bc

براكين من عشق ٣

book_age12+
22
FOLLOW
1K
READ
serious
like
intro-logo
Blurb

ثم ماذا بعد؟ ….إن قلبي يحترق

نارُه أسوارَ روحي تخترق 

جمراته أقسمت ألا تنطفئ ...

ثم ماذا؟ إني على نصل الهوى أنزلق 

في هوة كالدجى تسحبني ب**تٍ مطبق 

و أنين ص*ري يحاصر أنفاسي أكاد أختنق

فتركت آلامي تحاكمني وتنصب لي المشانق 

لعلك تشهدين أوان مصرعي ولُبّك عليّ يشفق 

chap-preview
Free preview
الفصل الاول
وصلا إلى المسجد بعد ما يقارب النصف ساعة فرفع أسد أكمامه عن ساعديه ووضع نظارته السوداء فوق رأسه ليصبح شكله ملفتا فلا توجد فتاة أو امرأة مرت إلا ونظرت له بإعجاب، وبدأ بإخراج الحقائب من السيارة لتقترب منه وتسحب أكمامه التي رفعها لتغطي ساعديه مرة أخرى فنظر لها باستغراب وسألها"ماذا تفعلين؟ "ارتبكت ولم تجد إجابة تسعفها سوى أن تقول " نحن أمام الجامع قم بتغطية يد*ك " نظر لها بقوة وضحك ضحكة رنانة كادت أن توقف قلبها عن العمل وقال "لماذا وهل يد الرجل عورة؟ ما هذا الكلام؟ مؤكد تأثير التوبيخ الصباحي بركاتك يا أمي " نظرت حولها بغيرة فهل كان ينقصها ضحكته وجدت أن هناك فتاتين وقفتا تنظران إليه وتتهامسان سويا فنظرت لهما بغضب كأنها تحذرهما من الاقتراب، بينما أسد ينقل الحقائب من السيارة لكنه انتبه أنها لا تساعده فنظر لها ليجدها تقف بغضب تنظر لفتاتين تنظران إليه ففهم ما يحدث ونادى عليها والابتسامة تشق وجهه وقلبه "يا بطة ساعديني قليلا " اقتربت منه تحمل الحقائب بذهن غائب فهمس لها "بطتي هل أجد لد*ك حجابا إضافيا؟ " فردت عليه بدون اهتمام "لماذا؟ " فقال لها "لأغطي به شعري فأنا سأدخل المسجد " ألقي مزحته وابتعد عنها يضحك بشدة جعلتها تهمس بتوعد تعلم جيدا أنها لن تنفذه وسارت خلفه تحمل الباقي وظلا هكذا حتى افترقتا هي إلى ناحية الفتيات وهو لناحية للشباب......... مرت ساعتان كان أسد أنهى فيهما كل ما لديه وهاتف عزيزة لتقا**ه أمام صندوق التبرعات، اقترب من الصندوق ليجدها سبقته فهي كانت أقرب منه إلى هذا المكان، كانت تتلفت تبحث عنه وهي تشبك يديها ببعضهما بحركة طفولية جعلته يأخذ أنفاسه بهدوء لعل قلبه الغارق في حبها يتمهل في عدوه نحوها...اقترب منها قائلا "هيا بنا لننهي هذه المهمة ونرحل أريد أن أعيدك إلى القصر" لم تبالي بكلامه بل ظنته غزل من نوع خاص وابتسمت وسارت بجواره حتى وصلا إلى الصندوق فرفع حقيبة صغيرة كانت تحتوي على ستة أظرف وقال لها "أولا لنقرأ الفاتحة على أرواح الراحلين عسى أن تكون هذه الصدقة مقبولة بإذن الله " أدمعت عيناها بتأثر وقرأت الفاتحة معه وختمتها فناولها أول ظرف كان مكتوب عليه تولين فمدت يدها وأخذته وقد بدأت دموعها تتساقط ثم وضعته بالصندوق وفعل هكذا مع الأظرف الباقية كل ظرف باسم، فواحد باسم رأفت وآخر باسم أحمد ثم قمر وحتى نزار و سمراء تصدقا لهما لعل الله يعجل بشفائهما ومع آخر ظرف همست له عزيزة ببكاء "هل انتهينا؟ " فرد عليها بهدوء "بقي ظرف واحد فقط " ومد يده بجيبه ليخرج ظرفا كان الأثقل بين الأظرف رغم أنها متأكدة أن الأظرف الأخرى كانت تحمل مبالغ ليست بالهينة لكن هذا كان مميزا والأغرب أنه قد كتب عليه اسمها، مدت يدها وأخذته منه تهمس له "لماذا؟ " فقال لها " نذر وأوفيه لقد نذرت لله أن كل سنة تمر عليّ وأنا بجانبك سأخرج لله مبلغا وسأضاعفه إلى عشرة أضعاف حين نتزوج وكل عام سأحضرك إلى هنا لتفي معي بهذا النذر " وضعت الظرف بالصندوق وهي تبكي ولكن هذه المرة كان بكاءً صامتا كان تدعى بداخلها وتقول "اللهم أغثني فلقد فقدت قلبي معه وهمت به عشقا" تجلس على الأريكة بجوار أمها والابتسامة لا تفارق وجهها الصبوح، تحاول أن تتعامل مع كل ما حولها بوضعها الجديد تحاول أن تكون متصالحة مع نفسها ومع الجميع، رغم لحظات الضعف التي تنتابها من وقت إلى آخر وخصوصا أنها فقدت أقوى حاسة للتواصل مع العالم فأبسط الأمور أصبحت بالنسبة لها أمورا صعبة ومستعصية، أحيانا تنتابها نوبات بكاء هستيرية وأحيانا نوبات **ت قاتل لكنها تعود لجمع شتات نفسها كلما سمعت المؤذن يقول الله أكبر حينها تهدأ وهي مقتنعة تماما أن الله أكبر من أي شيء وهو القادر أن يشفيها، كما أنها تحمد الله على وجود حورية ومنير بحياتها فهما كانا لها خير معين على تخطي ما حدث ….فحورية تمتلك خبرة سابقة في التعامل مع حالتها لأن أختها فقدت بصرها أيضا في حادث وحاولت إقناعها بالالتحاق بأحد مراكز تأهيل المكفوفين لكنها رفضت أن تتعامل مع وضعها أنه دائم وفضلت انتظار قرار الأطباء في حالتها ، دخلت حورية تتكلم بارتباك وتقول "أمي نعمة والدة جمال العزايزي تنتظرك في مجلس النساء في الأسفل " ردت عليها نعمة بهدوء " يا أهلا بها هل قمتِ بضيافتها؟ " أجابتها حورية "طبعا يا أمي ولكن أشعر أنه وجهها لا يبشر بالخير " هزت نعمة رأسها فقلبها منقبض منذ الصباح وقالت " خير إن شاء الله …. ابقي أنت مع غفران وأنا سأنزل لأقا**ها " اقتربت حورية تجلس بجانب غفران وتحيطها بأخوية واضحة وحب نقي فمالت غفران برأسها على كتف حورية وهي تتن*د وتقول " ماذا يحدث يا حورية هل كل الأمور بخير؟ " ابتسمت حورية بارتعاش تحمد الله لأول مرة أن غفران لا تراها وقالت "طالما أنت بخير إذاً كل شيء بخير لا تقلقي" ابتسمت غفران وقالت لها "أنا لست قلقة الحمد لله " **تت قليلا ثم سألت " أين منير؟ لماذا لا يحوم حولك كعادته منذ فترة؟ فأنا لم أسمعه يتغزل بك وأنت توبخينه منذ مدة " ضحكت حورية بمرح وقالت لها "آخر مرة فعلها سمعه عبد الرحمن ووبخه بشدة لأن تبارك كانت في المنزل وظل أخوك ينظر لي بلوم هل هو مجنون؟ ما ذنبي أنا في تصرفات المراهقة خاصته؟ لقد جن أخوك كليا " سمعا صوته يقول بشدة "ما شاء الله يا ست حورية أين أنت؟ أبحث عنك منذ فترة " انتفضت حورية من المفاجأة وهمست لغفران "ها هو قد بدأ شاهدي ما سيحدث " دخل منير الغرفة واقترب من غفران وهو يقول "كيف حالك اليوم يا ست البنات ؟" ابتسمت له بحب وقالت "بخير ما دمت أنت بخير يا أخي أدامك الله لي " ابتسم لها وهو يقول "سلم لي ل**نك الذي تتساقط منه هذه الكلمات التي تشبه الشهد فأنت تحبينني صدقا لست مثل آخرين متبلدي المشاعر لا يشعرون بقلبي الذي لا يتوقف عن الخفقان هل تسمعين " أدارت حورية وجهها تمسك ضحكتها بشدة أما غفران فضحكت وهي تقول "أسمع يا أخي بل الحق يقال كل من في المنزل يسمع فقلبك أصبح يدق بكل الأماكن فآخر مرة دق أمام غرفة والدي هل تتذكر؟ " نظر لها منير بحنق وقال "لماذا تذكريني يا غافي فعصاه مازال أثرها على جسدي أنا مضطهد في هذا المنزل " نظرت له حورية وقالت "إذا تأدبت قليلا لن تشعر بالاضطهاد " نظر منير حوله يبحث عن مقعد حتى وجده فذهب وحمله ووضعه أمامها وجلس عليه حتى أصبح وجهه مواجها لوجه حورية تماما وقال "أنا مؤدب جدا يا زوجتي العزيزة ثم لقد حانت ساعتنا الخاصة لذلك استرخي واستعدي " صرخت حورية وعيناها تتسعان وتقول "لا ليس مجددا ماذا سيحدث هذه المرة ….أبي جعفر ورقصت عصاه على جسدك ، عبد الرحمن ووبخك كأنك طفل صغير ، العاملات في المنزل يتهامسن علينا وحتى أختك هذه أصبحت تتابع مهازلك اليومية لم يتبقَ سوى أمي نعمة وأنا لن أ**ت حتى تراني في وضع محرج كهذا ،مستحيل " نظر لها منير بلا مبالاة كأنها لا تتحدث وقال "انظري إلى عينيّ جيدا فأنا سأبدأ حالا وركزي معي فلا مجال للخطأ هذه المرة " ضحكت غفران بشدة وظلت تستمع لما يقال بسعادة فسمعت حورية تتأفف بضيق ومنير يقول " سنبدأ هذه المرة بذكرى أحملها بقلبي منذ عامين ويجب أن نتشارك بها اليوم، ذكرياتي معك لا يمكن أن تعود فردية من طرف واحد فها أنت أخيرا هنا وعليّ إخراج ما في قلبي قبل الزفاف فكم مرة سنحظى بفترة خطبة " تلون وجه حورية بإحراج شديد وقالت له "منير أنت تضعني في مواقف مخجلة جدا وتخبرني بأمور لا أصدق أنك ما زلت تتذكرها فآخر مرة ذكرتني عندما ض*بت موكلي على باب المحكمة لأنني تأكدت أنه كاذب هل كنت هناك تشاهدني وأنا أفعل ذلك حقا؟ " ضحك منير وغفران معا ورد عليها قائلا "كنت أشاهد كل شيء وانتظر اللحظة المناسبة لأتدخل ولكنك أنهيت الأمر بض*بة قاضية أنهت على مستقبل الرجل " صرخت حورية بشدة "منير توقف " لكن منير لم يتركها بل ظل يقص عليها ذكرياتها المخجلة وهو مستمتع جدا بضحكة غفران النقية وغضب حورية الذي ينعش نبضه ... ظلوا هكذا لنصف ساعة حتى انتفضوا معا واقفين على صوت أمهم نعمة الذي يعلوا بهذا المنزل لأول مرة، اقتربوا من الباب يستمعون لما يحدث وماهي إلا لحظات وكانت غفران تبتسم بألم ودموعها تسيل قبل أن تدور الدنيا من حولها لتفقد وعيها مباشرة بين يدي حورية التي صرخت وهي تثور بداخلها على حال غفران فهي لا تستحق ما يحدث لها أبدا ........ صعدت نعمة السلم بقهر من قوته ودت لو أنها زلزلت أرض العزايزة وناسها، هل وصلت قسوة قلوب الناس لهذه الدرجة؟ ظلت تتذكر كلمات معدومة القلب التي كانت تجلس أمامها وهي تقول "يا أم عبد الرحمن لقد جئتك اليوم وأنا متأكدة أنك ستتفهمين حديثي فأنت شيختنا زوجة كبيرنا ...قبل أي شيء أريد أن أخبرك أننا مازلنا متمسكين بغفران رغم ما حدث لها لكن أنت تعلمين أن وضعها الجديد سيعيقها أن تكون زوجة طبيعية، وجمال ابني يحتاج زوجة تهتم به فهذا العام يحضر للدكتوراه ويحتاج إلى التركيز ولن يكون لديه وقت للاهتمام بزوجة كغفران، لذلك أنا قررت أن أخطب له فتاة صغيرة يمكنك أن تعتبريها أي شيء تفضلينه سأجعلها خادمة إن أردتِ سأزوجه بها في أفراح هذا العام، والعام القادم يكون وضع غفران قد استقر وأصبحت أفضل فنزوجهما حينها" تتذكر ردة فعلها الهادئة المتزنة رغم أنها أم مكلومة وبشدة ...كأنها أصبحت تمثالا لا يخرج عن وضعية الجمود لكن …..لا …..هذه ابنتها وستشعل من أجلها نيرانا في هذه العائلة يكفي ما حدث لها في الماضي رغم أن القدر كان رحيما بها وكافئها بمنير لكن في هذا الزمن حتى الرحمة انعدمت من قلوب البشر وهي لن تسكت أو تتراجع، اقتربت من غرفتها وجعفر وفتحت الباب بشدة كأنها ت**ر أول أحكام هذا الجبار الجالس أمامها ينظر لها بحب لم يهتز لحظة منذ أول يوم لهما معا ولكن ها قد حان الوقت ليهتز عالمهم جميعا ....... أنهى جعفر ورده اليومي وجلس يردد الأذكار وهو يفكر في حال غفران، لقد أخّر زفافها لعام فحالها يوجعه لكن قدر الله وما شاء فعل، الحمد لله أن عينيه قُرّتا برؤيتها مجددا فلا يعلم ماذا كان سيحدث له لو أصابها مكروه يقسم أنه كان سيموت ألف مرة لأجلها وألف أخرى لأجل نعمته التي …..قاطع أفكاره دخول نعمة التي فتحت الباب ودخلت بشدة تنزع نقابها لتكشف عن وجهها الصبوح الذي يرقد كالوشم فوق خافقه، لم يتحرك ولم يهتز فهو لم يرها غاضبة هكذا منذ زمن بل ظل يتأملها بهدوء ذهب أدراج الرياح حين وقفت أمامه تصرخ بقهر "طلبت منك منذ زمن أن نرحل ونترك كل شيء وراءنا، أن نعيش بعيدا عن هذه العائلة وأحكامها وظلمها ولكنك رفضت، لكن اسمعني يا جعفر أنا لن أدع ما حدث لي يحدث لابنتي فمستحيل أن تتزوج هذا البليد الذي أرسل والدته تخبرني أنه يريد أن يتزوج هذا العام فتاة غير غفران لتهتم به، ملعونة تلك العادات التي رخصت ست البنات لكلب مثل هذا، ابنتي لن يكون لها ضرة ولن تتزوج برجل رخصها ولتحترق هذه المكاتيب التي أعلم أنك لن تستطيع أن تخالفها فأنت الكبير، لكن أنا أستطيع وكما تمردت منذ زمن سأفعلها مجددا وهذه المرة لن أتراجع حتى لو كانت نهايتي " وقف جعفر بكل هيبته و وقاره وسنين عمره التي خطت على وجهه أثارها ينظر لنعمة وهي تنتفض كالطير المذبوح، اقترب منها ببطء فظلت واقفة أمامه تنتفض وكل ما بها يحتاج له لتجمع شتات نفسها التي مزقتها هذه العائلة وأحكامها، نظرت له بلوم على قرار تخاذل به منذ سنوات وها هم يدفعون ثمنه غاليا ، مد يده وضمها إلى ص*ره بقوة يشكو إليها ب**ت ألمه ولوعته وندمه لكن ماذا يفعل إذا كان قد جُبِل على أن العائلة قبل كل شيء! ماذا يفعل إذا كان ينظر لما هو فيه الآن بأنه قوة وحماية لما يملكه وهو لا يملك سواها هي وأبناءه؟ لكن هل عاد الندم يفيد؟ مرت دقيقة واحدة قبل أن يبتعد عنها بفزع وهو يستمع لصوت حورية التي تصرخ باسم غفران بلوعة أفزعته ولكن كبير هذه العائلة لا يمكنه التخاذل فهو لم يتهاون يوما مع أحد مهما كانت أسبابه، لم يرحم أو يرأف بأحد وهو يشرع حكم العادات النافذ على الجميع ورغم دموعه التي تجمدت بعينيه كان يعلم أنه سيوافق على زواج جمال هذا العام وسيزوجه ابنته العام القادم فالمكاتيب سيف بتار على رقاب الجميع ........ كانت الشركة في أوج نشاطها رغم غياب بشر الذي يؤثر على الجميع وعلى العمل أيضا، ولكن رغم ذلك فالجميع يبذل أقصى جهده من أجل هذا المكان الذي يجمعهم جميعا تحت سقفه ، كان اليوم رغم ضغط العمل مشحونا بمشاعر متفاوتة من مكتب لآخر، ففي مكتب صفي حرب تدور بشراسة لكنها غير متكافئة الأطراف فهناك طرف متسلح ومستعد وأخذ قراره بالهجوم والطرف الآخر قليل الحيلة غير مستعد بالمرة وأوقعه قلبه في مأزق لا فرار منه، حيث كانت تجلس بلقيس أمام صفي وهي تشعر أنها كالعصفور الصغير الذي يقف أمام صقر ضخم فارد جناحيه كانت تعلم أنها ستخسر هذه الجولة لكنها أصرت أن تحاول لعلها لمرة واحدة تستطيع أن تتغلب على ضعفها أمام صفي، فهي تشعر أنها مبعثرة وموجوعة منه بشكل خاص فقد رحل و تركها خلفه تتجرع حزنها على فقدهم وعاد لها بشكل جديد كليا، فقبل الحادث كان يعاملها بتحكم وتسلط لكنها كانت تشعر بحنانه دائما أما من يجلس أمامها الآن ويأمرها أمرا لا جدال فيه أنهما سيتزوجان بعد ثلاثة أسابيع كأنه لا يصدق أنه لو أجل زفافهما للعام القادم ستقبل أن ستتزوجه ….لا بل يعاملها كأنها ستهرب منه عند أول فرصة ولن تعود ….هل هذا حقا هو حبيبها الذي ركع أمامها يطلبها للزواج بمنتهى الرومانسية؟ ماذا يحدث معه؟ تكلمت بتردد وهي تنظر لصفي الذي يضع يديه على فخذيه وينظر لها بتدقيق "أنا فقط أطلب بعض الوقت لأتهيأ نفسيا لهذا الزواج، صفي أنا لست مستعدة بعد كل ما حدث وعام ليس بكثير " قال لها بهدوء عاصف " أي وقت تطلبينه سأمنحه لك هيئي نفسك كما شئتِ واستعدي وأنت معي لن أمانع مطلقا لكننا سنتزوج وهذا قرار نهائي" نظرت له بحزن تتساءل لماذا لا يشعر بها لماذا لا يتفهم ما تمر به معه؟ …. لماذا يقسو عليها...ردت عليه بخفوت " صفي أرجوك انا حقا أحتاج أن …..." قاطع كلامها صارخا بغضب " بلقيس أرجوك أغلقي الموضوع فليس هناك مجال لنتناقش في هذا الموضوع مجددا…. فلا أجد أي داعي لبعدك عني لذلك سلمي للأمر الواقع فلم يعد بإمكاني العيش في جحيم بعدك ثم عن أي مساحة تتحدثين هل هناك بداخلك شيئا لا أعلمه؟ " هزت رأسها برفض وبدأت بالبكاء ف*نهد بقوة ومسح على وجهه بعنف وسحبها لتجلس على أريكة في جانب المكتب وجلس بجانبها يقول " بلقيس هل تشعرين أن زواجنا سيجعلك تعيسة؟ " الحقيقة ...رغم أنها تعشقه إلا أنه وضعها أمام أفكارها المجردة هي حقا تشعر بهذا ولكن نظرة عينيه التي كانت تترقب إجابتها بلهفة جعلتها تغالط نفسها وكل ما بداخلها وتهمس له "لم أشعر بهذا قط أنا فقط ما زلت أشعر بالحزن يسكنني لذلك …." قاطعها بلهفة "لذلك الأفضل لنا أن تكوني داخل أحضاني لأمحو حزنك وألمك ولتنهي جحيمي ومخاوفي فأنا بدونك أعاني ويلات لا تنتهي سنتزوج وحينيها سيصبح كل شيء بخير " أصابها خرس عشقه وهو أصابته حمى التملك في العشق فلا هي تكلمت ولا هو ترك لها المساحة، فاستسلمت تغمض عينيها بقهر وهي تتمنى أن تجد سكن روحها معه، تتمنى لو أن هذا الحادث كان أصابها بإعاقة لتتساوى المشاعر لعله حينها يرحمها من ظنونه ولعلها كانت تفهمت شكوكه و ردود أفعاله المبالغ بها فصفي بالنسبة لها كل ما تريد وكل ما تخاف ... أي تناقض هذا! أما هو فكان يشعر أنه يتطور للأسوأ لكنه لا يستطيع تقبل فكرة أنها تريد الابتعاد عنه لعام آخر... ففكرة الفراق والفقد تسيطر على عقله بشدة منذ ما حدث فلمرتين على التوالي يفقد أعزاء على قلبه وفي لمح البصر لذلك لن يضيع لحظة بعيدا عنها فمن يضمن لحظة النهاية …… تجلس أسمهان أمام منذر يتناقشان في أمر يخص حملات الدعاية التي سيقومون بها للترويج للفرع الذي سيفتح في القاهرة قريبا، فبعد جلسات ومشاورات بحضور إياد القاضي اقتنع الجميع وعلى رأسهم عمها جواد أن هذا الفرع سيكون نجاحا جديدا يضاف لهذه الشركة، لذلك منذ أيام بدؤوا في مرحلة التخطيط لكن التنفيذ سيتوقف لحين عودة بشر…. رفعت أسمهان عينيها تنظر لمنذر بابتسامة وقالت "أنا جائعة اسألهم في الخارج... هل وصل الطعام؟ " رفع منذر سماعة الهاتف وهو مازال ينظر إلى حاسوبه يسأل عن الطعام وبعد ربع ساعة كان كلٌّ منهما منغمسا في لذة طعامه يتبادلان أحاديث لطيفة حتى قال منذر لأسمهان بنظرة متفحصة عميقة " هل أنت حقا مستعدة للزفاف ولا تجدين بداخلك أي رفض للفكرة أو لي؟ " مضغت أسمهان الطعام في فمها ببطء وهي تنظر له وقالت "هل تريد أن أخبرك بالحقيقة؟ " رد عليها بثبات "طبعا ولا أريد غيرها "تركت أسمهان الطعام الذي بيدها واعتدلت تنظر إليه وقالت "أنا لست مقتنعة بفكرة الزفاف السريع فنحن نحتاج بعض الوقت لدراسة بعضنا أكثر أنا لن أنكر أنني بدأت أنجذب لك لكنني أريد أن أعيش قصة حبي بتفاصيلها وهذا ما لن أستطيع فعله بعد الزواج " نظر لها بابتسامة وقال "حقا ...هل هذه هي المشكلة التي تواجهك؟ بالع** أنا مقتنع أن الزواج سيقرب بيننا كثيرا وحينها سنعيش أجمل قصة حب " تكلمت أسمهان بحيرة تتساءل "هل تظن ذلك؟ أشعر أنني لو تزوجت بهذه السرعة سيفوتني الكثير فمرحلة الخطوبة مهمة ولن نعيشها مرة أخرى…. أحتاج أن يكون لي قصة تتخم مشاعري التي تقف بثبات تنتظر الرجل المنشود " رد عليها بطريقة سياسية "لماذا تنظرين للأمر من هذه الزاوية؟…كأن الزواج نهاية القصة ... يمكننا أن نخصص وقتا بعد الزواج لنقوم بكل ما لم نفعله قبله الأمر سهل جدا لذا لا أريد أن أشعر بترددك لحظة فهذا سيزيد توتري " قالت له بسرعة "صدقني لم أقصد شيئا لكن ما رأيك أن نأخذ فترة خطوبة خاصة بنا بعد الزواج منذر أنا تقريبا لا أعلم عنك شيئا ولا أنت أيضا ولا أستطيع تأجيل الزواج فأبي وعمي لن يوافقا أبدا على ذلك وأنا أعلم هذا جيدا " نظر لها باستغراب وقال " أنا كبرت معك في منزل واحد ورغم ذلك لا تعلمين عني شيئا إذاً كيف أعلم أنا عنك كل شيء صدقيني يا أسمهان نحن معا لن نواجه أي مشكلة فأنا أحبك حقا وسعيد بك لأبعد حد " ضحكت من منظره وهو يعترف لها بحبه فبدأ كأنه يخبرها عن أحوال الطقس فقالت له " أرجوك يا منذر تعود على أن تكون رومانسيا قليلا فأنا لا أحلم بشيء سوى رجل رومانسي عاشق وشاعر يتغزل بي في كل وقت فتتسارع دقات قلبي على إيقاع صوته ويكون لأنوثتي المرسى والبحر لا فكاك منه …. أنا أكره الرجل العملي البارد " نظر لها بحنق وقال "أسمهان... أنا لست رجلا رومانسيا أعرف لكنني أحاول صدقيني ….هذه طبيعتي ورغم ذلك أخبرك إني أحبك وإني مستعد لنكمل حياتنا سويا بهدوء وسكينة أما العملية والبرود فهما طبعا يلازمني منذ زمن، لن أقول لك لا تحاولي تغييري لكن سأقول لك حاولي وأنا معك سأحاول أيضا لعلك تجدين بي يوما كل أحلامك " نظرت له وقالت وعيناها تضيئان بعزم ولد أبيّا كروحها "عدني يا منذر أنك ستكون كل ما أحتاجه وكل ما أريده، أنك ستحتويني وتعشقني كما يجب، أنك ستتغير لأجلي ولن تحزنني أبدا ،عدني أنك ستستحق أن أضحي بحريتي من أجلك وأنك ستكون ملتزما بوعدك " ظل ينظر لها بعقل يحلل كل ما تقول أحيانا يخاف من قوة أسمهان فهي من النساء اللواتي لا يؤمنّ بالخضوع والانهزام، يخاف لو أنه أخطأ في حقها يوما أن تتخلى عنه وتتركه خلفها كأن لم يكن، يعلم أنه بعيد كل البعد عن رجل أحلامها بع** أحلامه التي تتربع هي على عرشها وتحتلها ... وجد نفسه يهمس لها وهو يتأملها بعشق محفوف بخوف "أعدك " ابتسمت له براحة كأنها حصلت على ما أرادت وتركته يعاني ويلات هذا الوعد الذي لا يعلم حتى الآن مغبة ألا يفي به... بدأت أفكاره تتضخم بداخل عقله فقال لها بصوت مسموع "أحبك يا أسمهان " كأنه بهذه الكلمة يخرس أفكاره المخيفة ويهدئ نبض قلبه الذي رقص عندما همست له بخجل "وأنا أيضا بدأت أحبك يا منذري" في اجتماع مغلق كان يجلس مأمون وعاصي برفقة إياد القاضي لإنهاء بعض الأمور العالقة، دار الاجتماع بشكل جيد مبدئيا فإياد شاب ذكي وطموح من أسرة متوسطة الحال لكنه عافر كثيرا ليكتب قبل اسمه كلمة رجل أعمال على بطاقته الخاصة ….لقد أحضر لهم أبوه كل ما يخصه من معلومات وشجعهم أيضا على هذه المبادرة متوسما خيرا في ذكاء هذا الشاب الذي بادر بطرح فكرة كانت لترفض بشدة قبل موت حشاد، سبحان الله وكأن القدر رتب أمورهم بحنكة ولكن رغم كل ذلك ستظل الأمور عالقة حتى عودة الابن الضال ، نظر مأمون إلى عاصي الذي كان غير مدرك لأبعاد النقاش وذهنه غائب وعيونه حمراء وتوتره مرسوم على قسماته باستغراب ثم نظر إلى إياد الذي رتب الأوراق الموضوعة أمامه بابتسامة دبلوماسية وقال " أظن أننا مبدئيا متفقون على كل شيء ولا أريدكما أن تحملا هم السيولة المطلوبة نهائيا أريدكما أن تركزا حاليا على إنهاء التراخيص والأوراق المطلوبة وحينها سنجتمع ثانية وسيكون بشر حاضرا لإنهاء كل شيء بإذن الله" وقف إياد وقال وهو يمد يده ويصافح مأمون " بإذن الله سأنهي كل شيء بوقت قياسي وسنجتمع قريبا إن شاء الله ،سأرحل أنا الآن لأن طائرتي ستقلع بعد ساعات " وقف مأمون يصافحه بكياسة ثم صافح عاصي الذي لم ينتبه لما يحدث حوله إلا عندما نبهه مأمون ، خرج إياد من الغرفة وخرج خلفه عاصي حتى أنه لم ينظر لمأمون الذي ض*ب كفا على كف من حاله العجيب، جلس مأمون ينهي عمله بتركيز شديد فقاطعه رنين هاتفه باسم المحقق الجديد الذي عينه ليبحث عنها فالمحقق السابق لم يأته بمعلومة واحدة عنها رغم أنه محترف وهذا جعله غير مطمئن له رد عليه باهتمام وقال "هل هناك أي معلومات جديدة؟ " رد عليه الآخر بعملية "نعم يا سيدي السيدة سجى توفيق الساجي لم تغادر أمريكا بل لم تغادر الولاية حتى، لم أتوصل لمكانها بعد لكن وصلت إلى معلومة أهم وبالطبع كل شيء وله ثمن سيد مأمون " تكلم مأمون بعصبية "تكلم بسرعة وسأعطيك ما تريده ...هل أصابها مكروه؟ " رد عليه الآخر "السيدة تتردد على مشفى الطبيب جورج من وقت لآخر في سرية تامة لقد اكتشفت هذا من كشوفات المتابعة وأنا أبحث عن اسمها " وقف مأمون بهلع يسأله "ماذا بها هل هي بخير؟ ألم تترك عنوانها ومنذ متى وهي تتردد إلى المشفى؟" تكلم الآخر ببرود "اطمئن هي بخير وتتردد إلى قسم الأطفال من فترة إلى أخرى بطفل تقول الكشوفات أنه يعاني من حساسية …….." قاطعه مأمون بصدمة "طفل؟ أي طفل ما اسمه؟ " رد عليه الآخر بلامبالاة "اسمه جواد مأمون جواد الصالحي معنى ذلك أنه ابنك ألم تكن تعلم بوجوده؟ " صرخ به مأمون "مستحيل إنها لا تنجب عن أي جنون تتحدث؟ " **ت الآخر قليلا وقال " أنا متأكد من هذا يا سيد مأمون وللتأكيد والدك كان يرافقها في أغلب الأوقات إلى …….." أغلق مأمون الهاتف ولم يستمع إلى بقية الحديث وكأنه ما عاد يحتاج المخبر، فكل شيء ها هو بعد الغموض سيصبح واضحا وضوح الشمس إنها مع والده لذلك لا يصل إليها أبدا، جمع مأمون أشياءه الموضوعة على المكتب وخرج لا يرى أمامه حتى أنه لم يرَ عاصي الذي كانت دموعه تتساقط ب**ت ......

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

أنين الغرام

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.8K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

معشوقتي

read
1K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.6K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook