وصل عم أمين بسيارة الأجرة البيضاء أمام باب الملجأ، وما أن حيا المشرفة ولينا حتى حمل حقيبة لارا ووضعها بالسيارة، وجاءت نادية وسلمت على لينا والمشرفة أيضاً وعلى لارا ثم أخذتها وجلستا بالمقعد الخلفي للسيارة وجلس أمين بجانب السائق.
كانت لارا في قمة الخوف وكلما اقتربت من منزل والدها كلما زاد خوفها، لذا ما ان ركبت السيارة حتى صرخت في قلبها لربنا وقالت له "يايسوع لا أعلم إلى أين انا ذاهبة أنا خائفة حقاً، كنت اريد أن أبقى هناك مع أمهاتي ومعك لماذا لم تريد ، أحقاً ربما تكون قد رسمت لي طريقاً أخر، وهل سيناسبني حقاً وهل ستكون معي مهما كان ، يارب أنا بالفعل خائفة ، أخشى زوجة أبي التي رفضتني عندما كنت طفلة رضيعة، فكيف ستقبلني الآن.!، أخشى من المستقبل كيف سيكون وماذا سأعمل وهل حقاً قد أغير رأي لا أعلم يارب أرجوك إرشدني وابقى معي ولا تتركني"
"لارا لقد وصلنا"
قطع صوت نادية صلاة لارا فأومأت لارا برأسها، لم يكن منزل والد لارا يبعد كثيراً عن الملجأ بمصر القديمة، فقد كان بحي عابدين لذا لم يتخذوا وقتاً طويلاً في الوصول ثم ترجلت لارا وعمتها من السيارة، وتبعهم أمين بعد ان حاسب السائق وأخذ الحقيبة ثم صعدوا إلى المنزل. حيث كانت ميرفت وأخوات لارا أيمن وإيمان في إنتظارها
كانت لارا تختلف عن أخوتها كثيرا في الشكل، فقد كانا طويلا القامة ويغلب عليهما اللون الأسمر، وأخوها ضخم الجثة أما هي فقد كانت بيضاء جميلة، نحيفة قليلاً ولكن ليست رفيعة وطولها لا يتعدى الـ 167سم على أقصى تقدير.
دخلت لارا المنزل ثم ابتسمت في قلق وقالت "أهلا بك زوجة أبي" فردت ميرفت
"أهلاً" ثم تركتهم ودخلت الى احدى الغرف فأسرع أيمن وقال لها
"أهلاً بك ....أنتي اذاً لارا أختي....سامحيني لم أعلم بوجودك إلا من أقل من اسبوع" فإبتسمت لارا وقالت له
"لا عليك" ثم نظرت لها إيمان وقالت لها
"لارا" فنظرت لها لارا فقالت لها
"أحقاً انتي اختنا؟!، انتي لا تشبهينا في شىء فكيف تكونين أختنا بل والكبرى" فصاح أمين
"إيمااااان" إبتسمت إيمان إبتسامة تهكمية ثم تركتها ودخلت لوالدتها.
وهنا دخلت نادية إلى ميرفت بالغرفة وقالت لها "ميرفت اسمعي انتي وابنتك، ان ضايقتي لارا بأي طريقة ستواجهيني انا، ولا تنسي ان لي نصف هذا المنزل سأبيعه، ولتبحثوا انتم على مكان اخر أتسمعيني هذه ابنتي اكثر من انها ابنة اخي" ثم خرجت من الغرفة.
ما ان دخلت نادية الغرفة حتى اسرع أمين وقال للارا "لا عليك ابنتي ميرفت طيبة لكنها لم تتعرف عليكي بعد ثم تركها وتبع نادية إلى الغرفة" أما أيمن فإقترب من لارا وربت على كتفها وقال لها "لا تتضايقي إيمان أيضاً طيبة لكنها تحتاج لوقت لتتعرف على اي أحد لا عليكي فقط" ثم قال لها "تعالي معي" وحمل حقيبة لارا ودخل احدى الغرف فتبعته لارا
"هنا ستكون غرفتك انتي وإيمان" ثم إبتسم وقال "إن أردتي غرفتي لامانع عندي" فإبتسمت لارا فأكمل "حسناً هاهو سريرك" ثم فتح خزانة الملابس واشار إلى أحدالأرفف وقال ستضعين متعلقاتك هنا"
"شكراً لك" قالت له لارا
"على ماذا انا سعيد بأن لي أخت كبرى رغم أنك تبدين أصغرنا" فضحكت لارا على كلامه فقال لها "حسناً فلتبقى هذه الضحكة" وهنا دخلت نادية وقالت
"ارى انك تعرفتي على اخيك، انه ضخم الجثة لكنه كالأطفال" فقال لها أيمن
"أنا ياعمتي" فردت نادية
"بالطبع"
ضحك الثلاثة ثم خرج أيمن وعادت نادية للارا وقالت لها "أعلم أنك قد تضايقتي من مقابلة زوجة أبيك وأختك، لك لكن لاعليكي لاتستطيعتان فعل شىء هذا منزلك قبلهم حتى" فقاطعتها لارا
"عمتى أنا لا أريد أن أخذ منهم شىء... أرجوك فلنبحث عن عمل سريعا أريد أن تمر تلك السنة بأقصى سرعة، وأنا واثقة أني لن أغير رأي أرجوكي" فقالت لها نادية
"حسناً سأبحث لك عن عمل انت كلية الالسن قسم أسباني أليس كذلك" فردت لارا
"نعم واتحدث الإيطالية جيداً أيضاً" فقالت نادية
"حسناً سأرى لكنك تعلمين صعوبة الحصول على عمل في هذه الأيام....صلي وربنا يدبر"
أومأت لارا برأسها بالإيجاب ووقفت نادية وتبعتها لارا ثم قالت نادية لها "اسمعيني ابنتي انا عليا ان اذهب الان فلديا عمل بالجريدة يجب ان انهيه قبل أن أسافر انتي تعرفين طبيعة عملي لكني سأبحث لك عن وظيفة بأسرع وقت خلال هذا الوقت لا تتركي هذه المرأة تضايقك وان ضايقتك فهاتفك معك اتصلي بي فورا" فردت لارا "حسناً شكراً لك عمتي" فقبلتها نادية ثم عانقتها وذهبت.
أغلقت لارا الغرفة ورتبت متعلقاتها سريعاً ثم توجهت نحو حقيبتها وأخرجت بعض من الباسكوت وهمت لتأكله، لولا دخول أيمن الذي أمسك بها وقال لها "هيا لنتناول الفطور معا" فقالت "له سأتناول هذا و..." فقاطعها ماهذا ثم وضعه جانباً وأخذها إلى خارج الغرفة.
خرجت لارا مع أيمن من الغرفة لتجد والدها وزوجته وايمان يجلسون حول طاولة الطعام فقال لها والدها
"تعالي يالارا أجلسي هنا إلى جواري"
إبتلعت لارا ريقها وجلست على المقعد بجوار والدها، كانت ميرفت تجلس على المقعد المقابل لها لذا لم ترفع لارا عينيها عن طبقها، وما أن تناولت بضع قطمات لا تتعدى نصف الرغيف حتى قالت "نشكر ربنا"، ثم إستأذنت لتذهب إلى غرفتها إلا أن ميرفت صاحت
"ماذا ستذهبين إلى غرفتك، ومن سينظف المائدة بعد الأكل"
نظر أيمن إلى لارا وإلى والدته فقد تفاجأ من كلام أمه، حتى إيمان تفاجئت لم تتوقع هذا، أما أمين فنظر إلى زوجته بغضب فقالت ميرفت "لا أعني مافهمتوه أقصد ألم تقل أن أعاملها كإيمان" فشعرت لارا بأن الأمر سيصبح مشكلة فقالت لوالدها "حسناً سأفعل شكراً لك".
نهض أمين وهو منزعج من كلام ميرفت وخرج من المنزل، أما لارا فما أن قام الجميع حتى اسرعت بتنظيف الطاولة، وقبل أن تدخل غرفتها قالت لها ميرفت "والمطبخ"، فأومأت لارا برأسها وقالت لها "حسناً سأفعل"، ثم دخلت ونظفته وحتى الطعام قد طهته ثم ذهبت إلى ميرفت وقالت لها، "قد نظفت المطبخ والطعام أيضاً قد نضج هل هناك شىء أخر" فنظرت لها ميرفت وهي مغتاظة وقالت لها "حسناً" فقالت لها لارا "سأدخل غرفتي الآن". وما ان دخلت لارا غرفتها حتى وضعت يدها على قلبها وتنفست الصعداء، ثم أسرعت ووقفت لتصلي وبعدها أمسكت بأحد كتبها وظلت تقرأ حتى نامت.
إستيقظت لارا على صوت إيمان وهي تغلق باب الغرفة، وقد أضاءت النور ففتحت لارا عينيها بصعوبة، لتجد إيمان تدخل وهي غاضبة، ثم توجهت إلى خزانة الملابس وما أن فتحتها حتى زفرت بعض الهواء فقالت لها لارا "عفوا يبدوا اني أخذت جزء منها" فقالت لها إيمان "ولماذا تعتذرين أنتي؟ على أبي أن يشترى واحدة أخرى مثلما إشترى السرير"، ثم همت لتخرج وتخبره إلا أنها قبل أن تفتح الباب سمعت صوت والدها يتحدث إلى والدتها ويقول
"أين لارا" فردت ميرفت
"نائمة" فقال أمين
"حتى الآن... يالـــــ" فقاطعته ميرفت
"لا لا توقظها لا أريد أن أراها" فقال أمين
"ماذا عليها أن تتناول الغداء" فقالت له
"اسمع أمين أنا لا أطيق رؤيتها أمامي على الأقل أتركني اليوم حتى أهدأ" فقال لها
"لكن" فقالت له
"لايوجد لكن إنتظرني سأنادي أنا على إيمان دون أن أوقظها وهي عندما تستيقظ فلتتناول طعامها".
نظرت إيمان إلى لارا لترى إن كانت سمعت الحديث، وبالفعل كانت قد سمعته، فنظرت لها إيمان وهي محرجة من كلام والدتها، لكن لارا قالت لها بصوت منخفض
"لا عليك لاتنزعجي"
ثم أشارات لها بالهدوء حيث أن والدتها كانت تحاول أن تفتح الباب لتدخل، فعادت لارا للنوم بسرعة وكأنها لازالت نائمة، عقدت إيمان حاجباها وهي منزعجة لكنها لم تقل شىء، وما أن جاءت والدتها حتى خرجت معها لتتناول الغداء وأغلقت باب الغرفة خلفها.
بعد قليل شعرت لارا بالجوع فأخرجت باكو البسكوت الذي كان بحوزتها وتناولته ثم عادت للنوم.
أخيرا حل المساء وهنا لم يترك لا أمين ولا أيمن ولا حتى إيمان مجال لميرفت لتمنع لارا من أن تأتي لتتناول العشاء معهم، وبالفعل تناولوا العشاء معاً ثم نظفت لارا وإيمان معاً طاولة الطعام ثم ذهبوا جميعاً إلى النوم ودخلتا إيمان ولارا إلى غرفتهم، وذهبت إيمان إلى سريرها ووقفت لارا لتصلي وبعد أن إنتهت ذهبت هي الأخرى لسريرها، وهنا نظرت إيمان إلى لارا وإلى غطاء النوم الذي معها، وكم هو خفيف فقطبت حاجباها وفوجئت لارا بإيمان وقد نهضت من على سريرها وقالت لها إيمان
"إنهضي" فقالت لها لارا
"ماذا" فقالت لها
"ساعديني"
ثم نقلت إيمان سرير لارا إلى جوار سريرها حتى أصبحا ملاصقين، ووضعت غطائها الثقيل ثم قالت للارا "فلنتشارك هذا الغطاء الثقيل حتى يشتري أبي واحد ثقيل أخر لك لايمكن أن أتركك في هذا البرد بهذا الغطاء" فإبتسمت لارا لها وقالت "شكرا" فردت إيمان "على ماذا مهما كان فأنتي أختي" إبتسمت لارا وهي تشعر بالإمتنان والفرح، ثم تمددتا ونامتا الاثنتان.
في الصباح إستيقظ الجميع وذهبوا ليتناولوا الفطور، ولم تترك إيمان لارا وجلسا الجميع إلى طاولة الطعام، إلا أن لارا كانت تحضر بعض الأطباق عندما سمع الجميع صوت طرقات على الباب ففتح أيمن الباب وإذ بها نادية.
"نادية ماالذي آتى بكِ في هذه الساعة المبكرة" قال أمين لنادية فقالت له
"بالطبع لم أشتاق لك ولماذا لارا هي التي تحمل الاطباق" فردت لارا
"لا ياعمتي الأمـ" فقاطعتها نادية
"لايهم تعالي إجلسي هنا وجلست نادية معهم على الفطور وما أن تناولت لقمة حتى توجهت بالكلام لأمين "أمين لارا ستسافر معي" فنظر لها أمين وقال
"ماذا لماذا" فقالت له