-1
.
.
.
«أنصتِ صغيرتي، يوماً ما في خضم الحرب العالمية القادمة سيخرُج ساحر يُدعى هازارد؛ ذاك الساحِر سيختار جسد جندي تم قتله في خضم الحرب العالمية الثانية وحين يُبعث في جسد ذاك الجندي سَـيُدمر العالم وتقوم النهاية، لذا حتى هذا الوقت كُوني حليفة للبشرية! »
تقافزت كلمات والدها في أذنيها الصغيرتين مثلها كـمثل أي طِفل على سطح الأرض، تتناقل قصة عدو البشرية الأكبر الذي هدد بتدمير العالم إن قامت حرب مجدداً لكن بالنسبةِ لِطِفلة مثلها لم تكُن تلك الرواية مخيفة قدر كونها ملحمية بالنسبةِ لها، فـأي شيء يشغل التساؤلات في عقلها يجعلها سعيدة ومتحمسة وعدم وجود اجابات كان يزيد تساؤلاتها.
كانت طِفلة في ذاك اليوم، في احد شوارع قرية المانية كانت تمضي وقتها بِرفقة اصدقائها الوحيدين؛ الإخوة اندرسون..صوفيا الصغيرة ولوكاس اخيها الأكبر.
كان يوم بارد تحت نصف قرص الشمس حيث جلس ثلاثتهم يتناقشون عن أمر تلك القصة، او ربما كانت هيلينا هي الوحيدة التي تتناقش في حماس قائلة:
«هل تصدقون أن هناك سحرى حقاً؟ يمكن لهازارد كما قرأتُ أن يتحكم بِـالح*****ت عبر سحره فقط! »
كان الإخوة اندرسون يشعورن بالضجر لأنها المرة المائة التي تقص عليهم هيلينا تلك القصة وتطرح اسئلة بِـشأنها، لكن لوكاس لم يرغب في إخماد حماسها بدلاً من هذا اردف:
«لكن ابي اخبرني أن الرب فقط من يمكنه التحكم بالح*****ت، ابي اخبرني أن القصص التي تتحدث عن هازارد مبالغ بها! »
«هذا مرجح»استرسلت هيلينا:
«لكن بالنسبةِ ليّ احب أن اصدق ما يعجبني اكثر! »
كانت صوفيا ع** اخيها لوكاس وغيرت الموضوع قائلة:
"الليل كاد يحل، فلنذهب للنهر قبل أن يعود السيد والتر لإصطحابتنا»
لكن هذا زاد من حماس هيلينا التي قفزت قائلة:
«لقد قرأت امس قصة عن الانهار! كانت مخيفة بِـحق! »
وضع لوكاس يداه فوق أذنيه:
«توقفِ! »
خوفه زاد رغبة هيلينا في قص قصتها وأخذت ترويها عليهم طوال الطريق للنهر حتى إذا وصلوا راحوا يحدقون في النهر بِـتعابير خائفة ووجه شاحِب وتحدث لوكاس:
«إذاً..تحت بضعة امتار من هذا النهر يُوجد وحوش؟»
اومأت هيلينا التي فاق حماسها خوفها لتقول صوفيا:
«يكفي هذا لليوم..فلنعد للمنزل، لماذا السيد والتر لم يأتي بعد؟ »
تذكرت هيلينا أن الليل قد حل بالفعل ووالدها لم يعُد لإسترجاعهم وهذا لم يسبق لهُ الحدوث لذا تخلت عن رغبة المرح معلنة:
«أظن أنه يجب علينا العودة، ربما أمر طارئ قد طرأ»
عاد ثلاثتهم في الطريق وقد كان الظلام يغطي كل شيء، كانت قرية ريفية صغيرة على أطراف برلين لذا الهدوء كان يعم القرية بمجرد أن حل الظلام إلا أن اليوم كان مختلفاً، كانت القرية في حالة من الفوضى؛ رجال الشرطة في كُل مكان وسيارات الشرطة تحاصر القرية، سكان القرية بدو خائفون وهناك حشد حول منزل هيلينا لذا اسرع ثلاثتهم في فضول نحو منزلها ووصلت لآذانهم صرخات تبدو كـصرخات والدتها لتسرع هيلينا بين الجمهور حول منزلها لتصل لمشهد جعل الدماء تجف في عروقها.
كان رجال الشرطة يحاولون القاء القبض على والدها العجوز بعد أن اعلنوا عن مقتل عمدة القرية ووالدتها تصرخ قائلة أنه لا يوجد دليل واحد على كون زوجها القاتل.
سكان القرية تهامسوا في الأمر وبدو في صدمة من أمرهم بينما والد هيلينا سقطت عينيه على طفلته الصغيرة ثم عاود النظر للشرطي الذي يحاول جرهُ خلفهُ قائلاً:
«ارجوك انا املكِ طفلة! هذا غير عادل!»
صرخت والدة هيلينا:
«لقد كان معي طوال الليل! لقد قضى يومه بأكمله في عمله! لا يمكنكم إعدامه دون دليل!»
إعدامه..؟ كانت تلك الكلمة قوية على مسامع هيلينا وأخذ لوكاس وصوفيا يتبادلان نظرات الذعر.
صرخ الشرطي:
«لا يمكننا عرض الأدلة علناً! أي محاولة لإعاقة القانون سيزيد من العواقب!»
صرخت الوالدة باكية:
«ماذا سيكون اسوأ من الاعدام؟ لا تمزح معي لا وجود لأدلة! هذا لا يمكن تصديقهُ!!»هجمت الوالدة على الشرطي تدفعه بعيداً عن زوجها ليدفعها الشرطي ارضاً بقوّة.
كانت هيلينا تحدق في والدتها ارضاً تبكي بحرقة بينما الجميع يراقب دون فعل شيء، سكان القرية بأكملها يشاهدون عرضاً درامياً فقط...
«ايميليا!! »نادى والد هيلينا ناظراً لزوجته ارضاً ثم نظر لهيلينا التي تشاهد كل هذا في ذعر ليتماسك محادثاً الجندي:
«على الأقل دعني اودع ابنتي..»
«لا يوجد وقت!! الرئيس يريدك الآن!!»
«لا يوجد وقت لماذا؟؟ هل تريدون قتلي دون دليل ولا تسمحوا لي بتوديع طفلتي ايضاً؟!»انفجر الوالد غاضباً حينها.
تدخل شرطي آخر مصوباً مسدسه على الوالد:
«إن لم ت**ت وتتبعنا الآن سآخذ الإذن بتنفيذ الأعدام هنا حالاً!»
كانت هيلينا ترغب في إخباره أن ي**ت ويذهب لكن خوفها قيد ل**نها وظلت تراقب كالصنم، عاجزة ومتحجرة كـجثة.
دفع والدها يد الجندي لكن الجندي قاوم وبدأ كلاهما يتدافع بينما يصرخ والدها:
«لابد أنكم جننتم! لست بِقاتل!! ابنتي تشاهد توقفوا!»
«توقفوا ارجوكم!!»صرخت الوالدة باكية.
دفع الوالد الشرطي ارضاً بقوة ثم اخذ يسير نحو هيلينا بينما تعابير القلق والذعر تعلو وجهه:
«طِفلـ-»
شعرت هيلينا بالرطوبة في بشرتها وتعالت الصرخات، صرخات النساء والاطفال واصدقائها حين اخترقت الرصاصة جسد والدها مص*رة صوتاً ذو صدى.
سقطت جثة والدها امام قدميها مباشرةً وسالت دماؤه تحت حذائها الصغير بينما دموعها تتساقط في حزن و**ت وهي تحدق في تلك الجثة لوالدها.
هيلينا كانت تشعر أن الزمن قد توقف، كُل شيء كان يسير في بطء شديد وبالرغم من أن مشهد جثة والدها مريع إلا أن قوتها لم تأذن لها بإبعاد نظرها عنهًُ ربما كانت تحاول تكذيب ما ترى وربما كانت تحاول تقبل الأمر بالنظر لهُ.
قال الشرطي الذي هدده بالاعدام هنا:
«كان يجب أن تتبعنا فقط..»
بدأت والدة هيلينا تصرخ في هلع وهستيرية بينما تبكي بحرقة، وكلا من صوفيا ولوكاس صرخا باكيين وركضا في حضن والدهما القسيس أندرسون، الذي وقف بدوره يحدق في ما يحدث كـالصنم.
كان الجميع يصرخ ويبكي ووالدة هيلينا فقدت السيطرة على نفسها، لكن هيلينا كانت كالصنم وكأنها قصة مخيفة ثانية، قصة مخيفة ستنتهي الآن وتجف دموعها.
لكن دموعها تتزايد فحسب، هي في حالة من الانهيار النفسي لكن داخلياً.
حدق الجندي بها في بعض الشفقة لكنه تأفف آمراً الآخرين:
«لقد انتهى عملُنا، لنذهب! »
سار خطوتين قبل أن يشعر بِيدين تمسك في بنطاله، استدار للطفلة خلفه..تلك الطفلة ذات الأعين الدامعة الحمراء، التي اصابها الحنق والحقد والغضب، ترمقه وكأنها تملك قوة العالم أسره في يديها بينما تشد على اسنانها في غيظ، تحاول جمع كلماتها لتوبيخه لكن دموعها تقيدها.
كانت ضئيلة الحجم، قليلة الحيلة، لكن أعينها تحمل شجاعة وقوة محارب، غضب شيطان، شعرها البُنيّ القصير يتطاير مع الهواء بعنف وكأنه ايضاً يحتج.
دفع الشرطي ساقه بعيداً عن قبضة يديها الصغيرة وفتح باب السيارة لكن قبل أن يدخل كان شعر بها تدفعهُ دفعة لم تزحزههُ إنشاً وحين استدار نحو وجهها التي اغرقته الدموع صرخت عليه:
«اعِد لي ابي!!»
سمعها لوكاس بينما يحتضن اختهُ الباكية بهستيرية وذعر، سمعتها والدتها بينما لازالت ارضاً بوجهه محمر من كثرة البكاء الهستيري وصرخاتها، سمعها سكان القرية التي اصابهم الخوف على الطفلة المسكينة.
بدأت هيلينا تض*ب ساق الشرطي بقبضتيها الصغيرة بجنون بينما تصرخ كمن فقدت عقلها:
«اعِد لي ابي! اعِد ابي كما أخذتهُ! اعدهُ حالاً! سأقتلك إن لم تُعيدهُ! كيف سأعيش مع امي دونهُ؟!»
جثت على ركبتيها بِوهن والتقطت انفاسها بعدما كادت تختنق:
«انا اريد ابي، اتوسل لكَ...اعِدهُ!!»صرخت بعلو صوتها في نهاية حديثها.
دنى الشرطي لمستواها وحدق في وجهها بينما يُبعد يديها عن بنطاله بصعوبة مُجيباً إياها عن طلبها:
«اسف..والدكِ لن يعود!»
اصابت كلماته قلبها كـالسكين وتعالت شهقاتها واضعة بيديها فوق مسامعها محاولة تكذيب ما سمعته، محاولة منع أذنيها من التقاط ما هو أشدّ قسوة ليغادرها الشرطي ثم الجميع...
اصابت هيلينا بصدمة نفسية، ظلت بضع اسابيع تملك صعوبة في الرمش بأعينها، باتت كالجثة مع رحيل والدها.
والدتها لم تكن في حال افضل، كانت والدتها مكتئبة بشدّة، وكان سكان القرية يزيدون الأمر سوءاً بِنبذِهم للعائلة التي أخفت قاتلاً كما قالوا، لكن كان الأمر مُعاكِساً للقسيس اندرسون والد لوكاس وصوفيا الذي كان صديقاً مقرباً للغاية من السيد والتر والد هيلينا.
اما بالنسبة لوالدتها فكانت ايميليا مغنية منخفضة الشهرة، لكن سكان القرية احبوا صوتها واغانيها، التي تخلت عنها بعد موت زوجها..او مقتل زوجها.
كانت هيلينا نائمة في غرفتها، تحت اللحاف في يوم غائم وكئيب كـكل ايامها بعد هذا اليوم المشؤوم.
فُتح باب غرفتها ودلفت والدتها والسكين في يدها، استقرت بقدميها الع***ة قرب حافة سرير هيلينا طفلتها ورفعت السكين.
شعرت هيلينا بالقلق لكنها لم ترغب أن تفتح أعينها، هي لا تريد الإستيقاظ حتى عودة والدها.
تسلل لأذنها صوت بكاء والدتها المكتوم بمجرد أن بدأت اغنية والدتها تتردد في الغرفة.
كانت كلمات الأغنية:
«انتِ لست وحيدة..
لا شك في ذلك
روحي تعانق قلبك
يداك الباردة..سأحرق العالم لتدفئتها
ليلة مرصعة بالنجوم..
ستكون ليلة نطير بها لنيفرلاند
امسكِ بِيدي وسأكون بيتر بان»
كانت تلك الاغنية الاكثر شهرة لوالدتها، لأن والدتها كتبتها يوم مولد هيلينا.
كان صوت بكاء والدة هيلينا يعلو، وخوف هيلينا يزداد.
كان اللحن الحزين مع كلمات الأغنية يزيد الوضع كآبة:
«حتى إذا كان العالم ينهار..سأقدم حبي لك
اغمض عينيك وانصت لصوتي فقط
طالما انا هنا لا يمكن لأحد أن يؤذيك
إن انتهى بك المطاف بكره العالم سأحطمه لأجلك
إن انتهى بك المطاف بكرههم سأمحيهم لأجلك
..
هيلينا»
صرخت والدة هيلينا بينما ترفع السكين استعداداً لقتل ابنتها لتصاب هيلينا بالذعر وتستقيم بجذعها مندفعة للخلف وتجهش في البكاء.
حدقت هيلينا في والدتها التي باتت كالهيكل العظمي حينها والسواد يحيط بأعينها، تمسك السكين وترفعه عليها.
فتح الباب فجأة ودخل القسيس أندرسون:
«ماذا يحدث؟!! »بدا مصعوقاً.
رمقته هيلينا بينما تبكي في خوف شديد وكأنها تطلب منه أن ينقذها بنظراتها.
في تلك اللحظة اندفع القسيس أندرسون نحو ايميليا والدة هيلينا لكنها سرعان ما قطعت شريانها واحتضن جسدها الارضية مفارقاً الحياة امام ابنتها.
امام طفلتها التي لم تعلم ما الذنب التي اق*فته لتعاقب عليه بمشاهدة تلك المشاهد الكئيبة الب*عة في طفولتها.
اسرع القسيس لدفن وجه هيلينا في حضنه لكي تتجنب مشاهدة جثة والدتها ومن حسن الحظ كان القسيس في منزلهم هذا اليوم لكن بالرغم من عدم إبصارها للكآبة إلا أن اغنية والدتها زادت الوضع سوءاً:
«هيلينا..
انا اشتاق لكِ!!
انا احبكِ!!»
★★★★★★
رغم حماسكم للبارت الا اني اسفة أن لوثر لم يظهر بعد، على كل حال اتمنى انه اعجبكم ♥
1500 كلمة.