حزنت إيمان على مافاتها و تحسّرت، كانت في وضع قلق سرح خاطرها وغفلت عما حولها:
-اهلي هم إل خلوني أعمل كدا في نفسي، احتمال اجهز أمشي قبل العشر ايام مايكملوا و ربنا يسترها بقى.
في ليله كانت إيمان ناعسة على السرير دق الهاتف الأرضي، كانت الساعه الثانية عشر ليلا، عندما سمع والدها الهاتف إتجه إلى غرفتها ليري من المتصل، استقبل المكالمه و إذ هو شقيقها حامد يتصل من السعوديه:
-إزيك يابابا معلش صحيتك، عايزك بس تصحيلي إيمان عايز أسألها على حاجه
أحس والده بالإضطراب والديق من إتصاله في هذه الساعه المتأخره:
-خير ياابني في ايه اختك في سابع نومه موضوعك دا ماكانش ينفع يستنى للصبح؟
حاول حامد مُسَكِّناً مُخَفِّفاً مِنْ رَوْعِهِ و خوفه:
-مفيش حاجه ماتقلقش يابابا خير دا موضوع بيني وبينها صحيهالي بس لاني عايز أسألها في حاجه ضروري
وضع والده الهاتف وأيقظ إيمان من نومٍ عميق
-إصحي يإبنتي اخوكي على التليفون و عايز يسألك على حاجه، انتي نايمه في ميه خلصيني قومي
تيقظت إيمان وتنبهت بصعوبه رأت والدها واقف بجوارها خافت وفزعت، وثبت على تختها
-خير يابابا، هو فيه حاجه ولا إيه؟
... قومي كلمي اخوكي على التليفون
حاولت أن تقف على قدميها إتكأت على السرير لمكان الهاتف، عندما سمع صوتها لم يعطي لها الفرصه لتقول على الأقل :الو.
تفاجأت حامد دون أن يسألها كيف حالك أو حال طفلتك أو صحتك أو أي شئ
-هسألك سؤال و تجاوبيني بصراحه من غير لف و دوران ولو كذبتي هعرف
تشوشت إيمان من نبرة صوته و لم ترتقب ماهو الشئ المهم الذي يجعله يتصل في هذه الساعه المتأخره:
-خير ياحامد في ايه؟.مش عارفه أفتح عيني يابني قلقتني
هاتفها حامد بأسلوب ركيك:
-انا كنت بتكلم مع نادر صاحبي و قالي ان فيه واحده من شارعكوا كانت عندنا في البلد و لابسه نقاب، كانت مع شباب في وضع مخل عرفتهم بنفسها على إنها إيمان
أسكتها بقوله، حلّ بها كلام أخيها كأنها مصيبة على رأسها، لم تعرف كيف ترد عليه وتفيده عما سأل، إحتبست في الكلام
إتكأت بزراعها على المنضده رافعة يديها ملامسه لرأسها و والدها واقف بجوارها لا يفهم ماذا يجري، دموعها تسيل على خديها دون أن تشعر بها و لسانها عجز عن النطق ولم تقدر عليه، ذهب عقلها وسرح خاطرها لبضع ثواني... كيف لأخ ان يتصل بأخته في نصف الليل ليسألها هل هي زانيه و ترتدي نقاب لتختبئ وراءه لكي لا يتعرف عليها أحد؟
صاحت إيمان في وجه أخيها حامد و لم تراعي وجود والدها لأنها كانت دائما تشعر بانهم يضعونها في وضع المتهمه:
-اتقي الله في كلامك معايا، انت شايفني حقيره للدرجه دي، يازباله يامعفن ازاي تشك في أختك انها ممكن تعمل كدا، كمان جاتلك الجرأه تصحيني من النوم مخصوص عشان تسألني، أقسم بالله لو اعرف انك بتصحيني من نومي عشان كدا، ماكنت عبرتك في الجزمه ياحيوان، عموما انا عمري مادخلت البلد دي
خد إسأل ابوك ماهو مأجر لواحده في الدور الثالث اسمها إيمان، لابسه نقاب.. اه صحيح وذينب اخت جاد هي كمان في الدور الثالث ولابسه نقاب.
أرسل لسانه عليها كالمبرد
-بس اخت جاد محترمه عمرها ماتعمل كدا
نزل كلام أخيها عليها كالصاعقه، من حُكمه على الأخريات و حُكمه في أخته:
-يعني إنت بتدافع عن واحده ماتعرفهاش وأختك إل من لحمك ودمك شاكك فيها ومصدق كمان انها تعمل كدا، مش عارفه أقولك إيه غير حسبي الله ونعم الوكيل فكل ظالم
أكرهها على الإعتراف بما لم تقم به، لم يظهر عليه الآثر من دموعها ظل يحادثها برود و قسوه:
-أنا سألتك سؤال واضح و تردي مش عايز مواعظ في الفاضي، انتي هتديني نصايح في الأخلاق؟
أبكاها؛ أهاج أحزانَها، وجعَل الدّمعَ يسيل من عينيها
-والله ماخرجت من البيت يابني إرحمني بقى، إيه إل يخلي صاحبك يتصل بيك، ويقولك الكلام دا بالذات و انت ازاي تفكيرك يوصلك انه هو يقصد أختك، عارف ليه؟ لإن نيتك عاطله انت وهو.
هدأ حامد و صدّق حديث أخته محاولات إنهاء المكالمه دون خصام:
-يابت افهمي انا كنت خايف و مش عايز حد يجيب سيرتك، أنا ما ليش بركه ألا انتي.
هيجها ودفعها للبكاء أكثر والحزن يؤلم ص*رها:
-سيبوني إنتو بس في حالي، ومحدش هيجيب سيرتي، روح نام ياحامد الله يسهلك
أغلقت إيمان الهاتف في وجه أخيها، إنعصر فؤادها حزناً، واقف والدها بجوارها يناظرها دون صوت، سمع ورأي دون أن يتدخل وذهب إلى غرفته ليكمل نومه، وهي ألقت بنفسها على السرير سهدت ولم تذق طعم النوم بعدما سمعت من أخيها هذا الكلام، جلست تبكي، جعلها تمقت وتبغض الحياه، من تعبها نامت و هي جالسه
أشرقت شمس صباح اليوم التالي إستيقظت إيمان من نومها، خرجت من غرفتها لمحت والدتها جالسه في الصاله، أقوفتها قبل دخولها للحمام، كَانَ تَفَسُّرُهُا لَهُا نَابِعاً عَنْ حُبِّ الْمَعْرِفَةِ ليس إلا، عن ماصار في الليلة الماضيه، فهمت إيمان أن والدها سرد لها كل شئ، سألتها وهي تشعر بحزن يؤلم ص*رها:
-عجبك إل إبنك عمله فيا إمبارح دا، إزاي ياماما يشك فيا اني ممكن اعمل كدا، ويتصل مخصوص عشان يحقق معايا؟أجي على نفسي وأقوله الحقيقه وادافع عن نفسي يرد عليا بأنه مصدق ان ذينب محترمه و انا لأ!
ترقبت ان رد فعل والدتها ستكون عادله و منصفة لها و لكن للأسف موقفها كان فظّ حقا، عاملتها بخشونه نظرت لها والدتها وراوغتها وأخفت مكرها:
- ماتعمليش من الحبه أُبّه، أخوكي و خايف عليكي إيه يعني لما يتصل و يسألك، طالما ماعملتيش حاجه غلط، خايفه وزعلانه من إيه.
امتعضت ايمان من رد فعل والدتها:
-أنا مش فاهمة إزاي يفكر تفكير زي دا، بدل ما ياخد رد فعل من صاحبه.
لم تهتم والدتها بانفعالها، وحولت جل اهتمامها لمتابعة التلفاز، وتشدقت وهي ترفع أحد حاجبيها بتمتمة ساخرة:
-مش شايفة أنك مكبرة الموضوع زيادة عن اللزوم، خلصت وعدت مش فيلم عربي هو.
رفعت إيمان يديها للسماء بعينين مغرورقتين بالدموع تدعو على من ظلمها، و قامت من مع والدتها و دخلت غرفتها و جلست على تختها لتفكر في موضوع السفر و البعد عن كل ما يؤذيها.
في اليوم التالي بعدما أنهت مهام المنزل كلها مع والدتها:
-انا مخنوقه من الحبسه دي و عايزه اروح عند عفاف اقعد عندها شويه و هرجع بالليل.
أجابتها والدتها و هي مُتّكئه على جبنها تشاهد التلفاز:
- كل يوم والتاني خارجه محسساني ان قاعدة البيت بتاكل في جسمك، روحي مطرح ماتروحي طالما خلصتي شغل البيت.
إرتدت إيمان ملابسها وغادرت المنزل مهروله و إبنتها جني معها لترسلها الي منزل والدها لتجلس مع إخوتها تلهو، توجهت إلى موقف السيارات لتستقل السياره المتجه الي المدينه لكي تذهب إلى وزارة التربيه والتعليم لكي تسحب شهادة التخرج؛
ذهبت أيضا الي المركز لتعمل الفيش و التشبيه فقال لها موظف المكتب:
- كدا خلاص يامدام بعد أسبوع تيجي تستلمي الفيش والتشبيه بتاعك.
توجهت إيمان إلى استوديو التصوير لكي تتصور صور فوتوغرافية، توجهت إلى منزل شقيقتها و سردت لها كل شئ بداخلها، وماتخطط له:
-عفاف عايزه أقولك على حاجه، بس مش عايزه حد يعرف الوقتي خالص، انا اتخنقت من كل حاجه في حياتي و زهقت، فقررت اسافر و أشتغل و أسس حياه لنفسي بعيد عن كل العذاب، ال بشوفه من باباكي ومامتك واخوكي وجدك هنا لاني خلاص جيبت اخري، زول وروني النجوم في عز الظهر، على فكره انا لسه جايه من أجا حالا خلصت أوراقي ماعادش الا حاجات بسيطه.
إندهشت عفاف اِشْتَدَّتْ، تَعَصَّبَتْ، صَارَتْ كَالوَتَرِ:
- يالهوي عليا مالقيتيش غيري تعرفيه سرك، لوبابا و ماما لو عرفوا هتبقى مصيبه و هيقولوا ان انا ال مشجعاكي، انا ماليش دعوه بالحوار ده، طلعيني منه.
عقدت إيمان حاجبيها و إتسعت إبتسامتها و شعرت بإرتياح لما تفعله وجلست بجوار أختها:
-انتي بس ماتفتحيش بوقك، انا هسافر من غير ما اقولهم، بس قبلها بكم يوم هجيب كل حاجتي و اسيبها عندك ويوم السفر هاجي آخدها واسلم عليكي واتوكل على الله.
خافت وفزعت عفاف من شجاعة أختها المفاجأه و وضعت يدها على قلبها محاولةً أن تهدأ:
-ربنا يسترها و ما يقولوش ان انا إل كبرت الموضوع في دماغك حاكم انا عارفاهم هيجيبوها فيا انا
رفعت إيمان رأسها بحماسه قائلة لها ببرود:
-حتى لو فكروا في كدا أنا ما عادش يهمني ولا عنت هفكر في أي حد.
جلسوا مع بعضهم البعض لمده بسيطه، ثم إستأذنتها لتغادر كي تعود إلى منزل والدها، و تحزمت وتشمرت، جمعت أغراضها في حقيبه صغيره لكي لا يرتاب أحد و وضعت شوزاتها في حقيبة أخرى، جلست تلهو مع ابنتها جني لأنه بسبب سفرها، ستتركها لوالدها، فكان من الصعب عليها جدا و لكن كان ضد إرادتها، لأنها لو كانت تزوجت كانت ستفعل نفس الشي؛ فكانت تأقلم نفسها وخطر لها ان تتصل بأخواتها لكي تسمع صوتهم وتودعهم.
اتصلت على أختها مروه لكن زوجها إبراهيم من استقبل المكالمه و سألها عن احوالها:
-طمنيني عليكي عامله ايه، تعرفي إن باباكي خايف منك و عليكي أوى في نفس الوقت؟
إندهشت إيمان من حديث إبراهيم عن والدها لانه لم يحاول أن يظهر لها حيطته عليها ولا عطفه وحنانه:
- ضحكتني والله معقول بابا قلقان عليا! طيب و ليه خايف مني؟ مش غريبه دي.
كان إبراهيم مشغول في مكان عمله إختصر في الحديث معها:
-إيه مالك مستغربه ليه هو كان معايا في مشوار بنوزع لبن و جات سيرتك فقال انا خاف البنت تسيبنا و تهرب من البيت و كل ما يجيلها عريس تطفشه.
إبتسمت إيمان إبتسامه ساخره:
- لا اله الا الله، لا طبعا مفيش اي حاجه من دي هو انا يعني قعدتي معاهم عجباني! أكيد وقت مانصيبي يجيني هتجوز وأخلع من وسطهم.
سألته عن مروه عادي و كأن الأمور طبيعيه فأجابها :
-تلاقيها فوق في الشقه بتنظفها أصلها كل يوم كدا يا تنظيف ياغسيل ياتنكد عليا.
أنهت معه المكالمه بعدما قالت له:
-مالكش بركه الا هيا، وربنا يهد*كوا لبعض.
اتصلت بأختها أميره وهاتفتها لدقائق معدوده وأَضْحَكَتها بِفُكاهَاتِهِا، أغلقت معها بعد أن أوصتها على نفسها و على أبنائها.
خرجت إيمان من غرفتها لتجلس مع جَدتها، وجدتها تؤدي صلاتها وإرتقبتها لحين أنهت الصلاه، ثم وضعت رأسها في راحة يدها أحسّت بحزن يؤلم ص*رها:
-إدعيلي يا نينه بالله عليكي وانتي بتصلي لان دعواتك دي إل فضلالي.
وضعت جدتها يديها وربت على كتفيها:
-ربنا عالم أنا بدعيلك قد إيه، ربنا يجعل دعواتي كلها من حدك و نصيبك و ربنا يعوضك خير ياضنايا.
كانت والدة إيمان في المطبخ إنتبهت لحديثها مع جَدتها، تركت مابيدها وذهبت لتجلس معهم:
-ماتقومي تلبسي يا إيمان و تروحي انتي واختك تشوفي بيت الأستاذ ال عايز يتجوزك دا و شوفيه من بعيد يمكن يعجبك.
وجدت إيمان أن هذه فرصتها لتحمل حقائبها و تخرجها من المنزل بسهوله وتغادر بحجة رؤية منزل الخاطب قائله بتشوق:
-حاضر هقوم البس أهو وأخد جني معايا وأعدي على عفاف اخدها و نروح نشوفه بس إياك محدش يقفشنا.
قامت إيمان من مقعدها مهروله وفي غصون دقائق كانت مرتديه ملابسها وأخذت حقائبها وابنتها في يدها وخرجت مسرعه الي الخارج قبل أن ترجع والدتها عن حديثها.
عندما بلغت لمنزل عفاف وضعت مابيدها و أخبرتها بما قالته والدتها:
-تعالي معايا ياستي نروح نشوف بيت العريس ال كان عندنا الأسبوع ال فات دا
إندهشت عفاف من حديث إيمان و عقدت حاجبيها قائله:
-هو ايه دا، انتي في ايه و لا في ايه؛ انتي مش بتقولي مسافره يابنتي! عريس مين وبيت ايه ال انتي عايزه تشوفيه؟
بينما إتسعت إبتسامة إيمان:
-هعمل ايه انا طيب، امك إل طلبت كدا، أنا ماصدقت انها قالتلي اخرجي عشان اعرف اجيبلك الحاجه بتاعتي، وبالمره نشوف بيته على الطبيعه، عشان لما أرفض جدك وباباكي يسيبوني في حالي بقى، قومي عشان نلحق نروح ونرجع بسرعه.
إرتدت عفاف عباءتها و ذهبوا سويا و سألوا عن منزل الأستاز فلان، فأشار لهم الجيران علي منزله و دخلوا الشارع، أحست عفاف بالإحراج من أن تقترت معها للمنزل، إرتقبتها في نهاية الطريق و إيمان اكملت لحالها، عند وصولها للمنزل لاحظت أنه بيت كبير له بوابه عاليه من الصاج، اقتربت منه و فتحت البوابه محاوله ألا تص*ر صوت، و جدت العريس واقف أمامها يرتدي ملابس عامل و كان يحمل البرسيم، فإنتبه لصوت مدخل البيت فنظر في اتجاهها، ففزعت و حملت ابنتها على كتفها وقصدت أختها مسرعه قبل أن يراها، قهقهت عندما رأتها أختها تُهرول، و إحتجبوا منه في شارع جانبي لكي عندما يخرج من منزله لا يراهم؛
ذهبوا ال منزل والدهم سويا و جلسوا يتحدثوا مع والدتهم عن ما شاهدوه هناك.
نظرت إيمان لها الإبتسامه تعلو شفتيها:
-دا مش عايز زوجه يعاشرها صدقوني دا عايز خدامه تشتغل تحت الح*****ت، وتخلف له الولد ولو جابتله بنت هيطلقها، دا ال انتو عايزينه!؟
-انتي شايفه اني لو اتجوزته هكمل بنظام حياته دا؟ مش بعيد اجيلكوا مطلقه بعد اسبوع واحد
تن*دت والدتها و نظرت لعفاف وجدتها تبتسم:
-وفيها ايه ياولاد لما يكون بيشتغل في بيته مع وظيفته، دا يبقى شاطر وبيته مليان خير، إنتي بس إل بت فقريه ومش وش نعمه، خليكي بقى لما يجيلك ال بيأكل بالشوكه و السكينه.
لاحظت إيمان أن والديها آخذين الموضوع على أن هذا الخاطب لم تحظي بمثله لو رفضته، و ستندم لو أضاعته من يدها، فتركتهم وصارت داخل المطبخ وأعدت فنجانين من الشاي للجميع، جلسوا مع بعضهم البعض يشاهدوا التلفاز؛ عندما حل المساء وجاء والدها من الخارج قامت إيمان مهروله لتعُد له العشاء، و أثناء تناوله للطعام تحدثت معه والدتها بما حدث.
سخط والدها وإرتفع صوته:
-هي ازاي تتجرأ و تروح لهناك لوحدها، ومين قالها تخرج من البيت أصلا.
سارعت إيمان بالتوّل عن نفسها:
-انا ماليش ذنب، ماما هي ال قالتلي روحي، مخرجتش من نفسي.
ظل يلعَنَ في والدتها ويعيبها، أهانها بكلام جارح ورفض تناول طعامه:
-سديتو نفسي تاتكو الأرف، انتي ما بتفهميش يا ست انتي، بتتصرفي من دماغك كدا، طيب هتنامي النهارده في الصاله على الكنبه، إياك ألمحك في الأوضه.
وقفت صامته في مكانها محاولة لا تص*ر صوتا، إنتظرته ليدخل غرفته لينام، لكي تنام هي الأخرى على الأريكه مثل ما طلب منها، و دخلت إيمان غرفتها تلهو مع إبنتها، ضمّتها لص*رها، صارت تحكي لها قصة ماقبل النوم،
حين إنغمست جني في النعاس، نظرت للهاتف وجالت فكرة مجنونة بعقلها، لم لا تتصل بحبيبها أحمد الآن
قبل مغادرتها ، تحدثت معه مكالمه ملمّه لم تناقشه لماذا لم يعد يتصل بها، قبل انتهاء المكالمه وجدته يتمتم:
-على فكره انتي عارفه ان انا زعلان منك و عارفه السبب صح؟
تن*دت إيمان مبتسمه إبتسامه ساخره:
-انا هعرف منين يعني شايفني منجمه ولا حاجه، ماكانش واضح من صوتك يعني في بداية المكالمه، ها خير يا ميدو زعلان ليه؟
ظل يقهقه لدرجة كانت تشعر أن صوته معها بالغرفه وتغشي أن يسمعه أحد فحاولت أن تجعله يصمت قائلة:
-إيه دا في إيه، أنا قلت نكته ولا حاجه، إهدي شويه كمية الضحك دي وتقولي زعلان؟
أوقف ضحك و أخفض صوته:
-إنتي متأكده إن انا بحبك، مع ذلك بحس إنك بتتهربي مني، او خايفه من حاجه الله اعلم ايه هي.
إتأكت برأسها على تختها و نظرت للسماء، تن*دت:
-إنت قلت لنفسك دي واحده مطلقه يعني سهله المنال و عايزه تسمع كلام حب، فطبيعي انك لما تقولي بحبك أدوب انا و أنفذلك اي شئ صح؟!
هو دا الحب بالنسبالك؟ يعني لو بنت بنوت إل كانت بتكلمك كنت هتسافر معاها و تطلب منها إل طلبته مني في جمصه؟! أنا متأكده إنه لا طبعا.
إستمع لها دون أن يقاطعها، فتح فمه وأطبقه، تثاءب:
-انا مش عارف اقولك إيه، لكن مش حابب أفكر في احتمالات مش موجوده، بكرا الأيام تثبتلك أنا بحبك قد إيه.
إستبشرت إيمان من داخلها، أيقنت أنه صادق في عواطفه قبالتها:
- لو حابب علاقتنا تستمر هايكون التعامل بيننا زي ما بيتعاملوا المخطوبين ممنوع تطلب مني حاجه عيب او تستغفلني.
همس في أُذنِها برومانسيه:
- انا بحبك، عايزك تطّمني مش هعمل معاكي حاجه غصب عنك.
أحست بجسمها ينتفض من نعومة صوته:
-انا كمان بحبك، يلا عشان ننام، شكلك فصلت خالص.
تحدثوا بعدها لدقائق معدوده، اغلقت هاتفها، ضمت ابنتها في حضنها وأخذها النوم.
بعد مرور بضعة أيام حان موعد استلام الفيش، استيقظت مبكرًا على غير عادتها وقصدت المركز لاستلامه فورا.
اجرت اتصالا عاجلا والأوراق بين يديها لا تكاد تسعها الدنيا من الفرح:
-ألو بقول ايه انا اواراقي جاهزة دلوقت أسافر إمتى؟
كانت صديقتها منشغله كثيرا، كانت في عجلة من أمرها:
-والله لو ينفع تركبي وتيجي النهارده، يبقى تمام جدا، عشان نلحق نظبطلك مكانك في وظيفتك قبل بداية الشهر.
صارت إيمان كالوتر، كان لابد أن تتخذ القرار، تعثّر لسانُها
- طيب انا معرفش المحطه ال بيركبوا منها، لإني اول مره أسافر، قولولي بقى اركب منين؟
أجابتها صديقتها:
-سهله يابنتي مفيهاش مشكله، إركبي عادي من بلدك لأجا، ولما تنزلي هناك، إسألي اي حد على مكان الباصات ال بتسافر شرم الشيخ، يلا بس قومي اجهزي واخرجي، ولو في اي مشكله واجهتك في الطريق، هبعتلك رقمي كلميني و ماتقلقيش.
و أشارت إليها أن أقرب رحله ستكون اليوم الساعه الثامنه، فنظرت إلى ساعتها، وجدت ان المتبقي لها فقط
خمس ساعات، يدوب تلحق ترتدي ملابسها وتذهب.
اخذت شاور وإرتدت ملابسها، جلست بجوار والدتها لبضع دقائق قبل ذهابها:
-بقولك إيه ياماما الفلوس إل بابا أخذها مني وحطها في البنك، عايزاكي تقوليله ان دول حق بناتي، يقسمها بينهم بالعدل.
فشعرت والدتها بالقلق، عدم الإرتياح والإطمئنان سكن قلبها:
-بناتك مين وبتاع مين، دول فلوس جوازتك الثانيه يامايله.
إمتلأت عيونها بالدموع، محاولة جاهده ألا يظهر عليها الحزن، وأبعدت عيونها عن ناظرها قائله:
-جواز إيه ونيلة إيه، أهي هي دي اكتر جمله بقيت بكرهها.
قامت من جوارها متجهه لمدخل البيت:
-يلا انا ماشيه رايحه اقعد عند أختي عفاف شويه واحتمال أبيت عندها واجي بكرا، ابقى قولي لبابا بقي
فزعت والدتها وقامت لتذهب خلفها، وقفت في البلكونه لتودعها و كانت أول مره تفعلها، و كانت إيمان قد أرسلت ابنتها لتعيش مع والدها و عندما إنتهت إلى أختها، شيَّعتها عند سفرها متمنِّيًا لها الدَّعَة والسلامه.
ضمتها إلى ص*رها وبكت بكاءً شديدا:
-إبقى كلميني علطول، ولو روحتي عند ماما وشوفتي بناتي، أمانه عليكي كلميني علطول أسمع صوتهم وأطمن عليهم.
آلمها قلبها كثيراً وأحست أنها لن تراهم مرة أخرى، فأوقفت أحد التكاتك وجلست بداخله ليصل بها إلى موقف السيارات، وبحثت عن السيارة التي ستذهب بها إلى المدينة وجلست بأحد مقاعدها وهي تبكي دون صوت، فقلبها يحترق لتركها أطفالها وأسرتها بالكامل وابتعادها عنهم، كانت ملامح الحزن تسكن وجهها ومع تحرك السيارة ازداد بأسها، وصلت أخيراً إلى وجهتها وغادرت العربة بصعوبة نظراً لما تحمله معها من حقائب كثيرة ولم تدري كيف ستتحرك بكل تلك الأمتعة نحو حافلة فعانت حتى وصلت وسألت أحدهم عن مكان حجز المقاعد فأشار إليها إلى نافذة صغيرة توجهت إليها وحجزت تذكرة بمبلغ وقدره تعلم بأنه لن يرد إليها في حالة تراجعها، بحثت بعينيها عن مكان تجلس لتريح قدميها من عناء الوقوف وحمل الحقائب لحين مجيء الحافلة فوجدت أحد المحال وبجواره باب علمت من هيئته بأنه مخزن قديم فتوجهت نحو صاحب المكان وأستأذنته لتجلس بجواره حتى مجيء حافلتها.
-اتفضلي تعالي أقعدي على الكرسي، لإن لسه بدري عبال ما الباص يوصل.
جِئ بالكرسي وتهيأت عليه و اتصلت بعفاف:
-انا حجزت مكان في الباص أهو، لكن هفضل قاعده كدا في الشارع ثلاث ساعات و نصف، ربنا يسهل الأمور بقي.
عندما أدخلت في نفس أختها السكينه، ولكن شعرت من صوتها الإنزعاج من شئ:
-مالك ياعفاف، في حاجه حصلت ومش عايزه تقوليلي صح؟
تلعثم لسان عفاف:
-أبوكي اتصل بيا و سألني عليكي، قولتله ماشوفتهاش النهارده، ولكن لقيته بيقولي هي خرجت من البيت و قالت لأمك انها جيالك، خفت وقولتله ماهي لو كانت جات كنت قولتلك يابابا، وانا هكذب ليه، قام قافل الخط في وشي.
قامت إيمان بالرد عليها والإضطراب يملأ قلبها، تغيرت من حال إلى حال:
-كويس ان انتي قولتيله كدا، وبعدين هو من امتا بيتصل ويسأل عني!؟