الفصل الأول
في محل لبيع البيتزا..وقف الرجل الخمسيني عدنان صاحب المحل ..نظر يمنة و
يسرة ..ثم نادى"أخي هزان..أين أنت ؟" ..سمعت نداءه فتاة لا تشبه الفتيات
في شيء..ترتدي سروالا بلون أخضر داكن و قميصا فضفاضا اسود اللون مع حذاء
رياضي و قبعة وضعتها على رأسها بالمقلوب و اخفت بها كل شعرها..مشت نحوه
مشية ذكورية ..رفعت يدها عندما وصلت إليه و قالت" نعم أخي عدنان؟ " ضحك
الرجل و قال" لدينا تسليم طلبية ..سأكتب لك العنوان على
ورقة..هيا..لا تتأخر أخي هزان" ..أخذت هزان عشرة صناديق بيتزا
..وضعتهم على دراجتها النارية ..نظرت إلى الورقة التي تحتوي على
العنوان..قرأتها" شارع السلام..الشقة رقم خمسين".. طوت الورقة و وضعتها في
جيبها..ثم شغلت دراجتها و قادتها إلى الشقة المقصودة..وصلت ..فأوقفت الدراجة
و نزلت..ركبت في المصعد..أمام الشقة..وقفت و طرقت الباب..فتحت لها فتاة لا
تكاد ترتدي شيئا..قميص نوم يصل إلى أعلى فخذيها و يشف عن ن*ديها من
فوق..نظرت إليها هزان ببرود و قالت" هذه الطلبية لكم " ضحكت الفتاة بصوت
عال و قالت" نعم يا أخي" و تسلمت منها البيتزا ثم قالت" انتظر هنا قليلا"
..اتكأت هزان على الباب و أخذت تصفر..من الباب الموارب..لمحت رجالا
يجلسون و نساء في احضانهن ..قبل و حركات غريبة ..أشاحت بنظرها و
انتظرت..بعد لحظات خرج رجل و قال" كم حسابك؟" اجابت" مئة و خمسون ليرة"
..تطلع فيها الرجل باستغراب عندما رأى شكلها و سمع صوتها..لم يكن يتخيل أن
هذا الذي يقف أمامه هو فتاة..مد يده لها بالنقود و عندما حاولت أخذها منه
أمسكها من يدها بعنف و سحبها إلى الداخل..تكلم بصوت عال" انظروا ..انظروا من
احضرت إليكم..فتاة مسترجلة..أتعلمون أن هذه تكون أكثر إثارة من هؤلاء؟"
سحبت هزان يدها منه و قالت"لا تهذي..لا تلمسني..لا تضع يدك علي و الا **رتها لك..احذر أن تلمسني"
ضحك الرجل و مد يده ليلامس وجهها فأبعدت يده بحركة واحدة و بساقها ضربته
ما بين ساقيه فوقع على الأرض متألما..اقتربت هزان من الباب و فتحته..فوجدت
..أمامها رجلا طويل القامة ذي عينين بلوريتين..حملقت هزان في الرجل الواقف أمامها ثم حاولت إزاحته عن الباب و المرور لكنه
أمسكها من ياقة قميصها و سأل" إلى أين انت ذاهب؟ اياك أن تفكر في الهرب يا هذا" و قبل أن تجيبه
هزان..وجدت وراءه رجال شرطة ..التفت إليهم و أمرهم" لا أريد لأحد أن يغادر
هذه الشقة..هيا..تحركوا" ..اقترب منه رجل ضخم الجثة و قال" هذا منزلي..من
أنت؟ و هل لد*ك إذن ؟" ضحك الوسيم و أجاب" أنا الضابط ياغيز إيجمان..من فرع
الآداب..و معي إذن اقتحام و تفتيش و توقيف أيضا" تراجع الرجل و العجز و قلة
الحيلة باديان على وجهه..قامت الشرطة بإلقاء القبض على جميع الموجودين بعد
أن تلقوا بلاغا بوجود دار للدعارة..حاولت هزان الإقتراب من ياغيز و الحديث معه
لكنه اسكتها بحركة واحدة من يده و طلب من الشرطي أن يضعها في السيارة مع
الآخرين..للمرة الأولى تقع هزان في مأزق كهذا..تصادف غريب جعلها تتواجد في
هذا المكان قبل مداهمة الشرطة له بلحظات..وضعت رأسها بين يديها و لم تدري
ماذا تفعل..بمن ستتصل؟ و ممن ستطلب المساعدة؟ من أبيها العصبي الذي إذا
علم أنها في المخفر سيأتي ليقتلها؟ أم من زوجة أبيها الشمطاء التي تكرهها و
تنتظر منها خطأ؟ أم من أخيها الذي سافر و قرر أن يؤسس لحياة جديدة بعيدة عن
قرف حياته السابقة؟ ..وصلت سيارة الشرطة إلى المخفر..أنزلها رجال الشرطة
مع بائعات الهوى و الرجال الآخرين..وقفوا صفا أمام الضابط الذي بدت عليه
الجدية و الحزم..كان يجلس خلف مكتبه بهدوء..عيونه تتأمل وجوههم ببرود و اشمئزاز..لوى شفتيه و ابتسم بسخرية كلما نظر الى أحدهم..تكلم بعد طول صمت..قال"أهلا و سهلا..لن أستطيع القول أنني تشرفت بمعرفة أناس
"مثلكم..اعذروني..لا تؤاخذوني..أناس بلا شرف و بلا أخلاق مثلكم ليسوا مدعاة للفخر عندما يتعرف شخص عليهم..أنت مثال للنذالة و السفالة و قلة الأدب..و الآن..ليعرف كل واحد منكم عن نفسه..اسمعكم..هيا تكلموا"