الفصل الثالث

1228 Words
الفصل الثالث . "يا مي ..اتصلي باخوكي رامي .خليه يجيب المخلل والزبادي والفول. ، مش هطوله بعد الفطار" صاحت بصوت عالي: حاضر يا ماما.. داليا كملي انتي القطايف واقليها. وحطيها في الشربات،. وانا هروح اكلم المحروس اخوكي. طب شغلي الأغنية " أهو جه يا ولاد" اللي كنت بسمعها قبل ما تمشي عشان اتسلى ايدي متبهدلة يا ميوش والله ومش هينفع امسك بيها التليفون _ حاضر يا ستي دولي ====== أهو أدونا . في منزل العم متولي _ خد يا احمد، وزع أطباق قمر الدين علي الجيران وقولهم ماما بتقولكم كل عام وانتم بخير نفث الصغير بضيق: يا ماما ما الناس كلها عاملة في بيوتها لازم اطلع سلالم وأنا صايم عشان ترتاحي؟ هدرت عليه موبخة: جري ايه يا واد انا كل اما اطلب منك حاجة تقولي صايم؟ ده انت لسه صاحي من ساعة يا فاشل يعني انت صيامك كله ساعتين يا موكوس _ منا لو صحيت بدري هعطش وممكن افطر لوت شفتيها ساخرة: طب اعملها وانا أخلي ابوك يرنك علقة ويحرمك من المصروف كمان انجز بقا ووصل أطباق قمر الدين للجيران وتعالى وماتنساش تجيب الحلة الكبيرة بتاعتنا من عند خالتك ام فوزي والصنية التيفال من عن ام فهمي _ حااااضر، يارب نخلص من المشاوير ده _ بطل نفخ وركز يا احسنلك، لو الأطباق وقعت منك هطين عشتك ومحدش هيخلصك مني _ ماشي يا ماما بس لعلمك بكره مش هصحي غير علي الفطار ابقي شوفي حد غيري تمرمطيه كده رايح جاي عند الجيران رمقته بتوعد بعد رحيله وغمغمت: وربنا لاخلي ابوك يشوفلي صرفة معاك يا أحمد أصبر عليا بس ن**ر صيامنا نفطر . . تواشيح النقشبندي آيات الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد رفعت إنطلاق مدفع إفطار رمضان ثم صدوح آذان أول مغرب في رمضان ثم دعاء رافق أسماع الصائمين وهما يفطرون، امتلأت الموائد بخيرات الله ، و حرص البعض ألا يملأ معدته حتى يتثنى لهم صلاة التراويح التي حان وقتها فتوجه أفواج الرجال وهم يتبادلون التهاني بحلول الشهر الكريم، واصطحبن نساء الحارة أطفالهن لمصلاهم الخاص لأداء الصلاة و الاستماع لخطبة الشيخ بركات وقصصه . . ربيعة الرأي هذه قصتنا في أول ليالي رمضان المباركة أعاده الله عليكم أحبابي بالخير واليمن والبركات لعلنا نأخذ من قصص أسلافنا العبر والموعظة بدى جميع الجالسون من المصلين منتبهين ومتحمسين لما سيرويه لهم الشيخ بركات والذي استطرد عبر المكبر بصوت قوي الرنة فارضًا هيبته في قلوبهم، والنساء ينتبهون لصوته الذي غطى محيطهم في مصلاهم المعزول عن الرجال . . _ قصة ربيعة الرأي تبدأ بغلام أسمه "فرّوخ" كان مملوكاً للصحابي "الربيع بن زياد الحارثي" أمير خراسان وفاتح سجستان وبلاد ماوراء النهر لمّا أختبر الصحابي الربيع بطولات غلامه وبسالته في الفتوحات كافأه بأن أعتق رقبته وأعطاه نصيبه من الغنائم وزاده من ماله الخاص ، فعاد فروّخ بعدها الى المدينة المنورة ومعه حفنة من الغنائم فاشترى داراً في وسط المدينة واختار زوجة راجحة العقل نعم بها ونعمت به ورأى في صحبتها هناءة العيش ، وذات يوم من أيام الجمع سمع فروخ خطيب المسجد النبوي يزّف للمسلمين بشرى انتصارات الفاتحين ويحض على الجهاد في سبيل الله فعاد الى بيته وقد عقد النية على اللحاق بركب الجهاد وأبلغ زوجته بعزمه هذا . . قالت له زوجته : لمن تتركني وتترك هذا الجنين الذي أحمله ونحن غرباء في هذه البلدة؟ فقال لها: أتركك لله، ولقد تركت لك ثلاثين ألف دينار تاجري بها و أنفقي منها على نفسك وولدك بالمعروف ، ثم ودّعها ومضى إلى غايته، بعد بضعة شهور وضعت زوجة فرّوخ طفلا جميلاً أطلقت عليه اسم ربيعة بدت عليه علامات النجابة منذ نعومة أظفاره فأسلمته أمه للمعلمين والمؤدبين وأوصتهم أن يحسنوا تعليمه . واختار "ربيعة الرأي" أن يكون عالماً وأن يعيش متعلماً ومعلماً وأمضى سبعة عشر عاماً جالساً على ركبتيه ينهل من ينابيع العلم وعلماء المدينة أمثال الصحابي أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وغيرهم وواصل الليل بالنهار إقبالاً على العلم حتى ارتفع ذكره وصار عالماً بعد أن كان تلميذا ً وأولع به تلاميذه وسوّده قومه وأمضى أيامه بين العلم وحلقاته وبين أهله حتى بلغ الثلاثين، بعد أعوام عاد والده فروخ من ساحات الجهاد محملا بذكرايات انتصارت كثيرة مشتاقا لزوجته التي تركها مع من حملت . . تسائل في نفسه هل مازالت علي قيد الحياة وماذا أنجبت وما جنسه جنينه؟ ، وصل لبيته ووجد بابه موارب، ولج فروخ بحذر من بابه إلي الساحة الداخلية للبيت وانتظر أن تظهر زوجته إن كانت هناك أو أي أحد وكانت مفاجأة غير متوفعة في انتظاره . . وصلت نفوس المصلين أمام الشيخ بركات للذروة واشرأبت أعناقهم من فرط الحماس مترقبين بأحداق متسعة وأذن منتبهة ماذا وجد فروخ في منزله ، ليواصل الشيخ روايته: ‏شعر ربيعة الرأي بحركة غريبة بساحة البيت، فخرج يتفقد الأمر ليجد أمامه رجلا يقتحم بيته ويتلصص علي نساءه " أمه وزوجته" فصاح بالرجل الذي لا يعرفه: من أنت وكيف تقتحم بيتي وتنتهك حرمة نسائي؟ وسريعا ما اندلعت مشادّة وعراك بين الأب وولده وهما لايعرفان بعضهما ولأول مرة يتقابلا منذ ثلاثين عاماً استيقظت الزوجة على الضجيج فأطلت من النافذة فوجدت الناس تجمعوا وولدها يتعارك مع شخص، ما أن ابصرت وجهه مليا حتى عرفت انه زوجها، فصاحت تهلل بفرح : يابني أتركه إنه أبوك فروخ يا ربيعة اترك أباك يا ولدي . . كانت صدمة حقيقية لكليهما عندها عانق ربيعة والده بشدة وقبّل يده ونزلت أم ربيعة تسلم وتعانق زوجها العائد بعد أعوام، جلس فروخ مع زوجته وحدثّها عن أخباره وأنه عاد معه أربعة ألاف دينار وسألها عن ما تبقى من الثلاثين ألف دينار التي أودعها لديها عندما مضى للجهاد وقد أعلن لها نيته على شراء بستان يعيشان منه بقية حياتهما مع ولدهما، فتوجست أم ربيعة أن تخبره أنها أنفقت كل ماله علي تعليم أبنه واكتفت بقولها له إنها وضعت المال في موضعه وسوف تخرجه بعد أيام ،أثناء الحديث نادى المؤذن لصلاة الفجر فهب فروخ وتوضأ وسأل عن ولده ربيعة فعلم انه سبقه الى المسجد ، لم يدرك فروخ ا****عة فصلى وعندما همّ بمغادرة المسجد وجد أمرا عجيب . . **ت الشيخ بركات ثانيا يبصر اللهفة بعين رواد المسجد الجالسون أمامه ، فابتسم لاندماجهم بما يروي ثم اكمل استرساله: وجد فروخ ساحتها مزدحمة وقد تحلق الناس شيوخاً وشباباً حول شيخ المجلس . الذي لم يره فروخ من جلسته البعيدة والذي راعه وأدهشه خضوع الناس بين يديه هكذا فمال فروخ على الشخص الجالس بجانبه وسأله عن هذا الشيخ الذي تحلق الجميع حوله بهذا التوقير والاهتمام فقال له الرجل متعجباً من عدم معرفته بشيخ مجلسهم: ألا تعلم من هو يا رجل؟؟ . . إنه ربيعة بن فروخ سيد من سادات التابعين وشيخ أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس والاوزاعي وغيرهم، ولقد سمعنا أن والده فروخ عاد بالأمس بعد غياب أعوام وأعوام في الجهاد عند ذلك يا أحبابي بكى فروخ بشدة لما علم أن الشيخ الذي يلتف الناس حوله ويوقرونه هكذا هو نفسه ابنه ربيعة ومضى الى زوجته فرحاً بمقام ولده وعلمه وشرفه وأخبرها بما رأى فاغتنمت أم ربيعة الفرصة وقالت له : إذًا أيهما أحب إليك؟ أن تعود وتجد الثلاثون ألف دينار التي تركتها؟ أم هذا الذي بلغك عن مقام ولدك من العلم بين قومه؟ . . فقال لها : بلى والله هذا أحب إليّ من مال الدنيا كله فاسترسلت زوجته بفخر : لقد أنفقت كل ماتركته على ولدك حتى صار عالماً فهل طابت نفسك بما فعلت ؟ قال : نعم وجزيت عني خيراً وعن المسلمين وهذه كانت قصة ربيعة الرأي يا أحبابي وأهل حارتي الكرام أرجو أن تأخذوا منها العبرة بحسن تصرف الزوجة وصبرها وحسن رعاية الأمانة التي لم تكن سوي طفل صغير تركه الده ليجاهد في سبيل الله والده الذي كافأه الله عن تلبيه الجهاد بذاك الابن الصالح " ربيعة الرأي" . . انهالت عليه عبارات الثناء بعد ما قصه عليهم ليمازحهم الشيخ بركات: والأن نعود لبيوتنا فأطباق الكنافة والقطائف تنتظرنا وأنا أكثر من مشتاق قهقهة الجميع مغادرين المسجد بعد أن أخذوا جرعة كافية أثلجت صدورهم والابتسامة الهانئة تعلوا الوجوه . . 
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD