3.عزاء

1361 Words
انتهى من فحصه لها يناظرها بنظرات ربه وحده يعلم فحواها و غرضها نظرات مشفقة ربما او بالاحرى مواسية بينما ظلت هى فى غيبوبتها القصيرة لا يدري شيئا عن احلامها و مآسيها تن*د بيأس قبل ان يعيد وضع ادواته الطبية بحقيبته الخاصة ليتزامن مع فعلته تلك دخول والدتها تحمل بيدها مشروب ساخن لجارهم الطبيب الشاب و الذي اعتاد على استداعئهم المتكرر له تحركت نحوه ليجلس هو على المقعد الوحيد الموضوع بالغرفة بجانب فراشها فى حين جلست الام على طرف الفراش الام : اتفضل يا عامر يابني الشاي بتاعك تناول منها الكأس بهدوء مهمهم بكلمات شاكرة محفوظة عامر : تسلمي يا ست الكل ... عايزك تصلي على النبي كده و تذكري الله و تسمعيني كويس الام بقلق : عليه افضل الصلاه والسلام خير يا ابني طمني ارتشف رشفه من كوبه ليضعه جانبا متحدثا ببشاشة عامر : بصي يا ام فلك طبعا حضرتك شايفة الحال اللي وصلت له فلك و اكيد اخدة بالك ان الموضوع اتطور معاها بغض النظر عن انه اتطور للاسوء او الافضل بس الاكيد انها فى حالة اصعب من اللى قبل كده ..... اولا انا عايز اعرف حصل ايه بالظبط قبل انهيارها ده الام بقلق : علمي علمك يا ابنى انا صحيت مفزوعة على صراخها اللى مش بيقف طلعت اجري على الاوضة لقيتها قافلة على نفسها كالعادة و ساعة ما فتحت عليها الباب كانت بتبكي بقهرة يا حبة عيني و عمالة تنادى بأسمه عامر : مين ؟ الام بضيق: اللي مايتسمى .... شهاب ناظرها بضيق و يأس قبل ان يتناول كوبه مرة اخرى يشرب ب**ت ليكمل بعدها عامر : واضح ان فيه جديد الام : بتقول مكلمهاش بقاله يومين و النهاردة التالت عامر بحماس : عظيم طالعته الام بفضول تتأمل وسامته الملحوظة كرجل وان كان اسمر البشرة متوسط الطول ذو شعر اسود فاحم و عيون واسعة بنية اللون مثله كمثل معظم شباب مصر ... لكنه ذو مستقبل مهنى متميز تربي برفقة ابنتها لذا يعلمون اصله الطيب و اخيرااا ... عازب ..... او لنقل بمصطلح اى ام مصرية لديها فتاة بسن الزواج ( عريس لقطة ) ... تن*دت بحسرة على حظ ابنتها استيقظت من تأملها ذاك على صوته يكمل حديثه عامر : اللي اقصده انها يمكن تفوق شوية لما يتجاهلها اكتر الام : مظنش ... دى جت تطلب منى تسافرله عامل بضيق : تسافر ايه بقى هو اى جنان و السلام ثم استرد بتوتر عامر : اقصد يعنى مينفعش طبعا حكاية السفر دي الام بحزن : ده كان رأيي فعلا و عشان كده اقترحت عليها تكلم صحابها يسألو عنه يمكن تهدى شوية عامر بلهفة : و بعدين تن*دت بقلة حيلة لتردف الام : و بعدين الحالة اللى انت شوفتها ..... صحيت على صوتها و وقوعها بين ايدي بالمنظر ده .... قولي يا ابني و شور عليا ايه الحل **ت حل بالغرفة حتى نهض واقفا ينقل نظراته بين الام و ابنتها ليهتف بأصرار عامر : لازم تتحجز فى المستشفى و ساعتها هنقرر فريدة : لااا بقى كده كتير كتير اوي يا ماما ايه رأيك اكلم انكل جمال نسأله عنه الام : اللوا جمال مش فاضيلنا و اخوكي مش عيل صغير نسأل عليه الناس تأففت الفتاة لتجلس ارضا بجانب والدتها المقعدة و التى اصابها الشلل بأطرافها السفلية بعد وفاة زوجها الحبيب لتهمس ابنتها بقلق فريدة : يعنى انتي مش قلقانة من غيابه ده ياماما ... ده انا هتجنن الام بخوف : قلقانة طبعا بس انتى عارفة المثل الإنجليزي no news is good news يعنى طالما مفيش اى خبر يبقى الامور كويسة بإذن الله فريدة بإبتسامة : يا سلام عليك يا مثقف انت يا حلو ومن ثم جاءهم صوته المحبب لينتفض كلاهما فى جلسته ناظرين لمص*ر الصوت شهاب : اقعدو حبو فى بعض و سيبونى ملطوع اتف*ج عليكم ومن ثم اتجه نحو والدته ينحنى عليها مقبل جبينها ليكمل شهاب : ينفع كده يا ست الكل ... ايه خلاص بقى مفيش غير المفعوصة دى و بس و انا اتركنت على الرف ولا ايه امتلأت عيونها بالدموع لتطلقفه بين احضانها فيحتضنها هو بحنان و حب و تشترك ش*يقته بهذا الحضن تردف بين دموعها فريدة : كده برضو يا استاذ تقلقنا عليك ... ممكن تقولى بقى كنت مختفى فين كل الفترة دي و مش بتتصل و لا بترد على مكالماتي ليه خرج من احضان والدته ليجلس ارضا بجانب ش*يقته يردف بحب شهاب : مفيش يا مقصوفة الرقبة انتى .. بس من فترة كده حضرة اللوا المبجل قدم طلب بنقلي للقاهرة هنا على طول بس كان فى ايدي قضية لازم اخلصها و بعد ما خلصت طلعت على اسكندرية استجم يومين و اديني جيت اهو قفزت من جلستها لتردف بحماس فريدة : يييييييس بجد يا ابيه يعني هتفضل معانا هنا و مش هتسافر تاني شهاب بسخرية : دلوقتى بقيت ابيه يا اختى .... و بعدين اه هفضل هنا ... بصراحة انا كنت معترض و متضايق من قرار سيادة اللوا بس بصراحة بعد ما رجعت و شوفتكم حسيت اد ايه انكم واحشني ...... ومن ثم التقط كف والدته المبتسمة بحب و سعادة ليردف .... و عرفت قيمة انى اكون جنبكم الام بحب : يخليكو ليا يارب و ميحرمكوش من بعض ابدا و يكرم جمال بيه بأولاده و يفرح قلبه زي ما فرحنى بالامر ده شهاب بحنان : يارب يا ست الكل ... ومن ثم نهض ليردف ..... انا هقوم بقى اريح شوية عقبال ما الغدا يجهز احسن انا جعان نوم و اتجه الى غرفته ليسمع صراخ ش*يقته هاتفة بخبث فريدة : تنام برضو ولا تكلم حبيبة القلب لوكة هانم تجاهلها بإبتسامة مشتاقة لجنونها و سخريتها قبل ان يدلف الى غرفته محتضنا سريره متجاهلا تماما تلك التى تقبع فى مكان ما تشتاق لصوته و الاطمئنان عليه بعد عدة ايام و بمكان اخر تنظر للامام بأعين فارغة تائهة .. تفكر بتفسير مناسب لحاله و مشاعرها هي الحالية لم يعثرو عليه اختفى بل فُقد او ربما غاب لفترة ام كما يحدث لامثاله مؤخرا هو فقط ..... مات ؟؟؟؟؟ توفى شهيد اثناء ممارسته لعمله المقدس ؟؟؟ ... نعم هذه هي حقيقة الامر .... حبيبها شهيد و يال حظها بمثل هذا الحبيب ....... فهى امرأة الشهيد ... حبيبته و عشيقته .. كانت خطيبته و ستظل زوجته المستقبلية بالفردوس الاعلى ان شاء الله تحتضن ركبتيها بذراعيها تسند رأسها عليها هامسة بإسمه من بين شفتيها بإبتسامة حالمة فلك : شهاب ..... ثم اردفت بفخر ..... حبيبي الشهيد عيون تناظرها بدهشة .. اجساد تحيطها ترتدي ملابس بيضاء .... مشهد يحيطه الكثير من التساؤلات .. يغلبه صوت قاتل سوى من بعض الهمسات المقلقة ليقطع كل ذاك صراخ أم بنبرة ألفتها الفترة الاخيرة يردف بقوة و اصرار الام بحرقة : لأ ... لأ مش شهيد ... مبقاش موجود .... الحمد لله مبقاش موجود فوقى بقى لنفسك ...... خلاص شهاب انتهى و انتهت ايامه ... مات ، اتقتل ، اختفى ، المهم انه خلاص مبقاش موجود ....... افهمي بقى كفاية تعب قلبي عليكي كفاية .... كفاااااية احتضن عامر جسد الام يبعدها عن ابنتها فلا حالتها ولا الموقف يتحمل انهيار اخر لابنتها ..... ظل يحتضنها حتى أخرجها من الغرفة ليجلس بها على احدى مقاعد المشفى بقى لفترة يربت على كفها بهدوء ليزيد بكاءها حسرة على ما آل اليه حال ابنتها عامر بهدوء : ممكن افهم بقى يا ست الكل ايه اللي مزعلك اوى كده .... حالة فلك بتمشي زى ماحنا متوقعينها ... تعلقها بشهاب مجاش من فراغ و انقطاعه عنها هو اللي مسببلها كل ده و احنا لازم نساعدها تتجاوز كل اللى بيحصلها ... انهيارنا و عصبيتنا مش هتساعدها بالع** .... فهمانى الام بحزن : فاهمة بس انا تعبت ... كان ذنبها ايه تشوف كل ده ... دي يا قلبي لسة بتبدأ حياتها عامر بحب : نصيبها يا ام فلك و وعد مني عمرى ما هسيبها او اتخلى عنها الام بحنان : ربنا يكرمك يا ابني و يفرح قلبك و يسعدك يارب اكتفى هو بالابتسام بوجهها و بداخلها يؤكد دعاؤها بعد ثلاثة اشهر بالقاهرة يتحرك بشموخ يغلب عليه الحزن .... اعين حمراء منتفخة و وجه ممتقع بائس .... يواري جسدها خلف التراب بيده لتنهمر دموعه بضعف و ندم .... ها هو يودعها بقلب منفطر .... يسترجع ذكرياته معها ... نادم على كل لحظة قضاها متجاهلا اياها .... غاضب منها .... لم يكتفى منها بعد ... لم يحقق لها امانيها .. لم يرغب ابدا بمثل تلك النهاية انتهت طقوس الدفن لينصرف الجميع من حوله .... يسمع شهقات ش*يقته بجانبه لتسقط دمعة من عينيه مسحها بعنف .... احتضنته بحب ومن ثم تركته يودعها وحيدا يودع حبيبته ... عشقه ... رفيقة فرحه و حزنه ... من تمنى ان يكون يومه قبلها .... من يرى الحياة من خلالها ...... سعادته الوحيدة .... خطيبته ومن كانت ستصبح زوجته المستقبلية لكن امر الله جاء قبل ذلك ......................... يتبع ...........
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD