|٢| قصة (زوجة بالسحر).

3112 Words
الراوي ذكر . . . . . . . عرض عليّ أن أتزوج ابنته.. ولكن صارت المفاجأة التي لمْ أكن أتوقّعها أبدًا. أنا عمرو، زوجٌ مصري في السابعة والعشرين من عمري، تزوّجتُ حديثًا من ولاء ابنة صديق والدي بعدما التقيتُها عدة مرات في الكثير من المناسبات وجذبت انتباهي كثيرًا برقّتها وجمالها الهادئ وأسلوبها العصري الراقي مع أخلاقها الواسعة. وانتظرتُ حتى تخرّجتُ من كلية الهندسة المدنية وأنهيتُ سنة الخدمة بالجيش التي أتتني، ثم أسرعتُ بمفاتحة والدي في أمر التقدُّم لخطبة نهى. رحّب والدي بالأمر كثيرًا وأشاد بذوقي الرفيع لأن نهى كانت نعم الفتاة بالنسبة للكل صغارًا وكبارًا وكان والدي يحبُّها كابنة له، وبعد أن تقدّمتُ لخطبتها ووافق والدها هو الآخر بترحيبٍ تزوّجتُها خلال شهرين فقط.. لمْ أكن أشعر أنها وافقت على الزواج مني لأنها تحبني، وكثيرًا ما ظننتُ أنها مُرغَمة لأنها قليلة الكلام، ولكن اتضح لي بعد زواجنا وإمضائنا لحياتنا معًا أنها كانت تحتاج للمزيد من الوقت للتعرُّف عليّ، ولكنني أنا مَن كنتُ متسرّعًا في الزواج. وبالفعل كما اعتقدتُ وتأملتُ، كانت نهى نعم الزوجة والأم لابننا الأول عبد الرحمن.. قضيتُ معها أفضل سنوات حياتي ولا زلنا نمضي بحياتنا زوجين سعيدين مع ابننا عبد الرحمن. حتى جاء ذلك اليوم الذي تغيّرت فيه حياتي مائةً وثلاثين درجةً. بل وكدتُ أخسر سعادتي للأبد أيضًا. ذات يومٍ من شتاء عام ٢٠١٧، اتصل صديقي الذي يعمل مأذونًا شرعيًا للقرية التي نعيش بها في محافظة الشرقية، وتعجّبتُ من اتصاله كثيرًا، فلم يحاول التواصل معي بعد انقطاع لقاءاتنا منذ تخرّجتُ من الثانوية وذهبتُ لكلية الهندسة، حتى تعجبتُ من أنه لا زال يملك رقم هاتفي. صديقي هذا يُدعى علاء، يكبُرني بعشر أعوامٍ كاملات، ولا تستغربوا هذه السنين بيننا وصداقتنا أيضًا، فقد حدث موقفٌ جعلني أتعرّف عليه وأنا بالصف الأول الثانوي ثم أصبحنا أصدقاء بعدها بطريقةٍ ما. أجبتُ اتصال علاء ملقيًا التحية، وبعد دقائق من السؤال عن الحال وتبادل الاشتياق قال لي علاء بنبرةٍ غريبة: «أرغب في مقابلتك هذا المساء يا عمرو.» زاد تعجُّبي وأقلقتني نبرته كثيرًا، فتأملتُ خيرًا في سبب المقابلة أجيبه على الهاتف: «حبًا وكرامةً علاء، أين المكان؟» أخبرني علاء بالمكان لأنني كنتُ أعلم أنه قد تزوّج منذ مدةٍ وغيّر مكان سكنه الذي كنتُ أعرفه، وعلى الفور أخبرتُ نهى بخروجي للقاء أحد أصدقائي ثم ركبتُ سيارتي الصغيرة وقدتُها إلى قرية تبعد عنا مسافة ربع ساعة بالتمام. سألتُ الأهالي عن العنوان الذي أعطاني إياه علاء حتى أرشدوني وذهبتُ إليه، وما إن وصلتُ حتى وجدتُه بيتًا صغيرًا من طابقين قديم البناء جدًا لدرجة أنني شككتُ أنه سيقع في أي لحظةٍ تاليةٍ. ولكنني توكلتُ على الله وطرقتُ باب المنزل، ففتح لي رجل قد تجاوز الخمسين من عمره واستقبلني بأشد الترحيب وكأنه يعرفني منذ زمن وأنا لم يسبق لي رؤيته حتى.. وأدخلني منزله ورحب بي كثيرًا. وحينما وجدتُ علاء جالسًا داخل هذا المنزل شبه الفقير اطمأننتُ لرؤيته وهممتُ لمعانقته باشتياقٍ، وبعدها أجلسني ذلك الشيخ على إحدى الأرائك القديمة ونادى لزوجته بإحضار الشاي، ثم نظر لي بهدوءٍ وقال لي دون مقدمات ما أصابني بالصدمة: «أخي الكريم، أنا لي من البنات سبعٌ.. لم يتزوجنّ. أكبرهنّ بلغت الثلاثين والصغرى في ربيعها الخامس عشر، وأرغب في تزويجهن برجال طيبين.. فاختر إحداهن ولا أريد مهرًا ولا تكاليف.» في الحقيقة.. أصابتني الدهشة الشديدة مما سمعتُه، في البداية ظننتُ أنهم يمزحون معي وربما يقومون بأحد المقالب، ولكنني عندما رأيتُ الجدية على وجه ذلك الشيخ وكذلك الجدية في ملامح علاء صديقي ونظراته الهادئة و**ته توتّرت ملامحي حتى تحولت مشاعري بسرعةٍ للغضب. فنظرتُ لصديقي المأذون الشرعي بغضبٍ، فإذا به مبتسم فازداد غضبي، ثم نهضتُ من مكاني أنظر لذلك الشيخ وقلت له بشبه صراخ بعدما شعرتُ بالغيظ: «وما أدراك أنني من الطيبين يا شيخنا؟» نظر لي ذلك الشيخ بهدوء ثم ابتسم بوقار وأشار لعلاء صديقي قائلًا: «صاحبك هذا قد وصفك بذلك، ونحسبك كذلك ولا نزكّي على الله أحدًا.» تعجّبتُ من رده الهادئ وهو يعطيني إحدى بناته السبع وكأنها سلعة، بل ويقول لي اختَر من بينهنّ أيضًا، ولكن مع نظراته الحزينة التالية شعرتُ بالشفقة من أجله وبناته، يبدو فقيرًا ضيق الحال لديه سبع بناتٍ لم تتزوج واحدة منهن والكبرى كما قال في الثلاثين من عمرها. ولوهلةٍ شعرتُ أنني أريد مساعدته بالزواج بإحداهنّ وجعله يتخلّص من عنائها. فكرتُ في الموضوع لدقائق، ولكن خطرت ببالي زوجتي نهى التي من المفترض أنني اخترتُها بعد إعجابي بها وحبي لها.. وكيف ستكون ردة فعلها إذا علمت بالخبر؟ وكيف السبيل إلى الخلاص من هذا الرجل.. دون أن أحرجه؟ نظرتُ لعلاء صديقي بعتاب بعدما أوقعني في مشكلة وموقفٍ محرجٍ كهذا، ثم أعدتُ نظري لذلك الشيخ وقلت له: «أمهلني إلى غدٍ أوافيك بالرد.» ابتسم لكلامي وكأنني أزحتُ عنها همًا ثقيلًا بالفعل، فقال لي الشيخ بسعادةٍ: «قبل أن تذهب اختر إحداهنّ وانظر النظرة الشرعية.» فقلت: «إن كان ولا بد فمَن بعد الكُبرى لأنني لا زلتُ بالسابعة والعشرين من عمري والكبرى بالثلاثين.» فقال لي الشيخ أمام ابتسامة صديقي الواسعة: «حسنًا، التي تلي الكُبرى في السادسة والعشرين من عمرها.» ثم غاب لحظةً، ونظرت إلى صديقي أعاتبه فقال لي: «والله لن تخسر شيئًا، ولست مجبرًاعلى ذلك، انظر وبعد النظرة لك الخَيار.» ناداني الرجل فأدخلني على فتاة لم أرَ بمثل حسنها وجمالها وكأنها لؤلؤة مكنونة.. مكثتُ لحظات اتأمل في القمر الجالس أمامي.. لاحظ الأب ذلك، فطلب مني بكل أدب الانصراف. خرجتُ وقد غُسل مخي وبُهر عقلي بجمالها وشعرتُ أن روحي تفارق جسدي وكأن جمالها سحرني، كانت أسرع دقائق مرت في حياتي. وعند الباب بعدما قررتُ الرحيل قلت للرجل كالمُغيّب عن الوعي: «أنا موافق.» فهتف صديقي المأذون بسعادةٍ وقال لي أن أتصل بالشهود الآن، ولكنني أظهرتُ بعض التردد وطيف زوجتي يأتي بخيالي، وقلتُ له ليس الآن.. ولكنّ علاء أصرّ عليّ أن أتصل بالشهود الآن، فلمحتْ عينيّ تلك الفتاة التي وافقتُ على الزواج منها واقفةً عند باب غرفتها، وعندما التقت أعيننا لثوانٍ سحرني جمالها أكثر وهممتُ بالاتصال بأصدقائي ليكونوا شهودًا على عقد زواجي. وبعد إصراري عليهم جاؤوا رغم تفاجئهم بما أنا مقدِمٌ على فعله، وتم الزواج وكان علاء مأذوننا وأصبحتُ أنا الآن زوج تلك الفتاة التي عرفتُ اسمها من عقد الزواج، كان اسمها قمر.. وكانت كالقمر بالفعل. وبعد أن تم الزواج قال لي والد زوجتي الجديدة قمر: «جهز نفسك وتعال ليلة الغد لتُزفّ إلى عروسك.» عدتُ للبيت وأنا مشغول البال لتركي قمر هناك، ولم أفكّر لوهلةٍ في زوجتي نهى، وبطريقة غريبة شوق اللقاء أنساني كل شيء. في اليوم التالي جهزتُ نفسي بهدية متواضعة كالمُغيّب وحجزتُ فندقًا لقضاء ليلة العسل أيضًا رغم نظري لعينيّ نهى زوجتي وتقبيلي لها في الصباح قبل خروجي من المنزل للقاء زوجةٍ أخرى. وأنا في طريقي إلى منزل العروس اتصلتُ بزميلي في المكتب وأخبرتُه أنني لا أستطيع الحضور يوم الأحد، فقال لي لا بأس، ووصلتُ وقابلتُ والد زوجتي الجديدة قمر فقال لي أن عروسي جاهزة.. رَكِبَتْ قمر معي في سيارتي وفي الطريق كانت صامتة يمنعها الحياء ربما، وعندما وصلنا الفندق ونزلنا اتجهنا لغرف*نا فورًا وهممتُ بها .. فإذا بالباب يُطرق بقوةٍ! استغربتُ وتذكرتُ أنني لم أغلق الباب بالمفتاح. فإذا بالباب يُفتح بقوة.. فإذا بها زوجتي الأولى نهى تنظر لي بصدمة باكية تعاتبني بدموعها على ما فعلتُه، وأنا أنظر لها كالأبله وكأنني لا أفقه شيئًا مما حدث. إلّا أنني شعرتُ بالصداع المفاجئ يكاد يفتك برأسي عندما نظرتُ لعينيّ قمر زوجتي الجديدة، وخلال ثوانٍ كنتُ أشعر بارتطام رأسي بالأرض بقوةٍ فاقدًا وعيي. وفي المشفى فتحتُ عينيّ على وجه زوجتي نهى، كانت تنظر لي بعينين دامعتين، فرمشتُ أحاول تذكُّر ما حدث إلى أن احتلت الصدمة كامل ملامحي وكنتُ في حالة اندهاش كبيرة.. كيف؟ كيف حدث هذا وتزوجتُ من قمر بتلك السرعة؟ كيف وافقتُ على خيانة نهى وحبي لها بتلك الطريقة؟ وعندما رأت نهى صدمتي أخبرتني أن والدتي أتت للغرفة التي حجزتُها بالفندق لي وزوجتي الجديدة قمر مع نهى أيضًا بعدما أخبرهم أحد أصدقائي الذين جلبتُهم ليكونوا شهودًا على هذا الزواج. وبعد أن فقدتُ وعيي ونقلوني للمشفى أمسكت والدتي بقمر زوجتي الجديدة ولم تتركها حتى اعترفت قمر أنهم وضعوا لي سحرًا ما كالحِجاب في كوب الشاي الذي تناولتُه بمنزل ذلك الشيخ وبناته جعلني هذا السحر مغيبًا بجمال قمر ووافقتُ على الزواج منها. أصابتني الدهشة من هذا، وأدركتُ أن إغمائي كان سببًا في زوال هذا السحر عني، وفور أن استعدتُ قوتي وصحتي ذهبتُ لمنزل ذلك الرجل وطلّقت ابنته أمامه، يستحقون هذا بعدما أشفقتُ عليهم يستغلوني بتلك الطريقة. وحينما حاولتُ سؤال هذا الشيخ عن سبب فعله لهذا بي، ردّ بكل بساطةٍ أنه مغلوبٌ على أمره ويريد التخلُّص من بناته بتزويجهنّ بأي طريقةٍ كانت، فحتى الآن كل مَن يتقدّم لخطبة بناته لا يعود في الزيارة الثانية، ولا يعرف هذا الشيخ لمَ رغم جمال بناته وأدبهنّ.. ولكنني تكهّنتُ أن ما يحدث له ولبناته ربما يكون سِحرًا من أحدهم لإيقاف سعادة الفتيات ومنعهنّ من الزواج.. وإنما يُقابَل السحر بالسحر. وبعدها ذهبتُ لصديقي المأذون الشرعي علاء وقطعتُ علاقتي به للأبد، ثم عدتُ لزوجتي نهى معتذرًا منها بأشد الأسف، ولكنها كانت متسامحة لأنها علمت أنني كنتُ مسحورًا مغيّبًا حينما فكّرتُ بالزواج من أخرى غيرها. والفضل بالنهاية يعود لوالدتي التي اكتشفت هذا الأمر من قمر قبل أن تتدمّر حياتي الزوجية السعيدة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD