الفصل الثالث
وظيفة أخرى ضائعة .
جلست أمامه مرتبكة تشد قماش ثوبها الطويل على قدميها تحتمي من نظراته الراغبة كان يتفحصها و ينظر إليها بتقييم كمن يعاين بضاعة ليحدد هل تستحق أم لا ..قال لها بتساؤل ..” لما ترتدين هذه الملابس الطويلة و تعقدين شعرك هكذا“
ردت نجمة بضيق و هى تشد على ثوبها ..” و هل تحتاج للسكرتيرة أم لعارضة سيدي “
خرج صوته مغويا و هو يقول لها بهدوء لتخرج كلماته لتستقر في عقلها لتستوعبها جيداً ...” حقيقية ً أنا لا أحتاج هنا لسكرتيرة فلدي واحدة و هى جيدة بالنسبة لي “
نظرت إليه نجمة بضيق. و قالت ..” و إذا لم تحتاج سيدي لما أعلنت عن الوظيفة فهذا تضيع لوقتك و وقتنا “
هبت من على المقعد لتهرب من أمامه فهو رجل وقح حقاً و سئ الخلق فقال لها يوقفها ..” أنتظري قليلاً بعد “
وقفت نجمة تنظر إليه بحدة فأشار لها بالجلوس قائلاً ..” أجلسي حتى نتكلم “
جلست نجمة و عقدت كفيها تفركهما ضيقا فأكمل ..” أنا لا أحتاج سكرتيرة فلدي واحدة كما أخبرتك و لكن أنا أحتاج إلى رفيقة ما رأيك فأنت فتاة جميلة جداً و ستكونين مناسبة لي فقط تبدلين طريقة ملبسك و تتركين شعرك منسدل “
ثم أكمل بخبث ..” و إذا قبلتِ ستكونين رفيقتي الوحيدة فأنت فتاة مميزة كثيرا. “
نظرت إليه نجمة بصدمة فهذا الرجل فاق كل من قابلتهم خسة و وقاحة هو يطالبها بماذا مرافقته أكمل الرجل عند رؤيته لتعابير وجهها ..” حسنا حسنا لا تقلقي أنت فقط ستأتين معي للحفلات المدعو إليها أو تنظمين واحدة لدي في المنزل و تهتمين بالضيوف و راحتهم و تلبين طلباتهم هذا كل شيء “
نهضت نجمة لتنصرف من أمامه غير مصدقة ما قاله و ما تجرأ و طلبه منها خرجت من المكتب و هى لا ترى أمامها من شدة الصدمة و الدهشة لما وصل إليه الحال ...
كان يسير مسرعا بعد أن أوصل جدته فريدة إلى المنزل بعد حديثهم المطول في الحديقة العامة لم يصدق أذنيه و هى تخبره أنها تريده أن يتزوج و من مَن ..من نجمة ..نجمة الفتاة التي ظلت تحكي عنها لأشهر طويلة و تصيب رأسه بالصداع من كثرة ما قالت عنها نجمة قالت نجمة فعلت لم يجد أمامه غير الابتعاد عنها حتى لا يغضبها عندما يرفض الفكرة ككل فكرة الزواج برمتها .. لأول مرة يترك سيارته في المنزل و يخرج سيرا منذ ذلك الحادث من أعوام .. لم ينتبه أمامه و هو يسير مسرعا فصدم بها و كاد أن يوقعها لولا أن أمسك بها بين ذراعيه .. وجدت نجمة نفسها بين ذراعي رجل غريب في وسط الطريق و هى حتى لم تنتبه لما حدث فهى منذ تركت ذلك الرجل البغيض في مكتبه و هى تسير بلا هدي لا ترى أمامها من شدة صدمتها هذا الرجل البغيض كان يريدها رفيقة ماذا يعني برفيقة هى كانت تقرأ هذه الكلمة في الروايات و لم تكن تعرف ما يقصد بها إلا عندما تحدث هذا الرجل البغيض بتلك الطريقة و نظراته الو**ة تلك لم يعد لديها شك في ما يطلبه منها يا إلهي الرجل يريدها عشيقة أرتجف جسدها باشمئزاز و ارتعدت فرائسها فأبتعد عنها طِراد و أوقفها بعيداً عنه بألم ..” أنا أسف لم أنتبه أمامي أعتذر منك “
وقفت نجمة باستقامة تنظر إليه كان رجل طويل القامة شعره أ**د طويل و لحيته القصيرة تخفي ملامح وجهه قليلاً لم تستطع تحديد عمره في الثلاثين.. الخامسة و الثلاثون لا تعرف مع كل هذا الشعر الذي يخفي ملامحه عيناه خضراء كان لديه جرح طويل أحمر يبدأ من حاجبه الأيمن ليختفي داخل لحيته كان يرتدي قميص أخضر داكن و بنطلون أ**د كانت فتحة قميصه تظهر جرح آخر في عنقه ليختفي عند آخر فتحة قميصه كان يبدو يبدو ماذا نجمة أفيقي هزت رأسها و هربت من أمامه مسرعة فأغمض طِراد عينيه بألم و أستدار عائدا إلى المنزل بغضب فها هى فتاة تشمئز من ملامسته لها و من شكله و جدته تريده أن يتزوج هل يتزوج بفتاة ليعذبها معه مستحيل أن يحدث هذا ...
جلست جوارها صامته تتطلع إلى الصبيان يلعبون أمامهم بالكرة ..كانت قد اخبرتها بما حدث معها الأسبوع الماضي بعد تركها لهم للذهاب لموعد العمل الجديد و حديثها غاضبة و هى تشتعل من الغيظ كادت فريدة تنفجر ضاحكة لمرئها هكذا قائلة إنها ودت لو قتلت ذلك البغيض وقتها لولا رحيلها مسرعة حتى لا ترتكب جريمة بحق نفسها لملامسته حتى لو كان بغرض قتله ...ذهبت أفكارها لطِراد حفيدها في ذلك اليوم أيضاً بعد محادثتهم في الحديقة و طلبها منه أن يتزوج بنجمة ظل صامتا و لم يعقب ثم قام بإيصالها للمنزل و رحل تاركا إياها خلفه متعجبة فهو لم يرفض و لم يقبل ، ثم عودته ليلا و هو يقف أمامها غاضبا يخبرها بحدة على غير عادته في الحديث معها ..” جدتي أنسي أن أتزوج كما تقولين أنا لن أفعل هل سمعتني لن أفعل أبدا ما حييت “
تركها منصرفا لم تعرف لما هو بهذه الحالة فهذه ليست المرة الأولى التي تحادثه في مسألة زواجه و لكنه و لا مرة غضب هكذا ذهب لغرفته منهيا حديثه معها لا تعرف ما حدث له في الخارج ليعود غاضبا عنيفا هكذا في حديثه معها، تن*دت بحيرة لا تعرف ماذا تفعل لتقربه من نجمة و في نفس الوقت تقوم بحل مشكلة نجمة لتخلصها من أرباب العمل الوقحين ..لمعت عيناها ثم قالت بهدوء و هى تتن*د براحة ..” نجمة ماذا ستفعلين بالعمل هل ستبحثين عن غيره “
أجابتها نجمة و هى عاقدة ذراعيها أمام ص*رها و تنظر لش*يقيها و وسيم يلعبون أمامهم بالكرة ..” و ماذا سأفعل برأيك جدتي غير ذلك ليس لدي حل آخر فقط أتمنى أن أجد رب عمل شريف هذه المرة “
**تت فريدة قليلاً ثم قالت بجدية ..” نجمة ما رأيك أن تعملي لدي “
التفتت إليها نجمة بتساؤل و دهشة فابتسمت فريدة و أكملت ..” ما رأيك أن تكوني مرافقتي “
عقدت نجمة حاجبيها فانفجرت فريدة ضاحكة وقالت ..” لا تقلقي ليس مرافقة كذلك الرجل “
تذمرت نجمة ..” جدتي “
قالت فريدة بجدية ..” لا حقا نجمة هل تقبلين أن تكوني مرافقتي و بالنسبة لراتبك سأترك تقيمه لحفيدي حتى لا تظنين أني أريد مساعدتك فقط و لكن حقاً لحاجتي إليك معي و أنت لن تفعلي شيئاً غريباً على لقاءاتنا في يوم الإجازة و لكنه سيكون كل يوم تجلسين معي نتحدث نخرج سويا و نذهب إلى الحديقة من وقت لآخر ما رأيك نجمة “
**تت نجمة مفكرة فما الضير من ذلك إذا كانت الجدة تريدها حقاً أن تكون مرافقة لها سألتها بحيرة ..” حفيدك الصغير سيتحدث معي عن راتبي “
ابتسمت فريدة بمرح و قالت ..” أفهم من ذلك أنك توافقين نجمة على العمل “
هزت نجمة رأسها موافقة ..” بالتأكيد جدتي أوافق و هل سأجد عملا ممتعا و أفضل من الجلوس معك و محادثتك أنت تعلمين أني أنتظر يوم الإجازة حتى ألقاك و أتحدث معك و ها قد سنحت الفرصة لذلك كل يوم و لكن أنا أريد أن أعرف عن حفيدك جدتي كم عمره هذا الذي سيعطيني راتبي و ما هو إسمه “
ربتت فريدة على يدها مشجعة و قالت ..” لا تقلقي نجمة ستتعرفين عليه ما رأيك غداً تأتي لمنزلي و تتعرفين عليه فأنت كنت دوماً ترفضين المجيء و ها قد سنحت الفرصة لذلك و حتى ترين مقر عملك الجديد ما رأيك “
هزت نجمة رأسها و أجابت ..” حسنا جدتي سأتي فأنا لدي فضول لمقابلة ذلك الحفيد الغامض للجدة و الذي لم أراه مرة واحدة خلال أشهر تعارفنا “
غمغمت فريدة بخفوت ..” و أنا أيضاً أريده أن يراك نجمة “
سألتها نجمة ..” ماذا قولتي جدتي “
ردت فريدة باسمة ..” لا شيء عزيزتي أنا فقط أشعر بالحماسة لما هو قادم و مجيئك لبيتي “
ثم أكملت بمرح قائلة..” هل نذهب الآن يكفي اليوم لقد تعب الأولاد من الركض “
نهضت نجمة موافقة و هتفت بالأولاد ..” ياسين ممدوح وسيم يكفي اليوم لعبا هيا سنرحل إلى المنزل ...“
أتى وسيم مقبلا نجمة و فريدة مودعا بعد أن غسلت له نجمة وجهه و يديه بالماء و جففتها بمنديل ورقي و فعلت المثل مع ممدوح و ياسين رحلا بعد أن أتى سائق الجدة ليأخذها للمنزل على وعد بلقائهم غداً ..
جلس أمامها على طاولة الطعام يتناول عشاءه بهدوء ..كانت تحادثه عما تريد عمله كتم طِراد ضيقه من الأمر فجدته مصره لدفع هذه الفتاة في حياته بأي طريقة كانت حتى لو بوظيفة وهمية كمرافقة للجدة رغم أنه الح عليها مرارا من قبل و لكنها لم تقبل نافية حاجتها لذلك ..سمع صوتها النافذ الصبر و هى تقول ..” ماذا قولت طِراد “
رفع رأسه عن الطبق أمامه و هو يزفر بضيق كاتما غيظه و هو يجيب .
" فيما جدتي “
ردت فريدة بحنق و هى ترى لحيته التي استطالت تكاد تخفي وجهه لا تعلم لم يفعل ذلك بنفسه لما لا يرى نفسه بعينيها هى فحفيدها شاب وسيم و قوي بعضلاته البارزة من كثرة عمله في المزرعة و جرحه لا يزيده إلا غموضا و وسامة و ليس قباحة كما يظن هو ..” فيما أخبرتك به للتو طِراد أريد نجمة مرافقة لي هل لد*ك مانع بني “
أجابها و هو ينهي طعامه و يهم بالنهوض من على الطاولة ..” ليس لدي مانع جدتي طالما ستبتعد عني و عن طريقي “
ردت فريدة حانقة و هى تحاول كتم ضحكتها فحفيدها زكي أيضاً و لم تنطلي عليه فكرة عمل نجمة هنا من أجلها يجب أن تبعد عن تفكيره أي سبب آخر حتى يتعرفان على بعضهما ..” بني ماذا تقصد تبتعد عنك هى ستكون مرافقة لي و ليس لك أنت “
ثم أكملت بحزن مدعي ..” بني أنا أريد مساعدتها فقط و لكن لا تخبرها بذلك أريد فقط حمايتها من أرباب العمل معدومي الضمير ..تخيل ..تخيل طِراد ماذا طلب منها مديرها السابق بكل وقاحة .. أن تكون مرافقته هل تصدق يريدها عشيقه له و هى صغيرة لا حول لها ولا قوة كيف ستعيش فتاة مثلها وسط هؤلاء الوحوش الذين يريدون نهش براءتها فقط “
شعر طِراد بالضيق ماذا تقصد جدته بحديثها هذا أن تشعره بالذنب أن لم يساعدها ..” حسنا جدتي كما تريدين و لكن فقط أريدها أن تبتعد عن طريقي “
ابتسمت فريدة بمرح ..” بالتأكيد بني فكما أخبرتك هى أتيه لي و ليس لك أنت “
زم شفتيه ثم سألها ..” متى ستأتي “
ردت فريدة مسرعة ..” غداً في العاشرة صباحاً و لكن لن أوصيك أريد أن تعطيها راتبا جيداً أتفقنا “
رد حانقا .." و هل على أن أنتظر مجيئها لم لم تأتي باكرا حتى أذهب لعملي “
ابتسمت فريدة و قالت بلامبالاة ..” هكذا أتفقنا لا تذهب إلى للعمل خذ إجازة و أذهب لرؤية كريم ما رأيك “
تن*د بضيق و قال وهو يتجه لغرفته ..” تصبحين على خير جدتي لا تفعلي شيئاً و دعي الخادمة تنظف الطاولة “
تركها و صعد و فريدة تتسع ابتسامتها أكثر و أكثر و قد اقتربت من تحقيق هدفها....
جلس بجواره على الأريكة الصغيرة في الردهة يمسك بكتاب من كتب دراسته يستذكر معه دروسه كما تعود منذ ذلك اليوم حين استدعاه ذلك الضابط هارون حتى يأتي ليحقق معه فيما حدث ظانا منه أنه هو من يجعل ولده الصغير يذهب ليتسول من المارة و ي**ق أيضا تلك الفتاة التي كانت تعطيه دوماً على حد قولها نظر إليه يتفحص ملامحه البريئة فوسيم طفله كان ب*عر بني ناعم تتساقط شعيراته على جبينه كغرة الفتيات من شدة نعومته عيناه تشبه عيني أمه و فمه الصغير و بشرته الوردية تجعله يشبه اللعبه الصينية الصغيرة كان حقاً وسيم كاسمه يتذكر يوم مولده حين رأته والدته فرحه قائلة بفرح ” أنه وسيم جداً تامر “
أبتسم وقتها و ضمهما معا و هو يجيبها ..” إذا سيكون إسمه وسيم صبا“
أغمض عينيه بألم و هو يتذكر سعادتهم تلك الفترة قبل أن ترحل و تتركهم فجأة بدون إخباره .. متسائلا ماذا فعل و فيما قصر لتتركه و ولده هكذا يتخبطان في حياتهم و يعانيان الفقد ثلاث سنوات مرت و لم تفكر حتى أن تأتي لترى وسيم أو حتى طلبت منه الطلاق لا يعرف أين هى أرضها ..خرج من ذكرياته على صوت وسيم و هو يسأله ..” هل هذا صحيح أبي “
أبتسم تامر بحنان و هو يمسك بكتابه و يرى ما فعله وسيم قائلا ..
” أنت ذكي جداً وسيم و ستكون ذا شأن عظيم يوماً فقط اجتهد بني “
فرح وسيم بحديث أبيه و هو يقبله على وجنته بحب قائلاً ..” أحبك أبي “
أبتسم تامر و سأله بمكر فهو ذهب خلفه في مرة من المرات و علم إلى أين يذهب صغيره ..” وسيم قل لي إلى أين تذهب كل يوم إجازة من الظهيرة حتى الرابعة عصراً بني ألم نتفق الا تذهب لمكان وحدك حتى لا أقلق عليك “
أرتبك وسيم و أخفض رأسه بخجل و هو يجيبه ..” أذهب للقاء بعض الأصدقاء أبي هل لد*ك مانع إذا لم ترغب في ذهابي لن أفعل “
ربت تامر على رأسه بحنان قائلاً ..” لا بني أذهب و لكن فقط أريدك أن تخبرني بمكان وجودك حتى لا أقلق أتفقنا وسيم “
أومأ وسيم برأسه و قال ..” هل أستطيع الذهاب إلى النوم الآن أبي “
رد بهدوء و هو يدفعه لينهض ..” أجل أذهب حتى لا تتأخر غداً على مدرستك ..تصبح على خير بني “
قبله وسيم على وجنته قائلاً ..” تصبح على خير أبي “
ذهب وسيم لغرفته تاركا والده يفكر فيما حدث منذ سنوات طويلة و كيف تعرف على والدته كان مازال يدرس في السنة النهائية من دراسته حيث كان يدرس في كلية التجارة و هى كانت في السنة الأولى حين تعرفا على بعضهما كانت فتاة رقيقة و حسنة المظهر من عائلة ثرية و لكن ليست فاحشة الثراء كان يتقرب منها يوماً بعد يوم إلى أن أحبها و قرر أن يتزوجها بعد تخرجه هو ..و لكن حين فعل لم تقبل به عائلتها فهو لم يكن في مثل مستواهم المادي و ليس ما يتمنونه لابنتهم الوحيدة المدللة فهو كان من أسرة بسيطة من الصعيد يتعايشون من قطعة أرض صغيرة تمتلكها العائلة و هو كان ولدهم الوحيد هو و ش*يقتيه اللتين تزوجتا سريعًا من شابين صالحين و سافرت احداهن مع زوجها للخارج بينما الأخرى مازالت تعيش بالجوار تأتي لزيارته و وسيم كل حين جالبه معها ابنتها الصغيرة مروة و التي تعلقت بوسيم كثيرا فهى تصغره بعامين عاد بذاكرته لزوجته صبا يتسأل بألم لم تركته يعاني هكذا هو وصغيره الذي كان سيضيع بسبب هفوة منه و غلطة بزواجه من امرأة غير مناسبة فقط لظنه أنها ستراعي طفله يحمد الله كل يوم على أن تلك الفتاة قامت بإبلاغ الشرطة ليعرف ما يحدث من خلف ظهره لولده ... سمع طرق على الباب فنهض يمسح وجهه وهو يتجه ليفتحه بهدوء لينظر في وجه القادمة بذهول غير مصدق لعودتها كانت تنظر إليه كمن وجد كنزاً و عيناها غارقة في الدموع بوجهها المرهق و هى تغمغم بخفوت و ضعف ..” تامر ..لقد ..لقد ..وجدتك أخيراً ..ووسيم طفلي “
سقطت بعدها بين ذراعيه فاقدة للوعي و هو مازال على حاله من شدة الصدمة ينظر لوجهها المتألم ..
الفصل الرابع
" حبيبتي إلى أين أنت ذاهبه ألم تقولي أنك تركت عملك " قالتها والدة نجمة متسأله وهى تقف في غرفتها تنظر إليها و تراها قد بدلت ملابسها أجابتها نجمة باسمة ..
" لقد وجدت عملا جديداً أمي أدعو لي أن يكون جيداً و أستمر به طويلاً هذه المرة " تن*دت والدتها براحة .." أتمنى حبيبتي و الآن إذا كنتي ذاهبه تعالى لتناول الفطور حتى يكون لد*ك طاقة لبدء يومك "
هزت رأسها و قالت نجمة.." حسنا سأتي بعد قليل أمي "
خرجت والدتها لتجد الولدين قد انهيا طعامهم و ذاهبين للمدرسة و جميلة التي نهضت لتستعد هي الأخرى قائلة .." أمي أريد النقود التي أخبرتك عنها لنشاط المدرسة اليوم آخر موعد و إذا لم أدفع ستذهب درجات نشاطي هذا العام " كانت نجمة قد استعدت و خرجت على حديث ش*يقتها فسألتها قبل أن تجيبها والدتها .." كم تحتاجين جميلة الجميلات "
تذمرت جميلة قائلة .." أخبرتك مرارا ألا تقولي جميلة الجميلات نجمة خاصةً أمام ش*يقيك حتى لا يسخرن مني "
تعجبت نجمة و تسألت .." و لما هل أنا أذمك أنا أمدحك يا آنسة "
زمت جميلة شفتيها بضيق فقالت نجمة بنفاذ صبر فش*يقتها غريبة الأطوار حقاً لا تحب أحدا يدللها أو يضحك معها متزمتة للغاية هذه الفتاة كانت والدتهم تنتظر نهاية المحادثة لتحادث نجمة عن عملها الجديد و أين وجدته .." كم تريدين جميلة لتذهبي للمدرسة حتى لا تتأخرين "
ردت جميلة بضيق .. " عشرون "
أخرجت نجمة النقود من حقيبتها و أعطتها لها قائلة .." هيا أذهبي "
انصرفت جميلة لترتدي ملابسها و جلست نجمة لتتناول الطعام سأله ..
" أين أبي ألم يستيقظ بعد "
جلست والدتها على المقعد المقابل .." لا ليس بعد تعلمين اليوم الذي يذهب فيه للعلاج يكون صعب و متعب "
هزت نجمة رأسها موافقة فوالدها يذهب لجلسة العلاج مرتين أسبوعياً و اليوم التالي دوما يكون متعبا له فيحتاج للفترة راحة .. سألتها والدتها .." أخبريني عن عملك الجديد نجمة كيف وجدته و أين سيكون"
أجابت نجمة .." اليوم أمي سأخبرك بكل شيء فقط أعود أتفقنا "
أومأت برأسها و أكملا تناول الفطور ب**ت بعد أن انتهت نجمة أخذت حقيبتها و قبلت والدتها و انصرفت لتذهب لموعدها مع الجدة فريدة.
★
وقفت أمام باب القصر الكبير تنظر إليه بدهشة و هى تنظر للورقة في يدها متسأله هل هذا هو منزل الجدة فريدة ..أخبرت حارس البوابة بهويتها فسمح لها بالدخول ..دلفت إلى المكان تنظر حولها بصدمة فهذه الحديقة مساحتها أكبر من تلك التي تذهب إليها مع الولدين و الجدة و وسيم كل إجازة نظرت لأشجار البرتقال و الليمون الحامض و التفاح الاخضر و الموز و هناك كوخ مفتوح من الخشب تتسلق عليه كرمة بأوراقها الجافة و حول الكوخ اصص الورود تنفست بعمق لتختلط روائح عطرية داخل أنفها من الورود و أشجار الفاكهة سارت في ممر طويل ممهد لباب المنزل على جانبيه شجيرات الزهور كالريحان و الياسمين و البنفسج زمت شفتيها حانقة و هى تحادث نفسها .." جدتي فريدة ما الذي يأتي بك لحديقتنا المتواضعة و لد*ك كل هذا هنا " كانت تتجه للباب الخشبي اللامع في نهاية الممر لتصعد عدة درجات لتدق على الباب بحلقة حديديه كالتي تراها في الأفلام القديمة على باب القصور ..انتظرت قليلاً لتفتح لها شابة تقريباً في مثل عمرها أو أكبر عاما أو عامين تنظر إليها بتساؤل كانت ملامحها ناعمة و ملابسها ضيقة طويلة تحدد حنايا جسدها الأنثوي تضع زينة وجه رقيقة و تجمع شعرها القصير في زيل حصان يصل لكتفيها سألتها الفتاة بصوت ناعم كمظهرها .." من تريدين آنستي "
سمعت نجمة صوت عصا فريدة و صوتها و هى تهتف .." أتركيها سهر لتدلف هى أتية لرؤيتي "
تنحت سهر لتسمح لنجمة بالدخول تنظر حولها بذهول وهى ترى ما يحيط بها من مظاهر ثراء من أثاث و تحف و سجاد ناعم و أرضيات لامعة فنظرت إلى فريدة التي كانت تمسك بعصاها و ترتدي ثوب طويل أزرق و تجمع شعرها في عقدة و قد خالط بياضة بسواده نظرت إليها نجمة بعتاب قائلة .." أنت ثرية جدتي "
ابتسمت فريدة ثم ما لبثت أن ضحكت و هى تمد يدها لنجمة لتقترب منها و تمسك بيدها و هى تكمل .." أنت ثرية ثرية للغاية و كنتي تجعليني أجلب الطعام كل إجازة أنت حتى لم تجلبي لنا من ذلك التفاح في الخارج جدتي أنت .."
قاطعتها فريدة بمرح .." و أنت غ*ية للغاية نجمة أن لم أكن ثرية هل سيكون لدي سائق يأتي بي و يأخذني عند الذهاب أن لم أكن. ثرية هل كنت سأعرض عليك وظيفة أن لم أكن ثرية ."
قاطعتها نجمة .." و لكن ليس هكذا جدتي أنت فاحشة الثراء ."
قاطعها صوت رجولي خشن جعلها تنتفض و هى تستدير لترى مص*ره يقول بغضب .." و هل يهمك الأمر أن كانت ثرية أم لا يا آنسة "
نظرت نجمة لفريدة متسأله فهمست بخفوت .." حفيدي "
التفتت إليه نجمة لترى أمامها رجل طويل قوي البنية يرتدي بذلة سوداء تظهر عضلات جسده نظرت إليه بتفحص مفكرة أين رأته من قبل كان شعره الطويل مصفف للخلف دنا منهم فرأت جرح كبير في وجهه فاتسعت عينيها بدهشة فهو الرجل الذي صدمت به ذلك اليوم تذكرته من جرح وجهه فهو كبير للغاية من حاجبه الأيمن لنهاية فكه و لكن وقتها كان يختفي داخل شعيرات ذقنه الطويلة اتجهت عيناها لفتحة قميصه لتنظر لجرح عنقه متسأله كيف أصيب بهكذا جروح و لكنه كان يقفل قميصه لعنقه فلم تستطع رؤيته ..كان يقف أمامهم بجسد متصلب و استعداد و كأنه ينتظر شيئاً ليحدث أجابت بهدوء ردا على سؤاله السابق .." نعم سيدي يهمني الأمر فجدتي كانت تجعلني أحضر الطعام كل إجازة في نزهتنا في الحديقة "
انفجرت فريدة ضاحكة و هى تقول .." كفاك غباء نجمة ستصدمين طِراد و يظن أنك بخيلة لا تريدين إطعام جدته "
التفتت إليها نجمة بمكر .." هذا طِراد حفيدك جدتي صحيح "
هزت فريدة رأسها متذكرة ما قالته نجمة من قبل على أن يأتي و يلعب مع وسيم كتمت نجمة ضحكتها عندما أتى على بالها نفس الشيء فزمت شفتيها و قالت بحنق و صوت خافت .." جدتي تعمدت خداعي وقتها أليس كذلك "
ابتسمت فريدة فقال طِراد يقاطع حديثهم الجانبي بحدة فيبدو أن تلك الفتاة على علاقة وثيقة بجدته و قريبة منها مثله تماماً .." ليس لدي اليوم بطولة لسماع حديثكم النسائي هذا فلدي عمل و بسبب مجيئك هنا تأخرت عليه هل نتحدث رجاء في تفاصيل عملك لأرحل لعملي "
نظرت إليه جدته بتعجب فهو قد اخبرها أنه سيذهب لرؤية كريم اليوم لما العجلة إذن قالت فريدة بهدوء .." فلنتناول الفطور أولا فأنا لم أفعل انتظار لمجيء نجمة و لن نتحدث في شيء قبل ذلك "
قالت نجمة و هى تنظر إليه نظرة جانبية فهذا الرجل يبدو نافذ الصبر و يريد التخلص منها بسرعة و هى لا تريد أثارة حنقه عليها أكثر بتعطيله عن عمله أكثر من ذلك .." أسفة جدتي لقد تناولت فطوري منذ قليل و لا أستطيع تناول شيء آخر "
فحسم طِراد الأمر .." إذن تعالي معي لمكتبي لنتحدث في وجباتك هنا لحين تنتهي جدتي من تناول فطورها "
التفتت نجمة لفريدة كأنها تسألها ماذا تفعل فهزت هذه الأخيرة رأسها مطمئنه فتحركت نجمة لتذهب معه تركا الردهة الواسعة و سارا في ممر قصير على كلا جانبيه أبواب لغرف فتح الأخير على اليمين ليدلف لمكتب واسع يحتوي على مكتبة كبيرة تحتوي على العديد و العديد من الكتب القديمة و الجديدة في المنتصف مكتب من الخشب اللماع و مقعد دوار أشار إليها لتجلس على أحد المقعدين أمام المكتب و جلس هو في مقعدة الدوار ..جلست نجمة ب**ت تنتظر حديثه و هى تتطلع عليه بتفحص لا تصدق للأن أن هذا حفيد الجدة فهو يبدو قاسي القلب و حاد الحديث و متذمر دوماً ليس كجدته الطيبة الحنون كان يجلس ب**ت ينظر إليها هو الآخر هل هذه نجمة التي كانت جدته تتحدث عنها دوماً لدرجة الملل من الاستماع ...على غير وعي منها ركزت نظرها على جرح وجهه بلونه الأحمر الذي يتعارض مع بشرته السمراء كان يبدأ من حاجبه ليمر بوجنته لينتهي جوار فكه العلوي و كأن سكين حاد شق وجهه كان يزيده لا تعرف التعبير المناسب يزيده وسامة أم يزيده قساوة أم غموض أم جاذبية أم كل هذا ..يا إلهي نجمة أنه جرح و ليس وشماً ليزين وجهه مؤكد تألم عندما أصيب به ..لاحظ طِراد نظراتها إليه فعقد حاجبيه بغضب فدنا من مكتبه بجسده و هو يفرقع بأصبعيه أمام عينيها لتنتفض بخجل و هو يقول بحدة .." إلى ما تنظرين آنسة "
ردت نجمة بدون أن تفكر في عواقب ما ستتفوه به و ببراءته أجابت ..
" إلى جرح وجهك سيدي أنه أنه ..."
قاطعها طِراد غاضبا و هو يرفع إصبعه في وجهها بتحذير .." أسمعي آنسة نجمة أنت هنا من أجل جدتي فقط و لا شيء أخر ستهتمين بها و بشؤنها أما أنا لا شأن لك بي هل تفهمين لا شأن لك بي و لا بجرحي و لا شيء أتفقنا ..هذا إذا كنتي تريدين هذه الوظيفة حقاً و تحتاجينها "
هزت رأسها موافقة فأكمل ببرود .." و الآن سنتحدث في واجباتك هنا و مواعيد عملك و كما قلت منذ قليل أنت من أجل الجدة و كما فهمت منها هى تريدك مرافقة لها لانشغالي بعملي إذن أنت كذلك بالإضافة إلى موعد دوائها دوماً تتناساه أرجو منك الاهتمام بذلك ..ستأتين صباحاً و ترحلين ليلا عندما أتي أنا كنت أريد أخرى تقيم معنا و لكن جدتي تريدك أنت و أنا أعلم أن عائلتك لن تسمح لك بالمبيت خارجا "
هزت نجمة رأسها ب**ت تؤكد حديثه فأكمل .." حسنا ستكون لك غرفة هنا احتياطيا إذا احتاجت جدتي أن تمكثي معها يوماً و بنفسي سأخذ إذن والد*ك أما بالنسبة لراتبك فهو ...." ذكر رقما جعل عيناها تتسع و بدون وعي منها قالت .." لكن هذا كثير و جدتي قالت إنه .."
قاطعها ينظر إليها بتعجب .." جدتي ليس لها شأن براتبك و أنا من سيدفع و أقيم كم ستتقاضين أن لم يعجبك الراتب "
قاطعته نجمة .." يعجبني سيدي لا أعترض فقط ظننت جدتي ضغطت عليك لتزيده لي "
قال بحنق .." أخبرتك أن جدتي ليس " أكملت نجمة معه " شأن براتبي حسنا سيدي أرحتني "
**ت كلاهما يتفحصان بعضهما البعض بندية كانت تنظر لجرحه بشرود متسأله كيف يا ترى أصيب به هل تسأل الجدة أم أن هذا يعد وقاحة منها ..عاد للحديث مرة أخرى ليعيدها من شرودها و هو ينهي حديثه قائلاً .." هل هذا مفهوم آنسة نجمة "
هزت رأسها موافقة لا تعرف على ما وافقت للتو فنهضت لتنصرف فقال بحدة .." لم أسمح لك بالانصراف يا آنسة فأنا لم أنهي حديثي "
جلست مرة أخرى بضيق فسألها ببرود .." ما اسمك "
تعجبت نجمة فهو منذ جلوسه و هو يقول نجمة نجمة ظنت أنه يسأل عن اسم أبيها فقالت تجيبه ..." نجمة محمود طاهر سيدي "
وجد طِراد نفسه يطيل الحديث معها مدعيا عدم معرفته لاسمها رغم أنه يعلمه من جدته التي أوشكت على زرعه داخل رأسه من كثرة حديثها عنها ..نجمة قالت .. نجمة فعلت ..نجمة ..نجمة. نجمة.. كانت كما قالت جدته عنها جميلة جميلة جدا رغم بساطة ملبسها و احتشامها و لكنها ...لكنها....لكنها ماذا طِراد.. لم يشعر أنه راها من قبل هل كثرة حديث جدته عنها جعلتها مجسده أمامه لدرجة شعوره هذا بمعرفتها من قبل قال يسألها .." كم عمرك نجمة .."؟؟
أجابت بهدوء .." ثلاثة و عشرون سيدي و بضعة أشهر و يومين "
أبتسم طِراد لأول مرة منذ رأته ف*نهدت براحة و هو يجيب .." حسنا نجمة تستطيعين الذهاب الآن لجدتي للحديث حول عملك معها متي تريدك أن تبدأين "
انصرفت نجمة متعجبة من تصرفات هذا الحفيد للجدة فريدة الذي يتحول من ثلج لنار في نفس الوقت.. أغلقت الباب خلفها بهدوء .. فعقد طِراد حاجبيه فهو يكبرها باثنا عشر عاماً كيف لجدته أن تريده أن يتزوجها فهى تبدو طفلة بالنسبة له نهر نفسه طفلة أم لا ليس لي شأن بها .. جدتي تريدها و هى معها فليكن و لكن لتبتعد عني فقط نهض ليخرج من مكتبه ليبدل ملابسه و يذهب لرؤية كريم فهو يحتاج أن يبتعد قليلاً عن هنا و عنها ...
**********************