت له باستنكار "ألن تأخذني إلى الطبيبة؟" صرخ بها "ورد اخرسي، سأكتشف أولا من هو محامي الهانم وأرى كيف سأتصرف معه ثم سأقرر ماذا سأفعل معك" تشنج جسد ورد بشدة وهي تشعر أن حيان على وشك ارتكاب حماقة ستطول محاميتها الفذة…… دخل حيان كالصاروخ إلى غرفة ورد يبحث عن دليل واحد يرشده إلى فقيد مهنة المحاماة الذي سيسحقه بين قبضتيه، أصبح كالإعصار يض*ب كل ما يقا**ه، أفرغ محتويات الخزانة، قلب السرير رأسا على عقب وحتى المنضدة المجاورة للسرير لم تسلم من غضبه، دخلت ورد تصرخ به "ماذا تفعل يا مجنون؟ لقد حطمت الغرفة" نظر لها وهو يفتح أدراج المكتب الذي أصرت منذ سنوات على وجوده بغرفتها "و سأحطم المنزل فوق رأسك إذا لم تقولي لي من هو، هل وصلت بك الجرأة إلى هذا الحد؟ أنت تحتاجين إلى إعادة تربية" وضعت يدها على خصرها وقالت له "مهما فعلت لن تعلم من هو، ثم إذا كنت أحتاج إلى إعادة تربية فهذا لأن من رباني قد فشل في تربيتي" اعتدل ينظر إليها بقوة يحاول أن يستشف ما تقصده فأكملت قائلة "أنت فشلت في تربيتي لذلك أحتاج إلى إعادة تربية" لم تعلم أنها وسط كم الأحاسيس والمشاعر المؤلمة دغدغت بداخله فخرا ذكوريا متأصلا فشملها بنظرة حب ولكن في لحظة عاد المارد يصرخ "اعترفي يا ورد من هو؟" شهقت ورد وهمت بالرد لتدخل مب**كة تنظر للغرفة بغضب وتقول "لقد اكتفيت من هذا الجنون، صحيح أن من يجاور السعيد يسعد وأنا قبلت بجيرتكم وهذا جزائي، يا معلم حيان أنا لن أمد يدي في هذه الغرفة ولو وقفت على رأسك، وكفاك صراخا فقد وصلت فضائحكما لكل العاملين في المزرعة، لقد سئمت من وجودي في هذا المكان وزكي يصرّ على بقائنا" توحشت عينا حيان فهذا ما كان ينقصه حقا فهمّ بالصراخ عليها ولكن منذ متى يستطيع أحد التكلم في حضرة مب**كة والتي التفتت إلى ورد وقالت بسخرية "وأنت يا زوجة المعلم، زوجة الأستاذ منير أرسلت لك تلك الورقة، لا أعرف لماذا لم أسترح لتلك المرأة؟" مدت مب**كة يدها بالورقة فهمّت ورد بأخذها ولكن يد حيان كان لها الأسبقية، فتح الورقة وأمعن النظر بها لتتسع ابتسامته الإجرامية ويخرج من الغرفة، قالت ورد وهي تتحرك خلفه لكنها لم تستطع أن تلحق به "سيقتلها، الحقيني يا مب**كة، حيان سيقتل حورية" حركت مب**كة فمها يمينة ويسرة وهي تتبعهما وتقول "ماذا فعلت أنت وهي؟ نساء آخر زمن، عليّ أن أفهم ماذا يحدث" اقترب حيان من منزل منير ونادى بصوت جهوري "منير، اخرج لي حالا فأنا أريدك" كان منير يدخل المزرعة بالسيارة ومعه غفران وتبارك ليتفاجأ بحيان يقف أمام منزله ويصرخ بشكل جنوني وزوجته تقترب منه ببطء ويبدو أنها ترتجف تتبعها مب**كة التي مؤكد جاءت لرصد ما يحدث، اقترب منير من حيان يسأله بفزع "ماذا يحدث؟ لماذا تصرخ هكذا؟" التفت حيان لمنير فرأى امرأتين تقفان خلفه لا يدري من هما فهو حقا لا يشغله النظر إلى امرأة لا تخصه و قال "هل يمكنك أن تخبرني لماذا أرسلت زوجتك هذه الورقة إلى زوجتي؟" أخذ منير الورقة وقرأ ما بها فتوسعت عيناه بذهول، فزوجته تطلب من زوجة حيان أن تذهب لإجراء توكيل لها للإسراع في إجراءات "الخلع" قالها منير بصوت مذهول ورفع وجهه لحورية التي خرجت من البيت وخلفها الأدهم ورابي بن حيان تقول "ما هذا الصراخ؟ ماذا يحدث؟" اقترب منها منير وقال بغضب "هل يمكنك أن تشرحي لي ما هذا؟" حين لمحت حورية الورقة التي يلوح بها منير ارتبكت ونظرت لورد الذي هزت رأسها بإنكار وأشارت لمب**كة، فاقتربت منهم أكثر تقول "أطلب من موكلتي توكيلا للمباشرة في إجراءات الخلع، المرأة متضررة من هذا الزواج ومن حقها اللجوء للقضاء" صرخ حيان "منير، أخبر زوجتك أن تلزم حدها، فوالله لو كانت رجلا لجعلته يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ما قيل" شهقت غفران بفزع وتحركت مع تبارك تحملان الصغيرين لتبعداهما عن هذا الجنون، لم تتراجع حورية بل حضرت روح مناصرة المرأة فيها بقوة وقالت "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان أو المحاكم بيننا، من تظن نفسك؟ ورد أصبحت موكلتي وأعدك أنني سأخلعك بعد جلسة واحدة" ثارت وحوش حيان واقترب من حورية ليسد منير بجسده الطريق بينهما وهو يقول بتهديد "حيااااان" وقف حيان وقال بصوت جهوري "زوجتي لن يأخذها مني سوى الموت، ولو حكمت كل محاكم الأرض بالتفريق بيننا ستبقى زوجتي، قضيتك خاسرة يا أستاذة وموكلتك حمقاء مازالت تجهل من يكون زوجها" اندفعت حورية تقول "هذا يعتبر تهديدا علنيا وهناك شهود" صرخ منير بغضب "حورية كفى، ما يحدث هذا لن أمرره لك، ألم تقتنعي بعد أن تدخلك في حياة الآخرين حتى لو بنية الخير أحيانا لا يزيد الأمر إلا سوءا؟" تجهم وجه حورية وقالت بغضب "انظر لها، إنها ترتجف خوفا منه" نظر حيان لورد بتوعد ليقاطع كل هذا رنين هاتف منير برقم لم يكن ليتجاهله، وبمجرد أن أجاب على المتصل وصلته جمل بسيطة أخبرته أن عليه الاستعداد للقادم، كانت حورية تراقب تعابير وجه زوجها الذي استدار يقول لحيان بهدوء كأنهما لم يكونا كآتون مشتعل منذ قليل "هل المزرعة مؤمنة جيدا أم ينقصنا رجال؟" التفت له حيان وقال "على حسب نوع التأمين، أظن أن في المزرعة ما يكفي من الرجال ولكن إذا احتجت أكثر فالأمر هين" هز منير رأسه وقال "حسنا، أريد المزيد من الرجال وبأسرع وقت" قال له حيان "على الأقل اشرح لي ماذا يدور في رأسك" قال له منير وهو يتحرك تجاه حورية "لنتحدث في مكتبي" مر منير من أمام حورية ينظر لها بلوم وهو يقول "نريد ضيافة لجارنا العزيز، هناك أمر هام سنناقشه في المكتب" ضيقت عينيها تستشف السخرية من كلامه فهمست له "تقصد جارنا المجرم المختل" ابتسم منير بتهكم وهو يقول "لقد تخطيتِ الثلاثين وما زلت تقحمين نفسك في المشاكل كأنك طفلة لم تُحل ضفائرها بعد" ض*بت قدمها بالأرض وقالت "هل تعايرني بسني أيها الأربعيني؟" انطلقت ضحكة رائقة من فم منير وهو يتحرك من أمامها فهو يعلم أنها تغرق في عشق الأربعيني هذا حتى النخاع ويعلم أنها حتى ولو تخطت الخمسين ستظل تقحم نفسها في أغرب المواقف.......... أما حيان فعاد إلى ورد وقال لها ومازال العبوس يملأ محياه "عودي إلى المنزل واستريحي، لن أتأخر، وإذا شعرتِ بأي شيء هاتفيني، يمكننا الذهاب إلى الطبيبة في أي وقت" مطت شفتيها وأسبلت أهدابها وقالت "حسنا، ولكن لا تتأخر، أريدك أن ترص لي الوسادات خلف ظهري كما فعلت في الأمس فقد كنت مرتاحةً جدا و نمتُ بعمق" تن*د وقال لها بخفوت "أنا أحبك" امتلأت عيناها بالدموع وقلبها يقول و(أنا أيضا) ولكنّ شفتيها همستا "أعلم" سألها "أما زلت مصرةً على الرحيل؟" هزت رأسها بنعم فمال يقبل رأسها ويقول "كنت أتمنى أن يكون طلبك سهلا لأحققه لك، لكنني سأحضر لك هدية قيّمة عند المساء" قالت له باستنكار هادئ "حيان، أنت مجنون" مال يقبل جبهتها وهو يقول "أعلم" ثم نظر إلى مب**كة وقال لها "خذي ورد لتستريح" اقتربت منهم مب**كة تحرك فمها بامتعاض وأخذت بيد ورد التي تاهت في نزاع روحها حين ابتعدت عن دفئه وقد فهمت أن الاختيار لم يكن منذ سنوات حين وافقت على الزواج منه، بل إنه الآن فإما أن ترضخ للواقع أو أن تثور وهي حقا لا تريد سوى أن تكون صاحبة القرار... لكل فقد ألم، ولكل فراق حرقة، ولكل رحيل مذاق خاص جدا، قد تكون أكثر أهل الأرض حظاً إذا وجدت من يمسك يدك لتعبر كل هذا، فمساكين هم من لم يجدوا في الحياة أحبابا وأكثر أهل الأرض بؤسا من حين تسقط دموعهم لا تحترق لأجلهم سوى الجفون …... الفراق كالنهر حين يتدفق لا يستطيع أحد إيقاف سيله، لم تمر أشهر على فراق محسن إلا وقد تبعه جواد، لقد كان رجل المهام الصعبة في حياة الجميع، عاش يضحي ومات وقد سخّر كل تضحياته لأجل أبنائه، كان مطار القاهرة كالعادة وجهة الجميع ففي النهاية مهما ابتعدنا لا مآل لنا سوى الوطن، وصل مأمون المطار محاطا بالشباب بمؤازرة وقد امتلأت كؤوس حزنهم مجددا بفاجعة فراق جواد، تقدم بشر يتبعه نزار وعاصي ومنذر، أما صفي فبقي كالعادة مع زوجته والفتيات فهو الوحيد الذي لا يستطيع الابتعاد عن زوجته لأنه يشعر أن علاقتهما تحت التهديد، وخلفهم مأمون الذي تتمسك سجى بكفه وتحاول أن تهون عليه ألمه، حين وصولهم إلى صالة الخروج وجدوا مؤمن وفتون في انتظارهم ليكون هناك لقاء محفوف بدموع الحزن ولوعة الفراق تخترق الحشا…. بعد الدفن وقف بشر يراقب مأمون الذي يقف بجانب زوجته كأنه يستمد منها الصبر ومؤمن الذي يحتوي زوجته بقوة كأنه يقاسمها الألم فهددت دموع الحسرة عينيه، كان يريد أن يبكي مجددا على لحظة فراقها، يريد أن يصرخ، فكل إحساس بالحزن أو الفرح لا يصب إلا في طريقها، التفت لمنذر الذي كان يقف بتوتر والعبوس يملأ محياه وسأله "هل أنت بخير؟" رفع منذر أنظاره لبشر بتوجس من سؤاله وقال "نعم، أنا بخير ولكن كما ترى الحزن يحيطنا من كل اتجاه" وصلت رسالة لمنذر فأسرع يضع الهاتف بجيبه كأنه يخفيه عن أعين بشر الذي نظر له باستخفاف وقال "اذهب لتجيب على هاتفك يا منذر عسى أن تجد به ما يخرجك من هذا الحزن" زاغت أعين منذر وقال "إنه اتصال غير مهم، هل سنبقى هنا كثيرا؟" قال بشر وقد شردت عيناه في شمس النهار "ربما سنبقى ليوم أو يومين على أبعد تقدير، سأتحرك الآن قبل مغيب الشمس و سأبقى على تواصل معكم" سأله منذر بتعجب "إلى أين؟" قال بشر وهو يقترب من مأمون ليودعه "سأذهب إلى مقابر أرض العزايزة، فأنا أشعر أن الأرض أضيق من ص*ري وما يحمله من حزن ولا أجرؤ على قول كلمة اكتفيت فحزن العالم أجمع على فقدي ليس بكافٍ" سار منذر خلفه وعقله يفكر في الورطة التي زلت قدمه إليها، لا يخشي من أحد قدر خشيته من أسمهان لأنها لا تسامح، لا تغفر ولا تلتمس العذر، يا لمصيبته، لقد أصبحا على أبواب الفقد، من بقهرك يا منذر؟ فزوجتك امرأة خلقت من كبرياء ولن تنحني ولكنها ستحني هامتك حين تبتعد عنك…… وقف مأمون فاقدا الإحساس بكل شيء سوى كف سجى الصغير الذي يحتضن كفه ويضغط عليه من وقت لآخر كأنها تذكره أنها بجانبه ولن تتركه أو تبتعد عنه، وقف ينظر لقبر أبيه وعقله يعترف له أنه حين اكتشف وفاة والده كاد أن يتوقف نبض قلبه ليأتي كفها الذي فُرِد على ص*ره وصوتها الذي شق السكون يقول "لله ما أعطى ولله ما أخذ، إنا لله وإنا إليه راجعون، وحد الله يا مأمون" حينها أعطى أول رد فعل طبيعي وبكى، خر على ركبتيه وانهار، سافر لساعات وهو متمسك بيدها ووسط دوامة حزنه كان يملؤه شعور بالخزي تجاهها فحين كانت في نفس موقفه كان غارقا في أفكار لا يعلم كيف سكنت رأسه، التفت إليها وبنظرة اعتذار مال يقبل رأسها وهو يجذبها بذراعه تجاهه أكثر، أغلقت المصحف الذي تحمله بيدها الحرة ونظرت له بحزن تسأله "لماذا تنظر لي هكذا؟" قال لها بعيون دامعة "شكرا لأنك بجانبي، وآسف لأنني لم أكن بجانبك يومها، آسف لأنك لم تجدي يدي لتمسك بيدك هكذا ولا ص*ري ليضمك ولا همساتي لتهون عليك ألم قلبك وروحك، آسف أنني في يوم لم أكن رجلا بما يكفي لأحافظ عليك" تساقطت الدموع من عينيها وقالت "لقد أصبحتَ أفضل مما تمنيت، لعل عثرات ماضينا هي من بنت بداخلنا هذا الحب الجديد القوي العميق، لعل ما حدث في الماضي لم يكن سوى نار أحرقتنا لتعلمنا فقط أن نكون أقوى في حبنا، لعل كل ما حدث كان خيرا لنا، انظر كيف تمسك يدي فهناك كثيرٌ قد تغير بداخلنا" قال لها برجاء "لا تتركي يدي أبدا، اليوم فهمتُ كيف يكون عناقُ كفكِ لكفي حياة، عديني ألا تتخلي عني وألا تشعري بالندم يوما على عودتك لي، عديني أن تصححي مساري إذا تعثرت، تخبرينني إذا أخطأت، وألا تسمحي لي أن أقسو على قلبك يوما" وضعت سجى رأسها على ص*ره وهي تقول "الندم عملة ذات وجهين، ربما أندم يوما لأنني لم أرَ الوجه الآخر لاختياري لكن ما أنا واثقة منه أنني كنت سأندم لو أنني لم أحيا معك كل ما مر، لا تقارن أي إحساس في الكون بروعة لحظة كهذه، تشكو لي همك بأحن الطرق وأنا أذوب كأنك تجدد عهد حبك لي" تن*د بحزن وضمها لص*ره ليقاطعهما بشر قائلا "مأمون، لقد قام أسد بحجز أكبر صالة للعزاء وأنهى كافة الترتيبات، أريد منك أن تذهب إلى الفندق لتستريح وتستعد، تبدو مرهقا" هز له رأسه بطاعة وقال "أتعبتكم جميعا معي" رد عليه بشر بهدوء "مأمون، نحن جميعا حولك ومصابنا واحد، لن أسمح لكلمة مجاملة عابرة أن تضع فروقات بيننا، أنا ذاهب لمكان ما وسأحاول ألا أتأخر، وإذا احتجت لشيء فمعك عاصي ونزار ومنذر، وأسد لديه مقابلة سينهيها وسيكون معكم" اقترب مأمون من بشر الذي اقترب هو الآخر ليضمه بقوة وقال له "أرجوك لا تتأخر" هز بشر رأسه بهدوء وقال "لا تقلق، لن أتأخر بإذن الله" تحرك بشر نحو سيارته تاركا وراءه حزنا ومتوجها لحزنه….. كانت فتون تبكي كل عقدها، كل خوف يعشش داخل ص*رها، تبكي حزنا على رجل ليس ككل الرجال، إنه أيقونة وفاء وإخلاص غادرت هذه الحياة، ومؤمن يقف يهدهدها ب**ت ينتظر لحظة هدوئها لينفجر فهو الآخر في أشد الحاجة إلى البكاء، مد يده يمسح على رأسها بحنان وهو يقول "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف علينا خيرا منها" تمتمت فتون من بين بكائها "آمين، لا أصدق أنه رحل، لماذا لا يرحل سوى الطيبون؟ لماذا لا نفقد إلا كل غالي؟" رد عليها كأن المصاب ليس مصابه، كأنه لم يفقد والده "لأن الطيبين أمثاله لهم حياة أنقى تنتظرهم، من يرفض الجنة ونعيمها ويبقى في هذه الغابة؟ أبي كان بذرة خير نمت وأصبحت شجرة استظل بظلها الجميع، ليتني كنت مثله" رفعت رأسها تنظر له وتقول "أنت مثله يا مؤمن، بقلبك الطيب وروحك الحلوة، بصبرك وتفهمك، أنت أيضا بذرة خير" تقلصت ملامح مؤمن بألم وقال "مهما حدث لن أصل له، أبي كان رجلا لا يعوض" شعرت فتون بعمق جرحه، شعرت أنها تمادت في حزنها ونست أنه مكلوم مثلها وأكثر فجففت دموعها وقالت "مؤمن لماذا لا تبكي وتخرج ما بداخلك؟ أنا أعلم أنك تتماسك لأجلي" نظر لها بعيون لامعة وقال "أنتظرك بفارغ الصبر لتحتوي ألمي وتكتمي أنيني بص*رك، أنا أحتاجك بشدة" أفلت نبض قلبها نبضة تلو الأخرى وعيناها تقفان أمام هذا الكامل في كل شيء وتناظرانه باحتياج وحب غريب لا تظن أنها تستطيع أن تتخلى عنه يوما، كل ما حرمت منه عوضها الله عنه في هذا الرجل، مدت يدها لترتاح على فكه قائلة "وأنا هنا يا مؤمن ولن أذهب إلى أي مكان، فمنذ سنوات رست سفينتي في شاطئك وقد زهدت البحر وعواصفه، أنت وطني" نظر لها وعقله من بين غيوم الحزن يستحضر اللحظة التي التف فيها وهي بين أحضانه لتصدمه نظرات جاسم الذي لا يعلم من أين ظهر له، كانت نظرات عاشق مجروح، نظرات هزت عالمه وجعلت نظراته بالمقابل تتوحش كأسد شعر بالخطر، فقال لها "نستطيع أحيانا أن نهجر أوطاننا، انتماؤنا لها لا يكون كافيا دائما، نحتاج دوما الى شيء أقوى وأصلب للبقاء" لعلها فهمت ما يرمي إليه أو لعلها تجاهلت قصده ففي الحالتين قد أدرك جيدا في أي أرض يريد البقاء، ما بداخله نحوها ليس شك ولكنه خوف ليس له سبب مازال يسكن أعماقه من طريقة حبها له، فتون دوما ما كانت بحياته طفرة وهو لم يعترض، لكن هل حبه في قلبها أيضا طفرة أم أن خوفه نابع من سبب حقيقي؟ نظرت له وبداخلها علمت أن عودة جاسم جاءت في هذا الوقت لتضع نقطة النهاية، لتقطع حبلا رفيعا من الأفكار ما زال بين طيات عقلها يجذبها من وقت لآخر لذكريات كان عليها أن تمحوها فقالت له بقناعة رغم أن هناك ألما ض*ب ص*رها "هذا الكلام يلائم كل البشر إلا أنا، فمن يتخلى عن وطنه بإرادته لا يستحق أن ينتمي له، وأنا قد ولدت بلا وطن و لن أتنازل يوما عن بقائي داخل أحضان وطني الذي أنتمي إليه بعدما وجدته، بل سأجاهد لأستحق البقاء فيه لآخر العمر" قال لها وهو على أعتاب الانفجار "أتعش*ين وطنك ؟؟؟؟؟" هزت رأسها بتأكيد فانهار كالطفل يبكي فقدا وخوفا وحزنا، انهار يبكي لأن هناك شعورا بالسعادة تسلل إليه وسط هذا الحزن كأنه يخجل أن يعترف أن عشقه لها يستطيع أن يسحبه لأعلى القمم حتى لو كانت الدنيا تمطر حزنا، طالما هي أمام عينيه... هي وكفى ………. بعد قليل وقف نزار يقول لعاصي بعصبية "لم أكن أريده أن يعرف أننا توصلنا لعنوانه، الآن لو فعلت المستحيل لن تصل إليه، فيما كنت تفكر وأنت تترك ذلك الرجل يهرب؟" تصلب فك عاصي وقال "نزار، أرجوك لا ينقصني تأنيب، أعلم أنني لم أتصرف جيدا، فبمجرد أن علمت عنوان تلك المزرعة لم أفكر سوى بأنني أخيرا سأراها، لقد طال الفراق هذه المرة حتى أضناني" سأله نزار بغضب "أما زلت تعتقد أنك ستراها؟ لقد تعبت حتى وصلت لهذا الرجل، مؤكد الآن سيحاول منير بكل الطرق ألا تتقاطع دروبنا، لقد علمتُ أن الشيخ طلب حضوره لأرض العزايزة لكنه اعتذر وطلب بعض الوقت لترتيب أموره" أشاح عاصي بوجهه وهو يشعر أنه يريد أن يهدم كل الحواجز التي تحول بينه وبينها وسأله "ما الحل الآن؟ لقد كنت أفكر بالذهاب لمنير، هل تظن أن من الأفضل أن أذهب للشيخ جعفر لأطلب يدها مجددا؟ دلني على الطريق إليها وأنا سأسير عليه لكن لا تخبرني أنه ليس هناك أمل فبحجم حبي وشوقي لها تعبت، أقسم أنني تعبت" **ت نزار لا يعلم ماذا يقول ولا كيف يهون على عاصي ألمه وهو أكثر منه تورطا وما بداخله تخطى حدود ال*قل، أحيانا يشعر أنه غير سويّ فمن يصدق أنه مغرم بفتاة رآها مرتين وسمع صوتها مرة واحدة والويل له لو رآها مجددا، قاطع **تهما ظلٌّ حجب عنهما شعاع الشمس فرفع كلٌّ منهما عينيه ليجدا رجلا أنيقا ملامحه مألوفة يقول "البقاء لله وحده" رد عليه عاصي "أعز الله بقاءك، أأنت من آل الصالحي؟" ابتسم الواقف أمامهما بغطرسة وقال "لا يا بن عمي، أنا ظافر العزايزي" توسعت أعين عاصي بإدراك ومد يده يسلم عليه قائلا "أهلا يا رجل، ماذا تفعل هنا؟ لقد تغيرت كثيرا، لم أعرفك" رد عليه ظافر بجمود "لم أتغير أنت فقط من لم ترني منذ سنوات" تدخل نزار بالحديث وقد شعر بالغيظ من تجاهل هذا الشاب له "ثلاث سنوات ليست بالزمن الطويل، مؤكد كنتَ موجودا في آخر اجتماع أقامه الشيخ بأرض العزايزة" رفع ظافر حاجبه وقال "لو كنتُ حاضرا لرأيتَني في الصف الأول من المجلس فأنا سأناسب الشيخ جعفر شخصيا، لكن لظروف عملي اضطررت للتغيّب وقد تواصلت مع الشيخ وشرحت له أسبابي وتواصل معه شخصيات مهمة لتأكيد قوة حجتي، فكما تعلم العمل السياسي مليء بالأسرار" تجهم وجه عاصي وسأله "ماذا تعني بأنك ستناسب الشيخ شخصيا؟ أنا أعرف أن ذلك الرجل الذي يريد أن يناسب الشيخ اسمه جمال" ضحك ظافر بسخرية وقال "ذلك الرجل الذي يريد أن يناسب الشيخ!!! أضحكتني يا عاصي ونحن بمكان غير مناسب لإطلاق المزاح، فجمال العزايزي سيناسب الشيخ جعفر بقوة المكاتيب وسطوتها، الزواج بهذه العائلة ليس به اختيار أو نقاش أم أنك لا تعلم" اكفهر وجه عاصي من حديثه المستفز بينما عبس نزار الذي ملأ ص*ره الشعور بعدم الراحة تجاه هذا الواقف الذي يناطحهما بنظرات غير مفهومة وقال "لم لا تكن واضحا أكثر؟ أشعر أن ظهورك أمامنا ليس محض صدفة، تكلم يا رجل أو ارحل حالا فنحن لا نملك وقتا لهذه التفاهات" نظر له ظافر بسخرية وقال "حسنا، سأكون واضحا أكثر" **ت قليلا ثم مد يده لنزار قائلا " لنتعرف جيدا إذاً، أنا ظافر العزايزي وبحكم المكاتيب سأكون نسيب الشيخ عبد الرحمن جعفر العزايزي" تصلّب نزار وقد وصله المعنى بالتفصيل فمن يقف أمامه غريمه لكن ظافر لم يرحمه وهو يقول "ابنته تبارك مكتوبة لي منذ مولدها، أليس هذا رائعا؟" تجاهل نزار كف ظافر الممدودة وأطلق قبضته لتطيح بفك السمج الذي يقف أمامه وقد أُفلت عقال تعقله ونهشت الغيرة ص*ره حين سمع اسمها يخرج من فم رجل يتبعه كلمة …..لي، صرخ به عاصي "نزار، ماذا تفعل؟" جاءه رد بارد من ظافر الذي شق خيط من الدماء طرف شفتيه يقول "أبدا، ابن أخيك شعر بالغيرة، اعذره فهو يبدو غارقا لأذنيه" هجم نزار يمسك تلابيب ظافر وقد تحولت لكنته الذي يحاول إخفاءها للهجة غربية للغاية "ماذا تريد مني أيها اللعين؟" قال ظافر "كان مجرد تخمين أن بحثك الدؤوب خلف منير يحمل سرا أقوى من مجرد خدمة أخوية، خمنتُ أنك تسعى خلفها فقلوب العزايزة كالمغناطيس لا تتجه إلا لمن يجذبها" تدخل عاصي بينهما ليفرقهما وقد أوهنته الصدمة فنظر لنزار بلوم وهو يسأله بحدة "لماذا لا تنكر ما يقول؟" مجددا جاءه الرد من ظافر منهيا هذا الحديث ومفسحا المجال لحديث جديد "لأنها الحقيقة يا بن عمي وهذا ما أنا هنا من أجله" هناك قصص ولدت تحت الضغط و في أحلك الظروف كأنها أقسى من أن ترتبط بمشاعر سوى مشاعر الألم، قصص كانت كاللهيب حارقة حتى فيض دموعنا لا يطفئها، قصص لابد أن تنتهي مهما مر الوقت فما هي إلا بوابة ألم علينا أن نغلقها لنحيا، ليست كل النهايات مظلمة فهناك نهايات وجدت لخلق البدايات، هناك نهايات وضعت من أجلك ولأجلك.....

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

معشوقتي

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.8K
bc

أنين الغرام

read
1K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.6K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook