|٤| قصة (سنعود) - الجزء الثاني.

2231 Words
مر اليوم ثم بدأ يوم جديد، بدلت أماني ملابسها بعد أن استيقظت وصنعت إفطارها وفعلت ما تفعله كل يوم سواء تنظيف أو أي شئ أخر، ثم نزلت من بيتها وسارت لحيث توجد المستشفى، وما إن وقفت أمامها حتى شعرت بقشعريرة تسري في جسدها وخوف من الذي سأقوله لها، ولكنها حثت نفسها ببعض من جمل التفاؤل. صعدت للطابق الذي أتواجد به ثم تن*دت وطرقت الباب، ثم دخلت فوجدتني صامتًا لم أتحدث ولم أقل شيئًا، فجلست تسألني عن حالي بابتسامة، لم أُجبها ف*نهدت أماني ثم قالت بإبتسامة: «إن لم تكن تريد الرد فعلى راحتك، لكنني لن أخرج من هنا إلا إن رددت عليّ.» بقيتُ صامتًا ولم أُعر وجودها أي هتمام وهذا ما جعل أماني تزداد عنادًا، مر الوقت وكان كلانا متمسكًا برأيه، فأماني منتظرة جوابس الذي تعرفه، وأنا كنتُ متمسكًا بعنادي وعدم جوابي عليها، حتى قطع ال**ت الطويل دخول الطبيب لكي يطمئن على حالتي، وبعد أن أطمأن قال: «أصبحت بأفضل حال، ستبقى معنا هنا ليومين ثم سنسمح لك بالخروج.» نظرتُ للطبيب وأخبرتُه أنني أريد الخروج غدًا، وحينما حاول منعي أصررتُ عليه بحزم ليهز رأسه لي بقلة حيلة ثم رحل من الغرفة، وبعد أن خرج نظرت لي أماني بحزن قائلةً: «لم أكن أعرف أنك تغيرت بهذا الشكل في السنوات السابقة.» تجاهلتُ أماني تمامًا وكأنها غير موجودة، ثم أخرجتُ هاتفي واتصلتُ بأحدهم لآمره أن يحضر لي ثيابًا وبعض الأموال ويأتي غدًا لهذا المشفى. وأنهيتُ الاتصال دون أن أضيف حرفًا آخر. مر اليوم سريعًا، ولكن عدم اهتمامي بأماني لم يجعلها تيأس بل جعلها تزداد إصرارًا وعنادًا، حتى مر اليوم وبدأ اليوم التالي، واستيقظت أماني من نومها وارتدت ملابسها واستعدت للنزول، فوجدت هاتفها يعلن عن وجود اتصال، وكانت صديقة والدتها المقربة فأجابتها أماني بهدوء تسأل عن حالها، لتجيبها تلك المرأة وهي تحاول أن تجعل كلماتها يظهر عليها الهدوء تخبرها أن تعود للبلدة حيث منزل والديها لأن هناك أمر مهم يحتاجونها به، وعندما حاولت أماني معرفة السبب لم تخبرها صديقة والدتها تلك، قالت أن والدتها تريدها فقط. ما إن سمعت أماني أن والدتها تريدها حتى أخذت معطفها وأغلقت بابها بشدة وكانت تشعر ببعض القلق يسرى بجسدها، ونزلت على السُلم سريعًا بعدما وجدت المصعد مشغول، لم تمضي الدقيقتين بعدما وصلت أمام سيارتها، التي كانت قد قررت ألا تستقلها، وبعد محادثات مع نفسها استقلتها واتجهت لخارج المدينة بل لخارج المحافظة تمامًا. مضت عدة ساعات حتى وصلت أماني لبلدتها وبعد أن وصلت ذهبت لبيت والدتها فلم تجد أحدًا بالمنزل فاتصلت بصديقة والدتها، فأخبرتها أن تأتي للمستشفى وأخبرتها أن والدتها في العناية، وبعد مرور دقائق وصلت أمام المستشفى، وما إن وصلت حتى خرجت من السيارة وركضت للداخل وصعدت للعناية فهي لا تستطيع أن تنسى هذه المستشفى، وبالأخص مكان العناية المركزة. دخلت أماني لهذه المستشفى وهي تزرف الدموع، ليس فقط لمرض والدتها بل بسبب الألم التي عانته هنا نفسيًا وجسديًا، فكانت تركض في الطرقات حتى لا ترى أيًا من الأطباء الذين لا تريد أن تراهم، وصعدت سريعًا للعناية فوجدت صديقة والدتها بالخارج تبكي في **ت وبيدها مصحف يهون عليها جلوسها، فأقبلت عليها أماني وهي تتنفس بصعوبة تسألها عن والدتها. فوقفت صديقة والدتها واحتضنتها بشدة وهي حزينة على ما تعانيه صديقتها في هذا المكان الب*ع، فأعادت أماني سؤالها مرة أخرى ولكن ببعض من الخوف والحسرة، فأجابت صديقة بصوت باهت ووجه شاحب: «والدتكِ مصابة بمرض سرطان الدم في مراحله الأخيرة.» أنهت جملتها ونظرت لأماني، ولم تجد سوى الدموع تسيل من عينيها وبغزارة، هل ستفقد الاثنين في خلال الخمس سنوات الأخيرة؟ ثم جلست بجوار صديقة والدتها دون أن تعلق بشئ، كانت تتذكر المواقف التي جمعت ثلاثتهم. وبعد مرور العديد من الوقت وأماني لا تقدر على الجلوس في هذه المستشفى، هل سيعيد الزمن نفسه؟ هل ستفعل مثل ما فعلت بعد موت أبيها؟ ثم قامت فجأة فنظرت لها صديقة والدتها بتساؤل، فأخبرتها أماني أنها ستذهب لشراء الماء، ثم نزلت وهي منشغلة بما يخيله لها عقلها، وعندما كانت تنزل السلم لم تنتبه على إحدى درجات السلم، فوقعت من عليه ثم اصطدم رأسها بالحائط، ووقعت فاقدة لوعيها. اجتمع حولها العديد من الأطباء والممرضات ثم بدأوا في افاقتها، وعندما أفاقت استندت على ممرضة وساعدتها حتى اوصلتها لغرفة مكتوب عليها "العظام"، ثم أدخلتها وأجلستها على السرير وتركتها وغادرت، أما أماني فكانت شاردة حتى أغلق الطبيب الأوراق التي أمامه، وذهب حيث تجلس أماني وما إن اقترب منها حتى وقف بعد أن رأي ملامح وجهها، ابتسم يسألها عن حالها، ثم فحص قدمها سريعًا ولكن وجد أنه لا شئ يدعو للقلق، فصافحها وخرجت من الغرفة متجهة للأسفل أحضرت زجاجة مياه وعلبتين من العصير وصعدت بحذر حتى لا تسقط ثم أعطت علبة عصير لصديقة والدتها ووقفت أمام العناية وهي شاردة، ويمر شريط حياتها أمامها وما مرت به من حزن، حتى مرت ساعات وكانت والدة أماني كما هي، لا يوجد عنها أي خبر، وما زالت أماني تبكي وفجأة وجدت أحدًا يقول بسخرية: «ألم تتركيها ولم تقفي بجانبها؟ والآن عندما أصابها السرطان جئتِ تبكين؟» نظرت أماني لهذا الشخص فجأة وصرخت به: «ابتعد عني محمود وألا سأتشاجر معك في المشفى ولن يهمني أحد. منذ متى وأنتم تسألون عن زوجة عمكم؟» «ماذا بكِ أماني؟ منذ أن ذهبتِ للعيش خارج مصر وأنتِ قد تعلمتِ الرد جيدًا.» «أغ*ياء، أنا لم أعش خارج مصر، ما لا تعلمونه أنني كنت بمصر طوال هذا الوقت، والآن ابتعد عني لأنني لستُ بمزاج جيد لرؤية أحد منكم.» هتفت أماني بابن عمها محمود بضيق ثم ذهبت بعيدًا عنه ومسحت دموعها وتذكرت ما حدث منذ عدة أشهر. عندما صرخ بها عمها أن والدها يدين لها بخمسة ملايين وهو السبب في تدمير شركتهم التي كانا يديرانها، فهتفت فيه أماني بالمقابل أن لا يلصق سبب فشله بوالدها، فالخطأ الوحيد الذي قام به والدها هو أنه آمن عمله مع أناس مثلهم. أخبرته أن والدها كان السبب في تطوير هذه الشركة منذ البداية ولولاه لكانوا لا يجدون قوت يومهم جميعًا حتى الآن. وأخبرتُه أنها واثقة بحديثها هذا تمام الثقة ولديها الأدلة عليه، فضحك عمها ساخرًا يخبرها إن كانت واثقةً هذه الثقة ولم تجد الدليل على حديثها ستقدم له مقابلًا لهذا. وعندما سألته أماني عن المقابل أخبرها أنه يريد أن يعود ابن عائلة الرشيدي شريكًا لهم بهذه الشركة، فتعجبت أماني من قوله وكيف ستعيد هذا الشاب للشركة، ليفاجأها عمها بأن زواجها من هذا الشاب هو ما سيجبره على العودة لشراكتهم. حينها صرخت أماني بعمها بغضب: «ماذا تقول عمي؟ ممن تريدني أن أتزوج؟ أنت تعرف أنني من البداية للنهاية من المستحيل أن يحب أحدهم هذا الشاب يومًا، هذا لأنه يتزوج امرأة كل شهر ثم يطلقها، كما أنك تعلم جيدًا أنني لن أتزوج غير حسام، تقولون أن حسام هو السبب في موت والديه ولكنني بحياتي لن أحب أحدًا غيره، ومن تقول عنه قاتلًا كان مع والديه بالسيارة أثناء الحادث الذي أدى لقتلهما ولكن أراد الله نجاته فقط. فلا تقنع نفسك بأوهام تخيلتها وتريدني أن أصدقها مثلك، لقد جعلتم حسام يتخلى عن ميراث والدته والذي يعتبر حقه الشرعي ولا أحد كان قادرًا على أخذه منه، ولكن حدث كل هذا بسبب طمعكم لا غير. تريدون نهب أمواله فقدمتم هذه الحجة رغم أن الطب الشرعي أثبت أن المكابح بالسيارة كانت معطلة وهي السبب في الحادث، كما أن حسام لن يزيل المكابح إن كان يرغب بقتل والديه وهو معهم بنفس السيارة. أليس هذا غباء منكم فقط؟ أنت لن تجبرني على العيش مع شخص يريد التسلية مع الفتيات فقط، آسفة عمي أنا لستُ استثمارًا من استثماراتك.» غادرت أماني الغرفة من بعدها تاركة عمها ينظر لها بضيق بعدما كشفت خبث نواياه، واستقلت سيارة أجرة واتجهت لبيتها، ووضعت أغراضها في حقيبة وبدأت بجرها، فوجدت والدتها تنظر لها بألم وتسألها عما حدث حتى أخبرتها أماني بما قاله لها عمها. حينها سمحت لها والدتها بالرحيل كما تريد، بعد أن أخبرتها أن تظل واثقة في براءة حسام من كل هذه التُهم الذي توجهها عائلته إليه، أخبرتها أنها لن تمنعها من السفر حتى يفقد عمها الأمل في إيجادها ويرجع عن فكرة استغلاله لها في صفقة للزواج، ثم أعطتها سلسلة وأخبرتها أن لا تضيعها أبدًا لأنها ما ستنقذهم فيما بعد. ولم يمضي الكثير من الوقت على أماني وهي تتذكر هذه الذكرى من ماضيها والتي كانت سببًا في ابتعادها عن حسام ووالدتها طوال هذه المدة، ثم رن هاتفها لترد على ياسمين صديقتها، ثم التفتت وهي تتحدت فوجدت طبيبين يدخلان سريعًا وخلفهما عدد من الممرضات لا يقل عن أربعة ممرضات، وكل دقيقة تجد أحدًا يخرج وغيرهم يدخل، فبدأ القلق يسري في عروقها فأنهت اتصالها مع صديقتها ونظرت لأحد الأطباء تسأله عما يحدث، حتى أخفض الطبيب رأسه للأرض يخبرها بحزن أن والدتها توفيت. وقفت أماني للحظة من دون أن تبدي أي رد فعل، ثم نظرت للطبيب وبعدها استدارت وجلست، ولم تفعل أي شئ سوى أنها نظرت لنقطة في الأرض لمدة طويلة دون أن تبدي أي اهتمام لما حولها وكانت الدموع تهبط من عينيها مثل قطرات المطر. كانت مصدومة مما يحدث لها، ولم تعي أن القادم سيصدمها أكثر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD