الفصل الثالث، حلم مزعج

1545 Words
الفصل الثالث حلم مزعج شعرت صوفيا بالإعياء خاصة إنها لم ترى رجل عاري طوال حياتها كما أن الطريقة التي يتعاشرون بها مقززة ابتعدت صوفيا سريعا ولكنها اصطدمت بشيء ما فوقع أرضا, تعجبت أن الأشياء تتفاعل معها رغم تأكدها من أن أحدا لا يراها, تفحصت الشيء الذي وقع لتجده كاميرا كبيرة الحجم مثبتة على أعمدة لماذا يسجل الرجل لحظاته الحميمة مع جدتها؟ ولماذا هدأ المكان فجأة؟ تساءلت صوفيا بذلك وهي ترفع رأسها لتجد جدتها وهذا الشاب يحملقون في الكاميرا التي وقعت الشاب: ربما الهواء جدتها: نحن في شهر يوليو الشاب: أذن ماذا؟ أبعدته جدتها بغلظة قائلة: معنا روح ثالثة في المكان قالت تلك الكلمات وهي تسرع عارية تماما إلي أحد الرفوف وتخرج إناء أ**د اللون وتتلو تعويذة ما ثم جرحت يدها لتتساقط قطرات الدماء في الإناء ثم رسمت علي ثديها دوائر يقطعها خط, عندها شعرت صوفيا بالإعياء لترى جدتها تنظر لها مباشرة قائلة: أحضر لي تلك العاهرة صرخت صوفيا وركضت كالمجنون محاولة الخروج من المكان ولكن كل الأبواب قد أغلقت فجأة لتتحول الغرفة إلى ظلام مطبق باستثناء نافذة علوية تقع أعلى منضدة, أسرعت صوفيا إليها كالمجنونة لتتشبث في إطارها محاولة دفع جسدها للخارج ولكن الرجل أطبق على أحدى ساقيها وسحبها للأسفل, ركلته وتشبثت بإطار النافذة ولكن الرجل كان أقوى منها فبدأت أصابعها في الانزلاق صرخت صوفيا منادية أمها فدخلت يد من النافذة لتسحبها بقوة وتخرجها من الظلمات إلى نور الشمس مسحت صوفيا دموعها متوقعة رؤية أمها لتجد هذا الفتى المراهق الذي لا تختلف سنوات عمره عنها كثيرا, ربما في السادسة عشر أو السابعة عشر, ابتسم لها الفتى فتحركت مشاعرها مد يده مرة أخرى ليساعدها على النهوض فشكرته ثم سار معا ولكن شيء ما أوقعها ثانية فصرخت وهي تطوح يدها في الهواء لتستيقظ وتجد أمها بجانبها مسحت صوفيا دموعها لتجد الجميع حولها, الفتيات يتشبثن كل واحدة بالأخرى, وجدتها تحرك يدها في الهواء –أذن كانت تلقي تعويذة ما- وأمها تحتضنها محاولة التخفيف عنها صوفيا بصوت متعب ومتقطع: مـ ماذا حدث؟ الجدة دستا: لا شيء, فقط استغرقت في النوم, هلم يا فتيات نخرج لملاقاة مصيركن حاولت صوفيا الوقوف فأسرعت الجدة: كلا أبقي أنت هنا لالتقاط أنفاسك تفحصت صوفيا وجه أمها قائلة: أمي ما الأمر, ماذا حدث وقفت أمها مبتسمة وقالت وهي تخلع عنها العباءة السوداء التي ترتاديها: لا شيء يا صغيرتي لا شيء, هيا بنا إلى المنزل لتستريحين أمامك غدا يوم طويل استسلمت صوفيا لقرار أمها وخرجت من الباب الخلفي لتركب السيارة بجانب أمها الهادئة بشكل مريب, وصلت إلى المنزل وحاولت التحدث معها ولكنها تحججت بالصداع فصعدت صوفيا وهي محبطة عندها قررت سؤال صديقتها المفضلة تامالا عما حدث وجعل الجميع يعاملها بطريقة غريبة, أمسكت هاتفها وبعثت بالرسالة الأولى, توقعت إلا تتلقى ردا خاصة وأنها قد تركتها توا في المعبد أي أنها لم تعد إلى منزلها بعد ولكن الهاتف اعلن وصول رسالة تلو الاخرى فأسرعت إليه لتقرأ رسائل صديقتها ويتبدل وجهها لتحتله مشاعر الخوف والقلق أغلقت الهاتف ثم تمددت في الفراش وهي تعرف أن الليلة ستكون طويلة ومليئة بالأحلام المزعجة *** استيقظت سوزان على صوت صراخها في حلم ما مزعج, لا تتذكر الكثير, ولكن تتذكر خوفها على صوفيا أبنتها, ازاحت الغطاء عن جسدها واستعدت لقضاء صباحها في الروتين المعتاد وهو إيقاظ الجدة دستا مراجعة جدول الأعمال قبل أي شيء, إيقاظ صوفيا ثم تناول الفطور, حياة هادئة اعتادتها لا يشوبها إلا اشتياقها الدائم لزوجها الراحل وذكرياتها مع أمها المسيئة, نعم الساحرة الجبارة "صوفانا", الساحرة الع***ة صوفانا, أسوأ الساحرات وأخطرهم وربما أقواهم في العصر الحديث, تذكرت خيبة أمل أمها عندما عرفت أن قواها **احرة لن تتعدى أبدا المرحلة الأولى, ولكن سوزان استطاعت أن تفعل المستحيل وتكون ضلع هام في المعبد, فقد ذهبت إلى الجامعة وتخصصت في علم النباتات وأتبعت ذلك بكثير من الدراسات حتى حصلت علي درجة الدكتوراة قبل أن تكمل الثالثة والعشرون, ولكنها استطاعت تحقيق كل ذلك بعد وفاة أمها والتحرر من خيوطها, تذكرت حياة أمها كما تذكرت لولا قرار دستا لكانت هي نفسها ميتة الآن, فأمها الساحرة صوفانا ولدت بالعديد من المواهب الخارقة سواء **احرة أو جمالها الأخاذ لذلك استطاعت بدلالها الفوز بقلوب الرجال سواء من البشر أو من العشائر الأخرى, لطالما أحبت الرجال ذو سلطة ونفوذ خاصة لو كانوا متزوجين, كانت تشعر بلذة عجيبة إن فرقت بين رجل وزوجته وكأنها الشيطان متخفي في وجه جميل, أخر أعمالها والتى جعلت الجميع يطاردها هي كونها السبب في مأساة لوفاة العديد من الأسر وإشعال حرب العشائر مرة أخرى, ولكن دستا استطاعت مطاردها وقتلها ثم قامت بتبنيها رغم رفض العشيرة "كانت سوزان في العاشرة من عمرها" توقفت أخيرا عن التفكير في ذكرياتها المريرة وتساءلت عن سبب تذكرها كل تلك الأشياء ربما بسبب ما حدث مع صوفيا أمس, صوفيا تشبه أمها كثيرا من حيث الشكل –وهذا ما جعل نساء عشيرتها يكرهوها دون سبب- ولكنها مختلفة تماما في جوهرها انتهت من صنع الطعام ثم استعدت الجدة وأبنتها, جلسوا جميعا يتناولون طعامهم وكل غارق في أفكاره الخاصة حتى صرخت صوفيا قائلة: جدة دستا ما تفسير ما حدث لي أمس قالت تلك الكلمات ثم بدأت في البكاء, أسرعت سوزان تحتضن أبنتها وكذلك فعلت الجدة دستا اصطحبت الجدة حفيدتها إلي الغرفة المشمسة وهي غرفة خاصة بالجدة لا يسمح لأحد بدخولها, ربما تظن أنها غرفة كاتمة بها أشياء مبهمة تليق بكبيرة السحرة ولكن علي الع** تماما, غرفة تنيرها الشمس طوال اليوم بها الكثير من اللوحات المعلقة المبهجة والكثير من الأعمال اليدوية الخاصة بالجدة, حتى أن سوزان مزحت في أحدى المرات وأخبرتها لو رأت العشيرة تلك الحجرة فستقوم بخلعها من قيادة العشيرة فضحكت الجدة قائلة: علينا المحافظة علي جانبنا الإنساني مهما بدا سخيفا للبعض, تذكرت صوفيا كلماتها وهي تمسح دموعها, جهزت لها أمها الشاي المهدأ ثم جلست بجانبها علي تلك الأريكة الوثيرة والتي تثير بداخلها الرغبة في النوم, مر بعض الوقت حتى هدأت ثم رفعت رأسها قائلة: ما معنى ما حدث لي أمس أثناء مراسم "الأوفيبو"؟ ابتسمت الجدة دستا ابتسامتها الهادئة وقالت: من أخبرك بما حدث لك صوفيا: تامالا هزت الجدة رأسها ثم نظرت لامها نظرة ذات مغزى مما جعلها تشعر بالذنب, ربما أوقعت صديقتها المفضلة في مشكلة بتسرعها هذا الجدة دستا: صوفيا عزيزتي هلا تخبريني عن حلمك تعجبت صوفيا من كلمات جدتها, أليس إفشاء حلمها لأحد آخر مثل أعطاء أحدهم الأكواد السرية للقنبلة النووية, ألم تحذرنا منها مئات المرات, حتى أمها عندما كانت تعدهم قبل المراسم بشهر في كل اجتماع وكل درس كانت تحذرهم من البوح بهذا السر العظيم فكيف تطلب منها الجدة شيء كهذا وكيف تجلس أمها ساكنة هكذا وكأنها توافقها صوفيا: أ..أ..أليس من الأفضـ.. ضحكت الجدة وكذلك أمها: عزيزتي, يمكنك البوح لنا, وهل تظنين حقا بأن كل الفتيات ست**تن ولن يخبرن أحد تعالت ضحكاتهم مرة أخرى مما أغاظها نوعا ما, لقد وضعوا القوانين الصارمة ثم يلومها علي أتباعها الجدة: صوفيا عزيزتي لقد حدثت الكثير من المصائب بسبب مراسم "الأوفيبو" فمنهم من ظنت أنها ستكبر وتتزوج لتقتل أبنائها لأنها رأت في الحلم ذلك, ولكن عالم الأحلام خادع ولابد أن تطلع على رموزه, كما أن تفسير الحلم يختلف من شخص لآخر شعرت الجدة بتشتت صوفيا فأكملت: على سبيل المثال لو حلمت بقطة وأنا حلمت بقطة وأمك حلمت بقطة فتفسير هذا الحلم سيختلف لأن شخصياتنا وأعمارنا تختلف هزت صوفيا رأسها ثم بدأت تقص كل شيء عليهن, البداية وما حدث مع جدتها صوفانا ثم الفتى المجهول الذي أنقذها **ت الجميع بعد انتهاء صوفيا من الحديث, ولكنها عرفت أن ما قالته سبب قلقا كبير خاصة لأمها التي بدت وكأنها توشك على البكاء سوزان بصوت مختنق: ما تأويل هذا الحلم يا أمي رفعت الجدة دستا يدها لتوقف أمها عن الحديث لتحظى ببعض الدقائق للتفكير في هدوء ثم قالت: عزيزتي صوفيا أنا مؤمنة بأن الحقيقة تؤلم ولكنها أفضل مائة مرة من العيش في ظلمات الخديعة, عزيزتي, ما سأقوله لك من الأفضل الاحتفاظ به لنفسك, أعرف أن الأصدقاء شيء مهم بل هم التاج الذي يزين رؤوسنا منهم نستمد المحبة والمعرفة ولكن ما سأقوله لن يخرج من هذا المكان هزت صوفيا وأمها رأسها فأسرعت الجدة تتناول كوب الشاي خاصتها ثم أردفت قائلة: ما أنوي قوله من تفسير ليس نهائي أو أمر مسلم به, كل شيء ممكن أن يتغير في ثواني معدودة, أما بسبب حادث أو اتخاذ قرار مختلف في حياتنا هزت صوفيا وأمها رأسهم وقالت سوزان: صوفيا فتاة ذكية يا أمي فأنت من ربيتها ابتسمت الجدة ثم مددت يدها تتلمس وجه صوفيا الجميلة ولكن الابتسامة اختفت فجأة لتقف وتدور في الغرفة قائلة: سأستخدم في تفسير الحلم نظام الرموز: أولا المقعد غير المناسب, والذي كان يؤلمك هزت صوفيا رأسها فأكملت جدتها: حسنا, المقعد هو حياتك أو وضعك الحالي, وبسبب تصعدك, فأن حياتك القديمة ستؤلمك, لذلك نصيحتي لك هي..اسمحي لقلبك بالتغير وتحرري من الأفكار الطفولية, حسنا الموقف الثاني, رأيتني أنا وأمك علي مقربة منك ولكن لم نسمعك, ربما يكون موقف بلا معنى وربما يعني أنك ستكونين وحيدة في خطوتك القادمة, لا تخافِ ربتت سوزان علي كتف أبنتها في حنان واحتضنت يدها قائلة: يجب أن نُتٌرَك بمفردنا لبعض الوقت كي يشتد عودنا ونصبح أقوياء صوفيا: أنا لست خائفة أكملت جدتها الحديث قائلة: حسنا الموقف الذي يليه ولن اكذب عندما أقول أنه اكثر المواقف التي تقلقني, موقف بكاءك وأنت توشكين على الغرق في دموعك الخاصة قطبت صوفيا جبينها قائلة: هذا الموقف ما يقلقك, وليس ظهور جدتي الشريرة في الحلم ابتسمت الجدة: بل لو لم تحلمين بها لكنت قلقت عليك ولكن المهم هو تأويل هذا الموقف, حسنا الماء نبع من عينيك, أي أنك ستسببين مشكلة, كلا لا تخافين أنها مشكلة خاصة بك وأنت وحدك من ستعانين من تبعاتها ولكن المفرح أنك ستنجين منها زفرت صوفيا وشدت سوزان على يدها مبتسمة, أكملت الجدة: أما عن جدتك صوفانا فهذا الحلم ليس خاصتك كما أنه غريب بعض الشيء..أخبريني بمزيد من التفاصيل عن الرجل كيف كان هزت صوفيا كتفيها قائلة: حسنا, كان مريبا ربما في الشبه أقرب إلى صور راسبوتين الساحر الروسي ارتعشت يد أمها التي تحتضن يدها ونظرت إلى جدتها نظرة ذات مغزى, ما أخافها حقا هي ملامح جدتها التي تغيرت, الخوف دبٌ في الجدة أقوى ساحرة في الوجود, أذن إنها مصيبة
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD