علي الرغم من انها كانت بارده...الا انها لم تكن مؤلمه بالنسبة لها...
اعادت فتح عيناها وهي تري أن جسدها قد ابتعد اكثر فاكثر عن السطح، يداها المقيدة خلف ظهرها، ثوبها الذي اثقله الماء... لم تكن قادره على تحريك انش واحد من جسدها...
لم تعلم حتي كيف اصبحت فجأة في بحيره ما تغرق، ولكنها لم تتفاجأ للغاية، لأنها أدركت انه لا مفر لها من تلك النهاية... مع ذلك...استمرارها بكتم انفاسها.. جعلها تُدرك... أنه وبعد كل تلك المتاعب التي سببتها... الا أنها مازالت متمسكة بالحياة
لماذا كان عليه أن يقيدها من الخلف ؟
لماذا اختار نيكولاس مثل هذا الثوب الضخم ؟
فقط بعض الافكار عديمة الأهمية هي التي جالت في خاطرها بسخريه...
و رويداً رويداً...لم تعد قدر على حبس انفاسها...
لذلك تركت اخر ما تبقي من أمل حين وصلت الي اقصي حدها، واندفع الماء يملأ ص*رها... عافرت لثوان وهي تفقد اخر انفاسها وسط الماء وقد غابت الرؤية عن عيناها وبدأ عقلها يغيب عن الوعي مرة أخرى... بينما كانت اخر تساؤلاتها أنه كان ربما عليها فقط الدخول الي اللوحة حين طلب منها مارل ذلك...
ولكن بشكل غريب في هذا اللحظة بالذات، لم تهتم الي أين استمرت تلك المياه بقياده جسدها بعيداً في الاعماق... ربما إن ماتت في هذا العالم...فستعود الي حيث اتت وإن لم يكن كذلك، فلم تشعر بالحزن الشديد... لأنها كانت اخيراً ستقابل والدتها مرة أخرى...
................
لم يشعر نيكولاس بأطرافه التي ارتجفت وهو يهرع الامتار الفاصلة بينه وبين البحيرة، ولا بقلبه الذي نبض بعنف كما لو أنه علي وشك الانفجار والخروج من ص*ره...
القي في غمضه عين بمعطفه الثقيل أرضا وهو يركض بأقصى ما لديه...
ولم تكد تمر ثوان حتي قفز بداخل البحيرة هو أيضاً... اخذ يبحث بعينيه عن إيلا...في وسط المياه التي عمها الظلام...ومع أن تاجه قد انزلق من علي رأسه الا أنه ما أن لمح جسدها حتي اسرع في الذهاب اليها غير عابئاً بتاجه الذي استمر بالسقوط لأسفل...ولثانيه واحده فقط توقف جسده في مكانه حين نظر الي وجهها...قبل أن يستعيد رشده ويسرع في سحب جسدها الي الأعلى...
ما أن اخرجها من الماء ومدد جسدها على الارض اسفلها حتي وضع أذنه علي ص*رها... اسرع بالاعتدال حين ادرك أنها توقفت عن التنفس
وضع كلتا يداه علي ص*رها قبل أن يبدأ بالضغط العديد من المرات، حتي خرج أخيراً الماء من فمها... لتعود لأخذ انفاسها مرة أخرى
"جلالتك!!"
التفت نيكولاس ليري كالفن وبضع الحرس...
استند بظهره علي جذع الشجرة التي خلفه قبل أن يعيد خصلات شعره المبتلة الملتصقة بوجهه الي الخلف و يأخذ نفساً ويسأله " ما الذي حدث ؟..."
نظر كالفن بتوتر للحظات أن يجيب
"اللوحة...لقد سرقها اتباع مارل...كانوا يختبئون بالقرب من القصر الاسود...لابد انهم استغلوا ذهاب الجنود وانشغالهم بالبحث عنك..."
لم يظهر علي وجه نيكولاس الدهشة او القلق...لقد توقع بالفعل هذا
"م ...ماذا عن مارل..؟.." لم يهتم نيكولاس سواء سأل كالفن ذلك بدافع الفضول ام بدافع القلق... لكنه اجابه علي اي حال... " لقد هرب "
"وتاج...جلالتك...؟ "
"سقط في البحيرة..."
لم تكن قطعه الذهب تلك في اي مكان من عقل نيكولاس الآن
" أحضر ذاك " نظر كالفن الي حيث أشار نيكولاس ومن ثم اسرع بإحضار معطفه المصنوع من الفراء الملقي علي مسافه ما من البحيرة...استلمه نيكولاس منه، قام بنفضه ومن ثم قام بتغطية جسد إيلا...وعاد ليجلس مستندا الي الشجرة...
طال نظره الي إيلا فاقد الوعي قبل أن ينطق مرة أخرى
"افرغ القصر.."
"تقصد من بالحفل ؟ " لم يجب نيكولاس او يبعد نظره عن إيلا ولم يسأل كالفن مرة اخرى انما تحرك لتنفيذ الأمر بصحبه اتباعه ولم يبقي بالغابة سوي الجنود الذين وقفوا حول نيكولاس بمسافه...ع** كالفن الشجاع، لم يجرؤ احدهم الاقتراب منه... وانتشر البعض الاخر بالغابة للبحث عن مارل واتباعه...
"اغرب عن وجهي الآن استيند..." امر نيكولاس الذي شعر بحضور تابعه خلفه بعده خطوات... لم يعلق استيند بشيء بسماع نبره نيكولاس الباردة له وابتعدت خطواته في **ت عائدا إلى القصر...
لقد كان غاضباً للغاية منه...ليس وكأنه لا يدري لما استيند عصي أوامره لكنه لم يهتم سوي لإيلا... لذلك قلق صديقه الذي وضعها في الخطر...كان مرفوض بالنسبة له
وضع نيكولاس رأسه على ص*ر إيلا وهو يستمع الي صوت نبضات قلبها، بينما جلس بجوارها أرضاً...
لم يستطع أن ينسي...تعبير وجهها الصافي المسترخي حين رآها بالماء... لماذا...كانت تقف فقط هناك بسلام...
كمن كان سعيدا بالرحيل...
اتجهت يده لتمسك بإحدى يديها المُمددة بجوارها بين يديه... أغمض عينيه وهو يسترخي اخيراً بسماع نبضات قلبها الخافتة...
لم يدري كم من الوقت قد مر حتي أتى كالفن امامه
رفع رأسه عنها قبل أن يحملها وهو يتجه بها عائدا الي قصره...
.....................
*إيلا*
افقت... ولحسن الحظ هذه المرة لم اكن بداخل المياه الباردة...ويبدو اني ما زلت علي قيد الحياة...
لكن بالرغم من كوني علي قيد الحياة، الا أني شعرت بالتعب والارهاق الشديد...ولم اقدر علي تحريك جسدي
هؤلاء الاشخاص...فقط يستمرون بجري هنا وهناك... انا أ**ل من أن اعيش هذه الحياه المثيرة المليئة بالخ*ف والمغامرات المائية...
"ن.. نيكولاس.." هتفت ما أن حركت يدي ورفعت أطراف اصابعي لأُزيل خصلات شعري التي حجبت رؤيتي وقد تفاجئت برؤيه وجه نيكولاس الذي كان يجلس امامي علي طرف السرير...
حاولت الاعتدال بجسدي المرهق حتي شعرت بيد نيكولاس ترفعني وتسند ظهري على الوسادة من خلفي... حل بيننا ال**ت للحظات بعدما اتجه ليجلس علي المقعد بجوار السرير...
"شكراً لك علي إنقاذي من الغرق.."
رغم اني لا اعرف كيف اصبحت بداخل البحيرة في المقام الاول... لابد من أن مارل ذاك او احد اتباعه قام بإلقائي
"كيف عرفتي إن كنت انا من اخرجك من الماء وليس شخصاً اخر...؟"
رفعت عيناي له وقد كان ينظر لي مباشره مما جعلني احمر خجلا...
لأنه...لا يوجد شخص اخر يهتم بي سواك انت... لذلك إن كان هناك شخص ما سيقفز في الماء لأجلي فهو انت فقط...
ابتسمت وانا اهتف "انه سر! "
لا استطيع اخبارك أنه لا يوجد من يحبني او قد ينقذني سواك في هذا العالم، قد يدرك أني وحيده ومثيره للشفقة حينها...
" اهو سر علي سماعه من شخص اخر مثل بقيه اسرارك ؟"
اخفضت رأسي ولم اقدر علي النظر له...حتي عم بيننا ال**ت مرة أخرى...
لقد علمت أنه سيحدثني عن هذا لكن لم اتوقع انه سيسأل مباشرة هكذا... اختلست النظر له من الاسفل وكان يقبض علي يديه حتي برزت عروق يده...
"هل...هل انت غاضب...لأني...لم اخبرك...؟"
لم يجب وانما نهض من مكانه وهو يقترب نحوي قبل أن اشعر بكلتا يديه تمسكان خدي ويرفع رأسي لأعلي...
ابتلعت رمقي في توتر بينما كنت مجبره علي النظر له... وللحظه أردت تذكيره أنه وعد بانه لن يغضب مني ابداً...ولكني قررت البقاء صامته افضل...
"هل تظنين اني غاضب لأنكِ لم تُخبريني ؟ "
اومأت برأسي إيجاباً، ربما هو غاضب لأني رفضت عرضه منذ قليل ولكن لم اظن أن هذا هو ما يقصد، وبعد مرور ثوان بلا اجابه...فقط ظل يحدق في وجهي بينما يفكر في شيء آخر...
أخيراً اف*ج وجنتاي من تحت يده...لكني وجدت يداه تحاوطني في عناق وقد تركت رأسي تلقائياً تسترخي على ص*ره حين شعرت بإحدى يديه تُربت علي رأسي...
"انا غاضب فقط لأني لم أدرك الامر اسرع من هذا، لأني علمت فقط...حين وصلنا الي هذه النقطة وهذه الحادث..."
تعجبت من نيكولاس الذي لام نفسه لأنه لم يدرك الامر، بدلا مني، وقد شعرت أنه انا من تتم مواساتها الآن...
" لا...انا اسفه لأني لم استطع أخبارك من قبل...لكن...اقصد...اذا... بما أنك ت...تعلم الآن...انت لن تطردني او يتم حرقي كما الساحرات علي كومه من الأخشاب...؟ " لم استطع منع نفسي عن سؤاله احد اهم الامور التي لم اتفوه بسببها عن اي شيء
ضحك للحظات قبل ان يقول "أتظنين اني سأفعل شيء كهذا ؟"
"لا اعلم...ربما...؟ ثم ما بال رده فعلك، الا يجب ان تندهش اكثر من هذا...؟ "
"انا بالفعل...كنت مندهش... لكن وإن اتيتي من الجحيم فما زلت اريدك..."
قطبت حاجباي، ما هذا ؟؟
"الجحيم ؟ هل ابدو شريرة لهذا الدرجة ؟؟"
ضحك مرة أخرى وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعري
"لا...انت جيده للغاية حقاً... كالملاك " ابتسمت... هذا افضل
شعرت بالهدوء والامان لعده دقائق... بينما استمر بتمرير اصابعه من خلال شعري، قبل أن يتحدث مرة أخرى
"اذا...هل تودين العودة الي السماء...؟"
"لا...لا اريد... ولكن... إن طلبت منك ارسالي هل ستفعل؟ "
لم يجب وقد توقفت يده لثوان عن مداعبه شعري...
"أرأيت...انت لن تفعل... لماذا تسأل سؤالاً لا تعنيه..."
"فقط لأني كنت فضولي... اذا ما كنتي سعيدة هنا..."
"اجل بالتأكيد، يمكنني الاكل مثلما شئت وعزف الهاربسكورد، وماذا أيضاً...؟ يمكنني الذهاب للبحر...وأيضاً...يمكنني الجلوس بكل راحه في أحضانك هكذا..."
"اذا...يمكنني التخمين... لكن سبب رفضك مسبقاً...؟"
"ذ...ذلك بسبب إيراخون ذاك... هو الذي اخبرني أنه علي العودة، ولذلك ظننت أنه ربما علي حقاً العودة حينها، لذلك لم استطع... لكني لم اعني حقاً ذلك! لم اعني اي شيء مما قلته، مع ذلك...انا اسفه حقا إن كنت احزنتك... هل تسامحني...؟ "
شعرت به وقد اخرج نفساً طويلا من تحت ص*ره، شعرت بالأسف اكثر حين ادركت كم اثر الامر به
"...اجل..." اجابني بنبره خفيفة احببت الاستماع اليها...وقد شعرت بالسعادة...لأني استطعت حل ما حدث بيننا في ذلك الوقت، رغم اني اتمني لو يمحي ذاك الوقت نهائيا من عقله...
"اتعرف من انا شاكره له أيضاً ؟"
"من ؟"
"صديقك...استيند ذاك..." لم يُعقب مما جعلني أتعجب ان ذكرت شيئاً خاطئاً لثوان قبل أن أُكمل "...علي اي حال...بفضله...تحليت بالشجاعة لرفض طلب إيراخون ذاك...بالرغم من أني اختطفت بعد ذلك مباشرة..."
بالتفكير بالأمر مرة أخرى، فبالتأكيد هذا هو السبب، حين اخبرني أن اكون حذره... شرير...كان عليه اخباري كنت سأهيئ نفسي بطريقه ما...
"لابأس انتِ بأمان الآن..."
ابتسمت وانا اجيبه، "اعلم هذا "
اغمضت عيناي مع استمرار تربيت نيكولاس وقد أتى بنتيجة حيث شعرت بالنعاس... ربما لأن حضنه دافئ ومريح لهذا...انا...لم افكر بما حدث قبل قليل...حواري مع إيراخون، او مارل ذاك...كل الاشياء السيئة التي حدثت لم تعد تدور في عقلي... كما لو أن كل ذلك لم يحدث ولا يوجد سوي دفئ نيكولاس فقط في قلبي...
.............