الجزء السابع

1826 Words
#ليان شهر الرحمة و الغفران و المغفرة .. شهر رمضان إنقضى و أتمنى إنشاء الله أن يعيده علينا ... ثلاثون يوم من شهر رمضان قضيتهم في الأسواق و لكن في الليل ليس في النهار، عندما يكون أبي ذاهبا من أجل صلاة التراويح يوصلنا معه بالسيارة للمركز التجاري أو السوق... دائما نتسوق و نشتري كل شيء و عندما نعود للمنزل نتذكر شيئا آخر و نعود و نخرج في اليوم الموالي لنشتريه و في كل مرة يحدث معنا المثل و نعود و نخرج ... في اليوم السابع و العشرون من شهر الرحمة جاءت آنيا عندي و بدأنا بحزم الأمتعة و وضع المشتريات كلها في الحقائب، مع أن الوقت كان ضيق إلا أنني اشتريت كل شيء حتى إنني إشتريت ما ألبسه يوم العرس الذي هو عبارة فستان أبيض طويل و ضيق يبرز تضاريس الجسد، و لكنه بالمقابل بسيط جدا، أكمامه طويلة بالدانتيل هو حقا جميل.. و كما أنني أشتريت لباس تقليدي و هو قفطان مغربي جميل جدا و هو الآخر بسيط... أنا أحب البساطة.. حزمنا سبعة حقائب فقط الملابس و مستلزماتي و بعض الأغطية و الأفرشة لأن الخالة سعاد اتصلتي بأمي و أخذتها لترى الشقة التي سأسكن فيها... ثم أخبرتني أمي بأنها شقة متكون من غرفة المعيشة فيها جميع الأثاث و حجرة الطعام و المطبخ هو الآخر فيه الأواني و كل شيء، حمام و غرفة النوم، عندما أخبرتني أمي أن فيها كل شيء و سرير لشخصين إقشعر بدني كثيرا أردت أن أموت .. لذلك لم نشتري الأواني و الأثاث و غيره... و لأول مرة في حياتي منذ أن بدأت أذكر شهر رمضان لم أشعر بمرارته مثل هذا العام... لم أكن أنام و لم أكن آكل كثيرا و في النهار صائمة، لقد خسرت من وزني .. الشيء المميز الذي أفرحني في هذا الشهر الأخير الذي قضيته مع عائلتي هو أخي فارس الذي طلب من والداي أن يذهبا لخطبة فتاة تعرف إليها و أحبها و لكنهم أجلوا الأمر بسبب زواجي المزعوم لقد فرحت لأخي كثيرا و والداي تركوا له الخيار بأن يتزوج من يحب و هما أيضا أحبا بعضهما قبل الزواج و لماذا أنا جاء حظي هكذا أن أتزوج من شخص غريب عني لا أعرف عنه شيئا سوى شكله و اسمه... - - - - بعد انتهاء العيد، أخذ والداي عطلة من أجل أن يهتما بالعرس و غيره... اليوم الأحد و زواجي يوم الخميس يا للعجب و يصادف أن اليوم سيعقد قراني المدني... الموعد على الساعة العاشرة صباحا في البلدية ... نهضت صباحا باكرا على صوت أمي الذي لا ينتهي من الصراخ و ذهبت للحمام مباشرة، قمت بالإستحمام و فرشت أسناني، و عدت لغرفتي.. جلست قليلا و بدأت بالتفكير لأنه بعد العاشرة لن أكون آنسة بل سيدة متزوجة .. ابتسمت لتفكيري الأبله و ذهبت للمطبخ لأفطر جلست مع أمي و فارس على طاولة الفطور قلت:"صباح الخير" أمي و فارس ردا معا:"صباح الخير" قدمت أمي لي الأكل و بدأت آكل و أتكلم قلت:"متى ستذهب للعمل أخي؟" قال:"مساءا و أعود يوم الثلاثاء انشاء الله" قلت:"إنشاء الله" **تنا قليلا ثم تكلمت أمي و قالت:"لماذا لم تجففي شعرك بعد؟" قلت:"الوقت لايزال مبكرا.. عندما أكمل سأذهب لتمليسه" قالت:"حسنا... لقد أصبح جميلا عندما طال قليلا.. أليس كذلك فارس" قال فارس:"أجل صحيح" صحيح أن شعري قد طال قليلا أصبح يغطي كتفاي و لكن أفضل أن يكون قصيرا.. كنت سأقصه في العيد إلا أن أمي رفضت ذلك إلا أنني قمت بتغيير لونه، من الأ**د إلى البني الفاتح.. دخلت غرفتي و قمت بتمليسه و وضعت فيه التموجات ثم لبست سروال سكيني جينز و توب بني اللون بدون كمين، كنت سألبس حذاء رياضي و لكن لو رأتني أمي به لتقتلني.. بذلك لبست صندال بني عالي.. جلست أمام المرآة لكي أتجهز جيدا، وضعت الكحل الذي أصبحت أضعه كثيرا.. الماسكارا و القليل من مرطب الشفاه و وضعت بخة من عطري المفضل حملت حقيبتي البنية و نظاراتي الشمسية و انتهيت... الساعة كانت تشير إلى التاسعة و عشرون دقيقة .. خرجت من الغرفة و قابلتني أمي فاتحة فمها قالت:"لماذا لبست هكذا هل ستذهبين للجامعة" قلت:"ماذا ؟ لبسي عادي جدا ليس اليوم العرس" قالت:"ستتزوجين اليوم و لا يمكن أن تلبسي لبسا عاديا" قلت:"أميييي أتركيني بحالي" في هذه الأثناء خرج أبي من غرفته و قال:"نادية .. أتركي البنت و شأنها" ابتسمت ابتسامة إنتصار و سلمت عليهما في رأسيهما و قلت:"متى سنذهب أبي؟" قال:"في هذه الأثناء .. سيأتي كل من عمك حسين و وائل و ثم نذهب سويا مع أخيك و صديقه.. فهما سيكونا الشاهدين على العقد" قلت:"حسنا أبي" ذهبت لغرفة المعيشة و جلست ألعب بهاتفي لمدة لابأس بها حتى جاء إلى فارس و قال:"أختي.. لقد وصلا هيا لننزل" تعالت دقات قلبي بشدة و أحسست أنه سيتوقف في أي لحظة.. وقفت لأمشي حتى تثاقلت خطاي و كدت أقع، أحضر لي فارس الماء و شربت ثم أحسست أنني بخير قليلا إلا أن دقات قلبي لاتزال في التعالي... نزلنا للأسفل و كان أبي مع العم حسين و وائل ذهبت أنا و فارس و سلمنا عليهما ثم ذهبت لسيارة أخي لأركب فيها لأن أبي قرر أن نذهب بسيارة هذا الأخير .. ذهب العم حسين مع ابنه في سيارتهما و أنا و أبي و أخي وحدنا... سألت أخي عن صديقه سامر الذي سيكون أحد الشهود ثم أخبرني بأنه سيوافينا هناك.. بعد مدة سير ليست بطويلة وصلنا للبلدية المعنية نزلنا من السيارة و بدأنا نمشي في الساحة حتى استأذن فارس ليحادث سامر في الهاتف و تركني لوحدي لأن أبي العزيز كان منغمسا بالكلام الذي لا ينتهي مع العم حسين... عرفت عن طريق سماعي للحديث بأنهما أيضا في انتظار الشهود... بدأنا نمشي و كان أبي مع العم حسين يتقدمان و أنا خلفهما و وائل بيني و بينهم يتحدث على الهاتف منذ أن وصلنا... أغلق الخط و دار إلي و قال:"ذكريني باسمك من جديد" ما هذا سيتزوجني و لا يذكر إسمي يا للعجب لقد صادفني و يا له من أحمق.. قلت بتعجب:"ليان .. اسمي ليان" هز رأسه قليلا و كأنه تذكر شيئا ما ثم قال بصوت شبه عالي و ابتسامة مزيفة:"كيف حالك ليان؟" إنه يوترتي ببرودته هذه قلت بابتسامة مزيفة أكثر:"بخير... يا.. يا... لقد نسيت" قال و كأنه سينفجر علمت ذلك من شكل وجهه الذي احمر بشدة:"وائل.. وائل .." قلت:"صحيح هذا ما قالته أمي وائل" ابتسم أكثر ابتسامة مزيفة عرفتها في حياتي و أخرج هاتفه و بدأت يتكلم فيه... ماهذا الحديث الذي لا ينتهي... - - دخلنا لمكتب عقود الزواج و جلسنا و كان وائل مقابلني و يرمقني بنظرات يطلق شرارات منها.. أخرج أبي الوثائق الخاصة بي و كذلك وائل قدم أوراقه لرئيس المكتب الذي كنا فيه... ثم قدم الأوراق للسكريتيرة لتحضر لنا السجل الذي نوقع فيه مع الشهود و تملأ الدفتر العائلي ... مرت دقائق معدودة حتي أحضر السجل ثم قال رئيس المكتب:"كل شيء جاهز .. و العرسان جاهزين؟" اكتفيت بالإيماءة و شيء قوي يضغط على ص*ري يمنعني من التنفس بطلاقة، ذهبت لعالم آخر و كأنه أغمي علي و أنا مفتحة الأعين حتى أعادني صوت ذلك السيد يقول:"وائل الراشد هل تقبل الزواج بليان عباس؟" هو لم يكمل سؤاله و وائل قال:"أجل" قال السيد:"وقع هنا من فضلك" أخذ وائل القلم و بدأ يوقع و أنا كنت خائفة و بشدة من هذا السؤال و لكن ذلك السيد وجه نظره إلي بأنه قد حان دوري قال:"و أنت ليان عباس هل تقبلين الزواج بوائل الراشد" شعرت بالإنقباض الشديد و امتلأت عيناي بالدموع إلا أنني لم أسمح لهم بأن تنزل أمامهم و كل الأعين مركزة علي حتى شعرت بيد أبي على كتفي و كأنها تواسيني حتى أخرجت تلك الكلمة بصوت مبحح قلت:"أجل .. أححم" قال ذلك السيد:"و الآن وقعي هنا" حملت ذلك القلم برعشة لا تتوقف في جسدي و قمت بالتوقيع على السجل... نزلت دمعة مني و لكنني أخفيتها و لكن ما إن رفعت نظري حتى رأيت وائل ينظر إلي و لكن ليس بفرح و لا بأسى.. نظرة أوحت لي بأنه يريد أن يواسيني حتى ابتسم و لكن هذه لم تكن مزيفة لأنها أظهرت إحدى غمازاته التى تبدو جميلة عليه... هززت رأسي لأعود للواقع لأجد أن الشهود قد وقعوا و سمعت ذلك السيد يقول:"ألف مبروك... تفضلي الدفتر العائلي يا ابنتي" برعشة من يدي أمسكت الدفتر و أعطيته لأبي ثم أخبرني أن أتركه عندي، وضعته في حقيبة يدي و بدأ الجميع يقول ألف مب**ك ألف مب**ك ألف مبروك.... سلمت عليهم بهذه المناسبة و أنا بالطبع أصطنع الإبتسامة فلم يكن لدي دافع لأبتسم لأجله... تقدم إلى سامر صديق أخي و بدأ يخرب شعري و يقول:"ليان الصغيرة تزوجت.. لا أصدق هذا" نزعت يده من شعري و بدأت أصلحه و قلت:"أترك شعري و حسب" قال:"حسنا... ألف مب**ك أيتها الصغيرة الجميلة... فقط الأمس كنت تلعبين مع البنات و تسبحين في التراب" قلت بانزعاج مصطنع و مضحك:"هذا ليس صحيحا مستحيل أن أسبح في التراب و الآن توقف سامر" قال:"لقد توقفت" نزل لأذني و قال بهمس:"أنت و زوجك مناسبين لبعضكما البعض" أخذت اض*ب يده ذراعه و أقول:"ألم أقل لك أن تتوقف" هنا تدخل فارس و قال:"سامر.. توقف عن إغاظة أختي الصغيرة التي تزوجت لتوها" هنا ضحكت حقا و قلت:"أنت أيضا فارس .. توقفا عن إغاظتي لوهلة" أكملت حديثي حتى لمحت وائل يحدق بي و سرعان ما تلاشت ابتسامتي و ضحكتي و أنزلت رأسي للأسفل و ذهبت لأسأل أبي قلت:"ألن نذهب أبي" قال:"بلى و لكن لأكلم حسين قليلا" قلت:"إذن سأذهب للسيارة" أوقفني العم حسين و قال:"إنتظري يا ابنتي لكي يعطيك وائل الحلويات الموجودة في السيارة" ثم نادى لوائل و قال له:"قدم لليان الحلويات التي اشتريناها للمناسبة فهي ذاهبة للسيارة" قال وائل بضجر أحسست به:"مثلما تشاء .." ذهبت عند فارس و أحضرت مفاتيح سياراته و بدأت أمشي و وائل أمامي و دون كلام و لا حتى حرف واحد و لا سعلة و لا عطسة، فقط يمكن سماع تنفسنا.. وصلنا لموقف السيارات ثم اتجه وائل لسيارتهم و أنا كنت أمام سيارة فارس و كانتا السيارتان أمام بعضهما، لذلك بقيت واقفة حتى أحضر لي قالب الحلويات و قال:"تفضلي ليان" أمسكت القالب و قلت:"شكرا لك ... لقد تذكرت إسمي" قال:"أجل لن أنساه" ابتسمت له ثم قلت:"هلا ساعدتني في فتح السيارة" قال:"بالطبع.." فتح لي باب السيارة و أنا وضعت القالب داخلها و قلت:"شكرا وائل" ابتسم جيدا و قال:"آه لقد تذكرت إسمي أنت أيضا" ابتسمت بدوري له و قلت:"أجل و لن أنساه هههه" **تنا قليلا و جاءت لحظة الغرابه ثم قال:"لقد رأيت دمعتك" قلت:"ماذا؟ ماذا تعني؟" قال:"لا تتجاهلي الأمر لقد رأيتك عندما كنت على وشك أن تنفجري بالبكاء و لكن إكتفيت بدمعة واحدة .. لماذا نزلت؟" قلت بتجاهل:"لا شيء لقد تأثرت للأمر" قال:"لا أظن أنه كان تأثرا و لكن من يدري ما يوجد داخلك" و جاء أخي و سامر و أخيرا و توقف حديثي مع وائل... قلت:"أين أبي" قال سامر بمزاح:"لماذا تبحثين عن أبيك لقد تزوجت الآن" قلت بمزاح منفعل:"أقسم بالله يا سامر لو لم تتوقف عن هذا المزاح لأقتلك الآن" ضحك لي و أمسكني من شعري و هو يخربه مجددا و قال:"كم أحب أن أراك منفعلة و غاضبة أيتها الصغيرة" نزعت يده من شعري و قلت و أنا أضع سماعات الأذن و أصعد للسيارة:"أنا لن أرد عليك سامر ... وداعا" وضعت الموسيقى الصاخبة و لمحت وائل ينظر إلي و يبتسم و لا إراديا قمت بالإبتسامة له... ماذا أفعل يا ربي؟... - - - - دخلنا للمنزل و بدأت الزغاريد التي لا تنتهي أمي و آنيا و زوجة خالي زهرة و عمتي سميرة و جدتي و لكن ليست الحقيقية، أعني هي زوجة جدي يرحمه الله، أبو أبي ... كانوا جميعهم في انتظاري و يزغردون.. سلمت عليهم و كل واحد فيهم يقول:"ألف مب**ك" لقد مللت منهم حقا كلامهم فقط عن الزواج، استأذنت و دخلت غرفتي و أخرجت ذلك الدفتر العائلي من حقيبة يدي و وضعته جانبا و غلبتني الدموع و لم أستطع حبسها، استلقيت في سريري و بدأت بالبكاء الشديد حتى تعبت و غفوت...
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD