لم يُزح نظره عن المكان حيث أخذت اخر خطواتها مُنقلعه عن القاعة...
تحرك الأشخاص من امام عينيه
علت الموسيقي والصخب في القاعة من شارك في الرقص ومن استمر بالهمس والتسامر...
لم يستطع رؤيه احداً منهم...
كما لم يدرك احدهم أن الملك قد وقف علي أول الشرفة متسمراً في مكانه لا يملأ عينيه سوى الفراغ...
متردداً...عاد بأقدامه الي الخلف بينما عاود فتح فمه واغلاقه مرة أخرى، لا يدري ماذا يقول...لا يدري ماذا يفعل...
استمرت كلماتها في صعقه مراراً وتكراراً بداخل رأسه
و كانت هذه هي المرة الأولى...التي يحطمه فيها أحدهم...
مع المرات العديدة التي وضعت حياته فيها علي المحك الا أنه علم احساس العجز لأول مرة الآن وفي هذه اللحظة...
وقد كانت تلك ثاني مرة...لم يستطع أن يفهم بها عقل امرأة...
أكان هو المخطئ مرة أخرى ؟
ام أن به عيباً لا يصلح...
أكان ذلك كله كذباً ؟
ام كانت هي بالمدعية الجيدة وكاذبه بارعه؟...
'لا احبك'
هل كان ذلك كله من صنع عقله...
ربما هو من توهم حبها
هي...لا...تحبه...
هو الذي بكونه ملكاً، نادراً ما وثق بأحدهم ودائماً ما كان يشكك بكل شيء وكل شخص حوله... خاصتاً النساء...لم يضع اي اعتبار لامرأة من قبل...رغب بالتصديق أن كل النساء متشابهات...
لكنه...صدقها...وأحبها...
هل تعرض للخداع من قبل امرأة ؟
امرأة ادعت حبه لأنها خائفة ؟
لم تكن هي فقط...
امرأة عرضت جسدها والقت بكل كبريائها وشرفها خوفاً من أن تفقد عنقها...
تذكر تلك المرأة...مرة أخرى عادت لذاكرته مثل هذه المرأة...
اكانت جميع النساء مثلها...
الم تكن إيلا مختلفة ؟...
تذكر اعينها التي انهمرت بالدموع...
اكانت تلك هي الأعين التي بكت حين وضع الخنجر علي عنقها في ثاني لقاء لهما...ام كانت الاعين التي نظرت له بها...حين حاول خنقها...
بالتفكير بما فعله لها... أدرك أنه...من البداية كان من المستحيل لها أن تقع في حبه...
ألهذا السبب خدعته ؟
ألهذا...جعلته يصدق كذبتها...
تحول ان**اره الي اعتراف
واعترافه الي حنق
لم يشعر بنفسه حين قبض يديه في غضب...
وحين أدرك...فتح يده...ليري حطام العلبة التي تفرقت الي قطع صغيره بداخل يده...
وقد رأي الخاتم بينها...الخاتم الذي كان سيلبسه اياها...الخاتم الذي أمضي ساعات كامله في تخيل شكله علي اصبعها حين يضعه لها...
بتفكيره بكيف تحمس وتوتر حينها...
كيف جالت الافكار في عقله كونه تخيل حياته بعد أن يصبح زوجاً لها، ص*رت ضحكه صغيره منه...
انتبه من وقفوا علي بعد خطوات من الشرفة...الي صوت الضحك الذي أخذ يعلو بهستيرية شيئاً فشيء، الي أن التفت وسرعان ما تحولت ضحكاته الي صيحه...وهو يقذف بالخاتم بجم مرارته في نزعه غضبه من الشرفة
حل ال**ت التام علي جميع من وقف بالقاعة اثر سماع الصيحة التي ارسلت الرعب بداخلهم وقبل أن يتدارك احدهم ما يحدث انفتح باب الشرفة علي مصرعيه...
لم يعلموا تفاصيل الامر لكن انتفض الجميع رعباً بمجرد النظر لعيناه التي حملت شراً واضحاً وتعطش لسفك الدماء لا يمكن تجنبه...ابتعد الجميع مفسحين له الطريق كاتمين انفاسهم...وقد اختبأت النساء خلف شركائهم في الحفل بينما حاول كبار المستشارين والوزراء الا يظهروا اي خوف بينما اخفضوا رأسهم في احترام تام...
ولحسن حظهم فإن جلالته لم يعبأ لهم بل شق طريقه في القاعة الصامتة التي لم يسمع بها صوت همسه واحده او نفس...
وقد أُعلن بشكل غير رسمي انتهاء الحفل بعد خروج جلالته...فلم يجرؤ أحدهم علي البقاء و إتاحة فرصه تعرضه للخطر ببقائه بالقصر، ماعدا المبعوثون وبعض المسؤولون الذين ندبوا حظهم بسبب اقامتهم في الطابق الثاني من القصر ما بعد الحفل...بالعادة...كان ليكون هذا شرف لهم ومص*ر فخر وسعادة...لكن برؤيه مزاج جلالته فلم تبدوا وكأنها اقامه مبشره لهم علي الاطلاق...
......................
لم يكد يقترب من باب غرفته حتي اتجه نظره الي باب الغرفة المقابلة...
غرفتها...
غرفه إيلا...
غرفه الملكة السابقة...
اهتاجت مشاعره مرة أخرى...لم يرغب بإثاره المزيد من افكاره عنها او عن تلك المرأة...فقد كان...عقله في فوضي، وقلبه محطم، ودماؤه تغلي بالفعل...
لذلك اسرع بالمضي بعيداً عن ذلك المكان...
أسرع بالمضي الي المكان حيث شعر بإمكانية سيطرته علي ذاته...
ما أن دخل تلك الغرفة...حتي شعر بنفسه تهدأ، امسك بسياج القفص بكلتا يديه في الغرفة المظلمة عدا ضوء خافت ص*ر من شمعه مُضاءه واحده...
تأمل الأفعى بداخل القفص، ثم سرعان ما تحول نظره الي الاقفاص الأخرى للأفاعي وغيرها من الح*****ت السامه التي جمعها علي مر سنواته من توغله في الغابات الي الهدايا النفيسة التي تلقاها من الحُكام الأخرين وغيرهم، لكن بالنهاية، فلا يوجد سوي ذلك القفص هو الذي يجعله يهدأ...
لم يعلم...لم تقوده أقدامه دائماً الي ماتيلدا...
كان لتلك الأفعى...شعورا آخر بداخله...
علي الرغم من أن ذلك الشعور لم يتواجد تجاه مالكتها السابقة...
الا أن الأفعى...كانت مميزه...كانت ذات قيمه...لكنه تخيل قتلها عده مرات بخنجره...
مع أنه لم يرغب بفعل ذلك...الا أن تلك الرغبة في القضاء عليها ورؤيه دمائها تسيل الي أن تجف...ساورته بضع من المرات...
جلس علي المقعد الذي خصص له امام القفص في منتصف الغرفة
كان قد هدأ بالفعل... لذلك بدأ بتنظيم كلا من مشاعره وافكاره...
لم يستطع التخلص من ذلك الغضب الذي اعتراه... لكنه سيطر علي ذاته...
استعاد محادثته التي لم يمضي عليها من الوقت سوي القليل...
كل ما قالته إيلا...
تعابير وجهها...
توترها وارتجاف جسدها...
لا بل من قبل هذا...منذ قامت بالعزف...وربما من قبلها ايضاً..
...كانت مختلفة...
احدث لها شيء ما ؟
أكان ذلك بعد أن تركها في القاعة ؟
بالتفكير بالأمر... لقد بحث عنها بأعينه في القاعة قبل موعد عزفها لكنه لم يعثر عليها... لم تكن بالقرب من طاوله الطعام كما قالت انها ستكون، لم تكن بأي مكان اخر بالقاعة...
اذا الي اين ذهبت ؟...
طرق بأصبعه ببطيء علي مسند الكرسي بينما حاول تجميع الامر بعقله...
...ومرة أخرى أدرك كيف كان كل شيء بإيلا غريبا من البداية الليلة...
لم تبدوا صادقه ابداً في كلماتها التي قالتها...
كانت تحاول جاهده لتعطيه عذرا ما... لكنه كان متوتراً للغاية ليلحظ اي من هذا
اهتم بأمر واحد فقط...وهو تقدمه للزواج، حتي اهمل كل شيء اخر...
وفي وسط توتره وقلقه...صدق كلماتها... ولكن بالعودة بذاكرته الآن بعد أن هدأ عقله...
أدرك هذا تواً...
لم يكن الامر كما ظن...
لم يكن واثقاً للغاية من حقيقه الامر...سواء كان ما قالته كذباً حقاً ام لا...
لكن بالتأكيد كان هناك شيء غريب...
اغلق عينيه وهو يستذكر وجهها...ابتسامتها المشرقة
عيناها العسلية التي لمعت ببراءة...وجنتيها التي تلونا بالأحمر كلما اقترب منها او عبث معها، اصابعها الصغيرة الدافئة...والعديد من الأشياء الأخرى التي مرت في عقله...
...لا يمكن أن يكون هذا كذباً...
بعد مرور العديد من الوقت سمع صوت خطوات تقترب من مكانه...
أمر بدخول الشخص الذي بالخارج قبل ان يتحدث حتي... بما أنه قد أتى اليه الآن...فقد علم لماذا أتى علي اي حال...
"جلالتك..." تحدث داميل بشيء من الثقل وهو ينتظر امام باب الحجرة المفتوح
فتح نيكولاس عينيه التي مضي على اغلاقهما العديد من الوقت وقد أدرك ان الشمعة الوحيدة التي أضاءت الحجرة كانت قد انطفأ نورها منذ وقت، نهض من مقعده واتجه في الظلام الي حيث مكان الشمعة قبل أن يشعل واحده أخرى...
حينها فقط شعر داميل بالقدرة علي دخول الغرفة وقد شعر بالراحة كونه قد عثر الملك في هدوئه المعتاد، ع** ما كان عليه في الساعتين الماضيتين في الحفل...
"كما توقعت جلالتك...تصرفات مبعوثين مملكة ليفيون غريبه بعض الشيء..."
ضحك نيكولاس قبل أن يُعقب "الم اخبرك داميل...كان الامر واضحاً منذ تجاهلوا أوامري واحضروا اكثر من فردين من المملكة..."
"لكن عدا الأميرة ومساعدها فهم مجرد خدم..."
"اراهنك انهم مغتالون متنكرين بهيئة خدم " أخبره نيكولاس بينما ظهرت المتعة في نبرته...
لقد كان يتساءل عما يخطط له اهل ليفيون الصغار في محاوله لقتله، ويبدوا أنه سيحظى ببعض المرح قريباً...
لكن لم يكن هذا أولويته الآن...
عليه الذهاب لإيلا...
سيسألها مرة أخرى، يجب أن يعرف ما الذي حدث لها...كي يصلحه...وربما...ربما اذا لم تعني حقاً ما قالته...حينها يمكنه...أن يعودا مرة أخرى...يمكنه أن يمحي من ذاكرته ما حدث...ويمكنها...أن تُصلح قلبه الذي تحطم... تثبت له انها مختلفة...
وقبل أن يدرك كان جانب آخر مظلم منه قد قرر في عقله، حتي واذا لم تعد تحبه، حتي وإن كانت تخشاه...فسيبقيها الي جواره...يمكنه أن يبدأ من جديد معها...سيعطيها كل ما تريد من مال، سلطه، وحب ومع الوقت...قد تفتح قلبها له... كان هذا هو اخر حل توصل له الحل الذي كرهه وكره فكره الوصول له... لكن بالنسبة له...كان افضل بكثير من خسارتها، لكنه دعي الا يُضطر ابداً لفعل ذلك، وبداخله كان يوجد جزء طمئنه انه علي الاغلب لن يفعل ذلك، فهو يثق في إيلا خاصته...وفي حبها له...
..................
لم يكد يخرج من الحجرة ويمشي في الممر متجهاً الي القاعة مرة أخرى برفقه داميل حتي رأي دارسينا تهرع نحوه
"جلالتك!!" انحنت دارسينا في عجله وهي تري نظره الاستياء التي علت وجه المسؤول داميل من وقاحه تصرفها كخادمه...
"ل...لقد اختفت سموها!!"
"ماذا...؟..." سأل نيكولاس بينما شعر بقلبه ينقبض بين اضلعه وقد احتدت عيناه في غضب أرسل الخادمة لذروه توترها، وقبل أن تدرك تصرفاتها كانت اقدامها قد اسرعت بالانحناء أرضاً بينما لم تستطع رفع وجهها عن الارض...
"اغفر لي جلالتك!!..." توسلت بينما انهمرت الادمع من عينيها وقد فقدت اخر ما تبقي من اتزانها وعقلانيتها أسفل نظراته...
قبض علي يديه في غضب أشد من ذي قبل وهو يحاول السيطرة علي أعصابه...
بينما نظر داميل في توتر من الخلف...لقد كان ملكه يجمح نفسه اليوم بأكمله...لذلك علم أنه قريباً قد ينقطع الخيط القليل الذي يفصله عن العقلانية...
"داميل..."
"امرك مولاي..."
"لتعلم جميع الحرس بالقصر أن يبحثوا عنها الآن...في كل ركن من أركان القصر، ليتم تفتيش جميع الغرف ولتوقف كل العربات الخارجة من القصر، إن تكاسل أحدهم تأكد من أن تقطع رقبته في لحظتها "
"امرك مولاي..."
اجاب ومن ثم اسرع مبتعداً الي حيث قائد حرس القصر لتنفيذ امر جلالته، أخذ نيكولاس نفساً عميقاً وهو يهدأ من روعه... بينما حاول إقناع نفسه أن العثور عليها ما هو الا مسألة وقت...لكن...هل هربت منه حقاً ؟...
ألهذه الدرجة تمقته ؟، ام أن شيء اخر حدث ؟
هل اصابها مكروه او شيء ما ؟
ربما...حاول مارل ان يؤذيها مرة أخرى...
اجل!! لابد ان هذا هو الامر! او ربما شخص اخر يكن له ضغينة مماثله...
عض علي شفتيه وهو يفكر في الاحتمالات الممكنة قبل أن يقرر التوجه الي غرفتها والبحث عنها بنفسه...
................
"ليست بالداخل جلالتك..." حنت اليزابيث رأسها وهي تبلغه قبل أن يدخل الي الطابق الثالث... رأي الخدم في كل مكان بينما فُتحت جميع ابواب الغرف وتمت عمليه البحث عنها الا انها لم تكن هناك...
...عدا غرفه واحده ظل بابها مغلقاً... غرفه كان بها شيء أحبته هي...
اسرع بالتوجه نحوها وقد امل انها ستكون بالداخل، امل انها ستكون قد اتت لتختبئ هنا كما فعلت من قبل...
...لكن الامر لم يكن كذلك، هذه المرة...لم تكن هناك...
وقبل أن يفكر بشيء اخر قاطعه صوت قائد جيشه وقواته وقد كان الشخص الوحيد الذي برغم ملاحظته للجو السائد حوله الا أنه لم يهتز لمواجهه نيكولاس حينها...
"جلالتك..."
"ما الامر استيند ؟ "
"لدي تقرير بخصوص مبعوثي ليفيون.."
أراد نيكولاس صرفه لكنه وضع بعقله العديد من الاحتمالات منها ما لم يرغب بقبوله وهو أن الجبناء من ليفيون لم يقرروا محاوله اغتياله هو بل عزيزته إيلا
وكان هذا هو الاحتمال الذي لم يضعه في حسابه حين فكر في كل الاحتمالات المُمكنة لفرص تمرد ليفيون عليه ونقضهم المعاهدة...فقط. .إيلا
ما أن أشار له بمتابعه حديثه حتي اكمل
"لقد اختفي الخدم التابعين لهم...وفقدنا اثرهم في حديقة القصر.."
لم تكد تمضي لحظات حتي استل السيف الذي كان معلقاً في جانب استيند الذي اتسعت عينيه في غير توقع...
"احضر لي لُعبه ليفيون ومساعدها الصغير فوراً "
اخرج نيكولاس الكلمات في حنق من بين اسنانه... وخلال اقل من دقائق من أمره كان كلا من الأميرة ومساعدها يجثون امامه علي الارض بينما تم تقييد كلاً من اقدامهم وايديهم...
لم يكد مساعدها يفتح فمه معترضاً علي ما يحدث حتي شعرت الأميرة بسيف نيكولاس علي رقبتها
"امامك عشر ثوان لتعترفي بمكانها" اتسعت عيناها في فزع ورعب وقد علمت انهم قد كشفوا... نظرت الي مساعدها وهي تحاول أن تقرر الخيار الذي يحب عليها اتخاذه
لكن مساعدها الذي لم يفهم وضعهما بعد حاول استغلال الوضع لصالحهم
"إن أردت المقايضة__" ما كاد يفتح فمه حتي رأي السيف يهبط عالياً علي عنق الأميرة وفي اقل من ثانيه كانت دماؤها قد سالت علي البُساط اسفلها...وقد سقط جسدها المقيد ارضاً...
نظر نيكولاس الي يده المُمسكة بالسيف وقد تغطت بالدماء، القي السيف ارضاً وهو يخرج وشاح قطني صغير من جيبه يمسح به يده
ثم سرعان ما مد يده مرة أخرى دون أن يبعد عينه عن الرجل الذي أرتجف جسده وقد فاضت عيناه بالدموع مازال غير مصدقاً لما حدث في الثواني القليلة التي مضت، ليضع احد الحرس سيفاً آخر في يده...
زفر في ضيق قبل أن يتحدث مرة أخرى هذا المرة كان السيف علي عنق الرجل...
ارتعد الرجل وهو ينظر الي الوحش الذي تناثرت دماء اميرته علي وجهه وملابسه وانتظر كلماته... كانوا حمقي حين ظنوا أن بإمكانهم استغلال الفتاه ليستعيدوا استقلال مملكتهم... مهما سمعوا عن سمعه الملك نيكولاس لم يتخيل ابداً أنه كان...اسوء بآلاف المرات من ما في مخيلته... وبينما ترقب في خوف و**ت إعلان اعدامه هو الآخر
نزل صوت الشيطان عليه معيداً نفس كلماته منزلاً الرعب في قلبه
"امامك عشر ثوان...اما تعترف بمكانها او امحي مملكتك من الوجود..."
...........