كانت المفاجأة مذهلة ولا يمكنها أستيعابها للوهلة الأولي فلقد اتسعت حدقتي عينيها وفغرت فاها كالمجزومة وصاحت بصوت مبحوح يغلب عليه الذهول:
-بيت ! مستحيل بيت أدامز.
لقد كان أمامها بيت شاب يافع في الثلاثينات ؛فلا يمكن أن يكون هناك شخص يشبهه لهذه الدرجة أنه هو نعم هو فنظر لها الرجل وقال بدهشة:
-معذرة هل تعرفينني؟
نظرت له ناعومي بتمعن عندما رأت التغيرات الغريبة بوجه جدتها وأدركت فوراً الشبه الشديد بينه وبين عمها بيت أنه فعلاً نسخة شابة منه لكن مستحيل طبعاً أن يكون هو بينما دانا شهقت عندما أعترف أنه هو بيت وألقت نفسها فوراً بين ذراعية غير مصدقة وهي تقول له كمن أستردت أنفاسها الضائعة أخيراً:
-بيت أنت هنا ﻻ أصدق كيف حدث ذلك ؛أنا ﻻ أفهم لقد فقدت الأمل تماماً برؤيتك مجدداً لكن ها أنت ذا أمامي حياً ترزق وفي كامل شبابك وعنفوانك ،وأنا لست أحلم.
أبعدها بيت عنه فوراً ونظر لها بدهشة وهي كذلك أندهشت لردة فعله التي تعني بلا أدني مجال للشك أنه ﻻ يعرفها وقال لها والشك والريبة تبدو بملامحه:
-ﻻبد أن الأمر قد أختلط عليك ،وﻻبد أنك تقصدين بيت أخر.
كيف يمكنه أن يقول هذا وكيف لا يمكنه التعرف عليها؟ فقالت دانا له بغضب:
-كلا مستحيل أنه أنت بيت الخاص بي ؛هل تمزح معي؟ مستحيل ألا تكون أنت.
نظر لها الرجل بدهشة حقيقية وهو يقول:
-أنا فعلا أدعي بيت أدامز ؛ لكني لا أعرفك والآن يجب أن نذهب المستشفي لإنهاء هذا الأمر ﻵني مشغول لذا أرجوكِ لا أريد مزيد من تضييع الوقت.
ثم ركب سيارته وأدار المحرك فركبت دانا السيارة بجواره وطوال الطريق تنظر له غير مصدقة وعقلها سيتوقف من التفكير كيف له أن يكون في هذا العصر اﻵن أليس من المفترض أن يكون في عصره اﻵن أذن كيف يكون هنا يجلس بجوارها بالسيارة وكأنه شخص من هذا العصر ولماذا لم يتعرف عليها تري ما التغيير الذي حدث معه هو الأخر وماذا لا يزال هنا؟ فقالت له دانا بفضول:
-كم هو سنك بالضبط؟
تن*د بيت بفراغ صبر وقال لها:
-ﻻ أعتقد أن سني سيفيدك بشيء ؛أنا سأصطحب صديقتك المستشفي وفي عشر دقائق ستكون قدمها في حالة أفضل لذا ﻻ داعي لأسئلة بلا فائدة.
أنه هو نعم هو ؛فهو زوجها ولن تخطئه في واحد من المليون فالمسألة ليست فقط شبه ؛فهو صوته؛ طريقته بالكلام؛ لهجته تغيرات طبقة صوته عندما يكون غاضب البحة المميزة بصوته فقالت لها ناعومي بهذه اللحظة:
-أكيد هو تشابه فقط يا دانا.
تجاهل بيت كلامها فقالت دانا له متجاهلة ناعومي هي أيضا:
-أيمكنني أن أعرف علي الأقل ماذا تعمل؟
نزل بيت من السيارة متجاهل دانا وفتح الباب الخلفي لناعومي وسندها بالنزول من السيارة دون أن يهتم لدانا مطلقاً فدخلت هي ورائهم وهي ستجن وبعدها أنهي بيت الإجراءات ودخلت ناعومي للكشف وقال الطبيب أن أصابتها بسيطة وأنها عليها فقط السير بحرص لمدة يومان فقط ووضع لها مرهم موضعي جعلها تسير بطريقة عادية دون ألم ،وهنا كان بيت علي وشك تركهم والذهاب بطريقة ؛لكن دانا ركضت خلفه قائلة له:
-أنت تتهرب من الإجابة علي أسئلتي وهذا يؤكد لي أنك تخفي شيئاً.
نظر لها بيت نظرة مخيفة وقال بقسوة:
-توقفي عن اللحاق بى يا آنسة لأنك لو أصريتِ علي موقفك ستجعلينني أشك أن ذلك الحادث كان مقصود ولم يكن قضاء وقدر.
ثم أبتعد هذه المرة بخطوات سريعة ورشيقة غير مهتم بها مما جعلها تكاد تقطع ب*عرها من الغيظ والجنون؛مستحيل أن يكون الوضع هكذا ؛هناك شيء خاطئ؛فقالت ناعومي لها وهي تسير بحرص:
-دانا ﻻ تخدعي نفسك ؛أنه ليس هو ﻻ أنكر أنه يشبه للعم بيت كثيراً ؛لكن ﻻ يمكن أن يكون هو ؛فهذا الرجل أكثر جاذبية و.أغاظها أن ناعومي توافقه علي كلامه فقالت لها بحسم:
-كلا أنه هو.
وما أن قالتها بحسم ردت عليها ناعومي بعناد:
-أنت تطلبين مني أﻻ أكون غ*ية في تصرفاتي ؛لكن سامحيني أنت ترتكبين نفس الخطأ فكيف يكون هو عمي بيت؟ فهو يتصرف تماماً كشخص من هذا العصر ؛ومعه سيارة ،ودفع كما رأيتي من الفيزا الخاصة به ؛هذا يعني بما ﻻ يدع مجالاً للشك أنه حقاً ليس العم بيت وينتمي لهذا العصر حتماً.
فصاحت بها دانا قائلة بغضب شديد:
-وهذا ما سيفقدني عقلي كيف يكون بيت من هذا العصر؟ وكيف يكون هو بنفس الوقت هو الشخص الذي أحببته وتزوجته ؛هناك حلقة ناقصة حتماً.
فنظرت لها ناعومي ولم تعرف فيم تفكر فهل فقدت جدتها عقلها لبعاد العم بيت عنها هي تعرف كم تعشقه جدتها فقالت ببطء:
-وماذا يمكن أن تكون هذه الحلقة؟
حاولت دانا أن تفكر دون جدوى فعقلها توقف من كثرة التفكير فمن جميع الجهات الأمر ليس له أجابه فأين هي حلقة الوصل الضائعة فقالت فجأة في حماس:
-صحيح ألم يترك بياناته في المشفي ؛يجب أن نحصل علي هذه البيانات ،ونعرف عنوانه ومحل عمله.
يا ألهي عليها أن توقفها سوف تتمسك بقشة واهية فقط وهي تحتاج جدتها بكامل وعيها لتساعدها لاسترداد ألان فقالت بتأفف:
-وبما سيفيد هذا؟
فقالت لها دانا بحسم وهي تتنفس بخشونة:
-علي الأقل سأعرف أين يمكنني أن أجده.
****
-امازلتِ كئيبة؟
تن*دت دانا ونظرت لناعومي دون أن ترد وقد كانوا في طريقهم للعمل في اليوم التالي ؛لقد أخذت بيانات بيت بصعوبة من المشفي بالأمس وقد رأت بوضوح أنه ولد عام ٢٠٢٧ وأنه يعمل باحث في مركز الأبحاث العلمية لذا عمليا مستحيل أن يكون هو بيت خاصتها؛ظلت بحالة شرود وكآبة منذ الأمس ،وأمر ناعومي وألان أخذ جانباً من أفكارها فقالت ناعومي:
-حسناً أذهبي لمكتبك اﻵن ؛وسأنفذ ما اتفقنا عليه سأنتظر في الردهة الخارجية وعندما يصل ؛سأجعله يراني أولاً ثم سأتحرك ببطيء متجهه لمكتبي وعندما يناديني كي يعطيني الآي باد خاصتي سأتظاهر بأنني لم أسمعه وأتابع طريقي ،وهذا سيعطيه فرصة لكي يتبعني لكن؛ هل تعتقدي أنه سيتبعني؟
نظرت لها دانا محاولة دون جدوى وضع بيت في جانب مظلم من رأسها حتى تركز مع ناعومي ثم قالت لها بضياع وهي لا تستطيع أن تستجمع أفكارها:
-أنه احتمال مستبعد لكن ﻻ أحد يدري ؛ربما يخيب ظني ويتبعك ؛وأن فعل عليكي أخذ الآي باد بلا مبالاة وانسحبي فوراً شاكره إياه.
فسألتها ناعومي بقلق شديد:
-وأن لم يفعل.
يا ألهي فلتكف ناعومي الآن علي الأقل عن كثرة أسئلتها فهي لا تطيق حالها الآن لذا فلتدعها ناعومي وحالها فقالت لها ببعض الحدة:
-أن لم يفعل ؛عليكي أذن الذهاب لمكتبك ،وأعتقد أنه سيرسل بطلبك كي يعطيه لك ،وطبعاً تصرفي بنفس الشكل وانصرفي.
أومأت ناعومي رأسها بتوتر وهي تتمني أن تنجح خطة دانا في لفت انتباهه لها وبالفعل بعد عشر دقائق ظهر أﻻن ؛فتوترت ناعومي وخفق قلبها بقوة داخل ص*رها ووقفت دانا في الجهة المقابلة لتري النتيجة؛لكن أﻻن لم ينتبه لناعومي وتابع طريقة وهو ينظر أمامه فقط مما جعل دانا تنادي عليها قائلة بصوت عالي:
-ناعومي انتظري.
صوت دانا لفت نظره فالتفت ونظر لناعومي التي كانت تقف كالصنم بينما دانا تتظاهر بقول شيء ما لها ثم تنسحب سريعاً و ناعومي تظاهرت أنها ﻻ تراه وبدأت بالتنفيذ وتحركت ببطء متجهه لمكتبها وهي ترتعش حاولت تهدئة نفسها حتى تكون ﻻمبالية عندما يناديها لكن ؛هي متوترة جداً بشكل كبير ؛لكن لماذا لم ينادي عليها حتى اﻵن ؛لقد وصلت تقريباً لمكتبها دون أن تسمع صوته ؛ا****ة أنها ﻻ تستطيع الصبر لتنظر سريعاً ثم تلتفت مجدداً وبالفعل نفذت فكرتها المحدودة بسرعة ؛ولم تجده أبداً في الردهة لقد ذهب لمكتبه دون أن يعيرها انتباها ؛لقد فشلت الخطة ؛فدخلت مكتبها وهي مغتاظة بشدة وجلست بمكتبها باستسلام.
****
ظل تفكير دانا مشغول تماماً فلقد أكدت لها بيانات بيت أنه ليس بيت الذي تعرفه لكنها متأكدة أن هذا مستحيل عليها أن تراه مجدداً عليها التحدث معه لقد عرفت محل عمله لذا ستذهب وتراقبه جيداً صحيح ناعومي تحتاجها لكن حتى تروي عطش المعرفة لن تستطيع التركيز مع ناعومي سمعت أحداً يدخل مكتبها فنظرت ووجدت أمامها سيد هوبكنز فقالت له بتساؤل:
-أي خدمة يا سيد هوبكنز؟
ابتسم لها وقال باهتمام :
- هل تجدين عملك هنا مريحا؟
ما باله ذلك الرجل الآن؟ هي تعرف بفضل خبرتها كامرأة أنه قد أعجبته لكن من يأبه له فهي أختزلت حب العالم كله برجل واحد ولن يمكنها الوقوع بحب سواه أبداً فقالت لسيد هوبكنز ببرود:
-أه نعم أنه جيد جداً شكراً لاهتمامك.
لكن بدا أنه يريد موصلة الحديث معها ولا يود الابتعاد فلقد أضاف قائلاً:
-أن أحجتي أي مساعدة ﻻ تخجلي في طلبها مني.
ابتسمت له وفهمت فوراً أنه لن يدعها وشأنها وعليها وضع حدود بالتأكيد وعليها صده فقالت بطريقة سمجة:
-أه طبعاً.
وتصنعت الانشغال حتى يتركها بسلام فقال:
-يبدو أنكي مشغولة حسناً سأذهب أنا وأتمنى أن تناديني بجيرمي فأنا لا أحب الرسميات.
هزت رأسها ببرود دون أن تجيب وانسحب هو علي مضض ا****ة هي ﻻ تريد مزيد من التعقيدات يكفيها حيرتها الشديدة بشأن بيت.