الفصل الاول -1
امطارة غزيرة, رعد يطرق, برق يكشر عن اضوائة , ظُلمة لا يتخللها سوى ضوء القمر الخافت .............
في هذة الليلة القاتمة كانت بداية انهيار كل شيئ , فقد جذبت الجميع معي إلى حافة الهاوية ثم تركتهم
يسقطون إلى الاسفل و اكتفيت بالمشاهدة بتأمل .........
الخوف يغلفني و جسدي يترجاني للتراجع لكنني اُجبره على المسير حتى فقدت عيناي بريق الحياة
و صرت جسداً خاوياً من اي شيئ , يركض خلف المجهول في صراعاتٍ عاتية .........
لكن لم اصل إلى درجة صديقي ادريان فقد سبقني إلى هذة المرحلة بفترة طويلة , فلم تكن طفولته
ابدا بالطبيعية كطفلٍ بريئ يبتسم لوالديه بسذاجة , فقد ولد صامتاً لا يشعر بشيئ حتى ظنوا أنه فاقد
للنطق لكن اتضح فيما بعد أنه فاقد للشعور بالالم , لا يرغب اي والد في ألم طفله لكن ان لا يعطيك طفلك اي
انطباع عن فرح او سعادة او جوع او عطش لهو شيئ مقيت حقاً ......
ما يهم اننا لم نستطع ان نتأقلم مع الجميع فوجد كلاً منا في الاخر ملاذاً امناً للفرارمن كل شيئ , فلم اكن
مضطراً لتفسير أفعالي الجنونية له و هو كان ينتظر من يثق به ولا يتسائل عن سبب تجهمه الدائم .....
اتذكر حينما قابلته اول مرة وأنا أوشك على ايذاء نفسي إثر فشل مخطط ما كنت على وشك النجاح به
فسالني حينها: كيف تفعل ذلك ؟!
وجهت مسدسي صوابه ببرود وأنا اضغط الزناد قائلاً : هكذا .
اخترقت الطلقة كتفة الايسر و استقرت في الحائط خلفه , في حين ظلت عينيه الزرقاوتين ترمقني بثبات
, ابتسمت بسخرية و ألقيت السلاح من يدي و ارتميت جالساً على احدى درجات السلم و انا اتسائل :
ما بال هذة النظرة ألم تشعر برصاصتي و هي تثقب احدى كتفيك الان ؟!
رد علي بجمود قائلاً: لا .
اخرجت احدى قطع العلكة من جيبي واطبقت عليها بفكي وانا اقول : كيف تقوم انت بذلك ؟
قام بتحريك ذراعة كانها لم تُمس بأي اذى وقال : لم اشعر بشيئ .
ظللت احملق به لفترة ثم تناولت سلاحي مره اخرى و صوبتة نحوه , لكنني لم ارى نظرة الخوف في
عينية فاطلقت عليه بلا تردد ثم سئلته بتحدٍ : و الان ؟
-لا استطيع تحريكة ؟
تأملتة مرة اخرى بإعجاب ثم هممت واقفاً وانا اقول: لا تشعر بالالم لكن جسدك يتأثر بالاضرار التي تلحقه , انه شيئ مذهل حقاً , اخبرني من انت ؟
-ادريان .
= حسنا ادريان , انا ريان رجل أغمالٍ قذر , أترغب في مساعدتي ؟
**ت قليلا مفكراً ثم قال بحيرة: لا اعلم .
ابتسمت و انا اقول: بالطبع .
ثم تناولت معطفي واتجهت خارجاً من مدخل هذا الفناء المهجور: من الان فصاعداً لا تشغل بالك
بقرارات حياتك فأنا اعلم ما ولدت لأجلة .
ثم ركبت سيارتي و انتظرت بها عدة دقائق وانا اتطلع إلى ساعتي , فإذ بادريان ياتي للجلوس في المقعد
بجانبي , فارتسمت على وجهي ابتسامة الظفر وانطلقت في طريقي اشق الامطار و الرياح العاتية
تحفني صوب القدر المخبئ لي من هذة اللحظة إلى ان أسقط و تسبح دمائي في مياه الامطار بحرية..........
مالذي تطمح إليه بالضبط ؟
استمر ريان في تضميد جراح ذراع ادريان و هو يجيبه: الان , اهتم فقط بأن اظل على قيد الحياة .
بدى و كأن الاجابة لم ترضي فضول ادريان و هو يقول باستنكار : تظل على قيد الحياة ؟!
= بالضبط هذه هي طبيعة عملي .
- لماذا ؟! , هل يشتمل عملك على صراع مطول مع عزرائيل ؟
ضحك ريان من عبارة ادريان الساخرة و هو يتناول حقيبته و يخرج منها مسدس و يتأكد من خزينته ثم
يلقي به إلى ادريان و هو يقول : تجيد اللعب بالطلقات ؟
مط ادريان شفتيه مفكراً بطريقته الحائره دائماً, ثم قال: لا .
= رائع .
و بمجرد ان انهى كلمته انطلق يعدو صوب نافذة الغرفة و قفز منها فجأة دون سابق انذار .......
تسمر ادريان لعدة ثوان من الدهشة لكنة استفاق سريعاً من الطرقات العنيفة على باب الغرفة , فتدارك
الموقف سريعاً , هناك عدواً ما لا يدرى من هو او ماذا يريد لكن هناك شخص ما يريد الظفر بحياته .
و مع انهيار باب الغرفة قفز ادريان بدورة خلف ريان , ولم تكد قدماه تطئ الارض حتى دوى انفجار
عنيف التهم الدور الثاني من المبنى بالكامل ......
حملق ادريان في الحريق الذي التهم المبنى بذهول , لكن قطع ريان دهشته بسيارة توقفت امامه
بحركة دائرية وسط صيحات عجلاتها و خرج منها ريان مسرعاً و هو يقول: لا تقف هكذا ايها الا**ق
اتريد الموت ؟!
ادريان بتلقائية داهشة: لا .
ريان و هو يتخذ المقعد المجاور للسائق: اذاً فلتنطلق بهذة السيارة بأسرع ما يمكنك .
تفاعل ادريان مع الموقف و كأنه على دراية بكل ما يدور من احداث , و امتطى عجلة مقعد القيادة و
اعتصر دواسة الوقود حتى اص*رت العربة صريراً اخر و انطلقت تشق طريقها وسط الامطار ........
في وسط هذة الاجواء الجنونية اخرج ريان قطعة من العلكة ثم القاها في الهواء و التقطها بفمه قائلاً
باستمتاع: حسناً قلبي العزيز فالتخفق بشدة ولتصيبك نفحة من الجنون .
و بمجرد ان انهى كلماته ظهر شبح عربة نصف نقل يعلوها ثلاثة رجال علاوة على السائق و مرافقه ,
ارتسمت صورة ريان في مقلتي ادريان و هو يلتقط احدى الاقنعة القماشية من محفظة السيارة و يرتديها
في وجهه ثم يخرج نصفه العلوي من السيارة و يطلق النيران بلا هوادة ...........
لم يدري ادريان من هذا الشخص ولا إلى ماذا يطمح لكنه تيقن ان حياته لن تعود كما كانت من
قبل...........
عاد ريان إلى مقعده مرة أخرى ليحتمي من الطلقات النارية وهو يهتف بادريان بصرامة: زد السرعة
إلى اعلى درجة .
تفحص ادريان الطريق بعينيه و هو يقول : لكننا على الطريق العام و توجد سيارات اخرى معنا على
ذات المسار .
برقت عينا ريان بقوه في هذة اللحظة و هو يقول بهدوءٍ لامبالي بحياة اي بشرٍ سواه: فليذهبوا إلى
الجحيم , حياتك ام حياتهم اختر .
و بمجرد ان انهى عبارته اخرج راسه من النافذة و اطلق النيران صوب شخص واحد فقط , الرجل
الذي يتولى قيادة السيارة الملاحقة لهم .......
تصارعت خفقات قلب ادريان بسرعة مهولة و هو يشعر بحرارة الادرينالين تُضخ بشدة إلى راسه ,
و بدا ازيز الطلقات يصل إلى مسامعه ......
حينها كان القرار حاسما اما الموت او الجنون , و عند لحظة فارقة برقت عيناه و جذب عجلة القيادة
بقوة لتاخذ السيارة مساراً اخر و اعتصر مكبسة الوقود بكل قوتة لتزئر السيارة بشدة و تجتاز السيارات
واحدة تلي الاخرى من فرط سرعتها .....
حينها ألصق ريان ظهره بالمقعد و هو يلتقط انفاسة بصعوبة و يقول ضاحكاً : اهلا بك في نادي
الجنون .
ثم القى المسدس ارضاً و تناول جراب معدني طويل من المقعد الخلفي و قام بفتح مكابسه لتظهر
بندقية قنص صغيرة نسبياً , ثم ألقى الجراب جانباً و ألصق البندقية بكتفه و أطلق رصاصة عشوائية
ليتفجر زجاج السيارة الخلفي ثم جذب الزلاقة لتخرج الرصاصة الفارغة و ثبت منظارها على عينه
لعدة ثوان ثم قال و هو يكشر عن انيابه باسماً: فلتبلغ تحياتي إلى عزرائيل ايها الو*د .
وبمجرد ان انتهت كلماته , خرجت الطلقة من البندقية و هي تحدث صوتاً مرعباً مخيفاً ينذر بالموت
و يتوعد بالدماء , لتحدث ثقب صغير في زجاج العربة النصف نقل الامامي و تستقر بهدوء في راس
سائقها الذي اصطدمت راسه بظهر المقعد و جحظت عيناه و هو لا يصدق بعد ان هذة الثانية التي
توقف فيها كل شيئ هي لحظاتة الاخيرة, ليسقط و هو يتمسك بعجلة القيادة كأنه يتشبث
باخر أمالة في النجاة ........
***