-أتعرفين أنتِ تشبهين لعمة توماس والد ناعومي كثيراً ،حتى تملكين نفس الإسم.
فقالت ناعومي بحماس طفولي بحت:
-نعم تشبه لجدتي دانا فعلاَ أليس كذلك يا أمي.
وضحكت ناعومي وهي تفكر عن رد فعل والدتها أن عرفت أنها هي حقاً دانا نفسها بالتأكيد ستفقد عقلها كما تفقده ناعومي نفسها في هذه اللحظة فقالت جينا ببساطة لكن باهتمام:
-نعم هذا صحيح فعلاً.
وهنا تساءلت دانا عن مصيرها في هذا المستقبل الغريب الذي أستقبلها هي وناعومي دون دعوة فقالت لها بفضول شديد:
-وهل دانا هذه مازالت علي قيد الحياة؟
فنظرت لها جينا وقالت بلا مبالاة:
-لا أحد يدري ؛فهي كانت مجرد صحافية مغمورة ويوماً ما اختفت فجأة ،ولم تعد تتصل بعائلتها وهذا لم يكن بجديد عليها فكما سمعت من توماس أنها كانت مستهترة وأنانية و أعتقد أنها بالتأكيد قد ماتت.
هبط الخبر علي رأس دانا كالصاعقة وشعرت بالغضب الشديد فكيف يمكن أن تكون هي مجرد صحافية مغمورة! كيف لها أن تقول هذا لقد كانت صحافية معروفة وشهيرة ثم هي أبعد ما يكون عن الأنانية والاستهتار ؛ربما في يوم ما بحياتها كانت كذلك فعلاً يمكنها الأعتراف بهذا ؛لكن هذا قد تغير فيما بعد نعم هي تغيرت وصارت شخصاً أفضل فقالت ناعومي بغضب:
-كيف تتحدثين عن جدتي بهذه الطريقة؟ فهي قد كانت دوماً امرأة رائعة ليس لها مثيل وصديقة وفية.
وهنا كانت المفجأة عندما نظرت لها جينا باندهاش شديد وكأنها قالت مزحة سخيفة أو ما شابه وقالت لها بدهشة:
-لماذا تقولين هذاالكلام الغريب؟ فأنتِ لم تكوني قريبة منها يوماً ؛بل بالكاد رأيتها مرة أو مرتان طيلة حياتك وقلت لي ذات مرة أنكِ لا تحبينها بل تخشينها.
ذُهلت دانا مما تسمعه فهذا غريب حقاً يا ألهي هل تغير الماضي كلياً بهذه الطريقة ،بينما قالت ناعومي بحنق شديد وهي لا يعجبها ما تسمعه:
-ما الذي تقولينه؟ فأنا طيلة عمري كنت علي وفاق معها ومع العم بيت كثيراً.
ولازالت المفاجأت تتوالي مع ردود فعل جينا التي نظرت لها بدهشة أكبر وقالت لها بحدة:
-ومن العم بيت هذا؟ ناعومي هل أنت بخير؟
اتسعت عيني دانا من الذهول وشعرت بالأغماء الفوري وتماسكت بقوة لا تملكها لسماع باقي كلمات جينا التي تدمر لها حياتها بأكملها وذكريتها ببضعة كلمات عابرة لا تسمن ولا تغني من جوع بينما ناعومي قالت بدهشة وكلمات والدتها جعلتها تشعر بالخوف الشديد عما يجري هنا:
-أمي ألا تعرفين العم بيت زوج جدتي دانا.
وهنا ضحكت جينا ؛حقاً ضحكت وهم يوشكون علي الانفجار وقالت بأسلوب فكاهي كاد يجعل دانا وناعومي يريدون التخلص منها:
-أنتِ غير طبيعية يا ناعومي منذ الصباح ؛والآن هذه المزحة الغريبة رغم كونك تعرفين أن دانا عمة توماس لم يسبق لها أن تزوجت أبداً.
وقع كلامها كالصاعقة حقاً علي رأس دانا التي قالت لها بسرعة ورأسها يدور حقاً من المفاجأة:
-تقولين أنها قد أختفت فجأة ولم يعثر لها علي أثر أليس كذلك؟ أذن كم كان عمرها عندما اختفت؟
فنظرت لها جينا بضيق وكأن منحني الكلام لا يعجبها وتري أن سؤال دانا وتدخلها في هذا الحوار العائلي غريب وغير منطقي لكنها بالرغم من هذا ردت علي دانا وقالت ببطء:
-كانت تقريباً بالخامسة والستون واختفت يوم ميلادها كما أتذكر وأتذكر أيضاً أن والد توماس الذي يكون شقيقها التوئم بحث عنها كثيراً دون جدوى ؛لكن لماذا تسألين هذا السؤال ولماذا أنت فضولية بشأن دانا هل تعرفينها؟
لم ترد دانا عليها فرأسها كان يغلي كمرجل ضخم لقد تغير الماضي ؛كيف حدث هذا؟ بينما نظرت لها ناعومي بذهول وقالت بقلق شديد:
-أذن جدتي دانا لم تتزوج أبداً! حسناً دعكِ من جدتي ماذا عني أنا؟
ظهر الذهول علي وجه جينا لسؤالها هي بالذات وقالت لها بغضب هادر:
-أنتِ حمقاء كلياً؛ كيف تجرؤين علي سؤالي سؤال غريب كهذا؟ فأنتِ تضيعين عمرك وراء شخص لا يراكِ ؛وبدلاً من أن تعملي في تخصصك ؛تعملين في شركته بالسكرتارية في تخصص يهين شهادتك الجامعية ؛وترفضين تَدخُلي أو تدخل والدك بحياتك.
وهنا شحب وجه ناعومي بشدة وعرفت دانا أنها ستفسد كل شيء لأن كما يبدو أن كل شيء سواء بحياتها أو بحياة ناعومي قد تدمر كلياً ولم يعد هناك مجال للأصلاح فأمسكت يدها بسرعة قائلة لها برجاء كي لا تفتح فمها وتقول شيئاً قد يندم عليه كلاهم:
-لقد تأخرتى علي عملك يا ناعومي هيا بسرعة لنذهب.
وسحبتها من المائدة وجينا تقول بدهشة من تصرف دانا:
-أنتم لم تأكلا شيئاً.
لكن لم يرد عليها أحد بل عادوا ودخلوا لغرفة ناعومي مجدداً وهنا قالت ناعومي بانهيار وهي تنظر لدانا باتهام:
-لقد قلتِ لي أنني سأتزوج ألان؛ المفترض الآن أن أكون زوجة لألان لكن أنظري لي الآن لقد أصبحت عانس ووحيدة في الثلاثون من العمر.
كتمت دانا فمها وقالت لها برجاء وهي نفسها تريد أن تبكي وتصيح وتولول:
-كل شيء تغير يا ناعومي هيا أرتدي ملابسك وسنتحدث خارجاً فلابد أن جينا مندهشة لتصرفنا وستتصنت علينا.
قالت ناعومي بغضب وهي لا تستطيع ال**وت عما يحدث هنا:
-ومن يأبه فليسمع العالم كله فأنا قد انتهت حياتي تماماً.
تنفست دانا بعصبية فعقلها توقف عن التفكير كلياً ولا تدري ما تقوله لهذه الطفلة التي أنامها والتي صارت شابه في الثلاثون وتفكيرها لا زال محدود فقالت لها بضياع:
-قلت لكي سنتحدث بالطريق أ**تي الآن وأرتدي ملابسك.
فاستمعت ناعومي لها وهي لا تري أمامها بينما اتجهت دانا للنتيجة الإليكترونية لتري تاريخ اليوم ثم بحثت عن شيء يناسبها من ملابس ناعومي وخرج كلاهم من المنزل وجينا تنظر لهم بارتياب؛ فقالت لها دانا بسرعة طريقة غير ملائمة لسنها كون جينا الآن صارت سناً أكبر منها:
-شكراً علي الطعام يا سيدتي.
وأومأت برأسها لها بينما كانت ناعومي صامته كالأموات وفي الطريق قالت دانا بجنون وهي ضائعة:
-أن تاريخ اليوم هو بعد رحلة المستقبل التي قمت بها قبلاً بحوالي ستة أشهر وهذا يعني أن الفريق قد عاد بالفعل وأنا كنت معهم ؛لماذا أذن لم أتزوج ببيت؟ و أنتِ كيف لم تتزوجي بألان هذا جنون ؛فكل شيء قد تغير بحياتي وحياتك ؛تري ما السبب بهذا؟
فصاحت بها ناعومي بغضب بعد هذا ال**ت القاتل:
-أتسألينني أنا؟ المفترض أن تعرفي أنتِ سبب هذا؛ فأنتِ من ذهبتِ للمستقبل من قبل وليس أنا.
فنظرت لها دانا ورأسها يكاد يشتعل وقالت لها بضياع شديد:
-نعم فعلت لكن ؛ما يحدث الآن مخيف فلقد تغير الماضي والمستقبل ؛هل يعقل أن هذا بسبب أخباري لكي عن مستقبلك؟ لقد نبهني بيت كثيراً عن أن هذا كفيل بتغير المستقبل ،وقال لي بعد أن عدنا من تلك الرحلة للمستقبل من قبل ؛أنه لابد هناك سبب وجيه كوني أنا وهو فقط من نتذكر ما حدث وأننا بالرغم من ذهابنا للمستقبل لم نعرف شيء عن مستقبلنا الشخصي وأن المستقبل قد تغير باللحظة التي عدنا بها ؛أيعقل أن مستقبلك أنتِ وألان أيضاً قد تغير د؟
فجلست ناعومي علي الرصيف كالأطفال وبدأت تبكي وتنوح قائلة بانهيار:
-تباً لكي يا جدتي لقد أفسدتى حياتي وجعلتني أعيش بالوهم ؛لماذا أخبرتين عن مستقبلي وجعلتني أتمني تلك الأمنية الحمقاء؟ لقد ضاع عمري؛ أريد العودة لعالمي؛ تصرفي وأعيديني.
فقالت دانا بخيبة وقد دمعت عيناها :
-أفيقي يا فتاة أننا بكارثة فالمصيبة التي لم تنتبهي لها يا ناعومي أننا لم نأتي بجهاز للزمن كي نستقله ونعود لعصرنا؛ وهذا يعني للأسف أنه لا مجال للعودة لنا.
نظرت لها ناعومي بذهول وبدأت تبكي بطريقة طفولية وهي تقول:
-ا****ة لقد ضاع مستقبلي حقاًَ فأنا هنا شخصية نكرة أعمل **كرتيرة ؛وكله بسببك.
صاحت بها دانا بغضب:
-أيتها الحمقاء أ**تي الآن ؛فلم تعدي طفلة صغيرة الناس ينظرون إلينا بسبب بكائك بهذا الشكل أنظري لنفسك أنتي شابة الآن ؛لذا تصرفي كواحدة ودعينا نفكر كيف سنخرج من تلك الورطة.
مسحت ناعومي عينيها ونظرت لها قائلة:
-لكن ألم تقولي للتو أنه ليس هناك مجال للعودة.
فكرت دانا وقالت بعدم ثقة:
-ربما يكون الحل الوحيد ليعود كل شيء إلي نصابه هو ؛أن توقعي ألان في غرامك وتجعليه يتزوجك.
نظرت لها ناعومي بغضب شديد وقالت:
-ألم تسمعي ما قالته أُمي للتو؟ لقد قالت أنه رغم وجودي حوله لم يلاحظني ؛فهل تعتقدي أنه سيلاحظني الآن ؛بل ويتزوجني أيضاً.. أنتي تعيشين بالوهم.
أخذت دانا نفس طويل وقالت:
-يجب أن يفعل وأنا سأساعدك ؛سوف نعد له الخطط المناسبة لإيقاعه بشباكك ؛لقد أحبك قبلاً وهذا يعني أن مهمتنا لن تكون صعبة ؛علينا فقط أظهار الأشياء التي جعلته يقع بحبك من قبل.
-وما هي تلك الأشياء؟
ا****ة أنها حقاً طفله كيف تشرح لها أمر لا تعرفه بعد فقالت:
-فقط كوني نفسك يا ناعومي.
قالت ناعومي بسخرية:
-وهل كنت أتصرف كشخص أخر معه؟
-ثقي بى كما تفعلي دوماً والآن ما الذي نعرفه عنكم؟ أنكي تعملين بشركته ؛لذا يجب أن نقوم بصنع أوراق إثبات شخصية لي ؛وسأحاول الالتحاق بالعمل معك بالشركة.
قالت ناعومي بدهشة:
-تتحدثين وكأن الأمر سهل ؛كيف ستصنعين هوية لكي؟
ابتسمت دانا وقالت:
-هذا الفرق بين طفلة عديمة الخبرات وبين امرأة محنكة ؛أنسيتِ أن والدك محامي! أن بحثنا بين أوراقة يمكننا الوصول لأحد الأشخاص الذين يعملون بمجال التزوير ؛وأعتقد أنك يمكنك تدبير المبلغ النقدي المناسب لهذا الأمر.
-تزوير ؛يا ألهي ؛ثم كيف لي بتدبير أي مبلغ نقديي؟
تن*دت دانا بحنق وقالت:
-ليس أنتِ يا ناعومي بل شخصيتك المستقبلية ؛أنتِ تعملين لذا لابد أن معك بعض المال أليس كذلك؟
-أه فهمت.
فقالت دانا بسرعة:
-لا تقلقي لن تفعلي شيئاً أنا سأتصرف ؛تمام.
أومأت برأسها والأمل بدأ يتملك منها من جديد ؛نعم جدتها ستتصرف فهي تعرف ما تفعله وهي ستستمع لها فقط فقالت ناعومي:
-لكن هل سنخبر عائلتي عن الحقيقة؟
نظرت لها دانا وقالت بحسم:
-كلا يا ناعومي لقد تعلمنا بقسوة عن خطورة التلاعب بأسرار الزمن لذا هذا الأمر لن يخرج بيني وبينك مفهوم؟
-حسناً يا جدتي.
قالت دانا محذرة:
-دانا يا ناعومي ؛أحذري من الخطأ فمن يسمعك تقولين هذا لامرأة من سنك سيظنك مجنونة.
ضحكت ناعومي رغماً عنها وقالت:
-أنتِ محقة طبعاً.